شيطان المجد الباطل
مثال رابع: شيطان المجد الباطل:
إنه شيطان يغير أسلوبه باستمرار، ليطابق أي حال يراه...
وهو في ذلك غير المكعب الذي لابد أن يستقر على قاعدة معينة. أما المكور فحيثما نقلبه أو توجهه، يتحرك، على كل وجه، كالكرة.
إن كنت جالسًا إلى المائدة ولم تأكل، يقول لك "يعجبني نسكك هذا، إنك لا تأكل كسائر الموجودين. وإن أكلت مثلهم تمامًا، يقول لك "هكذا القديسون: يتظاهرون بالأكل وهو صائمون، لكي يخفوا فضائلهم".
إن تكلمت، يقول: إنه كلام الحكمة، موضع إعجاب السامعين...
وإن صمت، يقول: الصمت فضيلة القديسين مثل القديس أرسانيوس!
فكن حكيمًا مع هذا الشيطان. ولا تصدقه فيما يقوله، ولا تتأثر بكلامه وأحكامه. وإن حاربك بمديح نفسك لنفسك، تذكر خطاياك وضعفاتك، وبكت ذاتك عليها. أو تذكر ما ينقصك في حياة البر، حتى تقيم توازنًا مع ما تسمعه من مديح...
وعمومًا - بالنسبة إلى أي شيطان - إذا غير خططه معك، يمكن أن تغير أنت أيضًا خطتك معه.
ومثال ذلك، القديس يوحنا القصير: كان الشياطين يمدحونه على ما وصل إليه من فضيلة، حتى أن الإسقيط كله كان يطلب منه كلمة منفعة. فيجيبهم: ومن أنا المسكين؟ ألعلي وصلت إليه الأنبا أنطونيوس أو الأنبا بموا؟! إنني كلي خطية. فإن قالوا له: حقًا إنك خاطئ وستهلك، يجيبهم: وأين ذهبت محبة الله ورحمته؟!
فكان الشياطين يقولون له "لقد حيرتنا. إن رفعناك اتضعت. وإن وضعناك ارتفعت".. فكن أنت هكذا في تعاملك مع الشياطين.
إن مدحوك، تذكر خطاياك. وإن أراحوك من محاربتهم، قل لعلهم يعدون لي فخًا لا أعرفه. فليرحم الرب ضعفي...
بل أذكر أنك لم تصل إلى المستوى الذي يحاربك فيه الشيطان. مثل ذلك الأخ الذي شكا للقديس الأنبا بيشوي محاربة الشيطان له، فظهر الشيطان للقديس، وقال له: من هو هذا الأخ لأحاربه؟ أنا لم أسمع بعد بأنه قد ترهب! إن حرب الشياطين الحقيقية حرب شديدة. وربما غالبيتنا لم يتعرضوا لها. والحروب التي تعرض لها القديسون كانت عنيفة، لا يسمع الله أن نكابدها نحن. إن شيطان المجد الباطل، يقدم حربًا أساسها المديح. ولكن هناك طريقة عكسية لهذه تمامًا يحارب بها الشيطان أحيانًا، وهى: حرب الكآبة...