رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا تقس قلبك مدى الاستجابة لصوت الله إن الله يدعو الجميع إلى التوبة.. ولكن القلوب تختلف في مدى استجابتها. الله من فرط محبته للبشر "يريد أن الجميع يخلصون" (1تى 2: 4). وهو بنفسه يسعى إلى خلاصهم ومن أجل خلاصهم أرسل الأنبياء والرسل، وأرسل وحيه الإلهي ينادينا في كتابه المقدس أن نرجع إليه ونتوب "ومتغاضيا عن أزمنة الجهل" (أع 17: 30). ووضع فينا الضمير لكي يبكتنا، وأرسل إلينا روحه القدوس يعمل فينا. وأقام لنا الرعاة والكهنة والوعاظ والمعلمين، لكي نسمع صوت الله إلينا من أفواههم.. ولكن المهم هو: من يسمع؟ ومن يقبل؟ وما مدى استجابتنا لصوت الله؟ وهنا تختلف نوعية القلوب: مثال ذلك: الغصن اللين، والغصن اليابس: الغصن اللين يتجاوب معك: تعدله ينعدل، تقيمه يستقيم تغير وضعه. إنه طيع في يديك. أما الغصن اليابس فلا يلين لك. وإن أردت أن تعدله يقاوم.. وعلى رأى الشاعر الذي قال: إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته الخشب هناك قلوب قاسية من هذا النوع، يعمل الرب معها فلا تستجيب. تماما مثل مريض لا يستجيب للعلاج. يقدم له الطبيب الأدوية المألوفة لمرضه، والتي يستجيب لها أمثاله من المرضى. أما جسده هو، فلا يستجيب لها. لا تأتى هذه العلاجات بنتيجة معه. وقد يستمر المرض كما هو، على الرغم من العلاج، أو تتأخر الحالة عن ذي قبل.. وهكذا القلب القاسي الذي لا تأتى وسائط النعمة بأية نتيجة معه. وتستمر طباعه كما هي، وأخطاؤه كما هي. يقينا إن هذا القلب القاسي لا يريد أن يبرأ. أو هو -لقساوة قلبه- لا يريد أن يعترف بأنه مريض يحتاج إلى شفاء. فيبقى في مرضه كما هو. كالفريسيين القساة الذين عاصروا وعاشروا المسيح سنوات ورأوا معجزاته ولم يستفيدوا، بل قالوا بعدها إنه خاطئ! وسمعوا تعليمة ولم يستفيدوا، بل قالوا إنه مضل وناقص للشريعة. وينطبق على هؤلاء القساة القلوب، قول سليمان الحكيم: إن دققت الأحمق في هاون.. لا تفارقه حماقته (أم 27: 22) ذلك لأن قساوة القلب، لا تسمح للخاطئ المتمسك بمساكه، أن يغير سلوكه أو يترك خطيئته. إنه رافض لله مهما سعى الله إليه ليخلصه.. عجيب أن الله الحنون يسعى وراء الإنسان. والإنسان يرفض الله! الله العظيم يسعى إلى التراب والرماد. والتراب الرماد يغلق قلبه أمام الله. الله يتكلم وينادى. وهذا المخلوق المسكين يسد أذنيه، ويسد قلبه، ويرفض أن يفتح للرب. الله يقرع على الباب، حتى يمتلئ رأسه من الطل، وقصصه من ندى الليل (نش 5: 2). والإنسان يغلق بابه، ولا يأبه بهذا القلب الكبير الذي أتاه "طافرًا على الجبال، قافزًا على التلال" (نش 2: 8).. إنها قساوة قلب. وقد نرى أحيانا إنسانا يقسو على أخيه الإنسان، فلا نستريح لقساوته.. أما أن يقسو الإنسان على الله نفسه، فهذا كثير.. ما أعجب أن يكون الإنسان قاسيًا في معاملته مع الله، الله الحنون الطيب الذي روح هذا الإنسان في يده، والذي يعامل الكل برقة متناهية. ولكن ليست كل القلوب هكذا، فهناك قلوب طيبة، لا تحتمل طرقة الله على بابها، فتقوم لتفتح له بلا إبطاء، حالما صوته الإلهي. من كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث |
|