رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوسف وإخوته يتكلم القسم الأخير من سفر التكوين ( 37 – 50 ) باستثناء الفصلين 38 و49 على سيرة يوسف. وتجري هذه السيرة ظاهريا" من دون أن يتدخل الله ظاهريا" ومن دون وحي جديد ولكنها بكاملها تعليم يفيد -خفياً - بأن العناية الإلهية لا تأبه لخطط البشر وتعرف كيف تحّول نواياهم السيئة إلى الخير. فلا يقتصر الأمر على نجاة يوسف من الموت، من البئر العميقة ،بل تُصبح جريمة اخوته وسيلةً في يد الله. هناك نظرة خلاصية تتجاوز العهد القديم كله وتنفذ متوسِّعة إلى العهد الجديد. وفي هذه السيرة نقرأ الاختبار الذي عاشه يوسف عندما طرحه اخوته في البئر. كان إسرائيل (يعقوب) يحب يوسف على جميع بنيه لأنه ابن شيخوخته . و رأى إخوته أن أباه يحبه على جميع إخوته, فأبغضوه ولم يستطيعوا أن يكلِّموه بمودة . وازدادوا بُغضاً له بعدما رأى يوسف حُلماً و أخبرهم به ( 37/5-11) فحسدوه. وكان هذا حسداً أسودَ قاتلاً. وعندما أرسل إسرائيلُ يوسف إلى إخوته : " امضِ فافتقد سلامة إخوتك وسلامة الغنم وائتني بالخبر " ( 37 / 14 )؛ رأَوه عن بُعْدٍ قبل أن يقترب منهم فتآمروا ليُميتوه. إلا أن رأوبين قال لهم : " لا تسفكوا دماً، اطرحوه في هذه البئر التي في الحقل " (37/22) ومراده أن يخلصه . ولما وصل يوسف , نزعوا عنه القميص الموشّى الذي عليه . "وأخذوه وطرحوه في البئر؛ وكانت البئر فارغة لا ماء فيها, ثم جلسوا يأكلون " (37/24-25) يأكلون وكأنهم ارتاحوا وتحقق مراد حسدهم منه . لكّن تجاراً من مِدْيَن مرّوا بذلك المكان، فاقترح عليهم يهوذا أن يبيعوه للإسماعيليين" ولا تكن أيدينا عليه لأنه أخونا ولحمنا , فسمع له إخوته "( 37 / 26- 27 ) فأصعدوه من البئر وباعوه للإسماعيليين بعشرين من الفضة، فأتوا بيوسف إلى مصر . أما اخوته فأخذوا القميص الموشّى وغمسوه في دم تيْس ذبحوه وأوصلوه إلى أبيهم فقال : " هو قميص ابني. وحش ضار أكله.افترِس يوسف افتراساً " ( 37 /33 ) ولكن أنى لأبي يوسف أن يعرف أنّ ابنه قد افترس افتراسا: حسداً من إخوته؟ أنى له أن يعرف أن نزول يوسف البئر وصعوده منه وبيعه إلى مصر سيكون الخلاص لهم ؟ في هذا الوقت الذي قضاه يوسف في البئر، اختبر قسوة الحسد القاتل . اقترب فيه من ظلمات الموت . و هذا الاختبار نفسه عاشه في السجن في مصر و لأكثر من سنتين من الزمان . و كان الرب مع يوسف وأمال إليه رحمتَه، وبعد أن فسّر لفرعون أحلامه حَسُنَ الكلام في عيني فرعون وعيني حاشيته كلها .فقال فرعون لحاشيته :"هل نجد مثل هذا رجلا فيه روح الله؟" (41/37-38) وقال فرعون ليوسف :" أنا فرعون، بدونك لا يرفع أحدٌ يده ولا رجله في كل ارض مصر" وكان يوسف ابن ثلاثين سنة حين مَثُلَ أمام فرعون، ملك مصر (41/44-46). وبعدكل الأحداث التي جرت من مجاعة على الأرض كلها وشراء القمح من مصر عرّف يوسف نفسه إلى إخوته, وبكلامه إليهم ,ندرك عمق هذا الاختبار الذي عاشه : "أرسلني الله قدامكم ليجعل لكم بقية في هذه الأرض وليحييكم ,لنجاة عظيمة .فالآن لم ترسلوني أنتم إلى ههنا بل الله أرسلني " (45/7-8). فقام يعقوب أبوه من بئر سبع وقدم إلى مصر. "احمدوا الرب… انشدوا له… وفي جميع عجائبه تأملوا …يتذكر للأبد عهده …ودعا بالجوع على الأرض ,وقطع سند الخبز كله . أرسل أمامهم رجلا" : يوسف الذي بيع للعبودية …إلى أن تتم نبوءته وتمحّصه كلمةُ الرب… أقامه سيدا" على بيته وسلطانا" على جميع أمواله (مز 105). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
دُهِش صموئيل النبي من جمال شاول بن قيس وهيئته |
يوسف كان خارج توقعات يعقوب أبيه وإخوته |
داود وإخوته |
كيف تتجنب مصير ضحايا «أوليكس وإخوته»؟ |
إن غضب أحد على أخيه وإخوته |