رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رهبنة مئات من المثقفين وأصحاب الدرجات العلمية العُليا كل شخص يترهب يترك رسالة إلى عدة مجتمعات كانت حوله (مثل العائلة والكلية والعمل والخدمة والأصدقاء) تقول هذه الرسالة، أهرب لحياتك.. اسعى فيما يخلص نفسك، وأما هو فقد مضى مستخفًا في ذلك بالمال والوظيفة وغيرها، ومن ثم فإن كثيرين ممن كانوا ضمن تلك المجتمعات يتأثرون بما فعله ويحذون حذوه ويتبعون مسلكه، كما أن رهبنته وسكناه في الدير يجتذب مئات من محبيه إلى زيارة معبده الجديد، هناك في الدير يتأثرون، ومن يعيدون تقييم حياتهم، ويتعجبون كيف واتته الشجاعة ليتخذ مثل هذا القرار الخطير، والذي لا يخلو من مغامرة قد لا تُحمد عٌقباها. هناك معادلة تقول أن العالم ليس فيه شيء ثابت بل كل شيء فيه قابل للتغير والتطور في حين أن الحقيقة الثابتة هي الله وكل من أراد أن يضمن مصيره عليه الالتصاق بالله وأن الأفضل للإنسان أن يصنع خيرًا يجده قدامه، وهي في الواقع معادلة منطقية وصحيحة، وهي التي بموجبها قد أتخذ القديس أرسانيوس قرارًا بترك البلاط إلى أسقيط مصر.. غير أن الفرق بين القديس أرسانيوس وغيره من الشباب هو أنه دخل بالفكرة إلى حيز التنفيذ فتحولت إلى فعل قائم، أو أنه كانت له قوة الإرادة اللازمة لذلك. وأظن أنه كان من السهل على عشرات الآلاف من الشبان في جيله من المصريين أن يحذون حذوه، لاسيما وأن النقلة ما بين حياتهم البسيطة في العالم وحياة النسك في البرية لم تكن كبيرة، بالنسبة للقفزة الهائلة التي حققها هو بانتقاله من البلاط الإمبراطوري إلى مكان عرف عنه شظف العيش، - حيث يتضح ذلك جليًا من سيرته وسير الآباء في جيله من سكان الإسقيط – غير أن القديس أرسانيوس كان له من محبة السيد المسيح ما يجعله يفعل أكثر من ذلك. ونقرأ في سيرته كيف أن كثيرًا من الشبان من وجهاء الروم جاءوا إلى الإسقيط وترهبوا فيه بعد ما سمعوا عنه، فبقراره جعلهم يقررون ذلك وبنسكه اجتذبهم إلى النسك.. وهكذا القديسان الروميان مكسيموس ودوماديوس وكذلك الأب مرقس الترمقي الذي عاش جنوب مصر في القرن الرابع الميلادي والذي كان أيضًا أحد الأمراء في أثينا. |
|