رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خبز الحياة _ أغسطينوس أنا هو خبز الحياة القديس أوغسطينوس يقول الرب: "أنا هو خبز الحياة" (يو 6). وعن ما كان اليهود يفتخرون به؟ "آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا"، ما هذا الذي تفتخرون به؟ "أكلوا المن وماتوا". لماذا أكلوا وماتوا؟ لأنهم صدقوا ما رأوا، لكن لم يفهموا ما لم يروا. لهذا السبب هم آباؤكم لأنكم مثلهم. لأننا أيها الأخوة فيما يتعلق بهذا الموت الجسدي المنظور، إلا نموت نحن أيضاً الذين نأكل من الخبز النازل من السماء؟ لذلك هم أيضاً ماتوا كما أننا سوف نموت، فيما يتعلق – كما قلت – بالموت الجسدي الظاهر الذي لهذا الجسد. ولكن فيما يتعلق بالموت الذي به الرب يُخيف (مت 28:10)، الذي به مات آباؤهم، نرى أن موسى أيضاً أكل المن، هارون أكل المن، فينحاس أكل المن أيضاً، وكثير من الذين أرضوا الرب أكلوه، لكنهم لم يموتوا. لماذا؟ لأنهم فهموا الأكل المرئي بشكل روحي، جاعوا روحياً، وتذوقوا روحياً، حتى يمكنهم أن يشبعوا روحياً. وها نحن اليوم، نتناول طعاماً مرئياً، لكن السر شيء وفاعلية السر شيء آخر. كم عدد الذين يتناولون من المذبح ويموتون، وبالتناول يموتون؟ لهذا السبب، يقول الرسول: "يأكل ويشرب دينونة لنفسه" ( 1 كو 11). إذ أن لقمة الرب لم تكن سماً ليهوذا، إلا أنه تناولها، وعندما تناولها دخله العدو، ليس لكونه تناول شيئاً شريراً، بل لأن رجل شرير تناول شيئاً كريماً بشكل شرير. أحملوا البراءة إلى المذبح. حتى ولو كانت هناك خطايا يومية، على الأقل لا ندعها أن تكون مميته. قبل أن تقترب إلى المذبح، عليك أن تنتبه لما تقول: "وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا" (مت 6). أنت تغفر، فسيغفر لك، أقترب بلا قلق، فهو خبز لا سم. لكن راعي أن تغفر، لأنك إن كنت لا تغفر، فأنت تكذب، وتكذب على ذاك الذي لا يمكنك خداعه. يمكنك الكذب على الله، لكن لا يمكنك خداع الله. هو يعلم ما تفعله. هو يراك داخلياً، هو يختبرك داخلياً، هو يفحصك داخلياً، هو يحكم عليك داخلياً، وإما يلعنك أو يكللك داخلياً. لكنهم كانوا آباء أولئك الناس، أب شرير لأناس أشرار، أب غير مؤمن لأناس غير مؤمنين، آباء متذمرين لشعب متذمر. لأنه قيل أن هذا الشعب قد أساء للرب بالتذمر ضد الله أكثر من أي شيء أخر. لهذا، عندما أراد الرب أيضاً أن يظهر أنهم أبناء ذلك الشعب، تكلم معهم قائلاً: لماذا تتذمروا فيما بينكم، أبناء متذمرين لآباء متذمرين؟ "آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا"، ليس لأن المن شيء شرير، بل لأنهم أكلوه بشكل شرير. "هذا هو الخبز النازل من السماء". المن يرمز لهذا الخبز، مذبح الله (القديم) يرمز لهذا الخبز. تلك كانت أسرار، تختلف كعلامات، لكنها تشترك في المرموز إليه. لنسمع الرسول، فهو يقول: "فإني لست أريد أيها الأخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في البحر. وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة والبحر. وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً" (1 كو 10). نفس الطعام الروحي، بالطبع، كان طعاماً مختلفاً من الناحية المادية فهم أكلوا المن أما نحن فشيئاً آخر، لكنهم تناولوا الطعام الروحي الذي نأكله. ولكن الذي أكله هم آباءنا – لا آباء هذا الشعب – أولئك الذين نحن مثلهم، لا أولئك الذين كانوا هم مثلهم. وأضاف الرسول: "وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً". هم شربوا شيئاً ونحن شيئاً آخر فيما يخص الجانب المرئي، لكنه مع ذلك يعبر عن نفس الشيء فيما يخص الفاعلية الروحية. لكن كيف يكون شراباً واحداً؟ يقول الرسول: "لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (1 كو 10). منه الخبز، ومنه الشراب. الصخرة كانت رمزاً للمسيح، المسيح الحقيقي في الكلمة وفي الجسد. وكيف شربوا؟ لقد ضُربت الصخرة بعصا مرتين (عدد 20). ويرمز الضرب المزدوج إلى القطعتين من الخشب في الصليب. لذلك، "هذا هو الخبز النازل من السماء، لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت". هذا فيما يتعلق بفاعلية السر، لا بما يخص الشكل المنظور. أي بالنسبة للذي يتناول داخلياً لا خارجياً، أي الذي يأكل بقلبه، لا من يطحن بأسنانه. "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء". أحيا للقصد الذي من أجله نزلت من السماء. المن أيضاً نزل من السماء، ولكن المن كان ظلاً، لكنه هو الحق. "إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم". كيف يمكن لجسد أن يدرك الجسد – هذا الذي قال أنه الخبز؟ أنه يُدعى جسد، هذا الذي لا يدركه جسد، ولا يدركه بالأكثر لأنه يدعى جسداً. لهذا فزع الشعب عند قوله هذا، وقالوا أن هذا كثير بالنسبة لهم، وفكروا أن هذا لا يمكنه أن يتم. لكن الرب قال: "هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم". المؤمنون يعرفون جسد المسيح، إذا لم يتوانوا في أن يكونوا جسد المسيح. ليصير المؤمنين جسد المسيح، إذا كانوا يريدون أن يحيوا من روح المسيح. لا شيء يحيا من روح المسيح سوى جسد المسيح. لنفهم يا أخوتي ما قلته. أنت إنسان، لديك روح ولديك جسم. أقول روح، التي تدعى نفس، فهذا هو ما يؤكد أنك إنسان، لأنك عبارة من جوهر مركب من جسم ونفس. قل لي ما الذي يعطي الحياة للآخر؟ هل روحك تحيا من جسمك ولا جسمك هو الذي يحيا من روحك؟ فليجبني كل من يعيش. بماذا يجاوب أي إنسان الحي؟ "جسدي بطبيعة الحال يحيا من روحي". هل تود أيضاً أن تحيا من روح المسيح؟ كن إذاً في جسد المسيح. هل جسدي يحيا من روحك؟ لا بل جسدي يحيا من روحي، وجسدك من روحك. إذاً فجسد المسيح لا يمكنه أن يحيا إلا من روح المسيح. لهذا السبب، الرسول بولس في شرحه لهذا الخبز قال: "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد" (1 كو 10). آه يا سر الإيمان الحقيقي! يا علامة الوحدة! يا رباط المحبة! من يريد الحياة لديه مكان للحياة ووسيلة للحياة. دعه يقترب، دعه يؤمن، دعه يتحد بالجسد، حتى يمكن أن تُعطى له الحياة. دعه لا ينكمش راجعاً من إئتلاف الأعضاء، دعه لا يكون عضواً فاسداً في الجسد فيستحق القطع، دعه لا يكون عضواً مشوهاً بحيث يكون هناك إحراج. دعه يكون عضواً جميلاً، دعه يكون عضواً ملائماً، دعه يكون عضواً ذو صحة جيدة، دعه يلتصق بالجسد، دعه يحيا بواسطة الله ومن أجل الله. دعه يتعب في الوقت الحاضر على الأرض، حتى يمكنه بعدئذ أن يملك في السماء. "فخاصم اليهود بعضهم بعضاً قائلين كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل؟". بطبيعة الحال، تخاصموا بعضهم مع بعض، لأنهم لم يفهموا خبز الوفاق والإنسجام، كما أنهم لم يرغبوا في الحصول عليه. لأن الذين يتناولون من هذا الخبز لا يتخاصموا بعضهم مع بعض، لإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد (1 كو 10)، وبواسطة هذا الخبز "يُسكن الله المتوحدين في بيت" (مز 68: 6). لكن ما الذي يسعون إليه في خصامهم بعضهم مع بعض، في كيف يمكن للرب أن يعطي جسده للأكل، لكنه قال لهم أيضاً: "الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم". في الواقع أنتم لا تعلمون كيف يؤكل وما هي الطريقة المتبعة لتناول هذا الخبز، ومع ذلك، "إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم". كان يتحدث بهذه الأمور، بطبيعة الحال، لأناس أحياء لا لجثث. ولكي لا يجعلهم يتجادلون أيضاً حول هذه المسألة، ظانين أنه يتكلم عن تلك الحياة الأرضية، أضاف قائلاً: "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية". إذاً من لا يأكل هذا الخبز ولا يشرب هذا الدم لا يكون له هذه الحياة. الناس يمكنهم أن يعيشوا الحياة الزمنية بدون هذا الخبز، لكن لا يمكنهم أبداً أن يقتنوا الحياة الأبدية. لذا فمن لا يأكل جسده ولا يشرب دمه لا تكون له الحياة في داخله، أما الذي يأكل جسده ويشرب دمه يكون له الحياة. أي حياة؟ "الحياة الأبدية" كما اوضح. لأن الأمر ليس كذلك في حالة هذا الطعام الذي نتناوله للحفاظ على هذه الحياة الدنيوية. لأن من لا يتناوله لن يعيش، ولا حتى من يتناوله يعيش، لأن من يتناوله يموت ربما بالشيخوخة أو بمرض أو بحادث ما. أما بالنسبة لهذا الطعام والشراب الحقيقي، جسد ودم الرب، ليس الأمر هكذا. لأن من لا يتناوله لا يكون له حياة، ومن يتناوله يكون له حياة، الحياة الأبدية بالطبع. ويريد الرب أن يُفهّم هذا الطعام والشراب كشركة جسده وأعضائه، الذي هو الكنيسة المقدسة في قديسيها، الذين سبق فعينهم، ودعاهم، وبررهم، ومجدهم (رو 8)، وفي مؤمنيها. أول هذه الأمور تم بالفعل وهو التعيين المسبق، الأمر الثاني والثالث قد حدث ويحدث وسوف يحدث، أعني الدعوة والتبرير. أما الأمر الرابع فنعيشه الآن على رجاء لكنه سوف يتحقق بالحقيقة، وهو التمجيد. سر هذه الحقيقة، أعني سر وحدة جسد ودم المسيح، يُقدم على مائدة الرب، للبعض للحياة، وللبعض للهلاك. لكن حقيقة السر ذاته هو لكل إنسان للحياة لا للهلاك، أيا كان المشارك فيه. لكن حتى لا يعتقدوا أن وعد الحياة الأبدية الذي في هذا الطعام والشراب يعني عدم الموت بالجسد، تكرم الرب وتعامل مع هذا الفكر. لأنه عندما قال: "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية"، أضاف على الفور: "وأنا أقيمه في اليوم الأخير". قال هذا ليوضح أنه يحصل بالروح على الحياة الأبدية في الراحة التي تستقبل أرواح القديسين، أما فيما يخص الجسد - حتى لا يحرم من حياته الأبدية - فيحصل عليها في قيامة الأموات في اليوم الأخير. ثم يقول: "لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق". وبالرغم من أن الناس يكافحون أن لا يجوعوا ولا يعطشوا بواسطة الطعام والشراب، إلا أن هذا الطعام والشراب فقط هو الذي يقدم ذلك، إذ أنه يجعل المتناولين منه غير قابلين للفساد وخالدين، أي معشر القديسين، حيثما يكون السلام والوحدة الكاملة والشاملة. لهذا السبب، في الحقيقة – وقد عرف رجال الله هذا الأمر من قبلنا – أظهر ربنا يسوع المسيح جسده ودمه في تلك الأشياء التي تم تخفيضها من العدد الكثير إلى الشيء الواحد، لأن الواحد يُصنع من حبوب كثيرة ليكون واحداً، والآخر من عنب كثير يتدفق معاً إلى شيء واحد. وأخيراً، يشرح كيف يتم ما يقوله، وماذا يعني أكل جسده وشرب دمه. "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه". لذلك، تناول هذا الطعام وشرب هذا الشراب معناه أن تثبت في المسيح، وأن تجعله ثابتاً فيك. ونتيجة لذلك، من لا يثبت في المسيح ومن لا يثبت المسيح فيه، دون أدنى شك، لا يكون قد أكل هذا الجسد ولا شرب هذا الدم بشكل روحي (بالرغم من قضمه للسر بأسنانه بشكل جسدي)، لكنه بدلاً من ذلك يكون قد أكل وشرب هذا السر العظيم جداً لدينونة نفسه، لأنه تجرأ أن يقترب وهو غير نقي من الأسرار المقدسة، والتي يجب أن يتناولها المرء باستحقاق فقط إذا كان نقياً. وعن هذا يقول الرب: "طوبي لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت 5). |
31 - 01 - 2015, 12:57 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: خبز الحياة _ أغسطينوس
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أغسطينوس عام 596 |
من خواطر فيلسوف في الحياة الروحية ( ق.أغسطينوس ) |
أغسطينوس |
أقوال القديس أغسطينوس عن أن المسيح الكلمة خبز الحياة |
رقم 153 المقدس _ أغسطينوس |