نفتح الكتاب المقدس على سفر التثنية الاصحاح 8 لنقرأ معًا.
كتب كلمات هذا الاصحاح موسى، وهو يوجهها لشعب الله الجيل الثاني، لأن الجيل الأول الذي أخرجه موسى من أرض مصر قد مات في البرية، وموسى يعيد كلام الرب للجيل الثاني:
" جميع الوصايا التي أنا أوصيكم بها اليوم تحفظون لتعملوها لكي تحيوا وتكثروا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم. وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب الهك هذه الأربعين سنة في القفر، لكي يذلك ويجرّبك ليعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا. فأذلك وأجاعك وأطعمك المنّ الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك لكي يعلمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الانسان. ثيابك لم تبلَ عليك ورجلك لم تتورّم هذه الأربعين سنة. فاعلم في قلبك أنه كما يؤدّب الانسان ابنه قد أدّبك الرب الهك. واحفظ وصايا الرب الهك لتسلك في طرقه وتتقيه. لأن الرب الهك آتٍ بك الى أرض جيّدة أرض أنهار من عيون وغمار تنبع في البقاع والجبال. أرض حنطة وشعير وكرم وتين ورمان. أرض زيتون زيت وعسل. أرض ليس بالمسكنة تأكل فيها خبزًا ولا يعوزك فيها شيء. أرض حجارتها حديد ومن جبالها تحفر نحاسًا. فمتى أكلت وشبعت تبارك الرب الهك لأجل الأرض الجيّدة التي أعطاك. احترز من أن تنسى الرب الهك ولا تحفظ وصاياه وأحكامه وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم. لئلا اذا أكلت وشبعت وبنيت بيوتًا جيدة وسكنت. وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر كل مالك. يرتفع قلبك وتنسى الرب الهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. الذي سار بك في القفر العظيم المخوف مكان حيّات محرقة وعقارب وعطش حيث ليس ماء. الذي أخرج لك ماء من صخرة الصوّان. الذي أطعمك في البرية المنّ الذي لم يعرفه آباؤك لكي يذلك ويجرّبك لكي يحسن اليك في آخرتك. ولئلا تقول في قلبك قوّتي وقدرة يدي اصطنعت لي هذه الثروة. بل اذكر الرب الهك أنه هو الذي يعطيك قوة لاصطناع الثروة لكي يفي بعهده الذي أقسم به لآبائك كما في هذا اليوم. وان نسيت الرب الهك وذهبت وراء آلهة أخرى وعبدتها وسجدت لها أشهد عليكم اليوم أنكم تبيدون لا محالة. كالشعوب الذين يبيدهم الرب من أمامكم كذلك تبيدون لأجل أنكم لم تسمعوا لقول الرب الهكم ".
وكذلك نقرأ من انجيل لوقا الاصحاح 4 : 1 – 13:
" أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس وكان يُقتاد بالروح في البرية أربعين يومًا يُجرّب من ابليس. ولم يأكل شيئًا في تلك الأيام ولما تمّت جاع أخيرًا. وقال له ابليس: ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر أن يصير خبزًا. فأجابه يسوع قائلاً: مكتوب أن ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله. ثم أصعده ابليس الى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له ابليس: لك أعطي هذا السلطان ومجدهنّ لأنه اليّ قد دفع وأنا أعطيه لمن أريد. فان سجدت أمامي يكون لك الجميع. فأجابه يسوع وقال: اذهب يا شيطان أنه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد. ثم جاء به الى أورشليم وأقامه على جناح الهيكل وقال له: ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى أسفل. لأنه مكتوب أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك. وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فأجاب يسوع وقال له: أنه قيل لا تجرّب الرب الهك. ولما أكمل ابليس كل تجربة فارقه الى حين ".
ارفع قلبك معي وقل: كلمني يا رب في هذا النهار. أريد أن اسمع صوتك وما تريد أن توصله الى مسامعي وأعماقي اليوم.
نأتي الى الرب، نأتي أمامك يا رب لأن نفوسنا عطشانة اليك. في اسمك وسلطانك أنا أكسر كل جمود على كل قلب على كل نفس، أصلي اليك حتى تقع قشور من كل عين الآن لترى مجدك.
اقول لكل الآذان: انفتحي لتسمعي صوت الرب. في اسمك وسلطانك يا رب نعلن خضوعنا لشخصك. أستأسر كل فكر الى طاعة ربنا يسوع المسيح. نهدم كل ظنون كل علو يرتفع ضد معرفتك. وأنا أصلي في اسمك لأنه مكتوب " أرسل كلمته فشفاهم " أرسل كلمتك فتشفي شعبك يا رب بكلام علم وبكلمة جديدة، اصلي أن يتدفق روح الاعلان في هذا المكان يا رب، لأن من كلمتك تتدفق الحياة، تأتي فتأسرنا، تأتي فتفتح العيون، تأتي كلمتك فتشفي وتحرّر وتطلق وتنقذ وتخلص. أصلي في اسمك أن ما من أحد يترك هذا المكان الا وقد تقابل معك يا رب وجهًا لوجه، وعرفَ أنك تكلمه، أنت تريد أن تأتي وتشبعنا من خيرك يا رب. في اسم يسوع آمين.
قصة الله مع شعبه قصة عظيمة وعجيبة. يقول لنا في الرسالة الأولى الى كورنثوس الاصحاح 10 العدد 11 " هذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكُتبت لانذارنا نحن الذين انتهت الينا أواخر الدهور ".
كل الذي حصل مع شعب الله في العهد القديم كتب لنا نحن. هم كانوا مثالاً لنا، ولكن نحن الذين انتهت الينا أواخر الدهور، الذين نعيش في الأرض هذه الأيام، والله قصد من خلال تعامله ومسيرته مع شعبه أن يعلم كل واحد منا ويعطينا أن نفهم الدرس.
الله كان عنده مدرسة يُدخل فيها شعبه، وصنع الله ذات يوم عهد مع ابراهيم، وربنا اله نبوي يتكلم بما هو آتٍ، قال لابراهيم في سفر التكوين:
" ها أنا أصنع عهدي معك ومع نسلك من بعدك ".
وتنبأ الرب أن نسل ابراهيم سيكون في أرض غريبة مدة 400 سنة. سيُذلّ هناك وسأبقيه هناك، لأن اثم الأمّوريين لم يكن قد اكتمل بعد.
كان الرب يريد أن يوصل شعبه الى الأرض، الى الموعد، الى الميراث، ولكنهُ كان ينتظر أن تكتمل آثام بعض الشعوب الى نهايتها.
وقد تتساءل لماذا لم يأتِ الرب بخلاصه الى لبنان؟ لماذا لم ينقذنا مع أننا نصلي؟
وأقول لك : لأن إثم بعض الشعوب لم يكتمل بعد. ولكن حين يكتمل، سيأتي الله ويكون خروجه يقينًا كالفجر، وستراه كل عين وستسمع به كل أذن، لكنه يتأنى ويصبر.
بعد 400 سنة أتمّ الرب كلمته بالحرف الواحد. أقام رجلاً اسمه موسى، رأى موسى أنه يقدر بقوة ذراعه أن يخلص الشعب. ويقول الكتاب المقدس أنه في سن 40 سنة رأى أن هناك احتدادًا بين رجل اسرائيلي ورجل مصري، فتحمّس موسى للاسرائيلي فقتل المصريّ دفاعًا عن الاسرائيلي. وفي اليوم الثاني كان هناك احتدادًا بين رجلين اسرائيليين فتدخل موسى ليصنع صلحًا فقال أحدهما لموسى: هل تريد أن تقتلني كما قتلت المصري؟ فخاف موسى لافتضاح أمره وهرب الى البرية.
هرب الى البرية حيث بقي 40 سنة: ثاني رجل في مصر، ابن ابنة فرعون، والذي كان يمكن أن يرث العرش، تقول عنه كلمة الله: ان الله أخذه، سحبه ورماه في البرية.
كان البارحة قائدًا عسكريًا وكان ممتلئًا من الفهم والحكمة والمعرفة، وتهذَّب بكل حكمة المصريين، ولكن بعد 40 سنة دعاه الرب فردّ عليه قائلاً: اختر شخصًا آخر غيري، لأني رجل ثقيل الفم واللسان.
ماذا حدث؟
خلال وجود موسى في البرية أخرج الله من موسى اعتداده بنفسه، أخرج احساسه أنه قادر أن ينتصر بقوة ذراعه، أفهمه الرب أنني أنا الذي سأضع فيك قوتي بعد 40 سنة في البرية، لم يسمع خلالها موسى غير ثغاء الحملان، اذ كان يرعى الغنم والخراف.
كان يحمل عصا ويقود بعض الغنم، فهل يقدر شخص مثله أن يخرج شعب الله من مصر؟
نعم يقدر.. لأن ملك الملوك ورب الأرباب عنده مدرسة يُدخل اليها الجبابرة والكبار، اسمها: مدرسة البرّية.
وكلمة الرب لنا في هذا اليوم هي: مدرسة البرّية.
كل واحد منا يجتاز هذه المدرسة، واذا كنت غير فاهم، فأنا أصلي الى الرب كي تفهم وتعي البرية التي تجتاز فيها.
في ذات المثال، الله صنع نفس الأمر مع ابنه المبارك الرب يسوع المسيح، اذ قبل أن ينطلق للخدمة، وقبل أن يأخذ الأرض الموعود بها من الآب، اقتاده الروح الى البرية، وكان يُجرّب لمدة 40 يومًا، وكل يوم مقابل سنة من المدة التي عاشها شعب الله في البرية، وعندما نقرأ نجد أن التجارب التي خاضها الرب يسوع هي الدروس نفسها التي علمها الله لشعبه في القديم.
وسنتوقف عند كل درس، كان الله يريد أن يصنع أمرًا مع هذا الشعب الذي لم يكن مهيأً للدخول وامتلاك الأرض.
يعقوب وأولاده وأحفاده كانوا 70 شخصًا عندما ذهبوا الى مصر، وعندما دعاهم الله للخروج منها كان عددهم قد تجاوز المليوني نفس، أتى بهم موسى بذراع الرب القديرة الممدودة، بذراع الرب المرتفعة على فرعون مصر الذي كان يملك على كل الأرض بحسب الأبعاد والحدود التي كانت معروفة آنذاك، بذراع قديرة وبيد قوية خرج الشعب من مصر، بترنُّم وهتاف وفرح بأن الرب القدير قد صنع أمرًا عظيمًا.
وخرجت مريم النبية أخت موسى مع النساء وصرنَ يهتفنَ ويرقصنَ لله الذي صنع خلاصَا لشعبه، لأن فرعون وفرسه ومركباته قد طرحوا في البحر.
الرحلة من مصر الى أرض الموعد تستغرق 11 يومًا على الأقدام. الرب دعاك وأنت تحس أنك قريب من الأرض التي يدعوك اليها، ولكن الذي يحدث أنك تأخذ وقتًا طويلاً جدا لتحقيق ذلك، اذ عندما تسمع نبوّة على حياتك، تحسّ أنها ستتحقق في اليوم التالي، لكن قبل أن تدخل أرض الموعد هناك مدرسة لا بدّ أن تعبرها، لكي تصبح بعدها مستعدًا وجاهزًا لتدخل وتمتلك الأرض.
خرج شعب الله من مصر ليس بعقلية الأحرار وبقدرة القادر أن يمتلك، خرج وهو لا يمتلك قوة كي يواجه الأعداء ويدكّ حصونهم، بل خرج شعب الله بعقلية العبيد، خرج بعقلية الانسحاب، اذ عندما زاد فرعون من حدّة الضغط وشدّد عليهم العبودية بسبب مواجهة هارون وموسى له، توجّه الشعب اليهما وقال لهما: لقد كدّرتمانا لأن فرعون يزيد من أثقاله علينا، لقد كانت الأمور تسير والحمد لله.
بسبب الضغط الذي كان عليهم كانوا يعيشون بعقلية: الحمد لله كل شيء مقبول، العبودية والأثقال مقبولان من فرعون، نأكل ونشرب وهذه هي الحياة، علينا أن نقبلها بما فيها من مرارة وذل وعبودية.
قد تقول ليس بقدرتي أن أواجه تحديات جديدة، أنا لست بقادر أن أرى ممالك وأمم سيزيلها الرب من أمامي..
عندما كان الشعب سائرًا في البرية قال الرب لموسى: اختر جواسيس ليتجسّسوا الأرض التي أنا مزمع أن أعطيها لكم. اختار موسى رجلاً من كل سبط، فراحوا وتجسسوا الأرض، ولما تجسسوا رأوا العمالقة بني عناق والوقت كان حصادًا، وفي وقت حصاد العنب، رأوا ان عنقود العنب المقطوف يُحمل على عصا من قبل رجلين اثنين..
أرض تفيض خيرًا.. هذا يفوق الوصف.. وبدلاً من أن يفرحوا بما كان الله مزمع أن يفعل معهم، دبّ الرعب في قلوبهم وقالوا: كيف سنواجه هؤلاء العمالقة؟ أين نحن منهم؟
الرجل طوله ستة أذرع، امكانياتنا ضئيلة، ورجع الجواسيس الاثنا عشر ليقدموا تقاريرهم لموسى وقالوا: الأرض تفيض لبنًا وعسلاً ويسكنها بني عناق، لكن نحن كنا في أعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم.
أين نذهب أمام هؤلاء الناس؟ وأنت يا أخي قد تتساءل عن الرؤية التي وضعها لك الرب، الخدمة التي دعاك اليها، الى أين أذهب ازاء النصرة التي تعدّها لي؟ أنا لست بقادر على فعل شيء. لأني أركز على نفسي وعلى امكانياتي وعلى قدراتي، كل الذي أراه أنني كالجراد، وعندما أنظر الى الناس من حولي أحسّ أنهم يرونني أيضًا كالجراد.
ولكن أتى رجل اسمه كالب بن يفنة، أسكت الشعب وأنصتهم الى موسى، وقدّم تقريرًا كُتب في كلمة الله الى هذا اليوم:
" نحن نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها ".
من أين أنت أيها الراعي الذي كنت ترعى قطيعًا صغيرًا من الغنم والبقر، لست تملك الجيش المدرّب والأعتدة والأسلحة، ولكن ها رب الجنود قد قال: " أنا سائر معكم " لذلك " نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها "، نصعد ونمتلكها، هل تعلمون ماذا فعل الرب؟ لم يقل: لم تتعلموا ولم تثقوا بما أنا مزمع أن أعمل معكم، هلمّ لأعلمّكم ثانية.. بل قال: لن تدخلوا الأرض، لأنني وعدت ولم تثقوا بوعودي..
أيها الانسان ان وعدي لك مشروط، له علاقة بايمانك وثقتك فيّ، ان وثقت بي، أفعل من أجلك المستحيل، وأنا قادر أن أعمل في حياتك ما هو فوق المستحيل، واذا كان أقلّ من ذلك فلتفعله أنت أيها الانسان بذراعك.
صعب ومستحيل بالنسبة لك، ولكن ليس بالنسبة لي.
أحبائي: اذا نظرنا نظرة بشرية الى قصة خروج شعب الله من أرض مصر ورحلته الى أرض الموعد، نجد عنوانًا واحدًا يصفها: شعب ذاهب الى الانتحار.
أي بحسب المفهوم البشري وبحسب الأوضاع التي كان شعب الله يعيشها، فإنَّ خروجهم من مصر أرض العبودية وذهابهم لامتلاك أرض تفيض لبنًا وعسلاً هو من باب المستحيلات، ولكن الله قال: أنا سأعلمكم، سأبقيكم في البرّية 40 سنة، لقد خرجتم من مصر ولكن مصر لم تخرج منكم. العبودية وروح الفقر داخلكم، ولكنني أنا هو الاله الغنيّ، أنا هو الاله العظيم، أنا هو الاله القدير، سأبقيك في البرية لأنسيك مصر، سأُخرج مصر من داخلك، وسأنفخ فيك من روحي، سأعلمك الدرس.
ستعلمني ماذا يا رب؟
مدرسة البرية.
لماذا المدرسة؟
تقول الكلمة في سفر التثنية 8 العدد 1 - 2 : " جميع الوصايا التي أنا أوصيكم بها اليوم تحفظون لتعملوها لكي تحيوا وتكثروا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم. وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب الهك هذه الأربعين سنة في القفر. (لماذا يا رب؟) لكي يذلك ويجرّبك ليعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا ".
لا يهم الوقت والسنين، المهم هل تحفظ الوصايا أم لا، ان العهد الذي بيننا ليس الأرض، الأرض تذهب وتجيء، لكن يبقى الرب الهك هو اله العهد، هذه هي الوصية العظمى والأولى، أن تحب الرب الهك من كل قلبك وقوتك وفكرك ونفسك وقدرتك، هذه هي أعظم وصية، أين هو الرب الهك منك؟ الله يمتحن قلبك وداخلك. كثيرون منا تركوا أرض العبودية وساروا في البرّية، لكنهم لم يدخلوا الأرض الموعودة.. لماذا؟
لأنك في زمن الامتحان، في زمن يمتحن فيه الرب قلبك، ما في داخلك ليرى ما فيه.
سيمرّرك في امتحان تلوَ الآخر، هل ستقول: لماذا تركتني؟ لماذا لا تسير معي؟ هل ستتذمر؟
ويجيب الرب: أنا سائر معك، لكن الطريق التي تمرّ بها هي طريق التدريب والاعداد لتدخل الأرض.
أنا أدرّبك لتعرف وتختبر أنني الرب الهك. وتفتح لي قلبك وتثق بي، لكي تعتمد عليّ بكل وجدانك لأقودك الى الأرض التي تفيض لبنًا وعسلاً.
سبب المدرسة أنني سأمتحنك .. لأُخرج منك كل ما يُشكل عائقًا أن ترث الميراث الذي وعدتك به.
هل ستطول المدرسة يا رب؟
الأمر منوط بك، يعتمد عليك.
لو كنت طالبًا فاشلاً ستعيد السنة الأولى مرة وثانية وثالثة لتتعلم الدرس، وعندما تتعلم الدرس سآخذك الى الصف الثاني، سأجيزك الى الصف الثالث، وهكذا الى أن يأتي الوقت وأقول لك: نعمًّا أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير، أدخل الى فرح سيّدك.
أدخل الى الأرض التي وعدتك بها.. لماذا؟
لأنك تعلمت الدرس.. لماذا؟
لأنك عرفت طرق الرب الهك.. لماذا؟
لأنك غدوت تتمسّك بوعودي وبكلمتي.. لماذا؟
كان هناك أناس معك، منهم من مات في البرية ومنهم من ترك، ولكن أنت قد بقيت موجهًا أنظارك عليّ، أنا أمتحن قلبك وأرى ما في داخلك.
ما هي الدروس الثلاثة التي علمها الرب لأولاده؟
الدرس الأول: أنا هو الرب مصدر حياتك.
العدد 3 " فأذلك وأجاعك وأطعمك المنّ الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك ".
لماذا أجاعك وأذلك وأطعمك المن؟ لكي يُعلِّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الرب. الدرس الأول: أن تعرف أنني أنا مصدر حياتك، وتقول كلمة الله عن الرب يسوع وهو في البرية أنه أخيرًا جاع.
قال له المجرب الشرير: قل لهذه الحجارة أن تصير خبزًا، فردّ الرب يسوع عليه الدرس الذي لم يتعلمه الشعب في العهد القديم: مكتوب ليس بالخبز يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الرب.
انّ سر حياتك ليس نابعًا من مقدار الثروة التي تمتلكها أو ضخامة الأجر الذي تناله، بل ان الرب هو مصدر كل خير في حياتك، ولو تتعلم كيف تستفضل وكيف تجوع وكيف يكون معك زيادة وحتى في وسط النقص تستطيع أن تتعلم، ستقول مثلما قال الرسول بولس:
قد تعلمت أن أكون مستفضلاً وأن وأن... تعلمت أنني " أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني ".
أنا قد تعلمت أن مصدر حياتي ليس دخلي وليس الرصيد في البنك، ليس في العائلة المرموقة التي أتحدّر منها. إنَّ مصدر حياتي هو الرب الذي يطعمني، الرب الذي يحيي حياتي، ليس ما كنت تأكله في مصر هو الذي يحييك. وأنت هنا في الصحراء في العطش والحاجة الى الماء والموارد، أنا سأطعمك، أنا سأفتح كوى السماء وأفيض عليك بخيراتي.
ويقول الرب يسوع " آباؤكم أكلوا المن في البرية لكني أنا هو المن النازل من السماء "، والكلمة تقول عنه أنه " به نحيا ونتحرك ونوجد "، لا تخف عندما تقفل الأبواب وتجفّ المصادر، لا تخف عندما تمرّ في البرية، لأن الرب قادر أن يفتح السماء ليمطر عليك المن والسلوى في كل يوم.. هو الرب.. محتاجون اليوم أن نضع ثقتنا به.
يتلخص كل الموضوع بكلمة واحدة: آمن فقط.
انه يختبرك، يختبر قلبك، يقول الرب: هل تصدقني أم لا ؟
يا رب انهم عمالقة.
ولكن يقول الرب: لأن التحدي أكبر منك لذلك أنا اخترتك.. فلو كنت على قدر التحدي لماذا سأختارك؟ لكي أتمجد من خلالك. لقد أتيت بك لأنك غير قادر، لأنك بنفخة تطير بدوني، لأنك بسبب نفخة روحي التي فيك تقدر أن تعيش.. تقدر أن تعتمد على ذراعي، أنا هو مصدر حياتك، ليس زوجك وليس زوجتك، هل تفتش عن الحب من خلال أشخاص معينين؟ من خلال ضمة ذراع ونظرة حنان تستجديها من هذا الشخص أو ذاك؟ في عمل يقوم به أحد تجاهك أو في كلمة يقولها لك أحدهم؟ إني أفتش عن الحب هنا وهناك ومصدر الحب يقول لي: التفتوا اليّ واخلصوا.. أنظر اليّ أنا مصدر حياتك، أنا الذي أعطيك نعمة وبركة على حياتك.
تقول كلمة الله لنا في انجيل يوحنا الاصحاح 1 العددين 4 و 5 " فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس، والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه ".
رسالة كولوسي الاصحاح 3 تقول:
" المسيح حياتنا ".
أنا حياتي المسيح، آكل وأشرب المسيح، أعيش في المسيح، ليس المادة ولا الناس ولا الأشياء، لكن الدرس الأول هو:
الرب مصدر حياتك.
" ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ ".
الدرس الثاني: أنا هو يهوه يرأه.
ومعناها الاله الذي يسدّد الاحتياج. مهما كان احتياجك أنا أسدّده.
تقول كلمة الله في العدد 4 : " ثيابك لم تبلَ عليك ورجلك لم تتورم هذه الأربعين سنة ".
هل شاهدت أحدًا مشى مسافة يوم أو نزل الى سفح جبل، ما يحدث له؟
تتورم رجلاه ويعتريه الألم والوجع. ولمدة أربعين سنة بالرغم من المطر والبرد والعوامل الطبيعية كلها، لم تبلَ ثيابهم. الأحذية والنعال لم تفنَ. أنا هو الأله الذي أسدد لك كل احتياجك بحسب غناي في المجد.
ما هو احتياجك؟
كلنا لدينا احتياجات، احتاج الى الحب والاهتمام والرعاية والتقدير، أنا محتاج الى الأكل، الى الملبس، أن تكون لديّ قيمة. أين تفتش لتسدّد هذه الاحتياجات؟
الرب يقول لك: أنا هو الاله الذي أعرف كيف أسدد لك احتياجك.
أحبائي ونحن نسير يومًا بعد يوم، يجب أن نفهم: لا تضع على قلبك هموم لست مجبرًا على حملها، لأنه يقول في كلمته:
" ملقين كل همّكم عليه لأنه هو يعتني بكم ".
كرّرها معي من فضلك.. أنا أتخيل أن الآب السماوي يعيش معي في البيت بحسب قوله لي، أنه هو أبي ويسدّد كل احتياجي. لكن مرات أخرى أذهب وأقرع باب الجيران وأقول لهم: هل عندكم لقمة لي؟ أو أذهب الى جاري لو كنت صغيرًا وأقول له: من فضلك أنا محتاج لدرّاجة، لو ابنك أو ابنتك فعلا ذلك ماذا سيكون شعورك؟ الاهانة والخجل..
هكذا هو شعور الرب عندما نذهب الى مصادر أخرى غيره لنؤمِّن احتياجاتنا..
اذا كنت أنت الأب الأرضي تغضب وتحزن، فما هو موقف الآب السماوي؟
قد تقول له: طلبت منك ولم تعطني وسيردّ عليك قائلا: أنا أعرف الوقت المناسب والملائم كي أعطيك ما طلبت.
أنت وأنا محتاجون الى ثقة متجددة بالرب. والايمان بثقة هو أن تعرف أنه الاله الذي يسدد لك الاحتياج مهما كان التحدي الموضوع أمامك، ومهما كان احتياجك، لأن حياتك ونفسك يتعلقان به، لذلك يجب أن تعرف أنه الوحيد الذي سيسدد لك الاحتياج.
كلمة يهوه يرأه، هو الاله الذي يسدد، وتعني أيضًا أنه الاله الذي يرى للأمام، ان كلمة ان الرب هو الذي يؤمن ويسدد provider
تعني " قبل " Pro
(vide) تشتق منها كلمة فيديو، أي أنه يرى شيئًا في المستقبل قبل أن يحدث، هو الأب الذي لا يعرف احتياجك فقط، ولكن عندما يأتي ميعاد الاحتياج يسدده، لأنه يعلم كل شيء مسبقًا.
عندما أكون سائرًا معه أُفاجئ وأقول: لم يكن في حسباني أن يصير كذا وكذا، ولكن المفاجأة ليست موجودة في قاموس الرب، هل تعلم لماذا؟
لأنه هو هو أمسًا واليوم والى الأبد، هو الألف والياء، البداية والنهاية، البداية حدثت أمامه قبل أن تحصل.
هو يعرف كيف يسدّد لك الاحتياج، وهو يعطيك مع التجربة المنفذ، لكي تستطيع أن تحتمل.
والشيء الحلو والرائع، أنه عندما يضع الرب التجربة في مكان معين، يجهز لك المنفذ، هل تحلُّون كلمات متقاطعة؟
عندما تعجز عن حل اللغز تقلب كتاب الحزازير، وتجد الحل مكتوبًا بالمقلوب، وأقول لك ان قلبت كتاب تجاربك، ستجد الحل.
لن يعرّضك الرب لتجربة فوق طاقتك، لأنه يعرف حدودك، وتجد الحل لمشكلتك.
ولكن عندما تعرضت للمرة الأولى للتجربة، كان وكأن هناك زلزالاً تحت أقدامك وشلك الخوف..
أعرف رجل أعمال في الكويت كان في بداية حياته العملية يستدين، فاذا كان مدينًا بمبلغ 300 دينار كان يقيم الدنيا ويقعدها من فرط خوفه، ولكن اليوم هو يلعب بالآلاف، لم يعد هذا المبلغ يعني له شيئًا.
وأنا قد اختبرت الرب، وعرفت أنه قادر أن يسدد لي الاحتياج، أنه قادر أن يشبعني، لا تسقط كلمة تخرج من شفتيه.
ما أريد أن أقوله لك اليوم، أن ليس ما تأكله أو تشربه أو تلبسه هو الذي يعطيك القيمة، وما تراه أنه يمنحك القيمة في ذاتك هو الهك، وكل آلهة أخرى تعبدها غير الله سيكسرها الله.
الهنا اله غيور، فاذا ركزت على شيء وكان محط اهتمامك ومحور حياتك، فسيصبح هذا الشيء الهًا بالنسبة لك، فاذا استجاب لك الرب طلبة ما تصبح مهتمًا بها، وبعد أن كانت بركة ستتحول الى اله.
يقولون لي: صلِّ لنا يا قسيس ليمنحنا الله أولادًا، فأجيبهم: حاضر، وأصلي من أجلهم، ثم يأتي الأولاد، واحد واثنان وثلاثة.. ثم تختفي العائلة ولا نعود نراهم في الكنيسة، وعندما أسألهم: لماذا لا نراكم؟ يجيبونني: انها الحياة ومشاغلها..
الأولاد بركة من الله.. لكنهم تحولوا ليصبحوا آلهة.
آخر يقول لي: أنا عاطل عن العمل منذ أربعة أشهر، فأطلب من صاحب عمل أن يساعده ويوظفه في شركته، وعندما يعمل الأخ فلان يختفي عن الأنظار فأسأله: أين أنت؟
إنك تسأل عنا دائمً،ا حاضر سنأتي، لا يوجد مانع من حضورنا الكنيسة.
العمل بركة من الله، لكنه تحوّل الى اله.
ليس عندي وقت. أسمع هذه الاجابة دائمًا، وأنا متأكد أن الذي يجيبني هذه الاجابة هو كاذب.. لماذا؟
لأنه يصرف الساعات وهو يشاهد التلفزيون أو أمام شاشة الكمبيوتر، وليس عنده الوقت ليأتي الى الكنيسة، إلى الرب، إلى مصدر الحياة، إلى الذي يعطيك القوة لتصطنع الثروة.
الدرس الثالث والأخير: أبوك يحبك.
وتتساءل: اذا كان الله أبي وهو يحبني لماذا يمررني في البرية؟ لماذا يجيزني في التجربة؟
الحب ليس دائمًا دلع وغنج وأحضان، بل هو تربية وتأديب.
مثلاً: لو كنت أعبر الشارع وترامت الى مسامعي ألفاظ رديئة وشتائم من أولاد يلعبون، فأنا أشمئز، ولكن لا أفعل شيئًا، لأن لكل واحد أب يربيه، ولكن اذا سمعت هكذا كلام من صوت أعرفه، وكان صوت ابني مثلاً، فأنا سآخذ العصا وأذهب اليه وأربيه حتمًا، حتى لا يعود يتلفَّظ بهذه الكلمات..
هذا بسبب حبي له، لأنه ابني أنا وسأعمله الدرس.
" فاعلم في قلبك أنه كما يؤدب الانسان ابنه هكذا أدّبك الرب الهك ".
ان الرب يحبك ولأنه يحبك يؤدبك.. ولا يعني هذا أن يأتي بمصائب عليك ليهلكك وينتقم منك، بل يكسر فيك الآلهة الغريبة ويستأصل منك السلوك غير الحسن، كما موسى الذي استأصل منه الكبرياء، لأنه كان يثق بنفسه أكثر مما يثق بالله، كان يحتاج الى برية يعيش فيها مدة 40 سنة، وكل ما يسمعه هو ثغاء القطيع الذي يقوده، حتى يتعلم انه ليس بمهارته وقدرته سيُخرج الشعب، بل سيُخرج الشعب الغليظ الرقبة وسيقوده الى أرض الموعد، لأنني سأكون معك.
تقول الكلمة: " الذي يحبه الرب يؤدبه " وكأب قد أدبك الرب الهك. التأديب هو حب ورعاية، هو عين سهرانة ومفتوحة، هو خطة محددة يضعها الرب لك كي يبدلك ويغيّرك حتى تصبح على صورة ابنه، كي يمنحك نعمة فياضة.
تقول كلمة الله عن الابن أي المسيح في رسالة العبرانيين 5 " أنه مع كونه ابنًا قد تعلم الطاعة مما تألم به ".
وهذا يدخل في محور العلاقة بين الآب والابن.
" كل غصن فيّ لا يأتي بثمر أنقيه لكي يأتي بثمر أكثر "، لم أكن أفهم هذا الموضوع، وكنت أبكي كلما تركني أحد الأشخاص، وكنت أعتبر اني فقدت سندًا ودعمًا لي، وبقي الرب يسمح لي بذلك حتى فهمت حين قال لي:
أنت مثل جدعون الذي كان حوله العدد الكبير من الذين أرادوا أن يقاتلوا، ولكن لم يبقَ معه سوى 300 جندي، سأتمجد من خلالكم وأكسبكم الحرب، سأقتطع الأغصان اليابسة لتأتي بثمر أكثر. وقد يغلق الرب أبوابًا أمامك في عملية التنقية هذه، صدقوني ليست كل الأبواب الموصدة في وجوهكم هي من ابليس، أحيانًا يستعمل الرب هذه الطريقة كي يعدّنا جيدًا للقتال، فلو أدخل الله الشعب بعد 11 يومًا الى الأرض الموعودة، لكانوا خسروا الحرب وهلكوا، لكنه لم يدخلهم الا بعد أن درّبهم على القتال ونزع منهم كل عائق لتحقيق الغاية المنشودة.
الرب يقول لك: أريدك أن تتعلم دروسًا قبل أن تدخل الى تلك الأرض، يجب أن تختبر أن تأديبي لك هو لأرفعك وأكبّرك وأوسع قدرتك على القتال والمواجهة. يجب أن تتنقى سلوكياتك من بعض الشوائب والخطايا.
هناك في جسد المسيح اناس موهوبون جدًّا، لكن شخصياتهم ليست معدة للخدمة، تهدّ نفوس كثيرة..
الموهبة وحدها لا تنفع، لكني محتاج الى حياة يسوع لتكون فيّ.
الموهبة بسيطة، تحصل عليها بالصلاة بوضع الايدي، ولكن لتتكوَّن فيك حياة يسوع تحتاج للدخول في عملية اعداد يحضرها لك الآب السماوي، تحتاج لتدخل في المطحنة، في المعصرة، انه يعمل على حياتك ليستخرج منك الزغل، ليهذّب فيك الأشياء البارزة الناتئة، كي يجعلها في جمال وتناسق مع قداسته كأب لك.
سيسمح أن يأتي أشخاص لا تحبهم على حياتك ليستخرج منك الغضب وحب الانتقام والحسد والغيرة والضيق وقلة الصبر، لأن الأرض التي ستدخلها تحتاج الى عكس كل ما سبق وذكر. سأسمح أن تتضايق من الظروف أو الناس:
" أدخلتنا الى النار، ركبت أناسًا على رؤوسنا وجعلت ضغطًا على متوننا، أدخلتنا في النار والماء كي تنقيني من الزغل الذي فيّ، تمامًا كما يُنقَّى الذهب، ليصبح ذي قيمة عالية. وبعد ذلك أخرجتنا الى الرحب، ويقودنا من الضيق الى الرحب بعد أن تكون قد تعلمت الدرس، واستخرج منك العادات والخطايا التي لا تمجد اسمه، بعد أن مكنك ودرّب يداك على القتال والمواجهة والتحمل، ثم يأتي ويدخلك الى الأرض التي تفيض لبنَا وعسلاً ".
وصايا التخرّج من مدرسة البرية:
الوصية الأولى من العدد 1 – 10 " واحفظ وصايا الرب الهك لتسلك في طرقه وتتقيه. لأن الرب الهك آتٍ بك الى أرض جيدة، أرض أنهار من عيون وغمار تنبع في البقاع والجبال. أرض حنطة وشعير وكرم وتين ورمان. أرض زيتون زيت وعسل. أرض ليس بالمسكنة تأكل فيها خبزًا ولا يعوزك فيها شيء. أرض حجارتها حديد ومن جبالها تحفر نحاسا ".
أرض تفيض بالخير الزراعي والصناعي.. أنا هو الرب متى أكلت وشبعت تبارك الرب الهك لأجل الأرض الجيدة التي أعطاك..
الوصية الأولى: احفظ وصايا الرب الهك، اجعل كلمته شريعتك لأنه يقول لك: أنا سأعوضك عن العبودية التي كنت فيها، سأعوضك عن البرية التي عشتها، وأتيت بك الى الأرض التي فيها فيض، الى المكانة التي لم تحلم بها، أنا هو الرب الهك، أنا أضعك هناك، وأنا أكبرك وأوسع تخومك، تذكر ان تطيع وصايا الرب الهك، لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا وليلاً لكي تتحفظ للعمل بحسب كل ما هو مكتوب فيه، حينئذٍ تفلح وتزدهر.
ستشبع عندما تحفظ وصاياي، لأنني اله العهد، اذ عندما تجعل في قلبك طاعة لي، سأعلمك وأزيدك بالبركة، إحفظ وصايا الرب الهك.
وصية للمتخرج:
" اتق الرب واحفظ وصاياه لأن هذا هو الانسان كله ".
أسألك: أتريد أن تكون ناجحًا في حياتك؟ كلمة الله أين هي منك؟ هل تقول لا أفهم؟ ستفهم اذا كان عندك جوع وعطش لكلمة الله، اذا كانت فيك روح الطاعة.
الناس يريدون أن يأكلوا الحلو ويتركوا الجانب الآخر، وهذا ما يجب أن يقوم به المؤمن، وهو الطاعة.
الشفاء والمال والبركة والوفرة والكرامة، كلها مقبولة ولكن احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح هوَ أمر مرفوض..
بع مالك واعط صدقة، أن لم تغفروا للآخرين زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم، وأقول لكم: كل الكتاب هو موحى به من الله وهو نافع للتعليم والتوبيخ للتأديب والتقويم الذي في البر.
وهناك أناس كثيرون يريدون أن يأخذوا بعض الكتاب وليس كله.
الوصية الأخيرة هي: لا تنسى الرب الهك.
تقول الكلمة: " احترز من أن تنسى الرب الهك ولا تحفظ وصاياه وأحكامه وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم. لئلا اذا أكلت وشبعت وبنيت بيوتًا جيدة وسكنت وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر كل مالك يرتفع قلبك وتنسى الرب الهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية ".
كم شخص خرج من بيت العبودية هنا اليوم؟ أنا قد خرجت من بيت العبودية، من الأسر، من الخطيئة، من الدمار والهلاك، ويقول لك الرب: حذار أن تنسى. لقد سار بك في القفر لكي يحسن اليك في آخرتك. ليقل أحد ما هللويا.
ان سنين عمرك وهي تتقدم أحسن من سنين عمرك التي مضت.. هللويا.
الآتي أفضل من الذي فات ومضى. غدًا أفضل من البارحة. آخرتك هي مستقبلك.
" قد عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها من نحوك هي أفكار سلام لا شر لكي أعطيكم آخرة ورجاء ".
كلمة ” آخرة ” بالعبرية تعني مستقبل ممتد.
سيعطيك الرب مستقبلاً مملوءًا بالرجاء، إن الآتي أفضل، ولكن لا تنسى أن الرب الهك هو الذي أعطاك ما تتنعم به اليوم، من بركات ونعم روحية ومادية، لكي تكون لك كلمة في الأرض، ينبغي أن تكون لديك مخافة الله أولاً، ثم مال الله.
يكون لك تأثير وقوة في المجتمع، لكي يكون معكم ثروة عظيمة، أدخلك الى الأرض التي تفيض عليك بالبركات وليس الى أرض بالكاد تشبع فيها احتياجك. أرض تفيض فيك لبنًا وعسلاً، تفيض في حياتك، لذلك أعطيك قوة لاصطناع الثروة.
في سفر الأمثال 13 : 2 " الصالح يورث بني البنين ".
صلاح الله ومخافة اسمه تجعلك ذكيًا، ويعطيك الرب ميراثًا يشبعك ويشبع نسلك أيضا.
" وثروة الشرير تذخر للصديق ".
الرب يفتش عن الصديق ليمنحه ثروة وبركة لحياته، وعندما تتبارك ستُبارك آخرين أيضًا من حولك.
لا يقدر أحد أن يخدم سّيدين الله والمال، ليحفظك الله من الطمع.. كيف؟
لا تنسى أن الرب الهك هو الذي منحك القوة لتصطنع الثروة، أنا الذي أعطيتك لتتبارك وتقول: ليأتِ ملكوتك.. لقد أعطيتني من فيض نعمك وأنا سأذكر اسمك على الدوام، لأنك أنت الذي أعطيتني يا رب.
الرب يقول لك: أنت داخل الى أرض الموعد، فاذا ما زلت في المدرسة قل: علمني يا رب لماذا هذا الباب مغلق؟
دربني يا رب لكي أفهم وأعي ما تريد. أشكرك لأن لك مفتاح داود، تفتح ولا أحد يُغلق وتُغلق ولا أحد يفتح. لك القدرة والسلطان، دربتني وعلمتني وحان الوقت لكي يجلسك الآن مع أشراف شعبه، جاء الوقت الذي سيفتح لك فيه الباب. هللويا.
أريد أن يمتلئ قلبك بالايمان، وسيأتي بك الرب الى أرض فيها عمالقة وجبابرة لا تقف وتقول: كنا كالجراد.
تعال علينا يا رب بمسحة داود، اجعلنا نتذكر قصة داود مع جليات الجبار الذي كان يعيّر شعب الله:
من هو الاله الذي يستطيع أن يقف أمامي؟
لم يقدر أحد على مواجهته ما عدا داود، ذلك الفتى الذي تعوّد أن يذهب الى مدرسة البرية.. اذ كان راعي غنم.. وكان له جمال البنات أي أنَّهُ لم يكن مقاتلاً.. ولكنه اتكل على قوة رب الجنود، لم يقبل أن يلبس لباس الحرب، بل نزع عنه ثياب القتال، لا تقدر أن تدخل الحرب بثياب وسلاح الآخرين، دخل داود الحرب بايمانه:
من هو هذا الأغلف الذي يعّير شعب الله؟ الهي يستطيع وقادر على كل شيء.. أنت تأتي اليّ بالترس والسيف وأنا أواجهك بقوة رب الجنود، اليوم سيدفعك الهي الى يدي..
وضعَ ثقته بالهه لأنه تعلم في مدرسة البرية، كلمة الله حية في قلبك، قل للرب: أنا سأسير معك لأنك ستقودني الى الأرض التي تفيض لبنًا وعسلاً.. لأكون بركة وأبارك آخرين من حولي.. تعلم الدرس وقل للرب: أنا محتاج للأيمان بك.. كي تجتاز البرية وتدخل الأرض التي تفيض باللبن والعسل.. آمين.