منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 08 - 2015, 03:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,459



«شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّم»


«شَهْوَةً ٱشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هٰذَا ٱلْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ»
(لوقا 22: 15)
بالرغم من معرفة يسوع بحكم الموت الذي صدر عليه، فقد شاء أن يأكل الفصح في أورشليم قاتلة الأنبياء. وفيما هو في بيت عنيا أرسل بطرس ويوحنا الى المدينة المقدسة لإعداد لوازم العشاء الاحتفالي، وتسهيلاً لهما أوصاهما بأن يدخلا من بوابة الينبوع، قائلاً ستلاقيان إنساناً حاملا جرة ماء على كتفه فاتبعاه. وحيثما يدخل قولا لرب البيت ان المعلم يقول لك أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي؟
* *
وبالفعل ما أن دخلا المدينة حتى شاهدا حامل الجرة فتبعاه ولما كلماه عن مهمتهما اقتادهما حالا الى بيت والد يوحنا مرقس، فاصعدهما رب البيت الى علية في منزله. وبعد اجراء الترتيبات داخل العلية، ذهب التلميذان لشراء الحمل والفطير والأعشاب المرة، وغير ذلك من لوازم الفصح. وبعد شراء هذه الأشياء عاد بطرس ويوحنا الى العلية وأعدا كل شيء. وفيما هما يجريان اللمسات الأخيرة سمع وقع أقدام يسوع وبقية الرسل وهم يصعدون الدرج. ودخل السيد وصحبه العلية واتكأوا بانتظار أن يقدم الطعام. وفي تلك الجلسة التاريخية كان السيد يفكر في أمور كثيرة، ولعل أهمها الحال التي صار اليها تلميذه يهوذا الإسخريوطي. فقد كان يسوع يحبه بالرغم من مساوئه الكثيرة.
* *
كان هذا التلميذ خبيرا في الشؤون المالية فولته الجماعة أمر الإشراف على الصندوق. وقد برهنت الأحداث ان التصاقه بيسوع كان التصاقاً نفعياً. ولعله اعتقد كالكثيرين من اليهود بأن المسيا سيملك على الأرض، وأن صحبته لا بد أن توصله الى الثراء. ويبدو أن يوحنا كان عارفا بدخيلة نفسه الجشعة ولهذا نعته بكلمة لص. ولعل بطرس كان يعنيه حين سأل يسوع: كم مرة يخطئ اليّ وأنا أسامحه هل الى سبع مرات؟
ومع أن يسوع غفر له كثيراً فقد وصل به الجحود الى الكيد له وبيعه الى أعدائه بثمن عبد.
* *
صحيح ان يسوع كان سيلاقي مصيره سواء كان مسلمه يهوذا أم شقياً آخر. ولكن حّز في نفسه أن يكون مسلمه واحداً من خاصته الذين أحبهم. قدم الطعام، وفيما هم يأكلون قال الرب بأسى الحق الحق ان واحداً منكم يسلمني. فتململ التلاميذ وبدأ كل واحد منهم يرفع يده سائلاً:
من هو يا رب؟
هل أنا؟
ويندهش سمعان بطرس من النبأ ولكنه لم يجسر على سؤال يسوع:
من هو الذي سيسلمه؟
فأومأ الى يوحنا متوسلا أن يسأله من هو هذا الشقي الجاني.
فسأله يوحنا همسا:
يا سيدي من هو؟
فأجاب السيد:
الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه. في هذه اللحظة، اضطرب يهوذا ظنا ان أمر خيانته قد اكتشف. ولكنه لم يلبث أن سيطر على نفسه وسأل:
هل أنا يا سيدي؟
فأخذ يسوع اللقمة وغمسها في الصفحة وقدمها له قائلا :
«ما أنت تفعله فافعله بأوفر سرعة».
فخرج الخائن حالا في دجى الليل، وسار تواً الى دار رئيس الكهنة لوضع المخطط لتسليم يسوع.
* *
«شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّم»
(لوقا 22: 15)،
قال يسوع. لأني أقول لكم اني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله. ثم تناول رغيفا مستديرا من أرغفة الفصح، ورفع عينيه الى فوق وهمس بكلمات البركة، ثم شكر وكسر الرغيف وأعطى كل واحد من تلاميذه كسرة قائلا :
«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي»
(1كورنثوس 11: 24).
وبعد الخبز تناول كأسا كبيرة مليئة بالخمر ورفع عينيه وباركها وسلمها الى التلاميذ قائلا :
«ٱشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لأَنَّ هٰذَا هُوَ دَمِي ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ ٱلآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ ٱلْكَرْمَةِ هٰذَا إِلَى ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي»
(متّى 26: 27-29).
* *
كان أولئك الجليليون بسطاء ومع ذلك فقد أدركوا ان سيدهم بتكريس الخبز والخمر رمزاً لجسده ودمه، أرسى قواعد ممارسة جديدة لإيمان جديد وديانة جديدة. ديانة محورها حمل الله الذي يرفع خطية العالم. ولعل التلاميذ تذكروا في تلك اللحظة قول سيدهم لجماهير كفرناحوم
«أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَم. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيه»
(يوحنا 6: 51، 54-56).
* *
ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ :
، حين خرج يسوع من العلية مع صحبه، وساروا في شوارع أورشليم المقفرة في اتجاه جبل الزيتون. وكانت السماء صافية والبدر يرسل أنواره الفضية على الكون. وحين صاروا خارج الاسوار وقفوا وراح يسوع يتفرس في وجوه التلاميذ، واذا بها واجفة تنطق بالخوف والحزن فخاطبهم مشجعا
«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللّٰهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً. بَعْدَ قَلِيل لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ. وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُم»
(يوحنا 14: 1-3، 14، 26).
ثم رفع يديه وباركهم قائلا :
«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ.... هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِه»
(يوحنا 14: 27، 28، 15: 12-13 ).
* *
ومما لا شك فيه ان يسوع كرر هذه الوصية ليبثها في قلوب خاصته لان المحبة هي جوهر المسيحية وهي أعظم ما في العالم. بعد هذا انطلقوا الى بستان جثسيماني مرورا في وادي قدرون. وفي البستان جثا يسوع على ركبتيه ورفع صلاة شفاعية نقتطف منها العبارات التالية :
«أَيُّهَا ٱلآبُ، قَدْ أَتَتِ ٱلسَّاعَةُ. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبْنُكَ أَيْضاً، أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى ٱلأَرْضِ. ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ. وَٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ. أَنَا أَظْهَرْتُ ٱسْمَكَ لِلنَّاسِ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ ٱلْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ. وَٱلآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ لأَنَّهُمْ لَكَ. وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ. احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ. كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى ٱلْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً مُقَدَّسِينَ فِي ٱلْحَقِّ»
(يوحنا 17: 1 و5، 6 و7، 9-11، 17-19).
* *
وفي القسم الثاني من صلاته الشفاعية رفع الرب الفادي طلبات من أجل المؤمنين في كل جيل وعصر بما فيهم نحن. قال :
«لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هٰؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ ٱلْجَمِيعُ وَاحِداً، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا، لِيُؤْمِنَ ٱلْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ ٱلْمَجْدَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ ٱلْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. أَيُّهَا ٱلآبُ أُرِيدُ أَنَّ هٰؤُلاَءِ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي»
(يوحنا 17: 20-24).
* *
ولما أكمل يسوع طلباته من أجل خاصته توغل في البستان وتبعه بطرس ويوحنا ويعقوب. كان منفعلا جداً كمن نظر رؤيا رهيبة، فلم يجسر أحد أن يكلمه فكلمهم هو قائلا :
«نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ»

(متّى 26: 38).
قالها ثم انحنى جانبا وجثا مسنداً رأسه الى صخرة مسطحة وارتفع من صدره أنين خافت اتبعه بصلاة من أعماق القلب. أما الثلاثة فجسلوا وأسندوا ظهورهم الى جذع زيتونة ولم يلبثوا ان استولى عليهم سلطان النوم.
* *
كانت الآلام تعصف بقلب يسوع وشبح الموت الرهيب يطل عليه. انه موت الصليب القاسي بما فيه من عار وخزي وهوان. وبعد ساعة قضاها يسوع في الصلاة والجهاد نهض من مكانه، وبالجهد حملته قدماه الى حيث جلس صحبه. فأيقظهم من النوم وكلمهم معاتبا لأنهم لم يسهروا معه!
وبعد العتاب عاد الى صخرة الصلاة وجثا أيضا وصلى قائلا :
«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُك»
(لوقا 22: 42).
كان الموقف رهيبا اذ بدت الامور وكأن الآب قد حجب وجهه عنه، وهو يجاهد بالأنين والتوجع. ومرة ثانية قام وجر قدميه نحو التلاميذ الذين جاهد من أجلهم، فوجدهم نياما فأيقظهم ثم قال لكبيرهم :
«يَا سِمْعَانُ، أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ»
(مرقس 17: 37و38).
قالها ثم عاد الى الجهاد والصلاة وفيما هو يجاهد تحول عرقه الى قطرات دم نازلة الى الارض.
* *
كانت الساعة تشير الى الثالثة حين قام يسوع ثالثة وجاء الى تلاميذه ولكن لم يوبخهم بل أظهر لهم لمسة رفق وحنان، اذ قال لهم :
«نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا!».
وفي تلك اللحظة ظهرت في البستان عصابة من المسلحين وراحت تزحف في اتجاه يسوع وصحبه على ضوء المشاعل. فهرع التلاميذ والتفوا حوله بانتظار ماذا يحدث. حينئذ قال يسوع لتلاميذه :
«هوذا يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ»
(مرقس 14: 41).
قالها بكل هدوء وعلى وجهه سيماء المهابة والجلال فلم يجسر المهاجمون على الدنو منه. ولكن يهوذا الخائن تقدم اليه وقال: السلام يا سيدي ثم قبله. كانت القبلة هي الإشارة المتفق عليها حين عقد يهوذا صفقة بيع سيده مع الرئيس قيافا فقد قال:
الذي أقبله هو هو فامسكوه.
* *
ألقى يسوع نظرة على مهاجميه ثم تحول الى مسلمه وقال له بلطف :
«يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟»
(لوقا 22: 48).
ثم التفت الى الكهنة والفريسين الذين جاءوا مع عصابة الظلام وقال :
«أنا هو يسوع الناصري فدعوا هؤلاء يمضون».
عندئذ تشجع المهاجمون ودنوا منه فعّز على بطرس ان تلقى الايادي على سيده فانتضى سيفا وهوى به على أقرب المهاجمين وهو عبد رئيس الكهنة. ولكن العبد كان سريع الحركة فلوى رأسه جانبا فأطاح السيف بأذنه. فانتهر يسوع بطرس وقال له :
«رد سيفك الى الغمد الكأس التي أعطاني ألا أشربها؟»
ثم أمسك الجريح ولمس أذنه وأبرأها. عندئذ تقدم الجند وألقوا الايادي على يسوع وأوثقوه ووضعوا انشوطة في عنقه واستاقوه الى بيت رئيس الكهنة. وبعد المحاكمات الدينية والمدنية في استهزاء وجلد صلبوه بين لصين. لقد ظن أعداء يسوع انهم ظفروا به وقضوا على تعاليمه فهل هذا صحيح؟ كلا!
فيسوع هو الذي انتصر انتصاراً ساحقا لقد أتى ليفدي البشر، فحقق هدفه. وأتى لينادي بانجيل الحياة عن طريق موت الفداء فبلغ غايته ونال قصده لأنه عاش الإنجيل وحققه في حياته وموته.
* *
لقد جاء ليعلن ان الله محبة فكتب الإعلان بدم صليبه فصار القول:
«لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِه»
(يوحنا 13: 15).
لقد أتى ليموت موت الفداء ولكنه بموته أبطل الموت وبقيامته أنار الحياة والخلود. والجميل انه لم يمت عن اليهود وعن الامم بل مات عن الإنسان في كل زمان ومكان. فنقل الانسانية الى عهد أفضل، رفعها الى جبال الحياة المقدسة وأعطاها ميراث النور. صحيح انه مات ورقد في ظلام القبر، وعلى قبره وضع حجر ضخم وختم عليه بخاتم بيلاطس ولكن هل كان هذا ختام كل شي؟ كلا! فموت يسوع لم يكن كموت كل انسان لانه غلب الموت بقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين العظمة. وها هو التاريخ يشهد ان معلم الاجيال ظهر بين جماهير الشعب فترة من الزمن وعلمهم وصنع عجائب وآيات. ولكن الهدف الاساسي لمجيئه الى العالم كان موته الفدائي الكفاري. فموته اذن رسالة وقد أكمل الرسالة وفتح ابواب الخلود للأموات.
* *
أيها الاحباء
اننا نعيش في زمن كثر فيه الصارخون:
هوذا الأنظمة الجديدة فاعملوا بها. هوذا اخاؤنا الجديد، اننا نمد الأيدي للتعاون ولكن عبثا يصرخون، لأنه بدون صليب المسيح تفشل الأنظمة الجديدة ويكذب الإخاء وتتحول أيدي التعاون الى أيدي تفرقة وهدم. وان خطأ أبناء هذا الدهر انهم يحسبون الصليب جهالة وضعفا وحقارة. وفي تقديرهم الخاطئ نسوا الصرخة الواجب ان ترفع:
هوذا حمل الله الرافع خطية العالم. لقد غاب عن أذهانهم القول الحكيم:
«اَلْبِرُّ يَرْفَعُ شَأْنَ الأُمَّةِ، وَعَارُ الشُّعُوبِ الْخَطِيَّة»
(أمثال 14: 34).
شكرا لله :
«لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»

(يوحنا 3: 16).
* * *
والرب يبارك خدمتك ...
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح.
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع قريب لمن يدعوه
وبركة الرب لكل خادم و قارئ .. آمين .


يسوع يحبك ...
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ
مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ، فَلَهُ حَمَاقَةٌ وعَارٌ
«مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ.» (أمثال 13:18)
وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً"
«مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ» (أمثال13:18).


الساعة الآن 04:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024