لأن هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي

[tito227]

لأن هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي

"ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 3:17)
الجمعة 10 مايو 2013
القس بطرس سامى كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادى



من أعظم معطيات قيامة المسيح للإنسان هو انسكاب حياة الله الأبدية وطبيعة عدم الفساد الذي يختص بها الله وحده إلى الإنسان وهذا هو المجد الحقيقي لله. ففي بداية الإصحاح ال 17 "رفع يسوع عينيه نحو السماء وقال أيها الأب قد أتت الساعة (ساعة الصليب والقيامة) مجد إبنك ليمجدك إبنك أيضاً إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطى حياة أبدية لكل من أعطيته" ويتضح هنا أن مجد الآب والإبن هو في إعطاء الحياة الأبدية لكل إنسان يؤمن ويعرف الله معرفة حقيقية ويعرف الإبن الوحيد يسوع المسيح كما فى (يو 3:17).
يقول القديس إيرينيؤس أن مجد الله هو في الإنسان الحي، ومعنى هذا أن الإنسان الحي بحياة أبدية حقيقية هو الذي يحقق المجد لله، كما نصلى نحن في القداس "إهدنا إلى ملكوتك لكى يتمجد ويتبارك ويرتفع إسمك العظيم القدوس كما في كل شيء كريم ومبارك" فقد أخذت الكنيسة هذه الصلاة وهذا الطلب من (يو17 ) وبدأت تطالب به الله في صلاة القداس.
و تحقق هذا المجد لنا من خلال صليب المخلص وقيامته المجيدة، فبموته داس الموت وبقيامته انسكبت حياة الله في الإنسان الجديد يسوع المسيح الذي هو بمفهوم الكنيسة الأرثوذكسية آدم الجديد. ومن خلال المعمودية التي ندفن فيها مع المسيح ونقوم معه في جدة الحياة وكذلك نلبس المسيح ويصير لكل إنسان مسيحي هذه الحياة الجديدة والطبيعة الجديدة وتستمر مفاعيلها فيه إذا ما عاش الإنسان المسيحي باقي عمره في المسيح -الذي هو بحسب رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس - فى الكنيسة التى هى جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل.
وهكذا يصير إتحاد الإنسان بالمسيح بواسطة الكنيسة وأسرارها وسلوك الإنسان بالمحبة التي تعكس إيمانه، طريقاً لكل إنسان لنوال الخلاص الأبدي.
و بمعنى آخر فكما "خلق الله الإنسان آدم الأول على غير فساد" كما نصلى في صلاة الصلح بالقداس الباسيلي، وكان أمام الإنسان الأول الإختيار بين معرفة الشر - التي نتيجتها فساد هذه الطبيعة، وبين الأكل من شجرة الحياة - التي كانت نتيجتها الإتحاد بالله والحياة إلى الأبد، وانحاز الإنسان الأول لمعرفة الشر وسقط وتجرع آدم وبنوه جميعاً الموت الأول الذي هو موت الجسد.. هكذا أعاد المسيح آدم إلى مرتبته الأولى إذ رد له طبيعة عدم الفساد مرة أخرى.. وترك كل إنسان منا بحريته يختار بين أن يحيا مع المسيح وبالمسيح وفى المسيح، فيكون خليقة جديدة.. وإن مات بالجسد فالجسد نصيبه القيامة حيث لا يسود الموت الثاني الذي هو الهلاك الأبدي على هذا الإنسان.
أما إن انحاز الإنسان للشر وترك حالة الإتحاد مع المسيح هذه فهو يختار مرة أخرى الهلاك الأبدي الذي هو الموت الثاني.
وهكذا يا أحبائي فلنؤمن ونثق أن من خلال الموت مع المسيح والقيامة معه، يكون لنا نصيب في مجد الله، الذي هو الإنسان الحي.. ولنتمسك بحياتنا الجديدة في المسيح التي يهبها لنا من خلال كنيسته ولنرد حبه لنا بحب في حياتنا، فقد كانت هذه هي وصية المسيح لنا في اللحظات الأخيرة.. أن نحب بعضنا بعضاً كما أحبنا هو، وهكذا يوجد المسيح في كل كنيسة وكل خدمة وكل بيت وكل مجال عمل يحيا فيه الإنسان، فكما يقول الرسول يوحنا فى رسالته الأولى.. "أن الله لم يره أحد قط"، إن أحببنا بعضنا بعضاً (كما أحبنا أي على نفس الدرجة) فالله يثبت فينا ولنحيا في هذه الأيام المباركة الخمسين المقدسة شاكرين الله على محبته فائقة المعرفة التي أحبنا بها لأننا إن عشنا هكذا فالله يثبت فينا وهنا يكمن الشفاء والخلاص والحياة الحقيقية.
فكما يقول أغناطيوس الأنطاكى أن يسوع المسيح هو الحياة الحقيقية التي لنا في الموت فحتى وإن واجهنا موت الجسد فبقيامة المسيح لنا رجاء في الحياة الأبدية التي وهبها لنا بموته وقيامته، ولتكن هذه الأيام كما كانت مع التلاميذ أيام بركة لكل منا لنفتح قلوبنا ونستعد أن يظهر لنا المسيح كما كان هكذا يكون من جيل إلى جيل، فكما كان يظهر لتلاميذه والأبواب مغلقة ويعلم لهم أسرار الحياة الأبدية سيظهر المسيح لكل قلب مستعد في هذه الأيام وتكتمل النبوءة "أن الجميع سيكونون متعلمين من الله."

[Mary Naeem]

جميلة جدا فى قمة الروعة
ربنا يبارك خدمتك المميزة