![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 51 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تاريخ الاعتذارات قديم خطية المبررات قديمة بقدم البشرية، منذ أبوينا آدم وحواء.. حاول آدم أن يبرر خطيته بأن المرأة أعطته. وحاولت حواء أن تبرر خطيتها بأن الحية أغرتها. ولكن الله ما قبل عذرا من آدم ولا من حواء. ولا حتى وجد هذه الأعذار تستحق الرد أو المناقشة. بل على العكس عاقب آدم على الذر الذي قدمه، وقال له في مقدمة عقوبته "لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة.." (تك 3: 7). وللأسف. توارثنا نحن خطية التبرير هذه من آدم وحواء عبر الأجيال.. بل أن قديسا عظيما مثل إبراهيم أبى الآباء، وقع في هذه الخطية عينها، لما قال عن سارة إنها أخته (تك 20: 2: 11). وبسبب هذا أخذها أبيمالك ملك جرار على بيته. وكان من الممكن أن يقترب إليها، لولا أن الرب منعه في حلم وأنذره بالموت بسبب ذلك.. فلما عاتب أبيمالك أبانا إبراهيم قائلا له "بماذا أخطأت إليك، حتى جلبت على وعلى مملكتي خطية عظيمة؟! أعمالا لا تعمل عملت بي!".. أجاب أبونا إبراهيم بمحاولة يبرر فيها مسلكه، وقال "إني قلت ليس في هذا المكان خوف الله البتة، فيقتلوني لأجل امرأتي" (تك 10: 11). وما أسهل الرد على هذا التبرير، الذي ألقى فيه المسئولية على غيره.. ![]() لأنه يمكننا أن يقول: ولماذا أتيت يا أبانا إلى هذا المكان الذي لا يوجد فيه خوف الله؟ ولماذا أقمت فيه ولم تتركه مادام هو هكذا؟ وهل دخلت هذا المكان بإرشاد من الله الذي قال لك من بدء دعوتك "اذهب.. إلى الأرض التي أريك" (تك 12: 1). وهل يجوز يا أبانا أن تضحى بامرأتك من أجل سلامتك، وتعرضها بهذا الخطر اقتراب رجل غريب إليها، وتعرض هذا الغريب لغضب الله؟! ولماذا تلجأ إلى هذه الطرق لحمايتك، دون اللجوء على معونة الله؟! ويبدو أن أبانا إبراهيم لما وجد التبرير، استمر وجعله سياسة ثابتة! وهكذا قال لزوجته في صراحة تامة "هذا هو معروفك الذي تصنعينه إلى: في كل مكان نأتي إليه، قولي عنى هو أخي" (تك 20: 13). وبهذا كان ممكنا في كل مكان يحلان فيه أن تتكرر نفس المشكلة، لأن إبراهيم وجد تبريرًا لذلك (تك 20: 12)، ولم يقل: هي زوجتي! يندر أن يقول إنسان "أنا أخطأت "مادام أسلوب التبرير ممكنا. وقد تكون الخطية واضحة جدًا، لا تقبل النقاش، ومع ذلك لا مانع من أن تقدم عنها تبريرات وأعذرًا مثال ذلك صاحب الوزنة الواحدة الذي أخذها ودفنها في حفرة في الأرض، دون أن يتاجر بها ويربح كزميليه.. هذا أيضًا لما حاسبه سيده لم يخجل من أن يقدم تبريرا وعذرا، ولكنه حسبما يقول المثل "عذرًا أقبح من ذنب".. فقال "يا سيد، عرفت أنك إنسان قاس، تحصد من حيث لم تزرع، وتجمع من حيث لم تبذر، فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الأرض" (مت 25: 24، 25). وطبعا لم يقبل الرب هذا العذر منه، وأمر بطرحه في الظلمة الخارجية. مخالفة يونان النبي للرب، وكانت مخالفة واضحة، وأيضًا كان لها تبرير! هرب يونان من الرب، ورفض أن يذهب إلى نينوى حسب أمر الرب، بل ذهب بسفينة على ترشيش. ولما أرجعة الرب، وكرز لأهل نينوى وتابوا "رغم ذلك يونان غما شديدًا فاغتاظ "ومع ذلك قدم تبريرا لموقفة، ليثبت أنه على حق، فقال "آه يا رب، أليس هذا كلامي إذ كنت بعد في أرضى. لذلك بادرت بالهرب إلى ترشيش، لأني علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطئ الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر. فالآن يا رب خذ نفسي منى، لأن موتى خير من حياتي" (يون 4: 1-3).هذا هو العذر الذي قدمه النبي ليبرر به مخالفته للرب، وحزنه على خلاص 120 ألف نسمة!! من يقبل هذا الكلام؟! خطية واضحة أخرى، وهي أن شاول الملك أصعد محرقة للرب، وهو ليس كاهنا.. ومع وضوح الخطية قدم لها تبريرات.. فلما وبخه صموئيل النبي على ذلك، لم يقل "أخطأت"، ولم يقدم ندما وتوبة، إنما قدم أعذارًا وتبريرات..! فقال للنبي "لأني قد رأيت أن الشعب تفرق عنى، وأنت لم تأت، والفلسطينيون متجمعون في مخماس.. فتجلد ت وأصعدت المحرقة" (1صم 13: 11، 12) وطبعا لم يقل النبي منه هذه الأعذار. واسمعه عقوبة الله له، بأن مملكته تقوم، وأن الرب أختار رئيسا آخر للشعب بدلا منه.. وإيليا النبي الجبار، وجد له عذرًا، لما خاف من إيزابل وهرب! وصله تهديدها (1صم 19: 2) فخاف وهرب! ولما سأله الله عن هروبه بقوله "مالك ههنا يا إيليا؟" وجد تبريرًا.. فقال مرتين "قتلوا أنبياءك بالسيف، وبقيت أنا وحدي. وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" (1مل 19: 10 - 14). وفي هذا التبرير، نسى كل أعمال الله العجيبة معه، وكيف قواه على مقابلة آخاب الملك وتوبيخه (1مل 18: 18)، كما قواه على قتل 450 نبيًا من أنبياء البعل (1مل 18: 22، 40). فلم يكن هناك داع للخوف والهروب مادامت يد الله معه.. ولم يقبل الله طبعا هذا العذر من إيليا. وأمره بعدة مهام، منها أن يذهب ويمسح إليشع بن شافاط نبيًا عِوضًا عنه" (1مل 19: 16). أما عبارة "بقيت أنا وحدي "فرد الرب عليها بأنه أستبقى 7000 ركبة لم تجث للبعل (1مل 19: 18) حقا، ما أكثر التبريرات، وكلها غير مقبولة. فما الهدف منها؟ يريد الإنسان بهذه التبريرات، أن يكون بلا لوم أمام الناس، وربما أمام نفسه أيضًا، لكي يريح ضميره إذا احتج عليه.. ولكن حتى لو قبل الناس هذه الأعذار، وحتى لو أستطاع الإنسان آن يخدع نفسه ويخدر ضميره ليقبل هذه التبريرات، أترى الله يقبلها؟! الله العالم بكل شيء، والذي رفض كل هذه الأمثلة التي أوردناها، الله الذي أمامه "يستد كل فم" (رو 3: 19).. إن التبريرات لا تصلح مع الله، إنما يصلح الخضوع والاعتراف بالخطية.. وهناك تبريرات أخرى تبدو كلون من تدليل النفس.. مثال ذلك عذراء النشيد التي قرع الرب على بابها.. وظل طول الليل هكذا، حتى امتلأ رأسه من البطل، وقصصه من ندى الليل، وهو يناديها بأرق الألفاظ.. ومع ذلك اعتذرت عن أن تفتح له بقولها "قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه؟ قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما" (نش 5: 2، 3). أترى قبل الرب منها هذا العذر؟! كلا، بل تحول وعبر، وجعلها تقاسى مرارة التخلي بقولها "طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني".. ومن أمثلة التبريرات غير المقبولة، الاعتذارات عن الخدمة.. موسى، الذي اعتذر عن الخدمة بقوله للرب "لست أنا صاحب كلام، منذ أمس ولا أول من أمس.. بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر 4: 10). ولم يقبل الرب هذا العذر من موسى. وعالج له موضوع ثقل اللسان. وأميا أيضًا اعتذر عن الخدمة بقوله "لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" (أر 1: 6). ولم يقبل الرب منه هذا الاعتذار، بل وبخه قائلا "لا تقل إني ولد، لأني إلى كل من أرسلك إليه تذهب، وتتكلم بكل ما آمرك به. لا تخف.. لأني معك، أنقذك" (أر 1: 7، 8). وهكذا لم يقبل الرب أيضًا اعتذار من قال له "ائذن لي أن أمضى أولا وأدفن أبى "بل قال له "اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم" (مت 8: 21، 22) ولكن ما أعجب الراعي الصغير، الذي يهجم السد على غنمه.. فلا يعتذر عن حمايتها بضعفه أمام عنف الأسد.. يشبه شيئًا من هذا ما فعله داود الصغير (1صم 17). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 52 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تبريرات وأعذار واهية، نرد عليها بأمثلة القديسين الذين رفضوا التبريرات ![]() متى يتخلص المخطئ من تبريره لعمله، كما تخلص داود النبي، الذي لما عد الشعب، لم يحاول أن يقدم لذلك تبريرا، بل ضربه قلبه وقال للرب "لقد أخطأت جدًا فيما فعلت. فالآن يا رب أزل إثم عبدك، لأني انحمقت جدًا" (2صم 24: 10). هكذا يتكلم الإنسان المتواضع التائب المعترف بخطيئته أمام الله.. أما غير المتواضع وغير التائب، فإنه يحاول أن يجد تبريرا عند ارتكاب الخطية، وبعد ارتكابها أيضًا، وفي الحديث عنها بصفة عامة.. ويؤسفني أن أقول أن توالى الأعذار والتبريرات عند مثل هذا الشخص تجعل المبادئ والقيم عنده تهتز.. ومادام كل خطأ له ما يغطيه، إذن فلا توجد مثل يسير على منهاجها، أو روحيات يتمسك بها.. وسنحاول هنا أن نذكر بعض الأعذار العامة التي يعتذر بها البعض، إذا لم يسلكوا حسنا في حياتهم.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 53 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كل الناس هكذا 1- يقولون كل الناس هكذا (الكل كده). هل نشذ عن المجتمع ؟! وكأنهم بهذا يعتبرون أن الخطأ إذا صار عاما، لم يعد خطأ يلام عليه الفرد! كأن نقائص المجتمع كله لم تعد نقائص، أو صار الخطأ العام مبررا لخطأ الفرد !! كلا، فالخطأ هو خطأ، عاما كان أو خاصا. ومن اجل ذلك يقوم المصلحون الاجتماعيون بإصلاح أخطاء المجتمع. وكذلك يهاجمها الرعاة والكهنة والكتاب وأصحاب المبادئ. ثم لننظر إلى الكتاب المقدس. ونرى مدى الحكم على هذا العذر.. نوح أب الآباء، كان يعيش ببره في عصر كله فاسد.. وبلغ من فساد الناس في تلك الأيام، أن الله أغرق العالم كله بالطوفان، إذ رأى "أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم.." (تك 6: 5). "فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض.." (تك 7: 23). ![]() أكان هذا الفساد العام عذرا لنوح أن يسلك مثلهم هو أسرته، ويقول "كل الناس هكذا، هل نشذ عن المجتمع؟ "أم هو سلك بكماله أمام الله والناس. وكان لابد أن يشذ عن هذا المجتمع الفاسد.. وإن كانت عبارة "نشذ عن المجتمع "تتعبكم، فلنقل بتعبير أفضل "نتميز عن المجتمع". وهذا التمايز قال عنه الكتاب: "لا تشاكلوا هذا الدهر" (رو 12: 2). أي لا تصيروا شكله.. ونفس هذا الكلام نقوله أيضًا عن لوط في سدوم.. كانت المدينة كلها فاسدة، مما أدى إلى أن يحرقها الرب بالنار (تك 19). ولم يوجد فيها عشرة فقط من الأبرار، حتى لا يهلك الله هذه المدينة من أجل العشرة (تك 18: 32). فهل كان هذا عذرا يسمح للوط أن يسلك مثلهم، حتى لا (يشذ) عن المجتمع..! وهل في ذلك يتبع المثل القائل "إن كنت في بلد بعيد فيه العجل، حش وارمي له"..! كلا، بل يحتفظ الأبرار بمبادئهم السامية، مهما كان الخطأ عاما. وعلى العكس يمكن أن يقال: إن كان الخطأ منتشرا ن فهذا يحتاج إلى حرص أكثر.. سدوم خلص منها ثلاثة فقط: لوط وابنتاه. وهلك الجميع.. مثال آخر، هو يوسف الصديق في أرض مصر.. لعله كان الوحيد في أرض مصر، الذي يعبد الله ن بينما كان الكل يعبدون الديانات المصرية القديمة: رع وآمون وإيزيس وأوزوريس وبتاح وحتحور.. إلخ ولم يسمح يوسف لنفسه أن يجارى المجتمع. وهكذا كان دانيال أيضًا والثلاثة فتية في أرض السبي.. حتى في طعامهم كانوا مميزين، مع أنهم كانوا أسرى حرب، مستعبدين وتحت قوانين ملزمه. وما أجمل قول الكتاب في ذلك: "وأما دانيال فجعل في قلبه ألا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه" (دا 1: 8). هكذا أنت، عش بروحياتك السليمة، حتى لو عشت بها وحدك. إن لم تستطع أن تؤثر المجتمع بروحياتك، فعلى الأقل لا تندمج فيه وتخضع له. ولا تجعل الأخطاء العامة تؤثر عليك. المفروض في أولاد الله أنهم يطيعون ضمائرهم، ولا ينجرفون مع التيار، معتذرين بان الجو العام هكذا.إن القلب الضعيف هو الذي يسقط ويحتمي وراء الأعذار. وكذلك محبو الخطية، والذين يعرجون بين الفرقتين (1مل 18: 21). أما القلب الذي يحب الله فهو قوى. مهما وجد من صعوبات في طريق التوبة، يحاول أن ينتصر عليها. لماذا إذن تأخذ موقفا ضعيفا أمام الذين يعيرونك بتدينك؟ أولئك الذين يسخرون بالأسلوب الروحي، محاولين بسخريتهم أن يضعفوا معنوياتك، ويجذبوك إلى طرقهم، ويفقدوك ثمار توبتك!! فإن كنت تائبا حقا، لا تجعلهم سبب نكسة لك. فإما أن يكون قويا في إقناعك، وتثبت لهم سمو حياة الروح. وإما أن تصمت وتظل ثابتا طريقك الروحي، دون أن ترتد. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 54 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الانتصار على العوائق 2- البعض يعتذر بالعوائق. بينما يليق بالأقوياء أن ينتصروا على العوائق. وسنقدم اللص اليمين كمثال رائع، ورفض العوائق كمبرر.. ما أكثر العوائق التي كانت تقف أمام إيمان هذا اللص.. حتى أنه لو كان لم يؤمن -كزميله- لكان له عذره بل أعذاره.. بمن يؤمن؟ إنه لم ير المسيح في قوته وتجليه ومعجزاته. والذين رأوا الكثير من معجزات المسيح الباهرة ضعفوا في ذلك الحين، وواحد من ابرز تلاميذ أنكر.. وفي أذني اللص كانت تدوي أصوات الجماهير "أصلبه. أصلبه". فهل يؤمن اللص بشخص يراه مصلوبا أمامه، في ضعف، والدم ينزف منه وألفاظ الاستهزاء والتعيير والتحدي تحيط به من كل جانب ن وهو صامت.. والكهنة ورؤساء الكهنة ضده، وشيوخ الشعب ضده، والقادة ومعلمو الشريعة ضده، والحكام ضده، وحتى اللص الآخر المصلوب إلى جواره يسخر به أيضًا.. الذين حملوا المفلوج هم مثال آخر على تخطى العوائق (مر 2: 1-11). ![]() ما كان أسهل على هؤلاء أن يعتذروا للمفلوج بأنهم لا يستطيعون مساعدته وتوصيله إلى المسيح. فالبيت الذي يوجد فيه مملوء بالشعب، والزحام شديد جدا، والطرق كلها مسدودة، ولا يوجد أي منفذ أو أي مدخل، ولا توجد أية طريقة للوصول إلى المسيح. أما هم، فلم يعترفوا بكل تلك العوائق، لأن محبة الخير التي فيهم كانت أقوى من العوائق. فحملوا المفلوج على محفة، وثقبوا سقف البيت، وأنزلوا مريضهم إلى الرب ليشفيه. ما أعظم هذه النية الخيرة، وهذه الإرادة القوية، وعلى رأى المثل "حيثما توجد إرادة، وتجد وسيلة" أيضًا: القلب القوى يجد مائة وسيلة للشيء الذي يريد أن يفعله.. وأيضًا قال الآباء "إن الفضيلة تريدها لا غير".. يكفى أن تريد، وحينئذ تجد النعمة تفتح أمامك أبوابا كانت مغلقة، وروح الله القدوس يقويك، وأرواح الملائكة والقديسين تحيط بك لا تعتذر إذن بالعوائق، إنما فكر جيدا كيف تنتصر عليها.. زكا العشار أيضًا، كانت أمامه عوائق في الوصول إلى المسيح.. بل حتى مجرد رؤية المسيح كانت غير ممكنة بالنسبة إليه: الزحام شديد جدا وكان هو قصير القامة. وأيضًا كان رئيسا للعشارين أي إنسانًا مكروهًا من الكل بعيدًا عن الروحيات، يسخرون إن طلب اللقاء بالمسيح. ففكر أن يصعد على جميزة ليراه. وكان أمام هذا عائق آخر هو مركزه الكبير. ولكنه انتصر على هذا كله. لذلك استحق أن يكلمه الرب ويقول له: "ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك" (لو 19: 5) حقا إنه لو كان الدافع الداخلى ضعيفًا في قلب زكا، لوجد تبريرا من العوائق التي أمامه، وما وصل إلى المسيح. فهل أنت دوافعك الداخلية ضعيفة لذلك تعتذر بالعوائق؟! هوذا أمامنا مثل حدث في عصر الاستشهاد: شاب لم تنفع معه كل طريق التعذيب.فأرادوا إسقاطه بإغرائه من جهة عفته، ففشل الإغراء. فربطوه إلى فراش لتأتى امرأة وتخطى معه. فلما رأى هذا الشاب أنه لا حيلة للتخلص، جز على لسانه، حتى سال دمه وبصقه في وجهها، فاشمأزت وتركته، وأنقذ الشاب عفته.. لو كان ضعيفا من الداخل، لوجد تبريرا للسقوط. ولكن قوته الداخلية جعلته ينتصر، ولا يعترف بالعوائق ولا التبريرات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 55 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شدة الضغوط الخارجية | الإغراء الخارجي 3- يعتذر البعض بشدة الضغوط الخارجية، أو شدة الإغراء الخارجي.. عن القلب الثابت في الداخل، لا يمكن أن يخضع للضغوط الخارجية، ولا يسقط بسببها، ولا يتخذها تبريرا لسقوطه.. إنما يبرر موقفه بالضغوط الخارجية، الشخص الذي محبته ثابتة من نحو الله ومن نحو الوصية، أو في قلبه خيانة في الداخل، وليس هو مخلصا لله بالحقيقة، ولا مخلصا لوصاياه..! خذوا يوسف الصديق كمثال رائع في الانتصار على الضغوط الخارجية.. لاشك أن الضغط الخارجي كان شديدًا عليه جدًا.. كان عبدًا مستعبدًا لامرأة. والمرأة هي التي تطلب منه الخطية، وتلح في ذلك، وهو يرفض. وتلح أيضًا. وهو تحت سلطانها، تستطيع أن تسئ على سمعته، وأن ترميه في السجن كما فعلت أخيرًا. ولو كان ضعيفا من الداخل، لوجد ما يبرز سقوطه! ولكنه قال: كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك 39: 9)، واحتمل من أجل بره.. ![]() إن القلب النقي الثابت في بره، لا يعترف بالمبررات، ولا يخضع للإغراء الخارجي. مثال ذلك قصة داود مع شاول الملك.. حاول شاول مرارًا عديدة أن يقتل داود بلا ذنب، وطارده من برية إلى أخرى. وأخيرا وقع في يد داود.. رآه نائما في كهف. وقال رجال داود له "هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هاأنذا أدفع عدوك ليدك، فتفعل به ما يحسن في عينيك" (1صم 24: 4). وكان الإغراء شديدًا، يتخلص به من عدوه، ومن الموت الذي يتهدده، ويتولى الملك بدلا منه. ولكن داود رفض هذا الإغراء وقال "حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي مسيح الرب، فأمد يدي إليه، لأنه مسيح الرب هو". ووبخ داود رجاله (1صم 24: 6، 7). وكانت هناك تبريرات كثيرة:.. من قال إنه مسيح للرب؟ لقد أعلن الرب رفضه له (1صم 16: 1) كذلك كان روح الرب قد فارقه، وبغتة روح رديء من قبل الرب" (1صم 16: 14). وكان داود يعرف هذا، لأنه هو الذي كان يضرب له على العود، فيرتاح ويذهب عنه الروح الرديء (1صم 16: 23). هذا إذن إنسان خاطئ ومرفوض. فإن تخلصت منه تكون قد خلصت الشعب من شره.. كلا، إنه مسيح الرب هو.. وأنت يا داود، أنت هو مسيح الرب الحقيقي. مسحك صموئيل النبي ملكًا وحل عليك روح الرب (1صم 16: 12، 13). فأصبحت أنت البديل الرسمي لذلك الشرير. ولو أخذت الملك ن لا تكون قد اغتصبته فهو حقك. والشعب كله سيفرح بك. كما أن الله هو الذي دفعه إلى يدك.. وتذكر أن هناك حربا بينك وبينه، وهو يريد قتلك. فإن قتلته تكون طبيعة الحرب... ولكن داود لم يقبل شيئًا من هذه التبريرات جميعها. وقال "كيف أمد يدي إلى مسيح الرب؟!" ليكن خاطئا وشريرًا، وليكن مرفوضًا، وليكن عدوا لي، ليكن ما يكون ولكنه مسيح الرب هو، لا أمد يدي إليه. إنها صورة مثالية للقلب النقي الذي يرفض التبريرات، والإغراءات |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 56 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أنا ضعيف | الوصية صعبة ![]() 4-يعتذر البعض فيقول أنا ضعيف، والوصية صعبة.. قد تقول إنك ضعيف، إن لم تضع معونة الله في اعتبارك. فأنت لست وحدك قد تكون ضعيفًا، ومع ذلك تقول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقودني" (في4: 3). طالما صلاتك موجودة فأنت لست ضعيفًا لأن قوة الله ستعمل فيك تنصرك ضد كل خطية، وتقيمك من كل سقطة.. لو كان داود نظر إلى نفسه كضعيف، ما حارب جليات.. هذا الشعور بالضعف، كان مبررًا لكل رجال الجيش أن يبقوا في أماكنهم يقوموا لمحاربة جليات. أما داود، فلم يكن يسمح للمبررات أن تحميه من وصية الله وعمل الروح. كانت هناك مبررات أمام داود تعفيه من منازلة جليات، لكنه لم يستخدمها: أولًا: هو ليس من رجال الجيش، إنما جاء طعامًا لأخوته، وكان يمكن أ، يقتصر على هذه المهمة ويمضي، طالبًا لهم صالح الدعوات.. ثانيًا: كان جليات رجلًا مخيفًا في جسمه الهائل وأسلحته الجبارة. ولا يلوم أحد صبيًا صغيرًا مثل داود إن امتنع عن محاربته. ثالثًا: إن أحدًا لم يطلب منه هذا الأمر أو حتى يفكر فيه! رابعًا: كان كل قادة الجيش خائفين من الرجل، حتى الملك شاول نفسه لم يتقدم لمحاربته.. فما كان أسهل على داود أن يعتمد على هذه المبررات، ويقول "ما شأني بهذا الأمر. ولماذا أحشر نفسي في مسئوليات غيري؟! ويمضي. ولكن غيره داود دفعته أن يتقدم لمقاتلة جليات ويخلص الشعب منه. الأعذار موجودة، ولكن رفض استخدامها والاحتماء بها.. وصعوبة العمل يشهد بها الكل، ولكنه انتصر عليها بالإيمان. لقد عاقب الرب الذين أضعفوا معنويات الشعب بالحديث عن المصاعب. أولئك الذين رأوا الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا، ولكنهم قالوا "غير أن الشعب معتز، والمدن حصينة.. لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشد منا.. وقد رأينا هناك الجبابرة بنى عناق.. فكنا في أعيننا كالجراد، وهكذا كنا في أعينهم" (عد13: 27-33). وبهذا الحديث الذي يحطم الروح المعنوية "رفعت كل الجماعة صوتها وصرخت. وبكى الشعب تلك الليلة وتذمر" (عد14: 1). ورفض الرب أولئك الذين صعبوا الأمر وشرحوا استحالة تنفيذه. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 57 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الله لا يأمرنا بتنفيذ المستحيل لذلك لا تقل عن وصية الرب إنها صعبة. لأنها لو كانت صعبة ما أمر الرب بها. كيف يأمر بما لا يمكن تنفيذه؟! ![]() إن الله لا يمكن أن يأمرنا بالمستحيل. إنه يعطي الوصية -مهما كانت تبدو صعبة- وفي نفس الوقت يعطي القدرة على تنفيذها. يعطي القدرة على تنفيذها. يعطي الوصية، ويعطي معها النعمة. والروح القدس يعمل داخل القلب لكي يؤهله للعمل، بل ويشترك في العمل معه.. وإلا ما كان أحد يقدر أن ينتصر على إبليس الذي هو مثل أسد يزار يجول ملتمسًا من يبتلعه هو (1بط5: 8). إن إبراهيم أبا الآباء لم يمتنع عن تنفيذ وصية صعبة جدًا.. قال له الرب "خذ ابنك، وحيدك، الذي تحبه، إسحق.. وأصعده محرقة.." (تك22: 2). ولم يعتذر أبونا إبراهيم بصعوبة الوصية، وبأنها فوق مستوي الطبيعة، وبأن هذا ابن المواعيد، وإن شيخوخته، وماذا يقول لأمه.. بل بكر صباحًا، وذهب لينفذ وصية الله.. الله الذي أعطي إبراهيم القوة على التنفيذ، هو أيضًا قادر أن يعطيك قوة الذي جعل أرميا الصغير مدينة حصينة وأسوار نحاس على كل الأرض (أر1: 8) هو قادر أن يقويك مثله.. في طريق التوبة، لا تخف من خطية، ولا من عادة أو طبع، ولا من شيطان، بل قل "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني".. ولا تجعل هذا الخوف مبررًا لك في ترك العمل الروحي.. أبونا إبراهيم طلب الله منه ابنه الوحيد ليذبحه، فلم يبخل به عليه، ولم يقل الوصية صعبه. ولم يحاول أن يوجد مبررات ليمتنع. وأنت، ما هو الشيء الصعب الذي يطلبه الرب منك ولا تستطيعه؟! هل هو يطلب منك أن تذبح ابنك الوحيد، أم المطلوب منك بسيط جدًا؟! طوباهم أولئك الجبابرة الذين انتصروا على قلوبهم من الداخل، يعتذروا بصعوبة الوصية كما نفعل نحن في تبرير أنفسنا.. حقًا إن ملكوت السموات يحتاج إلى قلوب كالصخر، لا تلين أمام العوائق، ولا تضعف أمام الصعاب. وتنفيذ وصية الكتاب في قوله "تشدد، وكن رجلًا" (1مل2: 2). هنا تظهر الرجولة الحقة، في حياة النقاوة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 58 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الذين لا يريدون ينتحلون المبررات عند البعض، مادام العذر موجودا ويمكنهم تقديمه، حينئذ تصير الخطية سهلة والتقصير سهلًا. دون مراعاة لمشاعر الرب الذي يتحولون عن محبته، ودون أمانة للوصية أو التزام بها. وأثناء الاعتذار، يخادع الإنسان نفسه، ويكون ضمير مخلخلا غير ثابت. وباب الاعتذار واسع، قد يدخل فيه الصدق والكذب.. أي قد تكون الأعذار غير حقيقية، أو من السهل الانتصار عليها، وليست عائقا حقيقا له قوة المنع التي تغلب الإرادة. وقد تكون الأعذار فرصة للتهاون أو المحبة الخطية. أو قد تكون ستارا للكبرياء التي ترفض الاعتراف بالخطأ. وقد تكون سببا ثانويا وليست هي السبب الحقيقي. وعلى العموم فالتبريرات والأعذار دليل على عدم التوبة.. العجيب أن الإنسان غير التائب، على الرغم من أخطائه، نفسه جميلة في عينيه ن يناقش من أجلها ويجادل..! ![]() كل شيء يعمله، له في نظره أسبابه وحكمته. وكل خطية لها تبريرها. وكل تقصير في أعمال الفضيلة، له أيضًا تبرير. ولا يوجد خطأ في أي تصرف يتصرفه..! يتكلم كما لو كان معصوما لا يخطئ.. يدافع ويبرر. من الصعب أن تخرج من فمه كلمة "أخطأت"..! وإن شددت عليه الخناق، فأقصى ما يقوله هو "آه.. هذا العمل، من الجائز أن البعض يفهمونه على غير المقصود منه..! ولكنى أقصد.. "وتتوالى سلسة أخرى من التبريرات.. كأنه إله.. لا يخطئ!! "الم أقل إنك آلهة" (مز82: 7). هؤلاء (الآلهة) الذين لا يخطئون، لا يمكن أن يتوبوا! عن أي شيء يتوبون؟ حقا لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب.. هؤلاء لا يحتاجون إلى المسيح الغافر والمخلص! فأي شيء تراد سيغفر لهم أو يخلصهم منه؟! حتى الذين يقصرون في كل الواجبات الروحية من صلاة وصوم وحضور الكنيسة والتناول.. يجدون أيضًا مبررات لتقصيرهم، وكأنهم لم يخطئوا. تسأل أحدهم لماذا لا نصلى؟ ولماذا تذهب إلى الكنيسة؟ فلا يقول لك مطلقا "أنا مقصر "أو "أنا مخطئ". إنما يبرر تقصيره بأنه ليس لديه وقت. وإن ناقشته في ذلك يضع أمامك قائمة طويلة من المشغوليات.. فإن سألته "ولماذا لا يكون الرب ضمن مشغولياتك؟ ولماذا لا تحسب الصلاة أمرا هاما تحجز له مكانا في تنظيمك لوقتك؟.. حينئذ بدخلك في تبرير آخر، في محاولة لفلسفة الخطأ، فيقول: المهم في القلب. ومادام قلبي نقيًا، لا حاجة إذن إلى الصلاة! فإن الله هو إله القلوب.. وطبعا الرد واضح. فالقلب النقي لا يغنى عن الصلاة، بل يساعد عليها القلب النقي فيه محبة الله. والذي يحب الله يتكلم معه، ويصلى.. والإنسان الروحي يجمع بين الأمرين: نقاوة القلب، والصلاة. وكما قال الكتاب "افعلوا هذه، ولا تتركوا تلك "نقاوة القلب لازمة للصلاة، فالصلاة التي تخرج من قلب نقى هي المقبولة أمام الله.. كذلك يبدو أن الذي يرد بهذه العبارة لا يفهم معنى عبارة نقاوة القلب). فإن كان القلب نقيا، لا يمكن أن يقول إنه لا حاجة به إلى الصلاة. فالذي لا يحتاج إلى صلاة، ليست له نقاوة القلب. وقد تسأل آخر: لماذا لا تصوم؟ فيقول لك: وهل الذين يصومون كلهم قديسون: فلان يصوم ويفعل كذا.. وفلان يصوم ويفعل كذا..! فإن قلت له: وما شأنك بهؤلاء؟ إن الله سوف يسألك عنهم، وإنما سيسألك عن نفسك حينئذ يرجع إلى نفس التبرير، بفلسفة الموضوع ويقول: الحياة مع الله ليست بالأكل والشرب.والمهم في نقاوة القلب!! كما لو كان الصوم لا يساعد على نقاوة القلب!! وعبثا تحدث مثل هذا عن روحانية الصوم وفائدته، وأن من يسلك فيه بطريقة روحية ينمو في حياة الروح، وأن الله أمر بالصوم لفائدته، والأنبياء كانوا يصومون مع نقاوة قلوبهم. والسيد المسيح نفسه صام.. وهنا لا تجد منطقًا، إنما هي تبريرات لمجرد التخلص من المسئولية. وقد يعتذر آخر بعدم وجود مرشدين روحيين ولا قدوات صالحة.. ويبدو أن هذا الاعتذار أيضًا مبالغ فيه. فالذي يحتاج إلى إرشاد لا بد سيجده. وإن لم يجد مرشدين، أمامه الكتب تملأ الدنيا وفيها كل شيء.. وأمامه الصلاة، يطلب من الرب فيرشده. ومعه الضمير، ومعه الكتاب المقدس.. إن القديس الأنبا أنطونيوس، الذي عاش وحده في البرية، ولم يكن هناك راهب قبله ليرشده، لم يعتذر بعدم وجود مرشدين، بل شق الطريق وحده، وبنعمة الله وصل، وأرشد غيره أما القدوات الصالحة فهي كثيرة. على الأقل لا تطلب كل الصفات المثالية من شخص واحد، إنما خذ من كل إنسان فاضل قدوة في نقطة معينة. وهناك أيضًا سير القديسين والأبرار الذين انتقلوا. وخلاصة القول إن الذي يريد أن يصل إلى الله، لن يعدم الوسيلة. ويبقى السؤال الوحيد هو: هل تريد..؟ جميل من السيد المسيح أنه كان يسأل بعض المرضى الذين يأتون إليه طالبين الشفاء، بعبارته الخالدة العميقة: "أتريد أن تبرأ" (يو 5: 26). نعم، إن كنت تريد، فإن الله مستعد أن يعمل معك ويقويك، وهو الذي يغسلك فتبيض أكثر من الثلج، وهو الذي يطهرك من كل خطية، ويطهرك من كل دنس الجسد والروح. ولكن المهم أن تريد. أما إن كنت لا تريد، فلا داعي للتبريرات. كن صريحا مع نفسك. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 59 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لا تؤجل التوبة ولا تضيع الفرصة فرص للتوبة ضيعها البعض: من مراحم الله على الخطاة، أنه يقدم لكل خاطئ فرصا كثيرة لكي يتوب، تزوره فيها النعمة وتعمل في قلبه.. ونتيجة لعمل الله داخله، يجد قلبه قد التهب برغبة مقدسة في التوبة والرجوع إلى الله.. ربما يكون قد تأثر بعظة، أو بكتاب أو باجتماع روحي، أو بقدوة صالحة.. أو أن حادثة موت أو مرض هزته من الداخل، أو مناسبة معينة رأى أنه يجب عليه استغلالها. و الحكيم هو الذي يستغل تلك التأثرات، ولا يدع الفرصة تفلت منه.. مثلما حدث مع الابن الضال، الذي حينما زارته النعمة، وأثرت في قلبه وفكره، قال "أقوم الآن.." وقام وذهب إلى أبيه، وقدم توبة. ![]() أما الجاهل فيجعل الفرصة تعبر دون أن يستفيد منها.. ثم يبحث عنها فلا يجدها.. وفي ذلك، ما أخطر العبارة التي قيلت عن عيسو إنه: "لم يجد للتوبة مكانًا، مع أنه طلبها بدموع" (عب 12: 17). كان قد جاء إلى أبيه متأخرًا، بعد أن تحولت البركة إلى يعقوب، وأصبح هو المختار الذي بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض.. وبكى عيسو "وصرخ صرخة عظيمة ومرة" (تك 27: 34، 38) ولكن بعد فوات الوقت، بعد أن صار البكاء لا يفيد شيئا.. أنظر إلى عذراء النشيد، ماذا حدث لها. وخذ درسا.. كانت نائمة، كأي خاطئ.. ولكن قلبها كان مستيقظا لنداء الرب. وسمعت صوته يناديها "افتحي لي.." ولكنها تباطات، والتمست الأعذار. ثم قامت أخيرا لتفتح، ولكن بعد فوات الفرصة، بعد أن كان حبيبها قد تحول وعبر.. وإذا بها تصرخ وتقول "خرجت نفسي عندما أدبر. طلبته فما وجدته، دعوته فما أجابني" (نش 5: 6). وتعرضت المسكينة لآلام كثيرة.. غير أن الرب من أجل محبتها منحها فرصة أخرى. أما بالنسبة إليك: وربما تضيع منك هذه الفرصة، ولا تجد فرصة أخرى فهكذا حدث لفيلكس الوالي، وللملك أغريباس. كل منهما جاءته الفرصة ن حينما وقف بولس الرسول يترافع أمامه. ومن جهة فيلكس، يقول الكتاب إنه "بينما كان (بولس) يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون، ارتعب فيلكس "(أع 24: 25). عملت النعمة في قلبه، وحركته إلى الإيمان والتوبة. ولكنه لم يستغل الفرصة، ورأى أن يؤجلها إلى مناسبة أخرى، فقال للقديس بولس "اذهب الآن، ومتى حصل لي وقت أستدعيك" (أع 24: 26). وللأسف الشديد، لم يقل سفر أعمال الرسل أن فيلكس حصل على وقت واستدعى بولس.. وهكذا ضاعت منه فرصة العمر كله.. و هكذا اغريباس الملك أيضًا، تحدث أمامه القديس بولس العظيم، بكل ما فيه من عمق وإقناع، وبكل ما فيه من عمل الروح. فتأثر أغريباس جدًا، وعملت النعمة في قلبه، وقال لبولس "بقليل تقنعني أن صير مسيحيًا" (أع 26: 28). ولكن المسكين لم ينتهز الفرصة، وقام من منصة القضاء ومضى. ومضت معه التوبة والإيمان، وضاعت الفرصة. ولم يقل الكتاب شيئا بعد ذلك عن أغريباس.. وبينما كان بينه وبين الله هذا القليل. ليته فعل، مثل الخصي الحبشي، الذي انتهز الفرصة ونال الخلاص.. هذا الخصي دبرت نعمة الله أن يقابله فيلبس في الطريق، ويشرح له ما كان يقرأه من سفر أشعياء. وتأثر الرجل، وعمل الله في قلبه، فآمن، ولم يترك الفرصة تفلت فقال لفيلبس "هوذا ماء. ماذا يمنع أن أعتمد" (أع 8: 36). وفي الحال نزلا إلى الماء، وتعمد.. "وذهب في طريقة فرحًا".. إنه من الأمثلة الشائعة لانتهاز الفرصة.. وأنت يا أخي كم فيلبس أرسله الله في طريقك، وتأثرت به، ولكنك جعلت الفرصة تفلت من يدك، ولم تستفد منها لذلك لا تؤجل التوبة. فكثيرون من الذين أجلوا التوبة، لم يتوبوا على الإطلاق، وضاعت حياتهم انظر إلى اليهود، كم من مرة رفضوا الرب، وساروا وراء آلهة أخرى. وكم كان الرب يرسل إليهم الأنبياء والرسل لكي يجذبهم إليهم وكانوا يضيعون هذه الفرص كلها، حتى ألقاهم الرب على يدي أعدائهم، ورفض صلواتهم وذبائحهم وقال لهم "حين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم. وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع" (أش 1: 15). وأيضًا قال لأرميا النبي "وأنت فلا تصل لأجل هذا الشعب، ولا ترفع لأجلهم دعاء ولا صلاة، ولا تلح على، لأني لا أسمعك (أر 7: 16). فهل تريد بتوالي التأجيل أن تصل إلى هذا الوضع؟! إن توالى تأجيل التوبة، قد يعنى رفض التوبة.. وهذا هو الذي حدث لفرعون.. حتى هلك.. كم مرة قال فرعون لموسى وهرون "خطأت. صليا لأجلي".. ومع ذلك لم يتب.. أنظروا إلى قوله بعد ضربة البرد والرعود "أخطأت هذه المرة. الرب هو البار، وأنا وشعبي الأشرار صليا وكفى حدوث رعود الله البرد فأطلقكم" (خر 9: 27، 28)...ومع ذلك لم يتب فرعون، ولم يف بوعوده، والجأ إلى التأجيل. وها هو بعد ضربة الجراد يقول لموسى وهرون "أخطأت إلى الرب إلهكما وإليكما. والآن اصفحا عن خطيتي هذه المرة فقط. وصليا إلى الرب إلهكما، ليرفع عنى هذا الموت" (خر 10: 16، 17). ورفع الرب عنه هذه الضربة، كما رفع غيرها، ولم يتب.. كانت ألفاظ التوبة على فمه. ولم تكن التوبة في قلبه.. كان يصرخ خوفا، وليس اقتناعًا. وكان يعد بالتوبة ولا يوفى. وظل يؤجل وعوده للرب يوما بعد يوم،وضربة بعد ضربة، إلى أن أدركه الغضب الإلهي، وغرق في البحر الأحمر وهلك. وكان تأجيل التوبة بالنسبة إليه، هو رفض عملي للتوبة.. إنها فرص عرضها الرب عليه، بالضربات العشر. وكان يتأثر بها، ويوقن أنه لا بد أن يتوب. ولكنه لم يستغل هذه الفرص لخلاص نفسه. وكانت محبة العالم في قلبه، أكثر من محبة التوبة، فهلك.. ومن أمثلة الذين ضيعوا فرص التوبة، الكرامون الأردياء (مت 21).. أولئك الذين كم من مرة يرسل لهم صاحب الكرم عبيده، فلا يستجيبون، ولا يرجعون عن شرهم. وأخيرا أرسل إليهم ابنه، وكانت فرصة للتوبة، فلم يتوبوا.. فماذا حدث؟ لقد قال لهم أخيرا "ملكوت الله ينزع منكم، ويعطى لأمة تعمل أثماره" (مت 21: 43). لنأخذ شمشون الجبار مثالا لتأجيل التوبة.. كان قد بدأ بداية طيبة، إذ حل عليه روح الرب. ثم بدأت خطيئته حينما تعرف بدليلة وأسلمها قياده وخضع لمشورتها. وقد خدعته هذه المرأة أكثر من مرة، وسلمته لأعدائه، وكان يعرف هذا، ومع ذلك لم يتب (قض 16)، وأستمر فيما هو فيه. وأخيرا كسر نذره، وأخذه أعداؤه وقلعوا عينيه، وأوثقوه بسلاسل، وكان يطحن في بيت السجن (قض 16: 21). هكذا فعلت به الخطية وتأجيل التوبة. وإن كان الله قد أعطاه فرصة أخرى يوم وفاته، كرجل من رجال الإيمان (عب 11: 22، 23). إن التباطؤ في التوبة قد يهلك الإنسان، كما حدث لعاخان بن كرمي.. هذا أخذ من المال الحرام وخبأه. وانهزم الشعب خطيئته أمام قرية صغيرة هي عاي، فلم يتحرك ضميره ويعترف بالخطأ. وقال الرب "في وسطك حرام يا إسرائيل". وأعلن يشوع هذه الحقيقة، ولم يتحرك عاخان. ثم بدأ يشوع يلقى القرعة ليعرف من هو المتسبب في غضب الله. ولم يتقدم عاخان ليعترف. ووقعت القرعة على سبط يهوذا، وعلى عشيرته (الزارحيين). وكل ذلك وعاخان لا يتقدم ليعترف.. إلى أن أشار الله إليه بالاسم.. فاعترف ما فعله، بعد فوات فرصة التوبة. اعترف كمن كشفه الرب، وليس كمن يكشف نفسه. وأخذوه فرجموه (يش 7: 25). لذلك حسنا أن الملاكين لم يسمحا للوط بأن يتباطأ.. حدث ذلك حينما أراد الله أن يحرق سدوم.. يقول الكتاب "وكان الملاكان يعجلان لوطاً.."، "ولما توانى، أمسكا بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة. وقالا له "اهرب لحياتك" (تك 19: 15 - 71).. كان لابد أن يبتعد لوط بسرعة عن مكان الشر، حتى لا يهلك. هناك أمور خطيرة تلزم معها السرعة، ومنها التوبة.. لا يصلح لها التباطؤ، ولا يصلح التأجيل.. إن العذارى الجاهلات، جئن متأخرات، بعد أن أغلق الباب.. لذلك خسران الملكوت. ووقفن أمام الباب المغلق يقلن في أسى أو في يأس: "يا سيد افتح لنا"، فلم يسمعن سوى تلك العبارة المخيفة "الحق أقول لكن إني لا أعرفكن" (مت 25: 12). لقد جئن، ولكن بعد فوات الفرصة، بعد أن أغلق الباب.. حقا ما أخطر وما أعمق تلك العبارة التي قالها الرب في سفر الرؤيا عن الخاطئة إيزابل: "وأعطيتها زمانا لكي تتوب عن زناها، ولم تتب" (رؤ 2: 21). وعبارة "أعطيتها زمانا" هذه، يقف القلب أمامها بخشوع.. ويصمت. وإذ لم تتب هذه الخاطئة في الزمان الذي أعطاها الرب إياه، فإن الرب شرح ما سوف يوقعه بها من ضربات.. وقال في ذلك أيضًا، إنه "سيعطى كل واحد بحسب أعماله" (رؤ2: 23). إن الله بطول أناته، أعطى زمانا لهذه الخاطئة لكي تتوب فيه. فلا يجوز أن يؤجل الإنسان توبته، مستهينا بطول أناة الله. هوذا الرسول يوبخ على ذلك قائلا "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة" (رو 2: 4). ويرى الرسول أن مثل هذا الإنسان يدل على أن في قلبه قسوة، وعلى أنه غير تائب، ويذخر لنفسه غضبا في يوم الغضب (رو 2: 5). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 60 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أمثلة لم تؤجل توبتها يعجبني في داود النبي، أنه كان سريع التوبة.. كان إنسانا مثلنا، يمكن أن يخطئ. ولكن قلبه كان رقيقا حساسا، يستجيب لصوت الله بسرعة، ويتوب توبة صادقة دون تأجيل أو إبطاء. ظهر هذا لما وبخته أبيجايل في لطف، حينما أراد الانتقام لنفسه من نابال الكرملي، فلم يجادلها ولم يبرر موقفه، وإنما قال لها "مبارك عقلك. ومباركة أنت، لأنك منعتني اليوم عن إتيان الدماء وانتقام يدي لنفسي" (1صم 25: 33). وكانت توبته سريعة جدًا، لما عد الشعب. إذ ضربه قلبه. وقال "أخطأت جدًا فيما فعلت.. انحمقت جدًا.." (2صم 24: 21، 17). ولما نبهه ناثان إلى خطيئته نحو امرأة أوريا الحثي، لم يجادل، إنما قال "أخطأت إلى الرب" (2صم 12: 7، 13). وامتلأت مزاميره بعبارات التوبة الصادقة والانسحاق، وبلل فراشه بدموعه (مز 50، مز 6). ![]() كذلك كانت توبة أهل نينوى، توبة القديسة بائيسة.. فمع أن يونان النبي أعطى نينوى فرصة طويلة لتتوب، ونادى قائلًا "بعد أربعين يوما تنقلب نينوى" (يون 3: 4).. إلا أن هذه المدينة العظيمة لم يؤجل توبتها إلى قرب نهاية هذه المدة، إنما تابت مباشرة في المسوح والرماد، توبة عميقة، شملت الكل. فرفع الله غضبه عنها.. والقديسة بائيسة، التي اخذ الرب روحها في نفس يوم توبتها، في نفس الأمسية التي أتفقدها فيها القديس يوحنا القصير، لو أنها أجلت توبتها، وموعد صعود روحها تلك الليلة، ترى ماذا كان سيصبح مصيرها؟ سعيد إذن من يستغل الفرصة التي يرسلها الله لتوبته، ولا يقسي قلبه من يدرى، ربما هذه الفرصة لا تعود.. حدث هذا مع سجان فيلبى، الذي كان حافظا للسجن، حينما أحدث الرب زلزلة في نصف الليل، فانفتحت أبواب السجن، وانفكت القيوم، لإنقاذ بولس وسيلا. وهذا لم يتأخر، وإنما قال لبولس وسيلا "سيدي، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" (أع 16: 30).وآمن. وأخذ بولس وسيلا إلى بيته "في تلك الساعة من الليل"- أي بدون أي إبطاء - "اعتم في الحال هو والذين له أجمعون" (أع 16: 33). أليس درسا لنا في قصة سجان فيلبى، أن نقرأ عبارة "في الحال".. وأيضًا عبارة "في تلك الساعة من الليل". وكان ذلك "نحو نصف الليل (أع 16: 25). لماذا إذن نؤجل توبتنا. نفس الأسلوب نقرأه تقريبا في توبة زكا.. قول الرب له "أسرع وانزل". وقد نفذ زكا في الحال، وأخذ المسيح على بيته. وفي ذلك يقول الإنجيلي "فأسرع ونزل وقبله فرحا" (لو 19: 6). وهكذا قال الرب: (اليوم) حدث خلاص لهذا البيت. إن أمور التوبة، لا يجوز فيها التأجيل مطلقا، إنما يناسبها عبارات: الآن، كما في قصة الابن الضال. (لو 15). (في الحال)، (في تلك الساعة) كما في قصة سجان فيلبى (أع 16) (أسرع)، (واليوم) كما في قصة زكا (لو 19). كل قصص التوبة في سير القديسين، تتميز أيضًا بعدم التأجيل: مريم القبطية، حالما أمكنها أن تدخل كنيسة القيامة وتتبارك من الأيقونة للحال نفذت ما عزمت عليه في توبتها. وهكذا صارت سائحة قديسة.. وبيلاجية، لما تأثرت بعظة القديس نونيوس، لم تتركه حتى منحها نعمة العماد، ونترك لكم باقي التفاصيل في أمثلة التاريخ.. |
||||
![]() |
![]() |
|