منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 02 - 2014, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

اغفر لنا

طلبة المغفرة ينبغي أن يقولها المصلي من كل قلبه.
لأنه في وقت السقوط، أو في ساعات التوبة، قد يصلي الإنسان من قلبه طالبًا مغفرة خطاياه. أما في أوقات العزاء الروحي والنعمة وفي أوقات الخدمة الناجحة والعمل لأجل الملكوت.. ربما في هذه كلها، لا يشعر المصلي بخطاياه ولا يذكرها، لأنه لا يتذكرها، البر الحالي الذي يعيش فيه، ينسيه الأخطاء التي وقع فيها..! ولذلك فلكي لا يقع في البر الذاتي، ويظن في نفسه أنه شيء وضع له الرب أن يصلي هذه الصلاة أنه خاطئ..
لذلك أجلس وحاسب نفسك..
تذكر خطاياك حتى تطلب من أجلها توبة. واذكر ان بولس الرسول قال " أنا الذي لست مستحقًا أن ادعي رسولًا، لأني اضطهدت كنيسة الله " مع أن ذلك كان في الماضي، فعله لما كان شاول الطرسوسي.. ومع ذلك كانت خطيته أمامه في كل حين، تجلب له الاستحقاق والشعور بعدم الاستحقاق، فيقول كنت من قبل " مفتريًا".. ولم ينسها. وداود النبي أيضًا بكي علي خطاياه حتى بلل فراشه بدموعه، كل ذلك بعد أن أخذ وعدًا بالمغفرة، لأنه قبل ذلك ما كان يدري تمامًا ما هو فيه إلي أن نبهه ناثان.. وما أجمل قول القديس الأنبا انطونيوس في تذكر الخطايا:
إن ذكرنا خطايانا ينساها لنا الله. وإن نسينا خطايانا يذكرها لنا الله..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
فما أعمق ذلك الإنسان الروحي، الذي مهما نال من مغفرة وخلاص، لا ينسي مطلقًا أنه خاطئ، ليس فقط بالنسبة إلي القديم، وإنما بالنسبة إلي الحاضر أيضًا. لأنه بهذا الأمر قد تبرر العشار دون الفريسي. الفريسي لم يقل مطلقًا في صلاته " اغفر لنا". بل قال ذلك العشار في طلبته المنسحقة. وقد ضرب الرب لنا هذا المثل حتى يكون لنا أنموذجًا في حياتنا الروحية.
بل مبارك من يشعر أنه أكثر خطية من غيره.
يري دائمًا الخشبة التي في عينه، قبل أن يتأمل القذي الذي في عين أخيه.. لذلك فإن الذي يصلي قائلًا "أغفر لنا "، لا يمكن أن يقع في إدانه غيره، أن كان يطلب هذه الطلبة من عمق قلبه.. إنه لا يدين غيره، إنما يطلب لغيره المغفرة كما يطلبها لنفسه. وبنفس الوضع لا يطلب النقمة لمن أساء إليه، بل المغفرة.. الإنسان الروحي يشعر أنه أكثر خطية من غيرة. علي الأقل لأن الذي يعرف أكثر يطالب بأكثر.. ربما غيره أخطأ عن جهل، أما هو فعن معرفه. ربما غيره أخطأ عن ضعف، أما هو فبلا عذر.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
نلاحظ هنا أن المصلي لا يبرر دائما إنما يطلب المغفرة.
إن أمنا حواء لم تقل " اغفر لنا "، ولا قال أبونا آدم هذه الطلبة، بل حاول كل منهما أن يلتمس عذرًا لنفسه، أو يلقي بالمسئولية علي غيره أنما المصلي هنا لا يبرر ذاته. إنه يعترف تماما أنه مخطئ وأن ما يلزمه ليس العذار، وإنما المغفرة. لذلك فهو يطلبها دون أن يبرز ذاته، أو ينفي المسئولية عن نفسه..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
ونحن نطلب المغفرة عن كل الخطايا، سواء التي أخطأنا بها غلي الله، أو إلي أخوتنا من البشر.
فالخطية موجهة أصلًا إلي الله.
والمرتل يقول في المزمور الخمسين " لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت " إن كل خطية هي عصيان لله، وعدم محبة له، وكسر لوصيته حتى التي طالبنا فيها بمحبة القريب.فحينما نخطئ إلي البشر نكون قد أخطأنا إلي الله أيضًا. ولذلك فنحن نطلب منه المغفرة وليس منهم فقط. ونحن نطلب منه المغفرة وليس منهم فقط. ونحن بهذه الطلبة تتذكر صفه في الله وهي أنه غفور.
لولا أن الله غفور ما كنا نطلب منه المغفرة..
إننا نذكر وعوده التي قال فيها " من يقبل إلي لا أخرجه خارجًا " ونتذكر وعوده التي قال فيها "من يقبل إلي لا أخرجه خارجًا". ونتذكر وعوده في سفر أشعياء حينما قال "هلم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج.." (أش 1: 18). بل نحن واقفون أننا حينما نطلب المغفرة سنبيض أكثر من الثلج" (مز 50) ونذكر قول دواد النبي عن الرب: "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. بل مثل ارتفاع السموات عن الأرض، قويت رحمته علي خائفيه. كعبد المشرق عن المغرب أبعد معاصينا. لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن" (مز 103).
ولكن كيف يغفر الرب؟ هنا توجد شروط:
منها شرط التوبة وشرط المصالحة والمغفرة للمسيئين.
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 05:57 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

التوبة شرط للمغفرة

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
إن عبارة "اغفر لنا" لكي يحققها الرب لابد لها من شروط، وفي مقدمة تلك الشروط "التوبة"، وقد بيَّن الرب أهميتها بقوله:
إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون (لو 13: 5).
الله مستعد أن يغفر، ولكنه لا يغفر لغير التائبين. إذن التوبة شرط. فإن كانت التوبة هي بداية حياة جديدا مع الله، فكيف نجمع بين الله والخطية؟ والكتاب يقول "لا شركة بين النور والظلمة" التوبة هي مصالحة مع الله. وهذه المصالحة لازمه المغفرة. وليست التوبة هي مجرد ترك الخطية بالفعل، ولا مجرد تركها تغضبًا بالفكر وإنما كما يقول القديسون:
كمال التوبة هو كراهية الخطية.
إن وصل الإنسان إلي حاله كراهية الخطية، فحينئذ " لا يستطيع أن يخطئ " ولا تكون الخطية موافقه لطبيعته في حاله التوبة. ولكن قد يقول إنسان إنه تائب، بينما تدل أفعاله علي غير ذلك، لهذا فإن الكتاب المقدس يقول:
" اصنعوا ثمارا تليق بالتوبة (مت 3: 8).
فإن قلت في صلاتك "أغفر لنا"أسأل نفسك في الداخل: هل أنا تائب؟ هل أنا اصنع ثمارًا تليق بالتوبة؟ هل هذه الثمار ظاهرة في حياتي وفي سلوكي وتصرفاتي وفي صلحي العملي مع الله؟ أم أنا أطلب المغفرة بدون هذا كله؟ كأنك إذن حينما تصلي وتقول "، إنما تقول ضمنًا: أقبل يا رب توبتي، أو أمنحني يا رب نعمة بها أتوب، أو توبني يا رب فأتوب".
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وما علامة هذه التوبة في حياتك؟ أول علامة هي: أن تعترف بأنك خاطئ.
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : ( 33 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

الاعتراف بأنك مُخطئ

ويقول الرسول في ذلك: إن قلنا أنه ليس لنا خطية، نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايا" (1يو 1: 8، 9). إن الخطية التي تعترف بها، هي التي تطلب عنها مغفرة، أما المواقف التي تري نفسك فيها غير مخطئ، أو أن غيرك هو المخطئ، فهذه لا تدخل في ذهنك ولا في قلبك، أثناء قولك " اغفر لنا". إن اعترف بمرضك، أما إن قلت إنك غير مريض فإن " الإصحاح لا يحتاجون إلي طبيب، بل المرضي". والرب يقول لم آت لأدعو أبرارا بل خطاه إلي التوبة

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
والذي يعترف بينه وبين نفسه لأنه خاطئ ومخطئ يستطيع أن يعترف أيضًا علي الأب الكاهن وأيضًا علي الأب الكاهن وأيضًا علي الأب السماوي.
في عبارة " اغفر لنا " تذكر جميع خطاياك، واعترف بها امام الله ثم اعترف بها أمام وكيله علي الأرض (تي 1: 7) ليمنحك حلًا، ويأخذ من الدم الكريم، لتمحي به خطاياك..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
ومن ثمار التوبة أيضًا في حياتك: الاستحقاق والندم علي الخطية. إنهما ليسا ثمنًا للخطية، أنما علامة علي التوبة التي هي شرط للمغفرة تتم بالكفارة العظمي، بالدم الطاهر الكريم ولكن هذا الدم لا يستحق توال الفداء به إلا المؤمن التائبون. واعرف أن المغفرة. حتى بعد أن تتم، لا تمنح الانسحاق والندم والشعور بعدم الاستحقاق، فداود النبي بلل فراشه بدموعه، وعاش في حياة التوبة والبكاء والاعتراف بخطيئته،، بعد أن غفرها الرب له. وبولس الرسول، بعد أن نال المغفرة وبعد أن ارتفع درجات في حياة الروح ظل يقول "أنا الذي " أنا الذي لست مستحقًا أن ادعي رسولًا،
لأني اضطهدت كنيسة الله"." أنا الذي كنت من قبل مفتريًا " ولم يقل أن ذلك كله فعله شاول الطروسي، شاول قد مات مع المسيح والموجود الآن هو بولس الذي ارتفع إلي السماء الثالثة.. كلا، بل قال: أنا الذي لست مستحقًا أن أدعي رسولًا
بالإيمان وبالتوبة بالاعتراف تتقدم قائلًا (اغفر لنا)..
وحاذر من أن تطلب المغفرة لغيرك دون أن تطلب المغفرة لنفسك. كما فعل أيوب الصديق الذي كان يقدم محرقات عن بنيه فقط قائلًا "ربما أخطأت بني إلي الله" (أي 1) دون أن يقدم محرقات عن نفسه..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
هل القديسون - كالخطاه - يقولون معهم (اغفر لنا)؟

نعم. الكل يقول هذه الطلبه.. واول من قالها رسل المسيح القديسون. والقديس كلما يتأمل الكمال المطلوب منه، وصورة الله التي ينبغي أن تكون له، يشعر في أعماقه أنه خاطئ.. عن إيمان واقتناع.. حتى أن فعل القديسون كل ما أمرهم به الرب، يقولون " إننا عبيد بطالون".إذن فلنطلب كل حين أن يغفر الرب لنا.
ليس الماضي فقط وإنما خطايا الحاضر أيضًا..
فنحن في كل حين نخطئ، وليست الخطية مجرد ماضي تركناه.. إن أشعياء النبي، لما رأي عرش الله، وحوله السارافيم يسبحون، قال " ويل لي أني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين" (أش 6). فماذا ترانا نقول نحن؟
نقول "اغفر لنا"..
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:00 PM   رقم المشاركة : ( 34 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

مغفرتنا للمسيئين

إننا نطلب من الله المغفرة. والله من جانبه مستعد أن يغفر ولكن المهم: هل نحن مستعدون من جانبنا لقبول هذه المغفرة؟ هناك شروط: فما هي؟ نقول في الصلاة "اغفر لنا.. كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا".
إذن مغفرتنا للآخرين شرط.

أو هي اتفاق بيننا وبين الله. ونلاحظ أن الله اهتم بهذا الشرط جدًا. فهذه الطلبة هي الوحيدة من بين الطلبات السبع في الصلاة الربانية التي علق عليها الوحي الإلهي. وتكلم الرب عنها بعد أن علمنا إياها.. ففي الإنجيل لمعلمنا متي البشير، يقول الرب بعد هذه الصلاة مباشرة: فإنه أن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم" (مت 6: 14،15). ويوضح هذا في الأنجيل لمعلمنا مرقس الرسول، فيقول: "ومتي وقفتم تصلون، فاغفروا إن كان لكم علي أحد شيء، لكي يغفر لكم أيضًا أبوكم الذي في السموات زلاتكم، وأن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في السموات أيضًا زلاتكم" (مر 11: 25، 26). ونفس المعني يتكرر في الإنجيل لمعلمنا لوقا الرسول، فيقول الرب "لأنه بنفس الكيل الذي به تكليون، يكال لكم" (لو 6: 37، 38). إذن أن أردنا أن يغفر الرب لنا، علينا أن نغفر نحن أيضًا لمن أذنب إلينا مهما كانت إساءاته، ومهما كثرت، حتى إلي سبع مرات سبعين مرة في اليوم، كما أجاب الرب تلميذه بطرس الرسول.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وأن لم نغفر فإننا باب المغفرة أمام أنفسنا ونكون نحن الخاسرين..

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
من تلقاء نفسك، أغفر، وبالأكثر إن آتاك المذنب إليك معتذرًا، لا تحقق معه، وإنما اغفر له. تذكر كيف أن السيد المسيح وهو علي الصليب غفر لصالبيه وقدم عنهم للأب عذرًا، فقال " يا أبتاه أغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون". وتذكر أن القديس اسطفانوس أول الشمامسة والشهداء. فيما كان اليهود يرجمونه ظلمًا، صلي من أجلهم قائلًا "يا رب، لا تقم لهم هذه الخطية" (أع 7: 60) تنازل عن حقك تجاه الناس، لكي يتنازل الرب عن حقويه من جهتك، ولكي تكون لك داله في الصلاة حينما تقول "كما نغفر نحن أيضًا". وكذلك لكي تكون بهذا الأسلوب الروحي، صورة من أبيك السماوي وأبنا حقيقيا مشابهًا لأبيه في مغفرته، حسبما يبلغ مستواك..
فأنت حينما تغفر، إنما تعطي المغفرة لنفسك.
أسأل نفسك إذن هذا السؤال: حينما تعطي مغفرة للآخرين هل أنت تعطي مغفرة، أم أنت تأخذ مغفرة! لا شك أنك تعطي وتأخذ ولكن إذا كنت لا تغفر، فإنك تمنع المغفرة عن نفسك.لأن الرب يقول "إن لم تغفروا للناس زلاتهم لكم أبوكم السماوي". إذن فأنت تغلق باب المغفرة علي نفسك بعدم مغفرتك لغيرك..
يقول القديس أوغسطينوس: والشخص الذي لا تغفر له يستطيع أن يأخذ المغفرة من الله مباشرة.
إنه يأتي ويقول لك " أخطأت إليك، سامحني، فترض فيذهب لي الله ويقول له " اغفر لي أنت. أقع في يديك ولا أقع في يد إنسان، لأن مراحمك واسعه" (2صم 24: 14). فيغفر له الله، لأن الله في يده سلطان المغفرة. أما أنت فلا تخرج مبررًا، لأن الله لا يغفر لك بسبب عدم مغفرتك لأخيك.
وهكذا يخرج هو محاللًا، وتخرج أنت مربوطًا.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وبهذا الشكل تؤذي أنت نفسك، أكثر مما يؤذيك عدوك يقول القديس أغسطينوس "أن عدوك لا يستطيع بأي حال أن يؤذيك بقسوته، كما تؤذي أنت نفسك إن لم تحبه". " لأنه قد يالف عقارك أو قطعانك أو بيتك.. أو علي الأكثر جسدك، أن اعطي له مثل هذا السلطان.. ولكن هل يستطيع أن يتلف نفسك؟! كما تستطيع أنت أن تتلف نفسك!!".
عدوك قد يضرك في أشياء خارج نفسك. ولكنك أنت تضر نفسك إن جعلتها مجالًا للبغضة والكراهية.
إنك لم تضر نفسك بعدم التسامح. ولا يكون عدوك هو الذي أضرك. إنما أنت الذي تضر نفسك.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وإذا لم تغفر، هل تظن أن الله يعتمد عدم مغفرتك؟!

فإن بقيت غير راض عمن أساء إليك، أو إن دعوت عليه بالشر، هب تظن أن الله يقبل ذلك؟! كلا بلا شك. ولكنك إن أحسنت إليه، فإنك تنفع نفسك.. استمع إلي قول الرب في عظته علي الجبل، حيث يقول:
"بالكيل الذي به تكيلون، يكال لكم" (مت 7: 2).
فكما تعطي الناس، الله يعطيك. والقياس مع الفارق. إن أعطيت الناس مغفرة، يعطيك مغفرة. وإن عاملتهم بقسوة، يقول لك إنك لا تستحق المغفرة. ولا تظن أنك إن عاملت غيرك بالقسوة، يعاملك الله باللين. انظر القصة التي رواها الرب في الإنجيل: قال "يشبه ملكوت السموات، إنسانًا ملكًا أراد أن يحاسب عبيده. فلما ابتدأ في المحاسبة، قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنه. وإذ لم يكن له ما يوفي، أمر سيده أن يباع هو وامرأته وأولاده وكل ماله ويوفي الدين. فخر العبد وسجد له قائلًا: يا سيد تمهل علي فأوفيك الجميع. فتحنن سيد ذاك العبد،وأطلقه وترك الدين. ولما خرج ذلك العبد، وجد واحدا من العبيد رفقائه كان مديونًا له بمائه دينار، فأمسكه وأخذ يعنفه قائلًا أوفيني ما عليك فخر العبد رفيقه علي قدميه وطلب إليه قائلًا تمهل علي فأوفيك الجميع. فلم يرد، بل مضي وألقاه في السجن حتى يوفي الدين. فلما رأي العبيد رفقاؤه ما كان، حزنوا جدًا واتوا وقصوا علي سيدهم كل ما جري، فدعاه حينئذ سيده وقال له أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت إلي. أفما كان ينبغي أنك أيضًا ترحم رفيقك كما رحمتك. وغضب سيده وسلمه للمعذبين، حتى يوفي كل ما كان له عليه" (مت 18: 23- 34). وختم الرب القصة قائلًا:
"فهكذا أبي السماوي يفعل بكم، أن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته" (مت 18: 35).
أنت يا أخي هو ذلك الشخص الذي ترك له الرب الدين الكبير الذي عليه، ولم يطرحه إلي العذاب الأبدي. فأغفر إذن لأختك. أن كنت لا تريد السيد أن يغضب عليك. لأنه غفر لك أكثر بكثير مما ستغفره أنت لأخيك. علي الأقل أنت ستغفر لأخيك ما فعله معك، أما الرب، فقد غفر لك أكثر من هذا: خطايا الفكر، ومشاعر القلب، وكل ما ارتكبته ضد الله وضد الناس وضد نفسك، ومشاعر القلب، وكل ما ارتكبته ضد الله وضد الناس وضد نفسك. ونلاحظ أنه في المثل الذي راوه الرب عبارة خطيرة وهي:
إن السيد بعدما غفر للعبد كل ما عليه، عاد وحاسبه علي كل الخطايا القديمة، لأنه لم يغفر لأخيه.
أي أن المغفرة التي أخذها، عاد ففقدها بسبب عدم مغفرته. هكذا إن لم تغفر لأخيك، يسحب الله منك المغفرة التي نلتها من قبل.. أليست هذه مسأله خطيرة ينبغي أن تضعها في أعتبارك وستجد أنك تضر نفسك تمامًا أن لم تغفر لأخيك.
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:03 PM   رقم المشاركة : ( 35 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

معاملاتك لمن أساء إليك

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وهنا تواجه ثلاث درجات في معاملتك لمن أساء إليك:
1 - أن تحتمل من أساء إليك، ولا تغضب عليه.
2 - أن تغفر له من قلبك من الداخل.
3 - وأسمي من هذين الأمرين أن تحبه، حسب الوصية "أحبوا أعداءكم".
لأنه ما أسهل أن تقول له "سامحتك. ولكن أبعد عني. لا أريد إن أري وجهك فيما بعد"!! تدرب علي هذه الدرجات الثلاث. فإن وجدت محبة العدو صعبه، علي الأقل اغفر له من كل قلبك. وإن وجدت هذه أيضًا صعبه، فعلي الأقل احتمله، ثم تدرج حتى تصل إلي المغفرة ثم المحبة.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
ويقول القديس أوغسطينس في ذلك:
"أن لم تغفر من تلقاء نفسك لمن أساء إليك، فعلي الأقل إن توسل إليك أن تغفر له، فينبغي أن تغفر".
أعني إن قال لك "لقد أخطأت إليك. سامحني". المفروض إذن أن تسامح. وإلا فأنك تصير إنسانًا قاسي القلب. وحينئذ بأي وجه ستطلب من الله المغفرة فبما أخطأت به إليه؟! لأنه إن كان صعبًا عليك أن تغفر لعدوك في حال إساءته، فعلي الأقل يسهل الأمر عليك، وهو يعترف بخطيته أمامك ويطلب العفو.. نقول هذا، لأن البعض حينما يأتي إليه المسيء قائلًا "أغفر لي" يبدأ معه تحقيقًا: لماذا فعلت وفعلت؟ ويوبخ ويعنف، بأسلوب إذلال! حتى إن ذلك المسيء يقول في قلبه: ليتني ما ذهبت إليه أطلب منه المغفرة!!
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:04 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

المصالحة

وأعنف من هذا: شخص يسئ إلي غيره ويغضبه، ويعرف أنه إنسان متدين، وسيأتي للمصالحة قبل ذهابه إلي التناول. فلا يذهب إليه لكي يعتذر عما أساء به إليه، بل ينتظر إلي أن يأتي المساء إليه ساعيًا للمصالحة!!
بل يقول أكثر من هذا: لابد انه سيأتي ليصالحني. وحينئذ سوف ألقنه درسا يحتاج إليه. وأثبت له أنني كنت علي حق فيما أسأت به إليه،؟ لأنه يستحق ذلك وأكثر. وأكون بهذا قد نفعته روحيًا! يا أخي، فكر أنت في نفسك وفي منفعتك الروحية. وكن متواضعًا.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وأعرف أن الذي يسعي إلي المصالحة، هو الذي ينال بركة المصالحة.

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
ولا تقل أمام الناس أو في داخل نفسك: كان بيني وبين فلان خلاف. ولكن الحمد لله قد اصطلحنا وانتهي الأمر نعم، قد تم الصلح. ولكن عن طريق من؟ عن طريقك أنت، أم عن طريقه هو؟ هل هو الذي جاء يطلب مصالحتك، ويعتذر إليك، ويدفع ثمن الصلح، بانكسار قلبه ومذله نفسه؟! وأنت وافقت علي ذلك وصفحت! وتم الصلح.. إذن هو الذي نال بركة الصلح وليس أنت.. إذن في المصالحة اسأل نفسك: من قام بها؟ وكيف؟
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
أما أن جاء أخوك يعتذر إليك، فقابلته بتحقيق وعنف. وظللت تثبت له أنه المسيء، وأنت الذي تغفر..!
ولم تجعل المصالحة تمر بسهولة، وأجبرته علي تكرار الاعتذار، وتكرار، الاعتراف طلب العفو.. فإنك بهذا تدل بلا شك علي قساوة قلب، وعلي كبرياء في داخلك، وعدم مراعاة لشعور أخيك.. ويكون - وليس أنت - الذي نال بركة المصالحة، بل نال أيضًا بركة احتماله لك وصبره علي معاملتك القاسية..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
كذلك بركة المصالحة، تنال في المسارعة إليها.
إذ يقول الرسول " مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح، برباط الصلح الكامل "ويري أن ذلك يتم" بكل تواضع القلب والوادعة وطول الأناة محتملين بعضكم بعضًا في المحبة" (اف 4: 2، 3). إذن في مغفرتك لغيرك، لا تبطئ في ذلك. ولا تترك الغضب يستمر فترة في قلبك بدون صفح. فكلما أسرعت بالمغفرة، كلما نلت بركتها..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
وفي ذلك، احترس في معاملتك لمن هم أقل منك.
كأب يسئ إلي أبنه، وينتظر أن يأتي الابن في انكسار قلب يطلب العفو عنه.وأن تأخر، يحث أخوته علي ذلك، فيذهب ويطلب الصفح عنه. وتتم المصالحة، والأب محتفظ بما يظنه لنفسه من كرامة!! وقد يحدث المثل فيما بين رئيس واحد مرؤوسيه: الرئيس هو الذي يسئ والمرؤوس هو الذي يسعي إلي العفو، وتتم المصالحة بكبرياء الرئيس، ومذلة المرؤوس. الذي ينال البركة هنا: هو الصغير وليس الكبير.
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:06 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

المسئولية في المصالحة

إن الإبطاء في المغفرة له أسباب:

1- إما أن الذات لها وجودها وسيطرتها، وتطلب لنفسها بحقوق..
2- وإما أن عامل الغضب هو الذي يحكم الإنسان ولو ضغط علي أعصابه.
3- وأما أن المحبة ليست كاملة. لكن المحبة كما يقول الرسول "لا تحتد، ولا تطلب ما لنفسه، وتحتمل كل شيء.." (1كو 13).
4- وإما أن الإنسان يحتاج إلي تواضع قلب لكي يغفر.

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
فليبحث كل إنسان أسباب عدم مغفرته، ويعالجها داخل نفسه ولا يعتذر بأن الإساءة كانت فوق احتماله. ذلك لأن القلب الكبير يمكنه ان يحتمل كل شيء. أن السيد المسيح يقول: إذا قدمت قربانك علي المذبح. وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك، أترك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك.." (مت 5: 23، 24). فما معني هذا
إن تذكرت أن له شيئًا عليك، تعني أنه يمسك عليك خطأ ضده أي أنك أنت المسيء..
في هذه الحالة ينبغي أن تذهب وتصالحه، لأنك أنت الذي أسأت إليه. ولكن إن كان هو الذي أساء إليك، فلا تنطبق عليك الآية، إنما احتفظ ألا تحقد عليه في قلبك، واغفر له..
فإن غفرت له، ولم تصل إلي أن تحبه، فهل في هذه الحالة لا تتقدم إلي القربان؟ أولًا احترس من أن تكرهه.. ثم نعرض لهذه المشكلة:
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
هل إذا لم تصل إلي محبة الأعداء، لا تستطيع أن تصلي؟

يجيب القديس أوغستينوس علي هذا السؤال، فيقول: "لا أجرؤ أن أقول لكم أن لم تحبوا أعداءكم، لا تصلوا.. بل صلوا بالحري لكي تحبوهم " نعم صل، وقل له امنحني يا رب محبة العداء..
اعترف لله بأنك لم تصل بعد محبة أعدائك. وكلمه بصراحة. قل: أنا سمعت يا رب كلمة من فلان جرحت شعوري، ومازلت متعبًا منها في الداخل، وقد أغير قلبي من نحوه. وهذا يدل علي عدم احتمال، وعلي غضب وعدم محبة، وعلي أنني لم أستطع أن أحرر تلك الكلمة ببساطة وهدوء. أعطني يا رب القدرة التي تجعلني أحتمل هذا الإنسان، وأن أحبه أيضًا. أعترف لك يا رب أنني لست أجد في هذا الشخص شيئًا يحب! وربما هذا الإحساس نابع من عدم نقاوة قلبي، فأعطني نقاوة القلب التي أحكم بها بغير قسوة.لأنه بغير نعمتك أنا عاجز عن محبته.. وإن كنت أنا غير قادر علي احتماله في عبارة واحدة قالها لي فعجيب أنت يا رب كيف تحتمله طول السنين والأيام..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
إن كانت المغفرة صعبة علي، فأعطني يا رب أن أغفر..
أعطني نقاوة القلب، وأعطني الاحتمال، وأعطني أن أغفر لغيري، لكي استحق بهذا أن تغفر لي.. ليس بمجهودي البشري يمكنني أن أصل إلي هذا كله. إنما أنت الذي تقودني في موكب نصرتك (2كو 2: 14).. فأنتصر علي نفسي، وعلي مشاعري ضد الغير، وانتصر علي عدم احتمالي.. وأصل إلي محبة المسيئين إلي بعمل روحك القدوس في..
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:08 PM   رقم المشاركة : ( 38 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

أمثلة في المغفرة

ضع أمامك أمثلة عجيبة في المغفرة.

1- السيد المسيح وهو علي الصليب، يشفع في صالبيه ويقول: "يا أبتاه اغفر لهم لا يدرون ماذا يفعلون" (لو 23: 34).
2- والمثل الثاني، الذي هو إنسان عادي مثلنا، القديس اسطفانوس أول الشمامسة، الذي أثناء ما كان اليهود يرجمونه كان "يدعو ويقول: أيها الرب يسوع، لا تقم لهم هذه الخطية" (أع 7: 59). ولأن الشهيد اسطفانوس كان علي هذه الدرجة من المغفرة لراجميه، لذلك استحق أن يبصر "السماء مفتوحة، وأبن الإنسان قائم عن يمين الله" (أع 7:55). وهكذا استحق هذا القديس العظيم أن يدخل إلي السماء، وليس في قلبه شيء ضد أعداءه بل كل صفح بل وشفاعة فيهم.

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
3- المثل الثالث هو يوسف الصديق، الذي أساء إليه أخوته وألقي في البئر، ونزع عنه قميصه، وبيع كعبد.. ومع ذلك - لما وقعوا في يديه وقد صار الثاني بعد فرعون.. غفر لهم، وطمأنهم قائلًا "لستم أنتم أرسلتموني إلي هنا، بل الله" (تك 45: 8). وأسكنهم في أرض جاسان في أفضل أرض، واعتني بهم وعالمهم. ولما خافوا أن يبطش بهم بعد موت أبيهم يعقوب، طمأنهم مرة أخري وقال لهم "لا تخافوا.. أنت قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا. فالآن لا تخافوا. أنا اعولكم وأولادكم. فعزاهم وطيب قلوبهم" (تك 50: 19- 21). بل أنه من تأثيره بكي لما قالوا له نحن عبيدك (تك 50: 17). هذا مثل من العهد القديم، لئلا يظن أحد ان المغفرة للمسيئين هي فقط من سمو العهد الجديد. وهو مثل منفذ عمليًا
إن كنت لا تغفر، فأنت تكذب في صلاتك.
تقول للرب " كما نغفر نحن أيضًا".. بينما أنت لا تغفر وإذ تكذب في صلاتك التي تطلب بها مغفرة الخطية هي نفسها تحوي خطية!! فيجب أثناء وقوفك للصلاة، أن تصفي قلبك أمام الله..
فأنت لست فقط تصفي قلبك لكي تتقدم للتناول من الأسرار المقدسة، وإنما تصفي قلبك لمجرد أن تصلي.
لكي لا تكذب علي الله، حينما تقول "كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا." وإن لم تستطيع ذلك، فعلي الأقل أطلب إلي الله أن يصفي قلبك أثناء الصلاه.
يقول القديس أوغسطينوس: إن السيد المسيح هو شفيع ك أمام الآب (1 يو 2: 1). فإن كنت تكذب في صلاتك، يصير هو شاهدًا ضدك. وأن لم تصلح نفسك، يكون هو القاضي عليك..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
لذلك قل عبارة " " كما نغفر". وأعمل بها.
فآنت لا تستطيع أن تجد وسيلة للأفلات بها من هذا النص.. أتراك تستطيع أن تحذف هذه العبارة من صلاتك؟! إن حذفت هذه الطلبة، فأنك تكون في هذه الحالة لا تطلب المغفرة، وتظل خطيتك قائمة محسوبة عليك..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
يقول القديس أوغسطينوس إنه إتفاق وعهد أمام الله.
علينا شرط، وعلي الله عهد. الشرط الذي علينا هو أن نغفر للمسيئين. والعهد الذي يقدمه الله هو أن يغفر لنا علي هذا الأساس. إنه إتفاق بيننا وبين الله. فأن أخللنا بالشرط، ماذا يحدث؟ يقول السيد الرب " إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم" (مت 6: 15). أنه إتفاق مع الله. إن أخللنا به تصبح صلاتنا عديمة الجدوي
فهل بعد هذا، سوف تصطلحون مع بعضكم البعض.
علي اعتبار أن الكتاب يقول "اغفروا، يغفر لكم" (لو 6: 37). يقول البعض: أيًا كان الأمر.. فلان بالذات لن أصالحه، ولن أغفر له، ولو أتاني الملاك ميخائيل يطلب مني ذلك!! الجواب بسيط. إن لم تصالحه وتغفر له، تكون أنت الخاسر، لأنك أنت الذي سوف تفقد المغفرة التي تأتيك من الله إن غفرت له
اغفر إذن لغيرك. ولتكن المغفرة من كل قلبك.
لأن البعض قد يقول بفمه "لقد سامحته" بينما يحزن في قلبه الخصومة، وكأنه لا يخشي عين الله التي تفحص القلوب. وحتى هذه الكلمة التي يقولها بلسانه، والتي لا تنبع من قلبه، يبدو من هذه الكلمة التي يقولها بلسانه، والتي تنبع من قلبه، يبدو من لهجته ونبرة صوته، أنه غير صادق..فيها إذن اغفر، ولو تجاهد نفسك في ذلك وتنتصر عليها. ولا تستبق في قلبك شيئًا من العداوة أو من الحقد.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
يقول البعض: فأن غفرت له، رجع مرة أخري ليسئ إلي؟!

الجواب، هو أن تعود مرة أخري فتغفر له.. وان اخطأ إليك مرة ثالثة، تغفر له للمرة الثالثة. وهكذا دواليك وهذا الأمر قد أوضحه السيد الرب، حينما سأله بطرس الرسول قائلًا "كم مرة يخطئ إلي سبع مرات؟" فأجاب الرب " لا أقول لك سبع مرات بل إلي سبعين مرة سبع مرات" (مت 18: 21، 22). والمعروف ان رقم 7 يدل علي الكمال، وكذلك رقم عشرة. إذن فالذي يقصده الرب، هو ما لا نهاية له من المرات.. أي كلما أخطأ اغفر له. فلماذا؟
ذلك لأن الله قد غفر لك أكثر بكثير مما يطالبك به من المغفرة.
مهما كانت عدد الخطايا التي أخطأ بها إليك أخوك، ومهما كانت شدتها.. فالله قد غفر لك ما هو اشد وأكثر منها. فأغفر وأجعل قلبك صافيًا، لكي تستحق أنت أيضًا مغفرة خطاياك..
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
انظروا، كيف أننا نبدأ القداس الإلهيبصلاة الصلح.
ويقول الأب الكاهن: اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا، أن نقبل بعضنا بعضًا بقبلة مقدسة، لكي ننال بغير إنطراح في الحكم من موهبتك غير المائتة السمائية".. والقبلة هي أشارة للحب. والشماس يصيح قائلًا "قلبوا بعضكم بعضًا بقبلة مقدسة..
وعبارة " قبلة مقدسة " تعني أنها غير مخادعة، مثل قبلة يهوذا.
قبلة حقيقة صادقة، عن حب صاف طاهر.. وليست مثل قبلة الخائن يهوذا، الذي كان يقبل بالفم، بينما القلب يدبر مؤامرات!! فهل أنت في حضورك للقداس، يكون قلبك فيه هذا الحب نحو الكل، ونحو المسيئين إليك. أم أنك إن دخلت الكنيسة، وكان فيها أحد المسيئين إليك، تتعمد الجلوس في مكان بعيد جدًا عنه، حتى لا تحرج بالسلام عليه. وإن سلمت اضطرارًا، لا يكون ذلك من قلبك.
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث
كيف إذن تصطلح مع أخيك، وتغفر له، وتسلم عليه من قلبك؟ يقول مار اسحق:
اصطلح مع نفسك، تصطلح معك السماء والأرض.

اصطلح مع نفسك، أي أن العيب في داخلك أنت، وليس في اخيك. في داخل نفسك أخطاء تحتاج أن تصلحها فيك، قبل أن تصطلح مع أخيك. وبذلك يكون الصلح سهلًا. يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: نحن سنصلي. وفي صلاتنا سوف نقترب إلي الله. فإلي أي إله سوف نقترب في صلاتنا؟ سنقترب من الله صانع الخيرات الغفور الرحيم.. فلابد أن نكون صانعي خير مثله، غفورين مثله، رحومين ومحتملين مثله.. في كل هذه الصفات وغيرها مما نراه في الله، ينبغي أن نشابهه بحرية إرادتنا. أنت في صلواتك تطلب من الله أن يحبك ويغفر لك. فيقول لك مثلما تطلب مني أن أحبك وأغفر لك، ينبغي أن تكون أنت أيضًا محبًا وتغفر لغيرك..
وإلا فأنت تطلب طلبات لا تطبقها علي نفسك.
وكما يقول القديس غريغوريوس: حينئذ ينطبق عليك المثل القائل: أيها الطبيب إشف نفسك" (لو 4: 23).. فأنت تتقدم إلي الله، وتطلب منه أن يكون غفورًا رحومًا. فيقول لك: هذه الطلة التي تطلبها مني، لماذا لا تطبقها علي نفسك..
هنا ونعود لنتأمل عبارة: اصطلح مع نفسك:
أي أن نفسك فيها فكران، كل منهما ضد الآخر يصارعه: فكر يقول: أسامحه وأنفذ الوصية، وأصلي بقلب صاف. وفكر آخر ييقول: لا يمكن ان أسامحه، فقد أساء إلي. ومسامته ضد كرامتي وضد حقوقي. ويجب أن ألقنه درسًا. وهذان الفكران يتصارعان داخل نفسك. وأنت محتاج أن تصالح هذين الفكرين داخلك، فتصطلح مع نفسك. إن كنت لا تستطيع أن تغفر، فماذ تفعل؟
اعتبر هذه الطلبة عظة لك وصل من أجل تحقيقها.
اعتبر أن صوت الله يناديك وأنت تصلي ويقول لك:" اغفر لأخيك لكي اغفر لك أنا أيضًا". وفي صلاتك قل من أعماق: أعطني يا رب أن أغفر امنحني الحب الذي أنسي به أخطاء غيري.. وعلي أية الحالات تكون وصية المغفرة ماثلة أمام عينيك. هنا ونسأل:
ما علاقة المغفرة بطلبة الخبز السابقة لها؟
أن كنا نطلب الخبز السماوي، أي سر الإفخارستيا اللازم لحياتنا الأبدية، فإننا ما أن نطلبه، حتى نذكر أننا محتاجون للمغفرة لكي نتناول باستحقاق لذلك نقول اغفر لنا. ثم إننا يجب أن " نقبل بعضنا بعضًا بقبلة مقدسة، لكي ننال بغير وقوع في دينونة من هذه الموهبة السماوية، لهذا نقول: كما نغفر نحن أيضًا. إذن يلزم لنا أن نغفر لغيرنا، وأن يغفر الرب لنا، لكي نستحق أن نتناول من السرائر الإلهية. وأن كنا في طلبة الخبز، نطلب كل الأغذية الروحية اللازمة لنمونا الروحي ولحياة الأبد، فأننا نقول للرب: هذا عن المستقبل الذي نريده معك. اما من جهة الماضي فأغفر لنا. أو نقول في اعتذار: علي الرغم من كل ما تعطينا من غذاء روحي، مازلنا يا رب نخطئ فإغفر لنا.
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:09 PM   رقم المشاركة : ( 39 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

من ينال بركة الصلح؟
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

· هل إذا غضبت مع إنسان وجاء هو يطلب مني أن أسامحه فسامحته: هل نال بذلك بركة الصلح؟
الذي ينال بركة المصالحة، هو الذي يسعي إليها.

Reconciliation
لأن سعيه إليها، يدل علي ما في قلبه من إتضاع، ومن حب ومن رغبة في السلام، كما يقول الكتاب "مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح، برباط الصلح الكامل". ويقول عن ذلك "بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة" (أف 4: 3،2).
أيضًا الذي يقبل المصالحة، ينال بركتها، لأنه لم يغلق قلبه دونها.
وذلك لأن هناك أشخاصًا لا يستجيبون للمصالحة، ولا تكون قلوبهم ولا إرادتهم مستعدة لذلك ويقومون أسبابًا تمنعهم من ذلك..
  رد مع اقتباس
قديم 08 - 02 - 2014, 06:10 PM   رقم المشاركة : ( 40 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

الابتعاد عن العِشرة المضرة
كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث

Evil company corrupts good habits
· هل لو كان هناك شخص عشرته تضرني روحيًا أو اجتماعيا وقد ابتعدت عنه، هل يجب علي إذن أن أذهب وأصالحة؟
الجواب: كلا، فالكتاب يمنع من صحبة الأشرار.
ويقول المزمور الأول " طوبي للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز 1:1). ويقول أيضا إن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33). بل يقول كذلك "لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا" (1كو 6:11). وينطبق هذا الكلام أيضًا عن الذي يضرك عقيديًا (2يو 10، 11)
معاشرة هؤلاء ليست صلحًا، أنما هي مخاصمة لله.
المفروض أن مصالحتك لأي إنسان تكون علي الصلح مع الله ومحبتك لأي إنسان تكون نابعة من محبتك لله. فالذي يفسد حياتك الروحية، ابتعد عنه. ولا تحسب هذا خصامًا بل حرصًا. وفي نفس الوقت لا تختزن في قلبك عداوة من جهته.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أبانا الذي في السموات ، " الصلاة الربانية" بلغة الإشارة - مينا إبراهيم
تأملات في الصلاة الربانية - البابا شنودة الثالث
كتاب الكهنوت لقداسة البابا شنودة الثالث
الغضب كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
بدع حديثة كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 10:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024