فرح مهما كانت المتاعب
حياة أولاد الله لا تخلو من المتاعب، لأنهم يحملون صليبًا. ولكنهم يفرحون في وسط متاعبهم. لأن المتاعب شيء، والحزن شيء آخر. السيد المسيح كان أمامه الصليب. ومع ذلك قيل عنه في الصليب وآلامه وخزيه "من أجل السرور الموضوع أمامه، أحتمل الصليب مستهينًا بالخزي" (عب 12: 2). وقد قال بولس الرسول "لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والضيقات لأجل المسيح" (2كو 12: 10).
أولاد الله يفرحون بالتعب، إذ يرون في التعب إكليلًا..
لا تضغطهم المتاعب، بل يفرحون بها، عارفين أن كل إنسان ينال أجرته من الله بحسب تعبه (1كو 3: 8). والقديس يعقوب الرسول يقول "احسبوه كل فرح يا أخوتي، حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2). وأولاد الله لا يرون في التجارب والمتاعب شيئًا من التخلي، بل يرون أن الله يفتقد بها أولاده لكي يهبهم نعمًا.
الشهداء كانوا يفرحون ويغنون، وهم ذاهبون للاستشهاد.
كما كانوا يحبون في فرح، كانوا في فرح أيضًا يستقبلون الموت، شاعرين إن الرباطات التي تربطهم الزائل قد تمزقت. لذلك فهم فرحون أن يلتقوا بالله، وفرحون بالإكليل، وفرحون بإتمام جهادهم علي الأرض، وفرحون بالقوة التي جعلتهم يثبتون في الإيمان..
بولس الرسول كان فرحًا، وهو في السجن.
الضيقة دائمًا خارجهم، لا يمكن أن تدخل إلي قلوبهم،لذلك فقلوبهم فرحة وفي عزاء. لأن العزاء يأخذونه من داخلهم وليس من خارجهم. وفي داخلهم يوجد الإيمان بالله المحب الراعي المهتم بالكل الذي قال الكتاب عن اهتمامه ومحبته وحفظه:
"أما أنتم، فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة" (لو 12: 7).
لا تسقط شعرة واحدة منها بدون إذن أبيكم، الذي نقشكم علي كفه.. الله الذي يحافظ حتى علي العصافير، فلا يسقط واحد منها بدون إذنه، وأنتم أفضل من عصافير كثيرة (مت 10: 29- 31). لذلك كان أولاد الله في كل ضعفاتهم، يغنون للرب أغنية فرح، ويسبحونه تسبيحه جديدة.. ويأخذون بركة هذه الضغطات. قيل عن الآباء الرسل الاثني عشر، بعد أن يجلدوهم، أنهم مضوا "فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهابوا لأجل اسمه" (أع 5: 41) وأولاد الله كما يفرحون في المتاعب، يفرحون مهما كانت العوامل الخارجية تدعو إلي اليأس.. كما في ترنيمة العاقر.