دور العلامة أوريجانوس في تطور المدرسة:
1- ألقى العلامة أوريجانوس بنفسه بكل طاقاته لا لدراسة الكتاب المقدس والتعليم به فحسب بل وفي تقديم حياته مثلًا للحياة.
لقد حاول أن يقود تلاميذه وسامعيه في ذات طريق النسك وآلاماته الذي سار فيه منذ شبابه.
بجانب حياته النسكية أهتم بممارسة الصلاة بكونها جزء لا يتجزأ من الحياة النسكية تسنده في تحرير النفس ودخوله إلى الاتحاد مع الله بطريقة أعمق. يرى في الصلوات أمرًا ضروريًا لنوال نعمة خاصة من قبل الله لفهم كلمة الله.
* رأى أن الإنسان يطلب الاتحاد مع الله خلال حفظ البتولية، فينسحب عن العالم وهو بعد يعيش فيه " مقدمًا تضحية في أمور الترف قدر ما يستطيع، محتقرًا المجد البشرى.
*وبسبب حضور النسوة يستمعن محاضراته، ولكي لا تحدث عثرة رأى أن ينفذ ما ورد في الإنجيل أن أناسًا خصوا أنفسهم من أجل ملكوت الله (مت 12:19)، لكنه يبدو أنه قدم توبة على هذا الفعل،وقد استخدمها البابا ديمتريوس ضده.
2- في البداية ركز أوريجانوس على إعداد الموعوظين وتهيئتهم للعماد، لا بتعليمهم الإيمان المسيحي فحسب، وإنما بتقديم التعاليم الخاصة بالحياة المسيحية العملية أيضًا. ففي حديثه مع الموعوظين الداخلين للمعمودية نراه يقول: "إن أردتم نوال المعمودية يلزمكم أولًا أن تتعلموا كلمة الله، وتقطعوا عنكم كل جذور الرذائل. وتصلحوا حياتكم القفرة البربرية وتمارسوا الوداعة والاتضاع، عندئذ تتهيأون بقبول نعمة الروح القدس".
* كما يقول أيضًا: "أذهبوا توبوا أيها الموعوظين، إن أردتم قبول المعمودية لمغفرة الخطايا... أظهروا ثمر التوبة المقبولة" (مت 8:3) "عيشوا في حياة طاهرة إلى حين... وتعالوا لتنالوا غفران الخطايا".
3- لم يقف عمل العلامة أوريجانوس عند تهيئة الأعداد الضخمة المتزايدة الجالسة عند قدميه لنوال سر العماد وإنما كان عليه بالحرى أن يهيئهم لقبول إكليل الاستشهاد. فكل من يقترب إليه إنما بالحرى يجرى نحو خطر الاستشهاد.
* روى أبيفانيوس أن رعاع الوثنيين أمسكوه يومًا وهو سائر في الطريق وحملوه بضجيج شديد إلى هيكل سيرابيوم الشاهق، وحلقوا رأسه، ووضعوا عليها قلنسوة وألبسوه حُلة بيضاء على طريقة كهنتهم رغمًا عنه، ثم أخرجوه خارج الهيكل وأصعدوه على القمة الكبرى التي أعلى السلم، وأعطوه سعف النخل، وأمروه أن يقوم بتوزيعه على عبدة الأوثان المجتمعين حوله، وكانوا يسخرون به مصفقين. فأسرع أوريجانوس يلوح بالأغصان وينثرها على المتجمهرين وهو يقول بصوت عظيم: "هلموا خذوا هذه الأغصان لا برسم الأوثان بل باسم يسوع المسيح خالق الإنسان"، فصّروا بأسنانهم عليه وأرادوا قتله، لكن الرب أنقذه من أيديهم.
4- أهتم أوريجانوس بتعميق الفكر الدراسي، فإذا كان جمهور تلاميذه يلتفون حوله من الصباح حتى المساء رأى أوريجانوس أن يقسمهم إلى فصلين، واختار تلميذه هيراقليس -المتحدث اللبق- ليدرس المبتدئين المبادئ الأولى للتعاليم المسيحية، أما هو فكرس وقته في تعليم المتقدمين اللاهوت والفلسفة معطيًا اهتمامًا خاصًا بالكتاب المقدس.
5- إبرازه التفسير الرمزي للكتاب المقدس. فقد كرّس حياته كلها لهذا العمل، حتى نسب هذا المنهج التفسيري لمدرسة الإسكندرية ولأوريجانوس... الأمر الذي نعود إليه بشيء من التفصيل فيما بعد.
6- دخل بالمدرسة إلى مرحلة جديدة هي إبراز أهمية الفلسفة كطريق لكسب الفلاسفة لكن في شيء من الحذر...