رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب مقدمة إن معظم الدراسات التي قام بها الأثريون والمهتمون بالآثار القبطية تركزت حول منطقة أديرة وادي النطرون، أما أديرة الفيوم فقد مر عليها العلماء والمؤرخون -رغم أهميتها البالغة فيما نلقيه من ضوء على الأحوال الدينية والاجتماعية والطقسية القبطية- مرورًا عابرًا ولم يذكروا عنها إلا النزر (القدر) اليسير، ولابد أن يأتي الوقت المناسب بمشيئة الله لهذا النوع من الدراسة. وفي هذا البحث الذي تجده بين دفّتيّ هذا الكتاب يتضح أن أديرة الفيوم بلغت نيفًا وثلاثين ديرًا لها شأن يذكر في بسط (نشر) الحالة الدينية والاجتماعية للرهبان القديسين في أزمنة مختلفة، وهو العنصر الهام الذي يدور في إطاره نهج الكتاب. و قد رجعنا إلى ما كتبه المؤرخون والأثريون من مصريين وأجانب، وترجمنا ما استطعنا الحصول عليه في نطاق بحث هؤلاء العلماء الذين توفروا على دراسة الآثار والتنقيب عن معالم حضارتنا القبطية المدفونة في الأطلال الدارسة ضمنوها (تضمنتها) أبحاثهم وأودعوها المكتبات الكبرى في شتى أنحاء العالم، مع التحليل والمقارنة بما يسمح به المقام. كما نقلنا إلى العربية لأول مرة الكثير من آرائهم في أبحاثهم النادرة في هذا الشأن، مع بعض التعليقات للتوضيح كما أبدينا رأينا في بعض ما كتبوه، وبالأخص ما كتبه "نابيا أبت" وسنعود في الطبعة التالية إن شاء الرب وعشنا إلى إعادة درس موضوع أديرة الفيوم المتشعب النواحي والجدير بالبحث الطويل العميق لأهميته.. ولقد ظلت أديرة الفيوم قرونا طويلة عامرة بالرهبان وكان لها أهميتها كسائر الأديرة الأخرى ولكنها اندثرت ودُكَت معالمها. وفي هذا الكتاب سيرة القديس أنبا صموئيل المعترف (الشهداء هم الذين سفكوا دمائهم من أجل السيد المسيح وماتوا قتلا بالسيف أو الحريق..الخ، أما المعترفون فهم الذين نالوا تعذيبات مريرة في الاضطهادات مثل قطع الأيدي أو الأرجل أو فقأ العينين كما حدث للقديس، هؤلاء مع الشهداء تكرمهم الكنيسة بالغ التكريم) الذي ذاق صنوف الاضطهادات والأتعاب من أجل السيد المسيح. وقد فصلنا سيرته وأتينا بأقواله ومواعظه الشهيرة ومعجزاته الكبيرة من مصادرها. ذلك هو القديس الذي تعرفه البرية، وديانها (جمع وادي) وبراريها، كنائسها وأديرتها، رهبانها ومتوحديها في كل العصور. فترى كيف أتى المقوقِس إليه وكيف كان شأن القديس معه وكيف حطم آمال الخلقيدونيين بثباته وإيمانه وشجاعته وذكائه، وكيف سباه البربر وماذا كانت سيرته في السبي عند ذلك البربري الذي تولى أمره.. وغير ذلك من روائع الأعمال التي تدل عليها الآثار وبقايا الأطلال، ولم نترك ذلك مصدرا أو مرجعا هاما إلا واسترشدنا به أو نقلنا عنه أو ترجمناه إلى العربية، فلم تكن كثير من النقاط الهامة في هذا البحث نقلت إلى العربية رغم مرور الزمن الطويل ورغم أن سيرة القديس ملازمة لتاريخ الأديرة والكنائس بالفيوم. فضلا عن ذلك ترى كيف نجا من الأسر فإن يد الخالق العظيمة وقدرته الأزلية ظاهرة في حياة القديس سواء في القيادة الروحية أو الخلاص من الشدة أو تدبير أبنائه أو معجزاته. هذا القديس القوي دافع عن الإيمان المستقيم، حارب بدعة لاون ومجمع خلقيدونية، شجع الرهبان على احتمال كل ما يصادفهم من شدة وضيق، دخل آتون التجارب -وهو في السبي- التي لا يستطيع إنسان أن يصف قسوتها وخطرها المدمر على حياته الروحية، فلم يكتف القساة بالتعذيبات الجسدية بل تجاوزوها إلى أعنف التعذيبات الروحية، وهذه واضحة في قصة ربطه مع جارية حتى يرتكب الخطية، وخرج من كل هذه التجارب كما يخرج الذهب الخالص من بوتقة النار أكثر لمعانًا وبريقًا. كان القديس أنبا صموئيل محبًا للطهارة منذ صباه، ميالا للهدوء والوحدة والاختلاء بالله، ولفرط حبه للعبادة اشتاق إلى الاندماج في سلك الرهبنة،انطلق بادئ الأمر إلى برية القديس مكاريوس الكبير وهناك تتلمذ للقديس أغاثون حوالي ثلاث سنوات، وبعد نياحته بفترة من الزمن رُسم قسًا على كنيسة القديس مكاريوس. أثار الشيطان الحرب على الكنيسة وامتدت الحروب حتى أن الأديرة لم تسلم منها، فلما تولى المقوقِس الحكم من قِبًل الدولة الرومانية أرسل القائد إيريانوس وجنوده إلى برية شيهيت، دخل القائد كنيسة القديس مكاريوس وطلب الاجتماع بالشيوخ، وأمرهم بالخضوع للقرارات الخلقيدونية وإلا كانت عاقبتهم الموت الزؤام، فثار أنبا صموئيل ضده وشجع الرهبان على ألا يعترفوا إلا بالإيمان المستقيم، فأمر الوالي بتعذيبه وأوسعه الجنود ضربا في حنق وغيظ وصادفت الضربات إحدى عينيه ففقأتها وتدلت على خده، وعندئذ كف الجنود عن ضربه وأخرجوه من شيهيت. أمره ملاك الرب أن ينطلق إلى منطقة الفيوم ناحية دير القلمون ويسكن هناك، فمضى إلى جبل القلمون وتتلمذ له كثيرون وعكفوا على الصوم والصلاة والعبادة الحارة، وإذ كان محبًا للوحدة بنى له مغارة على بعد ميل من الدير. عاد المقوقِس مرة أخرى للاضطهاد فقصد جبل القلمون، فلما علم القديس أنبا صموئيل بذلك هرب مع جمع من تلاميذه، ولما وصل جنود الوالي لم يجدوا فيه أحدا سوى قيّم الكنيسة فأخذوا في تعذيبه حتى أقر باختفاء القديس أنبا صموئيل، ولما بثوا العيون في كل مكان بحثاَ عنه ووجدوه أوسعوه ضربا حتى يعترف بالمجمع الخلقيدوني ولكنه أصر على الإنكار فأبعدوه عن منطقة الفيوم. ومرة أخرى عاد القديس إلى جبل القلمون، وكان عدو الخير يسهر حاسدًا فلم يدعه في سكون، فلما هجم البربر على الجبل -وكانوا يغيرون كثيرًا على البرية- قبضوا على القديس وسبوه إلى كورة بعيدة حتى كانت أيامه كلها تعذيبات وإهانات. لكن الرب المتحنن دبر له من يعزيه إذ تقابل مع القديس أنبا يحنس القمص الذي كان في السبي قبله وقد مكث فيه زمانا طويلا. وفي السبي نال القديس أعظم تجربة روحية مدمرة إذ ربطوه مع جارية نجسة وشريرة لإثارة شهواته وإرغامه على الخطية، لكن يسوع المخلص الذي يعطي مع التجربة المنفذ والذي لا يدعنا نُجرب فوق ما نحتمل، خلصه منها وضرب المرأة بالجُذام. وقد منح الرب القديس مواهب شفاء عديدة، وشفى امرأة رئيسه في السبي فضلا عن العديد من المعجزات التي أجراها فأطلقه سيده مكرمًا يذهب حيثما يشاء. عاد القديس إلى ديره بالقلمون وقضى فترة من الهدوء فيها بنى كنيسة باسم السيدة العذراء وديرًا، وتكاثر عدد تلاميذه جدًا وكان أشهرهم يسطس وأبوللو. ولم يُنعم الرب عليه بمواهب الشفاء فحسب بل بموهبة إقامة الأموات أيضًا، وهكذا ذاع صيته في كل مكان حتى تنيح بسلام في شيخوخة صالحة بعد أن عاش ثمان وتسعين سنة وكانت نياحته في يوم 8 كيهك. ومما هو جدير بالذكر أن المصدر الرئيسي للمعلومات عن أنبا صموئيل وتاريخ حياته بالكامل هو في مجموعة Morgan.. وقد ذكر ذلك "Evelyn White" في كتابه عن أديرة وادي النطرون، وهذه المجموعة اكتُشِفَت في صحراء الفيوم سنة 1910م، وتوجد نسخ منها بمكتبة المتحف القبطي وهي تقع في 56 مجلد ضخم باللغة القبطية باللهجة الصعيدية تتضمن أقوال وعظات وتراجم وتفاسير لم يسبق نشرها ونحتاج لفك ختومها إلى سنين طويلة وأزمنة مديدة من العارفين باللغة القبطية (نشرت من هذه المجموعة سيرة الشهيد إبيما وتطلب من مكتبة الشهيد مار جرجس باسبورتنج). هذا والقديس أنبا صموئيل يذكر اسمه في مجمع القداس وفي التسبحة وهو من مشاهير القديسين في الكنيسة القبطية وديره لا يزال عامرًا إلى يومنا هذا بركة صلواته تكون معنا آمين. |
11 - 07 - 2014, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
الرهبنة في أديرة الفيوم
وإذا نظرنا إلى هذه المنطقة من الناحية الجغرافية من حيث الموقع وكثافة السكان نجد أن نسبة عدد المسيحيين كانت قليلة بالقياس إلى منطقة الدلتا أو في شواطئ النيل، وبالتالي كان الرهبان والمتوحدون أقل نسبيًا، وثمة (هناك) سبب آخر وهو أن الوثائق المتصلة بأديرة الفيوم لم تظهر إلى النور سواء عن طريق شرائها أو اكتشافها، بسبب تدهور الحالة الاقتصادية لإقليم الفيوم في العصور الوسطى التي كان لها رد فعل على الأديرة، فأخذ سراجها يخبو تدريجيًا، حتى الأديرة الغنية كانت مسرحا للنهب ولهجمات الغارات. فضلا عن ذلك فإن الفيوم لم يكن لها نصيبها من الرحالة الأجانب الذين زاروا المناطق الأخرى حتى يقدموا لنا إيضاحات ومعلومات غنية عن هذه الأديرة. قد تكون هذه بعض العوامل عن غموض تاريخ كنائس وأديرة الفيوم والحاجة إلى الكتابة حوله، وإننا إذ قنعنا بهذا فسوف لا يظهر إلى النور تاريخ هذه البقاع وينكشف، كما أن ما سبق نشره وهو ما يحتاج إلى تحقيق والوثائق سواء بالقبطية أو العربية المتفرقة في المكتبات الأجنبية المختلفة وفي المتاحف تنتظر ولا ريب من يفك ختومها فيكتب تاريخ هذه المناطق كما ينبغي أن يُكتب. _____ (عن كتاب The Monasteries of the Fayum "Nabia Abbot" والفيوم مأخوذة من كلمة إفيوم القبطية معناها البحر وورد في كتاب The churches and Monasteries of Egypt B.T.A Evetts 1895 ص49 أن الفيوم كان اسم أحد أولاد قفط بن مصرايم Al Fayum was the name of one of the sons of Kift, the son of Misraim who built it for one of his daughters …) |
||||
11 - 07 - 2014, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
أثر انتشار الأديرة في الفيوم
بدأت أديرة الفيوم في الانتشار منذ القرن الثالث ابتداءً من أسقفية "Nepos" أسقف الفيوم في النصف الأول من القرن الثالث الذي كانت كتابته مشهورة ومنتشرة في أيام أوسابيوس - وتأييد ذلك بوثائق البردي الفيومية التي أشارت إلى اضطهاد "داكيوس" للمسيحيين في سنة 250 م. أما عن اضطهادات الإمبراطور دقلديانوس واستشهاد المسيحيين فإنها قد عمّت أنحاء القطر كله وشملت الفيوم كما شملت سائر المناطق لكن التاريخ سجّل لنا القليل عن هؤلاء الشهداء. من بين هؤلاء الشهداء ثيوفيلس وزوجته باتريكيا Patricia من مدينة الفيوم، وقد استشهدا على يد Antihipotos الحاكم لرفضهما التضحية لچوبتر وبرثلماوس وزوجته من أهالي الفيوم قد استشهدا أو دفنا أحياء. وكما قلنا أن الرهبنة والتوحد لم تكن اعتكافا في كل الظروف فقد خرج عمالقة الرهبان إلى العالم لتثبيت قواعد الإيمان ولتشجيع المتضايقين في الاضطهادات وللاستشهاد، ليس من الرجال فقط بل من النساء أيضًا ولنا في الشهيدة القديسة دميانة خير مثال. ولما كانت الرهبنة استشهاد لأنها موت عن العالم، فإذا دعا داعي الاستشهاد في الاضطهادات لم يقف أمامهم حائل. ومن أمثلة الرهبان الشهداء من إقليم الفيوم في أيام دقلديانوس الأب نهرو Nahrau من مدينة داويت Dawit بالفيوم، الذي ترك تلميذه في الفيوم وانطلق للاستشهاد بعيدا في إنطاكية حيث قابل دقلديانوس نفسه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فأمره بعبادة الأوثان وترك إيمانه ولما رفض ذلك عُذب كثيرا ثم استشهد وكان ذلك سببا لاعتناق الكثيرين المسيحية، وقد أُرسل جسده إلى بلدته في الفيوم حيث كان موجودا بها وقتئذ "يوليوس" كاتب سير الشهداء. هناك راهب آخر يدعى الأنبا كاو Kaw (بالقبطية كاڨ)هذا الذي أغراه كلكيانوس بعبادة الأوثان وأن يترك الديانة الحقيقية وأن يشفق على شيبته فقد كان راهبا متقدما في السن، وإذ رفض أُرسل إلى البهنسا، وقد لقى عذابات كثيرة ثم استشهد ونُقل جسده إلى مغارة قرب بلدته "Bimay" وهى بلدة قريبة من الفيوم وبنيت كنيسة على اسمه، ثم نُقل جسده إلى دير النقلون بالفيوم. ومما يلي تستطيع أن تتبين انتشار الرهبنة والتوحد في منطقة الفيوم وبالأخص في جبل القلمون الذي كان عامرًا بالمتوحدين في القرن الثالث. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:01 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
باناين وباناو
أرادا أن يسلكا الحياة الرهبانية وفي الطريق ظهر لهما ملاك الرب في هيئة راهب وأرشدهما إلى ثلاث قديسين في جبل القلمون وهم القديسون تيموثيئوس وثيئوفيلس وخرستوذورس Timothy - Theophilus - Christodorus وكان ذلك في حكم دقلديانوس (284 - 305 م.). ويذكر القديس أثناسيوس أيضًا أن القديس أنطونيوس زار منطقة Arsinoc الفيوم الحالية، ولما أراد عبور قناة الفيوم ليزور الإخوة وجدها ملأى بالتماسيح. وجاء في Patr. Orient. XI - 663 (من الواضح أنها مخطوطة) أنه بعد انقضاء عشرين عامًا لتوحد القديس أنطونيوس، شعر بالحاجة لزيارة الإخوة بالفيوم ليشجعهم ويعزيهم في الحياة النسكية. وذكر أبو صالح الأرمني في كتابه: The Churches and Monasteries of Egypt and some Neighbouring Countries دير Naghin وهو أقدم دير بالفيوم ويبعد 15 كم جنوب الفيوم وذكره المقريزي واختص جبل النقلون بأهميته. وعلى مر الوقت تضاءلت أهمية جبل النقلون وحل محله جبل القلمون وابتدأت تظهر أهميته منذ القرن السابع الميلادي. إن فكرة الرهبنة المسيحية وانتشارها ترجع إلى عوامل متعددة منها الميل للنسك كما ورد في حياة الأنبا بولا (228-343 م.) والأب آمون (275-327 م.)، وقد أصبح آمون أبا للرهبنة المسيحية، وهكذا نشأت الحاجة إلى نظام لمجتمع الرهبان، وكان من نتيجة ذلك أن تأسس دير أنبا بولا ودير أنبا أنطونيوس في الصحراء الشرقية، وظهرت جماعات الرهبان في نتريا وشيهيت وكان كل هذا في النصف الأول من القرن الرابع. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
النهضة الديرية وأثرها ولذلك كانت تنشأ الأديرة في الفيوم في ذلك العهد حيث كانت مميزات المؤسسات الديرية طيبة في الفيوم كما كانت في نتريا ووادي هبيب - وكانت هذه الأديرة في بقاع نائية ومتحررة من القيود من جانب السلطات المدنية أو البطريركية في الإسكندرية. فضلًا عن هذا كانت في الفيوم جبال بها كهوف عديدة،كذلك كانت هناك عيون ماء وقنوت قريبة منها. وكان هذا تقريبًا أكثر ما تحتاج إليه أية وحدة ديرية. ومن ناحية أخرى فإن المتاعب في الفيوم كانت أقل منها في البقاع الشمالية إذ أنه لم يكن من السهل وصول حملات المغيرين عليها. ولو أنها لم تسلم منها كليةً. وتدل الدلائل على إنشاء الأديرة في ذلك العهد وما كان من التشجيع الشخصي لها من جانب القديس أنطونيوس - فكان القديس أنطونيوس يجوب البقاع الصحراوية ويقيم الرهبان ويثبتهم ويعبر نهر النيل مرات عديدة في أثناء تجواله من الصحراء الشرقية إلى وادي النطرون مما مكنّه أن يُقدر الموقف والاحتمالات المقبلة. وقد ذكر التاريخ أن القديس أنطونيوس بعد أن قضى في حياة النسك عشرين عامًا أحس بحافز يدفعه إلى أن يؤدي عملا نافعا وأن يعلم الناس خوف الله وعبادته. لذلك توجه إلى الفيوم ليقوي الإخوة هناك ثم عاد إلى ديره. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
شواهد زيارة القديس أنطونيوس للفيوم وأهميتها جاء في السنكسار الحبشي cuna[arion بشأن هذا الموضوع ما يلي: ".. وقد توجه القديس أنطونيوس إلى الفيوم ورسم رهبانًا كثيرين وثبتهم في ناموس الرب - وكانت هناك أديرة كثيرة مملوءة بالرهبان والمحاربين الروحيين. ويذكر ايفاجريوس يونتيوس في صحيفة 356 ما يدل على اهتمام القديس أنطونيوس المباشر بالفيوم ويشير إلى رسالة من أنبا أنطونيوس إلى أرسينوى (الفيوم) ومقار كنائسها. ومن المحتمل جدًا أن هذه الرسالة جاءت عقب زيارة أنبا أنطونيوس الشخصية لهذه الجهات بعد قضائه سنين طويلة في النسك وتأسيسه الدير المسمى باسمه في سنة 305 م. يتبين من كل هذا أن جماعات الرهبنة على أساس النظام الذي وضعه أنبا أنطونيوس كانت موجودة في العصور الأولى ابتداء من العشر السنوات الأولى للقرن الرابع. إزاء هذه الوقائع فإنه من المثير أن نجد أن تأسيس أقدم دير معروف في الفيوم وهو دير "نقلون" المذكور في المخطوط العربي رقم 2 للمعهد الشرقي أمر يحيط به الغموض ولا يُلقي الضوء عليه إلا بعض القصص. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
عن تأسيس الكنيسة بدير النقلون وصلتنا قصة "أور" (القديس أور: اسم "أور" جدير بالاهتمام، إذ يوجد عدة أشخاص بهذا الاسم في أجزاء أخرى من مصر منهم "أنبا هور" بصحراء نيتريا والذي زارته ميلانيا والذي قيل أنه تنيح قبل سنة 390 م. ولم يعرف عنه الكثير إلا أنه كان معروفًا أن الفضيلة الأساسية التي اتصف بها كانت فضيلة الاتضاع. وهناك قديس آخر باسم "هور" من Thebaid بالوجه القبلي، وكثيرًا ما كان الناس يخلطون بينه وبين "هور" السابق ذكره. ولو أن هذا كان لا يزال حيا سنة 394 م.، وقد زاره في ليكوبوليس سبعة من الآباء الرهبان، وذكر عنه أنه كان يتنقل في الصحراء وأنه أسس عدة أديرة في Thebaid) التي وُجد منها نسختان، نسخة قبطية ونسخة عربية قام بنسخهما راهبان من دير السريان سنة 1493 م. ويقول أبو صالح الأرمني أن "أور" قد أسس الكنيسة الموجودة في هذا الدير في عهد الأسقف أنبا اسحق حوالي القرن الرابع.. وقد كُرِسًت الكنيسة بواسطة أسقف الفيوم أنبا اسحق. وفي الوقت نفسه رسم "أور" قسًا. وبعد نياحة أنبا اسحق طُلب رسامة "أور" أسقفًا لكن "أور" عاد للإقامة في جبل نقلون وبنى مساكن وقلالي لعدد كبير من الرهبان. وقرب نياحة "أور" طلب المتوحد يوحنا وروى له قصته. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
تاريخ إنشاء الأديرة بالفيوم يرجع انتشار حياة النسك ووجود الأديرة بالفيوم إلى القرن الرابع. وإن انتشار الديرية في الفيوم بالذات وموقعها الجغرافي الذي دعا لضرورة تأثيرها بالديرية الأنطونية وبنظام نيتريا في الشمال، وموقع جبل نقلون ذاته على مسافة ساعتين من الفيوم، والشهادة غير المباشرة لأبي صالح والمقريزي الذين وضعا دير نقلون في المقدمة عند سرد تاريخ أديرة الفيوم. كل هذه أدلة تشير إلى صحة التاريخ عن وجود الأديرة منذ القرن الرابع وحياة النسك فيها. وإذا صح المصدر الذي يقول بأن دير نقلون أنشئ في القرن الرابع، فيجب أن يعزى إليه الفضل في نمو الديرية في الفيوم في زمن "سيرابيون" أسقف الأديرة في منطقة أرسينوى (الفيوم) المشرف على شئون عشرة آلاف من الرهبان الذي كان يمدهم بما يحتاجون اليه بعناية فائقة، والذي كان اجتهاده من أسباب القضاء على الفقر في المنطقة وإرسال المعونة للمحتاجين في الإسكندرية (هيرونيموس - تاريخ الرهبان الفصل 29 - فردوس الآباء القديسين "Budge"، لندن 1907 جزء 1 ص 380). ويشهد بترونيوس الذي زاره بين سنتي 385، 394 م بصحة هذه الوقائع (قاموس قصص القديسين الجزء الرابع ص 613). ويبدو أن عدد الرهبان والأديرة في مصر العليا كان كبيرًا جدا في القرن الرابع وما بعده. ويروي روفينوس أنه وجد في المنطقة حول ارسينوى عشرة آلاف راهبا في أوكسيرينكوس (البهنسا حاليًا). وقد قدر الأسقف عدد الرهبان بعشرة آلاف وعدد الراهبات بعشرين ألفًا. وكان بالمدينة نفسها ما لا يقل عن عشر كنائس، وقد زادت عدد القلالي عن عدد منازل السكنى. وفي الواقع أن الأرض قد امتلأت بالرهبان حتى أن ترانيمهم وأناشيدهم ليلًا ونهارًا قد جعلت البلاد جميعها كنيسة لله (بتلر Butler الكنائس القبطية القديمة - أكسفورد سنة 1884 م.). |
||||
11 - 07 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
دير النقلون والقلمون بصحراء الفيوم نجد في القرن الخامس إشارة مرة واحدة إلى أديرة الفيوم، ولكنها إشارة لها أهميتها، فحوالي سنة 444 م. أرسل البطريرك كيرلس الكبير (412-444 م.) إلى كالوزيريس أسقف الفيوم خطابًا ليُقرأ في كل الأديرة خاصة في دير واقع على جبل منعزل يسمى قلمون لمقاومة بعض الأفكار الخاطئة عند بعض الآباء الرهبان بهذا الدير. وبناء على هذا فإن الفيوم كانت منذ أيام نيبوس Nepos قد اشتركت في أنشطة ذلك العصر وتأثرت بها، وقد كان لهذه الحقيقة صدى في الأديرة في الفيوم ونتريا وجماعات أخرى من الرهبان، إذ كان هناك توجيه بشأن بعض الاتجاهات المخالفة (عند تلك الفئة المذكورة). ومجمل القول أنه بالنسبة للموضوع الذي نحن بصدده لا يمكن معرفة على وجه التحقيق التاريخ الذي أصبح فيه دير قلمون مهجورا بعد سنة 444 م.،ربما يكون قد غزاه البربر في هذه السنة ذاتها عندما حصل الهجوم على شيهيت (نابيا أبوت - وهوايت 2 ص 164) وربما حلت به الكوارث حوالي سنة 570 م عند حدوث الغزو الرابع بشيهيت (ايبيد ص 249). وقد جاء في تاريخ حياة الأنبا صموئيل مع ذلك أنه عندما ذهب إلى قلمون للمرة الأولى كان الدير مهجورا مدة طويلة وكانت الكنيسة قد دخلت إليها الرمال (كاونبرج ص 109). وتشير الرسالة رقم "83" للقديس كيرلس الكبير إلى دير قلمون وقد زار بانين وباناو هذا الجبل سنة 300 م.، ومنذ سنة 444 لم يوجد ذكر لنقلون أو قلمون حتى جاء أنبا صموئيل وربط بين هذين الديرين القديمين - وكان غزو البربر من العوامل المختلفة التي ساعدت على فترة الصمت الطويلة. ولا ندع هذه النقطة تمر بدون تحقيق لما لها من الأهمية في إلقاء الضوء على القلمون ونقرر الآن بصفة قاطعة أن الدير الذي أسسه أنبا صموئيل هناك لم يكن أول دير أنشئ في قلمون. وقد ذكر في تاريخ حياته أنه عندما ذهب إلى قلمون كان يسكن في كنيسة صغيرة مهجورة حيث أُخذ أسيرا وأنه عندما عاد من الأسر سكن هذه الكنيسة ذاتها والقلالي المحيطة بها. وتبين المصادر التاريخية أنه ابتداء من منتصف القرن السابع بدأت شهرة دير القلمون تزيد عن شهرة دير نقلون وفاقتها. وهدفنا الآن أن نذكر موجزا التاريخ دير القلمون الذي كان متصلا بحياة أكثر رؤساء الأديرة شهرة في الفيوم وهو الأنبا صموئيل. ولدى الرجوع إلى الصفحات 100-114 كاونبرج Cawenburg (دراسات في أديرة مصر - نابيا أبوت) والى بدج Budge الجزء الثاني ص 341 من السنكسار الحبشي cuna[arion نجد أن كلا من كاونبرج والسنكسار الحبشي يخلط بين إقامة أنبا صموئيل في نقلون أو إقامته في قلمون ثم يصحح كاونبرج رواية أخذه من الكنيسة التي في صحراء قلمون ويذكر عودته إليها من الأسر. وأن سنكسار الإسكندرية جزء 1 ص 142 PO. (جزء 3 - 406 - 8) لا يذكر نقلون Naqlun ولكنه يذكر قلمون فقط - وقد يكون ذلك نظرًا لأن قلمون ونقلون ليسا بعيدين الواحد عن الآخر. كما أن المصادر العربية تذكر قلمون على أنه الدير الذي طرد منه أنبا صموئيل، والمصادر القبطية تذكر هذا الدير على أنه نقلون - والمصادر الحبشية تخلط بين الأثنين - كذلك اميلينو في مبدأ الأمر خلط بين الاثنين باعتبارهما ديرًا واحدًا قارن الجريدة الآسيوية Journal Asiatique عدد نوفمبر وديسمبر 1888 ص 398. وأن هجوم البربر من الصحراء الليبية لم تصل فقط إلى مساكن نتريا التي نهبت على الأقل ثلاث مرات في النصف الأول من القرن الخامس (408 و410 و444) ولكنها تعدتها إلى وادي النيل، ومن المحتمل جدًا أن تكون قد وصلت إلى الفيوم كما حدث مع أنبا صموئيل الذي من القلمون الذي أخذ في الأسر مدة ثلاث سنوات حوالي سنة 635 م. - وسنأتي على تفصيل ذلك فيما بعد (المراجع: 1- نابيا أبوت. 2- دراسة كاونبرج ص 46 - 50، 88 - 122. 3- سنكسار Alex. 141-143 P.O III 405 - 407. 4- ايفيلين هوايت II ص 252 - 255. 5- اميلينو في الجريدة الآسيوية نوفمبر - ديسمبر سنة 1888م ص 261 - 410. 6- مذكرات بعثة الآثار الفرنسية بالقاهرة 1888 516-20-770-89). هذا وإن المجادلات الدينية والغزوات الأجنبية والتدهور الاقتصادي في العصر البيزنطي كان لها أثرها في الفيوم، ودراسة كاونبرج التي تقتصر على هذه المدة (451-640 م.) تشرح هذه الظروف بالتفصيل، وفي حديثه عن رهبان شيهيت ومجمعات الفيوم يبين الصلة الوثيقة بينهم. |
||||
11 - 07 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس أنبا صموئيل المعترف و أديرة الفيوم - المقدس يوسف حبيب
الأنبا صموئيل ولد القديس صموئيل بين 598، 603 م. وعاش إلى سن 98 سنة، وكان عمره ثمانية عشر عاما عندما انضم إلى دير أنبا مكاريوس بشيهيت وبقى ستة عشر عاما، ثم ترك شيهيت تحت ضغط الاضطهاد العنيف الذي قام به المقوقِس في العشر السنوات من 631-641 م. بصفة خاصة لمقاومته للتعاليم الخلقيدونية ورفضه الاشتراك في كتاب لاون ثم اتجه نحو الجنوب مصحوباُ بأربعة من تلاميذه إلى دير قلمون في الفيوم حيث أقام مدة ثلاث سنوات ونصف، وكان أثره عظيما على ما يبدو على السكان هناك، وعندما اقترب المقوقِس أقنع أنبا صموئيل العلمانيين هناك وكان عددهم مائتي نسمة والرهبان وكان عددهم 120 راهبًا أن يهربوا إلى الجبال ويختبئوا فيها. |
||||
|