رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا بولا أول السواح قدم الأنبا بولا بحياته نموذجًا يمكن أن يقتدي به الجميع، لأنه كان إنسانًا زاهدًا ناسكًا محبًا لله ولهذا فإن القديس هو أفضل النمازج التي يجب أن تقدم للشباب بصفة خاصة ولكل الشعب بصفة عامة، لأنه تحدى ببساطته العظمة والشهرة. بعناية إلهية التقى القديس أنبا أنطونيوس أول الرهبان ومؤسس الرهبنة في العالم بأول السواح الذي سبقه بسنوات طويلة في حياة رهبانية خفية وسط البرية لا يعلم عنه أحد سوى الله الذي كان يعوله بغرابٍ يقدم له نصف خبزة يوميًا لعشرات السنين؛ يشتّم الله صلواته وتسابيحه رائحة سرور، فدعاه: ” حبيبي بولا “. يكتب القديس أنطونيوس مصورًا ما جرى بينه وبين الأنبا بولا قائلاً: ” أما أنا فجثوت على الأرض وصرخت باكيًا وقلت: إني واثق أنك تعلم من أنا ومن أين جئت ولماذا أتيت، ولا يخفى عليك أني لا أذهب من هنا حتى أبصرك، فهل يمكن أن تطرد الإنسان يا من تقيل الحيوان؟! إني طلبتك وقد وجدتك وقرعت بابك لتفتح لي وإن لم تقبلني فسأموت هنا “. فأجابني من داخل قائلأً: ” ما من أحد يطلب إحسانًا بإنتهار، بل ببكاء وتنهد، فإن كنت قد أتيت إليّ لكي تموت، فلماذا تتعجب إني لا أقبلك؟ “.وهنا انفتح الباب، فتعانق القديسان،ودعا كل منهما الآخر باسمه! ثم التفت الأنبا بولا للأنبا أنطونيوس وقال: ” ابصر الآن من فتشت عنه بعناء عظيم، ها هي أعضائي قد وهنت من الشيخوحة وقد أبيضت لحيتي كلها، وجف جلدي! انظر إنسانًا يرتد إلى التراب سريعًا “. من هو الأنبا بولا: ولد في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 228م. ولما توفي والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. في الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغني قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدي، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء خرج من المدينة، ودخل في قبر مهجور يقضي ثلاثة أيام بلياليها طالبًا الإرشاد الإلهي. ظهر له ملاك يرشده إلى البرية الشرقية، حيث أقام بجبل نمرة القريب من ساحل البحر الأحمر. عاش أكثر من 80 سنة لم يشاهد فيها وجه إنسانٍ، وكان ثوبه من ليف وسعف النخل، وكان الرب يعوله ويرسل له غرابًا بنصف خبزة كل يوم، كما كان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية أحيانًا، ويرتوي من عين ماء هناك. لقاء مع الأنبا أنطونيوس: ظن القديس أنبا أنطونيوس أنه أول من سكن البراري، فأرشده ملاك الرب بأن في البرية إنسانًا لا يستحق العالم وطأة قدميه؛ من أجل صلواته يرفع الله عن العالم الجفاف ويهبه مطرًا. إذ سمع القديس هذا الحديث السماوي انطلق بإرشاد الله نحو مغارة القديس أنبا بولا حيث التقيا معًا، وقد ناداه أنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان بعظائم الله. وعند الغروب جاء الغراب يحمل خبزة كاملة، فقال الأنبا بولا: ” الآن علمت أنك رجل الله حيث لي أكثر من 80 عامًا يأتيني الغراب بنصف خبزة، أما الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله لك طعامك أيضًا .” في نهاية الحديث طلب الأنبا بولا من الأنبا أنطونيوس أن يسرع ويحضر الحلة الكهنوتية التي للبطريرك البابا أثناسيوس لأن وقت انحلاله قد قرب. رجع القديس أنبا أنطونيوس وهو متأثر للغاية، وإذ أحضر الحلة وعاد متجهًا نحو مغارة الأنبا بولا رأى في الطريق جماعة من الملائكة تحمل روح القديس متجهة بها نحو الفردوس وهم يسبحون ويرتلون بفرحٍ. بلغ الأنبا أنطونيوس المغارة فوجد الأنبا بولا جاثيًا على ركبتيه، وإذ ظن أنه يصلي انتظر طويلاً ثم اقترب منه فوجده قد تنيح، وكان ذلك في الثاني من أمشير (سنة 343م). بكاه متأثرًا جدًا، وإذ صار يفكر كيف يدفنه أبصر أسدين قد جاءا نحوه، فأشار إليهما نحو الموضع المطلوب فحفرا حفرة ومضيا، ثم دفنه وهو يصلي. حمل الأنبا أنطونيوس ثوب الليف الذي كان يلبسه القديس وقدمه للأنبا أثناسيوس الذي فرح به جدًا، وكان يلبسه في أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، وقد حدثت عجائب من هذا الثوب. تحّول الموضع الذي يعيش فيه القديس إلى دير يسكنه ملائكة أرضيون يكرسون كل حياتهم لحياة التسبيح المفرحة بالرب. |
|