رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هى الصلاة؟ وكيف تصل إلى اللَّه؟
ما هى الصلاة؟ وكيف تصل إلى اللَّه؟ قداسة البابا شنوده الثالث .................................................. ..... يظن البعض أنه يُصلِّي، بينما صلاته لم تكن صلاة، ولم تصعد إلى اللَّه! فما هى الصلاة إذن؟ وكيف تكون؟ ?? الصلاة هى جسر يوصل بين الإنسان واللَّه. إنها ليست مُجرَّد كلام، إنما هى صلة ... هى صلة باللَّه قلباً وفِكراً ... إنها إحساسك بالوجود في الحضرة الإلهية، أي بأنك أمام اللَّه واقفاً أو راكعاً أو ساجداً. وبغير هذا الإحساس لا تكون الصلاة صلاة. وبالإحساس بالوجود في الحضرة الإلهية ينسى الإنسان كل شيء، أو لا يهتم بشيءٍ. ولا يبقى في ذهنه سوى اللَّه وحده. ويتضاءل كل شيء أمامه، ويُصبح اللَّه هو الكل في الكل وليس سواه... ? ? الصلاة هى عمل القلب، سواء عبَّر عنها اللسان أو لم يُعبِّر. إنها رفع القلب إلى اللَّه، وتمتُّع القلب باللَّه. والقلب يتحدَّث مع اللَّه بالشعور والعاطفة، أكثر مِمَّا يتحدَّث اللسان بالكلام. ورُبَّما يرتفع القلب إلى اللَّه بدون كلام. لذلك فإنَّ حنين القلب إلى الله هو صلاة. ومشاعر الحُب نحو اللَّه هى صلاة. والصلاة كما قُلنا هى الصِّلة بين اللَّه والإنسان. وإن لم توجد هذه الصِّلة القلبية فلن ينفع الكلام شيئاً. إذن هى مشاعر فيها الإيمان، وفيها الخشوع، وفيها الحُب. ? ? إن أحببت اللَّه تُصلِّي. وإن صليت تزداد حُبَّاً للَّه. فالصلاة إذن هى عاطفة حُب نحو اللَّه، نُعبِّر عنها أحياناً بالكلام ... نرى هذا الحُب وهذه العاطفة بكل وضوح في مزامير داود إذ يقول: " يا اللَّه أنت إلهي، إليك أُبكِّر. عطِشت نفسي إليك ". " كما يشتاق الأيّل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا اللَّه. عطشت نفسي إلى اللَّه، إلى الإله الحيّ. متى أجئ وأتراءى قُدَّام اللَّه "... إنه شوق إلى اللَّه وعطش إليه، كما تشتاق الأرض العطشانة إلى الماء. ? ? كثيرون يُصلِّون، ولا تصعد صلواتهم إلى اللَّه، لأنها ليست صادرة من القلب ... هى مُجرَّد كلام!! هؤلاء رفض اللَّه صلواتهم. كما قال في العهد القديم عن اليهود: " هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أمَّا قلبه فمبتعد عني بعيداً "... إذن حينما تُصلِّي أيها القارئ العزيز، تحدَّث مع اللَّه بعاطفة. فالصلاة هى اشتياق المخلوق إلى خالقه، أو اشتياق المحدود إلى غير المحدود، أو اشتياق الروح إلى مصدرها وإلى ما يشبعها. ?? والصلاة المقبولة هى التي تصدر من قلب نقي. لذلك قال اللَّه لليهود في العهد القديم: " حين تبسطون أيديكم، أستُر وجهي عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دماً ". ? ? إذن ماذا يفعل الخاطئ المُثقَّل بآثامه؟ إنه يُصلِّي ليُساعده اللَّه على التوبة. ويتوب لكي يقبل اللَّه صلاته ... يُصلِّي ويقول: " توبني يارب فأتوب ". فالصلاة هى باب المعونة الذي يدخل منه الخاطئ إلى التوبة ... إذن لا تنتظر حتى تتوب ثم تُصلِّي!! إنما صلِّ طالباً التوبة في صلاتك لكي يمنحك اللَّه إيَّاها .. ذلك لأنه بمداومة الصلاة يُطهِّر اللَّه قلبك إن كنت تطلب ذلك بانسحاق أمام اللَّه. ? ? الصلاة هى تدشين للشفتين وللفكر، وهى تقديس للنَّفس. وأحياناً هى صُلح مع اللَّه ... فالإنسان الخاطئ الذي يعصى اللَّه ويكسر وصاياه، يشعر أنه توجد خصومة بينه وبين اللَّه. فلا يجد دالة للحديث مع اللَّه. فإن بدأ يُصلِّي، فمعنى هذا إنه يريد أن يرجع إلى اللَّه ويصطلح معه ... وبالصلاة يتسحي أن يخطئ بعد ذلك، ويحب أن يحتفظ بفكره نقيَّاً. فهو إذن يصل إلى استحياء الفكر. وهذه ظاهرة روحية سليمة. وكُلَّما داوم على الصلاة، يدخل فكره وقلبه في جوٍ روحي. ? ? الصلاة هى رُعب للشياطين، وهى أقوى سلاح ضدهم. الشيطان يخشى أن يفلت من يده هذا الإنسان المُصلِّي. ويخشى أن ينال المُصلِّي قوة يحاربه بها. كما أنه يحسده على علاقته هذه مع اللَّه، العلاقة التي حُرِمَ هو منها ... لذلك فالشيطان يُحارِب الصلاة بكل الطُّرق. يحاول أن يمنعها بأن يوحي للإنسان بمشاغل كثيرة مهمة جداً تنتظره، وأنه ليس لديه وقت الآن للصلاة! أو يشعره بالتعب أو بثقل الجسد. وإن أصرَّ على الصلاة، يحاول الشيطان أن يُشتِّت فكره ليسرح في أمور عديدة ... أمَّا أنت يا رجُل اللَّه، فاصمد في صلاتك مهما كانت حروب إبليس. وركِّز فيها فكرك وكل مشاعرك. واعرف أن محاولته منعك من الصلاة، إنما تحمل اعترافاً ضمنياً منه بقوة الصلاة كسلاح ضده. وثِق أنك في تمسُّكِكَ بالصلاة، فإنَّ نعمة اللَّه سوف تكون معك ولا تتخلَّ عنك. ? ? وفي صلاتِك، افتح أعماق نفسك لكي تمتلئ من مُتعة الوجود في حضرة اللَّه ... اطلب اللَّه نفسه وليس مُجرَّد خيراته ونِعمه ... تأكَّد أن نفسك التي تشعر بنقصها، ستظل في فراغ إلى أن تكملها محبة اللَّه ... إنها تحتاج إلى حُب أقوى من كل شهوات العالم. وهى عطشانة، وماء العالم لا يستطيع أن يرويها. وكما قال القديس أوغسطينوس في اعترافاته مخاطباً اللَّه: " ستظل نفسي حيرى إلى أن تجد راحتها فيك ". ?? قُل له يارب: " لست أجد سواك كائناً يرفق بي ويحتويني ... أنت الذي أطمئن إليه، فأفتح له قلبي، وأحكي له كل أسراري، وأشرح له ضعفاتي فلا يحتقرها بل يشفق عليها. وأسكب أمامه دموعي، وأبثه أشواقي. أشعر معه أنني لست وحدي، وإنما معي قوة تسندني .. بدونك يارب أشعر أنني في فراغٍ، ولا أرى لي وجوداً حقيقياً ... ومعك أشتاق إلى ما هو أسْمَى من المادة والعالم وكل ما فيه ... ". هذه هى صلاة الحُب وهى أعلى من مستوى الطلب. فالقلب المُحِب للَّه قد يُصلِّي ولا يطلُب شيئاً. وكما قال أحد الآباء: " لا تبدأ صلاتك بالطلب، لئلاَّ يُظن أنه لولا الطلب لما كنت تُصلِّي ". ?? والصلاة قد تكون شكراً للَّه على ما أعطاه لك من قبل. شكراً على عنايته بك ورعايته لك، وعلى ستره ومعونته وكل إحساناته، لك ولكل أصحابك وأحبائك. وقد تكون الصلاة تسبيحاً ... وقد تكون مُجرَّد تأمُّل في صفات اللَّه الجميلة ... امين +++ |
|