07 - 07 - 2014, 03:04 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
هل أخطاء الأنبياء تسقط عنهم العصمة عند كتابة الأسفار؟ وماذا عن أخطائهم؟ س10: هل أخطاء الأنبياء تسقط عنهم العصمة عند كتابة الأسفار؟ وحتى لو كانت خطايا الأنبياء حقيقة فلماذا ذكرها الكتاب المقدَّس؟ هل يقصد التشهير بهم؟ وتساءل صموئيل ريمارس: كيف يعمل الوحي في رجل قاتل مثل موسى، أو رجل زاني مثل داود، أو رجل مضطهد الكنيسة بإفراط مثل بولس؟ ج: نود في سياق إجابتنا علي هذه التساؤلات أن نؤكد علي الحقائق الآتية: 1 - جميع الرجال الذين كتبوا الأسفار المقدَّسة هم بالحقيقة قديسون، ليس بمعني إنهم كانوا معصومين في حياتهم الشخصية ولم يخطئوا قط، لأنه ليس مولود امرأة بلا خطية، ولكن بمعني إنهم أحبوا الله من كل قلوبهم، وقد قدموا توبة صادقة عن كل خطية ارتكبوها.. عجبًا لإنسان يركز علي خطية داود ويغض البصر عن توبته ودموعه (راجع مز 6: 6، 51: 3 - 11). 2 - لم يتساهل الله مع أنبيائه الذين أخطأوا، ولم يعفهم من العقوبة، إنما حملوا عقاب خطاياهم بالكامل، فليس لدى الله محاباة قط، حتى لو كان المخطئ هو ملاكًا، أو هو الإنسان الوحيد علي الأرض (آدم)، أو يعقوب المحبوب، أو موسي رئيس الأنبياء، أو داود قيثارة الروح.. الخ. 3 - نحن لا نعترف بعصمة إنسان ما علي الأرض، فالجميع تحت الضعف، والعصمة الوحيدة لكتَّاب الأسفار المقدسة هي أثناء تسجيلهم لكلمات الله في الأسفار المقدَّسة أما في حياتهم الشخصية فإنهم كانوا عرضة للسقوط، فهم من نفس عجينة البشرية، وما أجمل صلوات الكنيسة في أوشية الراقدين " لأنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال، وإن كان لحقهم توان أو تفريط كبشر، إذ لبسوا جسدًا وسكنوا في هذا العالم فأنت كصالح ومحب البشر اللهم تفضل أغفر لهم. فإنه ليس أحد طاهرًا من دنس ولو كانت حياته يومًا واحدً علي الأرض". ويقول "د. ادوار ج. يونج": "فإنه من الحماقة أن يتصوَّر ريماروس أن بعض الكُتَّاب كان لا يجوز أن يكونوا من حملة الوحي نسبة إلى الخطايا التي ارتكبوها في حياتهم إذ أن الله لم يعطِ كتابه للبشر عن طريق رجال معصومين من الخطية (في جميع جوانب حياتهم).. كانت حياة داود ملطخة بالخطية، ومع ذلك كتب (بعد توبته) أروع المزامير التي أعطاه الله إياها، كان موسي قاتلًا.. وكان بولس مُضطهد الكنيسة، ولكن الله اختارهم وصيَّرهم كُتَّابًا للوحي، ولكن ليس معني ذلك أن الله كان لا يُبالي أو يقلّل من خطاياهم، بل بالعكس كان ذنبهم أمامه قاسيًا.. كانوا فقط معصومين عندما حملهم الروح ليكتبوا الكتاب المقدَّس!!.." (36). 4 - عندما ذكر الكتاب المقدَّس أخطاء هؤلاء الأنبياء فلكي يعلمنا أن الجميع تحت الضعف، وأن هؤلاء الأنبياء كانوا من نفس عجينة البشرية ولكيما يتعلم الإنسان أنه مهما بلغت قامته الروحية فإنه معرض للسقوط، ولكيما يتعلم الإنسان أن السقوط ليس نهاية المطاف، إنما التوبة تعيد الإنسان إلى مرتبته الأولي، إذًا لم يقصد الكتاب المقدَّس التشهير بهؤلاء الأنبياء القديسين، ولم يذكر خطاياهم ليشجع الإنسان علي ارتكاب المعصية، إنما ليحذر الإنسان، ومن أجل تعليمنا سمح الوحي الإلهي بتسجيل خطايا هؤلاء العظماء. إن الكتاب المقدَّس كتاب صادق وأمين، يذكر الحقائق كما هي، إن كانت خيرًا أو شرًا، ولم يلتمس الأعذار لمن أخطأوا.. |
||||
07 - 07 - 2014, 03:06 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
هل عصمة الكتاب المقدس هي في بلاغته أو أسلوبه؟ ج: الهدف من الكتاب المقدَّس هو خلاص الإنسان وليس بلاغة وجمال الأسلوب، فبالرغم من أن الكتاب حوى أساليب متعددة من شعر ونثر، وتميز بغنى الأسلوب وفخامته، فصار محببًا للنفس، إلاَّ أنه لم يكتب من أجل هذا الهدف، إنما من أجل سعادة الإنسان وحياته الأبدية " لان كلَّ ما سبق فكُتب كُتب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء" (رو 15: 4). فالأسفار المقدَّسة لا تمثل نتاجًا أدبيًا أبدعه بعض العباقرة، ولا تمثل أيضًا إنتاجًا بشريًّا متميزًا أضاف إليه الله بعض الأمور الإلهيَّة، ولا تمثل أفكارًا بشرية وافق عليها الله إلى حد ما.. إن الأسفار المقدَّسة قد خرجت إلى الوجود بطرق خارقة للعادة، فهي وحدها دون أية كتابات أخري في العالم كله وعلي مدى الأجيال أتت بنفخة من الله. وعلي كلٍ فمن أمثلة روعة الأسلوب في اللغة العبرية المزمور 119 حيث نجده مقسمًا إلى اثنين وعشرين قطعة بعدد حروف اللغة العبرية، وكل قطعة تشمل ثمان آيات، والآيات الثمان في القطعة الأولي جميعها تبدأ بحرف "أ" والثمانية آيات التالية في القطعة الثانية تبدأ بحرف "ب" والثمانية آيات في القطع الثالثة تبدأ جميعها بالحرف التالي وهلم جرا... |
||||
07 - 07 - 2014, 03:07 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
أي كلام يتم التفاعل معه في الكتاب المقدس؟ ج: يعد المفهوم السابق طعن في صميم الوحي الإلهي، فالوحي في الكتاب المقدَّس هو وحي مطلق، جميع الأسفار بكل ما جاء فيها هو كلمة الله الموُحى بها والمعصومة من الخطأ. أما لو أخذنا بالمفهوم السابق فإننا سنقع في موقف متناقض، فالنص الواحد قد يؤثر في شخص دون الآخر، فمثلًا قصة الابن الضال قد تؤثر في شخص دون الآخر، فهل تعد كلمة الله لأن شخصًا تأثر بها أم تعد مجرد كلمات بشرية لأن شخصًا آخر لم يتأثر بها؟! لقد خلط أصحاب النقد بين الكتاب المقدَّس ككلمة الله، وبين عمل الروح القدس في فتح البصيرة الداخلية للإنسان لكيما يدرك ويتفهم كلمة الله، والحقيقة أن الكتاب المقدَّس كله كلمة الله سواء قبلها الإنسان أو رفضها سواء أثرت في الإنسان أو لم تؤثر، فهذا التأثُّر أو عدم التأثُّر ناتج عن استعداد الإنسان وليس بسبب ضعف كلمة الله على الإطلاق. ويفرق "ج. و. بروميل" بين عمل الروح القدس في الوحي، وبين عمله في الاستنارة الباطنية، فيقول "ولقد أمسك بعض اللاهوتيين المعاصرين موضوع هذه الإنارة كأنها وحي حقيقي، حسب التصوُّر الإصلاحي. أي أن الكتاب المقدَّس مُوحى به فقط بقدر ما يستعمل الروح القدس هذه الفقرة أو تلك لينجز استنارة داخلية في الفرد المسيحي.. فالكتاب المقدَّس سجل موحى به لإعلان الله لنفسه، سواء قبل هذا الفرد أو ذاك شهادته، أو لم يقبل. إن الوحي وتسجيله في صورة مكتوبة كليهما عملان ظاهريان. أما الإنارة بواسطة الروح القدس فهي التكملة الباطنية لهذه التأثيرات في داخل الفرد وبغرض خلاصه" (G.W.Bromiley,M.A,ph.D.,L itt )" |
||||
07 - 07 - 2014, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
تكرار فقرات في الأسفار المقدسة س13: هل تكرار بعض الفقرات في الأسفار المقدَّسة ينفي عنها صفة الوحي والعصمة؟ وقال أحد النُقَّاد أن كتَّاب الكتاب المقدَّس لصوص لأنهم لم يراعوا حق التأليف بل قاموا بسرقات أدبية، فمتى ولوقا سرقوا 85% من كتاب مرقس، وأعتبر هذا الناقد أن تطابق إصحاح 37 من سفر أشعياء مع إصحاح 19 ملوك الثاني يعد سرقة أدبية 100%. وادعى الناقد أن هذا التكرار يسقط فكرة الوحي والعصمة، لأن الوحي لا يكرر الكلام. ج: 1 - مع بداية المسيحية لم يكن هناك إنجيلًا مكتوبًا، وقد تداولت أحداث الإنجيل شفاهة، وانتشر الإيمان عن طريق التلمذة للآباء الرسل، وقال معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس " تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني" (2 تي 1: 3) كما أوصاه قائلًا " وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسًا أمناء يكونون أكفاء يعلموا آخرين أيضًا" (2 تي 2: 2) ومدح أهل كورنثوس لأنهم حفظوا التعاليم " فأمدحكم أيها الأخوة علي أنكم.. تحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم" (1 كو 11: 2) إذًا نستطيع أن نقول أن التعليم الشفاهي كان متاحًا لكل المؤمنين فكم وكم بكتبة الأناجيل، فمتى الإنجيلي قد تتلمذ على أيدي السيد المسيح وعاصر الأحداث بالتفصيل، فكيف يقول عنه الناقد أنه قد سرق من كتاب مرقس؟!. ولوقا الإنجيلي الذي بحث واستقصى وتتبع كل شيء بتدقيق. (لو 1: 1). كيف يقول عنه الناقد أنه قد سرق من كتاب مرقس..؟! وكيف يتسنى السرقة مع أن كل كاتب من كتَّاب الأناجيل الأربعة كتب في مكان معين ولشعب معين ومن وجهة نظر معينة..؟! لقد شاء الله صاحب الكتاب أن يتكرَّر ذكر بعض الأحداث في أكثر من سفر، وذلك لحكمة إلهية، ولذلك تشابهت كتابات الإنجيلين بنسبة 53%، وكل ما جاء في إنجيل مرقس ورد في إنجيل متى ولوقا باستثناء 24 آية، وتشابهت رسالتا بولس الرسول إلى أفسس وإلى كولوسي، فرسالة أفسس حملت 73 آية (من مجمل 155 آية) متشابهة مع رسالة كولوسي، وثلث مفردات كولوسي تجدها في أفسس وهذا التكرار لا يعد عيبًا علي الإطلاق. 2 - لم يوجد كاتب من كتَّاب الأناجيل قد دوَّن في الصفحة الأولي من إنجيله عبارة "حقوق التأليف محفوظة للمؤلف" لأن المؤلف الحقيقي هو روح الله القدوس، فتأكد أيها الناقد أن مارمرقس الإنجيلي لن يتضايق، ولن يعتبر قط أن متى ولوقا قد سرقوا منه مجهوده في التأليف، لأن المعرفة كانت متاحة للجميع، وحياة السيد المسيح ومعجزاته وتعاليمه وصلبه وموته وقيامته ليست وقفًا على إنسان معين، بل هي ملكًا للكل. 3 - لا يصح ولا يليق أن نُلقّب الرسل الأطهار أنهم لصوص. 4 - التطابق التام بين أشعياء 37 وملوك الثاني 19 له مبرره، إذ أن إشعياء النبي كان طرفًا في حادثة حصار سنحاريب ملك أشور لأورشليم واستهزائه بإله إسرائيل، وشاهد الانتقام الإلهي من جيش سنحاريب وقتل الملاك لـ185 ألفًا منهم،فقد سجل إشعياء النبي هذه الحادثة في سفره، وعندما شارك في كتابة سفر الملوك الثاني أعاد كتابة القصة بنفس الأسلوب ونفس الألفاظ، فلا يعد هذا سرقة أدبية، لأنه من سرق مِن مَن؟ هل إشعياء سرق من أشعياء؟! 5 - الأمر العجيب أن الناقد لم ينتبه، أو ربما يتغافل التكرارات العديدة للقصص والعبارات التي وردت في كتابه. |
||||
07 - 07 - 2014, 03:09 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
تمايز كُتَّاب الأسفار المقدسة في رواية نفس الحدث س 14: هل تمايز كتَّاب الأسفار المقدسة في رواية القصة الواحدة يعني عدم العصمة؟ ج: قد يذكر أكثر من كاتب نفس القصة، فمثلًا قد يذكر اثنين أو أكثر من الإنجيليين معجزة أجراها السيد المسيح، ونجد مفارقات بين رواية هذا ورواية ذاك.. لماذا..؟ لأن كل كاتب يركز على جانب معين. ويقول "د. ادوار ج. يونج" "قد تقع في العادة بعض الفروق الطفيفة في الرواية الواحدة التي يتعرَّض لها أكثر من كاتب في الكتاب المقدَّس، غير أن هذا لا يُعتبر في حد ذاته مأخذًا عليها أو دليلًا علي عدم عصمتها.. قد كان الجاري، علي ما يشهد به علم الآثار، كتابة الرواية الواحدة على أكثر من صورة أو أسلوب، وقد جاءت علي سبيل المثال نسخ متعددة للسجلات السنوية للملك سنحاريب فقد كُتبت لا علي ورق، أو رق، بل علي حجر، ومع أنها كانت تتعرَّض للواقعة الواحدة، إلاَّ إنها كانت توردها في اختلاف يسير بين النسخة والأخرى.. ولا يمكن أن يقول أحد أن العصمة تتطلب بالضرورة عرض الرواية بنفس الصورة الأولى، مادام من الثابت أن الحق الوارد فيها في شتَّي الصور هو هو لا يتغير" (38). كما يقول "د. إدوارد ج. يونج " أيضًا " إن عقيدة العصمة.. لا تتطلب أن يتحوَّل كتَّاب الكتاب المقدَّس إلى مجرد آلات مُسجلة، أو أن يُسجّل جميعهم الواقعة الواحدة تسجيلًا موحدًا حرفيًا، أو أن يُرتّبوا سرد الوقائع وتتابعها بالصورة الواحدة، إذ يحدث مرات كثيرة، ولأسباب تختص بالتأكيد، وليس لمجرد التسلسل التاريخي، أن يأتي العرض بصورة مغايرة، فإذا نقل كاتبان واقعة واحدة مُترجَمة من لغة إلى لغة، فلا يشترط أن تأتي الترجمة واحدة بنصها وفصها عند الكاتبان -كالنقل من الآرامية إلى اليونانية- بل يجوز أن يستعمل كل منهما حريته في التعبير، وفي الحدود التي ينقل فيها بالضبط الفكر الأصلي، كما أن العصمة لا تتطلب أن يسرد كل كاتب الوقائع بنفس الصورة التي يسردها بها الكاتب الآخر، أو أن يأخذها من الزاوية التي يأخذها منها الآخر. إن العصمة في كلمات أخرى تسمح بالاستخدام الكامل للمواهب والوزنات التي أعطاها الله للكاتب أن يتحلى بها" (39). ويقول "صموئيل كريج " عن هؤلاء النُقَّاد " فالذين يتصوَّرون هكذا يريدون أن تكون الكتب المقدَّسة نسخة طبق الأصل من نموذج واحد. ولكن الحقيقة غير ذلك وهي كما قال " إبراهام كيبر " أن الروح القدس الفنان الأعظم قد قدَّم اللوحة الفنية التي تشمل تشكيلة من الألوان ومتعددة الجوانب بحيث يمكن أن تتعدَّد تفسيراتها، ولكنها في النهاية تُقدَّم أبعادًا متكاملة عن اللوحة العظيمة الواحدة" (40). ونحن نؤكد أن الوحي في المسيحية لا يعني علي الإطلاق الوحي اللفظي، وكأن الروح القدس يملئ الكاتب كلمة كلمة وحرفًا حرفًا، ويلغي شخصيته إنما الوحي عمل مشترك، إلهي وإنساني في آن واحد، الله يوحي ويرشد ويعصم بروحه القدوس، والإنسان يُعبّر ويُجسّد المعاني بلغته البشرية، ولذلك يقول نيافة المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف " إنها كلمة الله مهما تغيَّرت العبارة، فلو قلنا مثلًا " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16) بتركيبات أخري لظلت هذه الآية كما نقول " أحب الله العالم إلى درجة أنه بذل ابنه.. " أو غير ذلك الكثير في اللغة العربية أو مئات التعبيرات في اللغات الأخرى.. الوحي قوة تملأ فكر وحس الرسول فينطق به بلغة البشر.. الروح إذًا يضبط الرسول في التعبير " مسوقين" (2 بط 1: 21) ويحفظه من الخطأ ويعصمه من التراث، فتجئ التعبيرات في لغة البشر ولكن الروح هو القوة الفعالة فيها " |
||||
07 - 07 - 2014, 03:13 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
اختلاف ترجمات الكتاب المقدس وألفاظها س15: هل عدم دقة الترجمة أو اختلاف الألفاظ بين الترجمات، في بعض المواقع الكتابيَّة، يعدُّ نوعًا من التحريف؟ ج: أولًا: أود أن أشير إلي مدى صعوبة الترجمة ولا سيما من الأصل العبري: 1 - كُتب الأصل العبري كله على شكل حروف متراصة يفصل بين كل حرف وآخر مسافة شعرة، والكلمة الأخيرة من السطر إذا انتهى السطر ولم تستكمل حروفها تستكمل في بداية السطر التالي. 2 - يلتزم المترجم بأمرين وهما الترجمة الحرفية، ونقل المعني كما يقصده الكاتب، حتى أن المترجمين كانوا يقضون أحيانًا شهرًا كاملًا يبحثون عن معني كلمة معينة، وقد تستغرق ترجمة الكتاب المقدَّس الكامل عشرات السنين. 3 - أمثلة من صعوبة الترجمة:
ثانيًا: جميع الاختلافات في جميع الترجمات لجميع لغات العالم، ولا واحدة منها تؤثر علي أصغر عقيدة إيمانية: لأن أي عقيدة إيمانية لا تُبنى علي آية واحدة، أما اختلاف الألفاظ في الترجمات فهو أمر وارد ومتوقع ومقبول، فلك يا صديقي أن تتصوَّر صفوف المترجمين في أزمان شتى وهم يترجمون من العبرية إلي اللغات المختلفة، فهل تتوقع أن تأتي جميع الترجمات تحمل نفس الألفاظ..؟! ولك أيضًا أن تتصوَّر أحداث العهد الجديد وقد جرت في ظل اللغة الآرامية التي نطق بها السيد المسيح وتلاميذه، بينما تم تسجيل الأحداث باللغة اليونانية، وهذا يعتبر نوعًا من الترجمة، ثم ترجمت من اليونانية إلى معظم لغات ولهجات العالم، مع ملاحظة أن اللغة اليونانية الثرية في التعبير تحمل ألفاظًا لا تجد ما يقابلها في اللغات الأخرى، فيبحث المترجم جاهدًا علي أقرب الألفاظ التي تؤدي لنفس المعني، أو أقرب ما يمكن للمعني، فهل بعد كل هذا تتوقع أن تأتي جميع الترجمات في شتي أنحاء العالم وفي الأزمنة المختلفة تحمل نفس الألفاظ؟! خذ مثلًا عمليًا، لو كلفت عشرين طالبًا بترجمة قطعة من لغة أجنبية إلى لغة محلية، فهل تتوقع منهم أنهم جميعًا يستخدمون ذات المفردات ويتفقون في جميع الألفاظ؟!. كلاَّ لأن المتوقع أن الألفاظ تتفاوت ولكن المعني سيظل واحدًا، ولذلك جاء في الترجمة الإنجليزية R.S.V" يتضح للقارئ المدقق في ترجمتنا عام 1946 م، وترجمة سنة 1881م، 1901م أن تنقيح الترجمة لم يؤثر علي أي عقيدة مسيحية، وذلك لسبب بسيط هو أن الألفاظ والقراءات المختلفة لم تغير في العقيدة المسيحية" (42). بل نقول أن كثير من الألفاظ في نفس اللغة تتطوَّر مع الزمن، ويدخل اللغة مصطلحات لم تكن تُستخدم من قبل، ولك أن تقرأ كتاب كُتب باللغة العربية منذ ثلثمائة عام فقط لتجد صعوبة في بعض الألفاظ، فتتفهمها من سياق الكلام، ولو جاءت منفردة ما كان يمكنك التعرُّف عليها. ثالثًا: إن كانت بعض الترجمات تحمل لنا بعض الكلمات غير الدقيقة، فان هذا لا يمثل مشكلة عويصة لا حل لها: ففي ظل التقدم الذي نعيش فيه نستطيع التوصل بسهولة إلى ترجمات مختلفة وربما في لغات مختلفة، فنستجلي غوامض ما ظهر في ترجمة معينة، أو عدم دقة الألفاظ في آية معينة، ودائمًا علماء الكتاب ينصحون الدارسين بقراءة الأسفار المقدسة بلغتها الأصلية للتمتع بغنى ثراءها، ويقول "د. أميل ماهر اسحق": "الوحي ثابت ومؤكد بالنسبة للأصول المكتوبة بخط مؤلفي الأسفار وحدها، ولا ينطبق (هذا) علي الترجمات.. كما أننا نلاحظ في الترجمات إلى اللغات المختلفة قديمها وحديثها وُجد فيها قصورًا. ولذلك فإننا لا نقول بعصمة الترجمات، وإنما قد يستخدم وجود أكثر من ترجمة في اللغة الواحدة علي اكتشاف ذلك القصور وتفاديه.. وبالرغم من إننا لا نمتلك في الوقت الحاضر الأصول الأولى لأسفار الكتاب المقدَّس، فإننا لدينا عددًا وفيرًا جدًا من المخطوطات القديمة، واقتباسات الآباء باللغات الأصلية، وأيضًا الترجمات القديمة وكلها تساعد علي استعادة النص الأصلي بصورة تكاد تكون كاملة وكافية بالغرض" (43). ونود أن نشير إلى أن محاولات ضبط الخلافات في الترجمات الأساسية مثل السبعينية والسريانية والقبطية.. إلخ. يدخل من صميم عمل مدرسة النقد الأدنى، ويقول "أيريل كيرنز": "قد ساهم النقد الأدنى Lower Criticism في تأكيد درجة الدقة العالية للنص الكتابي الذي بين أيدينا، حتى أننا نستطيع أن نجزم بأننا نملك الكتابات الأصلية لأسفار الكتاب، وتصبح بذلك تعاليم الكتاب وعقائده أقنع من أن تتعرَّض للشك ولو من أكثر النقاد تطرفًا" (44). رابعًا: إمكانية ترجمة الأسفار المقدّسة أمر يُحسب للكتاب المقدَّس وليس عليه، لماذا؟ 1 - لأن الكتاب المقدَّس هو كتاب الله للعالم كله وليس قاصرًا علي شعب بذاته، ولا قَيدْ لغة بذاتها، فإن الله يريد أن الجميع يخلصون والى معرفة الحق يقبلون، فلو افترضنا أن الكتاب المقدَّس لم يسمح الله بترجمته، وعلى من يريد مطالعته أن يتعلم اللغة العبرية واليونانية، وكأنه يستحيل التعامل مع الله إلاَّ من خلال العبرية أو اليونانية. تُرى أية صعوبة كانت ستقف أمام القاعدة العريضة لشعوب العالم أجمع؟!! 2 - لو لم يكن ممكنًا ترجمة الكتاب المقدَّس، فإن هذا وبلا شك، كان سيضع الله في موقف المتحيز لشعب معين، وحاشا لله ذلك. أنه يريد الإنسان وليس اللغة، ولهذا سمح باستخدام أكثر من لغة في تدوين الأسفار المقدسة. بل أن الروح القدس قد قام بترجمة فورية لعظة بطرس الرسول يوم الخمسين إلى لغات مختلفة (أع 20: 7 - 11) والسيد المسيح له المجد قد أوصى كنيسته قبل الصعود قائلًا " أذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15). 3 - ترجمة الكتاب المقدَّس لمعظم لغات العالم، إلى نحو ألفي لغة ولهجة، أدى لانتشار الإيمان في المسكونة كلها، وتحققت نبؤة السيد المسيح " ويُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم" (مت 24: 14) كما قال عن المرأة ساكبة الطيب " الحق أقول لكم حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يُخبر أيضاّ بما فعلته هذه تذكارًا لها" (مت 26: 13). 4 - ترجمة الكتاب المقدَّس أدت لانتشاره منذ العصور الأولي في شتي أنحاء المسكونة، وبذلك أصبحت قضية التحريف التي مازال ينادي بها البعض قضية خاسرة تمامًا، فمن يصدق إنه أمكن جمع جميع النسخ بلا استثناء من على سطح الأرض وما خُفي في باطنها، وتم تحريفه أو حرقه؟!!.. أي عقل يقبل هذا؟!!! |
||||
07 - 07 - 2014, 03:14 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
اختلاف الترجمة بين المزامير وكتاب الأجبية س 16: ما هو السر في اختلاف بعض الألفاظ وبعض الأساليب بين مزامير الأجبية ومثيلتها المدونَّة في الطبعة البيروتية؟ ج: كانت هناك ترجمة لاتينية قديمة لأسفار العهد القديم نقلًا عن الترجمة السبعينية (اليونانية) تمت في منتصف القرن الثاني الميلادي، ولكن أسلوب هذه الترجمة كان صعبًا لعامة الناس، واحتاجت هذه الترجمة إلى تنقيح، فكلف البابا داماسوس القديس إيريناؤس في القرن الرابع بتنقيح هذه الترجمة، وأكبَّ القديس جيروم (إيرونيموس)، علي هذا العمل، وبذل جهدًا كبيرًا في تنقيح سفر التكوين، ذاك الجهد الذي لم يبذله في سفري الخروج واللاويين، ونظرًا لطول الوقت الذي إستغرقه في التنقيح، فكر في عمل ترجمة جديدة من العبرانية لللاتينية، ولا سيما أنه أجاد اللغة العبرانية وخالط اليهود في بيت لحم، فأتم الترجمة خلال الفترة (366 - 384 م) وراعى سهولة ووضوح الأسلوب، حتى دُعيت بالفولجاتا Volgata أي الشعبية أو الشائعة، وقد نالت هذه الترجمة شهرة واسعة رغم أن كنيسة روما رفضت هذه الترجمة وتمسكت بالترجمة اللاتينية القديمة، لأنها مُترجمه من النص اليوناني (الترجمة السبعينية) إلاَّ أن عامة الشعب أقبلوا على الفولجاتا لسهولة ووضوح الأسلوب، وفي أيام البابا غريغوريوس الكبير بابا روما (590 - 640 م) بدأ استعمال الفولجاتا في الكنيسة وفي سنة 1456 م. عندما اخترع "جوتنبرج" أول آله طباعة، طُبعت ترجمة الفولجاتا، فكانت أول كتاب طُبع في العالم كله عقب اختراع آلة الطباعة، وفي سنة 1546 م. أعتمد مجمع ترنت هذه الترجمة. ومن هذه الترجمة تمت ترجمة الطبعة البيروتية العربية المستخدمة حاليًا وقد بدأها " دكتور عالي سميث "الذي وُلِد سنة 1801 م. وذهب إلى بيروت سنة 1827 م. وتعلَّم العربية وأتقنها، وفي سنة 1847 م. بدأ الترجمة مع مجموعة من معاونيه ولا سيما "المعلم بطرس البستاني" الذي كان ضليعًا في اللغتين العربية والعبرية، وقام " الشيخ نصيف اليازجي " بالضبط النحوي، وتمت ترجمة أسفار موسى الخمسة ثم العهد الجديد وبعض النبؤات، طبع منها التكوين والخروج وستة عشر إصحاحًا من إنجيل متى، وتوفي " دكتور عالي سميث " سنة 1854 م. قبل أن يري ثمرة جهوده، فأكمل المسيرة " د. كرنيليوس فان دايك " الذي وُلِد سنة 1818 م. في أمريكا وتعلم الطب ونبغ في اللغات حتى أنه أجاد التكلم بعشرات اللغات قديمة وحديثة، وفي سنة 1839م ذهب إلى بيروت وتعلَّم العربية وأتقنها، وراجع ما تم ترجمته بمعرفة سميث، ثم ترجم بقية الأسفار بمعاونة " الشيخ يوسف الأسير " الأزهري التي ضبط النحو، وانتهت الترجمة في 29 مارس 1865م، ومع هذا ظل "فان دايك" يُنقح في الترجمة مع كل طبعة جديدة حتى انتقاله في 13 نوفمبر سنة 1895م، وهذه الترجمة هي المستخدمة للآن في مصر، أما الأجبية والقطمارس المُستخدم في الكنيسة فهو ترجمة عربية نقلًا عن الترجمة القبطية نقلًا عن الترجمة اليونانية (السبعينية) ومن ثمَّ ظهرت بعض الخلافات في الألفاظ المستخدمة وأحيانًا في صياغة الآيات. |
||||
07 - 07 - 2014, 03:17 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
اللغة العبرية للتوراة كُتِبَت بدون تشكيل، فهل حدث بها تحريف؟ س 17: كُتب العهد القديم باللغة العبرية القديمة بأحرف أبجدية خالية من التشكيل والحروف المتحركة والتنقيط، وإن هذه اللغة خرجت عن الاستعمال الحي في القرن السادس قبل الميلاد، وعندما جاء المازوريون (500 -900م) وضعوا التنقيط والتشكيل. ألا تكون التوراة الحالية قد تعرَّضت للتحريف ولو بدون قصد في بعض مواضعها عن الأصل؟ ج: 1 - لم ينقطع الشعب اليهودي عن قراءة التوراة سواء قبل السبي أو خلال فترة السبي أو بعد العودة منه، ولم يجدوا صعوبة في القراءة، فلا يصح الحكم علي المرحلة قبل استخدام التشكيل والحروف المتحركة والتنقيط بمعيار اليوم، فبالرغم من أنه لم يكن هناك تشكيل ولا تنقيط لكنهم أجادوا القراءة باللغة العبرية، وهذا ما فعله عزرا الكاتب الماهر " وقرأوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا المعني وأفهموهم القراءة" (نح 8: 8) وعندما دخل السيد المسيح له المجد مجمع الناصرة " فدُفع إليه سفر إشعياء ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبًا فيه روح الرب عليَّ" (لو 4: 17 - 20). ويقول "جوش مكدويل": "كانت المخطوطات اليونانية تُكتب بدون فواصل بين الكلمات، بينما كانت النصوص العبرية تُكتب بدون حروف علَّة حتى أضافها المازوريون بين القرن الخامس والقرن العاشر الميلادي. وقد يبدو هذا مُستغربًا بالنسبة للقارئ الحديث، ولكن بالنسبة للقدماء ممن كانوا يتحدثون اليونانية أو العبرية كان هذا أمرًا عاديًا، وكانت الكلمات مفهومة وواضحة، ولم يكن اليهود بحاجة إلى كتابة حروف العلَّة إذ أنهم تعلَّموا لغتهم وتعلَّموا كيف ينطقونها ويفسرونها. كذلك لم يكن لدي الشعوب المتحدثة باليونانية أي مشكلة في قراءة لغتها بدون مسافات فاصلة بين الكلمات" (45). 3 - لم توضع التوراة في ركن مهمل، بل كان يوجد منها مئات النسخ التي انتشرت في طول البلاد وعرضها، وكانت في كل مجمع من مجامع اليهود، وكانت محل اهتمام كل اليهود وموضع دراستهم العميقة. 4 - في مجمع " جامينا " سنة 90 م. تم اعتماد النص العبري الساكن من بين عدة نصوص وترجمات، وهذا دليل علي كفاءة وفاعلية هذا النص، فلو كانت ثمة مشاكل تتعلق بالنص، ما كان هذا المجمع التاريخي الهام أكد علي أهمية هذا النص. 5 - بدأ المازوريون عملهم نحو سنة 500 م، فأنتجوا لنا النص المازوري، وكلمة " مازوري " مشتقة من لفظة " مازورا " أي تقليد، وبذلك وضع المازوريون الصيغة التقليدية لقراءة التوراة، فعندما بدأ المازوريون عملهم كان أمامهم النص العبري، وكان أمامهم ترجمات مختلفة تمثل الترجمات اليونانية ومنها السبعينية التي ترجع للقرن الثالث قبل الميلاد، وترجمة أكويلا، وترجمة سيماخوس وترجمة ثيودوسيون، وترجع للقرن الثاني الميلادي، والترجمات السريانية مثل " البشيتا " أي البسيطة أو الدارجة أو العامة التي تمت في القرن الأول الميلادي. وهذه الفرص لم تتوافر قط لأي كتاب آخر فمثلًا معروف أن التنقيط في اللغة العربية، وهي إحدى اللغات السامية، لم يتم إلاَّ في القرن الثامن الميلادي، فمثلًا الكتاب الذي كُتب في القرن السابع الميلادي قبل ظهور التنقيط بنحو مائة وخمسين عامًا، لم تتوافر له الفرص التي توفرت للكتاب المقدَّس، فلم يكن له ترجمات مختلفة، ولذلك كانت مشكلة التنقيط أصعب كثيرًا من مثيلها في كتابنا المقدَّس (راجع كتابنا: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها ج5 ص33 - 37). |
||||
07 - 07 - 2014, 03:19 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
هل فقدان نسخ أصلية من الأسفار المقدسة يعني اختلافها عن الحالية؟ س 18: مادامت النسخ الأصلية للأسفار المقدسة قد فقدت، من يضمن لنا أن النُسخ التي بين أيدينا مطابقة للأصل؟ ج: 1 - بداية، دعنا يا صديقي نطرح هذا السؤال: لماذا سمح الله باختفاء النسخ الأصلية للأسفار المقدسة؟
2 - نحن لا نُقدّس الجلود والرقوق وأوراق البردي التي كُتبت عليها الأسفار المقدَّسة، لكننا نُقدّس كلمة الله المكتوبة على هذه المواد. 3 - النُسخ الأصلية نُقلت منها عدة مخطوطات بطريقة في منتهي الدقة، وهذه المخطوطات تمثل الجيل التالي، وهذه بدورها نُقل منها عدد أكبر من المخطوطات، فهي تمثل الجيل الثالث، وهلم جرا.. فمثلًا لو أن النسخة الأصلية لسفر معين نسخ منها 20 نسخة (الجيل الثاني) وهذه النسخ العشرين نُسخ منها مائة نسخة (الجيل الثالث) وبما أن النُسخ المائة متطابقة تمامًا فهذا دليل ثابت علي أن النُسخ العشرين (الجيل الثاني) مطابقة تمامًا للأصول، فكم وكم عندما نجد آلاف المخطوطات التي يتم اكتشافها في مناطق جغرافية مختلفة وترجع لتواريخ مختلفة وجميعها متطابقة. أليس هذا دليلًا علي تطابق ما بين أيدينا للأصول الأولي؟ 4 - هل يتصوَّر البعض أننا يجب أن نرفض الكتاب المقدَّس أنفاس الله بحجة عدم وجود النسخة الأصلية؟! وهل يمكن أن نتعامل مع التراث الفكري بهذا المنطق المريض؟! ولو فعلنا هذا، ألاَّ نصبح شعبًا بلا تاريخ ولا تراث ولا قيم؟! إن كنا نقبل كتابات قدامي الفلاسفة والمفكرين والمؤرخين، مثل هيروديت، وأفلاطون، وأرسطو، وتاسيتوس، رغم أن أقدم النُسخ التي نمتلكها لكتاباتهم ترجع لتاريخ متأخر عن تاريخ موتهم بمئات السنين، فمثلًا أقدم نُسخة لدينا من عدد مائة نُسخة لكتابات سوفوكليس (496 - 406 ق.م) ترجع إلى سنة 1000م، أي بفارق زمني 1400 سنة، وأقدم نسخة لدينا من عدد ثمان نسخ لكتابات هيروديت (480 - 425 ق. م) ترجع إلى سنة 900 م. بفارق زمني أكثر من 1300 سنة، وأقدم نُسخة لدينا من عدد خمس نسخ لكتابات أرسطو (384 - 322 ق.م) ترجع إلى سنة 1100 م. أي بفارق زمني نحو 1400 سنة، وأقدم نُسخة لدينا من عدد عشرين نسخة لكتاب الحوليات لتاسيتوس الروماني (حتى سنة 100م) ترجع إلى سنة 1100 م. أي بفارق زمني 1000 سنة، وهكذا (راجع جوش مكدويل - برهان جديد يتطلب قرارًا ص 60 وفي طبعة 2004 م. ص80، 81) فإن كنا نثق في كتابات وأفكار هؤلاء الفلاسفة والمؤرخين، فكيف لا نثق في المخطوطات القديمة مثل مخطوطات وادي قمران الخاصة بأسفار العهد القديم، والتي لا يفصلها عن النُسخ الأصلية سوى مدى زمني قليل؟! فقد كانت اكتشافات منطقة قمران من أعظم اكتشافات القرن العشرين حيث تم اكتشاف كم هائل من أسفار العهد القديم، وقد بيع عدد كبير منها للجامعة العبرية في إسرائيل بمائتين وخمسين ألف دولار فحفظت في معرض بُني خصيصًا لها علي شكل أحد الجرار التي وُجدت بها اللفائف، وترجع أهمية كنوز قمران إلى أنها قرَّبتنا للأصول بنحو ألف عام. كيف؟ كانت أقدم المخطوطات لدينا قبل هذا الاكتشاف يرجع تاريخها للقرن التاسع الميلادي، أما مخطوطات قمران فقد عادت بنا إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وبعضها يرجع لتاريخ أقدم، وكم سعد علماء الكتاب بأعظم اكتشافات العصر الحديث، ولا سيما عندما قارنوا هذه المخطوطات بما بين أيدينا الآن، فشكروا النُسَّاخ العظماء الأتقياء المجهولين على مدى دقتهم (راجع كتابنا: كنز قمران). ويقول "بول ليتل " عن اكتشافات وادي قمران " فوائد هذه اللفائف: أكدت دقة 1000 سنة من التسجيل والتاريخ العبري أي من 200 ق.م وحتى 916 م.. يمكن بسهولة رؤية مدى أهمية هذه الاكتشاف، بالنسبة لهؤلاء الذين يتساءلون عن مدى دقة نص العهد القديم. في ضربة واحدة مثيرة تحققت في أن هذا الاكتشاف جعلنا نرجع إلى الوراء حوالي ألف سنة، مما أغلق الفجوة في الزمن بين المخطوطات التي لدينا الآن وبين المخطوطات القديمة. هذا الأمر يشبه لو أنك علمت أن اللوحة التي تملكها لا ترجع إلى 200 عام بل 1000 عام. إن المقارنة بين لفائف البحر الميت وبين النص الماسوري نتج عنه اكتشاف مدى الدقة الهائلة في عملية نسخ المخطوطات والنسخ" (46). أما مخطوطات العهد الجديد فما أكثرها، وما أقربها للأصول، ويقول "بول ليتل": "لقد كُتب العهد الجديد في الأصل باللغة اليونانية، وأخر الأرقام المعروفة الآن للمخطوطات بلغت 5500، بعضها نُسخ كاملة والبعض الآخر مجرد شظايا صغيرة، وواحدة من هذه الشظايا قد تم تحديد تاريخها في زمان مبكر جدًا بين كل القطع المعروفة، وهي تحمل جزءًا من إنجيل يوحنا 18 وبها 5 آيات وحيث أن هذه القطعة الصغيرة جاءت من مصر وقد تم نسخها وتداولها من بطمس بآسيا الصغرى، حيث تم نفي الرسول يوحنا، فقد قدَّر مجموعة من الباحثين زمن كتابتها إلى حوالي 90 -100م " (47). وقال " ف. هورت": "إن هذه الكثرة من مخطوطات العهد الجديد والتي يعود الكثير منها إلى العصور الأولي، التي تكاد تتصل بتاريخ كتابة النص الأصلي، تجعل نص العهد الجديد يقف فريدًا بين الكتابات الكلاسيكية القديمة ولا تدانيه في ذلك أي كتابات أخري" (48). وقال " فريدريك كينون " وهو عالم شهير في علم المخطوطات " الفترة الفاصلة بين تواريخ الكتابة الأصلية وأقدم الأدلة (المخطوطات) تصير صغيرة للغاية حتى يمكن القول أنها تافهة.. ويمكن الآن أن نعتبر أننا قد تثبتنا تمامًا من أصالة نصوص أسفار العهد الجديد وكذلك سلامتها عمومًا" (49). 5 - لو كانت النُسخ الأصلية بين أيدينا، لشكَّك النُقَّاد فيها وقالوا: ومن يدرينا أن هذه النُسخ هي النُسخ الأصلية؟! إن فقدان النُسخ الأصلية التي انتشرت نُسخ منها وملأت العالم تظل تحتفظ بذات قوتها وعظمتها وعصمتها، أنظر إلى وثيقة تحرير العبيد التي حرَّرها "آبراهام لينكولن" في أول يناير سنة 1863، ثم التهمتها النيران في حريق ضخم شبَّ في شيكاغو سنة 1871م أي بعد كتابتها بنحو ثمان سنوات، فهل تجرأ احد ملاك العبيد، وأعاد عبيده، بحجة أن أصل الوثيقة قد التهمتها النيران؟!! 6 - يقول "جوش مكدويل": "وفرة النُسخ المختلفة مع الاكتشافات الأثرية، والملاحظات والتعليقات علي النصوص، والأدوات الأخرى، ساعدتنا جميعًا علي أن تكون هناك قناعة داخلنا تؤكد أن الترجمات التي بين أيدينا دقيقة وتمثل كلمة الله المعصومة. قال "جودريك": أنت تستطيع أن تثق في الكتاب الذي بين يديك لأنه هو كلمة الله المعصومة، فالسهو الذي لحق بنسخ ونقل الكتاب بسيط للغاية، وتمت السيطرة عليه، ويتلاشى. ولذلك أقول مطمئنًا أن الكتاب المقدَّس الحالي موثوق به (Goodrick. IMBIWG. 113) |
||||
07 - 07 - 2014, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب مفهوم الوحي والعصمة في الكتاب المقدس - أ. حلمي القمص يعقوب
كيفية التعامل مع الصعوبات التي قد تواجهنا في الكتاب المقدس س 19: كيف نتعامل مع الصعوبات التي تواجهنا في الكتاب المقدَّس؟ وما هو موقفنا تجاه الذين يهاجمون الكتاب؟ ج: 1 - عندما نواجه معضلة في الكتاب المقدَّس لا نحتد ولا نشك في وحي الكتاب وعصمته، بل نعطي أنفسنا فرصة للدراسة والتأمل والصلاة، لكيما يفك لنا الروح القدس الختوم، وما أجمل طلبة معلمنا بولس الرسول من اجل تلميذه تيموثاوس " افهم ما أقول فليعطك الرب فهمًا في كل شئ" (2 تي 2: 7) وما أجمل قول "الشهيد يوستين": "إذا بدا أن هناك نصوصًا تتعارض مع أخري في الكتاب المقدَّس، فالأفضل أن أعترف أنني لم أفهم جيدًا ما هو مكتوب" (51). وقال " القديس أغسطينوس": "إن مؤلفات الكتب المقدَّسة هذه التي تُعرف بالقانونية هي فقط التي تعلمتُ أن أعطيها انتباهًا واحتراما كاعتقادي الجازم بأنه ليس هناك أحد من كتابها قد أخطأ. فعندما ألتقي في هذه الكتب بدعوة تبدو مناقضة للحقيقة، فإنني عندئذ لا أشك في أن.. المُترجم لم يُترجم النص الأصلي بشكل صحيح، أو أن مقدرتي علي الفهم تتسم بالضعف" (52). 2 - هناك أمور كانت تعتبر فيما مضي معضلات، وكانت محط نقد النُقَّاد لسنوات عديدة وأجيال طويلة، ولكن مع الوقت انكشفت الحقيقة وتأكد الجميع من صدقها، فمثلًا النبؤات التي وردت وتفوق الخيال من كان يصدقها؟! عذراء تحبل وتلد (اش 7: 14) والمولود هو إله قدير (اش 9: 6)..؟! وتخرب مدينة بابل سيدة مدن الأرض ولا تُبنىَ ثانية..؟! والعناصر تنحل (2 بط 3: 10، 11)؟!. ويقول اللاهوتي " و. أ. كريسويل " في عام 1861م " نشرت الأكاديمية الفرنسية للعلوم كتيبًا صغيرًا وضعوا فيه 51 حقيقة علمية تتعارض مع كلمة الله. واليوم لا يوجد عالِم واحد في العالم يعتقد بحقيقة واحدة من هذه الحقائق المزعومة التي ظهرت عام 1861م، ولا واحدة" (53). يقول "بول ليتل " أن " الدليل قد أثبت الدقة الإجمالية للنصوص الكتابية برغم النسخ من نُسخة لأخرى عبر مرور الزمن.. وذلك نتيجة للعناية الفائقة التي كان النُساخ يمنحونها لكل نسخة. بمقارنة هذه الآلاف من الوثائق الكتابية، هناك بعض المشكلات تبدو حتى الآن غير قابلة للتفسير. يمكننا أن نعترف بذلك بلا خوف، متذكرين أوقاتًا عديدة في الماضي عندما تم حل العديد من المتناقضات المحتملة في النص حينما توافرت المزيد من المعلومات. ولذلك فان الموقف المنطقي الذي علينا اتخاذه هو: أنه عندما تكون هناك مناطق تبدو متناقضة يجب إرجاء المشكلة قليلًا" (54). يقول "جوش مكدويل": "مثل هذه التناقضات المدُعاة ليست جديدة، لقد عُرفت بواسطة دارسي الكتب المقدَّسة خلال القرون الماضية.. فالكتاب يقف صامدًا، وهناك الكثير من المشاكل تنكشف أكثر مما كان حادث منذ قرون مضت، وهناك اكتشافات في البحر الميت، والسامرة، ونجع حمادي، ومؤخرًا في إبلا، تعطي أدلة قوية للمواقف التي يتمسك بها اللاهوتيون لزمن طويل" (55). 3 - عندما تواجهنا مشكلة من مشكلات الكتاب المقدس علينا مراعاة الأمور الآتية:
4 - ليس معني وجود خلافات بين الكتاب المقدَّس وآراء بعض النُقَّاد، أن هؤلاء النُقَّاد هم على حق والكتاب هو الخطأ، فطالما اختلف النُقَّاد فيما بينهم، ولذلك يجب الثقة الكاملة في عصمة الكتاب المقدَّس. 5 - بالنسبة لموقفنا من النُقَّاد الذين يهاجمون الكتاب المقدَّس فإنهم يناطحون الصخر، ونحن نصلي لكيما يفتح الله أذهان عقولهم، وينير بصيرتهم، فيعرفون الحق والحق يحررهم،لا نعطي أذانًا صاغية لافتراءاتهم واستهزاءاتهم. إنما نلتفت إلى انتقاداتهم الموضوعية، ونضعها محل الدراسة، واثقين بنعمة المسيح أن لكل سؤال في الكتاب إجابة، شاكرين هؤلاء النُقَّاد بلسان القديس أغسطينوس الذي شكر الهراطقة الذين أعطونا فرصة الدراسة والبحث. وتعدَّ سلسلة " ملف مفتوح " التي تبحث في أفكار وتساؤلات مدارس النقد والتشكيك والرد عليها محاولة متواضعة لسد العجز في الرد علي النقد الكتابي في كنيستنا القبطية، فأرجوك يا صديقي أن توآزرني بصلواتك ومشاركتك العمل معنا من أجل استكمال هذه السلسلة. ولإلهنا المجد الدائم إلي الأبد آمين الإسكندرية في 30 أغسطس سنة 2009 م. |
||||
|