منتدى الفرح المسيحى  


merry christmas

ربنا باعتلك رسالة ليك أنت

الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2025

يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه


 رسائل الفرح المسيحى اليومية على قناة الواتساب | إضغط هنا 
Love_Letter_Send.gif

العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 05 - 2013, 11:38 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,280,702

دراما الصليب [ جثسيماني ]
دراما الصليب [ جثسيماني ]

"قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ" (إشعياء 3:63)

جاز السيد المسيح معصرة الآلام بمفرده، والجموع التي أشبعها من دسم كلامه ومن مائدته هتفت: "اصلبه اصلبه"، وكان الوالي الوثني أكثر شفقة غاية منهم! وحتى التلاميذ انفسهم تخلوا عنه، رغم تحذيره لهم: "هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي" (يوحنا 32:16)، (عاد التلاميذ إلى صيد السمك بعد قيامة المسيح، وأثناء الصلب احتموا في العلية، وقبل الصلب سلّمه يهوذا وانكره بطرس وهرب مرقس تاركًا إزاره) باستثناء بنات اورشليم اللاتي بكين عليه ومع ذلك طلب إليهن بالأحرى أن يهتممن بأنفسهن وأولادهن، دون أن يستخف بالطبع بهذه المشاعر النبيلة، وحتى القديسة مريم اعطاها اهتمامه هي ويوحنا، فسلم كل منها للآخر وديعة وما أسمى كل منهما وديعة وجوهرة.. وكان آلام المسيح النفسية لا تقل عن آلامه الجسدية بل وتزيد، لأنه جُرح في بيت احبائه "فَيَسْأَلَهُ: مَا هَذِهِ الْجُرُوحُ فِي يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هِيَ الَّتِي جُرِحْتُ بِهَا فِي بَيْتِ أَحِبَّائِي." (زكريا 6:13)
احتفل السيد المسيح بالفصح مع تلاميذه في علية مار مرقس وكانت عائلة مرقس من القيروان جمعت ممتلكاتها وهاجرت إلى أورشليم، واشترت بيتًا هو الذي توجد العلية فيه من أعلى، وكذلك اشترت العائلة بستاناً (فيما يشبه العزبة) وذلك في جبل الزيتون، إلى ذلك أشار القديس لوقا: "وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ." (لوقا 37:21) أي أن السيد المسيح كان يتردد إلى ذلك البيت للإجتماع والإحتفال أحيانًا، بينما اعتاد الخلوة في البستان التابع لهذه العائلة التي نالت هذا الشرف.

قصة جثسماني:
تُعتبر ضيعة جثسيماني من أغنى قصص دراما الصليب، إذ جاءت في البشائر الأربعة تفصيلية ومؤثرة أيما تأثير، حتى أنها من المحطات التي تأخذك –من خلال المطالعة- إلى عمق الحدث.. كان السيد المسيح قد اعتاد التردد على الجبل المُسمى جبل الزيتون بشكل عام، بينما اعتاد المبيت والاختلاء في البستان الذي هناك، فعلى جبل الزيتون علّم كثيرًا واجتمع مع تلاميذه، هناك سأله تلاميذه عن علامات انقضاء الدهر "وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا ؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟" (متى 3:24) راجع أيضًا (مرقس 3:13). ويؤكد القديس لوقا محبته لذلك المكان قائلاً: "وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ." (لوقا 37:21، 39:22)، بل إن السيد المسيح ودع تلاميذه هناك حيث صعد إلى السموات (أعمال 12:1) "حِينَئِذٍ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ الَّذِي هُوَ بِالْقُرْبِ مِنْ أُورُشَلِيمَ عَلَى سَفَرِ سَبْتٍ."
وفي تلك الليلة، ليلة آلام الرب، "فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ" (يوحنا 4:18)، لقد أكل الفصح معهم، ثم أسّس الإفخارستيا بتقديم جسده ودمه الأقدسين، وكان قد قرر أن يفعل كل شيء لأجلهم إلى حد تقديم نفسه بالصليب عنهم "أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ، إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى" (يوحنا 1:13). سبّح السيد المسيح مع تلاميذه ما كان يُعرف بـ "الهلليل العظيم"، وهو مزامير الفصح (مزامير 113-118) ثم خرج معهم إلى جبل الزيتون إلى جثسيماني "ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ." (مرقس 30:26) راجع أيضًا (مرقس 26:14). خرج السيد ومعه تلاميذه من الباب المُسمى الآن "باب استفانوس" عبر وادي قدرون والذي ينخفض إلى ثلاثين مترًا، ومن ثم عبروا إلى الطريق الصاعد المزروع بأشجار الزيتون والذي يتشّعب من وادي قدرون.
ورغم أن بستان جثسماني قريب من أورشليم، كما أشار كل من البشيرين الأربعة وكذلك سفر الأعمال (أعمال 12:1) راجع أيضًا: (متى 1:21، مرقس 1:11، لوقا 37:19). وهو يبعد عن أورشليم مسافة نصف ميل، وفي مقابل الهيكل تمامًا والبستان كما هو اضح من تسميته مليء بشجر الزيتون، والزيتون هو أحد المحاصيل الرئيسية في اليهودية( تين – عنب – زيتون) وفي البستان معصرة للزيتون ومن هنا جاءت التسمية "بستان جثسيماني" ويراد وصف الموضع ببستان في (يوحنا 1:18) "وَخَرَجَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى عَبْرِ وَادِي قَدْرُونَ، حَيْثُ كَانَ بُسْتَانٌ دَخَلَهُ هُوَ وَتلاَمِيذُهُ"، كما يوصف بالحفل في (متى 36:26).

أين يقع المكان الآن؟:
يختل فاليونانيون مع الأرمن مع الأوروبيين في تحديد مكان بستان جثسيماني، ولكن الموضع بشكل عام يقع على سفح الجبل فوق الطريق الواصل بين أورشليم وبيت عنيا. وتفيد أقدم التقاليد بأنه عند زيارة الملكة هيلانة لأورشليم سنة 326م. حدّدوا لها الموقع من خلال كنيسة للسيدة العذراء على مسافة على مسافة خمسين مترًا إلى الشرق من القنطرة على وادي قدرون مقابل الهيكل.
وفي الموضع الذي كان فيه البستان موضوع مقالنا، كان الرهبان الفرنسيسكان يحيطونه بالأشجار والورود عندما سكنوا هناك، حيث اعتنوا به جدًا، وهناك توجد ثماني شجرات يُقال إنها ترجع إلى زمن السيد المسيح في تجسده، والأرجح أنها "خليفه منها" (أي من خلال عملية الشتل المستمرة)، لا سيما وقد ذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن تيطس القائد الروماني والذي دمر أورشليم. وهناك على مسافة تسعين مترًا يوجد كهف يُقال أنه المكان الذي جثا فيه السيد المسيح وصلى حيث صار عرقة كقطرات دم "وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ." (لوقا 44:22)

يسوع المسيح وتلاميذه هناك:
خرج الرب يسوع من العلية متجهًا إلى هناك وخلفه تلاميذه، وهو في حالة من الرهبة الشديدة، تتجاذبهم الأفكار، وينتظرهم عدو مجهول يتوقعونه، وتزاحمت الأفكار في رؤوسهم واسترجعوا أقوال معلمهم الخاصة بآلامه وموته، عندما كانوا يسمعوها منه كانوا يتعجبون أو يستنكرون.. وأحدهم هو القديس بطرس قال له: "فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!»" (متى 22:16) وفي أكثر من مناسبة نبّههم إلى ذلك "لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ»." (مرقس 9:31) راجع أيضًا (متى 22:17، 18:20، مرقس 33:10، 41:14، لوقا 44:9، 32:18). وهذه كانت أصعب الدقائق التي عاشوها قبل الآلام والصلب.
وفي الطريق خذرهم السيد وربما عاتبهم وربما أشفق عليهم: "حِينَئِذٍ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ،لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ." (متى 31:26)، ولكن القديس بطرس احتج بحب وغيرة بأنه وان شك فيه الجميع فهو لن يشك، وأنه مستعد أ، يموت معه، فنظر إليه الرب في حب وشفقة وأخبره بمرارة بأنه سوف ينكره في تلك الليلة عينها.. وقد صدق قول الرب، وندم بطرس وتاب، وقَبِلَ الرب توبته وأعاده إلى ربتبته قبل صعوده إلى السموات: "أتحبني.. ارع غمني" (يوحنا 16:21،17). وتحقق قول الرب، إذ تبدد التلاميذ بعض القبض عليه. ولم يجتمع شملهم إلا بعد الأخبار الفرحة بقيامته ثم ظهور الرب لهم أكثر من مرة في أكثر من مكان.
ترك الرب ثمانية منهم في بداية البستان، بينما اصطحب الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا، وهم الثُلاثي الذي رافقه في بعض المهام، مثل حادثة التجلي (متى 1:17)، وعند شفاء ابنة يايرٍُ (مرقس 37:8)، وحتى بعد صعود السيد المسيح نقرأ في سفر الأعمال كثيرًا كيف كان يوحنا مع بطرس (أعمال 1:3).
ويرى بعض الشُرّاح أن السيد المسيح فيما يحب الكل (هكذا أحب الله العالم...) قرّب إليه اثنى عشر تلميذًا.. ومن ثم الثلاثة التصق به يوحنا (التلميذ الذي كان يسوع يحبه). أما بطرس فلأنه يحتاج إلى اهتمام خاص وترويض لحماسته، وأما يعقوب فلأنه الأكبر سنًا بين التلاميذ، وأما يوحنا فلأنه الأصغر سنًا.. هذا يفعله الخدام، لا يميزون ولكن يقدمون اهتمامًا أكبر لمن يحتاج.. هذا يفعله الآباء والأمهات أيضًا دون أن يهملوا الآخرين، وبدأت آلام السيد.. "ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ." (متى 33:14).
ترك الرب تلاميذه الثلاثة على بُعد ركمية حجر، أي حوالي الثلاثين مترًا، وانفرد عنهم وجثا على ركبتيه وصلى "وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى" (لوقا 41:22). وقد صلى السيد ليس لأنه في احتياج إلى ذلك أو أنه منفصل عن الأب أو أقل منه، ولكن صلى ليعلمنا أن نصلي عند المحن، وصلى مُقدِمًا طاعته الكاملة للآب رغم مرارة الكأس وقسوتها "تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ،وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ،إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ،وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»." (متى 39:26) راجع أيضًا (متى 42:26، مرقس 36:14، لوقا 42:22). هكذا أطاع السيد حتى الموت موت الصليب. لذلك يصف بعض الآباء هذه الصلاة "بصلاة التكريس الكامل".
وقد صلى السيد وعاد إليهم فوجدهم نيامًا في المرات الثلاث، وكان يعاتبهم: "ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً،فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهَكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟" (متى 40:26)، وفي والنهاية أشفق عليهم قائلاً: "نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا" (متى 45:26). لقد عاتبهم وتعجب كيف أنه يفعل كل ذلك لأجلهم بينما هم لا يدركون ولا يحتملون حتى الأدوار الصغيرة! لقد ناموا... ونسوا أن كل ما يفعله السيد إنما يفعله لأجلهم، لقد تألم نفسيًا وبسبب هذه المعاناة الشديدة ارتفع ضغط الدم، ومع أن البعض يرى أن الشعيرات في الجلد قد تفجرت، إلا أنه يمكن أن يؤخذ تعبير "صار عرقه كقطرات دم" قد يعني مجازيًا أنه عانى كثيرًا وتصبب عرقًا بغزارة، مثلما نقول "بكى فلان دمًا" أو "بكى بدل الدموع دمًا". ثم نصحهم نصيحة لحياتهم بشكل عام قائلاً: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ»." (متى 41:26) راجع أيضًا (مرقس 38:14، لوقا 46:22). هذه دعوة من السيد المسيح للصلاة مع السهر، أو السهر في الصلاة، حيث يهب ذلك للإنسان قوة يجابه بها التجارب والضيقات، كما دعا السيد المسيح تلاميذه ونحن معهم. إلى ملاحظة أن الجسد لكونه ضعيف فإنه يميل إلى الكسل والتراخي، بينما الروح ولأنه نشيط فيجب أن نخضع ذلك لهذا.
وهي الدعوة التي استجاب لها التلاميذ وبعد ذلك بأكثر جدية وحرارة عندما اصبحوا هم أنفسهم قادة ورعاة وسلموا هذه الخبرة لأولادهم ورعيتهم؛ فها هوذا القديس بولس يوصي المؤمنين في كولوسي: "وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ" (كولوسي 2:4). وقد لبّى الآباء في البرية هذه الدعوة أكثر من غيرهم، حيث رأوا أن حياتهم في العالم لن تحقق لهم أو تمكنهم من أن يحيوا هذه الوصية بكمالها، فتركوا العالم متجهين إلى البراري لتتحول حياتهم إلى صلاة دائمة، ما بين السواعي والصلوات الليتروجية والصلوات السهمية (صلاة يسوع) لتحقق لهم ربط الفكر بالسيد المسيح دائمًا.. "صلوا بلا انقطاع.. صلوا كل حين.. صلوا ولا تملوا".
هذا وقد رأى بعض الآباء في مشهد السيد المسيح بمفرده راكعًا، وعلى بعد قليل ثلاثة من تلاميذه وعلى مسافة أكبر نسبيًا منهم الثمانية الآخرون (بعد أن خان يهوذا الكل وانفصل عنهم) رأوا رمزًا للهيكل حيث الدار الخارجية والقدس وقدس الأقداس!. وعن آلام الرب ومعانات يقول القديس بولس "الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ، مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ." (العبرانيين 7:5-8).

القبض على الرب:
لم يشأ الرب أن يسلم نفسه لرؤساء اليهود قبل الموعد الذي سبق فحدده، وهو الذي قال: "لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً." (يوحنا 18:10)، كما لم يشأ الرب أن يموت بغير الصليب، فقد حاول اليهود أكثر من مرة أن يرجموه وهو في الهيكل ولكنه خرج من الهيكل مجتازًا في وسطهم ومضى هكذا (يوحنا 59:8، 31:10) حاولوا مرة أخرى إلقائه من أعلى الجبل (لوقا 29:4) وهكذا لم يشأ الرب أن يموت رجمًا ولا بالسيف أو بالنار ولا غرقًا ولا شنقًا، بل بالصليب وفي وقت المحدد.
عندما قال السيد المسيح لتلاميذه: "نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا" (متى 45:26)، كان الذين جاءوا للقبض عليه قد لاحوا عن بعج، حينئذ قال لهم: "قُومُوا نَنْطَلِقْ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ!" (متى 46:26)، وهذا يعلمنا أنه قد يدركنا الوقت والخطر ونحن غير مستعدين، لأن التلاميذ ناموا ولم يقدروا أن يسهروا ثمّ رأى يسوع ضوء المشاعل عن بعد "وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ،إِذَا يَهُوذَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ." (متى 47:26)، أما الجمع الذين كانوا مع يهوذا فهم اليهود المتعصبون الذي حرّك الرؤساء مشاعرهم ضدّ المسيح، وقد خرجوا بشكل همجي بسيوف وعصي، مما جعل السيد يعاتبهم وكأنهم قد خرجوا للقبض على لص، وفي إنجيل القديس لوقا نقرأ أنه كان مع الجمع بعض من رؤساء اليهود، ربما كانوا من أعضاء السنهدريم، بل أكثر من ذلك نذكر أن عتاب السيد كان موجهًا أيضًا إلى رؤساء الكهنة! "ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلَكِنَّ هَذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ»." (لوقا 52:22-53). فهل جاء بعض منهم، نحن نعرف أنه في ذلك الوقت كان رئيس الكهنة الرسمي هو قيافا بينما كان حماه حنان ما يزال حيًا ويعمل في الخفاء ويؤثر في قرارات صهره، وأما جند الهيكل فهم الحراس اليهود الذين كانوا يقومون بالحراسات داخل الهيكل ولهم قائد يُدعى "قائد جند الهيكل" هذا يعني أن القبض على يسوع لم يأت بأمر من الرومان، ولكن اليهود أنفسهم هم الذين بادروا بذلك وحاكموه قبل أن يسلموه إلى الرومان في الصباح.. "فَأَخَذُوهُ وَسَاقُوهُ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ." (لوقا 54:22).
عندما قرروا القبض عليه، كان يهوذا هو الدليل إذ كان يعرف الموضع الذي اعتاد المسيح أن يقضي فيه أوقاتًا كثيرة مع تلاميذه وكان يهوذا معهم في كل مرة، وقد خشى رؤساء اليهود أن يقبضوا على شخص آخر غير المسيح في ضل الضوء الخافت، فقام يهوذا بدلّهم على المكان ثم دلهم على الشخص الملطوب وذلك من خلال القبلة.

قبلة يهوذا:
هي أشهر وأسوأ قبلة في التاريخ، كان ظاهرها الحب وباطنها الخيانة، وبينما تعني القبلة "لغةً" قبول الآخر واقتبال الآخر والرغبة في الاحتفاظ به في الداخل وفي العمل، كان يهوذا في الواقع يرفض السيد ويبيعه، والكلمة "قبلة" الواردة هنا تأتي في الأصل اليوناني "قبلة كثيرًا" "فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ." (متى 49:26)، انظر أيضًا (مرقس 45:14).
وفي باكر خميس العهد نتذكر ذلك بمرارة ونحن نعيش طقس خيانة يهوذا، وندور في الكنيسة في اتجاه عكسي ونردد لحن "يوذاس" الذي يروي بألم شديد ما فعله يهوذا، ومنذ ليلة الأربعاء ونحن نلتزم طقس عدم التقبيل في الكنيسة لكي لا ننسى أن يهوذا سلّم السيد بقبلة غاشة ونرتل مزمور "كلامه ألين من الدهن وهو مصال" وهو اللحن المعروف "آف اتشنون" والمأخوذ من المزمور 55 "أَنْعَمُ مِنَ الزُّبْدَةِ فَمُهُ وَقَلْبُهُ قِتَالٌ. أَلْيَنُ مِنَ الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ وَهِيَ سُيُوفٌ مَسْلُولَةٌ." (مزمور 21:55).

من تطلبون؟!:
عندما سألهم السيد المسيح من تطلبون؟ كان السؤال تبكيتًا لهم من جهة ومن جهة أخرى استنكارًا لما أقدموا عليه، وليس عجيبًا أن يردوا عليه بسذاجة: "يسوع الناصري" فهم يطلبون شخصًا هو في نظرهم مجرد إنسان مهيج للشعب.. مخالف للناموس.. ابن النجار.. كما انه من الناصرة لا يمكن أن يخرج شيء صالح! (يوحنا 46:1).

أنا هو:
عندما أجابهم السيد المسيح بهذه العبارة "أنا هو" رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض "فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ." (يوحنا 6:18). وقد يتعجب القاريء من ذلك، فقد جاءوا ومعهم يهوذا للقبض عليه دون أن يلتبس عليهم الأمر، ولكنهم يرتعبون ويسقطون!، والسبب ببساطة أن السيد عندما قال لهم "أنا هو" كان يعلن عن نفسه أنه هو الله "إيجو إيمي" أو ما يوازي في العهد القديم "يهوه" وقد صدمهم الرد عندما فوجئوا أنهم في مواجهة مع الله ذاته، فقد كان من العادة ألا ينطقوا لفظة يهوه بشفاههم البتة، ومتى كانوا يقرأون وجاءوا عند هذه الكلمة استبدلوا في النطق بـ "أدواني" أي السيد، ولم يتوقعوا أبدًا أن الشخص الذي جاءوا للقبض عليه سوف يعلن عن نفسه هكذا.
ومع ذلك أغلقوا قلوبهم وأذهانهم دون الحق " يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ»." (مرقس 12:4)، ولم يستطيعوا القبض عليه إلا عندما سمح هو لهم بذلك. ثم قال لهو دعوا هؤلاء يذهبون (يوحنا 9:18). هكذا سقط الإنسان في بستان وافتُديّ في بستان.

جثسماني الآن:
توجد في الموضع الآن كنيسة مبنية تُدعى "كنيسة كل الأمم" بُنيت في الفترة ما بين 380-390م. وقد ذكرتها الحاجة "إيجيريا" في القرن الرابع، وقد اكتُشِفَت أساساتها تحت الكنيسة الحالية.

من كتاب [ دراما الصليب ] لـ الأنبا مكاريوس - الأسقف العام
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسيح الذي صلى في بستان جثسيماني إلى الآب ونصب له اليهود الصليب كفخ وقتلوه
دراما
هنا جثسيماني
جثسيماني
في جثسيماني


الساعة الآن 07:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024