رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إسحق وأخوه كان أخو إسحق الأكبر قبلة النظر ومحط الآمال، عندما جاء مولوداً من هاجر الجارية المصرية، وكان –كما أشرنا- قوي البنية، متين البنيان، ومن غير المتصور أن يقبل التزحزح إلى الظل عند مولد أخيه الأصغر، ومن ثم كان لابد أن يظهر بطبيعته البطاشة وذراعه القوي، تجاه من هو أصغر منه وأضعف،.. ولم تقبل سارة هذا الوضع أو تحتمله على الإطلاق، فأكرهت زوجها إبراهيم على طرد الجارية وابنها،.. وكانت العزلة الواسعة بين الولدين شديدة الوقع على نفس أبي المؤمنين إبراهيم، لكنه يبدو أنه أنصت إلى صوت الله في الأمر، ولعل هذا هو الذي خفف وقعها، وهون أمرها، وسار الولدان كل في طريقه مع الحياة والأيام، ونهج المسلكين المختلفين، والأسلوبين المتباينين، والغايتين المختلفتين، وكانت العزلة –وهما يدريان أو لا يدريان- هي السبيل الأصلح والأنجح لحفظ السلام بينهما،.. فإذا كان المزاح الأول، والاضطهاد الأول، والولدان صبيان، هو الذي شجع في إسحق الرغبة الانطوائية المسالمة التي صاحبته الحياة كلها، فإن الفرقة بين الاثنين كانت ولا شك أصلح الطرق وأفضلها، في القضاء على كل نزاع يمكن أن يثور بين أخوين يجمعهما بيت واحد وأسرة واحدة، ومكان واحد، يسهل أن يتطاير فيه لأتفه الأمور، وأقل الأسباب!!.. إن الكثيرين تحت سوق العاطفة أو التهاب المشاعر، لا يستطيعون تطويق النزاع بين أخوين أو قريبين، بمثل هذا الحل من التفريق بينهما، لكن إبراهيم أدركه كالحل الوحيد في المنازعة مع لوط يوم قال له: "لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا نحن أخوان، أليست كل الأرض أمامك، اعتزل عني إن ذهبت شمالاً فأنا يميناً وإن يميناً فأنا شمالاً".. وأدركه كالحل الدائم بين ولديه المختلفي المشارب والنزعات، والميول والغايات.. ومن المؤكد أن البتر ليس شيئاً يشتهيه الطبيب الجراح، ولكنه قد يكون العلاج الأوحد لسلامة الجسد، وحفظ الحياة!!.. |
|