صفات الإنسان الوديع (3)
11 -كذلك فإن الوديع لا يغضب لأي سبب. إذا غضب الوديع، فاعرف أنه لابد من أمر خطير دعاه إلي ذلك. وغالبًا ما يكون غضبه لأجل الرب، وليس لأجل نفسه، وليس بسبب كرامته أو حقوقه كما يفعل غير الودعاء. وإذا غضب لا يثور ولا يفقد أعصابه. إنما يعبر عن غضبه بعدم موافقته وعدم رضاه. فالوديع أعصابه هادئة، لا ينفعل بسرعة. وإذا انفعل لا يشتعل.
12 - وإذا غضب، لا يحقد. إنما سرعان ما يصفو ويغفر.
وهكذا قيل عن إلهنا الوديع إنه "لا يحاكم إلي الأبد، ولا يحقد إلي الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا.. لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن" (مز 103: 9-14).
13 -الإنسان الوديع مسالم لا ينتقم لنفسه.
لا يقاوم الشر (مت 5: 39). أي لا يقابله بمثله. وإنما هو كثير الاحتمال، لا يدافع عن نفسه، بل غلبًا ما يدافع الغير عنه، موبخين من يسئ إليه بقولهم "ألم تجد سوي هذا الإنسان الطيب لتعتدي عليه؟!".
الإنسان الوديع لا يؤذي أحدًا، بل يحتمل الأذي من المخطئين.
ما أجمل ما قيل عن موسي النبي "وكان الرجل موسي حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد 12: 3).
حتى أنه حينما تقولت عليه أخته مريم، ووبخها الله على ذلك وعاقبها فضربها بالبرص.. تشفع فيها موسى، وهو في موقف المُساء إليه. وصرخ قائلًا "اللهم إشفها" (عد 12: 13).
ومن الأمثلة الجميلة، ما قيل عن وداعة سليمان الملك وسعة صدره، إن الله منحه "حكمة وفهمًا كثيرًا جدًا، ورحبة قلبه كالرمل الذي على شاطئ البحر" (1مل 4: 29).
14 -والإنسان الوديع طيب، سهل التعامل مع الناس.
إذا تناقش مع أحد، لا يجعل المناقشة تحتد وتتعقد، بل يبدي رأيه ببساطة، ويدافع عنه بهدوء، بطريقة وديعة، كما يقول الكتاب "في وداعة الحكمة" (يع 3: 13)، حتى إن كان ينبه محاوره إلي خطأ!
إنه بسيط في التعامل، لا عنده دهاء ولا مكر ولا خبث.
ولا يظهر غير ما يبطن. ولا نعنى بكلمة (بسيط) أنه إنسان ساذج! كلا، بل قد يكون في منتهى الحكمة، ولكنه في بساطته لا يعقد الأمور. وهو لا يلف ولا يدور في حديثه، ولا يدبر خططًا ضد أحد.
15 -بل هو صريح ومريح يمكنك أن تثق به وتطمئن إليه.
ورقيق في معاملته، لا يخدش شعور من يتحاور معه، إذا أخطأ. بل هو حلو الطبع دمث الخلق، حسن المعاملة. لذلك تجده محبوبًا من الكل، كإنسان طيب..