رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الآباء والمعاصرة لقد تميَّز الآباء بسمة غاية في الأهميّة؛ إنّها ما يمكن أن نطلق عليه الآن: “المعاصرة”. فلم يكن الآباء مُتغرِّبين عن عصرهم وما يحدث فيه، كما لم تستهلكهم قضايا العصر ومشاكله لتنحدر بهم إلى أسفل. بل ولقد استبق الكُتّاب المسيحيين الأوائل عصورهم بطرح قضايا لم تكن موضوع بحث في تلك الأزمنة؛ مثل الإجهاض، الذي تناوله أثيناغورس في دفاعه الخامس والثلاثين مؤكِّدًا على حقّ الجنين في الحياة، مؤثًمًا مَنْ يستخدم عقاقير الإجهاض. لقد كتب الآباء عن الزواج، البتوليّة، الحياة المسيحيّة، الأغنياء، المرأة، العدل، الحياة السعيدة، الأخلاقيّات، وحريّة الإرادة.. كما كتب القديس يوحنّا الذهبيّ الفم عن المسارح والأزياء وعلاقتها بالأخلاق المسيحيّة. لذا يمكننا القول إنّ الآباء لم يألُ جهدًا في تناول أي من المواضيع التي مسّت مسيحيي عصورهم. لقد خرج معظم الآباء إلى البراري ليتنقّوا من مجاذبات العالم المادي، وحينها استطاعوا أن يفهموا مأساة الإنسان المعاصر آنذاك، واستطاعوا أن يستشعروا مكمن الخطر وكيفيّة مجابهته. لذا فإنّ من المخاطر التي تحيق بنا اليوم هو انقسامنا إلى قسمين؛ الأوَّل لا يرى في الآباء سوى إرثٍ بالٍ من عصورٍ غابرة يجب أن نعبر عليه كما يعبر الزائر على القطع الفنيّة والأثريّة في المتاحف ليبدي إعجابه ثم ينتقل إلى قطعة أخرى. والثاني يرجع به الحنين إلى الماضي فيصير مُتغرِّبًا عن عصره وقضاياه وإشكالياته، فيصبح حديثه وكأنّه حديث الذكريات التي لا تُعالِج واقع الإنسان المعاصر. لقد كتب القمُّص تادرس يعقوب ملطي في مؤلّفه “المدخل إلى علم الباترولوجي، بدء الأدب المسيحي الآبائي. الآباء الرسوليون” قائلاً: “لم تكن أقوال الآباء وسِّيَرهم ورسائلهم وفكرهم يُمثِّل تُراثًا ثمينًا يُوضَع في بطون الكُتُب أو يُحفَظ في خزائن المتاحف والجامعات ليكون مادّة لدراسات فلسفيّة نظريّة، إنّما كان إنجيلاً عمليًّا حيًّا تخطُّه الأجيال بالروح القدس، شهادة لديمومة عمل الله الخلاصي المُستمر في كلّ جيل. هكذا اعتزّ الآباء بتراث السابقين لهم لا بكونه أدبًا روحيًّا لأجيال ماضية، وإنّما بكونه مُمثِّلاً لحاضرٍ حيّ وحياة واقعيّة صادقة عاملة في الكنيسة”. لذا من الضروري بمكانٍ أنْ نُدرِك أن بحثنا في كنوز الآباء لا ينفصل عن وعينا بواقعنا المعاصر، وما نستلهمه من الآباء نُقَوْلِبه في لُغة العصر لنُصِّدر خطابًا يُعبِّر عن الكنيسة التي تحمل في جعبتها جددًا وعتقاء. يجب علينا أن نجمع ما بين المنظوريْن؛ التراثي والمعاصر، وأن نكون على استعداد للتجدُّد والمغامرة في التلامس مع إشكاليات العصر دون أن نقطع الخيط الذي يصلنا بهوّيتنا الإيمانيّة. ولكن، هل عالج الآباء إشكاليات إنساننا المعاصر مثل؛ ثقافة الاستهلاك، تحديات الثورة الصناعيّة، الإلحاد السلبي، السطوة الإعلاميّة، التغيّرات السياسيّة، القضايا الحقوقيّة، الموازنات بين قيم التسامح والتغيُّر المجتمعي من خلال ثورات سلميّة لتفعيل الديموقراطيّة، عِلم الأجنّة، نقل الأعضاء، قيم الحداثة، التعدديّة الدينيّة والتعايش المشترك في قالب المواطنة، الهجرة، العولمة، عمالة الأطفال، التغيُّرات المناخيّة والاحتباس الحراري.. لا أستطيع الادّعاء بأني قرأت كتابات الآباء جُملةً، لأجيب على هذا التساؤل، ولكني أعتقد أنّ تلك التحديّات هي وليدة ظرف تاريخي ومجتمعي وثقافي معاصر، وبالتالي لم تكن تحديّات في العصور الأولى للمسيحيّة، لذا أستبعد أن يكون الآباء تناولوا تلك الأمور بشكل مباشر. هنا ونستشرف دور الكنيسة المعاصر كامتداد طبيعي للآباء؛ منهم تأخذ خيط الإيمان لتحيك به إجابات لتساؤل الإنسان المسيحي المعاصر؛ إجابات ناتجة عن وعي عام؛ كتابي آبائي ليتورجي مُخلَّط في بوتقة الصلاة والتلامس مع الواقع، مع الأخذ في الاعتبار أن الأجوبة هي نتاج كنيسة ومجامع وصلوات ودراسات. لذا فالآبائي ليس هو المتفقّه في نصوص وتواريخ الآباء، ولكنّه السائر على خُطاهم، المُحاكي سيرتهم، الواعي بدوره المعاصر، المنفتح على قضايا وإشكاليات مجتمعه. ومن التحديات التي تواجه مَنْ هم معنيون بالشأن الآبائي، سؤالٌ يفرض نفسه دائمًا: كيف نُحوِّل كلمات الآباء وتعبيراتهم وأفكارهم إلى لُغة حيّة معاصرة تجري على ألسنة عموم المسيحيين وبالأخص الشباب؟ كما يلوح في الأفق تساؤل أخر؛ كيف نستعيد لُغة التواصل مع الآباء في عصرٍ نحتاج فيه لتنمية وعينا بإعادة قراءة الماضي، وإن كان في التقليد ليس هناك ماضٍ وحاضر، بل إيمان حيّ ممتد فاعل في جسد المسيح؛ الكنيسة؟؟ لعلّ اهتمام بعض الشباب المنقوص بدور آباء الكنيسة قد يرجع إلى عدّة أمور منها؛ أنّ قيم الحداثة والليبراليّة الفكريّة قد طالت عقول البعض في فهمهم للكتاب المُقدَّس وبالتالي في فَهْم الإيمان المسيحي. وتحوَّل البعض إلى تقييم النصّ الكتابي بمقاييس النصّ الأدبي وتخلَّق ما يُسمّى بالنقد الكتابي، ودار الجميع في دائرة النصوص والحرف وتناسوا أنّ الإيمان معني بالروح، وأنّ الحرف في المسيحيّة هو ما دوّنته الكنيسة نتيجة ضرورات وتحديّات واجهتها لنقل خبر الإيمان كما هو. إنّ تلك القيم والأفكار المعاصرة تدفع الإنسان ليكون فكره هو مركز انطلاقه مُخضعًا كلّ شيء للشك حتّى يظهر عكس ذلك، وهو ما يفيد العالم ولكنّه يتيه الروح. من هنا تشكَّك الفكر الليبرالي في الآباء لا لشيء إلاّ لأنّهم قادمون بقناعات الماضي التي يتوجّس منها الفكر اللّيبرالي. ولقد تزامن عصر النهضة مع خروج حركات الإصلاح البروتستانتيّة أدّى إلى ما يمكن أن نطلق عليه “تحالف ضدّ الماضي” ولأنّ الكنيسة الكاثوليكيّة في العصور الوسطَى قد استخدمت بعض النصوص الآبائيّة في سياقات مختلفة لخدمة مصالح زمنيّة، تولّد شعور باطني برفض التقليد الآبائي جُملةً، وظهر هذا الشعور على السطح من تنامي دور حركات الإصلاح في المجتمعات الغربيّة بعد ذلك. إنّ من العوامل التي تخلِّق حراكًا آبائيًّا: الكرازة. فالكرازة تُحفِّز البحث في كنوز التراث الذاتي للكنيسة، وتلك الكنوز بدورها تُثري الكرازة وتعطيها فعاليّة طالما هي موجَّهة بالحكمة الإلهيّة العاملة في قلب الدارس والكارز معًا، وما أحوج العالم الآن إلى مَنْ ينتشله من تضارب الأفكار التي تتقاذفه في بحارٍ دونما ضياء. ومن الجدير بالذكر أنّ القديس إيريناؤس أُرسِل للكرازة في بلاد الغال (فرنسا حاليًا)، وقد تعلّم لغتهم حتّى يستطيع أن ينشر الإنجيل في تلك المناطق الوثنيّة آنذاك. إنّنا لم نأخذ الروح القدس لكي نعيش منكمشين بالجبن، بل لكي نتكلّم بجسارة القديس يوحنّا الذهبي الفم “يستحيل على المرء أن يبدأ في تعلُّم ما يعتقد أنّه على علمٍ به”، تلك هي كلمات إبكتيتوس، والتي يضع بها أهم وأوَّل الخطوات التي يجب أن نخطوها على طريق المعرفة، وهي أنّنا لا نعلم شيئًا بعد. لقد طلب البروفيسور جورج هنري من طلبة معهد برينستون اللاّهوتي أن يذهبوا للمكتبة ويقفوا أمام مجموعة “نصوص آباء ما قبل نيقيه / نيقيه وما بعد نيقيه”، فقط لكي يتّضعوا. إذ وجدوا أنفسهم أمام 38 مجلّدًا من الحجم الكبير من الكتابات المُتخصّصة لنفرٍ قليل من الآباء، ولا أعلم ماذا سيكون شعورهم إذا وقفوا أمام مجموعة مين Migne والمؤلّفة من 382 مجلَّد من النصوص اليونانيّة واللاّتينيّة؟! فلكي نفهم فكر الآباء يجب أن نُنحِّي جانبًا كبرياءنا الذاتي واعتماديتنا على خبراتنا الشخصيّة وفهمنا الأحادي للأمور. فالمسيحيّة كما عاشها الآباء في ملئها، ليست كما يحياها الكثيرون الآن. إنّ المسيحيّة عند الآباء كانت هي الوصول إلى حالة « إنسانٍ كاملٍ » (أف4: 13)، فهي لم تكن نمطًا سلوكيًّا مستقلاًّ عن دعوة عليا وغاية إسخاطولوجيّة تجتذبهم على الدوام. فالاكتمال في الثالوث كان قوّة الجذب العليا لكيانهم الذاتي (الشخصي) والجمعي (الكنسي) على حدٍّ سواء. لذا رأى القديس غريغوريوس النيسي أنّ المسيحيّة هي العودة بالإنسان التائه إلى الفردوس المفقود من خلال تلك الإمكانيّة الهائلة التي تركها الله في دواخلنا؛ وهي الصورة الإلهيّة. إنّ نمو النزعة الماديّة المعاصرة كان له دور كبير في الانصراف عن الآباء الذين كانوا رمزًا للتجرُّد الإنجيلي في أبهَى صوره. ففي العصور الأولى كان الجميع منشغلاً بالإيمان لا بلقمة العيش. وللقديس غريغوريوس النيسي فقرة مشهورة في مقاله عن “لاهوت الابن” يُوضّح فيها مدَى شغف رجل الشارع العادي، في عصره، بمعرفة نتائج السجال اللاّهوتي السائد آنذاك؛ فالخبّاز بدل من أن يطلب منك المال، يتساءل عن طبيعة المولود وغير المولود، وهل الابن مساوٍ للآب، أو أدنى منه، في حين أن ما تحاول أن تعرفه منه، هو فقط ثمن الخبز!! ويرى بونيفاس رمزي Boniface Ramsey في كتابه “البداية لقراءة الآباء” أنّ ذلك كان بسبب “الشغف بالحوارات الفكريّة والتي كانت جزءًا من النسيج الثقافي لمجتمعات البحر المتوسِّط آنذاك، ولكن أولاً وقبل كلّ شيء، كان ذلك نتيجة انشغالهم العميق بالخلاص”. ويضيف: “إنّ كلمات مثل الهوموؤسيوس (المساواة في الجوهر) والفيسيس (الطبيعة) والهيبوستاسيس (الأقنوم) لم تكن كلمات تقنيّة في القرن الرابع فقد كانت بمثابة العُملة اللُّغويّة السائدة آنذاك، ولكنّها وصلت إلينا اليوم في إطار تقني يحتاج للكثير من الشرح والتفصيل”. إنّ هناك علاقة طرديّة دائمًا بين الأدب والحياة؛ فكلّما كانت الحياة عميقة جادّة مُهدّفة مُتحرِّكة كان الأدب المُعبِّر عنها جادًّا عميقًا قوي التأثير، وكلما هزلت الحياة وتسطّحت تسطّح معها الأدب وهزُل وانحطّ. لذا فإنّ كتابات الآباء كانت تعبيرًا عن حياة ديناميكيّة فاعلة في مجتمعات ديناميكيّة متفاعلة، فكانت كلماتهم تحمل بحارًا من المعاني لا تُستنفذ لأنّها مأخوذة من كلمات وحياة المسيح بلامحدوديّتها. ولا سبيل لفهم كلمات الآباء دون العودة إلى الفطريّة الإيمانيّة والروحيّة قبل دخول تيار الأهواء، والمآرب الفرديّة الشخصيّة الضيّقة. ولعلّ ظهور تيار أدبي في عصرٍ ما يقترن بردّة فعل داخلية تُترجَم كلمات وعبارات وصياغات. كانت ردّة فعل الآباء هي نتاج معاينتهم للثالوث وتلامسهم اليومي مع حركة الروح الذي يُفجِّر في دواخلهم جدّة الحياة. لذا لم تكن كتابات الآباء هي أطروحات فكريّة مُجرّدة لتزجية الفراغ، ولكنّها كانت رسالة يدفع بها الروح عبر أفواههم وأقلامهم إلى كلّ العالم. إنّ الأدبيات المعاصرة هي أدبيات قصيرة تذهب مباشرة للحدث المراد إيصاله للقارئ دونما استرسال في الشرح. وهذا الاسترسال هو أحد السمات الأدبيّة لنصوص الآباء في معظمها، كما أظهرت بعض الدراسات التي طرحت تساؤلات على الشباب عن سبب انصرافهم عن الآباء؛ فكان الاسترسال في الشرح أحد العوامل. ولعلّ الاسترسال الذي يلحظه القارئ المعاصر لكتابات الآباء ناتج عن كون معظم تلك النصوص هي نتاج عظات ألقوها من على المنابر، ثم نقلوها مدوَّنة كما هي دونما تعديل. كما أنّ الآباء، كما يقول جون س. هيدلي John C. Hedley: “لم يكتبوا مختصرات، فلقد بحثوا في النصوص الكتابيّة، وقارنوا بين الشهادات المختلفة، واختبروا التقليد، وواجهوا التعاليم الخاطئة”. على صعيدٍ آخر؛ إنّ عامل اللُّغة يمثِّل عائقًا لمَنْ يريد أن ينمّي معارفه الآبائيّة. فحينما كتب الآباء استخدموا اللُّغة اليونانيّة (الآباء الشرقيين) تلك التي كانت أنسب وعاء للتعليم المسيحي، فهي تتفرّد بكونها تحمل اتّزانًا مدهشًا بين الفعل والفكر في مفرداتها وتعبيراتها. إنّ اللُّغات المختلفة وإن كانت تعطي معنىً دقيقًا، إلاّ أنها تفتقر إلى حِسّ الكلمة ووقعها على الآذان وترجمتها إلى معانٍ جزئيّة. من أمثلة ذلك: كلمة لوجوس Λογος المحوريّة في تعليم الكتاب المُقدَّس ومن ثمّ الآباء، عن المسيح، والتي تُتَرجَم في العربيّة إلى “كلمة”، وفي الإنجليزيّة إلى “Word”. إنّ تلك الكلمة لها مخزون في الثقافة اليونانيّة القديمة يبزغ حينما يلفظها المرء، بينما تبقَى كلمة ذات وقعٍ نمطي على الذهن العربي أو الغربي المعاصريْن، وذلك لتوقُّف ذلك الامتداد الثقافي والمعرفي لمدلولات الكلمة قبل المسيحيّة. إنّ اللّهجة اليونانيّة التي كتب بها الآباء هي لهجة الكيني Koine وهي الحلقة الرابعة من حلقات تطوُّر اللُّغة اليونانيّة، إذ أنّ هناك ست حلقات في تطوُّر اللُّغة اليونانيّة وهي؛ اليونانيّة الأوليّة Proto-Greek، الميسينيّة Mycenaean (1600-1100 ق م)، اليونانيّة القديمة Ancient Greek (800-330 ق م)، الكيني Koine (330 ق م - 330 م)، يوناني العصور الوسطى Medieval Greek (330-1453م)، اليوناني الحديث Modern Greek (1453م - وحتّى الآن). ولهجة الكيني هي بحسب معنَى الكلمة؛ اللّهجة العامّة، ومن مسمياتها أيضًا: اللّهجة السكندريّة، الآبائيّة، الهلّلينيّة، المقدونيّة، أو لهجة العهد الجديد. إنّها بمثابة اللّسان العالمي الذي كان يتقنه العالم القديم. ومن الجدير بالذكر أنّها نشأت أول ما نشأت في أروقة جيوش الإسكندر الأكبر، وتحت قيادة مقدونيوس والذي استعمر العالم المعروف آنذاك، ممّا خلّق احتياجًا للّغة عامة لكلّ رعايا الإسكندر في كلّ مكان. لهجة الكيني مُشتقّة من الأتيكيّة attic (نسبة إلى منطقة أتيكا الجنوبيّة في اليونان والتي كانت تضم أثينا) ومُطعَّمة ببعض العناصر من اللّهجة الأيونيّة ionic (نسبة إلى الأيونيين وهم الأربع قبائل الرئيسيّة التي خرج منها اليونان) حسبما أعلن عالم اللُّغويات اليوناني الشهير هاتزيداكس G.N. Hatzidakis. أخيرًا، يمكن أن نُجمِل الأسباب التي دعت قطاعًا كبيرًا من الشباب المعاصر لينصرف عن الآباء في النقاط التالية:
|
28 - 06 - 2014, 06:31 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الآباء والمعاصرة
ربنا يعوض تعب خدمتك |
||||
28 - 06 - 2014, 07:49 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الآباء والمعاصرة
شكرا على المرور
|
||||
|