12 - 06 - 2014, 09:36 PM | رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
دعوة إليه + قال أنبا موسي الأسود : لنلزم الأتضاع في كل امر وفي كل عمل . + قال أنبا أغاثون : " أن شرف التواضع عظيم وسقوط المتعاظم فظيع جدا واني اشير عليكم بان تلزموا التواضع فلن تسقطوا أبداً . + قال أنبا باخوميوس : - أسلك طريق الاتضاع لأن الله لا يريد المتواضع خائبا . لكنه يسقط المتكبر وتكون سقطته شنيعة فأغلب أعداءك بترك الكبرياء واحذر طلبها لئلا تفرح أعداءك . - احذر من تكبر القلب لأنه أشنع الرذائل كلها . - ليكن رأسك منكسا ونظرك الي أسفل نواتضع بقلبك وأهزم الكبرياء وابتعد عن ألهم . - التصق بمخافة الله وكن متواضعا لتكون فرحا ، لأن الفرح يتمشي مع الاتضاع . كن متضعا ليحرسا الرب ويقويك . فأنه يقول انه ينظر الي المتواضعين . - كن وديعا ليحكمك الرب ويملأك معرفة وفهما . لأنه مكتوب : أنه يهدي الودعاء بالحكم ويعلم المتواضعين طرقه وحينئذ يثبتك أمامه ويهيء لك السلامة في جميع سبلك . + قال شيخ : " من ليس فيه أتضاع فمن شأن الشياطين أن يودعوه " . + قال كذلك : " لا يمكننا أن نحوز ربنا داخلنا بدون تواضع وتعب كثير وصلاة فتور " . + قال أيضاً : " كما أن الأرض لا تسقط أبداً لكونها موضوعة هكذا الي أسفل كذلك من وضع ذاته لا يسقط أصلا " . + قال أخ لشيخ : " أني أري فكري دائما مع الله " فقال له : الأعجب من هذا ان تري نفسك تحت جميع الخليقة ، فلا سقوط مع الاتضاع ". + وسئل : " ما هو الاتضاع ؟ " فقال : " أن تحسن الي من اساء اليك ، وتسكت في جميع الأمور " . + وقال شيخ : " باب الرحمة هو الاتضاع ومنه دخل آباؤنا الي الملكوت بغنيمة عظيمة " . + سئل شيخ : " ما هو كمال الراهب ؟ " فقال : " الاتضاع ، فمتي بلغ الانسان الي الاتضاع فقد اتي الي الكمال " . + قال أنبا بيمين : " كما أن الأرض لا تستحق لنها أسفل ، هكذا من يضع نفسه لا يسقط " . + وسأل أخ شيخا قائلا : " ما هو نياح الراهب ؟ " فقال : " التواضع ، لأن بدونه لا يكون نياح ، وبمقدار نزوله في التواضع يكون مقدار صعوده الي علو الفضيلة " . فسأله أيضاً : " وكيف تقتني النفس الفضيلة ؟ " فقال : " اذا هي اهتمت بزلاتها وحدها " . + قال شيخ : " ان نزل الاتضاع الي الجحيم فأنه يصعد حتي السماء ، واذا صعدت العظمة الي السماء فأنها تنزل حتي الجحيم " . + قال الأب أورانيوس : " يجب أن تقتني لنفسك دائما : تواضعا ، وفزعا ، وكثرة نوح وقلة طعام " . + قالت الأم تاؤدوره : " لا نسك ولا تعب ، ولا صوم ، يقوم مقام التواضع الكامل ، لأنه قيل عن انسان متوحد كان يخرج الشياطين ، فسألهم قائلا : بماذا تخرجون ، أبالصوم ؟ فقالوا : نحن ما نأكل قط . فقال : أبا لسهر ؟. فقالوا نحن لا ننام . فقال : أبترك العالم ؟ فقالوا : أن مساكننا البراري والخرائب . فقال لهم : فبماذا تخرجون أذن ؟ فأجابوه : لا يوجد شيء يسحقنا غير التواضع . فالأتضاع هو غلبة الشياطين " . + قالت القديسة سفرنيكي : " كما أنه من غير الممكن أن يصلح بغير مسمار ، كذلك لا يمكن أن يوجد خلاص بغير تواضع " . + سأل أخ شيخا : " ما هو نمو الانسان وتقويمه ؟ " . قال الشيخ : " نمو الانسان وتقويمه هو الاتضاع ، لنه مادام الأنسان سائرا نحو فضيلة الأتضاع ، فأنه سائر الي قدام وهو ينمو " . + قال القديس مكسيموس : " من أحكم الاتضاع ، فقد أحكم كل الفضائل ؟ " . + كذلك سأل شيخا : " كيف يخلص الانسان " . فقال له " يخلص الانسان بالاتضاع ، لأنه كلما وضع الانسان نفسه الي أسفل أرتفع الي فوق ومشي الي قدام " . + قال مار افرام : "بدء الصالحات وكمالها هو حد الاتضاع بمعرفة حقيقة ، لأن المعرفة مقترنة بالتواضع" + قال القديس برصنوفيوس : " اقتن الاتضاع فأنه يكسر جميع فخاخ العدو " . + قيل عن الأب أموناس : أن اتاه أخ يطلب منه كلمة منفعة ، وأقام عنده سبعة أيام ، ولم يجبه الشيخ بشيء ، وأخيراً قال له : " انطلق وانظر لذاتك أما أنا فأني خاطيء ، وخطاياي قد صارت سحابة سواء مظلمة حاجزة بيني وبين الله " . + وقال مار اسحق : " بلا اتضاع لا يتم عمل العابد ، ومن لا يتم عمله لا يختم كتاب حريته بخاتم الروح . ومن لا يختم كتاب حريته بخاتم الروح فأنه يكون عبدا للأوجاع ولا يتضع الا بالبلايا". + ومن أجل ذلك يترك الله البلايا والتجاري علي محبي البر حتي يعرفوا ضعفهم اذ أن البلايا تولد الاتضاع وربما كسر قلبهم بأوجاع طبيعية ، وربما بشتيمه الناس لهم وأمتهانهم وأحيانا بالفقر والمرض والاحتياج . وأحيانا أخري بالخذلان ليأتي عليهم الشيطان بأفكار قذرة وكل ذلك عساكر يحسون بضعفهم فيقنعوا حتي لا يعبر نعاس العفلة . فينبغي لكل انسان اذن أن يتيقظ دائما ويفكر في أنه مخلوق ، وكل مخلوق محتاج الي معونة خالقه فيطلب حاجته ممن هو عارف تماما بما يحتاج اليه فهو قادر أن يعطيه احتياجه . ان كنت محبا للتواضع لا تكن محبا للزينة ، لأن الانسان الذي يحب الزينة ، لا يقدر أن يحتمل الازدراء ، ولا يسرع الي ممارسة الأعمال الحقيرة ، ويصعب عليه جداً أن يخضع لمن هو دونه ، ويخجل من ذلك ، أما المتعبد لله فأنه لا يزين جسده . وأعلم ان كل من يجب زينة الجسد هو ضعيف بفكره ، ولا تري له حسنات وكل من يحب الريح المنظور ، لا يقدر أن يقتني محبة حقيقية مع احد ، وكل من يسرع الي الكرامة ، فأنه متعبد لهذا العالم . أن كنت تكره فأعلي هذا فأبعد عن فعلهم . والاتضاع والعفة يتقومان بالاحتقار ، والذي يحب الزينة والكرامة لا تسأله عن حقيقتهما ، أن كنت محبا للعفة فلا تكن محبا للطياشة ، لأن الملاقاه التي تعرض لك بواسطة الطياشة ، لا تتركك لكي تتمسك بالعفة في نفسك باحتراس ، لأن كل متواضع ، وكل من هو محب لله يحب الحبس والجلوس في القلاية ، انسان طياش لا يمكنه ان يحفظ الحق في نفسه من غير دنس . التواضع بافراز هو بمعرفة الحق ، ومعرفة الحق تلد الاتضاع ، المتضع بقلبه متضع بجسده ايضا ، والمتوقح بجسده متوقح كذلك بقلبه ، والمضطرب بجسده ، مضطرب أيضاً بقلبه ن والمضطرب بقلبه جاهل بعقله ، ومن هو جاهل بعقله رديئة هي طرقه ، ومن كانت طرقه رديئة فهو مائت بالحياة . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:37 PM | رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
كيف أقتني الإتضاع ؟ + سأل أخ شيخا قائلا : " يا أبي ، كيف يأتي الانشان الي الاتضاع ؟ " فأجابه الشيخ : " ذلك بأن تكون مخافة الله " . فقال الأخ : " وبأي شيء تاتي مخالفة الله " قال الشيخ : " بأن يجمع الانسان ذاته من كل الناس ، ويبذل جسمه للتعب الجسدي بكل قوته ، ويذكر خروجه من الجسد ودينونة الله له " . + سئل القديس برصنوفيوس : " اخبرني يا أبي كيف يقتني الانسان الاتضاع الكامل والصلاة الحقيقية ؟ " . أجاب : " أما كيف يقتني الانسان الاتضاع الكامل ، فالرب قد علمنا ذلك بقوله : " تعلموا مني فاني وديع ومتواضع القلب ، فتجدوا راحة لنفوسكم " أن كنت تريد أن تقتني الاتضاع فانهم ماذا عمل وتأمل صبره ، وأصبر مثله ، واقطع هواك لكل احد ، لأنه قال : " أني ما نزلت من السماء لأعمل مشيئتي ، بل مشيئة من أرسلني " هذا هو الاتضاع الكامل ، أن نحتمل الشتيمة والعار وكل شيء أصاب معلم الفضيلة ربنا يسوع المسيح " . وأما الصلاة الحقيقية فهي أن يكون الانسان مخاطبا لله بلا طياشة ، ناظرا اليه بجملته وأفكاره وحواسه والذي يسوق الانسان الي ذلك هو ان يموت عن كل انسان وعن العالم وكل ما فيه ويتصور في عقله انه قائم قدان الله واياه يكلم وهكذا يكون قد انفلت من الطياشة وانعتق منها وصار عقله فرحا مضيئا بالرب وعلامته اذا وصل الي الصلاة الكاملة ، فأنه لا يتسجس البنة ، ولو سجسه كل العالم ، لأن المصلي بالكمال ، قد مات عن العالم وتياحه كله ، وكل شيء يعلمه من أموره يكون فيه بلا طياشة " . + سئل أيضا مار اسحق : " كيف نقتني الاتضاع ؟ " . فقال : " بتذكار السقطات ،وانتظار قرب الموت ، واتخاذ لباس حقير .واختبار موضع هاديء ، وأقتناء سكوت دائم ، كما لا يجب ملاقاة الجموع ، وليكن غير معروف وغير محسوب ، ملازما أموره بقدر ، مبغضا لقاء الناس ، والدالة والخلطة ،غير محب للأرباح ، مانعا عقله من لوم أحد ، أو الايقاع بانسان ، فلا يعامل أحداً ولا يعاشره ، بل يكون متواحدا في ذاته ، منفردا بالتصرف . فهذه كلها تولد الاتضاع ، وتطهر القلب ، والذين قد بلغوا الكمال ، هذه هي دلالتهم وعملائهم ، ولو أنهم يسلمون كل يوم عشر مرات للحريق من أجله محبة الناس ، فلا يشبعون من حبهم . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:38 PM | رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
بعض تداريب عن التواضع ( أ ) البعد عن المتكآت الأولي (1 ) + قال القديس باخوميوس : " اتضع في كل شيء وإذا كنت تعرف جميع الحكمة فأجعل كلامك آخر الكل ، لأنك تكمل كل شيء " . + قال الأب أوراسيوس : " أن عجينة فطير تطرح في أساس بقرب نهر ، لا تثبت ولا يوما واحدا ، واما المطبوخة بالنار فتثبت كالحجر ، هكذا كل أنسان ذي عقل بشري ، اذا رئيسا فأنه ينحل من التجارب أن لم يطبخ بخوف الله مثل يوسف ، فالأفضل للانسان أن يعرف ضعفه ويهرب من نير الرئاسة " . قال أحد الآباء : " لا تسكن في موضع له اسم ، ولا تجالس انسانا عظيم الاسم " . + قال شيخ : " أن كل صغير يطرح كلمة وسط شيوخ اكبر منه يشبه انسانا يطرح نارا في حجر اخيه " . + وحدث مرة : أن انعقد بالاقسيط مجلس من أجل أمر ما ، فتكلم الأب أوغاريتوس فيه . فقال له القس . " نحن نعلم يا أبتاه انك لو كنت في بدلك لصرت أسقفاً أو رئيساً علي كثيرين ، فأما الآن فانك هنا مثل غريب " . فهز رأسه متنهدا وقال : " نعم ، انها مرة واحدة تكلمت فيها ، وإن شاء الله لن يكون لها ثانية " . ( ب ) قطع المشيئة + قال القديس باخومخيوس : " أرفض ارادتكم بالكلية وافلح الله بكل قدرتك " . + قال مار اسحق : - لا تسأل أن تجري الأمور حسب هواك لأن الله اسبق معرفة منك بالأصلح لك . - من يغلب دائماً طلب مشيئة فهو مجاهد نشيط ، والنعمة تفعل فيه بزيادة. - الذي يحكم عليه مرة ويلام من نيته ولا يقوم عاداته ، ترتفع منه النعمة ، ويترك في التجارب . من وضع قلبه فهو مات عن العالم ، ومن مات عن العالم مات عن الآلام . + قال أحد الرهبان : " لأجل هذا تركت عني ارادتي لكيما انزع معهما مسببات الغضب الذي يحارب الارادة في كل حين ، ويقلق العقل ويطرد المعرفة " . + وقال آخر : " لا تطلب أن تلقي فولك قدامك ، فتستريح " . + وقال آخر : " جاور من يقول : " أي شيء أريد أنا ؟ " فبمجاورتك لذاك سوف تجد راحة " + وكذلك قيل : " لتكن مشيئة الانسان من بكرة الي عشية بحسب قياس الهي " . + وقال القديس باسيليوس : " علامة التكبر قنوع الانسان برأي نفسه " . + قال شيخ : " لست أعرف للراهب وقعة ( سقطة ) الا اذا صنع هواة ، فإذا نظرت راهباً قد وقع ( سقط ) فأعلم انه يهواه ، لأنه فعل برأي نفسه " . ( جـ ) عدم التذمر + وقال أنبا باخوميوس : - ان أفتري عليك أحد فلا تفتر عليه أنت ، بل افرح واشكر الله . - لا تحزن اذا افتري الناس عليك بل بالحري احزن اذا أخطأت الي الله . - إذا رذلك الناس وأفتروا عليك فلا تحزن لأن ربك دعي ضالا وبعلزبول وبه شيطان ولم يتذمر – فاقتن لك وداعة القلب واذكر أن ربك والهك سيق كخراف للذبح ولم يفتح فاه . سأل أخ شيخاً : " ما هي الغربة ؟ " . فقال له الشيخ :" أني أعرف أخا ، هذا خرج ليتعزب ، فدخل الي الكنيسة وأتفق أن كان هناك أغابي ، حيث كان كثيرين مجتمعين ، فلما تهيأت المائدة جلس يأكل مع الأخوة ، فنظر اليه انسان وقال : " من أدخل هذا الغريب معنا ؟ ". ثم قال : " أخرج خارجا " ، فقام وخرج كما أمر بدون تذمر . " فلما ابصر ذلك آخرون ، حزنوا وخرجوا فأدخلوا ، فدخل ". " . فقال له أخ : " ماذا كان في قلبك حين أخرجوك وحين أدخلوك . " . فقال : " حسبت اني كلب ، اذ طرد خرج واذا دعي دخل " . ( د ) الهروب من المجد الباطل + وقال أنبا باخوميوس : - اذا أكرمك انسان فلا يفرح بل احزن ، لأن بولس وبرنابا لما أكرمهم الناس شقا ثيابهما ، وبطرس وباقي الرسل لما افتروا عليهم وجلدوهم فرحوا لنهم حسبوا أهلا لأن يهانوا من أجل الاسم العظيم . يا ابني اهرب من مجد الناس . لقد طلبت حواء مجد الألوهية فتعرتمن المجد الانساني . كذلك من يلتمس مجد الناس يحترم من مجد الله ، تلك لم تكتب لها كتب ولا رأت مثالا فاختطفها التنين ، أما انت فقد علمت بهذه الأمور من الكتب المقدسة ومن كافة الذين تقدموك فلن تستطيع ان تدافع عن نفسك وتقول : " لم أسمع " لأن أصواتهم خرجت الي كل الأرض وكلامهم بلغ الي أقصي ليس لنا عذر نقوله قدام الله اذا وقفنا بين يديه ، هل نقول : " لم نسمع أو نعرف أو لم يعلمونا ؟ " هوذا الكتب موجود فيها كل شيء . + قال مار اسحق : الذي يحب الكرامة لا يستطيع أن ينجو من علل الهوان . كن حقيرا ومزدري في عيني نفسك فيكون رجاؤك عظيماً بالله . ولا تبغض من أجل أن تكرم ، ولا نحن الرئاسة . الذي قد أحس بالراحة التي من احتقار الذات أفضل من الذي تكريما من تاج المملكة ، الذي قد أصيب بحب المديح والكرامة من الناس ، ليس لجرحه شفاء ، حتي ولو كان بأعمال سيرته يقوم كثيرين ، ففي العالم المزمع يكون تدبير سيرته مبكتا له بعذاب الجحيم . + قال القديس باسيليوس : " أن أردت ان تكون معروفا عند الله ، فاحرص ألا تكون معروفا عند الناس" . + قال شيخ : " المجد الباطل يتوالد من ثلاثة : طلب التعليم – وطلب الاتساع في الأشياء – وطلب الأخذ والعطاء " . + قال أنبا بيمين : " أن اللجاجة والحسد يتوالدان من السبح الباطل ، لأن الانسان الذي يطلب مجد الناس يناصب الذي يعمل وينجح ويمجده ويحسده ، ولا تضاع هو دواء ذلك " . + قال أنبا بيمين : " من شان شيطان السبح الباطل أن يعارض الرهبان بعجز فتين : احدهما يقال لها عجرفة علمانية ، لأنها ليست من مناكب السيرة ، وليس أحكامها عائداً إلأي نصب الانسان وتعبه ، مثال ذلك ، النية تجاه الرئاسة ، التباهي بشرف الجنس ، الاغتباط بكثيرة الغني ، بتزين اللباس ، بقوة الجسم ، بفصاحة المنطق ، وكل ما شابه ذلك " . أما الأخري فيقال لها عجرفة رهبانية ، مثال ذلك : " شدة الصوم والنسك ومداومة السهر ، ملازمة الصلاة ، البعد عن الناس ، التجرد من المقتنيات ومن كل شيء ، وما شابه ذلك . أما الأخري فيقال لها عجرفة رهبانية ، مثال ذلك : " شدة الصوم والنسك ومداومة السهر ، ملازمة الصلاة ، البعد عن الناس ،التجرد من المقتنيات ومن كل شيء ، وما شابه ذلك . وهذه الفضائل وأن كانت مرتفعة في ذاتها ، الا ان النية السقيمة تحط من شرفها ، والنتيجة المتولدة من ذلك : اضاعة الأجر ، لأنه مكتوب " لقد أستوفوا أجرهم" . + قال أنبا تيموثاوس : " اذا أكرمك الناس فخف جدا ، واكره نفسك وحدك ، ولا تستح أن تقر بذنوبك ، وأهرب من كرامة الكثيرين ، لسلا يغرقوا مركبك " . + كان الأب نستاريون يتمشي في البرية مع أحد الاخوة ، فلما شاهد تينا هرب . فقال الأخ : " أأنت كذلك أيها الأب تفرغ ؟ " . أجاب الشيخ : " لا ، أفزع يا ولدي ، لكن الهرب أوفق لي ، ولولاه ما كنت قد خلصت من روح المجد الفارغ " . + قال شيخ : " أما أن تجعل نفسك في وسط الناس بهيمة ، وأما أن تهرب ، ولا تدعهم يلحقون بك " . + سأل أنبا أبراآم مرة أحد الشيوخ قائلا : " يا أبتاه ، أيهما أحسن ، أنقتني لنفسنا كرامة ، أم هواناً ؟ " فقال الشيخ : " أما أنا فأشتهي اقتناء الكرامة ، لأنها أفضل من الهوان ، لأني اذا علمت عملت عملا صالحا ، وأكرمت ازاءه ، أستطيع أن الزم فكري بعدم استحقاقي للكرامة ، وأما الهوان فيصدر عن أفعال قبيحة تغضب الله ، وتشكك الناس ، والويل لمن قبله الشكوك ، وعلي ذلك فالأفضل عندي هو أن أعمل الخير وأمجد " . فقال ابرآم : " حسناً قلت " . + في بعض الأوقات أخبر شيخ روحاني كان قد حبس ذاته وكان مشهورا في بلدته ، وكانت له كرامة عظيمة من الناس فعلم ان انسانا من القديسين ينحل من حياة هذا العالم فقال لذاته " هلم بنا نمضي نسلم عليه قبل ان ينيح " ثم افتكر وقال : " أن خرجت بالنهار فالناس أجمعون يصير لي أيضاً منهم كرامة عظيمة وليس لي في ذلك نياح ، لكن أمضي اليه في الليل وأختفي عن الكل " . فلما صنع ذلك أرسل الله له ملايين بمصابيح يسيران بين يديه وجميع شعب المدينة ينظرون الي كرامته ، وبقدر ما ظن أنه يهرب من سبح الناس هكذا بالأكثر مجده الله ليكمل بذلك المكتوب في المتاب " أن كل من أتضع ارتفع " ( هـ ) تبكيت النفس + وقال أنبا باخوميوس : - اجلس وحدك مثل وال وحكيم ودن أفكارك ، فما كان نافعا وةموافقا ابقه وأحفظه ، وأما ما كان ضارا فاطرده عنك . - والآن يا أبني أجعل ناموس الله في قلبك والزم البكاء وأجله لك صديقا وليكن جسدك قبرا لك حتي يقيمك الله ويعطيك تاج الغلبة . - احفظ نفسك من هذا الذي يجلب عليك تزكية ذاتك ، وازدراء أخيك ، لأنه مبغوض جدا قدام الله ذلك الانسان الذي يكرم نفسه ويرذل أخاه . - + طلب احد الأخوة من أنبا آمون الأسقف أن يقول له كلمة : فقال له الشيخ : " أمض ، وتمثل في فكرك دائماً خال فعله الشر الذي في السجون ، فأنهم في كل ساعة يسالون عن الوالي وأين هو متي يجيء ، ومتي يجلس للحكم ، ومن شدة فزعهم يبكون " . وهكذا سبيل الراهب أن ينظر دائماً إلي نفسه ويبكتها قائلا : " ويحي كيف أقف أمام منبر المسيح ، وكيف أستطيع ان اجيبه ، فأن كان يتلو ذلك دائماً فأنه يستطيع أن يخلص " . + قال أحد القديسين : " الذي يلوم نفسه في كل شيء فأنه يجد رحمة أمام الله ألهنا ". + قال قديس : " من لا يضر ذاته فلا يضره انسان ". + قال راهب : " الطريق المخلصة هي : أن يرجع الراهب باللائمة علي نفسه ". + قال شيخ : " تشبه بالعشار ، لئلا تدان مع فريسي ". + قال القديس برصنوفيوس : " أن نحن أتضعنا فأن الرب يطرد عنا الشيطان لذلك يجب علينا أن نلوم أنفسنا في كل حين وفي كل أمر لأن هذه هي الغلبة ". + قال آخر : " أشرف أعمال الرهبنة أن يحتقر الانسان نفسه دائما ، ويرد اللوم عليها ". + سأل أخ الأنبا بيمين : " كيف أستطيع الا أقع في الناس ". فقال : " اذا لام الانسان نفسه حينئذ يكون عنده أخوه أكرم منه وأفضل " . وأذا طن في نفسه أنه صالح ، حينئذ يكون عنده أخوه حقيراً ومهاناً ويقع فيه" . + قال أخ أنبا النيس في معني تحقير الانسان لنفسه ، فقال له : " هو أن تري كل الخليقة حتي البهائم أخيرا منك ، وتعلم أنهم لا يجانون " . + قال مار اسحق : " يتقدم الآلام جميعها ، عزة النفس ومحبة الذات ". + قال نبا يوحنا : " تركنا الخدمة الحقيقية التي هي أن نلوم أنفسنا ، ولازمنا الخدمة الثقيلة التي هي أن نمجد أنفسنا ". + قال أنبا أغريبوس : " رأس الحكمة هو ذلك الوقت الذي فيه تلوم نفسك وحدك ". + مضي البابا ثاؤفيلس بطريرك الاسكندرية الي جبل نتريه ، وجاء إلأي أب الجبل ، وقال له : " ما هو أفضل شيء وجدته في طريقة جهادكم هذه ، يا أبتاه " . فقال البابا : " بالحقيقية ، هذه هي الطريقة الفاضلة التي لا يوجد قط أفضل منها ". ( د ) عدم الادانة + وقال أنبا باخوميوس : لا تحتقر احدا من الناس ولا تدنه ولو رأيته ساقطا في الخطيئة ، لأن الدينونة تأتي من تعاظم القلب ، أما المتضع فأنه يعتبر كل الناس أفضل منه . فبأي حق تدين عبدا ليس لك ، فأن سقط لربه ، فربه قادر أن يقيمه . + سئل القديس برصنوفيوس :" من أين تعرض حركة الجسد " . أجاب : " حركة الجسد تكون من التهاون لأن التهاون يخطفك وأنت لا تدري ، لأنك تدين أخاك وتحكم عليه ، فمن هنا تسلم " . + قال شيخ : " كما أن الميت لا يتكلم المبتة ، كذلك المتضع لا يزدري أحداً ، حتي ولو رآه للأصنام ساجداً " . + قال مار باسيليوس : " ماذا ينفعني اذا أتممت الفضيلة كلها ، ثم أقول لأخي " يا أحمق " فأكون قد استوجبت جهنم ، هوذا السليح يعقوب يقول : أن تمم الانسان الناموس كلمه وأخطأ في أمر واحد ، فهو في الكل مدان ، لن تستطيع ادراك شيء من مرضاه الله بغير أتضاع ، فلا تفرغ أفكارك في استقصاء عيوب الناس وخطاياهم ، ولكن تفرغ لتفتيش عيوبك وخطاياك " . ( ز ) احتمال التوبيخ + وقال أنبا باخوميوس : " اذا توبخ أحدنا من أحد اخوانه ولم يقبل بل حقد عليه فقد اغتالت الشياطين نفسه " . ولست أقول ذلك فقط بل وان لم تعتبره كطبيب معالج فقد ظلمت نفسك ، لأنه ماذا تقول فيما أصابك . ألست تعلم أنه قد نظف أوساخك ؟ فسبيلك أن تعترف له كطبيب أرسله المسيح اليك ، فأن كنت تحب المرض فلا تحتج علي البريء أما هذا الوجع الذي ظهر لك فذلك دليل علي ضعف نفسك ولولا ذلك ما كنت تحزن من الدواء . لذلك ينبغي أن تعترف بالفضل للأخ لأنك به عرفت مرضك القاتل . فعليك أن تقبله مثل دواء شاف مرسل من عند يسوع المسيح ، ولو أنك لم تقتصر علي عدم شكره فقط بل خلقت حوله شكوكا . وقد كان الأحري بك أن تقول ليسوع المسيح : " لست أريد أن تشفيني ولا أشاء أن أقبل شيئاً من أدويتك " . الأحزان هي مكاري يسوع ، فمن أراد أن يبرأ من استقامه يلزمه حتما أن يصبر علي ما يرد عليه من الطيب . ولعمري ان المريض ليس من شانه أن يستلذ الكي والبتر أو شرب الدواء النقي . بل من طباعه ان يبغض الأدوية ولكنه لا يقانه انه بلا علاج لن يحصل علي الشفاء فأنه يدفع ذاته للطبيب عالما أنه بالأدوية المرة يتخلص من الأخلاط الضارة الردئية . فمكوي يسوع هو ذاك الذي يهينك لأنه أن كان يشتمك الا انه يريحك ويخلصك من السبح الباطل . ودواء يسوع المنقي هومن يرذلك ويوبخك لأنه يريحك من الاستنعام فأن لم تحتمل شرب الأدوية تظلم نفسك وحدك أما الأخ فلم يسبب لك ضررا ما . + وقال شيخ : " سبيلنا أن نعلم انه لا يوجد أصدق ممن يذمنا ويبكت اعمالنا . وينبغي لنا أن نراعي مذلتنا ، لأن الذين يراعون مذلتهم ويتحققونها يطحنون ابليس المحتال " . اخبروا عن راهبين قديسين . كانا أخوين وسكنا البرية ، فحرص الشسطان علي أن يفرق بينهما ، ففي بعض الأيام او قد الصغير منهما سراجا ووضعه علي منارة ،وبحيلة من الشيطان وقع السراج وانطفأ ، فحينئذ حرد الكبير وضربه ، فصنع الصغير له مطانية وقال له : : لا تضجر يا أخي أطل روحك علي وأنا أوقدها مرة أخري " ، فلما أبصر الرب صبر الأخ ، عذب ذلك الشيطان إلي الصباح . ثم ذهب ذلك الشيطان فأخبر رئيس الجن بما كان ، وكان كاهن الأوثان ، الذي يخدمهم موجودا ، فلما سمع هذا الكلام ، ترك كل شيء وآمن وترهب ، ومن بدء رهبانيته ، كان يستعمل الاتضاع الكامل . وكان يقول : " أن الاتضاع يقدر أن يقهر ويحل ويبطل كل قوة العدو ،وقد سمعتهم يقولون لبعض : " أنه كلما ألقينا السجس بين الرهبان ، نجدهم يتلقونه بالأتضاع ، ويعمل بعضهم لبعض مطانيات ، فكانوا بذلك يبطلون قوتنا " . كان شيخ قديس ، اذا قام بخدمة القداس ، يري ملاكين واقفين ، واحدا عن يمينه ، والآخر عن يساره ، هذا كان قد أخذ نسخة القداس ، من واحد من ذوي البدع في الايمان ، واذ كان ساذجا ، لا يعرف تحرير الآراء الالهية في تقديسه بسذاجة ، فقد كان يقول كما في النسخة ، ولا يعلم انه يغلط ، وبتدبير من الله ، زاره شماس ، راهب ، عالم ، فلما خدم الشيخ القداس بحضرته قال له : " هذا ليس قول أصحاب الأمانة الصحيحة : ، واذ كان الشيخ يبصر الملاكين في قداسه ، فأنه لم يلتفت الي قول الشماس . اما الشماس ، فأنه لبث يقول له : " غلطت يا أبي ، والكنيسة الأرثوذكسية ، لا تقبل هذا القول : ولما رآه الشيخ لا يكف عن توبيخه ، التفت الي الملاكين ، وقال لهما : " ما معني قول الشماس ؟ " فقالا له : اقبل منه ، فقد قال لك الصواب " ، فقال لهما الشيخ : " وأنتما ، ما بالكما لم تقولا لي ؟ ! " فقال : " ان الله رسم هذا التدبير ، أن يصلح الانسان ، انسانا مثله " ، فانصلح رأي الشيخ من لك اليوم ، وشكر الله تعالي ، والشماس . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:39 PM | رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
أمور تساعد علي التواضع ( أ ) النوح + قال القديس موسي الأسود : " النوح يطرد جميع أنواع الشرور عند ثورانها " + قال أنبا أوغريس : - " لا تنسي أنك . أخطأت ، حتي ولو أنك قد تبت ، بل أجعل النوح وتذكار الخطية اتضاعا لك ، لكي بالاتضاع تتقي الكبرياء ". - كما أنك تخفي خطاياك عن الناس ، كذلك أخف أتعابك أ]ضاً ، فأن كنت لله وحده تظهر نقائصك ، فلماذا تظهر للناس تلك الأتعاب التي تصنعها لأجلها ، بقلة رأي . ( ب ) احتمال الاهانات + قال القديس موسي الأسود : - لنتحمل السب والتعيير لنتخلص من الكبرياء . -اذا تقبل الانسان الزجر والتوبيخ فأن ذلك يولد له التواضع . - احتمل الخزي والحزن من اجل اسم المسيح باتضاع وقلب شغال واطرح امامه ضعفك ، فسيكون لك الرب قوة . قال شيخ : " ليس من يحتقر ذاته هو المتضع ، ولكن من قبل من غيره ضروب الهوان يفرح ، فهذا هو المتضع " . + وقال اخر : " لو لم يخضع يوسف للعبودية أولا ، لما صار لمصر سيدا ، وان لم يخضع الراهب نفسه للعبودية اولا بكل تذلل ومسكنة . فلن يصير سيدا الأوجاع ولن تخضع له الشياطين " . + قال أنبا يوحنا التبايسي : " ينبغي للراهعب قبل كل شيء أن يقتني الاتضاع ، لأن هذه هي وصية مخلصنا الأولي ، أذ قال : " طوبي لمساكين بالروح فأن لهم ملكوت السموات ، لأن آباءنا اذ كانوا يفرحون بشتائم كثيرة ، دخلوا الي ملكوت السموات ". + طلب أحد الرهبان : ممكن يسكنون البرية مكانا لنفسه ، فقام وجاء الي دير من أعمال الصعيد ، وكان سكان ذلك الدير كلهم قديسين ، فبعد ما أقام عندهم أياها . قال لرئيس الدير " : صلب علي يا أبي ؟ " فأجابه قائلا : " أنه لا يوجد ههنا تعب والآباء كلهم قديسون ، واما انا ، فاني انسان خاطيء أريد ان امضي الي موضع . حيث اهان وأشتم ، لأنه بالازدراء والاهانة يخلص الخطاة ". + وقال أيضاً : انه كان يوجد شيخ له تلميذ جيد ، ومن الملل كان الشيخ يخرجه خارج الباب ويزدري به فكان التلميذ يمكث جالسا خارجا ، ولما فتح الشيخ الباب في اليوم الثالث ، وجده جالسا فأدي له الشيخ مطانية وقال له : " يا ولدي أن تواضعك وطول أناتك قد غلبا شري وصغر نفسي فهلم الآن الي الداخل ، ومنذ الأن ، كن أنت الشيخ وأنا التلميذ " . + ومما جاء عن أنبا دانيال : أنه حدث أن كان لرجل غني في احدي مدن مصر ابنة مجنونة ( بروح نجس ) ، ولم يحصل لها علي شفاء ، وكان له صديق راهب ، هذا قال له : " أنه لا يستطيع أحد أن يشفي ابنتك الا الشيوخ الرهبان ، ولكنك ان طلبت اليهم فلن يجيبوك الي طلبك لتواضعهم ، فأشير عليك بأن تصنع حسب ما اقوله لك ، فإذا هم جاءوا الي السوق ليبيعوا عملهم ، تظاهر بأنك تريد الشراء منهم ، وخذهم معك الي منزلك لتعطيهم الثمن ، وحينئذ أسألهم أن يصنعوا صلاة ، وأنا واثق ابنتك تبرأ " . فلما خرج الرجل الي موضع البيع وجد راهبا واحدا من التلاميذ جالسا ، فأخذه الي بيته مع ونابيله بحجة انه يعطيه ثمنها ، فلما وافي الراهب الي المنزل ، خرجت البنت المجنونة ولطمت خد الراهب ، فحول لها الأخر باتضاع حسب الوصية ، فتذب الشياط من اتمام الوصية ، وخرج منها متألما صارخا قائلا : " الويل لنا من وصايا يسوع لأنها تزعجنا " فلما علم الشيوخ بما كان ، سبحوا الله قائلين : " لا شيء يذل عظمة الشيطان مثل أكمال وصية السيد المسيح ربنا بإتضاع " . ( ج ) عدم الثقة في برنا + قال القديس موسي الأسود : اختر نفسك كل يوم وتأمل في أي المحاربات انتصرت ولا تثق بنفسك بل قل : " الرحمة والعون هما من الله " ، لا تظن في نفسك أنك أجدت شيئا من الصلاح الي آخر نسمة من حياتك . -لا تسكبر وتقول " طوباي " لأنك لا يمكنك أن تطمئن من جهة أعدائك . -لا تثق بنفسك ما دمت في الجسد حتي تعبر عنك سلاطين الظلمة . -الذي يعتقد في نفسه أنه بلا عيب فقد حوي في ذاته سائر العيوب . -ان لم يضع الانسان نفسه في مركز خاطيء ، فلن تسمع صلاته أمام الرب . + وساله أخ : " ما هي النفس الخاطئة ؟ " . اجاب الشيخ : " كل من حمل خطاياه ، ولم يعتبر بخطاياه الغير " . + قال مار اسحق : -الانسان الذي قد عرف ضعفه وعجزه ، قد حصل الي حد الاتضاع . -لا تظن بنفسك انك طاهر من الخطيئة ، ولا تثق بنفسك ما دمت في هذا الجسد ، حتي تعتبر سلاطين الظلمة . -تذكر الذين هم أعلي منك في الصلاح كيما تحسب نفسك ناقصا بالنسبةلهم . وأذكر ايضا كيف سقط الأقوياء لكيما تتضع بصلاحك . -طوبي للانسان الذي يعرف ضعفه ، فأن هذه المعرفة تكون له أساساً صالحا ومصدرا لكل خير . لأنه اذا عرف ضعفه ضبط نفسه من الاسترخاء وطلب معونة الله وتوكل عليه . اما من لا يعرف ضعفه فهو قريب من سقطة الكبرياء . -المريض الذي يقوم رفاقه يشبه انسانا أعمي يري آخرين الطريق . + قال الأب الينوس . " لو لم أكن هدمت كل شيء ، لما كنت قادرا علي أن أبني ذاتي " . + قال شيخ . " لا تظن انك أكملت شيئا من الخير ، فتحفظ أجر برك " . + قال بعض الشيوخ . " إذا صرنا في السلام غير مقاتلين فسبيلنا أن نتضع كثيرا ، لئلا ندخل علينا فرحا غريبا ، فنفتر ونتسب ذلك الي جهادنا ونتعظم في انفسنا فيتركنا من عنايته ، ونسلم الي القتال فنسقط ، لأن الله لأجل ضعفنا ، مرارا كثيرة يرفع عنا القتال " . + قال شيخ . " اذا رأيت شابا يصعد الي السماء بهواه فشد رجله واطرحه فأن هذا " . + وقيل أيضاً . " أن جاءتك حسنة عظيمة وبدأت تفتخر ، فانظر في نفسك لعلك حفظت الوصايا ، فتحب مبغضيك وتفرح بصلاح عدوك وتخزن لحزنه وتحسب نفسك عبدا بطالا ، وأنك أخطأ كل الناس ، وأن لا تفتخر اذا قومت كل صلاح ، حيث أنه يجب أن تعلم هذه الحسنة تهلك وتبطل جميع الحسنات " . + قال الأب نستاريون . " أن اللص كان علي الصليب وبكلمة واحدة تزكي ، ويوداس كان من جملة الرسل ، وفي ليلة واحدة أضاع كل شيء ، من اجل ذلك لا يفتخر أحد من صانعي الحسنات ، لأن كل الذين وثقوا بذواتهم سقطوا " . + قال شيخ . " الذي يحتقر نفسه من اجل الرب ، يهبه الحكمة والمعرفة ، لسنا في احتياج الا الي قلب حريص " . + قال شيخ . " الاتضاع خلص كثيرين بلا تعب ، وتعب الانسان بلا اتضاع يذهب باطلا ، لأن كثيرين تعبوا ، فاستكبروا وهلكوا " . + كذلك قيل : " اذا نال انسان طلبته ، فلا يعجب بنفسه ، بل يتضع بالأكثر ، ويتعجب من رحمة الله " . + وقال أنبا بيصاريون . " اذا صرنا في سلامة غير مقاتلين فسبيلنا أن نتضع كثيرا لئلا ندخل علينا فرحا غريبا فنفتخر ونسلم الي القتال . لأن الله لأجل ضعفنا مرارا كثيرة لا يطلق القتال علينا لئلا نهلك " . ( ميامر 279 ) + قيل عن شيخ انه . " قد مدحته أفطاره لأجل أعمال قد صنعها من قبل قائلة له بأنه قد أهل للرجاء وعدم الفساد مثلا ، فأجاب الشيخ أفكاره قائلا : أني الآن لا زلت سائرا في الطريق ، وباطلا تمدحونني ، لأني لم أصل بعد الي نهاية الطريق" . + قيل عن شيخ : " أنه أقام سنين كثيرة ناسكا ، لا يأكل سوي خبزا وملحا ، مرة كل أسبوع ، حتي لصق جلده بعظمه ، وفي بعض الأيام زاره شيخ آخر ، فلما رآه متعبا جدا قال له : " يا أبي انك قتلت نفسك وحدك بكثرة التعب ، فكل شيئا من الأدام لترجع اليك قوتك " ، فلم يشأ ، فكرر عليه قائلا : " كل ولو قليلا من الفاكهة " . + فأجابه الشيخ : " لماذا تضطرني الي الكلام ، لأني حتي ولو اكملت الرماد مع الطعام لا أستطيع أن أرضي الله ، لأني عالم بما حصل لنفسي أنا شخصيا ، أذ حدث مرة وأنا راقد ، أذ أخذت الي موضع الحكم ، وكان كثيرون قياما هنا ومن هنا ، وكنت واقفا بخوف شديد ، فقلت : : أذكر يارب تعبي : ، ,بقولي هذه الكلمة عوقبت فورا ، اذ قال للقيام : اخرجوا هذا : ، فدنا مني واحد وأدخل يده في فمي ، وقطع لساني ، وجعله في يدي ، فاستيقظت وأنا مرتعد ، فوجدت يدي مطبوقة ففتحتها ظانا أنها ممسكة بلساني " ، فلما سمع الشيخ هذا الكلام أمسك عنه " . + وقف الشيطان برجل قديس ساعة وفاته وقال له : " لقد انفلت مني " فأجابه : " لست أعلم " . الي هذا المقدار كان احترس الآباء من الافتخار في شيء " . ( د ) محبة الناس + قال شيخ : " أن أردت أن تنجح في أطفاء الغضب والرجز ، فاتقن الاتضاع ، ولتكن لك طاعة ورجاء في كل احد ، لأن الغضب والرجز يسوقان الانسان الي الهلاك ، ويبعدانه عن الله ، أما الاتضاع فأنه يحرق الشياطين ، والطاعة هي التي جاءت بابن الله وسكن في البشرية ، والايمان خلص الناس ، والرجاء لا يخزي ، وأما المحبة فهي التي تدع الانسان لا يسقط ولا يبتعد عن الله ، فالذي يريد ان يخلص ، عليه أن يقطع هواه في كل شيء ، ويقتني الاتضاع ، وليكن الموت بين عينيه ". ذهب أخ الي انبا بيمن وقال له : " ماذا تامرني أن أفعل ؟ " قال له الشيخ : " كن صديقا لمن يحكي عنك بالشر ، وهكذا تجتاز أيامك بنياح " . - السلوك بمحبة واتضاع - + قال مار اسحق : الذي يعود لسانه أن يقول الصالحات علي الاختيار والأشرار ، يملك السلام في قلبه سريعها . -الذي نشر مراحمه بلا تمييز علي الصالحين والأشرار ، بالشفقة ، فقد تشبه بالله - الذي يبغض صورة الله لا يمكن أن يكون محبوبا من الله . - ان الانسان البعيد عن ذكر الله ، لا هم له الا في ايقاع السوء بقثريبه . + قال أنبا ايليا : " أي منفعة للمحبة حيث تكون الكبرياء " . + قال أخ لأنبا تيموثاوس : " أني أري نفسي بين يدي الله دائما " ، فقال له : " ليس هذا بعجيب ، ولكن الأعجب ان يبصر الانسان نفسه تحت كل خليقة " . + وقال شيخ : " القلب النقي ينظر كل الناس اطهاراً وهو وحده النجس " . + وقال آخر : " إذا قال الراهي لصاحبه : " أغفر لي " بإتضاع ، تحترق الشياطين " . + وكذلك قيل : - " أن شئت أن تنال الغفران ، أغفر أيضاص لقريبك " . - " من هو متنسك من المآكل وفي قلبه حقد وأفكار ردية علي أخيه فأنه آلة وأرغن للشيطان " . - عدم الجدال والرغبة في الانتصار ( عدم المقاوحة ) – + قال شيخ : " أريد أن أكون مغلوباً بإتضاع أفضل من أن أكون غالباً بإفتخار " . + وقال آخر : " لو كنا حكماء ونجعل أنفسنا جهالا ، فاننا نستريح ونتنيح " . فقال له أخ : وكيف يجعل الانسان مفسه جاهلا وهو حكيم ؟ " . قال له الشيخ : " إذا أنت قلت كلمة في وسط الاخوة ،وكانت تلك الكلمة حقاً وصواباً / ويتفق أن يقوم آخر ويقول كلمة كذب وغير صائبة ، فأنك أن أبطلت كلمتك الصائبة ، واقمت كلمة أخيك الكاذبة ، فتكون حكيماً وقد جعلت نفسك جاهلا من اجل الله " . + وقال مار اسحق : " كما أن جريان الماء يتجه إلي أسفل هكذا قوة الغضب إذا ما ألفت موضعا في فكرنا " . + قال القديس برصنوفيوس : " لا تحسب نفسك شيئاً وأنت تتنيح ، جاهد أن تموت من كل الناس وأنت تخلص ، قل لفكرك ، أني قدمت ووضعت في القر ، فماذا لي مع الأحياء ، وبذلك لن يقدر شيء أن يحزنك ، أن الطاعة مطفئة لجميع سهام العدو المحماة . أما المحبة فهي فهي المزود العظيم الذي يشد كل أسترخاء ويشفي كل الأمراض " . - عدم الادانة – + قال مار اسحق : - استر علي الخاطيء من غير أ، تنفر منه لكيما تحملك رحمة الله . - من كل ضميره دائما يهذي بالصالحات ، لا ينظر الي نقائص قريبة . - من يزيل من ضميره هفوات قريبه ، يزرع السلام في قلبه . - احذر من هذه الخلة أن تكون جالساً وأنت تدين أخاك ، لأن هذا يقلع جميع بنيان برج الفضيلة العظيم ، وصلاة الحقود كبذار علي صفا ( صخرة ) . - أبسط رداءك علي المذنب وأستره ، أن كنت لا تقدر أن تحتمل وتضع علي نفسك أوزاره وتقبل الأدب وتتجشم الأتعاب من جرائه . - مشاركة الوجدانية – + قال مار أسحق : - أسند الضعفاء وعز صغيري النفوس كيما تسندك اليمين التي تحمل الكل . - شارك الحزاني بتوجع قلبك كي يفتح باب الرحمة لصلاتك . - المعتذر عن المظلوم يجد الله تعالي مناضلا عنه . من عاضد قريبه يعاضده الله سبحانه بذراعه ، ومن سب أخاه برذيلة كان الله له سابا ومبكتا . - احترام الكل – + قال مار أسحق : " الذي يكرم كل انسان من أجل الله تعالي ، يجد معونة من كل باشارة الله الخفية" ( هـ ) أخفاء التدابير وأنكار الذات + قال مار أسحق : " ليكن معلوما عندك أن كل خير لن يكون مقبولا الا اذا عمل في الخفاء " . + قال أنبا أغاثون : " لا يمكنك أن تحيا حياة مرضية أمام الله ما دمت محبا للذات " . + قال القديس موسي الأسود : " أن كنا ملومين فذلك لأن الهزيمة دائماً هي منا ، من ينكر ذاته ولا يظن أنه شيء فذلك يكون سالكاً حسب مشيئة الله " . - أشر الرذائل كلها هي أن يزكي الانسان نفسه بنفسه . - من ينكر ذاته يسلك في سلام . + قال أخ : " كما ان الكنز اذا ظهر نقص ، كذلك الفضائل اذا اشتهت وعرفت تبيد وتهلك " . + سأل أخ الأب ميليوس قائلا : " أريد أن أمضي لأسكن في موضع ، فماذا تريدني أتدبر هناك ؟ " . فقال له الشيخ : " أن سكنت في موضع فاحترس ألا تخرج لك أسماً في شيء من الأشياء ، بل في كل موضع جلست فيه ، أتبع الكل مساوياً نفسك بهم ، وكل ما تراه من أفعال الورعين الأتقياء الذين ينتفع منهم ، فافعله مثلهم ، وبذلك تتنيح . لأن هذا هو الأتضاع أن تساوي نفسك باحوتك ، حتي إذا ابصرك الناس تدخل وتخرج مع الاخوة لا يقصدونك ولن يفتنوك " . + حدثوا عن رهبان المصريين : " بأنه اذا عرف الناس سر عملهم ، فما كانوا يحسبونه فضيلة ، بل خطية . " . مرة أتي أناس لأمونيوس الأسقف يريدون أن يتحكموا بحكمته ، وكان الشيخ يجعل نفسه جاهلا . فوأفت أمرأة ونظرت اليه وقالت : أن هذا الشيخ موسوس ، فلما سمعها قال لها : " أتعلمين مقدار التعب الذي كابدته في البرية حتي اقتنيت هذا الوسواس ؟ " قال : لا . قال : " لقد تعبت خمسين سنة لأجله ، فهل أفقده من أجلك في هذه الساعة ؟ " وإذ قال ذلك تركها في القلاية وترك الأسقفية ومضي . كان أولوجيوس القديس تلميذ الطوباني أنبا يوحنا الأسقف قسيسا وناسكا عظيما يصوم جائما يومين يومين ، ودفعات كثيرة يكمل الأسبوع ، ويأكل خبزاًوملحا فقط ، فمنحه الناس كثيراً . فأتفق له حضور عند أنبا يوسف في بيافوا يلتمس صعوبة تكون زائدة في الجهاد . فقبله الشيخ بفرح . والذي كان له صنع له به عزاء . فقال تلاميذ أنبا اولوجي " أن القس ما يأكل الا خبزا وملحا فقط : وأن أنبا يوسف كان يأكل وهو ساكت . فلما أقاموا عنده ثلاث أيام لم يسمعوه يصلي ولا يرتل لأن عمله كان مخيفا فخرجوا من عنده وما انتفعوا بشيء . فتدبير الله صارت سحابة عظيمة فضلوا الطريق ورجعوا الي الشيخ فلما اقتربوا من قلايته سمعوه يرتل ويسبح مدة كبيرة . وفي الآخر قرعوا الباب فسكت عن ترتيله وقلبهم بقرح . ولأجل شدة العطش صحب تلاميذ أولوجيوس ماء في قدح ونالوه . فلما جاء يشرب وجده ممزوجا بماء البحر والنهر فلم يقدر أن يشربه . فلما رجع إلي ذاته وقع قدام الشيخ ملتمساً أ، تجبير ه قائلاً : " ما هذا يا أبتاه انك لم تصل ولم تزمر في الأول ، والآن بعد خروجنا رتلت ، وأيضاً لما اخذنا قدح الماء وجدناه ماء حلواً والآن وجدناه مالحاً . فقال له الشيخ : " أن الأخ موسوس ومن جهله مزجه بماء بحري " . وأن الوجيوس كان يطلب ان يعرف من الشيخ الحق . فقال له الشيخ : ذلك الكأس الصغير كالخمر انما كان للمحبة . وأما هذا فنحن دائما نشربه افراز الأفكار وقطع عنه كل الأمور الانسية . وصار مشاركا يأكل من كل ما يضع بين يديه وبدأ عمله أن يكون مخفياً . فقال للشيخ : " بالحقيقة أن عملك هذا هو العمل الحقاني " . + أمرأة كان لها وجع في ثدييها يقال له السرطان . فسمعت بالأب أنبا لنجينوس فأتت اليه لتراه وتبريء ثدييها . وكان يسكن في دير بقرب الأسكندرية فلما صارت الي الموضع جعلت تسأل عنه وتطلبه فصادفت القديس علي شط البحر يجمع له حطبا . فعندما أبصرته المرأة قالت له يا أبانا أين يسكن رجل الله انبا لنجينا . فأجابها الشيخ وقال : " ماذا تريدين من ذلك الكذاب المرائي : . فقالت : " لي وجع وجئت اليه لكي أبرأ بصلاته " . فقال لها : " لا تذهبي الي ذلك الكذاب المرائي . ولكن أريني ما يؤلمك " حينئذ أشارت المرأة إلي الموضع الذي يؤلمها . فرشها القديس بالصليب وقال : " أذهبي بسلام وربنا هو يشفيك . فأما لنجينا فما يقدر ان ينفعك بشيء " حينئذ أيقنت المرأة بكلمة الشيخ ومن ساعتها برئت . فلما رجعت الي المدينة وأخبرت الناس بما قال لها الشيخ ووصفت لحيته أعلموها أنه " كان انبا لنجينا بركة صلاته تكون معنا جميعا آمين . + ذكر بعض الآباء القديسين انه كان عند النهر القريب من فسطين موضع يسكن فيه سلوانس المغبوط . ويكن هناك أخ متظاهر بالجهل . وذلك أنه كان اذا لقيه أخ من الرهبان كان يضحك من ساعته . وكان كل أحد قد اهمله وانصرف عنه . فحدث أن ثلاثة آباء رأوا أنبا سلوانس ولما صلوا كالعادة سألوه أن يرسل معهم أحدا لكيما يزوروا سائر الاخوة في قلاليهم . وقالوا للشيخ : يا أبانا أوص الأخ أن يأخذنا اليهم كلهم . فأوصاه أن يأخذهم اليهم كلهم وأوصاه علي انفراد : اياك ان تأخذهم الي ذلك الموسوس لئلا يشكوا . وفيما هو يدور بهم علي قلالي الاخوة قالوا للأخ أعمل محبة وخذنا الي جميعهم . فقال لهم : صوابا قلتم . وأنه دار بهم علي جميعهم ولم يدخل بهم الي قلاية الموسوس كما اوصاه الشيخ . فلما عادوا الي الشيخ قال لهم : أرأيتم الأخوة ؟ . فقالوا نعم . قفد شكرنا الله كثيراً . ولكن شيئاً واحداً غمنا أننا ما رأينا جميعهم . فقال الشيخ للدليل : ألم أوصيك أن تأخهم اليهم كلهم ؟ . فقال : يا أبتاه قد عملت أمرك . وعند أنصراف الآباء قالوا للشيخ : بالحقيقة لقد شكرنا لك لأجل أنك أريتنا الاخوة . لكن حزاني أننا ما رأينا الجميع. فبقي الشيخ متفكرا كثيراً . ثم أخذ عصاه ومضي إلي قلاية ذلك الأخ المتظاهر بالوسواس وما قرع بابه بل فتح الباب بهدوء ودخل علي الأخ فوجد جالسا في موضع جلوسه بين قفتين أحداهما عن يمينه والأخري عن يساره . فلما أبصر الشيخ صار يضحك علي عادته . فقال له الشيخ : دع الآن هذا اللعب وقل لي كيف جلوسك ؟ . فضحك أيضاً . فقال انبا سلوانس : أنك تعلم أنني لا أخرج من قلايتي سوي يومي السبت والأحد . الا انني في هذا الوقت انما جئت في وسط الأسبوع لأن الرب يسوع المسيح أرسلني اليك . فأرتاع الاخ لقوله وعمل مطانية وقال : أغفر لي فأنتي ما أعلم أن لي فضيلة قط . فبكي الشيخ وطلب منه بمحبة المسيح أرحمني . فقال : " يا أبي اغفر لي . فاني بالغداة أجلس وهذا حصي قدامي ، فمتي ورد علي فكر صالح طرحت حصاة في القفة اليمني ، ومتي جاءني فكر خبيث طرحت حصاة في القفة اليسري . واذا جاءني المساء أعد الحصي . فأن وجدت حصي اليمين أكثر أكلت ، وأن وجدت حصي الشمال اكثر فلا آكل . وفي الغداة أيضاً اذا جاءني فكر خبيث أقول لنفسي : انظر ماذا تعمل فأنك ما تأكل أيضاً " . فلما سمع هذا الكلام أنبا سلوانس العجيب عجب منه وقال : " بالحقيقة أن الآباء الذين زارونا ملائكة وقديسون وأنما أرادوا يشهروا فضيلة الأخ . لأن حضورهم أورد لي سرورا كثيراً وفرحاً روحانيا " . بركة صلواتهم معنا آمين. ( و ) نفسك ومديح الناس + قال أنبا موسي الأسود : - تمجيد الناس يولد للانسان البذخ وتعاظم الفكر . - حب الأطراء من شأنه يطرد المعرفة . - علي مثال الصدأ الذي يأكل الحديد كذلك يكون مديح الناس الذي يفسد القلب اذا كمال اليه . وكما يلتف اللبلوب علي الكرم فيفسد ثمره كذلك السبح الباطل يفسد نمو الراهب اذا كثر حوله . + وقالت القديسة سفرنيكي : " كما ينحل الشمع قدام النار كذلك نفس الانسان قدام المديح تنحل قوتها " + وقال شيخ : " من مدح راهبا بحضرته ، فقد أسلمه بأيدي أعدائه " . + قيل : مدح الآباء شخصا في وجهه بين يدي الأب أنطونيوس فأراد الأب أن يمتحنه أن كان يحتمل الذم فلم يحتمل ، فقال : " هذا الأخ يشبه قرية مزينة من خارج ، لكنها من داخل خاوية ، يل ملآة من اللصوص " . + قيل عن الأب اللينوس أنه كان مرة يخدم والاخوة جالسون عنده يمدحونه ، وهو لا يجيبهم البتة ، فقال له انسان منهم : " لماذا لا تجيب الآباء وهم يسألونك ؟ " فقال : " لو أجبتهم لصرت مثل من يقبل المديح " . + كان انسان من بلدة الرها اسمه اسبيانوس ، هذا وضع فصولا ولحنها تقرأ إلي الآن ، وقد حدث أن أستولت عليه الكبرياء فأسلم ذاته ، فعرضها لأتعاب كثيرة وأعراق جزيلة وصعوبات شديدة بلا افراز ولا تمييز ، ليحظي بالمديح من الناس ، فخدعه ابليس وأخرجه من قلايته ، وأوقفه علي الجبل المسمي " الستوريون : . وأركبه مركبة وأراه خيلا غيرها ومركبات أخري ، وقال له : " أن الله يستدعيك علفي الصفة التي استدعي بها إيليا : فلما صدق قوله . أرتفعت به المركبة ، وللوقت تلاشت الخيالات ، وسقط هو علي الأرض من علو شاهق فتحطم وحظي بميتة يبكي منها ، بدلا من الرفعة الرفيعة التي أملها . فشرحنا هذا ليس جزافا ، كي لا تخفي عليك عراقيل الخبيث العطشان الي هلاك الناس ، فاحذر ان تشتاق ايها السامع الي تلك الأمور التي تعلو قدرتك ، قبل أن تحظي بذلك من النعمة ، ولا تطلب الصعود في سلم المناظر المنصوبة للسقوط والقيام ، لئلا تطلبها قبل الأوان ، فتحسب من الساقطين ، وتصبح أضحوكة للشياطين . ( ز ) أفكار العظمة + قال شيخ : " اذا لم يأت علينا قتال ، حينئذ ينبغي لنا أن نتضع جداً ، عالمين أن الله لمعرفته بضعفنا رفع عنا القتال ، وأن افتخرنا يرفع عنا ستره فنهلك " . + وقال آخر : " أياكأن تقول في قلبك من جهة انسان ، انك أحرص منه ، أو أكثر منه معرفة ، أ, أبر منه ، بل أخضع لنعمة الله ، ولروح الحكمة ، والحب الذي ليس فيه غش ، لئلا تنطفيء بالعظمة ، وتضيع تعبك لنه مكتوب : " يا من تظن أنك قائم احذر لئلا تسقط " . + وقيل أيضاً : " ليس هناك شفاء لوجع المفتخر ، لنه بقدر ما يتعالي بأفكاره بقدر ما ترتفع معرفة الله عن نفسك ، والي عمق الظلمة يهبط " . + حدث أن أغلق اخ علي نفسه باب قلايته زمانا يسيراً ، فقاتلته أفكار مكتوبة وأحلام سمجة ، فبعث الي شيخ قديس يستشيره في ذلك ، فأجابه الشيخ قائلا : " أن كنت تريد أن تخلص ففر من شيطان العظمة وأجعل لك قيل .. لأن المذلة تهلك العظمة وتبعدها ، ولا تدع أحداً يخدمك ، بل أخدم أنت نفسك ، وأنت تخلص بمعونة الله ، والآن فلا تغلق الباب الخشب ، بل بالحري اغلق باب لسانك" + كان انسان اسمه دكياس يسكن جبلا من أعمال أورشليم ، هذا لم يصل مع أحد جملة ، وبغتة تجاسر علي أن يخدم القداس وهو علماني . + مرة قوتل أنبا مقاريوس . بالعظمة وهو في قلايته ، وحثه الفكر علي الخروج منها ، والذهاب الي رومية لينفع كثيرين بحسب ما أملته عليه أفكار العظمة فلما الحت عليه الأفكار بذلك ، ألقي بنفسه داخل قلايته عند بابها ، وأخرج رجليه من الباب ، ثم قال لأفكار العظمة : أخرجوني أن قدرتم ، فأني لن أخرج طائعاً ، فأن لم يمكنكم ذلك فلن أطيعكم . ولم يزل ملقي وهو يقول هذا الكلام الي الليل حيث أشتد عليه القتال والأفكار ، وأخيراً أخذ قفة وملأها رملا وحملها ، وبدأ يطوف بها البرية حتي لقيه القديس فسطوس ، فقال له : " ماذا تحمل يا أبتاه ؟ اعطني أياه ، ولا تتعب أنت " فقال له : : أريد أن أشقي من يشقيني ، فأنه إذا ما نالته الراحة ، سبب لي الأسفار والشقاء " ، واستمر هكذا إلي أن كفت عنه الأفكار فرجع إلي قلايته وهو يشكر الله . + قيل : حدث مرة أن أتفق ثلاثة شيوخ علي أن يخرجوا معا إلي البرية لعلهم يجدون رجلا متعبداً لله ، ولما سشاروا ثلاثة أيام ، وجدوا مغارة ، فأتوا اليها . فأبصروا نفساً خارجة من جسدها ، وهي تساق الي جهة الغرب ، فبكوا لذلك قائلين : " يارب ، كيف أن متوحداً كهذا ، وفي هذا المكان من القفر ، تساق نفسه إلي الغرب ؟ " ، فجاءهم صوت قائلا : أن لهذا الشيخ في هذه الغارة 40 سنة . وقد فكر في قلبه قائلا : أنه لا يوجد راهب آخر مثلي . فلهذا السبب تساق نفسه الي الغرب . فقال الشيوخ : " بالحق ان الكبرياء تهلك جميع ثمر الراهب " . + وقيل أيضاً : أن شاب آخر اسكندراني ، كان رشيقا ذكيا فطنا حسن السيرة هذا بعد احكامه سيرة فاضلة ، وصل الي ذروتها وبلغ غايتها بأتعاب كثيرة وأعراق جزيلة ، فتشامخ وتعجرف حتي انه رفع عنقه علي جميع الآباء ، بتباه وأبهة ، وتجاسر علي شتيمة الكل وفي جملتهم شتم القديس أوغريس قائلا : أن كل الراسخين لتعاليمك مخدوعون ، لأنه لا معلم غير المسيح وحده . واستشهد – حسب جهالته 00 قائلا أن المخلص نفسه قد جزم قائلا " لا تدعوا لكم معلما علي الأرض : . واظلم عقله لتعجرفه ، فانحط انحطاطا يرثي له منه ، حتي أنه غلل بالحديد ، ولقد كان كثيرون يتحدثون بشدة نسكه ، وقال ثوم أنه كان يصوم ثلاثة أشهر لا يأكل فيها الا ما كان يتناوله من القربان في يوم الأحد مع ما يتفق له من الحشائش البرية ، ولقد كانت لي أنا به خبرة . + وآخر اسمه ابطلما عاش عيشة يصعب وصفها / هذا اول أمره سكن فوق الاسقيط في الموضع المعروف بالمفارج ، وهو مكان لم يسكنه قط ساكن من الأباء ، وكان بينه وبين الماء ثمانية عشر مسافة واتخذ لنفسه جرة ولقانين ( وعاءين ) وكان بينه بجمع الندي باسفنج من علي الصخور في كانون الأول وكانون الثاني ويعصره في تلك الأوعية ويرفعه للصيف /، ومكث علي تلك الحال 15 سنة لا يكلم أحدا ، وتغرب من ملاقاة رجال أبرار ومخاطبتهم ، وعدم التعليم الروحاني والتناول من الأسرار الطاهرة ، فجعل يبحث عن حقائق الأمور وغوامضها ، فجن وصار يقول / الأشياء ليس لها مدبر وأنها موجودة مدبرة منها وبها ، فلأي وصار يقول : الشياء ليس لها مدبر وأنها موجودة مدبرة منها وبها ، فلأي شيء أشقي نفسي وأي ثواب يكون لمن يبلغ الي هذا التعب ؟ فلما أجاب في فكره هذه اظلفكار توسوس وضاع عقله ، فنزل الي مصر ، وهكذا أخذ يدور من مكان الي مكان ليلا ونهارا مطرقا الي أسفل وهو لا يحادث أحداً ، وكان منظره يرثي له ، كما كان كل واحد من النصاري يراه يبكي عليه اذ صار ملهاة وملعبة لمن لا يعرف سيرتنا ، وقد لحقته هذه المصيبة الكبري لتيهه وصلفه وظنه بنفسه أنه قد فاق سائر الآباء طانا بنفسه ما ليس هو فيه ، ومن حيث انه لم يصنغ الي مشورة أحد من الأباء فقد هبط هبطة فظيعة ومات أشر ميتة . ويشبه حاله حال شجرة مورقة وبالأثمار مخصبة ، ضربتها ريح شديدة فسقطت بغته وتعرت من اوراقها وأثمارها وبقيت يابسة ، وهذا هو ما يلحق بمن يتدبر برأي نفسه ولا يسمع مشورة الحكماء . + وجاء كذلك . عن بكر كانت بأورشليم حبيسة في قلاية ست سنين لابسة مسوحا ، هذه تنكست نسكا زائدا ، ولم تاكل شيئا متلذذا البتة . فمنعها الآباء من ذلك لكنها لم تصنع الي مشورة أحد ، فتعرت من معونة الله لعجرفتها لما اعجبتها نفسها ، فتباعد عنها حافظ عفتها ، وسقطت سقطة يستعاذ منها ، فقد فتحت باب حبسها وأدخلت اليها انسانا كان يخدمها وكلفته بمعاشرتها ، وقد لحقتها هذه المصيبة لما جعلت قصد نسكها للمراءاة ، ولظنها أنها صارت أفضل من كثيرين ، فلما تملكتها الأبهة ، وقعت في يد أبليس . + كما ان انسانا اسمه ابراهيم كان راهبا قبطيا ، هذا عاش في البرية عيشة يعسر تحريرها ، فلما تسفه أصاب مرض الكبرياء ، فجاء الي البيعة مخاصما القسوس قائلا : " لقد سامني المسيح قسيسا في هذه الليلة ، فأقبلوني أكهن " . فأخرجه الآباء من الكنيسة وساقوه الي سيرة أغلظ من غيرها فشفوه من ألم الكبرياء وعرفوه ضعفه ، وحققوا له أن شيطان العجرفة قد تلاهي به . + من سيرة القديس ابيفانوس : ظهر في أيام أبيفانيوس بقبرص شاب دعي الفليسوف فجادله علماء كثيرون ، فكان يفحمهم مقنعا أياهم بأقواله ، وكان يأتيه كهنة كثيرون وأساقفة فيقنعهم باقناعات ، فتكاسل الأكثرون عن مجادلته ، وتراجعوا عن مفاوضته وذاع صيته حتي وصل خبره الي بافوس ، حيث تحدثوا بحكمته وقوة منطقة ومقدرته علي الجدال حتي ضل خبره الي بافوس ، حيث تحدثوا بحكمته وقوة منطقه ومقدرته علي الدال حتي ضل بسببه الكثيرون ، فلما رأي الأسقف أبيفانيوس ذلك حزن متفكرا في نفسه ثم قال : ومن يكون هذا الشاب المفتخر بعلوم كذبة أمام ايمان السيد المسيح . وأنه تسلح بالايمان ، وأمر بان يحضروه اليه ، فمضوا وقالوا له : الأسقف أبيفانيوس يستدعيك . فقام وجاء اليه ، فلما حضر عنده لم يتكلم معه ، بل أنتصب للصلاة أولا ، فلما بدأ الأسقف بصلاته أخذت الشاب رعدة ،وصر علي أسنانه ، فتعجب الكل لذلك كثيرا ، فلما شعر الأب بقوة الصلاة ، بدأ يطلب الي الله قائلا : " يارب أشف هذا الشقي العليل من هذا المرض ، حل أسره يارب وأظهر الشيطان المستتر فيه وأعتق جبلتك منه " . عند ذلك صر بأسنانه وازبد ، واحمرت عيناه وصرخ بصوت عظيم قائلا : " أأنت يا أبيفانيوس تخرجني من مسكني ؟ " . فقال له الشيطان : " أنك لم تعرفني من أنا " . قال : أنا هو الذي تكلمت في ذاك المدعو " أوريجانوس " . قل له الأسقف : أن كنت أنت الذي تتكلم ، فقل لنا بدء الكتاب الذي صنفه ذلك الشقي . فبدأ أبليس يشرح بدء الكتاب . فقال له القديس : بالحق أنت هو المصنف لهذه الشرور العظيمة . ولم يحتمل الأب أن يسمع أكثر ، فقال له : أصمت يا ابن جهنم ، أنا آمرك باسم الرب يسوع المسيح أن تخرج عنه ولا تؤذيه . فصرعه علي الأرض وخرج منه . فلما أفاق ورجع الي نفسه ، سألوه : من أين كانت لك القدرة علي ذلك المنطق العظيم والنحو والفلسفة ؟ فقال : لست اعلم ما تقولونه ، ولا كيف كنت أنتكلم ، ولا كيف أتيت الي هنا ! .. فعجب الحاضرون وخافوا من ضربات العدو . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:40 PM | رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الصوم مفهوم الصوم ( أ ) أذلال الجسد ( قهر – قمع ) + قال القديس لنجيوس : " الصوم يجعل الجسم يتضع " . + قال القديس مكسيموس : " من غلب الحنجرة فقد غلب كل الوجاع " . + قال شيخ : " جيد أن يكون فمكن منتنا من شدة الصوم ، فذلك أفضل من أن يوجد فيه رائحة خمر " . + قال أنبا دانيال : " ما دام الجسد ينبت فبقدر ذلك تذيل النفس وتضعف ، وكلما ذبل الجسد نبتت النفس " . + شيخ حديثته أفكاره من جهة الصوم قائلة : " كل اليوم ، وتنسك غدا " : " لن أفعل ذلك ، لكني لأصوم اليوم وتتم أرادة الله غدا " . ( ب ) ضبط الحواس + قال مار اسحق : " الذي يصوم عن الغذاء ، ولا يصوم قلبه عن الحنق والحقد ، ولسانه ينطق بالأباطيل باطل ، لأن صوم اللسان أخير من صوم القم ، وصوم القلب أخير من الأثنين . " . + قيل عن أنبا قسيان : " أنه ذهب الي شيخ له 40 سنة في البرية ، وسأله بداية : " ماذا قومت أيها الأب في هذه الخلوة التي لا تكاد تلتقي فيها بانسان ؟ " فأجابه قائلا : " اني منذ أن ترهبنت ، لم تبصرني الشمس آكلا " فقال سائله : " ولا أبصرتني السمش غاصبا قط ؟ ! " . + قال راهب لشيخ :" لي ثلاثون سنة لم آكل فيها لحما " . فأجابه الشيخ : " وهل لك ثلاثون سنة لم تخرج من فمك لعنة ، تلك التي نهاك الله عنها ؟ " فلما سمع الأخ ذلك قال : " بالحقيقة هذه هي العبادة المرضية لله " . + قال القديس باسيليوس : " ان الصوم الحقيقي هو سجن الرذائل ، أعني ضبط اللسان ، وامساك الغضب وقهر الشهوات الدنسة " . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:40 PM | رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
كيف أصوم ؟ ( أ ) الصوم . وكمية الأكل ( الطعام ) + قل شيخ : " كما أن الذئب لا يجتمع مع النعجة لانتاج ولد شبع البطن لا يجتمع مع توجع القلب لانتاج فضيلة " . + وقال آخر : " لا تملأ بطنك من الخبز والماء ، ولا تشبع من نوم الليل ، فأن الجوع والسهر ينقيان أوساخ القلب من الأفكار ، والجسد من قتال النجاسة ، فيسكنه الروح القدس ، لا تقل " اليوم عيد آكل وأشرب " فأن الرهبان ليس لهم عيد علي الأرض ،/ وانما فصحهم هو خروجهم من الشر ، وعنصرتهم تكميل وصايا المسيح ، ومظالهم حصولهم في ملكوت السماء فأما الشبع من الخبز فأنما هو والد الخطية " + قال أنبا أولوجيوس لتلمذه : " يا بني عود نفسك أضعاف بطنك بالصوم شيئا فشيئا ، لأن بطن الانسان انما يشبه زقا فارغا فبقدر ما تمرنه وتملأه تزداد سعته ، كذلك الأحشاء التي تحشي بالأطعمة الكثيرة ، ان أنت جعلت فيها قليلا ضاقت وصارت لا تطلب منك الا القليل " . + قال أخ : " مقاتلا بالزني ، فسأل شيخاً أن يبتهل في أمره لكيلا يقهره الشيطان ، فسأل الشيخ الله في أمره سبعة أيام وبعدها سأل الأخ عن حالته فقال له : " لم يخف القتال بعد " فتعجب الشيخ لذلك ، واذا بالشيطان قد ظهر له قائلا : " أما أنا ، فمنذ اليسوم الأول في ابتهالك الي الله بشأنه ، انصرفت عنه ، انما هو يقاتل ذاته وحده ، لأنه يأكل ويشرب وينام كثيرا " . ( ب ) الصوم . ونوع الطعام ( الأكل ) + قالت القديسة سفرنيكي : " لا يخدعنك تنعم العلمانيين الأغنياء ، كأن فيه شيئا نافعا من اجل اللذة ، لن أولئك يكرمون صناعة الطباخين لا غير ، فجز أنت بالصوم ساعة الأطعمة ، لأنه قد قيل : " أن نفسا مترفهة ، اذا أنتهرت من أربابها ألا تشبع خبزا ، فلن تطلب خمرا " . + قيل عن يوحنا ذهبي الفم : " أنه مدة اقامته في البرطيركية كان غذاؤه ماء الشعير والدشيشة يوميا كما كان يأخذ طعامه بوزن ومقدار ، وهذا ما جعله أن ينسي الشهوة ، أما ثوبه فقد كان من خرق وشعر خشن ، ولم يكن له ثالث " . ( جـ ) الصوم . وفترة الانقطاع + قال الأب أوغاريتوس : " أقرن محبة اللاهوتية بالجوع ، لأنه يأتي بالراهب الي ميناء عدم الأوجاع" + قال الأب لوقيوس : " توجعت معدتي مرة وطلبت طعاما في غير أوانه ، فقلت لها : موتي ما دمت قد طلبت طعاما في غير اوانه ، فها أنا أقطع عنك ما كنت أعطيك أياه في أوانه " . + قالت القديسة سفرنيكي : " إذا صمت قلا تحتج بمرض . لأن الذين يصومون قد يسقطون في مثل هذه الأمراض ، وإذا بدأت بالخير فلا تتعرق بقطع الشيطان أياك ، فأنه سيبطل بصبرك" ( د ) الاعتدال في الصوم + سؤال : " كيف ينبغي للراهب أن يمارس خدمته في الترتيل وتقدير الصوم؟ " . + الجواب : " سبيله الا يعمل شيئا يزيد علي المرسوم ، وذلك لأن كثيرين أرادوا أن يزيدوا علي ما رسم ، فما أستطاعوا فيما بعد أن يعملوا ، حتي ولو أقل منه " . + سأل أخ الأب لوقيوس قائلا : " أريد أن أصوم يومين يومين " فقال له شيخ : " قد قال أشعياء النبي أن أنت أضنيت عنقك كالحلقة ، وأفترشت المسوح والرماد ، فلن يعتبر ذلك صوما مقبولا ، أما أردت الصوم حقا فأصرف الأفكار الخبيثة " . + قيل : أنه كان في الصعيد راهب قد بلغ من التقشف مبلغا عظيما ، ظافرا علي صلوات وطلبات وسهر ، ومالكا عدم القنية الي أبعد غاية ، يفني جسده بالأصوام والأتعاب . هذا كان قد بدأ جهاده بأن كان يتنازل كل عشية ملء راحته قطينية مبلولة وكفي . وصار يتدرج الي أن أصبح يتناول ذلك القدر يوما بعد يوم ، وهكذا حتي استطاع بعد مدة أن يأكله مرة واحدة كل أسبوع مساء الأحد أو يأكل مما اتفق له من الحشائش النباتنية ، ومكث علي هذه الحال مدة من الزمان ، فحسده الشيطان وأراد أن يرميه في الكبرياء ، فوسوس له بأنه قد سلك في النسك مسلكا لم يبلغه أحد من البشر ، وأنه يجب أن يجترح الآيات كي يزداد نشاطه ، ويري الناس العجدائب فيمجدوا الله ، لأن الرب نفسه ايضا قال : " ليري الناس أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذي في السموات " . فسأل الرب من أجل هذا الأمر / وإذا لم يشأ الاله المتعطف أن يظلم تعبه ، فقد ألهمه فكرا بأن الرسول يقول : " لسنا كفأة أن نري رأيا من أنفسنا " . وقال : " أن كان ذلك السيد لم يجد نفسه كفئا لان يري رأيا من ذاته ، فكم بالحري يجب علي أنا الشقي أن أقول هذا القول ، أقول أذن وأمضي إلي فلان المتوحد ، ومهما قال لي أقبله كمرسل لي من قبل الله " . وكان ذلك المتوحد راهباً كبيراً وقد نجح في عمل المشورة ، حتي استطاع أن يفيد من يسأله . فقام للوقت ومضي اليه ، فلما دخل قلايته رأي المتوحد قردين جالسين علي كتفيه ، ممسكين عنقه بسلسلة ، وكان منهما يرهقه جذبا اليه ، فلما شاهد هذا المنظر عرف السبب اذ كان متفقها جدا . وأنه تنهد باكيا بسكون ومن بعد الصلاة وما جرت بع العادة من السلام ، جلسا مدة ساعة صامتين لأنه هكذا كانت عبادة الآباء الذين هناك ، ثم فتح الراهب القادم فاه قائلا : " أيها الأب ، انفعني وأردني مرشدا للخلاص . لا تردني يا أبي ني موقن بفضلك وقد ألزمت قبول مشورتك " . فأجاب الشيخ : " أني أخشي أنك لا تسمع مني ، ولذلك أفضل أن أمتنع من ذلك " فحقق وأكد له أنه قبل مجيئه قد عاهد نفسه قائلا : " مهما قلت لي اقبله كما من فم الله " . فقال الشيخ : " خذ هذه النقود وأمض الي المدينة وابتع عشر خبزات وقسط نبيذ وعشر أرطال لحم وعد بها الي " . فحزن الأخ لذلك جدا ، لكنه علي كل حال أخذ ما أعطاه له مضي كئيبا ، وفي طريقه جاءته الأفكار قائلة : " أي شيء يقصده هذا الشسخ ؟ وكيف أستطيع أنا أن أبتاع هذه الأشياء وكيف أحملها . وما هي موقفي من العلمانيين مما يضطرني الي أن أذوب خجلا ؟ " وهكذا سأل واحدا فابتاع له الخبز ، وآخر ابتاع له النبيذ ، ولما جاء دور اللحم قال : " يا ويلي كيف أحصل علي اللحم ، سواء أبتغيه أنا بيدي أم كلفت آخر " ، ثم كلف رجلا علمانيا فأبتاع له اللحم ، وحمل الجميع وجاء بها الي الشيخ مفكررا . فقال له الشيخ : " أطبخ اللحم وطجنه " ففعل ذلك معبسا . فقال له الشيخ :" لا تنسي ما عاهدتني به أنك سوف تفعل جميع ما أشر به عليك ، فخذ هذه الأشياء جميعها ، وأمضي الي قلايتك ، وصل وتناول خبزة واحدة وشربة واحدة من النبيذ ورطل لحم في كل يوم عند المساء . ومن بعد عشرة ايام عد الي : . فلم يتجاسر علي أن يرد له جوابا . وهكذا أخذ كل ما اعطاه ومضي حزينا باكيا قائلا في نفسه : " من أي درجة في الصوم هبطت ، وفي أي حالة حصلت ؟ " ثم قال لنفسه : " أن لم أفعل ما أمرني به أكون قد خالفت الله ، لأني قد عاهدته أنه مهما قال لي أفعله كما من فم الله والأن يارب ، أنظر الي شقاوتي وارحمني وأغفر لي خطيئتي لأني مضطر أن أعمل خلاف هواي : . وجاء الي قلايته باكيا ، وتمم ما قاله له الشيخ ، وانعكف علي الصلاة انعكافا بليغا ، وكان اذا ما اكل ، يبل الخبز بدموعه قائلا : " يا الله قد أهملت وخذلت من يدك " فلما رأي الله حزنه وبكاءه ومسكنته ، عزي قلبه وكشف له السبب ، فشكر الله واعترف بالقول النبوي : " أن كل بر الانسان مثل خرقة الطامث ، وأيضاً " لأن يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤن وان لم يحرس الرب المدينة فباطلا يسهر الحراس " . وهكذا عاد الي الشيخ منهوك الجسم موعوكا أكثر مما كان وهو يطوي الأسابيع صائما . فلما رآه الشيخ متذللا متمسكا قبله بفرح بوجه طلق ، وصليا وجلسا صامتين مدة ساعة ، ثم قال الشيخ : يا ولدي ، أن الله المحب للبشر قد تعاهدك ، ولم يمكن العدو من الاستيلاء عليك ، لأنه من عاداته دائما خدعة من يسلك مسلك الفضيلة بوجوه تتبين أنها واجبة ، ويسوقهم بها الي مرض الكبرياء ويأمرهم أن يخوضوا في خوض عظيم من الفضائل حتي – من هذه الوجهة – يهبطهم هبوطا عظيما ، لآنه ليس عند الله شيء مرزول مثل مرض الكبرياء . ولا ثمة فضيلة تساوي التواضع ، فتأمل الأمرين من مثل الفريسي والعشار ، لأن بعض الشيوخ يقولون أن بعض الافراطات من أعمال الشياطين ، فاسلك طريقا ملوكية كما قال الكتاب ، ولا تمل يمنة ولا يسرة ، اتبع التوسط في الأمور . في كل عشية يكون اغتذاؤك وان دعت الضرورة لمرض أو عارض يعرض ، فاسلك للوقت بحسب ما تقتضيه الحال ، كذلك أن أقتضي الأمر حل الساعة المحدودة فلا تحزن ، وأن اقتضي أن تتناول في يوم غير مطلق ، فتناوله ، لسنا تحت ناموس بل تحت نعمة . فماذا أكلت فلا تمتليء بل اقتصر سيما من الأطعمة الحنجرانية ، وأحب دائما ما كان دونا ، وأحفظ قلبك لأن النبي يقول : " ضحية الله روح منسحقة ، والله لا يرذل القلب المتواضع المنكسر " . وقد قال أيضاً : " تواضعت فخلصني الرب : والرب يقول بلسان أشعياء النبي : " الي من أنظر ، الا الي الوديع الخائف من كلامي : . فألق يابني أتكالك علي الرب واسلك طريقك بسلام وهو يفعل لك الخير / ويخرج عدلك كضوء وحكمك كالظهيرة . وبعد ان دعم الأخ بأقوال كثيرة ، اخلي سبيله مسرورا بالرب ، واذ كأن يمضي ترنك قائلا : " خائفوك وعارفو شهادتك ليروني ، وأدبا أدبني الرب وإلي الموت لم يسلمني ، ويؤدبني الصديق برحمة ويوبخني : وقال لنفسه " أرجعي يا نفسي الي موضع راحتك لأن الرب قد أحسن اليك " وبقية القول . وهكذا جاء الي قلايته ، وأمضي بقية عمره حسب مشورة الشيخ . ( د ) عنصر الخفاء في الصوم علمت في بعض القلالي أغابي وتفسيرها " المحبة " ، وتقال بلغة القبط( افراشي ) ، وتفسيرها " الفرح " ، وجلسوا يأكلون ، وكان بينهم أخه لا يأكل طبيخا ، فقال أحد الأخوة للخادم : " أن ههنا أخا لا يأكل طبيخا قط ، وهو يريد قليلا من الماء والملح ، فأعلي الخادم صوته ونادي خادما آخر : " أن الأخ فلان لا يأكل طبيخاً ، فأحضر له قليلا من الماء والملح ". فقام أحد الشيوخ من المائدة وقال له : " لقد كان خير لك لو جلست في قلايتك وأكلت لحما ، من ان تصدر عنك هذه الغضبة هكذا علي رؤوس الملأ " . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:41 PM | رقم المشاركة : ( 47 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
عندما يحل القانون + مرة زار أنبا أولونيوس أسقف فيلوابولاوس في جبل انطونيوس الأب سيصوي ولما عزم علي الأنصراف جعله يتغذي باكرا قبل انصرافه وكان صوما ، فلما وضعت المائدة ، اذا قوم يقرعون الباب ، فقال لتلميذه : " قدم لهم قليلا من الطبيخ " فقال الأسقف : " دعهم الآن لئلا يقولوا ان سيصوي يأكل باكراً " فتأمله الشيخ وقال للأخ : " امضي اعطهم " فلما أبصروا الطبيخ ، قالوا للأخ : " يا تري هل عندكم ضيوف ، والشيخ يأكل معهم ؟ " قال نعم ، فحزنوا قائلين : " لماذا ترتكم الشيخ يأكل في مثل هذا الوقت ؟ أما تعلمون أن الشيخ يعذب ذاته أياما كثيرة بسبب هذه الأكلة ؟ " فلما سمع السقف هذا الكلام ، صنع مطانية قائلا : " أغفر لي يا أبي لأني تفكرت فكرا بشريا ، أما أنت فقد صنعت أوامر الله " ، فقال الشيخ : " أن لم يمجد الله الانسان ، فمجد الناس ليس شيئاً . + وحدث مرة أيضاً أن زاره أنبا قسيانوس ، والقديس جرمانوس ، وهما شيخان من فلسطين ، فاحتفل بضيافتهما ، فسألاه لأي سبب لا تحفظوا رسوم صومكم في وقت ضيافكيم الاخوة الغرباء علي ما عرفناه في بلدنا فسلطين ؟ فأجابهم قائلا : " أن الصوم معي دائما ، وأما أنت فلست معي دائما ، والصوم شيء نافع لازم ، وهومن نيتنا ومن أرادتنا ، وأما أكمال المحبة فيطالبنا به ناموس الله بلازم الاضطرار ، فبكم أقبل المسيح ويوجب علي دينا لازما بأن أخدمه بكل حرص ، فاذا شيعتكم امكنني استعادة صومي ، وذلك ان ابناء العرس لا يستطيعون ان يصوموا مدام العريس معهم ، فمتي رفع الحتن فحينئذ يصومون بسلطان ". + حدث أن أضاف اخوة بدير الأب سلوانس مع تلميذه زكريا وجعلوهما يتغذيان قبل انصرافهما ، وفي ذهابهما عطش التلميذ ، فلما وجد في الطريق ماء ليشرب ، منعه الشيخ قائلا : " لم يأت وقت الافطار بعد " فقال التلميذ : ألم نأكل قبل انصرافنا يا أبي ؟ ! " فقال له الشيخ : " أنه لأجل المحبة اكطلنا ، والآن لا نحل قانوننا " . أما أنبا سيصوي الصعيدي فلم يكن يحل قانونه لأمر ما . جاء عنه انه كان ساكنا في غيضه وكان شيخ آخر مريضاً في ( السيق ) ، فلما سمع حزن ، لأنه كان يصوم يومين يومينن ، وكان ذلك اليوم من الأيام التي لا يأكل فيها ، فقال : " ماذا أصنع ؟ ان مضيت ربما الزمني الاخوة بأن آكل " ، وأن صبرت الي الغد ، فربما يتنيح الشيخ ، لكني هكذا اصنع ، أمضي ولا اكل " ، وفعلا مضي وأتم وصية الله ، ولم يحل قانونه ، وقد أخبر عنه أيضاً بعض الآباء ، أنه أراد وقتا ما أن يغلب النوم ، فعلق ذاته في صخرة ، فجاء ملاك الله وأوصاه الا يصنع مثل هذا ولا يجعل ذلك عادة لآخرين . تدريب حياة الصوم والنسك الدائم + قال شيخ : " حصن الراهب هو الصوم ، وسلاحه هو الصلاة ، فمر ليس له صوم دائم فلا يوجد حصن يمنع عنه العدو ، ومن ليست له صلا تقية ، فليس له سلاح يقاتل به العداء " . + اذعوا في برية مصر : " ان الصيام الكبير قد بدأ ، فمر أخ بشيخ كبير وقال له : " لقد بدأ الصوم يا أبي " فقال له الشيخ : " أي صيام يا ابني ؟ " . فقال له الأخ : " الصيام الكبير !" . فأجاب الشيخ وقال له : " حقاً أقول لك ، أن لي هنا 53 سنة ، لا أدري متي يبدأ الصوم الذي تقول لي عنه ولا متي ينتهي ،ولكن سيرة سنيني كلها واحدة " . + قيل عن الأب ديسقورس ( الشماس ) أن خبزه كان من شعير وعدس ، وفي كل سنة كان يرسم لنفسه خطة يبدأ بها جهاده قائلا مثلا : " في هذه السنة سوف لا التقي بانسان ، ولن أكلم أحدا وفي هذه السنة لن أكل طبيخاً ولن اتذوق ثمرة " ، وهكذا كان يصنع في كل خطة ، فاذا تمم احداها ، بدأ بالأخري ،وهكذا كان الحال طوال السنة ، وقد كان يقول : " أن كنا نلبس الثوب السمائي ، فلن نوجد عراة ، وأن وجدنا لابسين غير ذلك الثوب ، فماذا نصنع ؟ نخاف أن نسمع ذلك الصوت القائل : أخرجوه الي الظلمة القصوي ، هناك يكون البكاء وصرير الاسنان فالآن يا أخوتي ، قبيح بنا أن نقضي في لبس الاسكيم هذه السنين كلها ، وأن نوجد عراة في اليوم الأخير وليس علينا ثياب العرس ، فالويل لنا من تلك الندامة ، اذا ما نظرنا الي سائر الأبرار والصديقين ، وهم يصعدون الي السماء ، ونحن نساق الي العذاب " . + جاء عن الأب الاديوس أنه أقام بالاسقيط 20 سنة بقلاية ، كان طعامه خبزا وملحا دائما ، واذا وافت ايام الفصح ، كان يقول : " ان الأخوة يأكلون خبزا وملحا ، فعلي أن آكل خبزا وأنا واقف " . قال شيخ : " أني أعرف انسانا من أهل القلالي ، هذا قد صام جمعة الفصح كلها ، فلما كان وقت الاجتماع في عشية السبت ، لم يحضر مع الاخوة ، لئلا يأكل شيئا مما يوضع علي المائدة ، بل عمل في قلايته يسيرا من السلق ، وأكله بغير زيت " . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:42 PM | رقم المشاركة : ( 48 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الإحتمال توجد آلام طبيعية مثل الجوع والشعور بالتعب والمرض يشعر بها الانسان في جسده يحكم الطبيعة البشرية . وتوجد آلام قد نسميها سلبية يحتملها الانسان وليس له يد فيها مثل احتمال الشتيمة والاهانة والامتهان وتوجد يد فيها مثل احتمال الشتيمة والاهانة والامتهان وتوجد آلام قد تدعي ايجابية يحتملها الانسان في العمل مثل الأحزان والتجارب والشدائد . + قالت القديسة سفرنيكي : " أن حيل المحتال كثيرة ، فاذا لم تتذلل النفس بالفقر ، فانه يقدم لها الخديعة بالغني ، واذا لم يقدر علي اضرارها بالشتائم والتعييرات ، فأنه يقدم لها المديح والسبح الباطل ، وأن لم يغلب بالصحة ، فأنه يجلب علي الجسم أمراضاً ، وان لم يقدر أن يخدع باللذات ، فأنه يجرب أن يخزن بالأوجاع ، فأن كنت خاطئا وحل بك هذا ، فتذكر العذاب العتيد ، والنار الدائمة ، فلا تمل من الحاضرات ، بل أفرح بالحري اذا افتقدك الله ، ولسكن علي لسانك بارا ، فاشكر الله واذكر المكتوب : " أننا بتألمنا معه نتمجد أيضاً معه . + قال القديس برصنوفيوس : " كل شيء من أمور العالم هو فان وليس بشيء ، فاسبق وصور الله بين عينيك وكن حريصا في أن تتوب ، لأن زمانك في هذا الفعالم قليل . كن وديعا بقلبك واذكر الحمل الوديع وكم صبر ، ورغم أنه لم تكن له خطية ، احتمل الشتم والصبر وسائر الأوجاع حتي الموت ، اتعب وجاهد ليبعد عنك الغضب والحرد بمعونة الله الحق ، الهك المسيح الذي أحبك " . + قال راهب : " الذي يريد الخلاص فليتحمل الظلم ويصبر علي الاهانة والخسارة الجسدانية " . + قال القديس باسيليوس : " الحكيم لا يتاني غير المخوف ، ولا يرجو غير المدرك ، ولذلك لا يخاف الآلام ولا يرجو دوام اللذات العالمية ، لأنها سريعة الزوال ، فإذ لا يخاف هذه الآلام يحتملها ، وأذ يرجو هذه اللذات فلا يطلبها " . + قال الأب لوقيوس : " ان المرأة تعلم أنها حبلت عند توقف دمها ، كذلك النفس تعلم أنها قد قبلت الروح القدس عند انقطاع الآلام عنها السائلة منها من أسفل .. أما اذا دامت فيها ، فكيف يمكنها أن تثمر – وهي هكذا – ثمارا مثل ثمارها وهي عديمة الآلام ؟ + قال أحد الاخوة لشيخ سائلا : " قل لي يا أيتاه امرا واحدا لأحفظه وأخلص به " . فقال له الشيخ : " أن شتمت فلو أمكنك أن تحتمل ، فذلك من أشرف ما يكون " . وقال الشيخ أيضاً : " كل من استطاع أن يحتمل محقرة ، أو شتيمة ، أو خسرانا جسديا ، فأنه يخلص". أ – احتمال للآلام المادية الطبيعية الوجاع الجسمانية – التعب – المرض – الأماكن الأوجاع الجسمانية + قال شيخ : " يجب أن نشكر الله علي الوجاع الجسمانية ، فأن الرسول يقول " اذا ما فسد انساناً الخارجي ، فأن الداخلي يتجدد يوما فيوما " ، فلن نشارك المسيح في مجده الا اذا شاركنا أوجاعه ، ولا نقدر أن نشاركه في أوجاعه ، الا بالصبر علي الشدائد . الشكر في الشدة يعين علي الخلاص منها ". التعب + قال الشيخ : " من لا يقتني تعب الرهبنة فلن يقتن فضائلها ، ومن لا يقتني فضائلها فلن يقتن مواهبها " . + وقال آخر : " مناجل المرض لسنا نفلح ، لأننا لا نعرف أقذارنا ، وليس لنا صبر في عمل نبدأ فيه ، ولكننا نريد أن نقتني الفضائل بلا تعب " . المرض + قال الأنبا يوسف التبايسي : " توجد ثلاثة أمور كريمة أمام الله : أولها ، أن يؤدي الانسان عملا خالصا لوجه الله ، ولا يرئي فيه بشريا ، أما ثانيها ، فهو أن يكون الانسان في مرضه ، وحين تتواتر المحن عليه ، راضيا شاكرا . وثالثها ، فهو وجود الانسان مداوما علي طاعة أب روحاني ، هاملا بحسب مشوراته . فبهذه الأمور الكريمة ، يؤهل الانسان لاكليل فاضل ، وأني لذلك أحب المرض ، اذ قيل عن شيخ كان في كل زمانه يشتكي ، الا أنه في سنة من سني حياته وجد غير مشتك ، اذ لم يصبه خلالها مرض ، فمكث تلك السنة حزينا جدا ، وكان يبكي ويقول : " لقد أسلمتني يا الله ، ولم تتعهدني بالطعام ، الذي كنت قد عودتني عليه ، من الأمراض التي كنت تجلبها علي " . + قال الشيخ : " من يخاف من مرض الجسد ، فهو عادم الفضيلة ، واذا انعتق بالكمال من الآلام ، فحينئذ يسير بغير مانع " . + حدث أن اعتل أخ علة عزيمة ، لدرجة أنه كان يري من تحته دما ،فصنع له أحد الأخوة طعاما وجاء به اليه ، فلم يذقه ، فألح عليه ذلك الأخ ، أن يتناول منه قليلا بسبب مرضه ، فأجابه : " صدقني يا أخي ، اني أشاء ، لو أن السيد المسيح يتركني في هذه العلة ثلاثين سنة " ، فأخذ الأخ الطعام الذي أحضره وانصرف . الأماكن + قالت الأم تاؤدوره : " أن راهبا كان يسكن في موضع حار ، فكثرت عليه الهوام ، وتعب من جدا ، لأن لم يكن من ذوي المراتب أو الغني ، فأتاه الشيطان في صورة مفتقد وقال له : " كيف تستطيع الاقامة ، بهذه القلاية التي تصنع الدود من شدة حرارتها ؟ فقال له : " أما الدود ، فأني أصبر عليه لأفلت من الدود الذي لا ينام . وأما الحر ، فاني أصبر عليه كذلك ، لأنجو من نار جهنم ، فأن هذين زائلان ، وأما ذلكما فباقيان وبصبره هذا فهو الشيطان " . + سأل أخ شيخاً : " لماذا أضجر من قلايتي ؟ " . فقال له : " ذلك لأنك لم تحس بعد بنعيم القديسين وعذاب الخطاة ، ولو عرفت ذلك لصرت بلا ضجر حتي ولو كنت منغمسا في الدود والنتن في قلايتك لحد حلقك لان قوما بسبب ضجرهم يتمنون الموت ، ولا يعلمون شدة الصعوبة عند ملاقا الله مع خروج القضية اللازمة عليهم ، وشدة العقوبة الحالة بالخطاة " . ب- احتمال سلبي لآلام الاضطهاد الشتيمة – الاهانة – الامتهان – الضرب + قال مار اسحق : كن مطرودا لا طاردا . وكن مظلوما لا طالما . + قال قديس : متي أحزنك أحد في شيء ، فلا تنطق البتة الي أن تسكن قلبك بالصلاة بعد ذلك استعطفه . + قال أنبا اغاثون : لو أن الغضوب أقام أمواتا فما هو بمقبول عند الله . ولن يقبل اليه أحد الناس + قال أنبا بيمن : عندما كان ايسيذورس قس الاسقيط يعظ الاخوة في الكنيسة كان يقول لهم : يا أخوتي مكتوب : أغفروا لكم ( لو 6 : 37 ) للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي ( مت 6 : 14 ) . + قال القديس باسيليوس : علامة من غلب الشيطان أن يحتمل شر أخيه ولا يدينه . + قال شيخ : حامل الأموات يأخذ الأجر من الناس ، وحامل الاحياء اعني المحتمل ، يأخذ الاجرة من الله . + قال أنبا زوسيما : انه يجب علي الانسان الشكر لا التحقيق ، ويعتقد في شاتمه ، أن كان ذا الم وانفعال ، كأطباء يداوون جراح نفسه ، وأن كان عديم الانفعال والألم ، انهم محسنون يسببون له ملك السموات . سؤال : أني أريد أن استشهد من أجل الله . الجواب : من احتمل رفيقه في وقت الشدة فذاك أصبح داخل آتون الثلاثة فتية . الشتيمة + قال أنبا أفراطس : يليق بالمتقدمين الي الله أن ينظروا اليه وحده ، ويلتجئوا اليه بتورع هكذا ، حتي لا يعيروا الشتيمة التفاقا ، حتي ولو كانوا مظلومين ربوات من المرات . + قالت الأم تاؤدوره : حدث ان أنسانا سمعته غير جيدة ، شتم أخا عفيفا ، فقال له : " كنت قادرا ان أجيبك بما يوافق كلامك هذا ، ولكن ناموس الهي يغلق فمي " . + قال انبا تيموثاوس : من أحتمل عدوه عند شتميه أياه ، فهو قوي وحكيم ، أما من لا يحتمل الشتكية فلن يحتمل الكرامة كذلك ، لأن الشتيمة أقل ضرر من الكرامة . + قيل عن راهب انه اذا شتم كان يجري نحو شاتمة أقل ضرر من الكرامة . + قيل عن راهب أنه شتم كان يجري نحو شاتمه ويقول له ، اغفر لي . + قال القديس يوحنا ذهبي الفم : اذا ما أخطأنا ، فان الله قد ينهض علينا أعداءنا ليؤدبونا ، وعلي هذا فلا ينبغي أن نحاربهم ، بل يجب أن نحاسب نفوسنا ونثقفها ، ولكونه أطلقهم علينا لأجل خطايانا ، فمتي حاربناهم ، ننصرهم علينا ، ولهذا أمرنا ان لا نكافيء أعداءنا . فلنقبل الامتحانات ، كقبول الأدوية من الحكيم لنخلص . وكقول التأديب من الأب لنتشرف فلهذا قال الحكيم ابن سيراخ : " أيها الأبن أن تقدمت لخدمةربك ، فهيء نفسك للتجارب " . + وقال الطوباوي زوسيما : ان انسانا أخبره بأنه كان له معلم وديع جدا ، وقال أنه لعظم فضيلته والآيات التي كان يعلمها ، اعتقدت فيه تلك الكورة انه ملاك الله ، فدخل عدونا في وقت ما في أحد الناس ، وجاء اليه وشتمه شتيمة كثيرة في غاية القباحة ، بمشهد من الكل ،والشيخ ناظر الي فم شاتمه لا غير ، وقال له : " أن نعمة الله علي فمك يا أخي " ، فأجابه ذاك : " أيها الشيخ الرديء ، يا من كل شيمته أن يقول هكذا ، حتي متي تتصنع بذلك أمام الناس ؟ " فقال له الشيخ : " بالحقيقة يا أخي ، ما تقوله هو حق " ، وبعد ذلك سأله سائل : " الآن ، أما انزعجب يا راهب ؟ " ، فقال : " لا ، بل كنت أحس في نفسي بما يثيرها " وكان هذا الطوباوي يقول مرارا كثيرة : " ما قد عرفنا نحن البشريين لا المحبة ولا الاكرام ، بل قد ضيعنا عقولنا ، لأنه لو أحتمل الانسان أخاه قليلا وقت حرده وغضبه ، ثم عاد بعد قليل الي نفسه ، وعرف كيف أحتمله أخوه ، فأنه يصنع نفسه من أجله " . + وسئل أيضاً : " كيف السبيل للانسان كي لا يحرد وقت شتيمته وتعييره من بعض الناس ؟ " فقال : " أن ازدري الانسان بنفسه وحقرها فلن يقلق ولن يضطرب وذلك حسبما قال القديس بيمن : " ان ازدريت بنفسك وحقرتها ، فقد أرحت نفسك ونيحتها " . الاهانة + قال شيخ : أن لم يعتقد الانسان في ظالمه كاعتقاده في الطبيب فأنه يظلم نفسه ظلما عظيما فسبيلك أن تتذكر ظالمك كتذكرك طبيبا نافعا لك ، مرسلا من قبل المسيح اليك كما يلزمك أن تتالم من اجل اسمه . + قال أنبا سيصوي الصعيدي : صر مهانا واطرح مشيئتك وراءك وصر بلا هم تجد نياحا . الامتهان + قال شيخ تن لم يكن قد صار عندك الامتهان كالاكرام والخسران كالربح والغربة كالقرابة والعوز كالفضيلة ، فامض واعمل ما شئت . الضرب + قال أحد لآباء : ان شئت معرفة الطريق فعليك بأن تعتقد في ضاربك كاعتقادك فيمن يحبك ، وفي شاتمك كمن يمجدك وفي ثالبك كمن يكرمك ، وفي مخزيك كمن ينيحك . + أتي أخوة الي الأنبا أنطونيوس وقالوا له : يا أبانا . قل لنا كيف نخلص . فقال لهم : هل سمعتم مكا يقوله الرب ؟ فقالوا من فمك أيها الأب . فاجابهم قائلا : من لطمك علي خدك الأيمن حول له الأيسر . فقالوا له : ما نطيق ذلك . قال لهم : أن لم تطيقوا ذلك فأصبروا علي اللطمة الواحدة . فقال له : ولا هذه نستطيع . فقال لهم : ان لم تستطيعوا فلا تكافئوا من يظلمكم .. فقالوا له : ولا هذا نستطيع . فما كان من القديس الا أن دعا تلميذه وقال له : أطلح لهم مائدة واصرفهم لأنهم مرضي . أن هذا لا يطيقون وذلك لا يستطيعون ووصايا الرب لا يريدون . فماذا أصنع لهم ؟ ! حـ – احتمال ايجابي لآلام الشدائد الشدائد والضيقات – الأحزان والتجارب – البلايا – الصبر الشدائد والضيقات + قال مار اسحق : لا تكره الشدائد فباحتمالها تنال الكرامة وبها تقترب الي الله . لأن النياح الألهي كائن داخلها ومحب الاصلاح هو الذي يحتمل البلايا بفرح . توكل علي الله وسلم نفسك له وادخل من الباب الضيق وسر في الطريق الكربة ، فذاك الذي كان مع يوسف ونجاه من الزانية وجعله شاهدا للعفة . والذي كان مع دانيال في الجب ونجاه من الأسود ، والذي كان مع الفتية ونجاهم من آتون النار ، والذي كان مع أرميا وأصعده من جب الحماة ، والذي كان مع بطرس وأخرجه من السجن ، والذي كان مع بولس وخلصه من مجامع اليهود .. وبالجملة فان الذي كان في كل زمان وفي كل مكان مع عبيده في شدائدهم ونجاهم وأظهر فيهم قوته هو يكون معك ويحفظك . فخذ لك يا حبيب غيرة الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين قبالة الأعداء الخفيين و أقتن غيرة الذين ثبتوا قائمين في النواميس الألهية ، فطرحوا الدنيا وأجسادهم الي ورائهم وتمسكوا بالحق فلم يهزموا في الشدائد التي أنتابتهم في أنفسيهم وأجسادهم اذ فازوا بالقوة الألهية وكتبوا في سفر الحياة وأعد لهم ملكوت السموات التي تؤهل لها كلما برأفته وتحننه تعالي . + وقال أيضاً : كما ان الأدوية المسهلة تنقي الكيموسات الردية من الأجساد هكذا شدة الضوايق تقلع الآلام من القلب . + قال شيخ : ان كل انسان يسلم نفسه لشدة بهواه من أجل الله فلي ايمان أن الله يحسبه مع الشهداء ، وذلك البكاء الذي يأتيه في تلك الشدة يحسبه الله عوض الدم . + قال القديس سمعان العمودي : لا تنحل في الشدائد لتنكون مرضيا لله ، عالما أنه لو أراج لرفع عنك الشمع لا يقبل الانطباع بالصورة الملكية بدون تليين ، هكذا النفس لا تصلح لأن تنقش فيها صورة المسيح الملك بدون ادب كثير ظاهر وباطن ، ورياضة وافرة ، ومحن شدسدة . + قال أنبا بولا السايح : من هرب من الضيقة فقد هرب من الله . + قال دوروثنيئوس : من يضجر من شدائد هذا الدهر ، فهو جاهل بشدائد الدهر العتيد ، وافتراق النفس من الجسم ، والصعوبات التي تنالها ، وكيف تنسي تصرف هذا الدهر ، فينبغي لنا أن نذكر الأعمال التي ندان عليها ، بلا نسيان . الأحزان والتجارب + قال مار اسحق : يا بني ان أسلمت ذاتك لله ، أسلمت ذاتك لجميع التجارب ، فأصلب ضميرك وأفكارك مقابل الآلام بواسطة عمل الوصايا بتغصب وقسر . الذي يماحك قبالة التأديب تبعد عنه المراحم الأبوية . الذي يتذمر التجارب ، تتضاعف عليه ، الذي لا يتأدب ههنا ، ويمقت التجارب ، بتعذب بلا رحمة . + قال أنبا أغاثون : الذي يجد طريق القديسين ويمشي فيها يسر بالأحزان ، لأن سبيل الخلاص مملوةء أحزاناً . + من المعلوم لدينا أننا أن أغضبنا من هواعظم منا ، فأننا نبيت ونحن في خوف ورعدة ، ولكن مع الأسف فهوذا نحن نغضب الله وننام بلا مخافة . + اذا قمت للصلاة قدام الله احرص أن تجمع عقلك طارحا عنك الأفكار المقلقة ، ضع نصيب عينيك كرامة الله ، ونق حركاتك من الميول الشريرة .فأن شعرت بحرارة النعمة تقدم ولا تضعف ، فإذا أبصر الله صبرك فأنه بسرعة يسكب فيك نعمتك ويتقوي عقلك وينشط للعمل بواسطة السخونة ( مرارة النعمة ) فتضيء أفكار نفسك ويسمو بك الشعور الي تمجيد عظمة الله كل حين ، ولن يكون لك ذلك الا بطلبات كثيرة وفكر نقي ، كما أنه لا يليق أن يوضع البخور الطيب في أناء نتن كذلك الله لا يظهر فظمته في فكر رديء . ( د ) السهر + قال شيخ : " أحب السهر فأنه ينير العقل " . + قال القديس لنجيوس : " السهر يطهر العقل : . + وقال القديس ابيفانيوس عند خروج نفسه : " أيقظوا قلوبكم بذكر الله ، فتخف قتالات الأعداء عنكم " . + وقال شيخ : " كل من يحاربه أبليس وجنوده بالقتال ، وهو لأجل ذلك ينوح ويبكي ساهرا ، طالبا معونة ، فهو يستجاب لأن السهر يحل الخطية ، والبكاء يحل الذنوب " . + قال أنبا أنطونيوس : " لا يليق بنا أن نتذكر الزمان مضي . الأحري بنا أن نكون كمن يبدأ عمله حتي يكون التعب المفرط الذي سنحس به لفائدتنا 000 ليقل كل واحد ما قاله بولس الرسول : " انسي ما هو وراء وامتد الي ما هو قدام " ( فيلبي 3 : 13 ) ولنتذكر أيضاً كلمات ايليا " حي هو الرب الذي وقفت أمامه اليوم " ( مل 17 : 1 ) لنلاحظ أنفسنا بالحكمة التي تجعلنا نقف أمام الله " . + وقال أيضا: " إذا قمنا في الصباح لنذكر ربما لا نبقي للمساء . وعندما نرقد لنفكر اننا ربما لا نمكث حتي الصباح لأننا لا نعرف ما هي أيام حياتنا . أنها معروفة لدي الله . ونحن أن مارسنا هذا العمل يوميا لن نخطيء ، لن نفعل شرا أمام الله ، لن نشته أشياء هذا العالم ، لن نغضب أحدا ونكون كمن ينتظرون الموت " . + قالت الأم تاؤدورة : كان انسان راهبا ، من شدة التجارب والمحن المتكاثرة عليه ، قال ، لنمض من ههنا . فبينما هو يلبس نعاله ، أبصر رجلا مقابله يلبس نعاله كذلك ، لأني من أجلك أنا مقيم في هذا الموضع . فإذا أردت الانتقال من ههنا ، فسوف انتقل بدوري لأني ملازم لك حيثما سكنت . + قال شيخ : في كل التجارب التي تأتي عليك ، لا تلم انسانا ولكن لم نفسك قائلا : " انه من أجل خطاياي لحفني هذا " . + وقال أحد الآباء : كما تنقلع الأشجار من شدة جريان الماء ، كذلك محبة العالم تنقلع من القلب من حدة التجارب الحادثة علي الجسد . + قال مار افرام: ليخطر ببالك أن القديسين كلهم بمكابدة الآلام ارضوا الله ، لأن الأحزان والمحن هي موافقة للانسان ، لأنها تجعل النفس مختبرة وصلبة منتظرة بايمان لا ارتياب فيه ، الفداء من لدن المسيح ورحمته . + قال أنبا بيمن : نعم التجربة ، هي تلك التي تعلم الانسان . + قال شيخ : لا تضعف عن مقاومة التجارب التي توافيك ، بل اطلب من الله المعونة ، قد سمعنا الله يقول : " أنا معكم فلا تجزعوا " ومن ذلك قد تحققنا انه ليس بقوتنا نقاتل ، بل بقوة الله الذي ألبسنا سلاح الظهر وأعطانا الروح القدس . + قال أنبا ارسانيوس : اذ وضع قالب من الطوب غير المحروق في اساس بناء مجاور للنهر فانه لا يسنده ، أما حرق في التنور فانه يسند البناء كما لو كان حجرا . وهكذا الحال مع الانسان صاحب التفكير الجسداني الذي لم يلتهب ويحترق بالحرارة كما فعلت كلمة الله في يوسف فأنه لا يقف اذا ما حلت به الفرصة ، فكثيرون اضمحلوا وسقطوا سريعا أمام التجارب ولذلك يجب علي الانسان ان يعرف أهمية سلطانه علي نفسه واحتمال التجارب التي هي مثل سقوط مياه كثيرة حتي يثبت . + وقال أيضاً هذا الطوباوي : ان يوسف لم يكن ترابيا بدليل موقفه من التجربة الشديدة في بلد لم يكن فيها أثر لخوف الله الا ان اله آبائه كان معه في كل ضيقاته وهو الآن مع آبائه في السماء. فلنلح الآن في الصلاة بكل قوتنا حتي نكون نحن أيضاً قادرين علي الخلاص من دينونة الله العادلة . + قال القديس مقاريوس الاسكندراني : انه في يوم من الأيام جلس علي باب قلايته فحضر بين يديه رجلا عليه أثمال بالية ، وسيجد بين يديه قال : يا أبتاه اسألك أن اكون تحت ظلك ، وىخذ بركة صلواتك المقدسة . وقال له القديس حبا وكرامة . ثم سكن بقرب قلاية القديس وكان فقيراً جداً من امور العالم ، غنياً بنعمة ملكوت السموات . وفي أحدي ليالي الشتاء القارصة البرد ، وقع ثلج ورعد وبرد شديد ولم يكن له شيء يتغطي به غير قطعة عباءة مخرقة . فتذكر القديس مقاريوس ذلك الراهب وضعف حاله وأخذ عكازه وخرج يفقده فوقف علي باب القلاية وكان الظلام شديدا فسمع صوته من داخل وهو يتهلل ويفرح ويشكر الرب يسوع المسيح ويقول : يارب أشكرك اذ وهبتني هذه النعمة العظيمة الجزيلة والمواهب الجليلة الفاخرة التي هي العافية . ياربي كم من الملوك والكابر والسلاطين مقابل أعدائهم الأن ومنهم من كسروا ونهبت أموالهم وأملاكهم ، واولادهم يباعونه ، وقوم منهم علعت حصونهم وقلاعهم وهربوا . وغيرهم في السجون . وقلوبهم مملوءة أحزاناً . أما أنا يارب خالي القلب والفكر من جميع هذه الشرور . أشكرك ياربي يسوع المسيح . وكم من الأغنياء ذوي الأموال الجزيلة فيهم مرضي وبرص وبعلل شديدة ، وغيرهم عيونهم تالفة وبأصناف أوجاع كثصيرة لا تنفعهم أموالهم وليس لهم شفاء ويشتهون أن يكونوا مثلي بغيرهم . أشكرك ياربي يسوع المسيح ، وكم في السجون الآن ينتظرون قطع أعضائهم ، وربما موتهم وقلوبهم مملوءة هموما وأفكاراً . وأنا يارب بعيد عن كل هذه . أشكرك ياربي يسوع المسيح . وكم في العالم من المسجونين في هذه الساعة ، مثقلين بالحديد لا يستطيعون مد أرجلهم . وأنا يارب أمد رجلي هكذا ، ثم مد رجليه وقبل الأرض شكرا لله ثم قال : أشكرك ياربي يسوع المسيح كم من انسان قطعت يداه أو رجلاه ، أما انا فسألم اليدين والرجلين وسائر العضاء . أشكرك ياربي والهي يسوع المسيح علي هذه النعمة العظيمة التي أعطيتني . ثم قام ليصلي واذا بالمسكن قد أضاء كله من نوره . فلما رأي القديس العظيم مقاريوس ذلك تعجب من كثرة افراز هذا الانسان وأنصرف وهو يسبح الله له المجد . البلايا + قال شيخ : اذا حلت بلية بإنسان فأن الأحزان تحيط به من كل ناحية لكيما تضجره وتزعجه وبيان ذلك في أنه كان أخ قي القلالي ، جاءت عليه بلية لدرجة أنه اذا أبصر أحدا ما كان لا يسلم عليه ولا يدخله قلايته ، وان احتاج إلي خبز ، ما كان أحد يقرضه ، واذا جاء من الحصاد ، ما كان أحد يدعوه للكنيسة لأجل المحبة كالمعتاد ، وحدث أن جاء مرة من ذلك الحصاد فلم يجد في قلايته خبزا ، ومع ذلك كله ، كان يشكر الله علي ما ياتي عليه من الأحزان ، فلما أبصر الله صبره رفع عنه قتال البلية . واذا انسان قد جاء فضرب باب قلايته ومعه جمل موثق خبزا جاءه من مصر ، فبدأ الأخ يبكي ويحزن ويقول : يارب ما أنا بأهل أن تتركني أحزان قليلا ، لكني يارب أنا مستوجب لذلك ولست أهلا لشيء من النياح . فلما جازت عنه تلك البلية ، صار الأخوة يأخذونه وينيحونه في قلاليهم وفي الكنيسة . + قال أنبا بيمن : علامة الراهب أنما تعرف من البلايا . + سأل أخ شيخاً : ماذا يصنع الانسان في بلية تأتي عليه ؟ . فأجابه : ينبغي له أن يبكي قدام الله ، ويطلب منه أن يعينه كالمكتوب : " أن الرب عوني فلا أخشيي ، ماذا يصنع بي الانسان " . + قال احد الآباء : قبل البلايا يصلي الانسان لله كغريب فماذا قبلها من أجل حب الله حينئذ يصير من أحباء الله وخواصه المحاربين لعدوه حبا في رضاه ويصبح كمن وجب حقه عليه . الصبر + قال أحد الآباء : " ان لم تهز الشجرة ، فلن تنشأ لها أغصان ، ولن تنم فروعها ، هكذا الراهب أن لم تنله محن ، فيصبر شاكرا ، فلن يصر متجلداً ولا شجاعاً " . + قال شيخ : " استعد كل حين لأن تقبل الاتعاب والشدائد مع الضيقات الآتية عليك ، ولا تصغر نفسك ، ويضعف جسدك فتهلك تعبك ، بل اقتن لك صبراً ، وثبت أفكارك قائلا : " أن هذه انما أتت علي بسبب خطاياي " ، فإن صنعت هكذا ، فأن معونة الله ونعمته تدركك سريعا .. + كذلك قيل : " طوبي لمن يصبر علي هذه الثلاثة بشكر وهي : " أن لا تأكل حتي يجوع ، ولا ينام حتي ينعس ، ولا يتكلم حتي يسأل " . + قال مار اسحق : أساس تدبير الوحدة ، هو الصبر والاحتمال بالتغصب ، وبها يبلغ الانسان إلي كمال تام ، وهي تصلح سلما يصعد بها إلي السماء . - بدء تدبير سيرة الصلب هو التغصب ، والانقطاع من كل محادثات الوجوه ، علي أن يكون بغير أهتمام ، وعدم ذكر كل جيد ورديء ، وبغضة الكرامة ، والصبر بشجاعة علي الظلم والعار والهزء ، متمثلين بذلك الذي هزأوا به بالصلب ، ذاك الذي يعطي الحياة للعالم . - أن كنت مشتاقا لسلامة القلب ، ونياح الضمير الذي هو اثمار شجرة الحياة ، فاخلع من قلبك شجرة تمييز الجيد والرديء ، تلك الشجرة التي أمر مبدأ جنسنا ( آدم ) الا يتذوق منها لئلا يموت ، لأنها أنما تولد سجسا في النفوس وتقلع السلامة من القلب . + قال القديس مقاريوس الكبير : ان طول الروح هو صبر . والصبر هو الغلبة ، والغلبة هي الحياة ، والحياة هي الملكوت ، والملكوت هو الله سبحانه وتعالي . البئر عميقة ولكن ماءها طيب عذب .الباب ضيق والطريق كربة ولكن المدينة مملوءة فرحا وسروراً . البرج شامخ حصين ولكن داخله كنوز جليلة . الصوم ثقيل صعب لكنه يوصل الي ملكوت السموات . فعل الصلاح عسير شاق ولكنه ينجي من النار برحمة ربنا الذي له المجد . + قال انبا باخوميوس : ما أكثر فخر الصابرين علي التجارب ! جميع المعلمين والآباء والكتب المقدسة تأمر بالصبر الكثير وتحت عليه فكن صبوراً وتجاد لأن القديسين صبروا فنالوا المواعيد . كن واسمع القلب لتكلل مع عساكره الأطهار . دوام علي الصوم وصل ولا تمل واصبر للبلايا حتي يرفعها الرب عنك . وأنظر لأي حتي اللعاب الذي ييبس في فمك وأنت عاسم لا ينساه الله . وتجد ذلك عند شدتك في وقت انتقالك . + قال القديس برصنوفيوس : أحلب لبنا فسوف يصير سمنا ، فاذا ضغطت بيدك علي الضرع أخرج ماً ، وأيضاً قال الرسول : " صرت مع الكل مثل الكل لأربح الكل " . هذه هي طريق المسيح لأنه بكل وداعة وسكون جاء ليخلص الناس ، فإن يقارع الأنسان فكرة قريبة ، إذا لم يكن الانسان متجلداً صبوراً فلن يستطيع أن يكون مع الناس في هدوء وسلام . أتعب لتقتني الصبر ، لأنه مكتوب هكذا : " بصبركم تقتنون أنفسكم " . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:43 PM | رقم المشاركة : ( 49 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الهدوء + مرة أتي أنبا ارسانيوس إلي مكان به قصب فتحرك من الريح ، وقال الشيخ للأخوة : ما هذا الزلزال ؟ . قالوا له : أن هذا قصب يا أبانا . قال الشيخ : ان من مان جالسا في سكون وهدوء وسمع صوت عصفور فلن يكون لعقله نياح . فكم بالحري اذا سمعتم هذا الزلزال من القصب . + قال شيخ : أن أفضل شيء هو السكون . والرجل الحكيم هو الذي يحب السكون والهدوء . + وقال آخر : السكون يجلب النوح ، والنوح يجلب البكاء ، والبكاء تنقي الانسان من كل خطية . + كذلك قيل : اقتن السكون بمعرفة . + وأيضاً قيل : ينبغي للراهب أن يشتري السكون لنفسه بما عز وهان ، ولو أدي ذلك الي أصابته بخسارة جسدانية . + قالت الأم ثاؤدوره : حسن للانسان ان يسكن ، لأن الرجل الحكيم شيمته السكون ، وهذا هو بالحقيقة عون العذاري والرهبان ، ولا سيما للشبان منهم ، لأني أعلم حقا أنه اذا اقتني الانسان في نفسه السكون فللوقت يجلب عليه الشيطان مللا ، وثقل رأس ، وصغر نفس ، وضعف جسد ، وانحلال في الركبتين ، وكل الأوصال ، وأذ تنحل قوي النفس والجسد ، فيحتج بأنه عليل لا يقدر أن يتمم صلاته ، حتي أذا فرغ من الصلاة ، زال هذا كله . وذلك لأني أعرف انساناً راهباً كان اذا اعتزم أن يبدأ صلاته تأخذه حمي وقشعريرة مقرونة بآلام شديدة في رأسه ، حتي أنه كان يتوهم بأنه عليل ، اما هو فكان يقول لنفسه : " يا شقي لعلك تموت هذه الساعة ، فاغتنم صلاتك قبل موتك " ، وبهذا القول كان يلزم نفسه ويتمم صلاته ، وبمجرد فراغه من الصلاة تسكن عنه الحمي ، وتقف الآلام والقشعريرة ، لكنه اذا عاد الي الصلاة عادت إليه الحمي والأوجاع وهكذا . فكان بهذا الفكر يقاتل ويغلب ويتمم صلاته حتي خلصه الرب ، وصار له صبره أكليلا الهياً . + قال شيخ : أن الهدوء هو أول زكاوة النفس ، لأن اللسان حينئذ لا يتكلم بكلام الناس ، والعينان لا تنظران الجمال والحسن المنحرف عن الواجب ، والآذان لا تسمعان الأصوات اللذيذة التي ترخي قوة النفس ، مع كلام الضحك والعب ، والقلب لا يتبدد بالعلل البرانية ، ولا الحواس تنصب الي العالم ، ولكنه يرفع نفسه ويهتم بالله + سأل أخ الأب روفس : ما هو السكون ؟ فأجابه الشيخ قائلا : هو الجلوس في القلاية بمعرفة ومخافة الله ، والامتناع عن ذكر كل شر ، والمداومة علي حفظ ذلك تلد التواضع وتحفظ الرهبان من العدو . وعند نياحته اجتمع اليه تلاميذه قائلين : كيف يجب أن نتدبر من بعدك . فأجابهم الشيخ : لست أعلم اني قلت لأحد منكم قط ان يصنع شيئا ، قبل أن أصلح الفكر أولا ، ولم أسخط اذا هو لم يصنع حسبما قلته له ،وهكذا قضينا كل زماننا بهدوء . فقال له الشيخ : أن السكوت أفضل . ثم قال له : لو أنك ملأت جرة بحشرات ضارة ، وسددت فوهتها ، ألا تموت جميعها ؟ ولكنك لو تركت فوهتها مفتوحة فأن الحشرات سوف تخرج وتضر من تصادفه ، هكذا الذي يسكن ، فجميع الأفكار الرديئة التي بداخل قلبه تموت . + قال يوحنا ذهبي الفم : السكون نمو عظيم للانسان ، ونياح لنفسه . السكون يعطي القلب عزلة دائمة . السكون يجلب الدعة مع كل انسان . السكون يبعد الغضب . السكون قرين النسك . السكون يولد المعرفة . السكون يحرس المحبة . السكون لا يوجع قلب انسان ، ولا يشكك احدا . السكون يعمل عمله بلا تقمقم . السكون يحفظ شفتيه ولسانه ، فلا يبقي في قلبه شيء من الشر . السكون هو كمال الفلسفة ، فمن يعيش بالسكون فأنه يستطيع ان يتمسك بجميع الحسنات الأخري . الملازم للسكون بمعرفة قد ختم بخاتم المسيح ، والحافظ اياه بلا شك يرث ملكوت السموات . + قال مار أفرام : يا أخي تفكر بأن ربوات الأقوال نهايتها السكون ، فمحب السكون لا يتألم بشيء من أمور الدنيا . + قال مار اسحق : أن الجوهر يصان في الخزانة ونعيم الراهب يصان في السكون والخدوء . أن العذاري لتتأذي بالمجامع والمحافل ، كذلك فكر الراهب تضره المحادثة مع كثيرين ، والنظر اليهم . ان الطائر يسارع الي وكره بعيدا عن كل مكان ، وذلك ليفرخ ، كذلك الراهب ذو الافراز يبادر الي قلايته ، ليصنع فيها ثمرة الحياة . السحاب يحجب نور الشمس ، والأقوال الكثيرة تبلبل النفس . الشجرة ان لم تسقط أولا الورق العتيق فلن تأت بأغصان جديدة . كذلك الراهب ، أن لم يرم من قلبه وكر الأمور والأعمال السالفة ، ويبعد عن ملاقاة الكل ، فلن يقدم ليسوع المسيح أثمارا جديدة . + سأل الأخوة شيخاً : ما معني قول القديس انطونيوس : من يجلس في البرية قد أراح نفسه من ثلاث حروب ، تلك التي تصدر عن طريق السمع والكلام والنظر ؟ فأجاب الشيخ : لم يقل الشيخ أنطونيوس هذا لأن جهاد الساكن في الخلوة الروحية في البرية أقل عنفا من جهاد الطائف في العالم والمختلط بالناس ، ولكنه أراد أن يبين كم شديدة ومجهدة هي حرب الشياطين في قلب الانسان المقيم في الخلوة الروحية عنها في قلوب أولئك الساكنين مع أخوة . من أجل ذلك سعي الأباء الي حياة التأمل في السكون حتي لا تتحد عليهم حروب الكلام والسمع والنظر مع تلك القائمة في قلوبهم فتغلبهم شدتها مثلما حدث مرة حين جاءت الي الأخوة المقيمين في السكون أمرأة فزادت علي الحرب الكائنة في قلوبهم حروب النظر والسمع والكلام وكادت تعصف بهم شدتها لولا أن تدركتهم عناية الله . ولقد اوضح الطوباوي أوغريس كيف أن حرب حواس الروح مع الرهبان المقيمين في السكون أشد عنفا من حرب حواس بقوله : أن الشياطين تحارب الساكنين في السكون عيانا وأما مع المباركين المقيمين في حياة المجمع فأنها تحرك وتثير الأخوة المتهاونين وبذا تكون حرب النظر والسمع والكلام أقل منها مع الساكنين في الوحدة . + قال القديس مقاريوس الكبير : الوحدة هي حفظ العينين والأذنين واللسان والاشتغال بالقراءة والصلاة . الوحدة هي مرآة تبين للانسان عيوبه . سأل أخ الأب مقاريوس عن الوحدة فأجاب الشيخ : أن كنت حقا تريد السكني في الوحدة فأصبر لها ولا تؤد عملك يوما في الداخل ويوما في الخارج ، ولكن أصبر لها باتضاع والله الصالح يؤازرك . ولا توجد سببا للخروج عن الوحدة حتي ولا ليوم واحد . بل أثبت في مسكنك لتذوق حلاوتها ، ولا تبديء خارج قلايتك تجذب اليك المضاد وتتجدد عليك أتعابك وتحرم من الصبر ، لا تبطيء خارج قلايتك لئلا تجد اتعابك قدامك عند رجوعك فتتعب جدا في حربك ويصعب أنتصارك . يا رجل الله حتي متي تدوم لك هذه الأتعاب . أصبر للمسكنة وعزاء الوحدة يأتيك من قبل الله ، لا تضيع يوما واحدا لك ونعمة الوحدة وحلاوة المسكنة تصيران لك عزاء ويعطيك الله سعادة في مسكنك . + قال القديس برصنوفيوس : " انسان ساكت يجب عليه ألا يحسب نفسه شيئا ، بل عليه ان يلومها دائما . اذا انزلق الجاهل في كلامه فله عذر من الكل ، لأنه سقيه لا يدري ما يتكلم به ، ولكن اذا انزلق الحكيم فليس له عذر ، لأنه حكيم وبمعرفة يتكلم ، وكذلك اذا أخطأ واحد من العالميين وكان له عذر لنه يخالط الكثيرين في العالم . فأما نحن الذين بنا أننا رهبان أصحاب سكوت ومعلمون ، فأي عذر لنا " . ان كنت تريد السلوك في طريق الله فليكن عندك الذين يضربونك مثل أولئك الذين يكرمونك ، ومهينوك مثل مادحيك ، والمفترون عليك مثل مباركيك ، ومحزنوك مثل مفرحيك . وأن عرض للخوة – أما من نسيان أو من سهو – فلم يعاملوك بما كان ينبغي أن يعاملوك به من الجميل قل : أني غير مستحق ، ودع عنك تزكية نفسك ، أما أن كنت تقول ؟أنك حسنا قلت وحسنا فهمت فلا حسنا قلت ، ولا حسنا فهمت . كرامة السكون وافضليته علي جميع الأعمال + قال القديس يوحنا القصير : السكون أفضل من جميع الأعمال لأنه بدوامه تهدأ الأفكار وتموت المشيئة وينقطع تذكر المور الباطلة وحركة الأوجاع القاتلة الجسمانية منها والنفسانية . فالجسمانية هي : " لذة الفم 0 شره البطن 0 شهوة الطبع – تنزه الحواس – الاسترخاء – النوم – الزني " . اما النفسانية فهي : " الجهل – النسيان – البلادة – قلة الأمانة – الحسد – الشر – السبح الباطل – العجب – الكبرياء – قلة القناعة " . هدوء الجسد هو حبسه عن الدوران ، وهدوء النفس هو الابتعاد عن الجهل ومن النظر للوجوه – فأن الجهلة يشغلوننا بباطلهم ويجروننا الي عوائدهم ويسخروننا لنواميسهم ، لأنهم يرونها حسنة ولكنها تقطعنا عن طياتنا . لذلك ليس شيء أفضل من التباعد والسكون لن بدونها لا يقدر الانسان أن يعرف نفسه . + قيل عن أنبا يحنس الذي كان من اسيوط ، أنه أقام 30 سنة في مغارة ، ضابطا السكوت ، والباب مختوم عليه ، وكانوا يعطونه حاجته من طاقة ، والذين كانوا يأتون اليه ، كان يكتب لهم ويعزيهم ، فحدث مرة ان أربعة لصوص نظروا كثرة الجموع التي كانت تأتي اليه ، لأن الله قد منحه موهبة الشفاء ، فظنوا أن عنده اموالا في مغارته ، فأتوه بالليل لينقبوا باب المغارة ، فضربوا بالعمي جميعا ، وظلوا هكذا واقفين خارج المغارة الي الصباح ، حيث أتي الناس وأمسكوهم وأرادوا أن يسلموهم للوالي فيقتلهم ، فتكلم معهم القديس قائلا : " أن لم تتركوا هؤلاء الناس ، فنعمة الشفاء تذهب عني ، فتركهم ، وهذه هي الكلمة الوحيدة التي خرجت من فمه خلال مدة الثلاثين سنة ". عمل السكون الصوم ، السهر ، الهذيذ الصالح ، أتعاب الجسد بقانون حكيم في المقدار والترتيب ، وبدوام ذلك يجتمع العقل الي نفسه ويرجع عن الدوران فيما هو خارج عنه . وبعد قليل يبتديء في ان يصحو لنفسه ويتصور حسنه ويشرق عليه ضوء الرب وينظر الرب الاله خالقه كرازق ويفرح بولادته ويعود من سبيه ويحيا من موته ويستريح من الأوجاع ويعتق من الظلمة ويخلص من عدوه الشرير . |
||||
12 - 06 - 2014, 09:44 PM | رقم المشاركة : ( 50 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
سكون الفكر شروطه : ( أ ) حفظ الحواس + قال شيخ : " ينبغي للمتوحد في قلايته أن يكون له افراز ومعرفة وحرص وتيقظ ، كما يكون ضابطا لحواسه حافظا لعقله ، لا يفكر في انسان ، ولا يفتر في الصلاة والقراءة " + قال القديس يوحنا القصير : " كن ظاهرا مترتبا في لبسك . ليكن نظرك مطرقا الي اسفل وفكرك فوق عند ربك . لا تملأ عينيك من وجه انسان ولكن بتهيب وخوف تبسيط نظرك كن شبه عذراء زكية واحفظ نفسك للمسيح ولا تشته الأصوات مثل الأحداث " . + جاء عن الأب الاديوس أنه أقام بالأسقيط 20 سنة بقلاية ، لم يرفع عينيه لينظره " . + وقيل عن الأم سارة : " أنها كانت ساكنة فوق النهر 60 سنة لم تطلع البتة لتنظره" . + وقال شيخ : " تحفظ من النظر والحديث ، لأنهما أسباب الخطية " . + وقال آخر : " الانسان المنتبه يستطيع أن يحفظ الانسان الجواني فلنجاهد كي نحفظ انساننا . + قال أنبا افرآم : " أن أحد الاخوة سأل أخا له قائلا : أن الأب أمرني بالمضي الي المخبز لنخبر خبزا برسم الاخوة ، ولما كان عمال المخبز علمانيين يتكلمون بما لا يليق ، فلست انتفع من سماع ما يقولونه ، فماذا أصنع ؟ " . فأجابه قائلا : " أما رأيت في المكتب ( الكتاب او المدرسة ) صبيانا كثيرين ، وكيف أن كل واحد منهم يقرأ مالا يقرأه رفيقه لعلمه أن معلمه يطالبه فقط باتقان ما يختص به ولا يطالبه باتقان ما يختص بغيره " . فأن كنت أنت تنهزم للآلام بمجرد سماعك فظيع الكلام ، فاستمع لقول القائل : " أمتحنوا سائر الأشياء وتمسكوا بأحسنها " . + وقال أيضاً : " وما لنا وللعالم ، ما لنا بمعاملاته ؟ نحن قد متنا عن العالم ، كل منا بأكلة يسد جوعه ، وأيدينا تساعدنا علي خدمة جسدنا بمعونة الله لنا ، لأنه قال : لا يوجد متجند يقوم بنفقة نفسه بانشغاله في امور الحياة ، اذ كيف يستطيع – وهو مشغول – ن يرضي قائد الجيش ومليكه " . ( ب ) جمع العقل + قال القديس يوحنا القصير : - أن فكر الانسان آنية لله وله الاستطاعة ان يقطعه كي يمكنه أن يجلس في القلاية ، أما أن جعله الانسان وعاء لحديث العالم فلن يستطيع أن يجلس في القلاية . - اذا مشيت لا تدع عقلك يدور ولكن متجمعا قدامك . - لتكن نفسك متيقظة لخدمة الله وليكن عقلك متجمعا عند ربك . + سئلت القديسة ثيئودورا : -كيف يمكن للانسان أن يقبل حديث العلمانيين وأن يكون عقله مع الله فقط كما كتب ؟ فقالت : يشبه هذا انسانا جالسا علي مائدة وعليها أطعمة كثيرة ، فأن أكل منها بشهوة ورغبة أثم ، وأن لم ياكل منها بشهوة ورغبة فليس عليه ذنب فيما يأكله . وهكذا كلام العلمانيين اذا سمعته ويكون قلبك معك ، ولا تسمعه بلذة فما يضرك شيء . + سئل شيخ : " كيف ينبغي للمتوحد أن يسكن في قلايته ؟ " . فقال الشيخ : " ليكن له عدم اهتمام بذكر انسان أصلا ، ويحفظ عقله من الطياشة ، كما يذكر الله دائما " . + وقالت القديسة سفرنيكي : " قد يمكن أن يكون الانسان مع كثيرين وهو منفرد بالضمير والهمة والنية وقد يكون الانسان وحده وهو منصرف بالذهن مع الكثيرين " . + قال الأب أوغاريتوس : " اذا كنت جالسا في قلايتك فاجمع عقلك ، واذكر يوم خروجك من الدنيا وتفطن في موتك ، وتفهم التجرية التي تحل بك ، والزم التعب لترضي الله واحتقر أمور هذا العالم الباطل ، ليمكنك أن تكون في الصمت دائماً ، ولا تضعف . وأذكر أيضاً يوم القيامة ولقاء الله ، وذلك الحكم المفزع ، وما ينال الخطاة من الخزي أمام الملائكة والقوات وجميع الخلائق ، واذكر الجحيم ، وفكر في الأنفس التي تصير فيه ، وأي مرارة هناك ، وأي فزع وضيق يقاسيه الخطاة ، بلا منفعة من ذلك البكاء النفساني الذي ليس له انقضاء ، والعذاب الدائم في النار التي لا تطفأ ، والدود الذي لا ينام ، والظلمة القصوي وصرير الانسان ، واذكر أيضاً الخيرات المعدة للقديسين ، والفرح الدائم في ملكوت السموات ، والنعيم الأبدي ، وكن دائما متذكرا الفريقين ، اما علي الخطاة فابك ونح ،وجاهد الا تصير الي ما صاروا اليه ، وافرح بما أعد للصديقين ، وأحسد سيرتهم وأعد نفسك لتدرك ما ادركوه ، انظر ، لا تنس لك ، اذا كنت داخل قلايتك أو خارجها ، لكيما تقاتل الأمراض الردية بهذه الذكريات العتيدة " . ( جـ ) الهذيذ + قال مار اسحق : الهذيذ بأمور كثيرة ، غذاء للنفس ، سواء كان صالحا أم طالحا أم خليطا منها . الهذيذ بالواحد هو الانحلال من الكل ، والانحلال من الكل هو الارتباط بالواحد . + قال القديس يوحنا القصير : - كن عاقلا في تدبيرك واهتم بقراءة الكتب لكي تعلم كيف تكون مع الله . - لا تختر أن تكون متعب الجسد فقط وفكرك في الباطل . لأن هذا ليس وحده المطلوب منك ولكن أفرح تدبيرك بقدر ساعة قراءة وساعة صلاة وساعة عمل . لكي تضيء من القراءة . - وفي صلاتك ليس القيام الظاهري فقط هو الذي يريده الرب ولكنه يريد الفكر الحكيم الذي يعرف كيف يدنو الي الكمال . - داوم علي قراءة كتب الأنبياء لأنك فيها تعلم عظمة الله وأفعاله وعدله وقوته وأدرس كتب المبشرين بالجديدة ( العهد الجديد ) لأنك منها تعلم رحمة المسيح وخيريته ( فضله ) ونعمته . - الزم القراءة أفضل من كل عمل لأنه ربما دار العقل في الصلاة ، أما القراءة فأنها تجمعه . + قال شيخ : " الترتيل وطول الروح والرحمة تسكن الغضب " . ( د ) التواضع + مرة قال القديس يوحنا القصير للأخوة : " من باع يوسف ؟ " فقالوا له : " أخوته " فقال : ليس أخوته ولكن اتضاعه هو الذي باعه . لأنه كان قادرا أن يقول للذي اشتراه أنه أخوهم لكنه سكت وباتضاع بيع ، وبذلك الاتضاع صار مدبر ملك مصر . + وقال أيضا: يجب قبل كل شيء أن نقوم بالتواضع لن هذه الوصية هي الأولي ، التي قال ربنا عنها : ( طوبي للمساكين بالروح فأن لهم ملكوت السموات ) لأن آباءنا اذ كانوا يفرحون بشتائم كثيرة ، دخلوا الي ملكوت السموات . الاتضاع وخوف الله هما أعظم جميع الفضائل . + سأل أخ الأب سيصوي قائلا : " اذا مشينا في طريق ، ضل مهدينا فهل ينبغي أن ننبهه ؟ " فقال له الشيخ : " لا " قال الأخ : " هل نتركه أذن يضلنا ؟ " . فأجابه الشيخ : " وماذا نعمل اذن ، أنأخذ عصا ونضربه ؟ أني أعرف أخوة كانوا قد ضلوا ، فجاهد كل واحد منهم ألا يتكلم ، فلما أضاء النهار ، علم مرشدهم بانه قد ضل الطريق ، فقال : " أغفروا لي قد ضللت الطريق ، فقالوا له كلهم : " لقد علمنا ، ولكننا سكتنا " ، فلما سمع ذلك تعجب ، وقال : " أن أخوتنا تمسكوا حتي الموت علي الا يتكلموا " وسبح الله ، وقد كانت مسافة الطريق التي مشوها 12 ميلا . + وحدث لما كان القديس أورانيوس مبتدئا ، أنه مضي الي أحد الشيوخ وطلب منه طلمة فأجابه الشيخ : " أن آثرت الخلاص ، فاذا اتفق وجودك عند انسان فلا تبتديء أنت بالكلام من قبل أن تسأل " . وإذ أدرك معني الكلام ، ندم وصنع مطانية للشيخ وقال : " لقد درست كتبا كثيرة ، ولكن مثل هذا الأدب لم أعرف بعد " وانطلق بسلام منتفعا . + ثلاثة شيوخ كانت لهم عادة في كل سنة أن يمضوا الي الأنبا انطونيوس فكان أثنان منهم يسألونه عن الأفكار وعن خلاص نفسيهما . أما الثالث فلم يسأله زمانه كله عن شيء البتة . وبعد زمان طويل قال له الطوباوي : هذا الزمان كله تجيء عندي وما سألتني عن شيء . أما هو فقال له : يكفيني نظري اليك يا أبي . ( هـ ) الصوم والسهر + قال القديس يوحنا القصير : اذا أراد ملك ان يأخذ مدينة الأعداء فقبل كل شيء يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون فيخضعون له ، هكذا أوجاع الجسد ، اذ ضيق الانسان علي نفسه بالجوع والعطش ازاءها فأنها تضعف وتذلل له . ومرة سألوه : ما هو عمل الراهب ؟ فقال : تعب الجسد وضيق البطن وغلبة الارادة . + وقال أيضاً : - أن الأسد شجاع مهاب ولكنه من أجل شهوته ورغبته يقع في الفخ ، فتبطل قوته ويصير هزءا للناس ، كذلك الراهب اذا فقد قانونه وتبع شهوته اهلك وقاره وصار هزءا لكل أحد . فيجب علي الراهب كل يوم ، اذا قام بالغداة أن يتخذ لنفسه وصية الهية وأن يقتني طول روح وأحتفاظا من القلب وصلاة دائمة مع طهارة لسان ، وأن يجعل نفسه تحت كل الخليقة بالابتعاد عن كل الهيوليات . - من أمتلأ من الطعام وتحدث مع صبي فقد معه بفكره فاختر السهر أفضل من الأعمال وذلك مع الصوم . لأن السهر يضيء العقل ويقلل الحلام ، والصوم يذل الجسد وهو معين أكثر من كل الأعمال . |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان في بستان الرهبان |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
من قصص بستان الرهبان |
من بستان الرهبان |
جاء في بستان الرهبان |