منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 03 - 2014, 04:37 PM   رقم المشاركة : ( 181 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أعطوه خلًا ممزوجًا بمرارة ليشرب

"أعطوه خلًا ممزوجًا بمرارة ليشرب" (مت27: 34)

لما وصلوا إلى المكان المعروف بالجلجثة، وهو الذي يدعى مكان الجمجمة، أعطوا يسوع "خلًا ممزوجًا بمرارة ليشرب. ولما ذاق، لم يرد أن يشرب" (مت27: 34).
كانت العادة أن يشرب المحكوم عليه بالصلب كمية كبيرة من الخل الممزوج بالمرارة، وذلك قبل أن تبدأ عملية دق المسامير الرهيبة في يديه وقدميه.
كان المقصود بذلك هو تخدير أعصاب المصلوب لتخفيف شعوره بالآلام المبرحة، أثناء ثقب يديه ورجليه بالمسامير الضخمة التي تخترق الجلد واللحم والأعصاب، وتخترق الأربطة التي تضم عظام المعصمين والقدمين. وكذلك لتخفيف شعوره بالألم أثناء تعليقه على الصليب، إذ يصير جسده بكل ثقله محملًا على جراحات هذه المسامير..
ولما ذاق السيد المسيح هذا المزيج المخدّر، امتنع عن الشرب، لأنه أراد أن يتحمل الآلام كاملة بلا مخدر.. ليوفى العدل الإلهي حقه.. ليدين الخطية في الجسد.. ليشفى الإنسان من لذة الخطية المهلكة.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بجراحاته شفينا من وجع الخطية، أو بتعبير أوضح من لذة الخطية التي تأسر الإنسان وتسيطر عليه. هذه الآلام التي احتملها مخلصنا هي آلام مخلصة ومحيية، وكان قد وضع في قلبه أن يشرب الكأس -كأس الآلام- كاملة، كما استلمها من يد الآب في البستان.
وكما وعد الآب في طاعته الكاملة له.. هكذا فعل ولم يقبل الهروب من الآلام بكاملها بأية صورة من الصور.
إن طاعة الوصية لم تكن لتكلف الإنسان أكثر من رفضه لجاذبية الخطية -دون أن يتألم الإنسان- ولكن الإنسان انساق وراء شهوة الخطية مقتطفًا لنفسه الموت والضياع.
أما السيد المسيح فكانت طاعته للآب، ليست مجرد امتناعًا عن الشر،لأن السيد المسيح خاليًا تمامًا من الشر والخطية ونوازعها، بل كانت طاعته قبولًا للألم من أجل تحرير الإنسان من شهوة الخطية ولذتها وجاذبيتها. وصار قبول الألم والموت هو وسيلة إعلان محبته الحقيقية للكنيسة كعروس له تدخل معه إلى شركة المحبة والألم في الصليب.
صارت شركة الآلام مع السيد المسيح هي وسيلة الكنيسة في التعبير عن محبتها له، في جهادها ضد الشيطان ومملكته الروحية، حتى يملك السيد المسيح على حياتها كعريس محبوب قد أسرتها محبته إلى الأبد.
وصار الصليب في حياة الكنيسة هو عنها ولها.. لأنه هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن.
فإن "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل5: 24).. بل صاروا مستعدين للشهادة من أجل السيد المسيح مثل أولئك الشهداء الذين قد غلبوا الشيطان بدم الحمل وبكلمة شهادتهم "ولم يحبوا حياتهم حتى الموت" (رؤ12: 11).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 182 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

صلبوه

صلبوه (مت27: 35)، (مر15: 24)، (لو23: 33)، (يو19: 18).
وصفت المزامير بوضوح آلام السيد المسيح، وتعليقه على خشبة الصليب، بثقب يديه ورجليه. وأبرز ما في عملية الصلب، هو تسمير جسده بالمسامير على الخشبة "ثقبوا يديَّ ورجلىَّ" (مز22: 16).
الإنسان الحر يستطيع أن يحرك يديه وقدميه ويتحرك كيفما شاء. أما المصلوب فقد قيدت حريته بالكامل على الصليب.
لهذا لم يكن القانون الروماني يسمح بتنفيذ عقوبة الموت صلبًا على من يحمل الجنسية الرومانية، لأنه حر وغير مستعبد.. فالصلب كان للعبيد فقط.
عند اليهود كان الصلب علامة لعنة، حسبما هو مكتوب في الناموس اليهودي.
وعند الرومان كان الصلب علامة عبودية، حسب القانون الروماني.
وقد قبل السيد المسيح أن يحمل عنا لعنة الخطية "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21).
كما قبل أيضًا أن يصير عبدًا ليأتي بنا إلى حرية مجد أولاد الله.
فالذي أعطانا الحرية على صورته ومثاله، ارتضى العبودية ليحررنا من عبودية الخطية.
وهو لم يأخذ صورة العبد فقط، بل ارتضى أن يفقد حريته على الصليب، ويُسمَّر بالكامل، فلا يستطيع أن يتحرك.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الإنسان والحرية

ادّعى بعض الملحدين مثل "سارتر" أن الله قد خلق الإنسان حُرًا. ثم أراد أن يسلب منه الحرية، ويجعله مستعبدًا له، فأعطاه الوصية الإلهية.
ولذلك طالب سارتر بتحرير الإنسان من الخضوع لله ولوصاياه، معتقدًا أن الحرية هي أن يفعل الإنسان كل ما يريد وكل ما يشتهى.
لم يفهم ذلك المسكين أن الحرية الحقيقية هي أن يتحرر الإنسان من الشر، ومن عبودية الخطية، وأن المستعبد للخطية لا يستطيع أن يفعل ما يريد. بل غالبًا يفعل ما لا يريد. وأن الإنسان المحب لله هو الذي يحقق بالفعل الهدف من وجوده، كصورة لله في القداسة والحق والحرية الحقيقية.
فالحرية هي أن يصل الكائن إلى المثالية، لا أن ينحدر إلى الحضيض..
لهذا قال السيد المسيح: "إن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إننا نقف متعجبين أمام الصليب:

فالله الذي ادعّى عليه البعض أنه يريد أن يسلب الإنسان حريته، قد ارتضى أن يفقد حريته -بحسب الجسد- على الصليب ثمنًا لحرية الإنسان.
هل هناك حب أعظم من هذا..؟! وهل هناك رد أبلغ من هذا على كل افتراءات الشيطان والملحدين من أعوانه؟.. إن الله حينما ظهر في الجسد، صار مستعدًا أن يفقد حريته -بل لقد وهبها بالفعل- من أجل تحرير الإنسان، لا أن يسلب من الإنسان حريته.
إن الوصية هي المجال العملي لممارسة حرية الإرادة، وإظهار المحبة الإرادية نحو الله.
لهذا قال السيد المسيح: "إن حفظتم وصاياي، تثبتون في محبتي. كما أنى أنا قد حفظت وصايا أبى، وأثبت في محبته" (يو15: 10)،وقال أيضًا: "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني. والذي يحبني يحبه أبى، وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو14: 21). وخاطب تلاميذه قائلًا: "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به" (يو15: 14).
وقال القديس يوحنا الرسول: "فإن هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة" (1يو5: 3).
الله لا يرغب في إرغام الخليقة على الحياة معه، أو على محبته.. فإننا لا نتصور عريسًا يقبل أن تحيا معه عروسه بغير إرادتها.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الإنسان والحياة

المفهوم السليم هو أننا نحيا مع الله لأننا نحبه، ولأننا نعجب بصفاته الجميلة، ولأننا به "نحيا ونتحرك ونوجد" (أع17: 28). وكما قال معلمنا بولس الرسول: "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
والسيد المسيح نفسه قال: "أنا هو القيامة والحياة" (يو11: 25)، وقال أيضًا: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6) فبقوله: "أنا هو الحياة" أظهر بالفعل أننا به نحيا ونتحرك ونوجد.
الله الآب هو ينبوع الحياة، هو مصدر الحياة.. والله الابن هو الحياة التي نحيا بها، والتي قال عنها القديس يوحنا الإنجيلي "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" (يو1: 4).. والله الروح القدس هو روح الحياة، كنز الصالحات ومعطى الحياة، الرب المحيى المنبثق من الآب.
لا يستطيع أحد أن يقول "أنا هو الحياة" إلا الله وحده.. قالها السيد المسيح وأكّدها في حديثه عن التناول من جسده بقوله: "أنا هو خبز الحياة.. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطى، هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 48، 51).
كيف نحيا بدون الله إن كان هو مصدر الحياة؟ كيف نتذوق طعم الحياة إلا مع الله؟ الذي وهبنا كل النعم والخيرات في المسيح يسوع، وسكب فينا روحه القدوس.
لقد جاء السيد المسيح لكي يكشف لنا سر الحياة الحقيقية، وهى أن الله هو ذلك الأب الذي يحب أولاده ويسعى لخيرهم. وقال في مناجاته للآب قبل الصلب: "أنا أظهرت، اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم" (يو17: 6). أي أنه أظهر لتلاميذه حقيقة الأبوة في الله. وقال أيضًا: "أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك. أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرفتهم اسمك، وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 25، 26).
إن لقب "الآب"هو الاسم الثمين الذي اعتز مخلصنا الصالح بأن يعلنه لتلاميذه عن أبيه السماوي القدوس.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 183 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أحصي مع أثمة

"أحصي مع أثمة" (مر15: 28)

استكمل معلمنا لوقا البشير حديثه عن طريق الصليب فقال: "وجاءوا أيضًا باثنين آخرين مذنبين ليقتلا معه" (لو23: 32).
وذكر معلمنا مرقس الإنجيلي أمر هذين المذنبين فقال: "وصلبوا معه لصين واحدًا عن يمينه وآخر عن يساره. فتم الكتابالقائل: وأحصى مع أثمة" (مر15: 27، 28).
لم تكن مصادفة أن يموت السيد المسيح مع المذنبين لأن النبوة تقول إنه "سكب للموت نفسه، وأحصى مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إش53: 12).
لقد "دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو5: 12). وجاء السيد المسيح لكي يحمل خطايا كثيرين ويشفع في المذنبين أي أنه لم يمت عن خطية نفسه -فهو بلا خطية- بل عن خطايا غيره. ولكنه تألم: البار من أجل الأثمة، القدوس عوضًا عن الخطاة. لكنه على أية حال كما اشترك الأولاد في اللحم والدم اشترك فيهما هو أيضًا، وكما اشتركوا في الموت اشترك فيه هو أيضًا "لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كان منتهى الاتضاع: لا أن يقبل السيد المسيح أن يموت فقط، وهو برئ وبلا خطية، بل أن يموت مع الخطاة.. ضمن المذنبين.. وأن يحصى في وسط الأثمة، والمجرمين.
مات مع الخطاة.. لكي يموتوا هم معه.. ولكي يتغنى كل خاطئ متمتع بالخلاص: "مع المسيح صلبت".. كما قال معلمنا بولس الرسول: "دفنا معه بالمعمودية للموت" (رو6: 4). "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه، ليبطل جسد الخطية" (رو6: 6).
كان عارًا كبيرًا أن يسير السيد المسيح في موكب الأثمة، وهو القدوس البار الذي بلا خطية، وكان عارًا أكبر أن يصلب في الوسط بين لصين، الواحد عن يمينه والآخر عن يساره، وكأنه هو رئيس العصاة والمذنبين.!!
ما هذا العرش يا إلهي البار، الذي علقوك عليه كملك..؟! هل هو عرش الخزي والعار..؟! إنه عار خطيتي لكي تملك على عرش قلبي في الوسط..
إن العالم يتطلع نحوك يا قدوس، وأنت معلق على الجلجثة بين لصين، لكي يرى كل إنسان نفسه هناك فوق الجلجثة مصلوبًا معك بصورة رمزية عجيبة.
على يمينك الخطاة التائبون، وعن يسارك الخطاة غير التائبين.. عن يمينك الخراف، وعن يسارك الجداء.. وأنت يا سيدي في الوسط رئيسًا للكهنة.. شفيعًا في الخطاة.. فأنت الحمل والراعي.. الكاهن والذبيحة.. الهيكل والقربان.
أنت يا رئيس الحياة.. كنت رئيسًا بين المائتين.. لأنك أنت الذي حملت خطايا العالم كله.. وهكذا وأنت الحياة قد عبرت بالمائتين التائبين من الموت إلى الحياة.
)عندما انحدرت إلى الموت، أيها الحياة الذي لا يموت. حينئذ أمتَّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى. صرخ نحوك جميع القوات السمائيين أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك((من ألحان قداس القديس يوحنا ذهبي الفم).
في تواضعه قبل السيد المسيح أن يحمل عار خطايانا في جسده.. ولكن هذا قد تألّق بمجد المحبة والفداء، كقول معلمنا بولس الرسول: "ولكن الذي وضع قليلًا عن الملائكة يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد،لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل، وبه الكل، وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام" (عب2: 9، 10).
كان رئيسًا للحياة، وصار رئيسًا للخلاص.. رئيسًا في الآلام.. هو الرأس المكلل بالأشواك لأجل الكنيسة التي هي جسده، والتي تحمل أيضًا سمات الرب يسوع.
في صلاة الساعة السادسة تتغنى الكنيسة بمحبة السيد المسيح وتقول "صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها أيها المسيحإلهنا، عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب، فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة المجد لك يا رب".
هكذا كان السيد المسيح معلقًا في الوسط بين اللصين، وقد بسط يديه نحو الكل يدعوهم للخلاص. وسوف يبقى منظر الجلجثة الخالد، يهتف نحو الأجيال جميعًا يدعوهم إلى الخلاص بالإيمان به والميلاد الجديد بالمعمودية، يدعوهم إلى شركة آلامه والتمتع بمجده.. يدعوهم إلى العبور بدمه.. يدعوهم نحو السماء؛ وهو معلق بين الأرض والسماء؛ لأنه هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية.. فهو الوسيط.. وهو الباكورة.. وهو خادم الأقداس السمائية.. وهو السابق الذي ذهب ليعد لنا الطريق.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:02 PM   رقم المشاركة : ( 184 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

العذراء الأم عند الصليب

"وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه، وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية" (يو19: 25).. جاءت بكل الإيمان ابنة إبراهيم، لتقف إلى جوار صليب ابنها الوحيد.. نظرت العذراء وحيدها معلقًا فوق الإقرانيون، وتذكّرت كلمات الملاك حينما بشرها بميلاده: "ها أنت ستحبلين، وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيمًا، وابن العلى يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 31-33).
كان الوعد صريحًا أن ابنها سوف يملك إلى الأبد، ولن يكون لملكه نهاية..
ولم تكن في إيمانها أقل من أبيها إبراهيم.. بل قد شهدت لها أليصاباتبالروح القدس "طوبى للتى آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو1: 45).
آمنت بالميلاد العذراوي من الروح القدس وهو أمر عجيب لم يحدث من قبل وتم ما قيل لها.. وآمنت أن ابنها سوف يخلّص شعبه من خطاياهم، وأنه سوف يقوم في اليوم الثالث كما وعد تلاميذه، وبهذا يملك إلى الأبد..

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بهذا الإيمان وقفت العذراء مريم وهى تنظر السيد المسيح منهكًا، ينازع الموت على الصليب، وهو القوى الذي قهر الموت بقوة قيامته.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إبراهيم وذبيحة الابن الوحيد

لقد جاز إبراهيم امتحانًا صعبًا حينما قال له الله: "يا إبراهيم.. خذ ابنك وحيدك، الذي تحبه إسحق، واذهب إلى أرض المريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك" (تك22: 1، 2).
وقد شرح معلمنا بولس الرسول كيف استطاع إبراهيم أن يعبر هذا الامتحان الصعب وذلك بالإيمان فقال: "بالإيمان قدّم إبراهيم إسحق -وهو مجرّب- قدّم الذي قَبِلَ المواعيد وحيده الذي قيل له إنه بإسحق يدعى لك نسل. إذ حَسِبَ أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا" (عب11: 17-19).
كان إبراهيم واثقًا في صدق وعد الله، بأن النسل المقدس سوف يأتي من إسحق، الذي يتوقف عليه خلاص البشرية بمجيء السيد المسيح من هذا النسل. ولهذا فلم يشك في صدق وعد الله، وكان متأكدًا أن إسحق سوف يعود إلى الحياة من بعد تقديمه ذبيحة.. أي أنه سوف يقوم من الأموات. وبهذا الإيمان أمكنه أن يعبر الامتحان، وأن يتجاوز مشاعره البشرية كأب.. لأنه كان ينظر إلى الأمور المختصة بالأبدية، وليس إلى الأمور الزمنية.
وقد بارك الله إبراهيم وقَبِل ذبيحة محبته "وقال بذاتي أقسمت يقول الرب، إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك، أباركك مباركة وأُكثر نسلك تكثيرًا.. ويرث نسلك باب أعدائه، ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض من أجل أنك سمعت لقولي" (تك22: 16-18).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إيمان مريم العذراء

هكذا استحقت العذراء مريم التطويب، لأنها آمنت مثلما آمن إبراهيم، أن الله قادر على الإقامة من الأموات..
ولهذا ففي سرد الكتاب المقدس لأحداث القيامة، نرى الكل في البداية مضطربين ومذبذبين في تصديقهم لقيامة السيد المسيح، حتى أنه "ظهر للأحد عشر وهم متَّكِئون، ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" (مر16: 14).
أما السيدة العذراء فلم يذكر عنها شيء من مثل ذلك، بل كانت واثقة من القيامة حتى وهى واقفة عند الصليب،ولم تتأرجح بين الشك والتصديق مثل مريم المجدلية التي قالت "أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه" (يو20: 13)، والتي وبخها السيد المسيح حينما ظهر لها بعد ذلك، وأمرها أن تذهب وتخبر التلاميذ أنه سوف يصعد إلى السماء بعد أن يظهر لهم في الجليل.
نحن لا ننكر أن جميع التلاميذ قد آمنوا بيقين القيامة بعد أن ظهر لهم السيد المسيح. حتى توما الذي شك في البداية، عاد فآمن حينما وضع يده في مكان المسامير والحربة في جسد الرب القائم من الأموات.
ولكن السيد المسيح طوّب الذين "آمنوا ولم يروا" (يو20: 29). وبهذا طوّب العذراء مريم التي آمنت بالقيامة قبل أن تراها.. ولكنها مع هذا قد فرحت مع ولأجل الكنيسة كلها، حينما أبصرت وحيدها العريس السمائي وهو قائم منتصر مكلل بالمجد.. كما أبصرته وهو صاعد إلى السماء ليجلس عن يمين الله.
طوباك أنتِ يا من ارتفعتِ فوق جميع القديسين، في إيمانك المتشح بالتواضع وإنكار الذات.. اشفعى فينا أمام ابنك الوحيد ليصنع معنا رحمة كعظيم رحمته.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:04 PM   رقم المشاركة : ( 185 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

هذا هو ملك اليهود

"هذا هو ملك اليهود" (لو23: 38)

"وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية هذا هو ملك اليهود" (لو23: 38).
كانت هذه رسالة موجهة إلى العالم كله؛ إلى الفلاسفة اليونان، ورجال السلطة الرومانيين، ورجال الدين العبرانيين.. إلى الأمم بأنواعهم، وإلى اليهود. إن هذا هو المسيح الرب والملك.
وتذكّرت القديسة مريم قول الملاك لها في البشارة: "ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33).
تذكّرت أيضًا ما رآه دانيال النبي في رؤياه وسجّله في السفر قائلًا: "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا، لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7: 13، 14).
ألم تبصر السيدة العذراء المجوس الذين جاءوا من المشرق قائلين: "أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له؟" (مت2: 2).
هذا الذي قال عنه الملاك المبشر للرعاة: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو2: 10، 11).
ومدينة داود هي بيت لحم اليهودية التي قال عنها ميخا النبي: "أما أنت يا بيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطًا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (مى5: 2).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كيف ملك السيد المسيح؟

عندما اقترب السيد المسيح من الصليب في الأسبوع الأخير، حدثت مناقشة بينه وبين الجمع الذي كان واقفًا من اليهود إذ قال السيد المسيح: "الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجًا. وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أيَّة ميتة كان مزمعًا أن يموت. فأجابه الجمع: نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد. فكيف تقول أنت أنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان. من هو هذا ابن الإنسان؟" (يو12: 31-34).
كان فهم اليهود لأسفار الكتاب المقدس مرتبطاً بآمال وتطلعات أرضية، لذلك كانوا ينتظرون مجيء المسيح الملك الذي سوف يملك على جميع شعوب العالم وتبقى مملكته على الأرض إلى الأبد.
كانوا يعتقدون -بحسب فهمهم الخاص- أن الله قد ميّزهم على كل شعوب الأرض وأن مملكة داود سوف تمتد لتشمل الأرض كلها وتخضع لهم كل شعوب العالم تحت رئاسة المسيح المنتظر من نسل داود.
لذلك تعجبوا من قول السيد المسيح: "أنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع" (يو12: 32). فسواء كان المقصود بكلامه -في نظرهم- الارتفاع على الصليب كما قصد هو نفسه أو مغادرة هذا العالم بمفارقة روحه لجسده، أو حتى بصعوده حياً إلى السماء.. فإن كل هذه الأمور قد تتعارض مع اعتقادهم بالملك الأرضي الذي كانوا يتطلعون إليه بشوق كبير جعلهم لا يفهمون طبيعة إرسالية السيد المسيح إلى العالم.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ربما اتجهت أنظارهم إلى ما ورد عن المسيح في نبوءة دانيال النبي "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7: 13، 14).
وكشعب كان يعانى في ذلك الوقت من الاستعمار الروماني الذي فرض عليهم الجزية وأساء معاملتهم، كانت أشواقهم ملتهبة نحو مجيء المسيح الذي يحررهم من الاستعمار ويقيم مملكة داود، ويجعل كل شعوب العالم تتعبد له وتدفع له الجزية "كل الشعوب والأمم والألسنة". ويظل هذا الوضع قائمًا على الأرض إلى الأبد بلا زوال ولا انقراض. وبذلك يحيون في سعادة جسدية لا تعانى من استعمار ولا من حروب ولا من جوع ولا من عوز يتفوقون فيها على كل شعوب العالم ويستعبدونهم.
كان السيد المسيح قد ذكر في نقاشه مع تلميذيه أندراوس وفيلبس عبارة: "ابن الإنسان"إذ قال لهما رداً على طلب اليهود اليونانيين الذين صعدوا ليسجدوا في العيد أن يروه "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان" (يو12: 23). وبعدها قال لأبيه السماوي: "أيها الآب مجّد اسمك. فجاء صوت من السماء: مجدت وأمجّد أيضًا. فالجمع الذي كان واقفًا وسمع قال قد حدث رعد. وآخرون قالوا قد كلّمه ملاك. أجاب يسوع وقال: ليس من أجلى صار هذا الصوت بل من أجلكم" (يو12: 28-30).
ارتبك الجمع لسبب ما سمعوه من كلام السيد المسيح، وما حدث في حديثه مع الآب السماوي. واختلط عليهم الأمر ما إذا كان هذا هو المسيح. لذلك بدأوا يقارنون بين كلام السيد المسيح وبين مفاهيمهم الشخصية في تفسير الأسفار المقدسة وقالوا: "نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد. فكيف تقول أنت إنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان. من هو هذا ابن الإنسان؟" (يو12: 34).
والمقصود هنا في كلامهم هل أنت هو ابن الإنسان المذكور في نبوة دانيال "مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقرّبوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب.. سلطانه سلطان أبدى.." (دا 7: 13، 14). وإن كنت أنت هو فلماذا لن تبقى على الأرض وتملك إلى الأبد؟ خاصة وأنت تقول: "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان" (يو12: 23). ودانيال يقول عن ابن الإنسان أنه قد أعطى سلطانًا ومجدًا.. وسلطانه.. ما لن يزول وملكوته ما لن ينقرض..
لم يفهم اليهود أن ملكوت المسيح الأبدي هو ملكوت السماوات، وأن مجد المسيح هو مجد الروحيات وليس الأرضيات، وأن حرية المسيح هي الحرية من الخطية؛ الحرية التي سوف يحرر بها شعبه من عبودية إبليس ومن الهلاك الأبدي،ولكن للأسف قد أعمى الشيطان عيون اليهود لكي لا يؤمنوا به.
وقد علّق القديس يوحنا الإنجيلي على هذه الواقعة والمناقشة بقوله: "ومع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها لم يؤمنوا به. ليتم قول إشعياء النبي الذي قاله: يا رب من صدق خبرنا، ولمن استعلنت ذراع الرب. لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا لأن إشعياء قال أيضًا: قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم. قال إشعياء هذا حين رأى مجده وتكلّم عنه.." (يو12: 37- 41).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أين مَلَكَ السيد المسيح؟

قال السيد المسيح: "أنا إن ارتفعت عن الأرض، أجذب إلى الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أية ميتة كان مزمعًا أن يموت" (يو12: 32، 33).
وقال أيضًا لليهود: "متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أنى أنا هو" (يو8: 28).
فى كل ذلك كان يؤكد أنه سوف يملك على خشبة الصليب، لأنه بالصليب سوف يجتذب إليه الجميع، ويصير ملكًا على قلوبهم. وبالصليب سوف يفهم البشر أن يسوع المسيح -ابن الإنسان- هو هو نفسه ابن الله الوحيد، الذي غلب الموت وانتصر عليه، بقيامته منتصرًا من الأموات.
هذا ما قاله معلمنا بطرس الرسول مع باقي الآباء الرسل لليهود في يوم الخمسين عن صلب السيد المسيح: "هذا أخذتموه مسلَّمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق، وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه. الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه" (أع2: 23، 24).
ثم تكلّم عن داود وملكه فقال: "فإذ كان نبيًا وعلِم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه، سبق فرأى وتكلّم عن قيامة المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية، ولا رأى جسده فسادًا. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعًا شهود لذلك" (أع2: 30-32).
واستخلص معلمنا بطرس الرسول النتيجة بقوله: "فليعلم يقينًا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربًا ومسيحًا" (أع2: 36).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
" لا يكون لملكه نهاية" (لو1: 33)

مهما بلغ ملوك العالم إلى قمة المجد والعظمة والسلطان، فإن مُلكهم قد زال بموتهم.. انهزموا جميعًا أمام الموت.. ولم ينتصر أحد منهم عليه.
فكم من ممالك زالت وانقضت؟.. وكم من حضارات تبدلت وطغت عليها حضارات أخرى.
أراد ملوك المصريين القدماء أن يخلدوا مُلكهم، فاخترعوا فن التحنيط وفنون المقابر والرسوم والألوان، والتماثيل والأهرامات وغيرها.. ولكن هذه كلها لم تحفظ لهم المُلك.. بل جسدت مأساة الإنسان في قمة حضارته وقدرته، وفي قمة هزيمته أمام الموت. كان الأمل الوحيد للإنسان هو القيامة من الأموات..
وجاء السيد المسيح ليصير باكورة للراقدين.. وليمنح الحياة الأفضل للذين قبلوه حتى للذين لم يعرفوا فن التحنيط.
هذا هو الملك الحقيقي الذي قال عن نفسه: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو11: 25).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سلطانًا ومجدًا وملكوتًا

تحقق قول دانيال النبي: "فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا 7: 14).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ما هو هذا السلطان؟

إنه سلطان الحياة الأبدية الذي قال عنه السيد المسيح في مناجاته للآب قبل الصليب مباشرة: "أيها الآب قد أتت الساعة مجّد ابنك، ليمجدك ابنك أيضًا. إذ أعطيته سلطانًا على كل جسد، ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته" (يو17: 1، 2). وصار له السلطان أن يمنح الحياة الأبدية للذين قبلوه وآمنوا به.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وما هو هذا المجد؟

إنه مجد القيامة الذي قال عنه السيد المسيح لتلاميذه: "كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده" (لو24: 26).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وما هو هذا الملكوت؟

إنه مُلك الله على قلوبنا هذا الذي اشترانا كقول الكتاب "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم. لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 19، 20).
لقد صرنا هيكلًا للروح القدس.. وصار ملكوت الله داخلنا، كما وعدنا السيد المسيح.. وصرنا أولادًا لله "فإن كنا أولادًا، فإننا ورثة أيضًا. ورثة الله ووارثون مع المسيح" (رو8: 17).
إن من يملك الله على قلبه وعلى حياته، يصير مؤهلًا لميراث ملكوت السماوات في المجد الأبدي.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:05 PM   رقم المشاركة : ( 186 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

اقتسموا ثيابي بينهم

"اقتسموا ثيابي بينهم" (يو19: 24)

"ثم إن العسكر لما كانوا قد صلبوا يسوع، أخذوا ثيابه وجعلوها أربعة أقسام، لكل عسكري قسمًا. وأخذوا القميص أيضًا. وكان القميص بغير خياطة، منسوجًا كله في فوق. فقال بعضهم لبعض: لا نشقه، بل نقترع عليه لمن يكون ليتم الكتاب القائل اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة" (يو19: 23، 24، انظر أيضًا مز22: 18).
هذه الأقسام الأربعة لثياب السيد المسيح ترمز إلى الأناجيل الأربعة التي بشرت بموته وقيامته.
أما القميص (الرداء الداخلى) الذي لم يشقه العسكر، لأنه منسوج كله من فوق إلى أسفل، فهو يرمز إلى أن بشارة الخلاص هي واحدة لا تتجزأ ولا تنفصل.
ومن المعروف أن الأناجيل الأربعة ترمز إليها الأربعة الأحياء غير المتجسدين: الذي له وجه الإنسان، والذي له وجه العجل (أو الثور)، والذي له وجه الأسد، والذي له وجه النسر.
فإنجيل متى يرمز له بوجه الإنسان، لأنه يقدّم المسيح ابن الإنسان "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم" (مت1: 1).
وإنجيل لوقا يرمز له بوجهالثور، لأنه يقدّم المسيح خادم الخلاص الذبيح "طفلًا مقمطًا مضجعًا في مذود" (لو2: 12).
وإنجيل مرقس يرمز له بوجه الأسد، لأنه يقدّم المسيح القوى صانع المعجزات "إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (مر1: 1).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وإنجيل يوحنا يرمز له بوجه النسر، لأنه يقدّم المسيح باعتباره الله الكلمة المتجسد. فهو يشير إلى ألوهية السيد المسيح "الكلمة صار جسدًا وحل بيننا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب" (يو1: 14).
هذه الأحياء الأربعة غير المتجسدة الحاملة للعرش الإلهي، ترمز إلى مراحل الخلاص الأربعة (الميلاد، الصلب، القيامة، الصعود) في حياة السيد المسيح:
فالميلاد أو التجسد يرمز إليه وجه الإنسان.
والصلب يرمز إليه وجه الثور (الذبيحة).
والقيامة يرمز إليها وجه الأسد (الغالب).
والصعود يرمز إليه وجه النسر (الطائر المُحلق في السماء).
وبالرغم من أننا نفهم هذه المراحل من حيث التفاصيل، ولكننا لا ننظر إليها من ناحية الفصل. أي لا نفصلها عن بعضها البعض. هي مراحل متلاحقة متلازمة، ضرورية لخلاص البشرية في خدمة السيد المسيح.
فالسيد المسيح في ميلاده ولد في المذود في وسط الحيوانات، التي تقدم منها الذبائح، لكي نفهم أنه قد جاء إلى العالم ليصير ذبيحة. ففي ميلاده أشار إلى صلبه.
وفى قيامته أطلقت عليه الملائكة لقب "يسوع المصلوب" (مت28: 5). فلولا الصليب لما كانت القيامة. وقد احتفظ السيد المسيح بجراحات الصليب في جسد قيامته. ففي قيامته أشار إلى صلبه.
وعندما ظهر لمريم المجدلية بعد القيامة، حدثها عن الصعود، وطالبها أن تخبر تلاميذه بذلك "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو20: 17). ففي قيامته أشار إلى صعوده.
والعجيب أن حزقيال النبي في رؤياه، قد رأى لكل واحد من الأحياء الأربعة أوجه أربعة (انظر حز1: 6) هي أوجه الأحياء الأربعة التي وصفها يوحنا الإنجيلي في رؤياه. وهذا يعنى أن بشارة الأناجيل الأربعة لا تتجزأ وأنها كلها تتكلم عن مراحل الخلاص الأربعة، وإن كان يُرمز إليها بسمة خاصة تميزها دون أن تفصلها.
إلى هذه المعاني العميقة كان يرمز تقسيم ثياب السيد المسيح وعدم شق قميصه،فالثياب قد تم توزيعها إلى أربعة أنصبة، أما القميص فلم يستطع أحد أن يشقه لأنه منسوج كله من فوق إلى أسفل.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"منسوجًا كله من فوق" (يو19: 23)

كان القميص (الرداء الداخلى) "منسوجًا كله من فوق" (يو19: 23).
حقًا كانت حياة السيد المسيح كلها منسوجة من فوق إلى أسفل.
فهو الكلمة المتجسد وليس الإنسان المتأله. أي أن الإله الكلمة قد صار إنسانًا بالتجسد، ولكن لا يوجد إنسان قد تألّه. لأن يسوع المسيح هو نفسه كلمة الله الأزلي، الذي أخذ جسدًا حيًا بروح عاقلة من العذراء مريم، وولد منها متجسدًا بغير تغيير. فابن الله هو هو نفسه ابن الإنسان.
كانت حياة السيد المسيح كلها بتدبير إلهي، وعمله كله بتدبير إلهي "منسوجًا كله من فوق" (يو19: 23). لهذا قال: "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني، وأتمم عمله" (يو4: 34) وقال للآب: "أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته.." (يو17: 4).
وعن صلبه قال: "إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه" (مت26: 24). وقيل أيضًا: "مسلَّمًا بمشورة الله المحتومة وعِلمه السابق" (أع2: 23).
حقًا كانت حياة السيد المسيح كلها سيمفونية رائعة، تشهد لعمل الله وتدبيره وحكمته، مثل ذلك القميص "المنسوج كله من فوق".
قال السيد المسيح لليهود: "أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق" (يو8: 23).
وقال يوحنا المعمدان عن السيد المسيح: "الذي يأتي من فوق، هو فوق الجميع. والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع" (يو3: 31).
لقد سعى الله نحو خلاص الإنسان، وكان عمله كله منسوجًا من فوق (إلى أسفل)، وقدّم محبة لخير الإنسان. وكانت محبته منسوجة من فوق (إلى أسفل)، وأعلن عن ذاته للإنسان، وكان إعلانه منسوجًا كله من فوق (إلى أسفل).
ما أجمل قول يوحنا في إنجيله "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا، ورأينا مجده مجدًا، كما لوحيدٍ من الآب، مملوءًا نعمةً وحقًا" (يو1: 14). أي أن الابن المتجسد قد أعلن مجد الآب السماوي.
كل ذلك صنعه السيد المسيح لأجلنا، لكي يرفعنا إليه من أسفل إلى فوق، لنتمتع بمجده كما خاطب الآب قائلًا: "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا، لينظروا مجدي" (يو17: 24).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:09 PM   رقم المشاركة : ( 187 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ثم جلسوا يحرسونه هناك

"ثم جلسوا يحرسونه هناك" (مت27: 36)

بعد أن صلب الجند السيد المسيح، جلسوا يحرسونه في موضع الجلجثة بحسب الأوامر الصادرة إليهم.
كان القصد من الحراسة الموضوعة، هو متابعة تنفيذ الحكم بالموت صلبًا إلى نهايته. فالمصلوب يستغرق موته على الصليب وقتًا ليس بقليل ويحتاج إلى حراسة لكي لا يأتي أحد وينزله من على الصليب وينقذه من الموت.
في الوضع العادي قد يبقى المصلوب عدة أيام، وهو يتألم ويعانى من التعليق على الصليب، ومن العطش والجوع وضيق التنفس، حتى تنتهي مقاومته تمامًا ويموت في النهاية.
ولكي يتم التعجيل بالموت تكسر سيقان المصلوبين، لكي لا يتمكنوا من التنفس ويموتوا بالاختناق. فالمصلوب يعتمد في تنفسه على ارتكازه على قدميه على مسمار القدمين، إذ يرفع جسده إلى فوق لكي يخف الشد على الساقين، ويرتخي القفص الصدري ويتمكن من الشهيق. أما إذا كسرت ساقاه، فلا يمكنه أن يتنفس، لأن عضلات القفص الصدري تكون مشدودة بقوة في اتجاه الساعدين.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أما السيد المسيح فلم يستغرق موته على الصليب أكثر من ثلاث ساعات. حيث إنه كان قد تعرض منذ الصباح للجلد الروماني العنيف، الذي أحدث نزيفًا داخليًا شديدًا. هذا بالإضافة إلى جراحات المسامير في اليدين والقدمين، وجراحات إكليل الشوك وسائر جراحات الضرب والجلد الخارجية، التي كانت تنزف جميعها دمًا مستمرًا، أدى إلى هبوط حاد في عضلة القلب، نتيجة النزيف الداخلى والخارجي، الذي تحقق به قول الرب: "دمى الذي يُسفك عنكم" (لو22: 20).
وعلى العموم فقد كان قرار اليهود هو أن تكسر سيقان المصلوبين في ذلك اليوم قبل غروب الشمس، وذلك لكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت، لأن يوم ذلك السبت كان عظيمًا (انظر يو19: 31). "سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا. فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه. وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات" (يو19: 31-33).
ولكن حراسة الجند للسيد المسيح المصلوب لم تكن مصادفة، لأن المشهد بذلك يقود أفكارنا للتأمل إلى الفردوس الأول، ونتذكر قول الكتاب "فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تك3: 24).
جلس العسكر يحرسون السيد المسيح المعلّق على خشبة الصليب،ولم يفهموا بذلك أنهم يذكروننا بالصورة النبوية المعلنة في سفر التكوين عن حراسة طريق شجرة الحياة، أليس الصليب هو شجرة الحياة التي لا يموت آكلوها؟
هؤلاء العسكر يذكروننا دون أن يدروا بحراس الأسرار المقدسة؛ ولكن هل يحتاج السيد المسيح إلى من يحرسه لكي يتمم الفداء؟ لقد جاء السيد المسيح إلى العالم واضعًا الصليب نصب عينيه.. وكان الصليب هو الهدف من مجيئه فاديًا ومخلصًا. فلم يكن ممكناً إطلاقًا أن يهرب من الصليب حتى يحتاج إلى حراسة. بل إن الحراس قد صاروا شهودًا للصلب وشهودًا للخلاص الذي تم حتى نهايته.
شهدوا أمام التاريخ -دون أن يقصدوا- بأن يسوع الناصري قد مات حقًا على الصليب.. تمامًا مثلما شهد حراس القبر -دون أن يقصدوا- بأن يسوع المصلوب قد قام حقًا من الأموات.. لأن وجود الحراس كان دليلًا قوياً على صدق واقعة القيامة.
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:10 PM   رقم المشاركة : ( 188 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

يا ناقض الهيكل وبانيه

"يا ناقض الهيكل وبانيه" (مت27: 40)

بعد أن قام السيد المسيح بتطهيرالهيكل قال له اليهود: "أية آية ترينا حتى تفعل هذا؟" (يو2: 18). فقال لهم السيد المسيح: "انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه" (يو2: 19). وهم فهموا أنه كان يكلمهم عن هيكل الرب في أورشليم الذي بناه أولًا سليمان، فأجابوه "في ست وأربعين سنة بنى هذا الهيكل، أفأنت في ثلاثة أيامتقيمه؟! وأما هو فكان يقول عن هيكلجسده" (يو2: 20، 21).. عند الصليب تذكر اليهود هذه العبارة التي قالها السيد المسيح؛ "وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلّص نفسك" (مت27: 39، 40).
وكانوا يقصدون بذلك أنه لو كان فعلًا يقدر أن يهدم الهيكل ويبنيه بقدرة معجزية باعتباره ابن الله، فإنه من باب أولى يستطيع أن يخلّص نفسه وينزل عن الصليب بمعجزة لا تقاوم. ولهذا استطردوا قائلين: "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (مت27: 40).
ولكن السيد المسيح لم يقل لهم أنه هو الذي سوف يهدم الهيكل بنفسه، بل قال: "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه" (يو2: 19). أي أنهم لو هدموا هيكل جسده بالموت على الصليب فإنه سوف يقيمه بعد ثلاثة أيام. وبالطبع لن يتحقق قوله هذا لو نزل عن الصليب.. لأن معجزة القيامة لا يمكن أن تتم إلا من خلال موته بحسب الجسد على الصليب.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كانت القيامة هي أعظم معجزة صنعها السيد المسيح، كقول معلمنا بولس الرسول "وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات" (رو1: 4). وحينما طلب اليهود من السيد المسيح معجزة يؤمنون بسببها فسألوه أن يريهم آية من السماء. أجاب وقال لهم: "جيل شرير فاسق يلتمس آية ولا تُعطى له آية إلا آية يونان النبي" (مت16: 4). وكان السيد المسيح يقصد بهذا خروج يونان حيًا من بطن الحوت بعد ثلاثة أيام، فكان رمزًا لدفن السيد المسيح وقيامته.
وقال أيضًا: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو" (يو8: 28). أي أن فهمهم لحقيقة لاهوته، سوف يتحقق بموته على الصليب وقيامته بقوة من الأموات..
فلا مجال إطلاقًا للقول: "إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب" لأن العكس كان هو المطلوب لإثبات ألوهيته مع إتمام الفداء في آنٍ واحد.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الهيكل

كان اليهود يعتزون جدًا بهيكل أورشليم. ولذلك بالرغم من أن ذلك الهيكل كان رمزًا لجسد السيد المسيح الذي أخذه كاملًا من العذراء مريم بفعل الروح القدس، بما في ذلك الروح الإنسانى العاقل، حينما تجسد ببشرية كاملة، جاعلًا ناسوته واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا تغيير، فقد كان كل ما في الهيكل أيضًا يرمز إلى تجسد ابن الله الكلمة، وإلى ذبيحة الصليب الخلاصية.
فتابوت العهد كان يرمز إلى جسد السيد المسيح، وما في داخله يشير إليه. مثل لوحيّ الشريعة يرمزان إلى أن الله قد كلّمنا في ابنه. وقسط المن الذي يرمز إلى السيد المسيح باعتباره الخبز السماوي. وعصا هرون التي أفرخت بدون زرع ولا سقى، وترمز إلى ولادة المسيح من العذراء مريم بغير زرع بشر.
وهكذا مذبح البخور يرمز إلى كهنوت السيد المسيح، والمنارة ذات السبعة سرج ترمز إلى الأسرار الكنسية السبع التي تتم باستحقاقات دم المسيح، الذي قال بفم النبي: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله" (مز52: 8)،ومائدة خبز الوجوه ترمز إلى جسد المسيح في سر الافخارستيا..
ومذبح النحاس يرمز إلى ذبيحة الصليب، حيث تقدم الذبائح والمحرقات. والمرحضة ترمز إلى التطهير بالمعمودية.
والخيمة أو المسكن كان يرمز إلى حلول الله في وسط شعبه، وبهذا يرمز إلى التجسد الإلهي.
ورئيس الكهنة الذي يدخل إلى قدس الأقداس مرة واحدة في السنة، يرمز إلى السيد المسيح الذي دخل إلى الأقداس السماوية مرة واحدة بدم نفسه ووجد فداءً أبديًا.
فلماذا تتجه أنظار اليهود وأفكارهم إلى الهيكل، بعد أن جاءهم الهيكل الحقيقي الذي كانت كل هذه الأمور جميعها ترمز إليه؟
قال الرب: "سأرجع بعد هذا وأبنى أيضًا خيمة داود الساقطة وأبنى أيضًا ردمها" (أع15: 16). ما هي خيمة داود إلا جسم بشريتنا الذي سقط بالخطية في قبضة الموت، وجاء السيد المسيح لكي يعيد خلقه مرة أخرى. كقول الكتاب "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17).
وقد أعاد السيد المسيح الصورة الإلهية إلى الإنسان، حينما أخذ جسدًا بشريًا كاملًا خاليًا من الخطية، جاعلًا إياه واحدًا مع لاهوته. وبهذا الجسد افتدى الإنسان من لعنة الخطية والموت، مصالحًا إياه مع الآب، مانحًا إياه أن يصير هيكلًا للروح القدس مع سائر المؤمنين.
فكما أن الهيكل الحقيقي هو جسد السيد المسيح، هكذا منح المؤمنين أن يصيروا على صورته ومثاله هيكلًا للرب.
أما أورشليم السمائية فقد قيل عنها في سفر الرؤيا "وتكلم معي قائلًا هلم فأريك العروس امرأة الخروف. وذهب بي بالروح إلى جبل عظيم عال، وأراني المدينة العظيمة أورشليم المقدسة، نازلة من السماء من عند الله. لها مجد الله.. ولم أرَ فيها هيكلًا لأن الرب الله القادر على كل شيء هو والخروف هيكلها" (رؤ21: 9-11، 22).
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 189 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

فليخلّص نفسه

"فليخلّص نفسه" (لو23: 35)

ابتدأ رؤساء كهنة اليهود مع الكتبةوالشيوخ يسخرون ويستهزئون بالسيد المسيح قائلين: "خلّص آخرين فليخلّص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله" (لو23: 35). "وكان المجتازون يجدِّفون عليه وهم يهزّون رؤوسهم قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلّص نفسك. إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (مت27: 39، 40). كان المطلوب في نظرهم أن يخلّص نفسه من الصليب ومن الموت لكي يثبت لهم أنه هو المسيح..!!
مع أن عمل السيد المسيح الرئيسي كان هو أن يُصلب وأن يموت عوضًا عن الخطاة ليخلّصهم.
كانت عبارة "خلّص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلِّصها" (مت27: 42) والتي رددها المستهزئون به، هي عبارة استهزاء، وعبارة صادقة في وصف الصلب في آنٍ واحد.
نطق بهذه العبارة رؤساء كهنة اليهود بروح السخرية، ولكنهم قدّموا لنا وصفًا دقيقًا لحالة السيد المسيح وقت الصلب.
بالفعل خلّص آخرين وأما نفسه فلم يقدر أن يخلِّصها، أو لم يرد أن يخلِّصها من الصلب، لأنه وهب نفسه فداءً عن الآخرين الذين أراد أن يخلِّصهم.
كان باستطاعة السيد المسيح أن يدفع عن نفسه الموت والصلب.. ولكنه لو فعل ذلك لما أمكن أن يخلّص الآخرين.
نفسه لم يقدر أن يخلِّصها.. أو لم يرغب أن يخلِّصها لأنه اختار الصليب.. بل رسم لنفسه طريق الصليب.. وكان الصليب في فكر الله منذ الأزل.
تكلّم معلمنا بولس الرسول عن مقاصد الخلاص ونتائجه التي هي في فكر الله منذ الأزل، فقال: "وأنير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أف3: 9). وقال أيضاً: "حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا" (أف3: 11).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي


ولكن السيد المسيح، عمومًا، قد رد بصورة بالغة على افتراء اليهود بأن نفسه هو "لم يقدر أن يخلِّصها"،وذلك لأنه بعد أن بذل نفسه للموت على الصليب، فإنه قد قام منتصرًا من الأموات بقدرته الإلهية. وبهذا أظهر قدرته في الانتصار على الموت، وأنه "يقدر أن يخلِّصها" ولكن بالطريقة التي يتم بها أيضًا خلاص الآخرين.
حقًا قال معلمنا بولس الرسول إن "جهالة الله أحكم من الناس وضعف الله أقوى من الناس" (1كو1: 25). والمقصود بذلك أن ما يبدو جهالة في نظر الناس من أعمال الله هو أحكم من حكمتهم السطحية. وأن ما يبدو ضعفًا في أعمال الله في نظر الناس هو أقوى من القوة. ولكن المشكلة هي في عدم فهم الناس لحقيقة الحكمة، ولحقيقة القوة.
وعلى هذا الأساس "اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزى الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه" (1كو1: 27-29).
وحتى معلمنا بولس الرسول نفسه الذي كان متعلّمًا ومتعمقًا في الدراسات الناموسية الدينية، فإنه لم يتكل على هذه الأمور بل ضحى بكل شيء وبدأ يكرز بقوة الروح القدس. حسبما قال هو نفسه: "لا بحكمة كلام لئلا يتعطل صليب المسيح. فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله. لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء، وأرفض فهم الفهماء. أين الحكيم، أين الكاتب، أين مباحث هذا الدهر؟.. ألم يجهّل الله حكمة هذا العالم؟ لأنه إذ كان العالم في حكمة الله، لم يعرف الله بالحكمة، استحسن الله أن يخلِّص المؤمنين بجهالة الكرازة" (1كو1: 17-21).
وقد شرح معلمنا بولس الرسول معنى جهالة الكرازة التي قصدها فقال إن الصليب بما يبدو فيه من ضعف ظاهري هو منتهى القوة، وبما يبدو فيه من ضياع ظاهري هو منتهى الحكمة، وبما يبدو فيه من أمور تدعو إلى السخرية والهزء هو منتهى المجد المتألق!!
قال موضحًا ذلك "لأن اليهود يسألون آية، واليونانيين يطلبون حكمة. ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبًا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوّين يهودًا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 22-24).
القلب البسيط يرى في الصليب منتهى الحب، والقلب القاسي أو المتكبر يرى في الصليب منتهى الضعف.
القلب الباحث عن الخلاص يرى في الصليب مرساة النجاة، وقوة العبور من الخطية إلى القداسة.. أما القلب المحب للخطية فيرى في الصليب معطلًا لشهواته، وعقبة في تحقيق رغباته فيزدرى به ويرفضه.
الصليب صار هو أنشودة الحب التي تعزفها قيثارات قلوب القديسين، وهو موضوع الشكر والحمد والتسبيح لربوات الملائكة ولجموع المفديين.
صار ربنا يسوع المسيح هو الحب الأبدي الذي عانقته البشرية في عرس السماء والمجد، وهو الحياة المتدفقة التي بها يحيا كل مشتاق إلى الله يترنم مع الشاعر ويقول:
أنت قصيدة شعر تنطق في نفسي
أنت قيثارة حب يعزفها قلبي
أنت نجوم الليل وخيوط الفجر
أنت الخبز الحيّ في هيكل جسدي
  رد مع اقتباس
قديم 14 - 03 - 2014, 05:14 PM   رقم المشاركة : ( 190 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,346,917

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

كلمات السيد المسيح فوق الصليب

يا أبتاه اغفر لهم
اليوم تكون معي في الفردوس
هوذا ابنك.. هوذا أمك..
إلهي إلهي لماذا تركتني؟
أنا عطشان
قد أُكمل
يا أبتاه في يديك أستودع روحي
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 01:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025