وُلد يسوع من أجلهم

[Ebn Barbara]

المقطع الأول: إنجيل متَّى 1 : 1 – 16.

" كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم. ابراهيم ولد اسحق. واسحق ولد يعقوب. ويعقوب ولد يهوذا وإخوته. يهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد حصرون. وحصرون ولد ارام . وارام ولد عميناداب. وعميناداب ولد نحشون. ونحشون ولد سلمون. وسلمون ولد بوعز من راحاب. وبوعز ولد عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد يسى. ويسى ولد داود الملك. وداود الملك ولد سليمان من إمرأة أوريَّا. وسليمان ولد رحبعام. ورحبعام ولد ابيا. وابيا ولد آسا. وآسا ولد يهوشافاط. ويهوشافاط ولد يورام. ويورام ولد عزيا. وعزيا ولد يوثام. ويوثام ولد آحاز. وآحاز ولد حزقيا. وحزقيا ولد منسّى. ومنسّى ولد آمون. وآمون ولد يوشيا. ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل. وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتيئيل. وشألتيئيل ولد زربابل. وزربابل ولد أبيهود. وأبيهود ولد الياقيم. والياقيم ولد عازور. وعازور ولد صادوق. وصادوق ولد اخيم.واخيم ولد اليود. واليود ولد أليعازر. وأليعازر ولد متان. ومتان ولد يعقوب. ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح ".



المقطع الثاني: إنجيل لوقا 2 : 4 – 7.

" وصَعِدَ يوسف أيضاً من مدينة الناصرة بمنطقة الجليل إلى مدينة داود المدعوة بيت لحم بمنطقة اليهودية. لأنه كان من بيت داود وعشيرته، ليتسجل هناك مع مريم المخطوبة له، وهي حُبلى. وبينما كانا هناك، تمَّ زمانها لتلد، فولدت ابنها البكر، ولفته بقماط، وأنامته في مذودٍ، إذ لم يكن لهما متَّسع في المنزل ".



ميلاد مجيد وعام سعيد، عبارات تعودنا على استخدامها، لنُعيِّد بعضنا البعض، بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، وما أجمل الاعياد، ولا سيما عيد الميلاد، إنه ذكرى ميلاد الرب يسوع المسيح، فادي البشرية، لكنني هذه السنة أريد أن نُعيِّد هذا العيد معاً، بطريقة جديدة ومختلفة، أريد أن نتأمَّل معاً في بعض معأني ميلاد الرب يسوع المسيح، ونسأله أن يُنير أذهاننا وقلوبنا ويستخدم هذا التأمّل، ليصنع في حياتنا أموراً جديدة، فتكون ذكرى ميلاده لهذه السنة مختلفة عن السنوات السابقة.



غالباً ما يُقرأ الإصحاح الأول من إنجيل متَّى والذي أوردناه في المقطع الأول، يوم عيد الميلاد، في مختلف الكنائس. وكثيراً ما كنت أسمعه وأنا ما زلت صغيراً، ولم أكن أنا وكافة الحاضرين، نتمتع به لشعورنا، بغرابة هذه الاسماء، ولعدم إدراكنا المعاني العميقة له. لكنني اليوم أريد أن اقول، أنني لم أتأمل في مقطع يحمل في طياته، معانٍ عميقة كهذا المقطع، فليس صدفةً، أن يُدَوِّن لنا الروح القدس، نَسَب يسوع بهذا التفصيل، ذاكراً عدداً كبيراً من أسماء الرجال، ومُدخِلاً بينهم أسماء أربع نساء فقط، فلماذا لم يُكمل سرد أسماء الرجال بالتدرّج، دون ذكر أسماء تلك النسوة الاربع ؟ لنتأمَّل معاً:

- يهوذا وَلَدَ فارص وزارح من " ثامار ".

- سلمون وَلَدَ بوعز من " راحاب ".

- بوعز وَلَدَ عوبيد من " راعوث ".

- داود وَلَدَ سليمان من " إمرأة أوريَّا ".



كان مَتَّى يستطيع أن يقول: يهوذا وَلَدَ فارص وزارح، وسلمون وَلَدَ بوعز، وبوعز وَلَدَ عوبيد، وداود وَلَدَ سليمان، كما نقرأ في باقي الاصحاح، لكن مَتَّى كتب الإنجيل بوحيٍ من الروح القدس، وربما دون أن يُدرك حينها الأسباب، لكن شكراً للرب أننا اليوم ندرك، هذه الأسباب.

فمن هي " ثامار "، ومن هي " راحاب "، ومن هي " راعوث "، ومن هي " إمرأة أوريَّا " ؟

- " ثامار" هي زوجة إبن يهوذا، التي بعدما مات زوجها، ارتكبت الزنى مع والده أي عمِّها، وأنجبـت منـه " فارص وزارح " اللذين ذُكِرَ اسمهما في نسب يسوع، كانت زانية !!! (تكوين 38).



- " راحاب " كان لقبها في عدة مقاطع من الكتاب المقدس " الزانية " !!! ( يشوع 2، عبرانيين 11 : 31، يعقوب 2 : 25).



- " إمرأة أوريَّا " كان اسمها " بثشبع " وهي المرأة التي أحضرها الملك داود إلى قصره وزنا معها، وأوصى بقتل زوجها، ثم أنجب منها " سليمان "، إنها امرأة زانية ايضاً !!! (صموئيل الثاني 11).



- أمَّا " راعوث " فلم تكن زانية، وهذا ما جعلني أسأل الروح القدس، لماذا ذَكَرَ إسمها مع النساء الثلاث الأخريات ؟ إلى أن تأمّلت في سفر " راعوث " وعلمت أنها امرأة " موآبية "، ومن هم " الموآبيين " ؟ إنهم سلالة " زنى "، أتوا إلى هذا العالم، عندما أسقت ابنة لوط أباها الخمر، ونامت معه، وأنجبت منه ولداً، وأسمته " موآب " ومنه أنحدرت سلالة الموآبيين التي أتت منها " راعوث "، سلالة من أبشع أنواع الزنى !!!

وأكثر من ذلك أيضاً، فلو قرأنا في سفر التثنية 23 : 2 – 3، عندما أوصى الله شعبه، قائلاً لهم: " لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منه أحد في جماعة الرب. لا يدخل عموني أو موآبي في جماعة الرب. حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد في جماعة الرب إلى الأبد ". ماذا عسانا نقول ؟ هل يناقض الرب نفسه ؟



بالطبع لا، فيسوع قال: " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس او الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمِّل "، كيف ؟

" وإذا ملاك الرب قد ظَهَرَ لهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا أشدَّ الخوف. فقال لهم الملاك: " لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يَعُمُّ الشعب كله: فقد وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلصّ هو المسيح الرب " (لوقا 2).



نعم من حوالي 2000 سنة وُلِدَ لنا مخلص، ومن ماذا خَّلصَنا ؟ من لعنة الناموس. ليس لُيدخِل الزناة في شعب الله فقط، بل ليُدخِلَهُم في عائلته الخاصة، ولم يذكر أسماؤهم في إنجيل مرقس أو لوقا أو يوحنا بل في أول أناجيل العهد الجديد، وفي أول إصحاح من الإنجيل مباشرةً بعد العهد القديم، ليقول لنا أنه عهد أفضل، عهد النعمة المجانية. كم أنت عظيم يا رب، لم تخجل أن تذكر أسماء أربع نساء في نسب ولادتك، ثلاثة منهنَّ زانيات، والرابعة تنتمي إلى شعب أتى بأكمله من ثمرة الزنى، وليس زنى عادي بل أبشع أنواع الزنى. ولماذا أراد الرب أن يُدرج أسماؤهنَ، في نسب ميلاده، وهو الآله الكلي القداسة والطهارة، والذي لم يعرف خطيئة في حياته، لا بل يكره الخطيئة كرهاً شديداً، لكنه يحب الخطاة، وهذا ما جعله، وهو الآله، ملك الملوك ورب الارباب، يتخلّى عن كل شيء، ويتجسَّد من مريم العذراء، آخذاً صورة عبد، مُخلياً نفسه، ويولد في مذود بين الحيوانات.



فكيف لا يذكرهنَّ في نسب ميلاده، وهو من أجلهم جاء إلى هذا العالم، جاء ليصالحنا مع الله، بعدما ابعدتنا خطايانا عنه، جاء ليُلغي العقاب، جاء ليهدم الحائط الذي يفصلنا عن الله، جاء لينقض ما فعله إبليس، جاء ليلبسنا رداء الفرح عوضاً عن رداء الحزن والتعب والقلق، جاء ليشفينا، جاء ليحررنا، جاء ليطلق الأسرى ويعزي منكسري القلوب، افتقر لكي نغتني نحن، احتمل منذ اليوم الأول من مولده الرفض، والطرد، لكي نكون نحن مقبولين، وُلِدَ في مذود بين الحيوانات، لنولد نحن والزناة والمرفوضين سابقاً من الدخول في شعب الله، نولد في قصر ملك الملولك ورب الأرباب، وندعى " نسل مختار، وكهنوت ملوكي، وأمَّة مقدسة، وشعب اقتناه الله ".



تقول الكلمة في المقطع الثاني الذي أوردناه أن يسوع وُلِدَ في مذود لأنه " لم يكن لهما متسع في المنزل "، ألم يكن الله يستطيع، أن يُخلي له منزلاً لكي يولد فيه، وهو خالق الكون، كليّ القدرة والقوة ؟ بالطبع يستطيع، لكنه لم يكن يريد أن يزعج راحة الناس، فقرر أن ينزعج هو، ليريحنا نحن، أليس هو من قال: " ابن الإنسان جاء ليَخدُم وليس ليُخْدَم "، جاء ليخدمك أنت بالتحديد، جاء ليغسل رجليك من أوساخ العالم، جاء ليرفع عنك اللعنة، ويُصبح هو بنفسه، لعنة من أجلك.

تأمَّل معي بصمت، وبخشوع عميقين، بهذا الموضوع العظيم:

نَسَب ملك الملوك ورب الأرباب، نَسَب خالق الكون، نَسَب ابن الله القدوس، لم يخجل أن يُورِد فيه أسماء تلك النسوة الأربع، مع ما يحملنَ من خطايا بشعة، ولذلك معنى عميق !!!



أحبائي:

إن كان لم يخجل أن يُدخل أسماء تلك النسوة الأربع في نسبه الخاص، مع ما يحملنَ من خطايا، فهو بالطبع لن يخجل أن يُدخِل إسمك في عائلته الخاصة.

إن كنتَ لم تعرفه من قبل، مهما كانت حالتك، ووضعك الآن، إن كانت خطاياك أبشع من خطايا تلك النسوة، أو ربما مشابهة لها، وإن كنت تشعر بأنك مرفوض، بسبب خطايا ارتكبتها أو ما زلت ترتكبها، لا تخف الباب ما زال مفتوحاً، وسجلّ عائلة يسوع ما زال يتسع لكَ، تعال وادخل في العائلة المالكة، عائلة يسوع، عائلة ملك الملوك ورب الأرباب، دعه يغسلك بدمه الثمين، ويجعلك ناصع البياض كالثلج. قل له أريد أن أنتمي إلى هذه العائلة التي اقتنيتها بدمك الثمين.

وإذا كنتَ ابناً، لكن إبليس نجحَ أن يهزمك، هزائم متكررة، وأدخل إلى نفسك اليأس والإحباط والفشل، وجعلك تشعر بالرفض، والبعد، وأصبحت، بعيداً عن بيت الآب، إرجع في هذا الصباح، إنك من أهل البيت، من العائلة الخاصة، والآب ينتظرك فاتحاً يديه ليضمك من جديد.

والآن دعوني أقول لكم ميلاد مجيد وعام سعيد، من هذا المنظار الجديد الذي تأمّلنا فيه اليوم.

[رمانة]

الرب يباركك مشاركة مثمرة ومباركة

[Mary Naeem]

شكرا على المشاركة الجميلة
ربنا يبارك حياتك