ومعك لا اريد شيئاً على الارض
++++++++++++++++++++++
لم يشغله شىء فى صباه مثلما شغله موضوع "السماء" كان دائم التفكير فى السماء .. متى سيصعد الى السماء ؟.. و كيف سيصل اليها ؟.. و ما سيجده هناك بجوار الله .. ملائكة و قديسون .. سمع عنهم و لم يسمع .. كان كلما اراد ان يستريح من عناء الحياة يختلى بنفسه فى حجرته و يجلس يفكر فى السماء !! وكان يفرح و يتهلل كلما سمحت له الظروف بان يقرأ كتاباً او مقالاً عن... السماء .. ولكنى لا استطيع ان اصف لكم مدى فرحة قلبه عندما اعلنوا فى كنيسته عن سلسلة عظات سيلقيها اسقف مدينته عن السماء فى احاد الصوم الاربعينى .. كان يذهب مبكراً ومعه كراسته و قلمه ويكتب كل كلمة يسمعها ..
انشغاله الدائم بالسماء جعله قليل الكلام و عمق فيه احساس "الغربة" التى وصفها احد القديسين بانها افضل من اضافة الغرباء!! (التى اضاف بها اناس ملائكة و هم لا يدرون) .. كان يتعجب من الناس عندما يجدهم يبكون فراق عزيز لديهم ويحدث نفسه .. لماذا ؟ .. هو لم يمت .. هو حى فى السماء!! .. او عندما يجدهم يتقاتلون على هدف ارضى مادى و يسأل نفسه ..ماذا سينتفعون لو ربحوا العالم كله وهم سيسافرون قريباً الى السماء ؟!!
نما هذا الاحساس العجيب بالسماء فى نفس هذا الصبى شيئاً فشىء و لكنه لم يميزه عن غيره .. عاش حياته بكل مراحلها .. اخطأ و اصاب .. سقط وتاب .. نجح فى دراسته و عمله و ان لم يكن متميزاً
اراد ان يترك العالم لينتظر السماء و لكن "الله" نصحه بان يختار الطريق الوسطى (التى خلصت كثيرين بلا تعب) و يختفى فى العالم و يسلم لاولاده هذا الايمان .. فاطاع .. و كانت الحياة له فى العالم "صليباً كبيراً" حمله بشكر ولم يتذمر قط !!
و اصبح عزائه الوحيد الان .. هو قداس يحاول ان يحضره مبكراً كل يوم يعمق فى داخله اشتياقاته للسماء .. وكلما رأى المشيب يخط فى رأسه و الايام تمر بسرعة الريح يفرح اكثر لانه يقترب من السماء "مشتهاه" !
ربما يكون مثل هذا الانسان امامى الان او امام عيونكم يحاول ان يحيا ايام السماء على الارض منتظراً لحظة الانطلاق الى "وطنه الحقيقى" !!
