رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملاك كنيسة لاودكية والنصيحة الصادقة ما أرق المسيح وهو يقول لهذا الملاك « أشيرعليك » وهى المشورة الإلهية الذهبية التى لا تعادلها كنوز الأرض كلها ، ولعله من اللازم أو لا أن ندرك أن هذه المشورة هى ممن يملك إصدارها إذ هو : « الآمين الشاهد الأمين الصادق بداءة خليقة اللّه » ... والكلمة « الآمين » وقد جاءت فى إشعياء بمعنى الحق فى القول : « إله الحق » ( إش 65 : 16 ) وهى فى الأصل «إله الآمين» .. أى أن نصيحة المسيح وحدها هى النصيحة الحق التى يلزم الأخذ بها ، وعبارة «بداءة خليقة» اللّه تعنى أصل خليقة اللّه ، أو فى عبارة أخرى : إن المسيح وحده يعطى النصيحة الحقة باعتباره أصل كل الخلائق وملاحظها والشاهد لكل ما يحدث معها ، والصادق الكامل فى صدقه وهو يحضنا النصيحة !! وكم يمتلئ القلب بالعرفان والشكر لأنه لا يريد أن يكرهنا على المشورة والنصيحة ، بل يؤكد أنها نصيحة محبته العظيمة والعجيبة ، وهو يشير بنصيحة مزدوجة الأولى بالاقتناء ، والثانية بالاستعمال ، أما ما يقتنى فهو الذهب المصفى بالنار والثياب البيضاء ، .. وهو يقصد أن ينبه ملاك الكنيسة ، إلى أنه يشغل نفسه بذهب العالم ومتاع الدنيا مما استحوذ على كيانه وشخصه ، وهذا الذهب مخلوط بالشوائب التى تجعله بغير قيمة حقيقية ، وهو لا ينفع فى كثير من الحالات ، أو بتعبير أدق لا يستطيع الإنسان أن يقتنى به الخير والسلام والشبع والسعادة ، لكن السيد يطلب منه أن يستبدل هذه الثروة الكاذبة بثروة أخرى حقيقية ، وهذا الكنز الفانى بكنز آخر خالد ، والمسيح لا يمكن أن يفقر أحداً ، بل يعطى الثروة الصحيحة الحقيقية لمن يرغب فى الوصول إليها واقتنائها ، ولا يمكن أن تشترى بمال أرضى ، ولو بكل الكنوز التى على ظهر الأرض أو فى بطنها ، .. وهو يشفق على ملاك كنيسة لاودكية لأنه مع ذهبه هو أفقر الفقراء ، .. ومع الصوف الذى كانت تشتهر به لاودكية ، ولعله كان يقتنى أفخر الثياب منها ، إلا أنه فى الحقيقة كان عارياً من كل ثوب ، يحمل خزى عورته ، .. وهو فى حاجة إلى اقتناء ثوب البر ، والعملة الوحيدة التى نشترى بها الذهب المصفى والثياب البيضاء هى الإيمان ، وهى عملة سماوية يقبلها اللّه ويرضى بها ، وهى تؤخذ مجاناً بالقلب المفتوح للسيد ، وبقبول المسيح فيه !! .. وعندما يصل الأمر إلى هذا الحد ، سيدرك الإنسان الحقيقة الناصعة ، وستكون له العين الكحيلة إذا جاز هذا التعبير ، .. والكحل لا يشترى كالأمرين السابقين ، بل يستخدم : « وكحل عينيك بكحل لكى تبصر » .. وكان اللاودكيون مشهورين باستعمال الكحل فى العيون ، والمسيح مستعد أن يعطى لتابعه وتلميذه وخادمه الاستنارة الحقيقية الداخلية التى تبصر كل شئ ، وترى الأمور بكامل الوضوح أمامها ، .. قيل عن شاب اسمه رسل كيردل ، إنه قد فقد بصره ، لفترة غير قصيرة ثم أجريت له عملية ، أبصر بعدها ، وقد كتب يصف عودته إلى البيت بعد أن أبصر فقال : كان كل شئ يبدو جميلا ، لم يكن شئ أمامى قبيحاً ، وفوق الكل جمال الناس ، كان بعض الأولاد يلعبون فى الطريق . مرت بنا سيدة عجوز . لم أشعر بانفعال كبير لأنى لم أعد أعمى ، لأنى كنت مشغولا بالجمال الذى يحيط بى . أسرعت إلى بيتى ، وإلى غرفتى ، ودفنت رأسى فى وسادتى ، لا لأنى لم أكن بعد أعمى ، ولا لأنى الآن أبصر لكن لأنى لم أستطع أن « أهضم » الكمية الهائلة من الجمال .. وبكيت !! .. ترى ماذا يبصر الإنسان عندما يفتح اللّه عينيه بعد أن كان أعمى ،.. إنه يبصر الكثير .. إنه يبصر أن الخطية عمى ، ويبصر كل شئ وهو يشع بالنور الذى يعلن مجد اللّه ، فى الطبيعة ، والشمس ، والزهور ، والطيور ، ويبصر لا مجرد الخليقة بل يد اللّه الذى خلقها ، ويبصر لا مجرد النور ، بل رب النور يسوع المسيح ، ويبصر أن اللّه بالإيمان قد أعطاه أعظم من البصر الجسدى ، ويبصر صلاح اللّه الذى لا ينتهى فى كل شئ !! .. إن أجمل بركة يعطيها اللّه للإنسان هى أن يعطى البصيرة الروحية التى تشق أمامه الطريق فى كل شئ !! .. قال كولردج : « لم أكن أدرك لمدة طويلة أنى بئس وفقير وأعمى وعريان ، وبعد أن عرفت ذلك لم أحسه الاحساس الكامل ، ولكن شكراً للّه لأنى قد بدأت أحس به كما ينبغى الآن !! .. يا كبريائى ، أبعدى عنى ، ودعينى أرى هذا الشكل البشع الذى هو نفسى ، .. أجمل !! لقد خدعتنى أقوال الفلاسفة والشعراء وكبرياء قلبى إذ قالوا إنك قوى ، لكن الكتاب وفشلى يعلنان العكس ، إن ديانة يسوع المسيح تغير فكر الناس عن أنفسهم كما تغير حياتهم وطبائعهم ! .. » |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كنيسة لاودكية |
ملاك كنيسة لاودكية والعرش الموعود |
ملاك كنيسة لاودكية والمسيح الطارق |
ملاك كنيسة لاودكية والحياة المخدوعة |
ملاك كنيسة لاودكية |