08 - 09 - 2014, 03:55 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
المسيح حياتنا الجديدة
ميلاد المسيح هو الذي نبدأ به سنتنا أو سنة الرب المقبولة، بل نبدأ به حياتنا في الله وخلاصنا الأبدي. هي حياة يسميها الكتاب حياة أخرى، لها سمات روحية لا تخضع لمؤثرات هذا الزمان، ولا تستمد سعادتها من الجسد: «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه.» (يو 2: 19)
وإن كانت الحياة التي عاشها المسيح على الأرض هي حياة «في الجسد»، وكان لها كل السمات الجسدية وخضعت لكل المؤثرات الزمانية، إلا أنه بالقيامة ثبت أنها كانت حقًّا ليست من الجسد ولا بالجسد، بل حياة إلهية أُظهرت في الجسد وحسب: «فإن الحياة أُظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا.» (1يو 1: 2)
هذا السر الإلهي المتضاعف قوة وعمقاً بدأ بسيطاً في بيت لحم وكأنه طبيعي، ولكن استُعلن عجبه واستُعلنت آيته العُظمى يوم العماد في الأردن، لذلك عُلم يقيناً أن المولود في بيت لحم هو الحياة الأبدية قد تجسَّدت، حسب مسرَّة الآب، وهو أقنوم الابن صار متأنساً. لذلك كان من حكمة الكنيسة الأُولى أن تعيِّد للميلاد والغطاس معاً في يوم واحد باعتبار أن الغطاس هو استعلانٌ لسر الميلاد الأزلي القائم في الميلاد الجسدي، بحيث أنه من غير الممكن بل ومن المستحيل أن نفصل أحدهما عن الآخر.
وعلى نفس النمط تماماً نحن نبدأ حياتنا الإلهية، التي هي الحياة الحقيقية والأبدية، بالمعمودية عندما نأخذ روح المسيح أي روح الابن، أو على وجه أدق روح الآب، المنبثق من الآب في الابن الذي يلدُنا من جديد أو يلدنا ثانية، أو على وجه أدق يلدُنا من البدء لله. وهكذا تبدأ الحياة الأبدية تتحرَّك وتنمو في أحشائنا سرًّا، فنبتدئ نعيش مع المسيح في الله حياة أبدية تتخطَّى كل مؤثِّرات هذا الزمان وتتجاوز كل عيوب ونقائص الجسد، لا تزيدها هذه وتلك إلا وضوحاً وقُرباً من جوهرها الإلهي القادر أن يبتلع الموت والفساد ابتلاعاً، حتى يتجلَّى الجوهر الروحي بكل جماله وكماله الإلهي، وحينئذ يهتف كل لسان بعظمة رحمة الله في المسيح الذي عوَّض الإنسان عن كل ضعفه وألمه ودموعه فرحاً وعزاءً وسروراً.
|