30 - 12 - 2013, 06:37 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
الصوم الروحي المقبول و لكن لعل البعض يسأل الرب، كما حدث في أيام أشعياء النبي، ويقول: لماذا صمنا ولم تنظر؟ أذللنا أنفسنا ولم تلاحظ؟ (أش 58: 3). ويجيبك الرب كما أجاب أولئك وقال لهم: " أمثل هذا يكون صومًا أختاره؟!" (أش 58: 5). اعلم يا أخي أنه ليس كل صوم مقبولًا أمام الله. فالفريسي الذي كان يصوم يومين في الأسبوع، لم يخرج من الهيكل مبررًا كما خرج العشار (لو18: 12،14). وكذلك الصوم البعيد عن التوبة، مثل صوم أولئك الخطاة أيام ارمياء النبي الذين قال عنهم الرب "حين يصومون لا أسمع صراخهم، وحين يصعدون محرقة وتقدمة لا أقبلهم" (أر 14: 11، 12). وكذلك أيضًا صوم المرائين، الذين يظهرون للناس صائمين (مت 6: 16 – 18). فلا تقل إذن، صمت ولم أستفد روحيًا!! إن حدث ذلك، فربما تكون أصوامك غير روحية. أو أنك تصوم وفي نفس الوقت تحيا في الخطية!! إذن علينا أن نعرف كيف نصوم؟ وما هو المعنى الحقيقى للصوم؟ وكيف نستفيد منه روحيًا؟ كثير من الناس يهتمون في الصوم بشكلياته، أو أنهم يفهمونه على أنه مجرد الطعام النباتي!! أو أنهم لا يهتمون بالجانب الروحي خلال الصوم!! لهؤلاء أقول: أن تعريف الصوم من جهة الجسد هو أنه الامتناع عن الطعام فترة معينة من الوقت، يعقبها طعام خال من الدسم الحيواني. فهل تمارس هذا الانقطاع عن الطعام والشراب؟ وهل تصل فيه إلى مرحلة الجوع وتحتملها. هذا هو التدريب الأول، أعنى الجوع.. لقد قيل عن صوم السيد المسيح إنه "جاع أخيرًا" (مت 4: 2) (لو4: 2). وقال القديس بولس الرسول عن صومه مع زملائه "في جوع وعطش، في أصوام مرارًا كثيرة" (2كو 11: 27). وورد عن صوم القديس بطرس الرسول إنه " جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل" (أع 10: 10). فهل تختبر الجوع في صومك؟ عندما تجوع تشعر بضعفك، فلا تفتر بقوتك، بل تلجأ إلى قوة الله لتسندك (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وعندما تجوع وتحتمل الجوع، تكتسب فضيلة الاحتمال وضبط النفس. لذلك لا تأكل كلما جعت أثناء الصوم، إنما أصبر واحتمل. وخذ بركة الإحساس بالجوع واحتماله والصبر عليه وأيضًا عندما تجوع تشعر بألم الفقراء الذين ليس لديهم ما يأكلونه، فتشق عليهم وتعطيهم.. هذا من جهة فترة الانقطاع في الصوم. نصيحة أخرى، وهى أن تبعد عما تشتهيه.. تذكر قول دانيال النبي عن صومه " لم آكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل فمي لحم ولا خمر" (دا 10: 3).. أقول ذلك لأن كثيرين يأكلون مشتهيات كثيرة من الطعام النباتي، ويلتذون بها. وبالتالي لا يشعرون حقًا أنهم صائمون، ولا يستفيدون وقتذاك من صومهم، وبخاصة إن كانت لهم أو زوجة تتفنن في صنع الطعام (الصيامي)، وتجعله أشهى من الأطعمة الحيوانية. و لذلك أضع أمامك هنا ملاحظتين في صومك: الأولى أنك لا تطلب أصنافًا معينة تلذ لك. والثانية أنه لو وضعت أمامك مثل هذه الأصناف المشتهاة -دون أن تطلب- لا تملأ شهوتك منها. خذ قليلًا واترك الباقي، واضبط نفسك. أو اخلط أصنافًا بأصناف، بحيث تفقد حدة حلاوتها ولذة مذاقها.. ليتك تتدرج في الصوم، حتى تصل ليس فقط إلى الجسد الجائع، بل إلى الجسد الزاهد. بحيث يزهد جسدك هذه المتع التي تقدمها الأطعمة. إن عنصر المنع يبدأ أولًا. ولكنك حينما تدرب نفسك عليه وتعتاده، حينئذ لا تبذل مجهودًا لتمنع نفسك، لأنك تكون قد زهدت هذا الذي كنت تشتهيه أولًا، وتمنع نفسك عنه. وهذا الزهد في الأطعمة والمشروبات يتطور معك حتى تزهد في ملاذ أخرى كثيرة، مثل متع الحواس مثلًا، شهوات الجسد المتعددة.. وحينئذ يرتفع مستواك الروحي.. ويدخل عنصر المنع في مجالات عديدة. فكما تتدرب على منع فمك عن الطعام والشراب، تتدرج إلى منع لسانك عن الكلام البطال وعن الأفكار الباطلة والخاطئة. وتمنع قلبك عن كل شعور خاطئ، وعن كل الشهوات والعواطف غير النقية. وتتدرج هكذا من صوم الفم إلى صوم اللسان، إلى صوم الفكر، إلى صوم القلب. ولا يكون لك فقط جسد صائم، وإنما أيضًا نفس صائمة.. ويصبح الصوم مجرد تعبير عن حالة النقاوة الداخلية التي وصلت إليها. ويكون الصوم عبارة عن فترة روحية تحياها.. وبكثرة الممارسة تتعودها، وتصبح فضائلها بالنسبة إليك هى منهج حياة أعنى أن ما تستفيده روحيًا أثناء صومك، لا تفقده حينما ينتهي الصوم وتفطر، بل يستمر معك. حقًا إنه قد تغير نوع طعامك، ولكن لم تتغير الفضائل التي اقتنيتها أثناء الصوم.. وهنا نفرق بين الإفطار والتسيب. لأن كثيرين يضبطون أنفسهم أثناء الصوم. فإذا ما انتهى وحل العيد، يفقدون كل ما قد اقتنوه، ويظنون أن الإفطار يعنى التسيب وعدم ضبط النفس!! لذلك فالإنسان الذي يتخذ الصوم كواسطة روحية، هو الإنسان الذي يحتفظ في قلبه وفي نفسه وفي إرادته، بكل ما قد اقتناه أثناء الصوم فتستمر الفائدة معه. وإن كان الصوم قد ساعده على التخلص من عادة رديئة أو من عادة معينة، لا يعود إلى ذلك مرة أخرى حينما يفطر. |
||||
30 - 12 - 2013, 06:38 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
امتزاج الصوم بالفضائل ولكي يستفيد الإنسان من الصوم، ولكي يدخل إلى روحانية الصوم، ويصير الصوم فضيلة لروحه وليس لجسده فقط: عليه أن يخلط صومه بفضائل معينة تناسب الصوم وتتمشى معه. *فالصوم لابد أن تصحبه الصلاة. لماذا؟ لأننا نصوم ليس فقط لكي نقهر الجسد ونستعبده (1كو9: 27)، بل لكي نعطى للروح أيضًا فرصة تتغذى فيها بكل الأغذية الروحية النافعة لها: بالصلاة، والقراءة الروحية، والتأمل، ومحبة الله. وفي قسمة الصوم المقدس في القداس الإلهي نكرر عبارة " بالصوم والصلاة.." ويقينًا أن الروح إذا أخذت غذاءها، تستطيع أن تحمل الجسد أثناء صومه فلا يتعب. وهذا نلاحظه في أسبوع الآلام، إذ لا نشعر أبدأ بثقل الصوم لأن الروح تتغذى خلاله بالقراءات والألحان والذكريات المقدسة. وهكذا نستطيع أن نقول عن الصوم الروحي: إن صوم الجسد، يكون فرصة لغذاء الروح. والصوم المصحوب بعشرة الله، يتحول إلى متعة روحية، بحيث يشعر الصائم بتعب إن انقطع عن صومه. وهذا ما كان يحدث للآباء المتوحدين والرهبان، الذين أصبح الصوم بالنسبة إليهم غذاء روحيا، يفرح قلوبهم ويقربهم إلى الله. *الصوم أيضًا لابد أن يرتبط بالتوبة. لأن المهم في الروحيات هو القلب النقى، وليس مجرد الجسد الجائع. وأيضًا لكي يقبل الله صومنا، ولكي نشعر أننا استفدنا من الصوم. وهكذا يقول لنا الوحى الإلهى في سفر يوئيل " قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف" (يؤ2: 15). فالصوم إذن هو فترة مقدسة. وكيف تكون مقدسة بدون توبة؟! وما نحصل عليه من مشاعر التوبة أثناء الصوم، يجب أن يستمر معنا. *الصوم أيضًا يصحبه التذلل أمام الله. وهكذا قال داود النبي " أذللت بالصوم نفسى" (مز 35: 13). وفي صوم أهل نينوى، جلسوا على المسوح والرماد (يون3). وكما ينسحق الجسد بالصوم، كذلك ينبغى أن تنسحق الروح. ولذلك فإن الأصوام تصحب بالمطانيات. ولا تكتفى فيها بأن ينحنى جسدك، إنما تنحنى روحك أيضًا، كما قال داود النبي " لصقت بالتراب نفسه" (مز119) ولم يقل فقط "لصقت بالتراب رأسي" وفي هذا التذلل، تطلب النفس من الله رحمة، لها ولغيرها. وأيضًا تعترف بخطاياها وتطلب مغفرة. وكما قال يوئيل النبي "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم. وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء 2: 13). *الصوم أيضًا تصحبه الصدقة. فالإنسان الذي يطلب رحمة من الله في فترة الصوم، عليه أن يرحم غيره ويعطيه. وما أجمل ما قاله الرب عن ذلك في سفر إشعياء النبي "أليس هذا صوما أختاره: حل قيود الشر ... أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين غلى بيتك. إذا رأيت عريانا أن تكسوه. وأن لا تتغاضى عن لحمك" (أش 58 : 7 ) |
||||
30 - 12 - 2013, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
العطاء، وتطويب العطاء من العبارات الجميلة التي وردت في هذا الموضوع، قول بولس الرسول لرعاة كنيسة أفسس: متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ (أع 20: 35). فلماذا طوب الرب العطاء؟ لاشك لأسباب كثيرة: # تطويب العطاء: في العطاء تشرك الغير في الذي لك، بل بالحرى تشرك الله نفسه في أموالك. ليس فقط حينما تعطى للكنيسة، إنما حينما تعطى للمحتاجين أيضًا. ألم يقل الرب".. لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني".. وشرح ذلك في قوله عن كل هؤلاء المحتاجين: "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم" (مت 25: 35 – 40). إذن ما تعطيه لأحد من المحتاجين، إنما تعطيه للرب نفسه. سواء كان طعامًا لجوعان، أو كساء لعريان.. أو مجرد زيارة تزورها لمريض أو لسجين.. هذه الزيارة هى أيضًا لون من العطاء، تعطى فيه حبًا ومشاركة وجدانية، عطاء للنفس وليس للجسد.. العطاء إذن هو خروج من الذات للشركة مع الآخرين. الإنسان المنطوي على ذاته، يبعد عن الغير، لا يأخذ ولا يعطى. والإنسان الأناني يحب دائمًا أن يأخذ لا أن يعطي. والإنسان الاجتماعي يأخذ من الناس ويعطى. أما الإنسان المحب الباذل، فهو الذي دائمًا يعطى. هو الذي يفضل غيره على نفسه يأخذ دائمًا من نفسه، لكي يعطى لغيره. ومن هنا كانت فضيلة العطاء تمتزج على الدوام بإنكار الذات. فيها تكون الذات في المتكأ الأخير، بينما الأولوية للغير. لا يفكر الإنسان في احتياجاته الشخصية ولوازمه، إنما يفضل غيره على نفسه. وهكذا فعلت أرملة صرفة صيدا في أيام المجاعة، حينما قدمت لإيليا النبى حفنة الدقيق التي عندها، والقليل مما في كوز الزيت، لهذا بارك الله بيتها بركة عظيمة (1مل 7: 11-19). وبالمثل فعلت الأرملة التي دفعت فلسين في الصندوق، فطوبها الرب أكثر من كل الذين أعطوا. لماذا؟ "لأنها من أعوازها أعطت" (لو 21: 4). وليس فقط أعطت من أعوازها، بل أنها أيضًا "أعطت كل معيشتها"، كل الذي لها. وهنا نرى نفس القاعدة التي ذكرناها وهى تفضيل الذات.. يعيش غيرى، ولو أموت أنا. يستوفى هو حاجته، أو أساهم في سد احتياجاته، مهما كنت أنا محتاجًا. وفي تطويب الرب لهذه الأرملة، ونلمح قاعدة هامة هى: إن الله ينظر عمق العطاء لا إلى مقداره0 ومن مظاهر هذا العمق، ارتباط العطاء بالحب. فتحب أن تعطى، وتحب الذي تعطيه. ولذلك فالعطاء الذي يفيدك روحيًا، هو الذي تعطيه، لا عن ضجر ولا تذمر ولا اضطرار، بل بكل مشاعر الرضا والفرح. وكما قال الكتاب: "المعطى المسرور يحبه الله" (2كو9: 7). فأنت تحب الإنسان المحتاج. وبدافع المحبة تعطيه. وتظهر محبتك في طريقة تعاملك وأنت تعطى. ويحس المحتاج بمحبتك فيفرح بها أكثر من فرحه بما يأخذه. إنه يأخذ منك مشاعر قبل أن يأخذ ماديات. ويحس أن عطاءك ليس لونًا من المظاهر أو الرسميات، بل هو عاطفة ومشاركة، أنت أيضًا لا تكون أقل فرحًا منه وأنت تعطيه. كالأم التي تفرح وهى تعطى لابنها، فرحًا سابقًا للعطاء، ومصاحبًا له، وفرحًا بفرح ابنها وهو يأخذ. ولنا مثال كتابي، بفرح الشعب حينما كان يعطى لبناء الهيكل أيام داود النبي. وفى ذلك يقول الكتاب " وفرح الشعب بانتدابهم، لأنهم بقلب كامل انتدبوا للرب (دفعوا بإرادتهم) وداود الملك فرح فرحًا عظيمًا. وبارك الرب أمام كل الجماعة وقال "وَلكِنْ مَنْ أَنَا، وَمَنْ هُوَ شَعْبِي حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نَنْتَدِبَ هكَذَا؟ لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ.. أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، كُلُّ هذِهِ الثَّرْوَةِ الَّتِي هَيَّأْنَاهَا لِنَبْنِيَ لَكَ بَيْتًا لاسْمِ قُدْسِكَ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ يَدِكَ، وَلَكَ الْكُلُّ" (سفر أخبار الأيام الأول 29: 14، 16). جميلة هذه العبارة "من يدك أعطيناك". نحن لا نملك شيئًا. كل منا يقول ما قاله أيوب الصديق "عريانًا خرجت من بطن أمى" (أى 1: 21). وكل ما نملكه حاليًا، نقول فيه أيضًا مع أيوب "الرب أعطى". نقول للرب مع داود "هو من يدك، ولك الكل". لذلك حسنًا أننا في كل عطاء نقدمه للرب، نقول له فيه "من يدك أعطيناك". حقًا، إنه تواضع من الله الغنى، أن يأخذ منا". إنه يعطينا فرصة نعبر فيها عن مشاعرنا. تمامًا مثل الأب الذي يقبل هدية من أبنه، يعبر بها الابن عن محبته لأبيه، بينما ثمن هذه الهدية هو أيضًا من مال أبيه، وكأنه يقول له كذلك " من يدك أعطيناك".. الله الغنى، مصدر كل غنى، الذي له الأرض وما عليها" (مز 24: 1) الله الذي يشبع كل حي من رضاه، من محبته يحب أن يشركنا معه في العناية ببيته وبأولاده، ويكافئنا على ذلك.. يعطينا ما نعطيه، يكافئنا حينما نعطى.. وفي كل ذلك يدربنا على العطاء. يعطينا الحياة والوجود. ثم يقول لنا: في كل أسبوع حياة أعطية لكم، أعطوني منه يومًا يسمى "يوم الرب".. وأعطيكم مالًا. وفي كل ما أعطيه لكم من مال، اعطونى العشر.. وفى كل ذلك نقول له: يا رب من يدك أعطيناك.. أنت هو المعطى لنا، ولمن نعطيهم. وأنت أيضًا الذي تعطينا محبة العطاء0 أعطني صحة وقوة، وأنا أخدمك بها. وكلما أتعب في خدمتك، وكلما أبذل في خدمتك، لا أحسب نفسي مطلقًا أنني قد أعطيتك شيئًا.. فالصحة من عندك، والقوة من عندك، ومحبة الخدمة هو أيضًا من عندك. بل أنا نفسي من عندك. كان ممكنًا أنى لا أولد ولا أوجد. وأنت أعطيتني هذا الوجود الذي أخدمك به، وأعطيتني الكلمة التي أقولها.. وفي كل خدمتي لك وتعبي من أجلك، أقول "من يدك أعطيناك". |
||||
30 - 12 - 2013, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
كيف تعطي؟ لذلك كله، ينبغي أن يكون العطاء بغير افتخار. لا افتخار باللسان، ولا بمشاعر القلب من الداخل، ولا بالفكر.. وكأنك قد أعطيت من عندك!!.. هنا وأتذكر عمق الكلمات التي قالها الرسول "أي شيء لك لم تأخذه؟! وإن كنت قد أخذت، فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟!" (1كو 4: 7).. وإن كان كل ما نعطيه قد أخذناه من الرب، ألا يكون افتخارنا بالعطاء افتخارًا باطلًا؟! لذلك أمر الله أن يكون العطاء في الخفاء. وقال "احترزوا من أن تصنعوا صدقة قدام الناس، لكي ينظروكم. وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات". وقال "لتكون صدقتك في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (مت 6: 1، 4). وهذا الخفاء، لا يقصد به الرب أن يكون خفاء على الناس فقط، وإنما على نفسك أيضًا. فلا تعد أو تحصى كم أعطيت، وإنما: "لا تعرف شمالك، ما تفعله يمينك" (مت 6: 3). لا تذكر كم أعطيت، ولا تتذكر كم أعطيت.. ولا تحسب عطاياك. وحاول أن تنساها جميعها، حتى لا يحاربك بذلك شيطان المجد الباطل، أيضًا حتى لا تستوفى خيراتك على الأرض من تمجيد ذاتك لك... روى عن القديسة ميلانيا، في بدء حياتها الروحية قبل أن تترهب، حينما كانت تقدم إحسانات كثيرة للأديرة والرهبان.. أنها في إحدى المرات وضعت في كيس خمسمائة قطعة من الذهب، وسلمته للقديس الأنبا بموا ليعطيه للرهبان الساكنين في البرية الداخلية. فنادى القديس على تلميذه، وسلمه الكيس كما هو دون أن يفتحه وكلفه بتوزيعه على أولئك الرهبان.. وهنا قالت له ميلانيا "ولكنك لم تفتحه يا أبى لتعرف كم فيه؟" فرد عليها القديس قائلًا "إن كنت قدمت هذا المال لله، فالله يعرف مقداره كم هو".. وكان ذلك درسًا لميلانيا. صفة أخرى من صفات العطاء، وهى السخاء. يقول الكتاب "المعطى فبسخاء" (رو12: 8). ويأمرنا أيضًا أن نكون "أسخياء في العطاء، كرماء في التوزيع" (1تى 6: 18). ويقول "من يزرع بالشح / فبالشح أيضًا يحصد. ومن يزرع بالبركات، فبالبركات أيضًا يحصد" (2كو 9: 6). ويعلل الرب ذلك بقوله "بالكيل الذي به تكيلون، يكال لكم" (لو6: 38). لا يكفى إذن أن تعطى، إنما كن كريمًا في عطائك. أمامنا مثل جميل في الكتاب هو أرونه اليبوسى، حينما أراد داود الملك أن يشترى منه بيدره لكي يبنى مذبحًا للرب. ففرح أرونة بذلك، وأراد أن يتبرع بالبيدر وكل ما فيه. ولذلك قال لداود عن البيدر " فليأخذه سيدى الملك، ويصعد ما يحسن في عينيه. أنظر: البقر للمحرقة. والنوارج وأدوات البقر حطبًا" (سفر صموئيل الثاني 24: 24) " الكل دفعه أرونى إلى الملك. ولكن داود قال لأرونة "لاَ، بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ بِثَمَنٍ، وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً".. كل منهما يريد أن يدفع، وبرضى وفرح، وبسخاء.. ولنتذكر قصة أبينا ابراهيم، لما زاره ثلاثة رجال: قال لأمنا سارة " أسرعي بثلاث كيلات دقيق.. واصنعي خبز ملة"، "ثم ركض ابراهيم إلى البقر، وأخذ عجلًا رخصًا وجيدًا، وأعطاه للغلام، فأسرع ليعمله. ثم أخذ زبدًا ولبنا والعجل الذي عمله، ووضعها قدامهم" (تك 18: 6-8).. هل ثلاثة رجال يحتاجون إلى ثلاثة كيلات دقيق.. وإلى عجل بأكمله، بالإضافة إلى الزبد واللبن؟ أم هو كرم أبينا إبراهيم؟.. أو أنه لفرحه بضيوفه أراد أن يأكل الكل معهم، الغلمان ورعاة الغنم يأكلون من العجل، وأيضًا من الخبز الساخن.معهم0 وبنفس الكرم في عطائنا ن يعاملنا الله.. وهكذا قال "أعطوا تعطوا، كيلًا جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا، يعطون في أحضانكم" (لو 6: 38). وأيضًا "هاتوا جميع العشور إلى الخزانة.. وجربونى بهذا قال رب الجنود، إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات، وافيض عليكم بركة حتى لا توسع.." (ملا 3: 10).. وقيل أيضًا " أكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك، فتمتلئ خزائنك شبعًا، وتفيض معاصرك مسطارًا" (أم 3: 9) ومن الآيات التي تدعو إلى الكرم في العطاء، قول الرب.. "اذهب وبع كل أملاكك، وأعط الفقراء" (مت 19: 21). وأيضًا "بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة" (لو 12: 33). وكذلك قوله "من سألك فأعطه. ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" (لو 6: 30). وأيضًا يقول الكتاب "من له ثوبان،فليعط من ليس له. ومن له طعام، فليفعل هكذا" (لو 3: 11). ومن الصفات الجميلة في العطاء: * أن تعطى دون أن يطلب منك ذلك. فهكذا يفعل أبونا السماوي معنا. وهكذا يفعل الأب والأم مع أولادهم. لتكن لك الحساسية نحو ما يحتاجه الناس، ولا تحوجهم أن يسألوا ويطلبوا. * لا تؤجل العطاء. فربما التأخير يسبب أضرارًا للمحتاجين. وفي ذلك يقول الكتاب "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله. لا تقل لصاحبك: اذهب وعد فأعطيك غدًا، وموجود عندك" (أم 3: 27، 28). * درب نفسك أن تعطى من أفضل ما عندك. فكثيرون لا يعطون إلا الملابس الممزقة أو القديمة، والأشياء التالفة عندهم أو المرفوضة منهم.. هذه يقدمونها للمسيح في أشخاص الفقراء. ليتنا في كل ذلك نتذكر قرابين هابيل الصديق، إذ قيل عنه "وقدم هابيل من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه" (تك 4: 4).. " من أبكار غنمه ومن سمانها " أي أفضل ما عنده. # أمثلة للعطاء: لقد قدم التاريخ أمثلة عجيبة في العطاء. القديس الأنبا ابرام أسقف الفيوم، والقديس الأنبا صرابامون أبو طرحه أسقف المنوفية، وقصص عطائهما كثيرة جدًا وعجيبة، ليس الآن مجالها.. والقديس يوحنا الرحوم الذي باع كل شيء وأعطاه للفقراء. وإذ لم يجد شيئًا آخر يبيعه، باع نفسه عبدًا، وتبرع بالثمن للفقراء. أيضًا القديس سيرابيون، الذي أعطى ثوبه لفقير ومشى عريانًا وباع إنجيله أيضًا وأعطى الثمن للفقراء. فلما سأله تلميذه عن ذلك، أجابه: كان الإنجيل يقول لي اذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء، فبعته إذ لم يكن لي غيره وفى العصر الرسولي قيل "كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت، كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل. فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج (أع 4: 34، 35). |
||||
30 - 12 - 2013, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
شركة الله في أموالك يشترك الله في مالك لكي يباركه، لا ليأخذ منه، فهو مصدر لكل غنى. ويشترك في مالك، لكي يشركك معه في عمل الخير الذي يمكن أن يقوم به وحده، ولكنه -من تواضعه- يحب أن يتم هذا الخير بواسطتك. أقدم اشتراك لله فيما أعطاه للإنسان، كان هو الذبائح والمحرقات. وهو أمر قديم جدًا، أقدم من الشريعة المكتوبة. بل هو منذ نشأة الإنسان نفسه. ويروى لنا الكتاب تقدمة هابيل البار فيقول إنه " قدم للرب من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه" (تك 1: 4). ولعل هابيل أخذ فكرة تقديم الذبيحة والمحرقة عن أبيه آدم الذي أخذها من الله نفسه. هنا نرى أيضًا نشأة التقليدTradition ونشأة الذبائح، ونشأة التقدمات، أعنى تقديم شيء لله، بما كان يحمله ذلك من رمز. واستمرت فكرة الذبائح والمحرقات في تاريخ البشرية. نسمع عن المحرقات التي أصعدها أبونا نوح من على المذبح بعد رسو الفلك، فتنسم الرب منها رائحة الرضا (تك 8: 20، 21). ونسمع عن ذبائح أبينا إبراهيم (تك12). وعن محرقات أيوب الصديق (أى 1: 5).. ونظمت الذبائح والمحرقات والتقدمات في الشريعة المكتوبة، في سفر اللاويين أيام موسى النبي. وكانت تحمل رموزًا0 وإن كانت ذبيحة المسيح قد حلت محل خروف الفصح (خر12) ومحل المحرقة وذبيحة الخطية وذبيحة الإثم، إلا أن ذبيحة السلامة التي كانت تعبر عن الشكر وعرفانًا بجميل الرب، ويأكل منها مقدمها وأصحابه معه، لا يزال الكثيرون يقدمونها إلى الآن، بأسلوب يختلف عن العهد القديم في كثير من التفاصيل.. |
||||
30 - 12 - 2013, 06:47 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
العشور ننتقل إلى نقطة أخرى وهى العشور.. و العشور هى أيضًا أقدم من الشريعة المكتوبة. نسمع عن أبينا يعقوب لما رأى سلمًا بين السماء والأرض، أنه قال لله "إن كان الله معي وحفظني.. ورجعت بسلام إلى بيت أبى، يكون الرب لي إلهًا.. وكل ما تعطيني فإني أعشرة لك" (تك 28: 20 – 22). ولعل يعقوب قد أخذ فكرة العشور عن جده أبينا إبراهيم، الذي قدم العشور إلى ملكي صادق كاهن الله العلى "فأعطاه عشرًا من كل شيء" (تك 14: 20). ثم أمر الله بالعشور في الشريعة أيام موسى النبي. فقال "تعشيرًا تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة" (تث 14: 22). "وكل عشر الأرض من كل حبوب الأرض وأثمار الشجر، فهو للرب، قدس للرب.." (لا 27: 30). "عشر حنطتك وخمرك وزيتك" (تث 12: 17) (تث 14: 23) " وأما كل عشر البقر والغنم، فكل ما يعبر تحت العصا، يكون العاشر قدسًا للرب" (لا 27: 32). وبالإجمال لخص زكا العشار كل في عبارة واحدة قال فيها " وأعشر جميع أموالى" (لو 18: 12) أو هى عبارة أبينا يعقوب أبى الآباء " وكل ما تعطيني أعشرة لك" (تك 28: 22) حتى الكاهن الذي كان يأخذ العشور من الشعب، كان يقدم عشرها للرب، رفيعة للرب. وكانت أعشار هذه تسمى الرفائع (عد 18: 26، 28). والذي لا يدفع العشور، يعتبر أنه سلب الرب. ورد هذا صراحة في سفر ملاخي النبي، حيث قال الرب "أيسلب الإنسان؟! فإنكم سلبتموني. فقلتم بما سلبناك؟ في العشور والتقدمة.. هاتوا جميع العشور إلى الخزنة وجربوني قال رب الجنود: إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء، وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع.." (ملا 3: 8-10) المال الذي لا تدفعه في العشور، هو مال ظلم. لأنك سلبت فيه الرب، وظلمت الكنيسة كما ظلمت الفقراء أصحابه.. لذلك قال السيد الرب "اصنعوا لكم أصدقاء من مال الظلم" (لو 16: 9). هؤلاء الأصدقاء هم الفقراء الذين يصلون من أجلكم "حتى يقبلوكم في المظال الأبدية". حتى إن كنت محتاجًا، ادفع العشور متمثلًا بتلك المرأة التي دفعت من أعوازها (لو 21: 4). ولعل البعض يسأل هنا: هل نعطى أقربائنا من العشور؟! نعم، أعطهم إن كانوا محتاجين. فإن الرسول يقول "إن كان أحد لا يعتني بخاصته ولاسيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان وصار شرًا من غير المؤمن" (1تى 5: 8).. إذن أعطهم، ولكن لا تعطهم وحدهم. لئلا يظن أن مجرد الواجب، أو رابطة الدم، هى التي دفعتك للعطاء. فإن أعطيتهم الكل، تكون قد بخست حق باقي الفقراء المستحقين معهم أو الذين قد يكونون استحقاقًا للعطاء منهم.. كل مال يصل إليك، إفرز عشره للرب.. سواء كان مرتبك الثابت، أو موارد أخرى إضافية، أو منحًا أو موارد طارئة. سواء كان مالًا أو أشياء عينية تعرف قيمتها ويدفع عشرها.. الكل تخصم عشره، وتفرزه في صندوق خاص بالرب. ولا تقع في الخطأ الذي يقع فيه كثيرون: إذ ينفقون من إيراداتهم أولًا، ثم يفحصون هل تبقى لله شيء لم يتبق!! جاعلين استحقاقات الرب في آخر القائمة، أو قد ينسونها! أو يعتبرون مصروفاتهم الأخرى تحت قائمة الضروريات. أما نصيب الرب، فمن الكماليات أو من الفائض! أما أنت فاخصمه من إيرادك مباشرة، كما تخصم منك أمور رسمية معينة.. واعلم أن العشور هى الحد الأدنى في العطاء. إنها تدخل في العطاء اليهودي وليس المسيحي. أما في المسيحية، فيقول الكتاب "من سألك فأعطه" (مت 5: 42). ويقول أيضًا "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض.. بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء" (مت 6: 19، 20). إذن لا يصح أن تكتفي بدفع العشور، ولا تعطى من يحتاج بينما عندك ما تكنزه. ولا تقل عند دفع العشور إن الله قد استوفى حقه!! أو استوفى كل حقه عليك!! ويستريح ضميرك عند هذا الحد، وتغلق قلبك أمام طلبات المحتاجين! فإن الكتاب يقول "من يسد أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضًا يصرخ ولا يستجاب" (أم 21: 13).. لتكن المحبة ثابتة في قلبك، ولا تتعامل مع الله ومع الكنيسة ومع الفقراء بعلم الحساب دون القلب!! وكلما عرضت أمامك مناسبة لعمل الرحمة، لا تغلق أمامها قلبك بحجة أنك قد دفعت العشور... فى عطائك ارتفع فوق مستوى العشور.. فقد قال السيد المسيح له المجد "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين، لن تدخلوا ملكوت السموات" (مت 5: 20). والكتبة والفريسيون كانوا بلا شك يدفعون العشور. إذن لابد أن تدفع أكثر. لا تكن ناموسيًا تكتفي بحرفية الناموس. إنما في عطائك تعامل بقلبك وبحبك. ولا تحب مالك أكثر مما تحب الفقراء. واذكر قول الرب "إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء" (مت 19: 21). وإن سمعت هذه العبارة، فلا تمضى حزينًا مثل الشاب الغنى الذي كان أول من سمعها.. على أن العشور ليست هى كل شركة الرب في مالك |
||||
30 - 12 - 2013, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
البكور نسمع عرضًا عن البكور في تقدمة هابيل البار الذي قدم من "أبكار غنمه ومن سمانها" (تك 4:4). يعنى أفضل ما عنده. وكان ذلك طبعًا قبل الشريعة المكتوبة.. أما في شريعة موسى، فقد نظم الله البكور في كل شيء، سواء في الإنسان أو الحيوان، أو في ثمار الأشجار. فعن بكور المواليد، قال: "قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم.. من الناس ومن البهائم. إنه لي" (خر 13:2). وكان الأبكار من كل الشعب من نصيب الرب يخدمونه، إلى أن استبدلهم بسبط لاوي وبنى هرون. فهم الأبكار بالمعنى الرمزي أو الروحي.. وحتى بعد اختيار سبط لاوي، ظل البكر بمكانته كقدس للرب، تقدم عنه ذبيحة في الهيكل. وهكذا قيل عن السيد المسيح في يوم الأربعين لمولده "صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب. كما هو مكتوب في ناموس الرب إن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسًا للرب، ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب"(لو 2: 22، 23). فما الذي نقدمه للرب من أولادنا؟! ألا يشمل العطاء الأبناء أيضًا؟! إن لم يكن كل بكر، فعلى الأقل بعض الأبناء.. إن لم يكن الإبن الوحيد، كما ذهب أبونا إبراهيم ليقدم ابنه وحيده اسحق، فعلى الأقل أحد الأبناء.. إن كان مطلوبًا للرب ككاهن أو راهب، أو لخدمة التكريس أيًا كانت.. إن تقدمة البكور أقوى من العشور.. لأنها تكون كل ما للإنسان في ذلك الوقت، فالابن البكر عند ولادته يكون هو الابن الوحيد، وعندما قدمت حنة ابنها صموئيل، كان وقتذاك ابنها الوحيد. وحينما صار يوحنا نصيبًا للرب كان هو الابن الوحيد لزكريا واليصابات. وأيضًا السيد المسيح هو الابن البكر للعذراء، وهو أيضًا ابنها الوحيد، ليس فقط وقت ولادته، إنما خلال كل حياتها.. الابن البكر له مكانته الكبيرة، وله فرحته وإعطاؤه للرب يحمل تفضيلًا للرب على النفس بالنسبة إلى المعطى. ولم تقتصر وصية البكور على الابن البكر، إنما شملت كل البكور، فأمر الرب من جهة: بكور المحاصيل، وثمار الأشجار. وقال في ذلك "أول أبكار أرضك تحضره للرب إلهك" (خر 23: 19). "تأتون بحزمة أول حصيدكم إلى الكاهن. فيردد الحزمة أمام الرب للرضا عنكم" (لا 23: 10). "تأخذون من أول كل ثمر الأرض.. وتضعه في سلة.. وتأتى (به) إلى الكاهن.. ثم تضعه أمام الرب إلهك " (تث 26: 2-10) كذلك أمر الرب من جهة بكور الحيوانات. فقال " تقدم للرب كل فاتح رحم، وكل بكر من نتاج البهائم التي تكون لك، الذكور للرب. ولكن كل بكر حمار تفديه بشاه" (خر 13: 12، 13).. "لي كل فاتح رحم. كل ما يولد ذكرًا من مواشيك، بكرًا من ثور وشاة. أما بكر الحمار فتفديه بشاه" (خر 34: 19). وأيضًا أول العجين.. حتى حينما يعجنون للخبز، ورد في سفر حزقيال "وتعطون الكاهن أوائل عجينكم، فتحل البركة على بيتك" (خر 44: 30). وهكذا يأخذ الرب من أوائل (بكور) كل الذي لك. فتجعل الرب أولًا في كل شيء. يكون أول من يأخذ من شجرك وأرضك وغنمك وبهائمك، بل أيضًا أول نسلك. فيبارك الرب الكل. وحتى حينما أخذ اللاويين بدلًا من الأبكار، طلب أن تقدم ذبيحة عن بكرك، لتفديه، فقال " وكل بكر إنسان من أولادك تفديه" (خر 13: 13، 15). كيف ننفذ إذن وصية البكور في أيامنا. ليست ثروة كل الناس محاصيل الأرض أو نتاج الماشية والأغنام. ففي عصرنا الحاضر: *تدفع للرب أول مرتب تستلمه في وظيفتك، ويفضل أول شهر من مرتبك. فالذي يعين في وظيفة في الربع الأخير من الشهر، هل يكفى أن يدفع هذا الربع باعتباره البكور؟ *تدفع للرب أيضًا أول علاوة، وأول زيادة في ترقيتك، وأول منحة، وأول أجر لعمل إضافي: بالنسبة إلى الطبيب مثلًا أول كشف أو أول عملية جراحية. وبالنسبة إلى المدرس أول درس خصوصي.. وهكذا في باقي الحرف والوظائف. بالإضافة إلى العشور والبكور توجد مشاركة أخرى لله. |
||||
30 - 12 - 2013, 06:50 PM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
النذور و النذور هى شيء آخر غير العشوروالبكور. هى تعهد منك أمام الله، في حال خير يقدمه الله لك، أو مساعدة في أمر ما، أو إنقاذ من ضيقة.. ومن أجمل وأشمل ما ورد عن النذور في الكتاب، ما ورد في سفر الجامعة الأصحاح الخامس. حيث يشمل: الوفاء بالنذر، عدم تأخيره، عدم تغييره.. فقيل: "أوف بما نذرته. أن لا تنذر خير من أن تنذر ولا تفي" (جا 5: 4، 5) "إذا نذرت نذرًا لله، فلا تتأخر عن الوفاء به" (جا 5: 4). "لا تستعجل فمك، ولا يسرع قلبك إلى نطق كلام قدام الله.. لا تقل قدام الملاك أنه سهو. لماذا يغضب الله على قولك ويفسد عمل يديك" (جا 5:2، 6). وحينما نتكلم عن النذر، نقصد نذر المال أو نذر الحياة لا تتسرع في أن تنذر شيئًا للرب لا تقدر فيما بعد على تنفيذه. ولا تنذر البتولية مثلًا في حالة انفعال روحي، ثم تدرك أنك غير مستطيع أن تحيا هذه الحياة. فبدلًا من النذر، قدم رغباتك كصلاة.. قل له: يا رب، هذه هى أمنية قلبي. فإن رأيت أن ذلك نافع لي وممكن، حققه لي، وامنحني القوة على التنفيذ. ولتكن مشيئتك في حياتي. نقطة أخرى في شركة الرب في أموالك |
||||
30 - 12 - 2013, 06:51 PM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
القرابين القرابين التي تتقرب بها إلى الله و الكنيسة تذكر كل تلك العطايا في "أوشية القرابين".. الذين يقدمون للكنيسة: الخمر والزيت والبخور والستور، وكتب القراءة وأواني المذبح. وتطلب أن يعوضهم الرب الفانيات بالباقيات، والأرضيات بالسماويات. أصحاب الكثير وأصحاب القليل. بل تصلى أيضًا من أجل "الذين يريدون أن يقدموا وليس لهم، أي نية العطاء". البعض مثلًا يحب أن يقدم دقيقًا نقيًا لخبز (الحمل). والبعض يسأل عن احتياج الكنيسة ليقدمه، بدلًا من أن يقدم الناس عشرات الستور، بينما تحتاج الكنيسة إلى أشياء أخرى ضرورية. أو يقدم البعض أيقونات عديدة، الكنيسة ليست في حاجة إليها، ولا يوجد بينها توافق في الفن. يقدم لنا الكتاب أمثلة أخرى من العناية بالفقراء. فيقول مثلًا "وعندما تحصدون حصيد أرضكم، لا تكمل زوايا حقلك في حصادك. ولقاط حصيدك لا تلتقط. للمسكين والغريب تتركه" (لا 23: 22). ويقول أيضًا "ست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها. وأما في السابعة فتريحها. وتتركها ليأكل فقراء شعبك وفضلتهم تأكلها حيوانات الأرض. وكذلك تفعل بكرمك وزيتونك" (خر 23: 10، 11). كيف نطبق هذا المبدأ الروحي، في الحياة غير الزراعية..؟ على كل من أجمل كلمات الكتاب عن العطاء، قول الرب "ولا يظهروا أمامي فارغين" (خر 23: 15) (خر 34: 20). |
||||
30 - 12 - 2013, 07:04 PM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
أنواع من الخدمة و الخدمة على أنواع: منها الاجتماعية، ومنها الروحية، وخدمات أخرى كثيرة.. ومن أجمل ما قيل في الخدمة الروحية، قول الكتاب "مَنْ رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). وأيضًا " لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تى 4: 16). إذن هى خدمة تتعلق بخلاص النفس. ما أمجدها!! والكتاب يقول "نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس" (1بط 1: 9). أما الخدمة الاجتماعية، فمن سموها أيضًا جعلها الرب ميزانًا للدينونة في اليوم الأخير: إذ يقول للذين عن يمينه "كنت جوعانًا فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني. محبوسًا فأتيتم إليَّ" (مت 25: 35 – 40) ويشرح ذلك بقوله "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم". معتبرًا كل هؤلاء المحتاجين كشخصه تمامًا.. ويقول الكتاب أيضًا "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ." (رسالة يعقوب 1: 27). وقد رأينا أنواعًا من الخدمة تشمل المجتمع كله. وتتعداه إلى مستوى عالمي.. فالهيئات العالمية مثل الصليب الأحمر وجمعيات الإسعاف، والهيئات الدولية للإغاثة، وأمثالها، هذه التي تقدم معونة لكل محتاج أينما كان، سواء في البلاد التي حدثت فيها كوارث طبيعية كالفيضانات مثلًا، أو كوارث حربية، أو مجاعات، تجد المعونات تصلها من بلاد بعيدة ربما ما كانت تعرفها من قبل، ولا كانت بينها وبينها صلة. ولكنه الشعور الإنساني والمحبة نحو الكل، التي تهب من تلقاء ذاتها لإغاثة المحتاج. فإن كانت الهيئات العلمانية التي لا صلة لها بالكنيسة تفعل هكذا، فكم بالأولى نحن؟! أنت مطالب أن تفعل شيئًا من أجل أخيك الإنسان. وقد أعطانا الرب مثال السامري الصالح (لوقا 10: 30 – 37) الذي أغاث وهو سائر في الطريق إنسانًا، على الرغم من وجود عداوة بين شعبه وشعبه. ولكنها المحبة التي لا تعرف تفريقًا. ولا يقل أحد في نفسه " لست مدعوًا للخدمة"!! كلا، فأنت مدعو أن تحب الكل، وتعبر عن محبتك بالخدمة. أما الخدمة التعليمية فتحتاج إلى أن ترسلك الكنيسة (رو 10: 15) لأنه ليس كل إنسان صالحًا للكرازة والتعليم.. إذن هى أنواع عديدة من الخدمة. وكل إنسان يخدم حسب النعمة المعطاة من الله. ولا يستطيع إنسان مطلقًا أن يقول إن الله لم يهبه أية إمكانات للخدمة. لابد أنه يستطيع أن يفعل شيئًا.. والإنسان الخدوم، أقصد الذي فيه روح الخدمة، تجده يخدم في كل مجال: في البيت، في مكان العمل أو الدراسة، في الكنيسة، في الطريق، في النادي.. مع كل أحد. إنه إنسان معطاء. كل من يقابله، لابد أن ينال من عطائه. أسأل نفسك إذن: ما نصيب الآخرين في حياتي؟ إن التكريس يحتاج إلى دعوة. أما الخدمة العامة فلا تحتاج إلا إلى الحب، والدافع القلبي نحو خدمة الآخرين. وهذه في حد ذاتها دعوة قلبية.. أتذكر في إحدى المرات سألني طبيب جراح عما يستطيع أن يعمله لأجل الآخرين. فقلت له: على الأقل عشر العمليات الجراحية التي تقوم بإجرائها، لتكن للفقراء بالتنازل عن أجرك من مهنتك.. |
||||
|