الموت الروحي :
[ الموت الروحي والجحيم هما وجهان لعملة واحدة، لأن الجحيم هو الحياة المحصورة التي لا نمو فيها والتي فقدت الهدف أو غاية الوجود؛ لأن الإنسان إذ خُلق على صورة الله فهو بدون الله يصبح صورة لنفسه، وبذلك يحدد وجوده ويحصره في الوجود غير النامي والمحدود، بصورة الإنسان التي خلقها لنفسه، ولذلك يعجز الإنسان عن أن يرتفع إلى ما هو أعلى من صورته الإنسانية، لأن محاربة صورة الله فينا تجعلنا غرباء عن وجودنا الحقيقي، وأسرى وجودنا الكاذب الذي صنعناه لأنفسنا.
وعندما قال الرسول عن ربنا له المجد أنه " أدان الخطية في الجسد " ( رو8: 3 )، فقد قَبِلَ موت الجسد الذي يشتهي الخلود، ويسعى للبقاء بقوة الحياة الداخلية بدون الله، أي بدون نعمة الله المصدر الحقيقي للحياة.
أما الرب يسوع فقد أخذ جسدنا وردَّه إلى الحياة التي لا تموت بالشركة في أُقنومه الإلهي ( سرّ التجسد )، وهي شركة في الآب والابن والروح القدس .
وعندما ذاق الرب الموت بالجسد على الصليب، حكم على فساد الخطية كأسلوب ( أو وسيلة ) للحياة، فقد رفض الحياة التي لا تعرف الله ولا تقبله بعكس آدم.
فعندما ذاق الموت، وضع نهاية لاغتراب الجسد عن الله وعن الحياة الداخلية؛ لأن الجسد يغترب عن الروح الإنسانية عندما يصبح وسيلة وأداة للخطية، فيترك الحياة الطبيعية ويتشكل بكل صور الخطية ويقع أسيراً للموت؛ لأن موت الخطية نابع من الخطية التي يصفها الرسول بأنها " أعمال الجسد الميتة "، أي تلك التي لا حياة فيها، والتي تجعلنا غرباء عن أنفسنا، وعن أجسادنا، وعن مصدر الحياة. ] ( رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه ثيؤدوروس : 5)