هل يلزم رفض تعليم معلن صراحةً من الله لسبب عجز عقولنا عن إدراك كنهه؟
كلا، لأنه لما كانت عقولنا محدودة القوى كان لابد من عجزها بما عندنا من النور عن إدراك أسرار دينية في طبيعة الله . نعم في الإعلانات الإلهية تعاليم التثليث كالتجسد والكفارة وحلول الروح القدس فينا ، وتجديده إيانا وتقديسنا وقيامة الأجساد ، والحياة الأبدية ، هي أسرار يعجز العقل البشري عن فهمها ، ليس لسموا في نفسها فقط بل لأن كلام الله فيها غير مستوف ، واللغة البشرية قاصرة عن إيضاح أسرارها أكمل إيضاح . ولكن لا يصح القول بلزوم رفضها لسبب صعوبة فهمها ومما يستحق الذكر في هذا المقام أن الكتبة الأطهار لم ينفوا أن في إعلاناتهم وتعاليمهم أسرار غامضة لا تدرك بل أثبتوا ذلك بصريح الكلام ، كقول موسى " السرائر للرب إلهنا والمعلنات لنا ولبنينا " وقول الرسول بولس :" ..لأننا نعلم بعض العلم ، ونتنبأ بعض التنبي ، " و " أننا ننظر الآن في مرآة ، في لغز ، ونعرف بعض المعرفة ". وقول الرسول بطرس عن رسائل الرسول بولس :" أن فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء ، وغير الثابتين ، كباقي الكتب أيضاً لهلاك أنفسهم ". وقول الرسول بولس :" ما أبعد أحكامه عن الفحص ، وطرقه عن الاستقصاء " و " أن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله ، لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً " . ولا ريب أن قبول هذه الأسرار الدينية يستلزم روح التواضع . وفي هذا يقول الرسول بولس :" أننا نهدم ظنوناً ، وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ، ونستأثر كل فكر إلى طاعة المسيح " ولذلك كان إستئصال الأسرار من الكتاب المقدس ، من المحال