محبة الطريق
لماذا أصلي؟ ولماذا أصوم؟ ولماذا أختلي؟ ولماذا أقرأ؟ …
هل لكي أصبح رجل صلاة، أو رجل صوم أو خلوة أو معرفة؟
هل أحب أن أكون عابدا؟ هل العبادة شهوة مستقلة في نفسي لها غرض خاص؟
هل أريد أن تكبر نفسي، أو أن أكبر في عيني نفسي، عن طريق النجاح والنبوغ في هذا الطريق!؟
هل أنا مهتم بذاتي: ماذا أكون؟ وكيف أكون؟ ومتى أكون؟ وكيف أتطور إلي أفضل؟…..
هل أنا أحب الله ذاته، أم أحب الطريق الذي يوصل إليه؟
هل أنا مثلا أحب الصلاة، أم أحب الله الذي أصلي إليه؟
أنني ألاحظ في نفسي أحيانا أخطاء كثيرة:
عندما أكمل مزاميري أفرح: لا لأني تحدثت مع الله، وإنما لأنني راهب ناجح في القيام بقانونه وواجبه في العبادة!! وعندما لا أستطيع أن أصلي مزاميري جميعها، أحزن: لا لأني فقدت متعة التحدث مع الله، وإنما لأني راهب فاشل!! وهكذا أيضًا في صومي، وفي سهري، وفي قراءاتي …!
المسألة إذن شخصية بحتة. هي أنانية واضحة. أريد فيها أن أكبر في عيني نفسي علي حساب صلتي بالله.؟
متى يأتي الوقت الذي لا أصلي فيه مزمورا واحدا، ومع ذلك أكون سعيدا لأني علي الرغم من ذلك كنت ثابتا في الله عن طريق آخر من العبادة.
هل أنا أصلي من اجل لذة ومتعة الحديث معك، وحلاوة الوجود في حضرتك، أم من أجل أن أكتسب فضيلة أصل بها إلي الحياة الأخرى؟ أم أنني أصلي لكي أتحدث معك حديثا أطلب فيه تلك الحياة؟
هل الصلاة في نظري هدف في ذاتها أم مجرد وسيلة؟
أن كنت أثور علي إنسان عطل خلوتي وصلاتي، ومن أجل الصلاة والخلوة، أفقد سلامي الداخلي، وأفقد سلامي مع الناس، وبالتالي يتعكر قلبي وأفقد سلامي مع الله أيضا، إذن فقد أصبحت الصلاة هدفا لا وسيلة، وفي سبيل هذا الهدف قد أنحرف وأخطئ.
إن العبادة هي مجرد طريق يوصل إلي الله، ولكن الهدف هو الله ذاته. والمحبة طريق، والخدمة طريق، ولكن واحدا هو الهدف، أعني الله.. لماذا إذن نفقد الله من أجل المحافظة علي الطريق الذي يوصل إليه؟ ومن أجل أن يكون هذا الطريق في الوضع الذي نشتهيه؟
فلنحب الطريق لا لأنه شيء في ذاته -وحقًا هو شهي- وإنما لأنه يقودنا إلي الله. ولنسرع في الطريق ونعبره بسرعة لنصل إليه.
والكمال هو أن يكون طريقنا إلي الله، هو الله. لأنه ذاته … هو الطريق.