لو تأملنا حقيقة في صلاتنا لرأيناها بعيدة عن روح الإنجيل . فبالواقع غالباً ما تكون صلاتنا تجارة مع الله ، نريد أن نكسب بالصلاة شيئاً مادياً . وكثيراً ما تكون صلاتنا طلباً . بينما هي في الحقيقة مثول مجاني أمام الله " أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ? " وغالباً ما نفهم صلاتنا أخذاً مع أنها تقدمة أيضاً . هي تقدمة حياتنا ونفوسنا كلها وتقدمة حياة العالم . وإذا حدث لنا أن لا نصلي لنحصل على شيء على الأقل فإننا نصر على تسجيل بعض الرضى الحسي . وهنا يخيب ظننا وإحساسنا فنترك كل جهد ، ونقول : لم يعطني شيئاً ? وأشعر بأنني " أتحدث في الفراغ . ولم أحس به ? " عندما نصلي لا نشعر بشيء إلا بنعمة خاصة لأن كل شعور يأتي من الحواس والواقع فالصلاة هي حضور أمام شخص لا يقع تحت الحواس أو الاحتكاك المادي . ولهذا لا نستطيع أن نصلي حقيقة طالما ننتظر من الصلاة بعض اللذة . فالصلاة غالباً ما تكون الرضى بالانزعاج أمام الله . فعندما يسحقك التعب ، وترهقك المسؤوليات والهموم ، ويغمرك العمل ، ويأتي إليك الآخرون من كل صوب عندئذٍ يلزمك التوقف والتجرد تماماً أمام الله وتقبل بالعجز البشري أمام الله . عندئذٍ تشعر بأن إضاعة وقتك هدراً في حضرته تعالى هي فعل إيمان ومحبة وسجود . وهذا هو أساس الصلاة . يجب أن تريد الصلاة ، لأن الرغبة في الصلاة ، صلاة . فحاول أن تكون حاضراً أمام الله ، حاول أن تبقى أمامه الوقت الذي قررته ولا تقل أبداً " لا أستطيع الصلاة ولا أعرف أن أصلي " لأن قبول محاولة الصلاة هي صلاة ، وقيمة صلاتك هي في الجهد الذي تطلبه منك الصلاة ، أما بالنسبة لله فقيمتها في عمل الروح القدس فيك.