رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شمشون وشعره ولا يستطيع الإنسان أن يعرف قصة شمشون على حقيقتها، ما لم يقف عند هذا الشعر العجيب الذي كان ينسدل على كتفيه، والذي طال، ووزعه شمشون إلى سبع خصل، وكان هذا الشعر أشبه بعرف الأسد حول الرجل الجبار، كان رمز العهد أو المعاهدة التي تربطه بالله من بطن أمه،.. فلنقف قليلاً من هذه المعاهدة أو العهد لنرى معناه ومغزاه.. إنه أولاً: العهد السري بينه وبين الله الذي أفرزه من بطن أمه، كان عهد النذير،.. ولم يكن أحد غير أمه وأبيه يعرف مغزى العهد ومعناه، وعندما أدرك الصبي الأمور، عرفته أمه بهذا السر،.. وطوى الشاب السر في صدره، وبقى مكتوماً، حتى عرفته امرأة، وخرج السر من مكمنه الذي كان لا ينبغي أن يخرج منه!!.. وكل مؤمن في الحياة لابد له من شركة سرية مع الله،.. إذ لابد له من علاقة سرية مع خالقه وسيده وفاديه، ولا يمكن أن يكون المؤمن مؤمناً حقاً، دون هذه العلاقة العميقة القوية المباركة،.. إن الفرق بين إنسان العالم وإنسان الله، هو أن إنسان العالم يعيش دائماً في الدار الخارجية، ليست له الحياة أو الشركة أو الرؤى الإلهية، لكن إنسان الله هو الذي يدخل إلى القدس، وإلى قدس الأقداس، وهو الذي يقول في السريرة تعرفني حكمة، وهو الذي يرى ما لا يرى، أو بتعبير أعلى وأسمى: من لا يرى،.. وهو الإنسان الذي ليس له البصر فحسب، بل البصيرة أيضاً،.. وهو أيضاً العهد الأسمى، الذي لا يدانيه عهد، إذ أنه في شعر الرأس، أعلى ما في الإنسان، وموضع الاحترام والتوقير وأي عهد يربطنا بالله لابد أن يأخذ أعلى مكان فينا، ولا يجمل أن نضعه في منطقة أقل، أو أسفل حياتنا وأقدامنا،.. قال واحد من أعظم رجال الموسيقى في التاريخ: إن أية حياة لا يكتب الإنسان في أعلاها "الله" هي حياة فاشلة ضائعة.. والعهد إلى جانب ذلك -كان العهد الظاهر، فهو ليس مجرد العهد السري بين الإنسان وسيده، بل هو الظاهر في أجمل ما يكون المظهر،.. ولم يكن في شمشون ما يلفت النظر أكثر من شعره، وكان الشعر رمز النذر والتكريس، والتكريس- ولو أن أساسه خفي- إلا أن مظهره واضح للجميع، في الحياة الخالصة الكاملة لله أمام الجميع، ولا يجمل بالمؤمن أن يدعي حياة التكريس بمجرد العلاقة الخفية التي تربطه بالله، بل إن هذه الحياة في عمقها وجلالها ومجدها وعظمتها تظهر من انعكاس أثرها في الحياة أمام الناس.. ألم يقل السيد: "فإذا من ثمارهم تعرفونهم؟".. وكان العهد أيضاً عهد القوة، إذ لم تكن قوة شمشون قوة أصيلة، بل هي قوة مكتسبة، وطالما أن العهد يقوم بينه وبين الرب، فهو أشبه بالكهرباء، يسري تيارها طالما يبقى السلك قائماً بين المصدر والاستهلاك، فإذا انفصل الاستهلاك عن المصدر لأي سبب، فإن السيال الكهربائي يتوقف في نفس الثانية التي يحدث فيها الانفصال،.. وكل قوتنا من نبع القوة الإلهية، التي تصنع من الضعيف بطلاً، ومن العاجز أعجوبة، ومن القزم عملاقاً!!.. كان العهد عهد الحماية، إذ لا قوة على الأرض تغلب إنساناً ارتبط بعهده مع الله.. فإذا زمجر أسد في الطريق، وكان الصدام محتوماً، فإن روح الرب يدخل فينا، يحل علينا، وإذا بنا أقوى من كل أسود الدنيا، وإذا وقفنا في معركة مع ألف رجل، ونحن موثقون بالكثير من الحبال المقيدة، فإن لحي حمار طري يمكن أن نصرع به الألف، وحتى لا نجرب بأنها قوتنا الأصيلة، فنحن على شفا الموت ظمأ، حتى يأتي الينبوع من اللحي، ونشرب وننتعش، وترجع روحنا إلينا،.. إن حمايتنا من الله، وطالما العهد بيننا وبين الله،.. فماذا نقول لهذا؟.. إن كان الله معنا فمن علينا!!.. أجل “لولا الرب الذي كان لنا ليقل إسرائيل لولا الرب الذي كان لنا عندما قام الناس علينا إذاً لابتلعونا أحياء عند احتماء غضبهم علينا إذا لجرفتنا المياه، لعبر السيل على أنفسنا إذاً لعبرت على أنفسنا المياه الطامية، مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم، انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا عوننا باسم الرب الصانع السموات والأرض!!.. والعهد آخر الأمر إذا انقضى. لا يمكن أن ينقضي من جانب الله،.. ونحن نتعجب في قصة شمشون كيف كان صبر الله عجيباً على ضعفه، ورغم الأخطاء والخطايا المتعددة؟! بقى الله معه، إلى أن غدر هو بالعهد وانفصل عنه!!.. وهي حقيقة واقعة في حياة المؤمنين في كافة الأجيال والعصور، إن نقض العهد لا يمكن أن يأتي على الإطلاق من جانب الله، إذ وإن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً لا يقدر أن ينكر نفسه!!.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هو الجمل عرنون وسعره |
موت شمشون |
أغلى المطابخ فى العالم وسعره 1.6 مليون دولار |
شمشون |
الفارق بين تكلفة تصنيع «جلاكسي إس 7» وسعره في الأسواق «سيذهلك» |