رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فضل الله الدمرداشي أ. التعريف بشخصيته: على الرغم من أن كاتب الحاشية لم يذكر معلومات كثيرة عن شخصية "الدمرداشي"، إلا أننا من الممكن أن نستنتج من خلال مجمل الحاشية والمعلومات المشابهة التي جادت بها علينا كتب تاريخ الكنيسة المختلفة التي ذكرت هذه القصة "دون ذكر اسم الدمرداشي"، نستطيع تحديد موطنه بأنه كان من بلدة "الريدانية"، التي كانت بؤرة ثورة أقباط الوجه البحري ضد البابا مرقص الخامس الـ98 (1602-1619م)[46]. ب. علاقته بالبابا مرقص الخامس: ذكرت كتب تاريخ الكنيسة القبطية المختلفة[47]، خبر تعرض البابا مرقص الخامس لاضطهاد عنيف من أقباط الوجه البحري، ووصل الأمر إلى أنهم شكوه للوالي الذي عزله عن منصبه وأمر بحبسه في برج الإسكندرية، بل وسعوا لدى الوالي أيضًا في أمر تعيين بابا جديد، فصرح لهم بذلك فرسموا راهب من بلدة البياضية -وهى مسقط رأس البابا مرقص الخامس أيضًا- بطريركًا جديدًا، وقد انفرد كل كتاب من كتب التاريخ بسرد تفاصيل أكثر عن هذه القصة -كما سوف نأتى بالشرح- ولكن أحدًا منهم لم يذكر اسم الشخص الذي شهد على البابا بالزور عند الوالي، ومن هنا تأتى أهمية هذه الحاشية التي ذكرت بوضوح اسم الشخص الذي قبل على نفسه أن يتقمص دور يهوذا من جديد ضد البابا البطريرك، وكذلك جاءت الحاشية بلائحة التُهم التي نسبها "الدمرداشي" ضد البابا أمام الوالي محمد باشا. كما أن ثمة فائدة أخرى نجنيها من هذه الحاشية، هي أنها أتت على ذكر نهاية "الدمرادشي" بأنه "تبرص في عصره" أي أنه أصيب بمرض البرص في عهد البابا مرقص الخامس، "ومات تحت الحروم" أي مات قبل أن يتوب ويعتذر للبابا البطريرك، أي أنه مات قبل نياحة البابا، أي قبل سنة 1619م، الأمر الذي لم يذكره باقي المؤرخين أيضًا. ج. أسباب ثورة أقباط الوجه البحري حسب رأى المؤرخين: ذكر المؤرخ القبطي المرحوم كامل صالح نخله أن سبب ثورة أقباط الوجه البحري التي كانت في عهد البابا مرقص المذكور، كانت بسبب الأصوام، وأنه رفض طلب قُدم إليه بالتصريح بتعدد الزوجات[48]. أما الأسقف إيسيذورس، فيضيف أن الثورة كانت بدايتها من بلدة "الريدانية"، وبعد عزل البابا مرقص الخامس ورسامة آخر عوضًا عنه، هذا (أي البابا الجديد الدخيل) أذن بتعدد الزوجات وبالطلاق[49]. ولكن السيدة بوتشر الإنجليزية، فقد أضافت عدة تفاصيل أخرى، وقالت: "وقد ساند هذه الحركة مطران دمياط، بأن جاهر بأن تعدد الزوجات غير ممنوع في الإنجيل، فلما بلغ الأمر لمسامع البابا مرقص الخامس، أصدر أمره بحرم تعدد الزوجات وحرم مطران دمياط، الذي جاهر بهذا الرأى الفاسد. فمن ثم انضم المطران المحروم إلى أهالي الريدانية وشكوا البابا لدى الوالي، فقبض عليه الوالي وعزله عن منصبه وحبسه في برج الأسكندرية[50]..". ومما هو جدير بالذكر، أن الراهب الذي قبل البطريركية عوضًا عن البابا مرقص الخامس، حينما تسلم مقاليد الرئاسة، سولت له نفسه أن يفرض نفسه على كل الأقباط بطريركًا عليهم (حيث قبلوه أقباط الوجه البحري فقط)، فما كان من الأقباط الساكنين بالقاهرة "المصريين" وأقباط الوجه القبلي الأوفياء لبطريركهم الشرعي البابا مرقص الخامس، أن رفضوه بل وأهانوه بأن قطعوا ذيل حماره[51]. د. نهاية الأزمة وعودة البابا: وبعد أكثر من سنة على حبس البابا مرقص الخامس ببرج الأسكندرية، عُزل الوالي محمد باشا الوزير (كما جاء بالحاشية: السطر الـ12 من الجزء الثاني)، ولما جاء والي جديد، قادت الغيرة الروحية أقباط القاهرة والصعيد وشكلوا وفدًا وقصدوا الوالي ملتمسين منه عودة البابا مرقص إلى كرسيه وشارحين له أن الذي رُسم بواسطة أقباط الوجه البحري، كان لغرض في النفس للتصريح لهم بالطلاق وتعدد الزوجات، الأمر الذي ترفضه تعاليم الإنجيل، فعفا الوالي الجديد عن البابا ورده إلى مقر كرسيه مكرمًا[52] هـ. نتيجة من نتائج هذا الخلاف: غير أن بعد عودة البابا مرقس لكرسيه، ظل عدد غير قليل من أقباط الوجه البحري في عنادهم خارجين عن طاعته متزرعين بالإختلاف على تاريخ الإحتفال بعيد القيامة المجيد، وقد بقى هذا الخلاف المدة الباقية من خدمة البابا مرقص، وكذلك في كل عهد خليفتيه البابا يؤانس الخامس عشر الـ99 (1619-1629م)، والبابا متاؤس الثالث الـ100 (1631- 1646م)، ولم ينتهِ الخلاف إلا في بداية عهد البابا مرقص السادس الـ101 (1646-1656م)، وببركته كما أشارت الحاشية المشار إليها سابقًا، حيث كانت المرة الأولى التي تعاد فيها الوحدة بين أقباط الوجه البحري وباقي أقباط مصر، حينما عيدوا (احتفلوا) بعيد القيامة المجيد معًا يوم الأحد 3 برمودة سنة 1362ش الموافق 8 أبريل سنة 1646م، بعد نياحة البابا متاؤس الثالث بثمانية أيام، وقبل رسامة البابا مرقص السادس بأثني عشر يوم[53]. و. نهاية المخالفين: أما البطريرك الدخيل: بعد انحلال حزبه، عاد إلى بلدته البياضية بمركز ملوي، بمحافظة المنيا وأقام بها، عاملًا في كرم بالقرب من دير أبى يحنس القصير شرقي البلدة حتى مات[54]. وأما الذين كانوا السبب في حبس البابا مرقص الخامس: "فقد أبادهم الله سريعًا وأنقطع نسلهم وهُدمت منازلهم وصارت خرابًا"، هكذا شهد كاتب سيرة البابا مرقص في تاريخ البطاركة، بل وأضاف أنه رأى بنفسه هذه المنازل في الريدانية وهي "خراب وأحواش للقمامة بعد أن كانت دورًا عامرة وقصورًا مشيدة"[55]. _____ الحواشي والمراجع[46] كامل صالح نخلة، المرجع السابق، ص 89-91. [47] بالإضافة لكامل نخلة " المرجع السابق " راجع كلًا من: السيدة بوتشر، تاريخ الأمة القبطية، ج4، ص148، الأسقف إيسيذوروس، الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة، ج2، ص471. [48] المرجع السابق، ص 89. [49] الخريدة النفيسة، ج2، ص 471. [50] تاريخ الأمة القبطية ج2، ص148. [51] كامل صالح نخلة، المرجع السابق، ص89. * كان البابا غبريال الثامن الـ97 (1587-1603 م) قد أصدر أمرًا بتعديل الأصوام في الكنيسة القبطية سنة 1318ش-1602م، بمقتضاه: يكون صوم الرسل 15 يوم فقط (21بؤونة-5أبيب)، وصوم الميلاد 28 يوم (من أول شهر كيهك إلى يوم العيد 29 كيهك)، وصوم العذراء اختياريًا، صوم يونان فلا يُصام، ولكن البابا مرقص الخامس ألغى هذه القرارات حينما تسلم مقاليد الرئاسة، راجع: كامل صالح نخلة، المرجع السابق، ص85. [52] المرجع السابق، ص 90. [53] المرجع السابق، ص 107، حيث تمت رسامته البابا مرقص السادس يوم الجمعة الثانية من الخماسين المقدسة الموافق 15 برمودة الموافق 20 أبريل من السنة المذكورة. [54] المرجع السابق، ص 90. [55] المرجع السابق، ص91 نقلًا عن مخطوط " ذيل فوة ورقة 185ج". |
|