رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عدم الالتزام إن عدم الالتزام فيه لون من اللامبالاة ومن التسيب، والتحليل من كل رباط، وكل شرط، وكل اتفاق، بطريقة لا تدعو إلى الاحترام. وعدم الإلتزام ليس فيه أي شعور بالمسئولية، ولا بالجدية. بل هو دليل على الضعف. وعدم الإلتزام ظهر من بدء الخليقة فأبوانا الأولان لم يلتزما بالوصية التي سمعاها من الله، فطردهما من الجنة. ورأينا كم جرا على البشرية من ويلات بسبب عدم التزامها هذا... وبنو إسرائيل أيضًا وقعوا في عدم الألتزام على أبعد الحدود. فحينما قدم لهم موسى النبي وصايا الله العشر، صاحوا كلهم قائلين لموسى " كل ما يكلمك به الرب إلهنا نسمع ونعمل" (تث5: 27). فهل التزاما بهذا التعهد؟ أم بعد حين عبدوا العجل الذهبي "خر32"؟ وهل التزم بهذه العبارة أي جيل من أجيال البشرية؟! ما أجمل قول داود النبي، تعهدات فمي باركها يا رب. أتعني هذه الطلبة " اعطني يا رب روح الالتزام، حتى انفذ كل هذه التعهدات، ولا أحنث بوعودي "..؟ إن كانت اتفاقاتنا مع الناس يجب علينا تنفيذها بروح الالتزام، فكم بالأكثر تكون اتفاقاتنا مع الله؟! ولكن غير الملتزم أن يغطى عدم التزامه بكثر من الأعذار والحجج والأسباب ليفلت من المسئولية. ما أكثر أنه يعتذر بالعوائق والموانع، أو بأن الأمر خرج عن نطاق إرادته وقدرته، أو أن الظروف لم تسمح، أو أنه قد نسي، أو لم يجد الوقت، ولم يجد الإمكانية... وغالبًا ما يكون السبب الحقيقي هو أنه لم يتعود أن يحيا الالتزام، وأن يحترم كلمته. أما الإنسان الروحي الملتزم، فإنه يبذل كل جهده للانتصار على العوائق. إنه ينفذ التزام مهما حدث، ومهما كانت الصعوبة، كرجل على مستوي المسئولية. بل أنمه يشعر باحتقار لنفسه في داخله، حينما يقدم عذرًا لإعفائه من التزامه... لذلك فأنت تشعر بالراحة حينما تعمل مع إنسان يتميز بالالتزام. إن اتفقت معه على شيء، توقع تمامًا أنك سائر في طريق مضمون، لابد سيأتي بنتيجة سليمة... إنك في عملك مع الملتزمين، تنام مستريحًا واثقًا بأنك تعمل مع إنسان يقدر الموقف، ويحترم اتفاقاته. غير ملتزم يسلك حسب هواه، ولا يبالي بأمر أو نظام، ويحاول أن يتحلل من كل ما يراه قيدًا. إنه يسلك بغير التزام، سواء في حياته الروحية. بل قد لا يقبل الخضوع لشئ من النظام العام، شاعرًا بأن هذه هي حريته الخاصة، مهما كَسَرَتْ هذه الحرية في طريقها من نظم أو قواعد. لذلك فإن غير الملتزم لا يفهم بشيء، ومعتقدًا أن النظم هي قيود تقيد فكره وارادته، بينما الحرية الحقيقية هي أن يتحرر من الشهوات والرغبات والعادات التي تستعبده. وإذ يتحلل من الالتزام باسم الحرية، يضطر المجتمع أن يلزمه بالقوة فيخرج من الالتزام إلى الإلزام. وهكذا تلزمه القوانين والعقوبة، ويحتاج من المجتمع إلى مراقبة ومحاسبة ومتابعة وتفتيش. فإن أصر على عدم التزامه يتعرض للجزاء فيضطر أن يلتزم على الرغم منه وتصبح طاعته خضوعًا للإلزام وليس حبًا للالتزام. أما في المحيط الروحي والكنسي، فإنه في غمرة المناقشات ومحبة الجدل، قد يقول البعض: وما جدوى الالتزام، ونحن نعيش في النعمة ولسنا تحت الناموس؟ إن النعمة لا تتعارض مع الالتزام فالذي ارتفع فوق مستوي متطلبات الناموس بالنعمة، هذا لا يطالبونه بناموس. أما الذي هو أقل من ذلك فإنه مطالب. مثال ذلك الشعور... أنت غير مطالب بناموس العشور، إذا كنت تدفع أكثر منها بمبدأ " من سألك فاعطه، ومن طلب منك فلا ترده " أو " بع كل مالك أعطه للفقراء " هذا هو مستوي النعمة. فإن كنت لم تصل إليه فأنت ملتزم بالعشور... كذلك قد يعارض البعض في الصلوات السبع اليومية كأنها ناموس. إن كنت قد ارتفعت فوق هذا المستوي، ووصلت إلى الصلاة بلا أنقطاع أو الصلاة كل حين، أو صارت من الصلوات السبع، فأنت لاشك ملتزم بها. وهى تعلمك الصلاة الدائمة. ليتنا يا أخوتي نعيش جميعًا في حياة الالتزام، لأنها تشمل داخلها حياة الطاعة وحياة الاتضاع. وكذلك فيها الجدية والتدقيق، وفيها مخافة الله. لأن كل الفضائل مرتبطة بعضها بالبعض الآخر |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مفهوم الالتزام |
مبدأ الالتزام |
الالتزام حياة |
الالتزام بالعهود |
الالتزام |