رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
«حزب الرئيس»هو الحل
اليوم السابع كان إنجاز الدستور أو بالأدق إجراء تعديلات دستورية هو المرحلة الأولى فى خريطة الطريق التى وضعتها ثورة 30 يونيو جاء ذلك بعد أن صممت جماعة الإخوان وحلفاؤها على كتابة دستور شق صف المصريين، فلم يشارك فيه كل أطياف المجتمع، ولم يشارك فيه كل الأوزان السياسية، ونتج عن ذلك دستور مشوه. بعد ثورة 30 يونيو تكونت لجنة الخمسين لإجراء التعديلات الدستورية، تميزت بأنها مثلت كل أطياف المجتمع، وحظيت القوى السياسية بتمثيل طبيعى فيها، وكان أهم ما فيها أنها لم تتكون بمنطق تغليب كتلة سياسية على أخرى، أو بمنطق أن هناك مزاعم بأن تكتلا سياسيا معينا هو الأكثر شعبية، وبالتالى هو المنوط به كتابة الدستور، وذلك كما حدث بالضبط مع جماعة الإخوان، حيث تعاملت فى الجمعية التأسيسية للدستور التى كتبت دستور 2012، تعاملت على أنها الأكثر قوة، وبالتالى أعطت لنفسها الحق فى أن تهيمن عليها، وتحدد من يشارك فى كتابة الدستور، ومن هذه الخلفية، رأينا حالة كبيرة وواضحة من التململ الشعبى من مجمل الإجراءات التى صاحبت كتابة ذلك الدستور. حين تدافع ملايين المصريين فى الخروج يوم 30 يونيو يطالبون بسقوط حكم الإخوان ومحمد مرسى، كانت قضية الدستور من أهم القضايا التى اصطف المصريون من أجل تعديله، وكان ذلك فى مجمل عملية سياسية مطلوب إصلاحها على وجه السرعة حتى تلبى مطالب وطموح المصريين الذين خرجوا فى ثورة 25 يناير ضد الاستبداد والفساد، ولما تكونت لجنة التعديلات كان ما فيها مقدمة حميدة، لمنتج سيكون أكثر عدلًا، وبالتالى بث المصريون الثقة مقدما فى اللجنة وأعمالها. انتهت اللجنة إلى دستور خرج المصريون للاستفتاء عليه، وفى مشهد شعبى كبير ولافت، حظى الدستور الجديد بموافقة الملايين، وفاق عدد المؤيدين له، الذين أعطوا التأييد لدستور 2012 «دستور الإخوان». غير أن السؤال الذى يطرح نفسه هو، هل يحتاج الدستور إلى تعديل؟، قد يبدو هذا السؤال مباغتًا، ومفاجئًا، وقد يبدو أنه دخول فى سباق من الجدل لاطائل منه، وقد يبدو أنه جر إلى طريق ليس وقته، وقد يبدو أن هناك من كان يبيت النية من أجل ذلك لغرض ما، هى كلها أشياء سيراها البعض لوطرحنا عليه هذا السؤال: «هل يحتاج الدستور إلى تعديل؟. فى المقابل هناك من يرى أنه «ولم لا»، هناك من سيقول أن الدستور ليس نصًا جامدًا، وليس إنتاجًا لا يقبل التعديل، طالما اقتضت الضرورة ذلك، لكن ماهى المواد التى يجب تعديلها؟، هل هى تتعلق بمواد حقوق الإنسان، هل تتعلق بصلاحيات الرئيس والحكومة والمجلس التشريعى؟. كل فترة تطل القضية برأسها، وهناك من طرحها علانية، هناك من تحدث عن أن صلاحيات الرئيس فى الدستور ليست واسعة، هناك من قال إنه يجب أن نوسعها، وكل ذلك صب فى سكة واحدة وهى وجوب التعديلات، غير أن السؤال الذى يفرض نفسه فى ذلك هو، هل يعنى أن توسيع صلاحيات الرئيس بمثابة خلق ديكتاتور جديد، وتعميق للاستبداد وحكم الفرد؟، هذا السؤال الشائك وغيره يفرض نفسه فى هذا الجدل. غير أن هناك قضية رئيسية تتصدر هذا الأمر، وهى ما يمكن تسميته بـ«حزب الرئيس»، فالمشهد السياسى وكما نراه يتمتع بسيولة كبيرة بدرجة لا يمكن معها القول أن هناك حزبًا سياسيًا بعينه يحظى بثقة الجماهير، وأن المصريين سيضعون أصواتهم لصالح هذا الحزب فى أى انتخابات مقبلة، وهذا أمر لا نجده فى البلاد الديمقراطية الكبيرة، وبناء على ذلك، وجدنا أصواتا تتكلم فى الآونة الأخيرة عن ضرورة مساعدة الرئيس للأحزاب، غير أن هناك من يرد على ذلك بالقول: «على الأحزاب أن تساعد نفسها أولًا، ولأن هذا الجدل لن يؤدى إلى نتيجة فى المدى المنظور، هناك من يعلنها صراحة بأن الوضع الصحيح الذى يجب أن يظهر من الآن، هو ضرورة أن يكون هناك حزب للرئيس، حزب يحول حركة الجماهير العفوية إلى تنظيم قوى، حزب يقدر على وضع البرامج والسياسات، حزب يعفى الرئيس من مهام «الرجل الواحد»، حزب يقود الشارع فى هذه المرحلة الدقيقة. وبالرغم من وجاهة هذا المنطق، إلا أن هناك من يتحدث صراحة عن أن المخاوف من إعلان الرئيس لحزب، يأتى من انضمام الصالح والطالح كما حدث من قبل حين أعلن الرئيس السادات عن تأسيس الحزب الوطنى فى نهاية سبعينيات القرن الماضى، فانضم كل الذين كانوا فى حزب مصر العربى الاشتراكى «الوسط». تندر المصريون على هذا التصرف واعتبروه نفاقًا كبيرًا للرئيس، مما أثر بالسلب على مجمل التجربة الحزبية، طوال السنوات التى تلت العودة إلى التجربة الحزبية منذ عام 1976، وبناء على ذلك رأينا الحزب الوطنى لا يعبر عن حزب حقيقى بقدر ما يعبر عن مجموعة مصالح، تتخذ من الحزب ستارًا لها، وتداخل الفساد مع الاستبداد، وتدهورت الحياة السياسية فى مصر، ولعل تلك التجربة هى الحاضرة فى ذهن الرئيس السيسى بقوة، ولهذا نجده لا يحمل حماسًا كبيرًا لفكرة أن يكون له حزب، ويفضل فى ذلك أن يقف على مسافة واحدة ومتساوية من جميع الأحزاب، ورغم كل ذلك يظل الجدل مطروحا وبقوة، هل من الأفضل أن يكون للرئيس حزب بشروط تتمثل فى ضرورة أن يتم ذلك بفرز حقيقى، يستطيع أن يستبعد الانتهازيين، ورجال كل العصور والرؤساء، ويعتمد فى المقام الأول على شباب قادر على العطاء وتقليب الأرض المصرية من أجل فرز الطاقات والكفاءات فى كل المجالات. |
|