![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 71 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الاستهانة بلطف الله ![]() أحيانا يخطى الإنسان. وإذ لا يجد أمامه عقوبة إلهية رادعة، يستهين بوصايا الله، ويفقد مخافته، ويتقسى قلبه.. بينما نرى الإنسان يدقق في تصرفاته الرسمية، حيث توجد مؤاخذة ومساءلة وعقوبة ويذكرنا هذا بقول الرسول "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة. ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في وقت الغضب" (رو 2: 4، 15) القلب القاسي بنفعه أحيانا الحديث عن مخافة الله. الذي تذيبه المحبة، يمكن الحديث معه عن محبة الله. أما الذي يستهين ويستهتر ولا يبالى، فإن مخافة الله قد تنفعه. والرسول يقول "لا تستكبر بل خف" (رو 11: 20). ويقول أيضًا "مكملين القداسة في خوف الله" (2كو 7: 1) لعل هذا يذكرنا بأن الكبرياء هي أحد أسباب قساوة القلب: الكبرياء. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 72 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الكبرياء ![]() الكبرياء تقسي القلب. والمتكبر لا يفكر إلا في ذاته وفي كرامته. لا يضع الله أمامه، ولا الناس. وفي سبيل تنفيذ مشيئته، يمكن أن يفعل أي شيء، ولا يبالى وهكذا يصل إلى قساوة القلب. أما المتواضع، فينسحق قلبه أمام الله، ويطيع، ولا يقسو. وإذا وصل الإنسان إلى انسحاق النفس، يمكن أن يقوده الانسحاق إلى التوبة، إذ تفارقه قساوة القلب، وتلازمه النعمة. من الأسباب التي تؤدى أيضًا إلى قساوة القلب: فقدان هيبة الوسائط الروحية. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 73 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فقدان هيبة الوسائط الروحية ![]() فالذي يمارسها بلا روح، تفقد هيبتها عنده. وبالتالي تفقد تأثيرها عليه. وهكذا لا يستفيد منها، فيتقسى قلبه. قديما كان يدخل إلى الكنيسة، فيتخشع قلبه ويخاف، إذ يشعر أنه أمام الله في بيته. أما الآن، فهو يتحدث ويناقش، ولا تترك في نفسه أثرًا. وكذلك الهيكل.. كذلك اعتاد التناول، والاعتراف بغير خشية، اعتاد الصلاة والقراءة بغير روح. واعتاد الصوم كعمل جسداني.. ولأن قلبه تقسي بالخطية والاستمرار فيها، لم تعد هذه الوسائط الروحية تغير من أمره شيئا. كمريض تَعوَّد أدوية معينة، ففقدت تأثيرها عليه. أو كإنسان يأخذ مسكنات بكثرة، إلى أن تفقد هذه المسكنات مفعولها بالنسبة إلى آلامه. أو كموظف يقابل رئيسا له باستمرار ويختلط به، فلم يعد يخشاه أو يهابه كباقي الموظفين.. أو كإنسان عاش في أماكن مقدسة واعتادها، فلم يعد يتأثر بها كمن يزورها لأول مرة.. لذلك يحتاج من يمارس الوسائط الروحية، أن يمارسها بروح، بعمق، بفهم وخشوع، حتى تعود هيبتها إليه، ويستفيد منها لترد قلبه إلى الله.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 74 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ابعد عن الخطوة الأولى إن كنت تريد أن تتوب، فاحترس من الخطوة الأولى نحو الخطية. وفي غالبية الحالات لا تهجم عليك الخطية دفعة واحدة بكل قوتها، إنما تزحف إليك زحفا في مدة طويلة حتى تصل إليك بتدريج كثير.. فانظر من أين تأتيك الخطية، وارقب مراحلها. ومراحل الخطية تبدأ غالبا باتصال، ثم انفعال، ثم اشتعال. تتصل بك الخطية أولا عن طريق العثرات، أو التهاون، والمعاشرات الردية. فغن أعطيتها مجالًا، قد تؤثر عليك فتنفعل بها سواء أكان انفعالًا فكريًا أو عاطفيًا فإن تهاونت مع هذا الانفعال الداخلى، يشتد فيتحول إلى اشتعال. وفي هاتين المرحلتين تكون مؤثرات الخطية قد انتقلت من الخارج إلى الداخل. وهذا أخطر وقد يتطور الأمر إلى ما هو أشد. يتطور الأمر إلى صراع داخلي، ربما ينتهي إلى تسليم فسقوط. إنه صراع بين الضمير والخطية، أو بين الروح والمادة. والصراع يدل على أن الإنسان رافض للخطية، وأنه يقاوم. وهي مرحلة متعبة، ولكنها أفضل من التسليم والسقوط. ويكون الإنسان قد أوقع فيها نفسه بتهاونه في المراحل السابقة. أنت لا تضمن هذا الصراع بينك وبين الخطية. ![]() قد تنجح فيه بعد تعب. وقد تفشل فتلقى سلاحك، وتستسلم للعدو وتسقط. فالخطية من طبعها، إنها لا تستريح حتى تكمل.. وإن سقطت في الخطية، لا يترك كالعدو، بل يستمر في حربه، حتى تتكرر الخطية، وحتى تتحول إلى عادة عندك أو طبع فيك. وتصل إلى الوضع الذي لا تستطيع فيه أن تقاوم.. بل تخضع لكل ما يقترحه الشيطان عليك كعبد له وللخطية التي سيطرت عليك. سبى العدو لك، وعبودية الخطية، يمثلها سبى بابل، حيث يقول المرتل "على أنهار بابل هناك جلسنا، فبكينا حين تذكرنا صهيون" (مز 136)، ويقول "كيف نسبح تسبحة الرب في أرض غريبة؟!" ولا يكتفي عدو الخير بأن يجعل فريسته عبدا للخطية، وإنما قد يتطور إلى وضع أبشع.. قد تتطور العبودية إلى مذلة العبودية. أي الوضع الذي يشتهى فيه الإنسان الخطية ولا يجدها..! ويطلبها متوسلا بكل قواه. كمن يطلب شهوة المال أو شهوة المقتنيات، أو شهوة الجسد، فلا يجدها. أو كمن يطلب العظمة أو الكبرياء أو الانتقام أو التشفي، ويسعى بكل ورغبته لعله يجد.. وكأنه يتوسل إلى الشيطان، أن يمنحه الخطية..! وهذه مذلة، وقد يتمادى الشيطان، أو يتسول من الشيطان، أن يمنحه الخطية..! وهذه مذلة، وقد يتمادى الشيطان حتى يحتقر هذا الإنسان! ففي أية مرحلة من هذه المراحل أنت كائن؟ ليتك تختصر الجهاد، وتبعد عن الخطوة الأولى. فهذا أسهل لك وأريح، وأكثر ضمانا. كما أنه يدل على نقاوتك، وعدم قبولك للخطية. ويدل على عدم تفاوضك مع العدو تعاملك معه. وعن هذا شرح القديس دورثيئوس: مثال الشتلة الصغيرة، والشجرة الضخمة. فقال إنه من السهل جدًا أن تقتلع شجيرة صغيرة من الأرض. تمد يدك فتنزعها بسهولة. ولكن إن صبرت عليها حتى تصير شجرة ضخمة، يكون من الصعب عليك اقتلاعها.. وحتى إن نجحت، فهناك خطورة أخرى. قد تنتصر على فكر شرير داخلك، بعد صراع مرير. ولكنه أثناء الصراع يكون قد نجس ذهنك وربما قلبك وحتى إن طردته من عقلك الواعي، قد يبقى في ذاكرتك، وفي عقلك الباطن. وربما يعود إليك بعد حين، أو يظهر في أحلامك أو في ظنونك.. فلماذا كل هذا الشعب؟ الوضع السليم هو أن تتخلص منه من بادئ الأمر، قبل أن يستقر، وقبل أن يتسع نطاقه في محاولة تدمير روحياتك. حاول أن تنتصر من البدء، من مرحلة الاتصال. بقدر إمكانك، حاول أن تبعد عن الاتصال بالخطية. في ذلك يقول المزمور "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار. وفي طريق الخطاة لم يقف. وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز1). وقد لاحظ أحد القديسين لونًا من التطور فيما ذكره المزمور. سلوك، ثم وقوف، ثم جلوس. المرحلة الأولي هي السلوك أي المشي. أخطر منها الوقوف معهم. وأخطر منهما الجلوس أي الاستقرار. كما أن مرحلة المستهزئين الأخيرة هي أبشع من مرحلة الخطاة. إذ تعني خطاة مستهزين. لذلك لا تسمح للخطية أن تتطور معك، أو أن تجعلك تتطور معها. ومن أول خطوة ابعد عنها. هذا عن كنت تريد أن تتوب، وإن كنت تريد أن تحفظ قلبك نقيًا. وعلى أية الحالات: في أية مرحلة وجدت، لا تتطور إلى أسوأ.. لأن إرادتك قد تكون قوية في أول هذا القتال، في مرحلة الاتصال. فإذا انفعلت تكون إرادتك قد بدأت تستجيب للخطأ. وفي الاشتعال تكون قد ضعفت وفي الصراع تدخل في مرحلة حياة أو موت.فإن سقطت، تكون إرادتك قد انتهت. وتصبح إنسانا مسلوب الإرادة. فالتفت إلى نفسك، واحترس منذ الخطوة الأولى. واعلم هذا جيدا، أنه: كلما يخطو الإنسان خطوة في طريق الخطية، تضعف إرادته. ويميل إلى الخطية، ويكون قد أعطى الشيطان مكانًا، ووسع له داخل نفسه كلما يخطو خطوة أخرى نحو الخطية، تقل محبة الله في قلبه، ويكون سقوطه أمرًا متوقعا جدا.. لذلك يقول المزمور "يا بنت بابل الشقية.. طوبى لمن يمسك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز 136). بنت بابل (أرض لسبى) هي الخطية. وأطفالها هم شهوات الخطية أو أفكارها منذ الأولى، قبل أن تكبر الخطية. طوبى لمن يمسكهم ويدفنهم (أي يتخلص منهم) عند الصخرة. وكما يقول الكتاب "والصخرة كانت المسيح" (1كو 10: 4). أي طوبى لمن يقاوم الخطية، من أول ولادتها في الفكر، ويستعين في القضاء عليها بقوة من المسيح نفسه. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 75 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تطور مراحل الخطية وسنحاول أن نضرب أمثلة من الكتاب عن تطور مراحل الخطية: كيف تطور الأمر في سقوط أمنا حواء؟ لنأخذ درسا في حياتنا من هذه الخطية الأولى. هل سقطت حواء حينما قطفت من الشجرة فأكلت، وأعطت رجلها فأكل معها؟ كلا، فقد كانت هذه هي المرحلة الأخيرة من المأساة. وكانت تطورًا طبيعيا جدا لكل ما سبقها. وكان الأمر متوقعا..! فكيف ذلك؟ كيف تطور المر مع حواء، حتى قطفت من الشجرة؟ بدأت المشكلة حينما جلست مع الحية، فأسمعتها الحية كلاما عجيبًا "لن تموتا.. يوم تأكلان تنفتح أعينكما، وتصيران مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 3: 4، 5) وهنا دخل الشك في قلب حواء، ثم بدأت تفقد الإيمان في صدق كلام الله الذي قال "يوم تأكلان موتا تموتًا". ![]() أو على الأقل بدأ إيمانها يتزعزع، ودخلها الشك.. وأسلمها الشك إلى الشهوة، شهوة الألوهية، وشهوة المعرفة، وليس مجرد شهوة الثمرة. وهنا كان انفعالها الداخلى قد بلغ أقصاه. وفقدت حواء بساطتها، وفقدت نقاوتها الداخلية. ونظرت على الشجرة، فإذا هي: جيدة للأكل، وبهجة للعيون، وشهية للنظر (تك 4: 6). كل يوم كانت حواء تمر على الشجرة، لأنها في وسط الجنة، ولم تكن تنظر إليها هكذا. فمن أين هذه النظرة؟ فكر غريب دخل إلى القلب، تحول إلى شهوة. وسيطرت الشهوة على القلب، واستسلمت لها الإرادة وما كانت حواء قادرة في ذلك الحين، وما كان آدم قادرا، على الامتناع عن الأكل. فحالة قلبهما كانت قد تغيرت تماما عن وضع النقاوة والبساطة الأولى وحل الشك محل الإيمان. واشتد الإغراء جدا. وضعفت الإرادة جدا. وسقطت حواء وآدم معها. كان يجب على حواء أن تبعد عن الخطوة الأولى. فلا تجلس مع الحية وهي "أحيل حيوانات البرية". وإن جلست، فما كان يجب أن تسمع كلاما ضد وصية الله. وإن سمعت، كان يجب أن ترفضه ولا تصدقه. ولا تجعل الفكر الخاطئ يدخل إلى القلب، ويتحول إلى شهوة. وإن جاءتها مثل هذه الشهوة، كان يجب أن تقاومها.. ولكنها تركت الأمور تتطور في قلبها، وتقودها من خطية إلى أخرى، حتى وصلت إلى أقصى درجات السقوط.. وما كان أغناها عن كل هذا، لو بعد منذ الخطوة الأولى.. أتريد أنت إذن ألا تسقط؟ ابعد عن الحية. إبعد عن "المعاشرات الردية التي تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: 33) احترس من التأثيرات الخارجية الشريرة. واحترس من أن تنفتح عيناك لكي تبصر الخطية. إبعد عن هذه الخطوة الأولى، حتى لا تقودك إلى الضياع شيئا فشيئا0 فبهذه السقطة عينها سقط شمشون. بسبب حية أخرى. شمشون الجبار، القاضي العظيم، ذو الكرامة والهيبة، الذي كان روح الرب يحركه (قض 13: 25)، والذي حل عليه روح الرب (قض 14: 6). شمشون هذا، باح بسره، وكسر نذره، وأذله أعداؤه فقأوا عينيه، وجعلوه يجر الطاحون في بيت السجن (قض 16: 21). وقد تأثرت جدا من هذا المنظر، وأنا شاب صغير، منذ حوالي أربعين سنة. وكتبت قصيدة على لسان شمشون أولها: أنا الجبار أم شبحي أنا شمشون أم غيري إذا ما كنت شمشوناً فأين مهابة القدر؟ وأين كرامة القاضي وأين مواكب النصر؟ وأين النور من عيني وأين الطول من شعري؟ *** وأين كرامة القاضي هل تدرين ما سرى؟ أجيبي إنني مصغ فقد حيرت في أمري؟ أنا الجبار أم شبح أنا شمشون أم غيري؟ شمشون هذا: هل حلت مأساته فجأة، أم لها تطورات؟ نعم لها تطورات، خطوة تقود إلى خطوة. أولها انه ذهب إلى غزة، وأخطأ هناك (قض 16: 1).ثم تعرف على امرأة اسمها دليلة. وتطورت علاقته بها إلى أنه أحبها وتعلق بها، ثم أقام عندها 9 وفي كل هذا ما كان ضميره يتعبه! وأحس أعداؤه هذا فاستغلوها ضده. وحاولت أن تعرف سر قوته لتسلمه إلى أيدي أعدائه. وسألته أكثر من مرة، وكانت تخبر أعداءه، وهو يعلم هذا.. ومع ذلك بقى على علاقته بها. ولكنت ضاعت شخصيته معها.. وتطور إلى أن أخبرها بسره، فباعته لأعدائه بالفضة. ورضى أن يسلمها رأسه لحلق شعره. وضاعت قوته، فأسروه. ما كان أغناه عن كل هذا، لو أنه بعد عن الخطوة الأولى.. أو لو أنه أستيقظ إلى نفسه في أية مرحلة من المراحل التي مرت عليه.. قبل أن يصل إلى المأساة.. مأساة لوط، مرت أيضًا بمراحل وتطورات. لقد هلكت سدوم، وهلك معها كل غنى لوط. وفقد كل شيء وجميع أقاربه، وفقد امرأته أيضًا. وكان يمكن أن يهلك مع المدينة لولا أن أخرجه مع ابنتيه ملاكان (تك 19). وأنا عندما أحلل مشكلة لوط، إنما أرجع بعقارب الساعة إلى الخلف سنوات.. حينما كان يعيش في صحبة رجل الله إبرآم، إلى جوار البر والمذبح. ثم بدأت المشكلة.. أحب لوط الغنى والاتساع، فاشتهى الأرض المعشبة. وأدى به هذا المر إلى أن ينفصل عن رجل الله إبرآم. وكانت أول خسارة له.. ثم تطلع يبحث عن الأرض المعشبة، فرأى سدوم. وكانت أرض سقى "كجنة الله، كأرض مصر" (تك 13: 10) "فاختار لوط لنفسه". وكان هذا خطأ روحيا. "وكان أهل سادوم أشرارًا وخطاة لدى الرب جدًا" (تك 13: 13) ومع ذلك: لم ينظر لوط إلى روحيات المكان، بل إلى خضرته! فترك إبرآم والمذبح، ليذهب إلى الأرض المعشِبة، في عشرة الأشرار. ذهب إلى المكان الذي فيه خير مادي، وليس إلى المكان الذي فيه الله! وبدا أن روحياته في الدرجة الثانية من اهتمامه "وكان البار -بالنظر والسمع، وهو ساكن بينهم- يعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (2بط: 2: 8). ومع ذلك كله، تطور الحال به أسوأ. فاختلط بشعب الأرض، وزوجهم من بناته. فقد هيبته الروحية بينهم، حتى أنه عندما أنذرهم بحكم الله فيما بعد "كان كمازح في أعين أصهاره" (تك 19: 40). وهجموا على بيته حين دخل عنده الملاكان.. وانتهى الأمر بهلاك المدينة وفقد كل ما كان له. وكان الأجدر أن ينتبه من البداية، ولا يترك إبرآم. كان عليه أن يحارب في قلبه الخطوة الأولى، وهي محبة الأرض المعشبة، محبة الغنى والاتساع. إذن ما كان يحدث له شيء من كل هذا الذي حدث. لنتأمل إذن خطية داود. ونرى خطوتها الأولى. لقد زنى داود، وقاده الزنى إلى القتل، ليغطى خطيئته. كما قاده الأمر إلى أسلوب من الكذب والالتواء لخداع أوريا الحثي (2صم 11: 8 - 13). فهل كان الزنى هو الخطوة الأولى؟ كلا. سبقها إنه رأى المرأة تستحم فاشتهاها. ومع ذلك لم تكن هذه هي الخطوة الأولى، إذ سبقها أن داود قام عن سريره، وتمشى على سطح بيت الملك، وتطلع على بيوت الناس وأسرار حياتهم الشخصية. ولكن سبقت هذه خطوة أخرى أساسية: كانت الخطوة الأولى في سقطة داود، حياة الترف. هذا الترف الذي يجعله يبيت في قصره، بينما الشعب منشغلا في الحرب في الصحراء، وهو لا يشاركهم حتى بشعوره. لقد كان أوريا أكثر نبلا منه في هذه النقطة، إذا لما دعاه داود أن يذهب إلى بيته ويستريح، أجاب أوريا".. عبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتى إلى بيتي، لآكل واشرب واضطجع مع امرأتي؟! وحياتك نفسك لا أفعل هذا الأمر" (2صم 11: 11). قديما لم يكن داود هكذا. لقد تغيرت حياته. كان مطاردا من شاول، هاربا من برية إلى أخرى. يسكن في المغارات، يحارب بنفسه، ويبيت على الأرض. ولم يخطئ وقتذاك. أما الآن فإنه في ترف، يسكن القصور، وله خدام وحشم وعبيد. ويرسل الجيش ليحارب، بينما هو في بيته على سريره، يقوم منه ليتمشى على السطوح، وينظر الناس وليست له مشاعر المشاركة مع جيشه المحارب.. وقاده الترف إلى الشهوة، ثم إلى الخطية ومحاولة تغطيتها. وسقط في خطايا كثيرة، جعلته فيما بعد يبلل فراشه في كل بدموعه (مز 6). ولما أراد الله أن يعالجه من هذه الخطوة الأولى، سمح أن يقوم ضده أبشالوم ويخرج داود من قصره حافيا، (2صم 15: 3)، ويشتمه شمعي بن جيرا في الطريق، وبرده الرب إلى طقسه الأول.. فلنتأمل إذن كيف أمكن يبخر سليمان للأوثان. سليمان أحكم أهل الأرض في جيله، الذي ظهر له الله مرتين وكلمه (1مل 11: 9). ومنحه الحكمة والجلالة وسعة الصدر، وكيف أمكن أن يسقط في هذه الجهالة العجيبة؟ إنها لم تأت فجأة ولا شك، إنما سلكت في تطورات. وكانت الخطوة الأولى أن تزوج نساء غريبات (1مل 9: 16، 24) وتطور الأمر إلى أن قال الكتاب "وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحيثيات" (1مل 11: 1). وكان هذا ضد وصية الله التي تمنع الزواج بالأجنبيات.. وتطور الأمر إلى انه بنى مرتفعات على الجبال لآلهة هؤلاء النسوة الغريبات، كي يوقدون ويذبحن لآلهتهن" (1مل 11: 7، 8). وانتهى أمر سليمان في تطور الخطية معه بمأساة، إذ يقول الكتاب "وكان في زمان شيخوخته أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى... فذهب وراء عشتاروت إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب" (1مل 11: 4 - 7) كل ذلك تطور من الخطوة الأولى، الزواج بأجنبيات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 76 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() احترس من الثعالب الصغار يعوزني الوقت إن تحدثت عن تطور الخطية قادتهم إلى خطوات أبشع. ولكنى أقول: لست أقوى من الأنبياء والحكماء والجبابرة الذين سقطوا. فاحترس من الخطوة الأولى للخطية. واهرب لحياتك. إنك لست أقوى من آدم الذي كان في الفردوس في حالة فائقة للطبيعة، ولا أقوى من داود الذي حل عليه روح الرب وكان مسيحا للرب، ولا أقوى من شمشون نذير الرب الذي كان روح الرب يحركه، ولا أقوى من سليمان الذي كلمه الرب مرتين وكان احكم أهل جيله، ولا أقوى من إبراهيم أب الآباء وخليل الله، الذي لكي ينقذ نفسه كذب وقال إن سارة أخته وعرضها للضياع (تك 20: 11، 13). وصدق الكتاب حينما قال الخطية إنها: ![]() "طرحت كثيرين جرحى. وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26). إذن فلنحترس من الخطية بكل قوتها. ليس فقط حينما تشتد علينا، وتهجم مثل أسد يزأر ملتمسا من يبتلعه (1بط 5: 8). وكلا، وإنما من أول خطوة، نمسك أطفالها، وندفنهم عند الصخرة.. ليس فقط الخطايا الواضحة البشعة، وإنما كل الخطية مهما بدت بسيطة أو صغيرة أو تافهة، نعمل بقول الوحي في سفر النشيد: "خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغار، المفسدة للكروم" (نش 2: 15) الكرم بصفة عامة هو الكنيسة، وبصفة خاصة: قلب كل مؤمن. والثعالب هي الخطايا الماكرة التي تبدو صغيرة، وليست مثل الوحوش الكاسرة التي يستعد الجميع لها. خطورتها، أنها لصغرها، ربما لا يهتم أحد بها.. فيتركونها تنمو وتكبر، حتى تتطور إلى وضع مخرب يصعب مقاومته. وهذه الوصية تدعونا إلى التدقيق والاهتمام، وأن نبحث في حياتنا ما هي هذه الثعالب الصغار لكي نقاومها. كما أننا نتعلم درسا هاما وهو لا يجوز إهمال أية خطية، مهما بدت صغيرة. فغن أي ثقب بسيط في مركب، قد يتسع إذا ما أهمل، حتى يتحول إلى كارثة غرق. ونهر النيل بمجراه العظيم بدأ بقطرات أمطار سقطت على الجبال الحبشية وسارت حتى وصلت إلينا نهرا. وتل القمامة الضخم الذي ألقوه على الصليب، بدأ بمقطف واحد من القمامة. وأطول مشوار في الخطية، بدأ بخطوة واحدة. فلنحترس مدققين من كل خطوة للخطية. ونطرد الثعالب الصغار. التي ربما تكون أحيانا قليلا من الكسل أو التهاون والتراخي، أو قليلا من التبسط في الكلام أو التصرف. عارفين أن الذي يهتم بالنسبة إلى القليل، سيهتم ولا شك بالكثير أيضًا. وكما يقول المثل الإنجليزي. اهتم بالبنس، وستجد أن الجنية يهتم بنفسه. إذن لا تغفل الأشياء الصغير، بل اهتم بمقاومتها. هناك ثعالب صغيرة دخلت دخلت حياة القديسين. ولنأخذ إبراهيم مثلًا: في مرتين، ضحى أبونا إبراهيم بزوجته سارة، قال إنها أخته، فأخذوها إلى ملك البلاد، إذ حسنت في عينيه، لأنها كانت جميلة جدا. مرة في مصر (تك 12: 10 - 20). والأخرى في أرض جرار (تك 20: 1 - 14). ولولا تدخل الرب نفسه، لضاعت سارة، وصارت زوجة لغير إبراهيم في حياته. فكيف وقع أبونا إبراهيم في هذا الأمر؟ لعل الخطوة الأولى هي الخوف على حياته. خاف وقال لسارة "إذا رآك المصريون، يقولون هذه امرأته، فيقتلونني ويستبقونك" (تك 2: 2). وهل من أجل خوفك، تضحى بامرأتك؟ هذا كثير. على أن خوف إبرآم من الموت، سبقه خوف آخر من المجاعة. يقول الكتاب "حدث جوع في الأرض، فانحدر إبرآم إلى مصر، ليتغرب هناك" (سفر التكوين 12: 10). وكانت مصر لغناها ترمز إلى الاعتماد على الذراع البشرى. ولكن ثعلبا صغيرًا كان قد دخل إلى إبرآم. فما هو؟ هذا الثعلب الصغير غير المرئي، كان ضعف إيمان في قلب إبرآم، من جهة إعالة الله له في وقت المجاعة. ضعف الإيمان هذا، قاده إلى الاعتماد على الذراع البشرى فنزل إلى مصر. وعرف الشيطان نقط الضعف هذه، فقاده إلى الخوف على حياته من الموت، كما خاف على حياته من الجوع.والخوف قاده إلى التضحية بامرأته، وقاده هذا إلى الكذب والإدعاء بأنها أخته.. واستطاع الثعلب الصغير الذي دخل إليه أن يفسد الكرم من كل من كل هذه النواحي.. ثعلب صغير آخر دخل إلى أيوب، هو البر الذاتي. كانت مشكلة أيوب أنه رجل كامل ومستقيم، ويعرف عن نفسه انه كامل ومستقيم. ومن اجل هذا، وقع في البر الذاتي. وكان كما قال الكتاب "بارًا في عيني نفسه" (أى 32: ). وظل الله ينقيه بالتجربة، حتى قال "نطقت بما لم أفهم، بعجائب فوقى لم أعرفها" (أى 42: 3). ما أسهل أن نقطة صغيرة تجر إلى مشاكل عديدة جدًا. ثعلب صغير حارب يوسف الصديق، هو الحديث عن النفس. فتحدث أمام أخوته عن أحلامه، وعن الذين يسجدون له في الحلم، فأثار ذلك حسدهم، وتحول الحسد إلى بغضة "وازدادوا أيضًا بعضا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه" (تك 37: 8). وتطور الأمر حتى باعوه أخيرا كعبد.. لذلك حسنا أن السيدة العذراء لم تكن تتحدث عن كل العجائب التي تحدث معها، إنما تحتفظ بذلك في قلبها (لو 2: 51). وكان القميص الملون ثعلبا صغيرا آخر سبب مشاكل. القميص الملون الذي صنعه يعقوب لابن شيخوخته، يوسف. فأثار حسد أخوته "فلما رأى أخوته أن أباهم أحبه أكثر من جميع أخوته، أبغضوه، ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام" (تك 37: 4).. أتراك أنت أيضًا تفعل هذا، حينما تغرق في معاملاتك للناس، وتظهر حبا لشخص منهم أكثر من غيره؟! حقا، من كان يظن..؟! من كان يظن أن الخطوة الأولى في خطايا عديدة، تصل إلى بيع الأخ، وخديعة الأبناء لأبيهم والوصول إلى عبودية فرعون، كل هذه تكون بسبب قميص ملون أو رواية صبى صغير لأحلامه؟ ولكنها الثعالب الصغار المفسدة للكروم. لذلك يقول الكتاب: "أسلكوا بتدقيق، لا كجهلاء، بل كحكماء" (أف 5: 15). كن دقيقًا جدًا إذن، فربما خطأ تظنه بسيطا يجر إلى مشاكل كثيرة. بينما التدقيق لابد ينفعك، ويعلمك الحرص. ونضرب لذلك مثلا: الذي يهتم بالحشمة داخل غرفته، لابد سيحتشم في الخارج. الذي في حجرته الخاصة المغلقة عليه، يستحى من أرواح الملائكة والقديسين، هذا لابد أن يسلك باحتشام في الخارج أمام الناس. وتصير الحشمة من طباعه ومن ناحية أخري، من لا يبالى بأن يجلس في وضع غير لائق، في حجرته الخاصة، قد يتعود ذلك، ويجلس أحيانًا بنفس الطريقة أمام الناس! الشيطان ذكي. لا يهاجمك بخطية بشعة دفعة واحدة. لا يطلب منك بابًا واسعًا يدخل منه إلى حياتك. وكل ما في الأمر أنه يستأذنك في ثقب إبرة. وقد لا تبالي، فتسمح له. وهذا يكفيه. يظل يوسعه حتى يتلف حياتك كلها. ولذلك فالتدقيق أفضل. ما أكثر الخطايا التي تدخل من ثقب إبرة. الشيطان مثلًا لا يدعوك إلى عدم الصلاة، إنما إلى تأجيلها.. إن رآك متعودًا الصلاة حالمًا تستيقظ، يقول لك: أنتظر حتى تغسل وجهك وتفيق ثم تصلي. وقبل أن تفيق يكون قد ألقي في ذهنك أفكارًا عديدة تشغلك وتنسيك، وأشياء أخري تعطلك.. أما أنت فلا تعطيه، بل استمر في صلاتك، حتى وأنت ذاهب لتغسل وجهك.. كن محترسًا إذن. وابعد عن الخطوة الأولي التي تقودك إلى الإهمال والفتور، أو التي تقودك إلى الخطية. والخطوة الأولى للخطية، قد لا تكون خطية في ذاتها. فربما علاقة خاطئة، تكون بدايتها صداقة بريئة لا خطأ فيها. وربما يكون ضياع وقت البيت كله، حول التلفزيون والأفلام، بدأ بفرجة بريئة على فيلم علمي أو مباراة للكرة، ثم تطور الوقت، حتى ضيع مذاكرة التلاميذ وحضور اجتماعات الكنيسة. فعلي الإنسان إذن أن يكون مدققًا ومحترسًا.. والخطوة الأولي إلى الخطية، تختلف من شخص لآخر. الترف كان الخطوة الأولي لخطية داود، والحسد كان الخطوة الأولي لخطية قايين وأخوة يوسف. والتزوج بالأجنبيات الأولي في خطية آدم وحواء وخطايا عصر القضاة (قض3: 5، 6). ومحبة النساء كانت الخطوة الأولي في سقطة شمشون. والخوف كان الخطوة الأولي لخطية بطرس وخطية إبراهيم.. فابحث أنت ما هي الخطوة الأولي في خطاياك؟ واحترس منها جدًا. وإن وقعت في الخطوة الأولي، لا تكمل الثانية. ربما تكون خطوتك الأولي أنك ذهبت إلى غزة، أو إلى سدوم، أو إلى جرار، ربما ضعف في شخصيتك يجعلك تستسلم لمشورة الأشرار. ربما لا تكون محبة الله في قلبك. ربما خطوتك الأولي هي الغرور أو الثقة الزائدة بالنفس التي لا تقودك إلى الاحتراس. وربما تكون الخطوة الأولي لسقوطك هي العثرات.. أيًا كانت فسنحاول أن نبحثها معًا، لكي نخلص منها.. واستفد من دراسة الخطوة الأولي التي أسقطت غيرك. وبخاصة أولئك الذين كانوا جبابرة في حياة الروح. أنظر إذن "كيف سقط الجبابرة، وبادت آلات الحرب" (2صم1: 27). وبالاحتراس من الخطوة الأولي، تعلم حياة التدقيق. واحرص أن تتخلص من الثعالب الصغار المفسدة للكروم. وكما قالت القديسة سارة: "إن فمًا تمنع عنه الماء، لا يطلب خمرًا. وبطنًا تمنع عنها الخبز، لن تطلب لحمًا".. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 77 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ابعد عن العثرات واهرب من مصادر الخطية ![]() أبعِد عن العثرات بنوعيها: سواء الواردة إليك من آخرين أو التي أنت تعثر بها غيرك.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 78 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ابعد لخطورة العثرة العثرة في اللغة هي السقطة. والذي يعثر غيره، هو الذي يتسبب في إسقاط غيره. وبهذا يحمل ذنب ذلك الساقط، أو يشترك في ذنبه. وفي ذلك قال السيد المسيح له المجد "ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة" (متى8: 7)، "خير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى، ويغرق في لجة البحر" (متى8: 6، لو17: 2). عبارة "ويل لذلك الإنسان "تدل على خطورة خطيته. ولشعور القديس بولس الرسول بخطورة إعثار الآخرين، ولحرصه ألا يهلك أحد بسببه، قال عبارته المشهورة "إن كان طعام [أكل اللحم] يعثر أخي، فلن آكل لحمًا إلى الأبد، لئلا يعثر أخي" (1 كو 8: 13). ولخطورة العثرة أيضًا، نرى أن السيد المسيح: ![]() وضع الذين يعثرون قبل الخطاة في استحقاق الدينونة. فقال "هكذا يكون في انقضاء العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار" (متى13: 4-42). جاعلًا المعاثر قبل فاعلي الإثم، لأنهم السبب.. وإن كان إعثار الآخرين أمرًا خطيرًا، فإن إعثار الصغار والبسطاء أمرًا أخطر. وهكذا قال الرب في الويل الذي صبه على الذين تأتي منهم العثرات "من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي.." (متى18: 6) "خير له لو طوق عنقه بحجر رحى، وطرح في البحر من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار" (لو17: 2). ذلك لأن الصغار والبسطاء، يقبلون العثرة بسهولة. إنهم يصدقون كل شيء، بسرعة وبلا نقاش، ولا يشكون فيمن يكلمهم، وليست لديهم القوة على فحص الأمور، والتمييز العميق بين ما هو حق وما هو باطل في كثير من الأمور.. وهكذا لا يوجد تكافؤ في كفتي الميزان، بين من تصدر منه العثرة ومن يتقبلها.. وعدم التكافؤ هذا، وجد في عثرة حواء من الخطية. حواء كانت بسيطة جدًا، نقية للغاية، لا تعرف ما هي الخطية من قبل، لا تعرف الشر، لا تشك في كلام غيرها إذ لا تعرف أن هناك كائنات تكذب. لم تختبر الكذب ولا الحيلة من قبل ولم تعرفهما. والحية كانت "أحيل حيوانات البرية "تعرف كيف تكذب، وكيف تسبك العثرة في مكر. وهكذا لعدم تكافؤ الكفتين أمكنها أن تعثر حواء.. وكانت حواء بالنسبة إلى الحية، هي "أحد هؤلاء الصغار". هكذا إعثار الأطفال أيضًا.. إنهم في سن يصدقون فيه كل شيء، ويقلدون كل شيء، حتى الحركات والملامح، ويرددون الألفاظ التي يسمعونها، بلا فهم. هم عجينة سهلة، يمكن تشكيلها بسهولة. لذلك حرام جدًا أن يفسدهم أحد. ما أخطر العثرة التي ينقلونها من آبائهم، ومن إخوتهم، ومن الجيران والمدرسين والأهل، ومن وسائل الإعلام المتنوعة.. إن العتامل معهم ينبغي أن يكون بحرص شديد، كأجهزة حساسة.. لذلك ابعد عن كل عثرة، وبخاصة للبسطاء وللصغار. احذر كل حذر أن تتعب أفكار البسطاء. تصور إنسانا بساطة الأطفال، لم يتفتح قلبه للشر. يأتي إنسان أكبر منه عقلا وأكثر منه خبرة، فيفتح عينيه على عثرات، ويدخل في ذهنه أفكارًا من الصعب خروجها منه. فيلوث فكره، ويفقده بساطته، ويشككه، ويعثره ويسقطه.. ألا يحمل دينونته؟ الذي يعثر صغيرًا، يكون كالذي يحارب من لا سلاح له. وقد تؤخذ كلمة (صغار) النسبي وليس المطلق. أي من هو أصغر منك في المعرفة وفي الإرادة وفي المركز ويمكنك إسقاطه. حقا ما أخطر هذا الأمر، فما هي خطورته إذن؟ إننا نوضحها في سببين: 1- شعور الإنسان بأن هذا الشخص كان بريئا. ولولا الذي أسقطه، وافسد فكره وشعوره، ما كان قد سقط.. 2- ماذا يحدث لو أن هذا أسقط غيره قد تاب بينما الذي سقط بسببه لم يتب؟ لم يتب؟ هل يستريح ضميره في توبته؟ وهو يرى من قد هلك بسببه؟ لذلك احترس جدًا من أن تعثر غيرك.. إن توبتك في يديك، تستطيع أن تتوب إن رجع قلبك إلى الله. ولكن توبة هذا الذي أعثرته، ليست في يديك. فإن استمر في خطيئته التي سقط فيها بسببك، وهلكت نفسه.. هل تؤخذ نفسك عوضا عن نفسه وحتى عن غفر الله لك بالتوبة، ألا يبقى في قلبك ألم مرير، وأنت ترى من قد هلك بواسطتك، مهما خلصت أنت؟! هذا إذا كنت خلصت أنت؟! هذا إذا كنت أنت سبب العثرة، أما إن كانت العثرات تأتيك من آخرين، فنصيحتي لك: ابعد عن العثرات. واهرب من كل أسباب الخطية. تذكر قول الملاك للوط "اهرب لحياتك.. ولا تقف في كل الدائرة.. لئلا تهلك" (تك 19: 17). واذكر أيضًا أن هروب يوسف الصديق من العثرة التي ألحت عليه، كان هو السبب في عدم سقوطه في الخطية.كذلك الرب لما اختار أبانا إبرآم، وأراد أن يكون به شعبا مقدسًا، أبعده عن العثرات، بأن أخرجه من أرضه وعشيرته (تك 12: 1). يهربك من الخطية وعثراتها، تدل على رفضك لها. فالهروب من العثرات فضيلة، لأنه يدل على أن القلب من الداخل لا يريد الخطية. لذلك احترس من أن تظن الهروب ضعفا. فليس من الحكمة أن يفتر الإنسان بقوته، ويعرض نفسه للتجارب، ويدخل نفسه في حروب ربما تتعبه. إذن لا تصف الابتعاد عن العثرات بأنه ضعف ن بل قل إنه صيانة. وقد نصح الآباء بالبعد عن "مادة الخطية". وقالوا في ذلك إن القريب من مادة الخطية، تصادفه حربان، من الداخل ومن الخارج. أما المبتعد عنها فله حرب واحدة0 وليس الآباء فقط هم الذين ينصحون بالهروب من العثرات، بل الكتاب المقدس نفسه يقول "وأما الشهوات الشبابية فاهرب منها" (2تى 2: 22). ويعلل ذلك بأن "المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 15: ). والمزمور الأول واضح في قوله "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشهورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز 1: 1). لأن صحبتهم كلها عثرات.. بل حتى السيد المسيح نفسه يقول: إن كانت عينك اليمنى تعثرك، فاقلعها والقها عنك. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك، فاقطعها والقها عنك (متى 5: 29، 30) قال ذلك في العظة على الجبل وكرر نفس الكلام مناسبة أخرى (متى 18: 8، 9). وهذا التكرار يدل على اهتمام الرب بهذه النقطة بالذات، أي البعد عن العثرات. وليس شرطًا أن يؤخذ كلام الرب هذا بطريقة حرفية، إنما يمكن: تفسير هذه الآيات بمعنى روحي، غير حرفي. أي أنه: إن أتتك العثرة من أعز إنسان لديك، الذي هو كعينك. أو إن أتت العثرة من أكثر إنسان يساعدك، كيدك اليمنى، فابتعد عنه.. أو يمكن تفسير الآية بمعنى أنه إن أتتك العثرة من داخل نفسك وليس من الخارج، فابعد عنها بكل حزم، حسب وصية المسيح، ولو أدى الأمر إلى استشهادك.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 79 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() من أين تأتي العثرة قد تكون العثرة داخلية، من داخل الإنسان. " من كنز قلبه الشرير تخرج الشرور" (لو 16: 45) فمنه تصعد شهوات وأفكار تزعجه. قد تكون العثرة من حواسه التي تجمع له مناظر وأحاديث تتعبه. قد تكون من رغباته ومسلياته وهواياته، ومن أفكاره وأحاسيسه، ومما خزنه لنفسه في عقله الباطن من صور وأخبار وأفكار.. لذلك فهو يبعثر نفسه. وإن لم تأته شهوة من الخارج، يجلبها لنفسه من الداخل، بتصرفه الخاص. حقا "إن أعداء الإنسان أهل بيته" (متى 10: 6). وبيته هو قلبه وفكره.. إن كنت هكذا، فحاول أن تضبط نفسك، كما قال الرسول "مستأسرين كل فكر لطاعة المسيح" (2كو 10: 5) هناك عثرات من الخارج: من البشر ومن الشياطين: وفى الخطية الأولى للبشرية، يوجد النوعان معا: وهما عثرة الشيطان لحواء، وعثرة حواء لآدم. والشيطان قد يعثر الناس بطريقة مباشرة، وقد يعثرهم عن طريق البشر، هو طريق خدامه الذين "يغيرون شكلهم كخدام للبر" (2كو 11: 15) ![]() وهناك عثرات من الشياطين، كالرؤى والأحلام الكاذبة: فالشيطان كما يقول الكتاب قد "يغير شكله إلى شبه ملاك نور" (2كو 11: 14). ومعروفة القصة التي وردت في البستان، التي ظهر فيها الشيطان بهيئة ملاك لراهب قديس، وقال له "أنا جبرائيل الملاك أرسلني الله إليك". فأجابه الراهب في اتضاع "لعلك أرسلت إلى غيري وأخطأت الطريق. أما أنا فإنسان خاطئ لا استحق أن يظهر لي ملاك". فتركه الشيطان ومضى.. وقد يظهر شيطان كروح من أرواح البشر المنتقلين: يقول أنا روح فلان (أحد أقربائك أو معارفك)، ويخبر بأشياء تتعلق بهذا الإنسان أو بيته أو أهله، حتى يصدقه من رأوه. وقد يظهر في صورة أحد القديسين أو السواح، حتى يخدع الناس. وقد يظهر الشيطان في حلم. وهناك أحلام كثيرة من الشيطان، كما قال القديس الأنبا أنطونيوس عن خبر معين "جاء الشياطين في حلم وأخبروني". لذلك نصيحتي لك: لا تصدق الأحلام، ولا تجعلها تقودك في حياتك. فليست كل الأحلام من الله، كأحلام دانيال ويوسف الصديق ويوسف النجار، إنما هناك أحلام من الشيطان ليعثر بها الناس، وهناك رؤى من الشيطان. وأيضًا لا تتبع الأرواح، فقد أضلت كثيرين.. والكتاب يقول "لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله، لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا على العالم" (1يو 4: 1). وهؤلاء مرسلون من الشيطان، وكذلك المسحاء الكذبة، والمسيح الدجال في آخر الزمان، ضد المسيح الذي قال عنه الرسول".. مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس 2: 9). كذلك ميز أفكار الشيطان وحيله.. فقد يحارب بالفكر، وليس فقط بالرؤى والأحلام والأرواح. أما أنت فلا تصدقه، كما يقول الرسول "لئلا يطمع فينا الشيطان، لأننا لا نجهل أفكاره" (2كو2: 11). لذلك لا تتبع كل فكر يأتي إليك، ظانا أنه من روح الله! ولا تقل في جرأة "الروح قال لي". وأصبر على الأفكار، لتعرف هل هي من الله أم لا. واستشر. إن القديس مقاريوس الكبير جاءه فكر أن يزور الآباء السواح في البرية الجوانية، وهو فكر مقدس كما يبدو. ولكن القديس مقاريوس قال في ذلك "فبقيت مقاتلا هذا الفكر من الله أم لا".. إذن لا تسرع وراء الأفكار لتنفذها.. إن الشيطان قدم للمسيح ثلاثة أفكار.. ولكنه رفضها جميعا، ولم يقبل شيئا منها، ورد عليها. فارفض أنت أيضًا كل فكر يأتيك من الشيطان. وتذكر ما قيل على لسانك في المعمودية "أجحدك أيها الشيطان، وكل أفكارك الردية.. وكل جنودك.. وكل بقية نفاقك". أرفض كل فكر لا ينميك روحيا ولا يبنيك، سواء جاءك من الشيطان أو من الناس. وكما تهرب من عثرات الشيطان، أهرب من عثرات الناس. وعثرات الناس منها نوع عام قد يشمل المجتمع كله. ومنها نوع خاص بك أنت بالذات من جهة الأشخاص الذين تختلط بهم، سواء كانت عثرتهم لك ولغيرك، أو لك وحدك. سواء كانوا أعداء أو أصدقاء. فالعثرة قد تأتى من أعز الأقرباء والأحباء. وغالبية الشبان الذين يفسدون، إنما يأتيهم الفساد من أصدقائهم الأعزاء جدا الذين لهم تأثير عليهم. وشمشون أتته العثرة من دليلة، وكانت أحب إنسان إلى قلبه. كما أن آخاب الملك أتته العثرة من زوجته إيزابل. ولا ننسى أن أبانا آدم أتته العثرة من حواء. وما أكثر الأطفال في البيوت الذين تأتيهم من والديهم عن كان البيت غير متدين - فيسمعون في البيت الشتائم وكلام الشجار. ويأخذون عن الوالدين كل الطبائع والعادات الخاطئة. ويعقوب أبو الآباء أتته العثرة من أمه رفقة. هي التي أوعزت إليه أن يتنكر في زى أخيه عيسو، ويخدع أباه إسحق، ويأخذ البركة منه. وهي التي وضعت الخطة كلها ودبرت كل شيء.ولما خاف يعقوب من هذه الخديعة وإمكانية انكشافها قائلا "فأجلب على نفسي لعنة لا بركة "قالت له أمه "لعنتك على يا ابني. اسمع لقولي فقط.." (تك 27: 8-13) وما أسهل أن تأتى العثرة لابنه من أمها. الأم التي تتلف حياة ابنتها بعد زواجها، وتعمل على خراب بيتها، بالتدخل وفرض رأيها عليها وعلى زوجها. السيد المسيح جاءته عثرة من تلميذه بطرس، فوبخه. و المقصود بهذه العثرة نصيحة خاطئة. إذ فيما كان السيد يشرح لتلاميذه إنه ينبغي له أن يذهب إلى أورشليم "ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم".. لم يعجبه بطرس أن معلمه العظيم يسلم نفسه.. "فأخذ بطرس إليه.. وقال له يعجبه بطرس أن معلمه العظيم يسلم نفسه.. "فأخذه بطرس إليه.. وقال له في محبة خاطئة "حاشاك يا رب. لا يكون لك هذا". فالتفت الرب غليه وقال "اذهب عنى يا شيطان. أنت معثرة لي.." (متى 16: 21 - 23) وهكذا رفض المسيح هذه العثرة من تلميذه وصديقه.. ينبغي أن ترفض العثرات التي تأتيك من أحبائك. حتى لو كانت تلك العثرة من أقرب أقربائك. فقد قال السيد المسيح".. أعداء الإنسان أهل بيته. من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقني. ومن أحب ابنًا أو ابنة أكثر منى، فلا يستحقني" (متى 10: 36، 37). وإن الحب هو أولا لله، ومن محبته تنبع كل محبة. والطاعة هي أولًا لله، ومن طاعته تنبع كل طاعة. حتى طاعة الآباء قال عنها الكتاب "أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب فإن هذا حق" (أف 6: 1). هي إذن طاعة لازمة، ولكن "في الرب". ولذلك يوناثان لم يطع والده شاول في اضطهاده لداود. بل وبخه على ذلك بقوله "لماذا تخطئ إلى دم برئ بقتل داود بلا سبب" (1صم 19: 5). كان سليمان الملك مع احترامه الشديد لوالدته بثشبع، لم يطعها في وساطتها لأدونيا أخيه" (1مل 2: 19 - 23). ومن حدود الطاعة، أنه لا تكون فيها عثرة. من عشرتك مع الناس، ومن خبراتك في الحياة، أصبحت تدرك تماما من أين تأتيك العثرة وبسبب من، فاستفد من هذه الخبرة في أن تحيط نفسك بجو نقى على قدر إمكانك. والذين لا تستطيع أن تبعد عنهم جسديا، ابعد عنهم من جهة الفكر ومنهج الحياة. وكما قال الكتاب "لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة، بل بالحرى بكتوها" (أف 5 ك 11). فإن لم تستطع أن تبكتها، فعلى الأقل لا تسر في تيارها، ولا تخضع للعثرة. واحرص أنت نفسك ألا تكون عثرة لغيرك. حتى لا تقع في مسئولية أمام ضميرك وأمام الله، وربما أمام الناس، إنك تسببت في سقوطه أحد.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 80 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مسئولية العثرة شاب أعثر من فتاة، ووقع في الشهوة. فما مسئوليتها. الإجابة هي: إن كانت هذه الفتاة في كامل أدبها، وهي جميلة بطبيعتها، وجمالها كان السبب في عثرة هذا الشاب، فلا لوم عليها إطلاقا، ولا مسئولية عليها في العثرة. فهناك قديسات، بسبب جمالهن، أعثر البعض. ولعله من ابرز الأمثلة على ذلك، القديسة يوستينه التي كانت جميلة جدا. وقد وقع إنسان في محبتها، ولم يستطع أن يستحوذ عليها، فاستخدم السحر في الوصول إلى ذلك. وكان مجرد ذكر اسمها يطرد الشياطين المستخدمة في السحر، حتى آمن الساحر كبريانوس بسبب ذلك، وصار من قديسي الكنيسة.. أنستطيع أن نقول إن القديسة يوستينة عليها مسئولية في العثرة؟! كلا بلا شك، وإنما هنا: المسئولية كاملة على من اشتهاها. والعثرة بسبب شهوته. وبنفس الوضع يمكننا أن نتكلم عن القديسة سارة زوجة أبينا إبراهيم. كانت جميلة جدًا. وكان جمالها يجذب الملوك، حتى أخذها فرعون إلى قصره مرة (تك 12: 14، 15). وأخذها أبيمالك ملك جرار مرة أخرى (تك 20: 2). ولم يكن لها ذنب في المرتين كلتيهما. لا ذنب لها طبعا في إنها جميلة. إنما الذنب كله على من يشتهى.. ![]() إذن متى تكون المرأة مسئولة في العثرة؟ تكون كذلك إن قصدت أن تغرى الرجل وتجتذبه إليها بطريقة فيها لون من الإثارة. أو إن سقط الرجل بسبب سلوكها، أو سبب حديثها أو بسبب إغرائها. أو إن كانت في زينتها أو في ملابسها سبب عثرة فعلا بالنسبة إلى الإنسان العادي. وكذلك تكون الفتاة مسئولة إن عملت على إغراء الشاب، إما بملء قلبه بشهوات تجعله يرتكب الخطية بالحواس أو العمل. أو أن تعثره بطريقة تشغل فكره فيهمل مسئولياته ويضيع روحياته. أما إن كان كل السبب في عثرة الفتاة هو جمالها الطبيعي، فلا ذنب عليها. نقول هذا حتى لا تتشكك بعض الفتيات الطاهرات، ويقعن في الوسوسة وفي عقدة الذنب بسبب جمالهن. وما يقال على المرأة في ذلك، يمكن أن يقال على الرجل. وإلا فما ذنب كل هؤلاء؟ ما ذنب يوسف الصديق في أن امرأة فوطيفار وقعت في الشهوة بسببه، لأنه كان جميلا؟ هل نستطيع أن نقول إنه أعثرها؟! أو أن ضميره يتعبه إذ وقعت في الشهوة بسببه؟ كلا، بلا شك. وبنفس المنطق، ما ذنب الملاكين اللذين وقع أهل سدوم في شهوة الجسد بسببهما، وهما كملاكين ما كان لهما جسد، بالإضافة إلى أن لهما طهر الملائكة..! إنما العثرة هنا، في القلب الفاسد الذي اشتهى. ونفس الكلام يمكن أن يقال عن زكريا الراهب الشباب الصغير الذي حدثت عثرة بسبب جمال صورته. وقد رويت قصته في بستان الرهبان. واضطره أن ينزل إلى بحيرة الملح ويشوه جسمه وشكله، ليبعد العثرة التي تسببت من أخطاء غيره.. أما الذين يريدون أن يهربوا من مسئولية أخطائهم. وذلك بأن يلصقوها ظلما بغيرهم، قائلين إنه قد أعثرهم على الرغم من براءته، فهؤلاء بنطبق عليهم قول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ما أجمل كلام السيد الرب عن العين البسيطة.. لقد قال "إن كانت عينك بسيطة، فجسدك كله يكون نيرا. وإن كانت عينك شريرة، فجسدك كله يكون مظلما" (متى 5: 22، 23). وكثيرون يعثرون، لأن عيونهم ليست بسيطة.. عيونهم فيها الخطية، لذلك كل شيء يمكن أن يثير الخطية فيهم. فليت كل أحد يدرب نفسه على هذه العين البسيطة. وكما تكلمنا عن مدى مسئولية الفتاة في إعثار الشاب، نقول: هناك مسئولية أيضًا على الشاب في إعثار الفتاة. فقد يعثرها الشاب بكثرة المديح والكلام المعسول، وبالود الذي الذي يظهره لها في تلطف زائد غير عادى أو يعثرها بكثرة إلحاحه عليها، ومطارتها بشدة حتى تضعف وتحرج وتستجيب له. كما يعثرها بالوعود التي يعطيها لها، والتي يؤكدها مرارًا فتصدقه.. وهكذا يعلقها ويتعبها.. ولكنها إن أعثرت من مجرد شخصيته، فلا ذنب له في ذلك. أما أنت فابعد عن المعثرات من كلا النوعين: أ- أبعد عن العثرة المثيرة فعلا، التي يوجد فيها نوع من الإغواء أو الإغراء، و التي على صاحبها مسئولية في إسقاط الآخرين. وحاول على قدر إمكانك أن تكون عينك بسيطة. ب- وابعد أيضًا حتى عن المجالات البريئة بطبيعتها، ولكنها تسبب لك عثرة بسبب ضعفك أنت.وقل لنفسك في اتضاع: أنا لا أريد هنا أن أبحث عن المسئولية أين أضعها، هل هي بسبب غيري أم بسبي.. وإنما: سأبعد حتى لا أسقط، ولو بسبب ضعفي.. حتى لو كان غيري بريئًا تمام البراءة، كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب! أو كبراءة ابن يعقوب من خطية امرأة فوطيفار.. ونفس الكلام نقوله عن باقي أنواع العثرات. ونقصد العثرات الأخرى، خارج نطاق الأمور الجنسية. كأن يفهمك إنسان بطريقة خاطئة، بينما يكون كلامك واضحا جدا، ولا يعنى إطلاقا ما قد فهمه..! أو أن يقول لك أحدهم "أنت تقصدني بهذا الكلام"، بينما تكون بريئًا جدًا، ولا تقصده، وإنما هو ظنونه وشكوكه وشعوره الداخلى بالخطأ.. ونقول إنه في كل ذلك: ليست العثرة من المتكلم، إنما هي مسئولية الفهم الخاطئ. ومع ذلك عليك من أجل المحبة، أن توضح قصدك السليم، وتشرح ما التبس على غيرك فهمه. وأن تحترس في كلامك حتى لا يفهم خطأ. ومع ذلك ابعد عن العثرات. وكن حريصًا جدا في الكلام وفي التصرف، وخصوصا حيثما يوجد بعض الموسوسين الذين يفهمون الكلام بطريقتهم الخاصة.. هناك نوع من الناس، يقول الواحد منهم باستمرار: أنا تعقدت من تصرفات الناس! أنا تعقدت من كلامهم! ويقصد أنه قد أعثر منهم ومن كلامهم.. وسواء كان هذا الكلام صحيحا أو مبالغا فيه. سواء كانت هناك عقد داخلية، أو التعقيد في تصرفات الناس. فالسيد المسيح قد قال لنا "لابد أن تأتى العثرات" (متى 18: 7). ذلك لأننا لا نعيش في عالم مثالي، وإنما في عالم مملوء بالعثرات. فيه الحنطة، وفيه أيضًا الزوان. وسيبقى الزوان مع الحنطة إلى يوم الحصاد (متى 13: 30). فما هو موقفنا إذن؟ الموقف السليم هو أن: لا نبحث على من تقع مسئولية العثرة، إنما نبحث عن الخلاص منها. والخلاص منها، هو في الهروب من العثرات، وليس في فحص المسئولية فيها. في أسهل أن يوقعنا هذا الفحص في أخطاء أخرى ولكن لا يجوز أن نقول إننا تعقدنا من عثرات الناس. فلا يصح أن تفقدنا العثرات نقاوتنا الداخلية. ولا يصح أن تفقدنا العثرات سلامنا القلبي. نحن لسنا في السماء، ولكننا على الأرض. والأرض لابد توجد فيها أخطاء. والمهم هو أننا ننجو من هذه الأخطاء. وننجو منها بالتذمر والشكوى. ولا ننجو منها إن كنا نتعقد منها. إنما ننجو من العثرات، بنقاوة القلب، وبعدم الاستجابة لها. وفي نفس الوقت لا نعثر أحدًا. وإن كنا أقوياء من الداخل، لا تضرنا العثرات بشيء. بل نكون كالبيت المبنى على الصخر، الذي صادمته الأمطار والعواصف، فلم تؤذه بشيء (متى 7: 25) إن المسئولية ليست كاملة في كل الحالات على الذي تاتى منه العثرة. فهناك التجارب من الطرف الآخر، ولولاه ما تمت السقطة. قد يقول الكحول (السبرتو) إن عود الكبريت أعثرني فاحترقت. ولكنى أقول: لولا أن السبرتو مادة قابلة للاشتعال، ما كان يعثره عود الكبريت. هوذا عود الكبريت قائم كما هو، وكوب الماء لا يعثر منه، بل إنه إذا اقترب من كوب الماء ينطفئ. و على كل، سواء كنت ماءًا أو كحولا، فالهروب بالنسبة إليك أضمن. الهروب على الأقل فيه اتضاع يخلص كثيرين. فقد أبصر القديس الأنبا أنطونيوس فخاخ الشيطان منصوبة، فصرخ "يا رب، من يفلت منها؟ "فأتاه الصوت "المتضعون يفلتون منها". العثرة الخطوة أولى. إن وقعت فيها، فلا تكمل باقي الخطوات. ووجود العثرة ليس عذرًا لك، ولا تبريرا لأخطائك. لأن الله وضع فيك روحه القدوس، ومنحك قوة للمقاومة. فإن استجبت للعثرة، تكون قد خسرت هذه القوة الإلهية ولم تستخدمها. إن الانتصار ممكن أمامك. تذكر يوسف الصديق الذي كان أقوى من العثرة وانتصر، على الرغم من شدة الحرب التي تعرض لها. العثرة مجرد عرض. فإن لم يصادف قبولا، انتهى أمره. |
||||
![]() |
![]() |
|