تعب آدم ونوح وابراهيم وموسى في الجحيم
فرض الرب يسوع على المؤمنين به هذه الوصايا الضيقة في العالم لكي باحتمالها ينالون نعيم الفردوس بعدل، لأن احتمال هذا التعب بإرادتهم واختيارهم يكون كمثل التعب الطويل الذي احتمله آدم ونوح وإبراهيم وموسى في الجحيم تلك السنين الطويلة. انه جعل المؤمنين ينالون بهذا التعب اليسير ما ناله أولئك بذلك التعب الطويل. فيكون تعب أولئك بذلك التعب الطويل. فيكون تعب أولئك كمن تعب النهار جميعه، وتعب هؤلاء كمن تعب ساعة واحدة في النهار وأخذ الأجر في الساعة الواحدة كما أخذ أولئك عن النهار كله كما قال في إنجيله المقدس.
قال: (يشبه ملكوت السموات أنسانًا صاحب كرم خرج بالغداة يستأجر فعلة لكرمه وشرط لكل واحد منهم دينارًا في النهار. ﭥم خرج في الساعة السادسة وجد قومًا آخرين أرسلهم كذلك إلى الكرم. ثم خرج في الساعة التاسعة أرسلهم كذلك إلي الكرم. ﭥم خرج في الساعة الحادية عشرة وجد قومًا قال لهم ما بالكم قيام النهار كله بطالين. قالوا له لم يستأجرنا أحد. قال لهم امضوا إلى الكرم. وعند المساء دعا وكيله وأمره أن يدعو الفعلة ويعطى لهم أجرتهم دينارًا لكل واحد ويبتدئ بهم من الأخريين إلي الأوليين. فلما أعطى الذين أستأجرهم في الحادية عشرة دينارًا لكل واحد تقمقموا عليه وقالوا: هؤلاء الآخرين ساعة واحدة عملوا ساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحره.
شرح الآيات
أوضح بهذا القول أنه ساوى المؤمنين به بسبب التعب اليسير، في نعيم الفردوس، بالذين تعبوا في الجحيم تلك السنين كلها. لأن الكرم يعنى به العمل بمرضاته والتعب على اسمه، والأجرة يعنى بها النعيم المعد لآدم وذريته. وأول من خلق لذلك آدم وهو الذي طال تعبه في الجحيم لطول المدة التي أقامها، كتعب المستأجرين. ونوح الثاني من بعده كالذين استأجرهم في الثالثة من النهار.
وإبراهيم أتى من بعده كالذين استأجرهم في السادسة من النهار.
وموسى أتى من بعده كالذين استأجرهم في التاسعة من النهار.
والمؤمنون بالمسيح أتوا بعد ذلك كالذين استأجرهم في الحادية عشرة من النهار.
ولذلك قالوا له أنه لم يستأجرنا أحد، لأن المؤمنين بالمسيح كانوا أممًا عبده للأصنام – قبل إرسال تلاميذه القديسين – وهم الذين يتبعون في هذه الدنيا باحتمال وصاياه المتعبة وينالون ما ناله أولئك من نعيم الفردوس دون أن ينزلوا إلي الجحيم ولا يتعبوا فيه فيكون تعبهم ساعة واحدة وأجرهم مثل أجر الآخرين ويأخذون الأجر فبلهم، كما قال اللص اليمين الذي آمن به فقد سبق الجميع إلى الفردوس، وأخذ الأجر قبلهم.