25 - 01 - 2014, 04:46 PM | رقم المشاركة : ( 121 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الواقعية وعلاج الكآبة نقطة أخري في علاج الكآبة وهي: الواقعية. ونقصد بها أن تعيس في الواقع وليس في الخيال، ولا في مثاليات خيالية.. لا تتصور وضعًا خياليًا لتعيش فيه أو مثاليات خيالية ليعيش فيها غيرك فإن لم تجد هذا ولا ذاك، تلقي بنفسك في الكآبة.. إن مات لك حبيب أو إن فاتتك فرصة، أو إن فقدت شيئًا، أو إن أصابك مرض، عش في واقعك. أعمل ما عليك، واترك الباقي لله ولا تعش في كآبة، متخيلًا الوضع المثالي الذي كان ينبغي أن تكون فيه، لنفرض أن إنسانًا أصيب في حادث وبترت له ساق أو ذراع، أيحيا في كآبة طول عمره أم أنه يرضي بواقعه، ويتأقلم حسب الوضع الذي هو فيه. كذلك لا تفترض مثالية خيالية في جميع الناس، ولا حتى في خدام الكنيسة، افترض الواقع، أنهم بشر لئلا إذا صدمت بمثالية أحدهم، تتحطم وتتعب وتكتئب.. إن أخطأ منهم أحد، صل من أجله، ولا تتعقد بسببه. إن الكتاب قد شرح لنا أخطاء رسل وأنبياء وقديسين، وبقوا في حكم الله كما هم، على الرغم من أخطائهم. أخطاء الناس اعتبرها طبيعية، جزاءًا من طبيعة الإنسان المائلة، ولا تدعها تحطم نفسيتك. كثير من الناس يتعبون من معاملات الآخرين وأخطائهم، كما لو كانوا يفترضون في هؤلاء الآخرين عصمة لا تخطئ، بينما العصمة هي لله وحده.. |
||||
25 - 01 - 2014, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 122 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
علاج الكآبة داخل التدين ننتقل إلى نقطة أخري في علاج الكآبة وهي: علاج الكآبة داخل التدين. ومن أمثلة ذلك سوء الفهم لآيات يفهم منها أن خطاياه لا تغفر. وهذه الآيات تحتاج إلى فهم سليم إذا لم يستطيع أن يصل إليه، عليه أن يسأل العارفين، وإن لم يقنعه أحدهم، يسأل غيره، ولكن لا يدفعه كل ذلك إلى الكآبة، ومن أمثلة هذه الآيات: 1 - خطية التجديف على الروح القدس: ربما يصل إنسان إلى كآبة مرضية، شاعرًا أنه هالك ولا رجاء فيه، لوقوعه في خطية التجديف على الروح القدس وهذا نقول له: إن الذين أنكروا لاهوت الروح القدس لما تابوا قبلتهم الكنيسة. فليس التجديف هو أن يأتيك فكر رديء من جهة روح الله، أو أن تلفظ بكلمة ازدراء عليه.. فكل ذلك يمكن مغفرته، والخطية الوحيدة التي بلا مغفرة، هي التي بلا توبة. والتجديف على الروح القدس هو رفض مدي الحياة لكل عمل للروح القدس في قلبك. وبهذا لا تتوب، لأن التوبة تأتي بعمل الروح. ومع عدم التوبة يكون عدم المغفرة. إما إن تبت ولو بعد عشرات السنين، لا يكون رفضك السابق تجديفًا لأنه ليس مدي الحياة. 2 - مثال آخر يتعب البعض، وهو قول الكتاب عن عيسو إنه: " لم يجد للتوبة مكانًا، مع أنه طلبها بدموع" (عب12: 17). وهذا الأمر ليس عن خطية معينة، وإنما عن بيعه البكورية، وكان البكر سيأتي من نسله المسيح، فأصبح المسيح سيأتي من نسل يعقوب الذي أخذ البكورية، ومن المحال أن يأتي من نسل يعقوب وعيسو معًا. هذا هو الأمر الذي تاب عيسو عنه ولكن بعد فوتا الفرصة.. أما كل توبة أخري، فلها مغفرة والسيد المسيح يقول: "من يقبل إلى لا أخرجه خارجًا" (يو6: 37). فمتى أقلبت إليه تائبًا لا يمكن أن يطرحك خارجًا، حسب وعده الإلهي. 3 - ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض وتوصل إلى الكآبة.. التركيز على ثقل الخطية وليس على محبة الله.. وقد رد الله على ذلك بقوله: " إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيض كالثلج" (إش1: 18). وقد قال أحد الآباء إن كل خطايا البشر بالنسبة إلى حنان الله ورحمته، مثل قطعة من الطين ألقيتها في المحيط.. لذلك على الوعاظ والمرشدين إن وجدوا إنسانًا على حافة اليأس، ألا يركزوا على بشاعة الخطية، بل على حنان الله وإشفاقه ويضربون أمثلة من مغفرته للخاطئين.. 4 - مما يجلب الكآبة أيضًا: الحديث عن الكمال الصعب الوصول إليه.. إلى جوار الحديث عن الكمال، ينبغي الكلام عن أن الله يقبل كل عمل صغير مهما كان تافهًا، كامتداحه كأس الماء البارد، وذهاب ملكه التيمن إلى سليمان وفلسي الأرملة. كما أن الكمال يصل إليه الإنسان بالتدريج.. والله يقبل كل خطوة.. 5 - كذلك مما يدفع البعض إلى الكآبة محاولة تقليد دموع القديسين. ومع امتداح دموع التوبة والحب.. فإن القديسين كانت لهم بشاشة، واضحة في حياة القديس أنطونيوس، والقديس سرابيون الكبير والقديس مقاريوس الاسكندري. |
||||
25 - 01 - 2014, 04:54 PM | رقم المشاركة : ( 123 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
التطرف في الحياة الروحية وبعد،،، نحن ننصح الجميع بعدم التطرف في حياتهم الروحية، ونقول لهم: هذا العالم الحاضر لا يخلو من المتاعب فلنعش في واقعية، وندرب أنفسنا على الفرح مهما كانت ضيقاته. ولا نبالغ في حجم المشاكل ولا في صعوبة حلها، فلكل مشكلة حل. وإن وقع أحد في الكآبة، عليه أن يخرج منها، مهما كان سببها. وترك الكآبة في نفسه يتعبه وبمرضه ويعطل حياته الروحية، ويعوق حياته الروحية، ويعوق صلته بالمجتمع المحيط به. وترك النفس في الكآبة يتعبه ويمرضه فلا داع للبقاء فيها. |
||||
25 - 01 - 2014, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 124 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
محبة الكرامة والمديح تحدثنا في مقال سابق عن محبة المظاهر الخارجية. ومحبة المظاهر ناتجة عن محبة المجد الباطل، وفي مقدمتها محبة المديح والكرامة. وهنا نوجه النظر إلى مبدأ هام وهو: المديح شيء. ومحبة المديح شيء أخر وقد يمدح الإنسان ولا يخطئ. ولكنه إذا أحب المديح يكون قد أخطأ. لاشك أن المتفوقين والبارزين وأصحاب المواهب قد مدحوا في حياتهم والرسل والأنبياء والآباء قد سعي إليهم المديح أيضًا دون أن يخطئوا حينما سمعوه والقديس بولس الرسول قال عن خدمته وخدمة رفقائه: "بمجد وهوان، بصيت حسن وصيت رديء" (2كو6: 8). إذن نالوا مجدًا وصيتًا حسنًا، ولم يخطئوا في ذلك. والسيد المسيح نفسه كثيرًا ما كانوا يمدحونه، ويبهتون من كلامه وتعليمه ويقول بعضهم لبعض، ما رأينا قط مثل هذا ولكنه ما كان يهتم بهذا، بل كان يقول: "مجدًا من الناس لست أقبل" (يو5: 41). |
||||
25 - 01 - 2014, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 125 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الذين لا يحبون المديح! 1 - نوع يسمعه: وكأنه لم يسمع.. وكما قال القديس مقاريوس الكبير: [لا يبالي بكرامة ولا بهوان ].. مات عن كليهما.. 2 - نوع آخر يهرب من المديح الذي يأتي إليه، سواء كان مديحًا من الناس أو من داخل نفسه، أو من الشيطان. 3 - والنوع الثالث، من مبالغته في كراهية المديح ينسب إلى نفسه عيوبًا ليست فيه.. كبعض القديسين الرهبان الذين كانوا يتظاهرون بالجهل أو بالخيل أو بإهمال العبادة، ومثل تلك القديسة الراهبة التي قال عنها القديس الأنبا دانيال: [تعالوا لأريكم عظم فضائل هذه القديسة التي تدعونها "الهبيلة"!] وهذا النوع كان يفرح بكلمة المذمة حينما يسمعها. ويمثل هذه المذمات، كان يغطي فضائله فلا تظهر، مكتسبًا فضيلة أعظم هي الاتضاع. |
||||
25 - 01 - 2014, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 126 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الفرح بالمديح أما محبو المديح فهم على درجات متفاوتة في الخطأ، نذكر من بينها: النوع الأول:- هو الذي يأتيه بالمديح، دون أن يسعي إليه. ولكنه يفرح بهاذ المديح ويبتهج. وهذا النوع على درجات: أ - إنسان يسر بالمديح، ويسمعه صامتًا ومسرورًا في داخله، دون أن يشعر به أحد. ب - وإنسان آخر يسمع المديح ويتسبب في الاستزادة منه. فيقول بعض العبارات التي تجعل من يمدحه يزيد في مدحه. كأن يجره من موضوع المديح، إلى موضوع آخر يستحق المديح أيضًا.. أو يذكره بتفاصيل ق نسيها تكون موضعًا المديح جديد. ج - وهناك إنسان يحب المديح، ويسمعه هو مسرور. ولكنه يتظاهر برفضه لهذا المديح، متمنعًا بأسلوب يجعل مادحه يزيد في مدحه. وقد يعيب هذا الإنسان في نفسه، لكي يدافع المادح عنه بعمق أكثر! وهنا يخلط محبة المديح بالرياء أيضًا. |
||||
25 - 01 - 2014, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 127 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
اشتهاء المديح النوع الثاني:- وهو أصعب من سابقه قليلًا تمثله حال إنسان لم يأته المديح. ولكنه يشتهيه ويحب أن يسمعه. وفي اشتهائه يسلك أحد أن سمعه. وفي اشتهائه يسلك أحد طريقين: أ - يشتهي المديح، ويظل صامتًا حتى يصله، متخيلًا أسبابًا لذلك... كأن يبدأ الحديث في موضوع معين له فيه موقف يستحق المديح، ويتدرج في الكلام حتى يصل إلى هذه النقطة ويترك غيره يركز عليها. ب - حالة أخري. وهى إنسان يشتهي المديح، ويعمل أعمالًا صالحة أمام الناس لكي ينظروه وهذا ما تكلم الرب عنه في (مت6). |
||||
25 - 01 - 2014, 05:00 PM | رقم المشاركة : ( 128 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
التحايُل لنوال المديح النوع الثالث:- وهو أصعب من النوعين السابقين: تمثله حالة إنسان يحب المديح ويشتهيه، دون أن يصل إلى ذلك. فيتحايل بأسباب توصل سامعه إلى مدحه ومع ذلك لا ينال ما يشتهي. فيكره الشخص الذي لا يمدحه، ويعتبره خصمًا وعدوًا، وينشأ بينهما نوع من القطيعة! فعلي الرغم من أن هذا الإنسان لم يغضبه إلا أنه في نفس الوقت لم يجامله ببعض الكلام الطيب، أو لم يقابله مقابلة يتوقعها، أو بدرجة معينة من الاحترام! هذا الذي يكره من لا يمدحه ماذا يفعل إذن بمن ينتقده؟! إذا كان الساكت فقط، دون أن يمدحه، يقابل منه بهذه الكراهية، فكم يكون شعوره إذن تجاه ناقديه؟! لاشك أن هذا النوع لا يحيط نفسه إلا بأصدقائه ومحبيه ومريديه، بالصنف الذي يريحه... |
||||
25 - 01 - 2014, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 129 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الغضب بسبب عدم المديح النوع الرابع:- وهو نوع تجمع فيه كل الأنواع ويزيد عليها أيضًا، فهو يشتهي المديح، ويسر عندما يسمعه ويكره من لا يمدحه. ولا يكتفي بكل هذا.. إنما يمدح نفسه، إن لم يجد أحدًا يمدحه.. ويظل يحكى أمام الناس أعماله الفاضلة. إنه يتحدث كثيرًا عن نفسه، ويبرز ذاته في كل مناسبة. ويدخل في كلامه عنصر الافتخار، حتى لو بدأ أنه يسرد مجرد وقائع. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 130 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
الافتخار بالأعمال و استجداء المديح النوع الخامس:- وهو أصعب من سابقه بكثير، فالنوع السابق قد افتخر بالأعمال التي قام بها فعلًا. كشفها أمام الناس لكي يروها ويقدروها. ولكن النوع الأصعب هو هذا: إنسان يمتدح نفسه بما ليس فيه فيذكر عن نفسه فضائل ليست له، أو يبالغ في مدح نفسه، أو ينسب إلى ذاته فضائل أو أعمال غيره. وعلى عكس هذا المثال الذي ذكرناه تحضرني قصة راهب قديس كان ينكر ذاته جدًا. فحينما كان يعمل عملًا حسنًا من أجل الدير لاشك أن الكثيرين سيمدحونه عليه، كان يشرك أحد الرهبان معه، ولو في جزء طفيف من العمل، أو في نهاية العمل تقريبًا. فإذا ما سئل عن العمل بعد نهايته، ينسب الفضل لهذا الراهب الذي ساعده، ويقول: [أبونا فلان، البركة فيه، عمل وعمل..] مثال آخر، نذكره في عدم التركيز على الذات في المديح، وهو مثال اللاعبين الذين يلعبون بروح الفريق Team Work. فلو أن كل لاعب خذ الكرة مثلًا وظل يجري بها وحده، لكي يصيب الهدف بنفسه، وينال فخر ذلك لا نهزم الفريق لا محالة. ولكننا نرى أن اللاعب يمرر الكرة إلى غيره، وهذا يمررها أيضًا إلى غيره لكي يصيب الهدف.. المهم أن الفريق هو الذي ينتصر، وليس المهم بواسطة من! هنا إنكار الذات الذي هي عكس محبة المديح. أما الذي يركز على نفسه، ويتجاهل دور غيره، فإن يتجاهل عمل النعمة معه، ومعونة الله له أيضًا. ففي كل عمل حسن يعمله، ينسب كل شيء إلى نفسه، ولا يذكر اسم الله إطلاقًا، بعكس يوحنا المعمدان الذي كان يخفي ذاته ليظهر الرب، وبعكس قول المزمور: "ليس لنا يا رب، ليس لنا، لكن لاسمك أعط مجدًا" (مز115: 1). يقينا أن كل عمل فاضل قد عملناه، لم نعمله وحدنا بدون معونة إلهية! فهوذا الكتاب يقول: "إن لم يبن الرب البيت فباطلًا يتعب البناءون" (مز127: 1). إن نجاح أي عمل، لا يتوقف على عاملة فقط، فقد تكون هناك ظروف خارجية كثيرة ساعدت على ذلك، ويد الله التي أعانت أو التي مهدت هذه الظروف.. |
||||
|