1- معمودية يوم الخمسين:
أن أول حادثة للعماد في سفر الأعمال هي حادثة عماد الثلاثة آلاف الذين وعظهم بطرس فربحهم، وبعد أن ربحهم عمدهم وقد جاءت القصة في هذا الوضع" فليعلم يقيناً جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم رباً ومسيحاً. فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس وبأقوال أخر كثيرة كان يشهد لهم ويعظهم قائلاً اخلصوا من هذا الجيل الملتوي. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس، وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أعمال 2: 36-42).
هذه صورة حقيقية سجلها لوقا في سفر الأعمال كما عرفها فلنتأمل فيها على ضوء هذه الملاحظات:
1- إن بطرس وعظ الجموع عن المسيح المصلوب، وخطيتهم التي ارتكبوها بصلبه.
2- إن ثلاثة آلاف من الذين سمعوا نخسوا في قلوبهم، أي تبكتوا على خطاياهم، والتبكيت أمر لا يحس به إلا المدرك لمعنى المسؤولية.
3- إن الشعور بالتبكيت قاد هؤلاء الذين أحسوا به إلى السؤال عن طريق الخلاص، فسألوا بطرس وسائر الرسل- ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟
4- إن بطرس طلب منهم أن يتوبوا إذ قال لهم "توبوا"، وكذلك طلب من كل واحد منهم أن يعتمد على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا بالقول "وليعتمد كل واحد منكم" ولم يطلب منهم أن يعمدوا أولادهم معهم بعد إيمانهم. وهذا يؤكد لنا أن طاعة فريضة المعمودية أمر شخصي.
5- إن الثلاثة آلاف قبلوا الكلمة بفرح، وقبول الكلمة ينتج التجديد والميلاد الثاني كما يقول بطرس "مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد". (1بط 1: 23).
6- إن الثلاثة آلاف بعد أن ولدوا الميلاد الثاني بقبول الكلمة اعتمدوا بالماء وانضموا للكنيسة.
7- إن الثلاثة آلاف واظبوا بعد ذلك على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات.
8- إن الثلاثة آلاف بعد أن صاروا هم أنفسهم مسيحيين حقيقيين لم يعمدوا أولادهم معهم، مما يرد على حجة القائلين إن العماد المتوقف على الإيمان كان في الكنيسة الأولى فقط، لأن الناس لم يكونوا مسيحيين بعد . ولنا أن نسأل لماذا لم يأمر بطرس أن يعتمد أولاد هؤلاء الثلاثة آلاف بعد أن آمنوا هم واعتمدوا فصاروا مسيحيين؟
9- إن التوبة شرط ضروري للعماد في كل الأجيال، لأن الإنجيل لا تتوقف وصاياه على جيل دون جيل. وأي شخص له ذرة من العقل والتفكير السليم يقول إن الطفل يسمع ثم يقوده السماع إلى التبكيت والتبكيت إلى السؤال- ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟ والسؤال إلى التوبة ونوال الميلاد الجديد، والميلاد الجديد إلى إتمام فريضة العماد، ثم الانضمام إلى الكنيسة وإطاعة تعليم الرسل والمواظبة على الصلوات؟ إن منطق الواقع إذاً يقول في وضوح أنه لم يكن بين أولئك الثلاثة آلاف طفل واحد، ولا شخص واحد لم يعترف بالمسيح كمخلص شخصي له. وهذا يؤكد لنا أن العماد ليس للأطفال.