دور الأب البطريرك شنوده الثالث
عشق قداسة البابا شنوده الثالث –أطال الله حياته– الحياة النسكية وكانت وما تزال له اشتياقات في النسك والهدوء وعندما قرر ترك العالم في سنة 1954م منطلقًا إلى البرية وضع في قلبه ألا ينظر مرة أخرى الطريق الذي أتى منه، وقد قرأ وكتب الكثير عن الآداب الرهبانية وحياة الرهبنة (نشر في الستينات قصة أبونا أنسطاسي، وهي تصف بدقة الحياة الرهبانية والمشاعر التي تعمل في نفس الراهب وقد شرح فيها كيفية الموت عن العالم بالنسبة للراهب) وكذلك سجل عدة أشرطة كاسيت عن الرهبنة والسلوك الرهباني وذلك بدير القديس الأنبا بيشوي في الثمانينات، يضاف إلى ذلك أن عظاته – والتي وصلت إلى المخادع – تكاد لا تخلو إحداها من إشارة إلى راهب أو أب رهبنة أو أقوال آباء أو ذكريات رهبانية أو تعليم نسكي، مما ألهب قلوب الكثيرين بحب الرهبنة. كما اعتاد في فترة من الفترات استهلال محاضرته بعشر دقائق يقدم فيها سيرة أب من آباء الرهبنة.
يضاف إلى ذلك اهتمامه بإنشاء الأديرة الجديدة وتعمير القديم منها رهبانيًا -كما سبق- حتى وصلت الأديرة التي عمرت رهبانيًا (تضم مجامع رهبانية) في أيامه حتى الآن إلى حوالي العشرة أديرة في مصر والخارج، كما يسر بإتمام طقس الرهبنة بنفس للرهبان الجدد ويتأثر بذلك كثيرًا باعتباره إعادة ومعمودية جديدة، وهكذا لم تتحول الرهبنة فيه إلى مجرد ذكريات وتاريخ وإنما ظلت تفاعلًا داخله. ويرى كثيرون ممن يعتد بآرائهم أنه إن لم يكن قد ولج معترك الرعاية لأصبح أب رهبنة على غرار القديس أنطونيوس والقديس مكاريوس (عندما رغب أحد رهبان الدير في الخروج إلى الوحدة تقابل أولًا مع قداسته حيث حدثه كثيرًا عن الوحدة -حديث مختبر لهذه الحياة- مما بهر الراهب وأسعده في آن. ويلاحظ أن تعبيراته تميل إلى التعبيرات النسكية الرهبانية ولم تصدر كلمة واحدة علمانية) ويصل عدد الرهبان الذين ترهبنوا في فترة حبريته حتى الآن حوالي ألف ومائة (1100) راهب وراهبة، كما يقوم قداسته بالاجتماع معهم في عدة مناسبات.