هدف إنجيل مرقس ومكونات تدوينه
هدف الإنجيل ومكان تدوينه:
كُتب الإنجيل بحسب شهادة الآباء في روما وبناء على طلب الذين تسلموا الإنجيل الشفوي قبل انتقال القديس بطرس وقبل دمار أورشليم بفترة. وهو يقدم لنا الإنجيل في أقوى وأقدم صورة ويتشابه بدرجة كبيرة مع عظات القديس بطرس والقديس بولس المدونة في سفر أعمال الرسل. ويسجل فيه القديس مرقس الأعمال والمعجزات العظيمة التي عملها السيد المسيح ، ويقدم صورة حية لحياته النشطة المتدفقة كابن اللهومخلص العالم. وقد ترك أعمال السيد تعلن عن شخصه الإلهي ولاهوته فسجل الكثير من معجزاته الخارقة مثل مشيه على الماء وتهدئته للعاصفة بكلمة الأمر الإلهي "فقام وأنتهر الريح وقال للبحر أسكت. إبكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم" مما جعل من في السفينة يقفوا في خوف وذهول شديد أمام شخصه الإلهي "فخافوا خوفًا عظيمًا وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا، فأن الريح أيضًا والبحر يطيعانه" (129)، ونازفة الدم التي شفيت بمجرد أن مست ثوبه (130)، وأرتعاب الشياطين أمامه وسجودها له واعترافها بكونه ابن الله. فلما رأى يسوع من بعيد ركض وسجد له وصرخ بصوت عظيم وقال مالى ولك يا يسوع ابن الله العلى.. أستحلفك بالله أن لا تعذبني. لأنه قال له أخرج من الإنسان أيها الروح النجس.. فخرجت الأرواح النجسة" (131)، وإشباع خمسة آلاف رجل بخمسة أرغفة وسمكتين (132)، وإشباع أربعة آلاف بسبع خبزات وقليل من صغار السمك (133)، وكانت أكبر معجزاته هي قيامته من الأموات.
وكما قدم المسيح الإلهي صاحب الأعمال الخارقة، قدم أيضًا المعلم الإلهي الذي لا مثيل له، الغازي الوحي الذي يخلب العقل الروماني المادي، قدم المسيح المعلم العظيم الذي بُهتت الجموع من تعاليمه ذات السلطان الإلهي والتي لا مثيل لها بن معلمي البشر. "فُبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (134)، "وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه. وما هذه الحكمة التي أعطيت له حتى تجرى على يديه قوات مثل هذه" (135).
ومما يدل أيضًا على إنه كتب للرومان خاصة وللأمم عامه هو عدم إشارته لنبوات العهد القديم إلا نادرًا ولجوءه إلى تفسير عادات اليهود، على عكس القديس متى الذي سجل عادات اليهود وتقاليدهم دون شرح أو إيضاح لأنه كان يكتب لليهود. أما القديس مرقس فقد شرح وفسر عاداتهم في الأكل بأيدي مغسولة (136)، ووضح معنى اليوم الأول من الفطير بأنه اليوم الذي كانوا يذبحون فيه الفصح (137) وقدم تعريف لعادة إطلاق أسير في كل عيد (138). كما فسر الكلمات الإجرامية مثل "طلبنا قومي. الذي تفسيره يا صبيه قومي" (139)، "وقال له إفثا. أي انفتح" (140)، "الوي الوي لما شبقتني - الذي تفسيره إلهي إلهي لما تركتني" (141)، "وجعل لهما أسم نوانرجس أي أبنى الرعد" (142)، "موضع جمجمة" (142). وشرح معنى كلمة "الصدوقيين الذين يقولون ليس قيامه" (144). وعلى العكس من ذلك فلم يفسر الكلمات اللاتينية التي أستخدمها مثل كلمة "دينار- Dunarion" و"قائد المئة- Kenturiwn" (146) و"جزيه- Ktnsos" (147) و"لجئون- Legiwn" (148) و"ريع-Kordantys" (149) و"دار الولاية- Praitwrion" (150)، بل وفى بعض الأحيان ترجم كلمات يونانية إلى ما يقابلها في اللغة اللاتينية مثل "فلسطين قيمتها ربع- Kordantys" (151).