![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ناحوم " الرب إله غيور ومنتقم " " نا 1 : 2 " مقدمة لست أظن أننا نستطيع أن نفهم ناحوم الألقوشى خير فهم ، ما لم نضعه جنباً إلى جنب مع يونان بن أمتاى النبى ، ولست أظن أننا نستطيع أن نفهم نينوى التى تنبأ عنها الاثنان - وقد جاءت نبوة يونان ، على الأغلب ، قبل نبوة ناحوم بنحو قرن من الزمان - ما لم نضع رحمة اللّه وعدالته نصب عيوننا ، ونحن ندرس الحياة والناس والشعوب والأمم ، ... لقد هدد اللّه نينوى على لسان يونان وقدم لها الفرصة محددة بأربعين يوماً تنقلب بعدها نينوى إن لم تتب ، أمسك أهلها بفرصة الحياة المقدمة لهم فتابوا ورجعوا عن شرورهم وفسادهم وإثمهم وطغيانهم ، وعفا اللّه برحمته عن المدينة التائبة ، كما يفعل دائماً مع كل آثم وشرير فى الأرض !! .. لكن صك العفو مرهون دائماً بالسير فى حياة النقاوة والاستقامة والبر والأمانة ، ... فإذا عاد الخاطئ إلى طرقه القديمة ، ونسى إحسان اللّه وجوده ورحمته ولطفه ، فإن المأساة ستكون أشد وأقسى ، كمأساة الناقه من المرض عندما تحدث له المضاعفات ليرتد إلى ما هو أسوأ وأشر فى علته !! ... فإذا كان القرن الذى مر بنينوى بعد توبتها ، قد أعادها إلى سيرة أشنع وأقسى مما كانت عليه فى الماضى ، فإن اللّه الذى كان رحيماً بها ، سيتحول إلى الإله الغيور المنتقم ، وفى الحالين سنرى لطف اللّه وصرامته على النحو المتوازن الكامل ، ومن ثم ، يحق لنا بعد ذلك أن نرى ناحوم النبى فيما يلى : ناحوم ومن هو إن الاسم « ناحورم » يعنى « تعزية » ، وهو كغيره من الكثير من الكثير من الأسماء العبرانية التى ارتبط معنى اسمها بالرسالة التى أتيح له أن يحملها فيما بعد ، فلئن كانت رسالته لأمته تحمل التعزية لها فى محنتها ومتاعبها وآلامها ، فإنه هو شخصياً كحامل الرسالة ، كان الرجل اللازم فى وقت المحنة والآلام ، على أن هذا لا يعنى أن كل اسم يحمل فى ذاته المعنى النبوى لما سيكون عليه فى المستقبل ، فما أكثر ما يتمنى الآباء ، وهم يعطون أولادهم الأسماء التى تحمل أفضل الآمال ،الأمانى والأحلام ، ليأتى أولادهم على عكس ما كان يتمنون أو يحلمون ، .. كان هناك تلميذان للمسيح ، يحملان اسم يهوذا لباوس أو تدروس أو « يهوذا ليس الاسخريوطى » كما جاء فى " يو 14 : 22 " .. ويهوذا الإسخريوطى ، ولكن شتان بين الاثنين ، وبين ما فعلا ، والمصير الذى آل إليه كلاهما ، ... قد يسمى إنسان عبد المسيح ، وقد يصبح فعلا عبد يسوع المسيح ، أو قد يضحى عبد للشيطان حتى ولو حمل اسم المسيح !! . وغير أن ناحوم كان فى الواقع إسماً على مسمى ، فقد حمل رسالة التعزية العميقة لشعبه فى أوقات المحن والمتاعب والمصائب !! .. وقد أطلق عليه « الألقوشى » ، نسبة إلى قرية فى الجليل اسمها « القوش » فى سبط نفتالى ، وعلى مقربة من كفرناحوم، والتى يقال إنها أخذت اسم ناحوم النبى ، كما تذهب بعض التقاليد القديمة ، والتى تذهب إلى أن شهرة النبى فى المنطقة هى التى جعلت القاطنين بجوار ألقوش يطلقون اسمه على المكان ، والذى أضحى فيما بعد كفرناحوم المرتفعة إلى السماء ، ... ومن الغريب أن هناك من يعتقد أن النبى ولد فى بلدة تحمل ذات الاسم ، وعلى مقربة من الموصل فى العراق ، والذين يأخذون بهذا الرأى يعتقدون أن النبى ولد فى السبى ، مع المملكة الشمالية ، وأنه قد دفن هناك فى مقبرة تضمه ويونان وعوبديا ويفتاح ، وأن هذا المكان أضحى مزاراَ يحج إليه الكثيرون ممن يتعلقون برفات الأنبياء والقديسين ، على أننا نعتقد أن هذا التقليد المتأخر لا يستند إلى أساس ، ولا يمت إلى الحقيقة بصلة ، والواضح أن ناحوم كان على معرفة واضحة بباشان والكرمل وزهر لبنان كما هو ثابت من مطلع سفره ، مما يؤكد أنه كان فى بلاده عندما تنبأ عن نينوى ، وأنه على الأغلب كان فى أورشليم بعد سقوط السامرة عاصمة المملكة الشمالية ، وتهديد الأشوريين المستمر ليهوذا وإسرائيل ومع أن يوسيفوس يذكر أنه تنبأ فى أيام يوثان ، لكن المرجح أن وصفه : « ولكن بطوفان عابر يصنع هلاكا تاما لموضعها وأعداؤه يتبعهم ظلام ماذا تفتكرون على الرب ؟ هو صانع هلاكا تاما ، لا يقوم الضيق مرتين ، فإنهم وهم مشتبكون مثل الشوك وسكرانون كمن خمرهم ، ويؤكلون كالقش اليابس بالكمال » " نا 1 : 8 - 10 " تشير كما يتجه الشراح إلى ضربة اللّه لجيش سنحاريب عندما حاصر أورشليم وقتل ملاك الرب مائة وخمسة وثمانين ألفاً . ... ولهذا يتجه كثيرون من المفسرين إلى أن نبوته جاءت بعد نبوة يونان بمائة عام ، فإذا كان يونان قد تنبأ على نينوى عام 763 ق. م ، فإن ناحوم تنبأ عليها عام 663 ق. م أو حول ذلك التاريخ ، وقد سقطت نينوى سقوطها النهائى عام 613 ق.م. أى بعد نحو خمسين عاماً ، ولابد لنا أن نشير إلى أن سنحاريب عندما عاد فاشلاً ، وذكر عنه إشعياء أنه مات مقتولا بيد ولديه فى بيت نسروخ إلهه ، أن هذا كان إتماماً لقول ناحوم : « ولكن قد أوحى عنك الرب لا يزرع من اسمك فى ما بعد . إنى أقطع من بيت إلهك التماثيل المنحوتة والمسبوكة . أجعله قبرك لأنك صرت حقيراً » " نا 1 : 41 " . ومن المسلم به على أية حال أن أسلوب ناحوم بلغ الذروة بين الأنبياء الصغار ، فهو الأسلوب القوى الواضح ومع أن له حدة السيف ، لكنه مع ذلك يرقى فى كثير من المواطن إلى الشعر السامى ، والموسيقى الرائعة ، ووصفه لجلال اللّه وقدرته وعظمته وسيطرته وانتصاره ، من أروع ما جاء فى الكتاب المقدس على الإطلاق !! .. ناحوم والرؤيا الصافية لم تكن نينوى عندما تنبأ عنها ناحوم مدينة ضعيفة ، بل كانت توحى ، حسب الظاهر ، بكل مظاهر القوة والجلال والعظمة وأدق وصف لها هو ما قاله : « أين مأوى الأسود ومرعى أشبال الأسود ؟ حيث يمشى الأسد واللبؤة وشبل الأسد وليس من يخوف . الأسد المفترس لحاجة جرائه والخالق لأجل لبواته حتى ملأ مغاراته فرائس ومآويه مفترسات » .." نا 2 : 11 و 12 " ولنا أن نتصور غابة أو برية يجول فيها الأسد ويصول ، وليس أسداً واحداً ، بل أسوداً وأشبال أسود ، واللبوات !! ومن ذا الذى يفلت من الصيد والقنص والفتك والافتراس ، ... ولو أننا سألنا السياسيين أو أصحاب النظرة النافذة النابهة ، لتحدثوا عن المدينة التى لا تقهر ، والشعب الذى لا يخاف ، والقوة المتصاعدة وليس فيهم من يخطر بباله أن المدينة يمكن أن تكون وشيكة الضياع أو الهزيمة أو الدمار !! ... ولكن ناحوم رأى نهايتها الرهيبة ، ووصفها وصفا دقيقاً كما لو أنه يكتب ، والجيوش الزاحفة تزحف عليها ، وتقرض قصورها ، وتأتى على مجدها التليد !! ... وتزداد هذه الحقيقة رسوخاً ، إذا تبينا أنها حدثت بعد خمسين عاماً من وقت النبوة ، ... وفى الحقيقة أن مصدر كل نبوة يتجاوز الفهم والذهن البشرى ، سواء طال الزمن أمام قصر ، وسواء امتد خمسين عاماً ، أو كان يوماً واحداً ، وهل فى قدرة إنسان وجيوش سنحاريب تطوق مدينة أورشليم أن يقول : « عن ملك آشور . لا يدخل هذه المدينة ولا يرمى هناك سهما ولا يتقدم عليها بترس ولا يقيم عليها مترسة . فى الطريق الذى جاء فيه يرجع وإلى هذه المدينة لا يدخل يقول الرب . وأحامى عن هذه المدينة وأخلصها من أجل نفسى ومن أجل داود عبدى » " إش 37 : 33 - 35 " وبين عشية وضحاها يحدث كل هذا !! .. وهل يمكن أن يصف أحد ما سيحدث بعد نصف قرن من الزمان بهذا الوصف : « نعست رعاتك ياملك آشور اضطجعت عظماؤك ، تشتت شعبك على الجبال ولا من يجمع ، ليس جبر لانكسارك ، جرحك عديم الشفاء كل الذين يسمعون خبرك يصفقون بأيديهم لأنه على من لم يمر شرك على الدوام » " نا 3 : 18 و 9 " .. ومن الملاحظ على الدوام أن الأنبياء الصادقين الذين يرون رؤى الرب كانو ينطقون بها دون تردد أو شبهة ، مهما كان تصور الآخرين أو تفكيرهم ألم يقف ميخا بن يملة فى جانب ، وأربعمائه نبى لآخاب فى جانب آخر ، ويتنبأ على أخآب دون أدنى ذبذبة ، وإذ يقول أخآب : « ضعوا هذا فى السجن وأطعموه خبز الضيق وماء الضيق حتى آتى بسلام ، فقال ميخا إن رجعت بسلام ، فلم يتكلم الرب بى . وقال اسمعوا أيها الشعب أجمعون » . " 1 مل 22 : 27 و 28 "وألم يقل أليشع للجندى الذى يستند الملك على يده فى قلب المجاعة بالسامرة : « هكذا قال الرب فى مثل هذا الوقت غداً تكون كيلة الدقيق بشاقل وكيلتا الشعير بشاقل » ... وإذا بالجندى يجيب : « وقال هو ذا الرب يصنع كوى فى السماء ، هل يكون هذا الأمر ؟ فقال إنك ترى بعينك ولكن لا تأكل منه» .. " 2 مل 7 : 1 و 2 " بل ألا يبلغ بنا العجب منتهاه ، أن نبوخذ نصر يحلم حلماً ، ولعله نسيه ، ويطلب من حكماء بابل معرفة الحلم وتفسيره ، ولكنهم يجيبون بصوت واحد : « ليس على الأرض إنسان يستطيع أن يبين أمر الملك لذلك ليس ملك عظيم ذو سلطان سأل أمراً مثل هذا من مجوسى أو ساحر أو كلدانى . والأمر الذى يطلبه الملك عسر وليس آخر يبينه قدام الملك غير الآلهة الذين ليست سكناهم مع البشر » .. " د 21 : 10 و 11 " وإذ عرف دانيال الحلم وأعلنه للملك وفسره له ، « خر نبوخذ نصر على وجهه وسجد لدانيال » .. لأن : « اللّه العظيم قد عرف الملك ما سيأتى بعد هذا الحلم حق وتعبيره يقين » " دا 2 : 45 و 46 " !! .. كان ناحوم على يقين كامل بالمصير الذى ستلاقيه نينوى ، إذ كانت له الرؤية الصافية المعلنة من اللّه !! .. ناحوم والمدينة المعاقبة لعل من أعجب ما ذكر زينفون ، أن نينوى سقطت بسبب فيضان نهر دجلة ، الفيضان الذى حطم أبواب الخزان فغرقت المدينة فى المياه ، ومكنت المهاجمين من اقتحامها ، ودك حصونها ، ... وهل هذا إلا ما ذكره ناحوم بالضبط فى نبوته عنها : « أبواب الأنهار انفتحت والقصر قد ذاب .. ونينوى كبركة ماء منذ كانت ولكنهم الآن هاربون » " نا 2 : 6 - 8 ". وقد يقول الناس إنها الطبيعة ، أو قد يقولون إنها قوة الكلدانيين الذين أخذوا طريقهم إلى الظهور ليكتسحوا الممالك ، لكننا نعلم على الدوام أن الأمم تقوم وتسقط لا لأسباب سياسية أو إقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية ، بل قبل وبعد هذه كلها ، لأن اللّه حكم بالقيام أو السقوط ... قبل مائة عام من تاريخ هذه النبوة ، أو مائة وخمسين عاماً قبل سقوط المدينة ، جاءها يونان ونادى عليها بالسقوط والانقلاب ، وتابت المدينة ، ونامت فى التراب والرماد ونجت ، وكتب لها فى جوده وحبه كتاب الحياة والنجاة ، ... لكن الإنسان الذى لا يقرع صدره توبة ، سيقرع صدره فزعاً ورعباً وندماً ، وهذا ما حدث لنينوى فى المرة الثانية إذ تنبأ النبى عن ملكتها الجميلة باسمها « هصب » قائلا : « وهصب قد انكشفت . اطلعت . وجواريها تئن كصوت الحمام ضاربات على صدورهن » ... " نا 2 : 7 " « فراغ وخلاء وخراب وقلب ذائب وارتخاء ركب ووجع فى كل حقو وأوجه جميعهم تجمع حمرة » " نا 2 : 10 ". وإنها لمأساة الإنسان الذى ينسى العبرة ويهمل التاريخ ، ويظن أن الفرصة التى أتيحت له للتوبة تتحول رخصة مستمرة للتهاون أو فعل الشر ، ... لقد عادت نينوى إلى شهواتها ومسراتها وزناها : « من أجل زنى الزانية الحسنة الجمال صاحبة السحر البائعة أمما بزناها وقبائل بسحرها » " نا 3 : 4 ". .. وكل واحد فى التاريخ يمكنه أن يقول لأعظم دول العالم ، وأجمل مدنها ما قاله ناحوم ، عن الخراب لابد أن يلحقها ، ولا يمكن أن تفلت منه ، لا بفيضان نهر أو قنبلة قد تكون ذرية أو هيدروجينية ، بل بفيضان غضب اللّه القدوس ضد الخطية !! .. إن الاستباحة والترف والمجون ، وعبادة الجسد ، هى السوس الذى ينخر فى عظام الأمة ، ويقوضها فجأة ودون سابق إنذار ، لأن « البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية » ، .. " أم 14 : 34 " .. كما أن نينوى سقطت لسبب آخر إذ كانت مدينة الدماء : « ويل لمدينة الدماء .. كلها ملآنة كذباً وخطفاً .لا يزول الافتراس » .. " نا 3 : 1 " كانت المدينة تبحث عن المال ، ولا تريد أن تضع حدوداً لنهبها وعندما دخلها الغزاة وجدوا أمامهم مالا يتصوره عقل من الفضة والذهب والتحف : « انهبوا فضة انهبوا ذهباً فلا نهاية للتحف للكثرة من كل متاع شهى» " نا 2 : 9 " .. والأمم التى تشغل بالمال على هذا الوضع ، سيأتيها الضياع من الخارج والداخل على حد سواء ، مهما علت وارتفعت وعظم شأنها ، لأن محبة المال أصل لكل الشرور ، الذى إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة !! .. وهل لا يقف المال وراء الاستعمار والمجازر والحروب وصراعات الأمم والبيوت والأفراد ، وهل تعاقب الدول فى كل العصور لتسقط كل واحدة الأخرى ، وتجعلها تدور فى فلكها حتى يأتى من يسقطها بدوره والحلقة دائبة الدوران ، ... هل هذه كله إلا بسبب المال وما ترك فى البشر من شراهة وطمع وتآمر وقتل !! ؟ … ومع أن هذا هو الظاهر ، لكن الحقيقة أنه عقاب اللّه للظلم والكذب والخطف والافتراس، قال أحدهم ، وهو يعلق على الحرب العالمية الثانية : « إنى لا أؤمن بوجود اللّه الذى يسمح بالخراب والدمار على هذه الصورة المفزعة » … ورد عليه آخر : أنا أؤمن بوجود اللّه لهذا السبب عينه ، لأنه كيف يترك اللّه فجور العالم دون حساب أو عقاب ؟ !! .. ناحوم والقدرة الغالبة عندما سقطت نينوى العظيمة ، كان سقوطها رهيباً وشاملاً ، وقد رآه ناحوم فى النبوة كالتين الذى يسقط فى فم الآكل عندما يهز الشجرة : « جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير إذا انهزت تسقط فى فم الآكل » .." نا 3 : 12 " وفقد الشعب فيها روح الجسارة والبطولة ، وهو يستسلم على النحو القريب : « هوذا شعبك نساء فى وسطك . تنفتح لأعدائك أبواب أرضك . تأكل النار مغاليقك » " نا 3 : 13 ". وعندما نســـــأل عن الســر فى ذلك ، نتحول من البشر إلى اللّه العلى !! .. « الرب إله غيور ومنتقم الرب منتقم وذو سخط . الرب منتقم من مبغضيه وحافظ غضبه على أعدائه . الرب بطئ الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرئ البتة . الرب فى الزوبعة وفى العاصفة طريقه والسحاب غبار رجليه .. ينتهر البحر فينشقه ويجفف جميع الأنهار ... الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض ترفع من وجهه والعالم وكل الساكنين فيه . من يقف أمام سخصه ومن يقوم فى حمو غضبه ؟ غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه . صالح هو الرب حصن فى يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه . ولكن بطوفان عابر يصنع هلاكاً تاماً لموضعها وأعداؤه يتبعهم ظلام » " نا 1 : 2 - 8 " « فإن الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لأن السالبين قد سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم . ترس أبطاله محمر . رجال الجيش قرمزيون . المركبات بنار الفولاذ فى يوم إعداده . والسرو يهتز . تهيج المركبات فى الأزقة . تتراكض فى الساحات . منظرها كمصابيح . تجرى كبالبروق » ." نا 2 : 2 - 4 " « ها أنا عليك يقول رب الجنود فأحرق مركباتك دخاناً وأشبالك يأكلها السيف وأقطع من الأرض فرائسك ولا يسمع صوت رسلك » .. " نا 2 : 13 "« هأنذا عليك يقول رب الجنود فأكشف أذيالك إلى فوق وجهك وأرى الأمم عورتك والممالك خزيك . وأطرح عليك أوساخاً وأهينك وأجعلك عبرة . ويكون كل من يراك يهرب منك ويقول خربت نينوى من يرتى لها ؟ من أين أطلب لك معزين » ؟ ... " نا 3 : 5 - 7 " ونحن لا نرى هنا أمام الأوصاف الرائعة سوى اللّه ، ومع أن اللّه قد استخدم الكلدانيين فى القضاء عليهم ، لكن الكلدانيين ليسوا إلا عصا الرب وأداة انتقامه ، ... وكل النواميس والنظم والناس وسائر المخلوقات المنظورة وغير المنظورة ، ليسوا إلا جنوده لتنفيذ أوامره ومجده !! .. واللّه يبدو هنا الإله الساخط فى مواجهة الإثم والخطية والشر ، لأن هناك تنافراً أبدياً بينه وبين الفساد ، وهو لا يطيق الإثم ، ... منذ مائة وخمسين عاماً رحم نينوى رحمة واسعة وضاق بها يونان واغتاظ من أجلها ، ... لكن رحمة اللّه الواسعة كان لا بد أن تعمل فى إنقاذ المدينة ، ... واللّه كما وصفه ناحوم بطئ الغضب ، .. لكن بطء الغضب شئ والسكوت على الإثم وعدم المبالاة شئ آخر، ونحن لابد أن نتذكر أن اللّه « غيور ومنتقم » وغيرة اللّه وقائد أبدية ، ... وصانع الشمس الملهبة ، التى ترسل نارها على الدوام ، لا يمكن أن تكون طبيعته هو طبيعة باردة ، لا تفرق بين شر وخير، وبين حق وباطل ، وبين إثم وبر ، .. لأن إلهنا نار أكله !! .. وإذا كان الإنسان الحر يثور ضد الظلم والفساد والشر ، وهو على استعداد أن يبذل حياته للدفاع عن كل قضية عادلة ، ... فإن صانع هذا الإنسان ، هيهات أن يكون أضعف غيره منه ، أو أقل سخطاً ، على الأوضاع المقلوبة فى الأرض .. على أن اللّه ليس هو الإله الذى يسخط فحسب ، بل هو الإله القادر فى سخصه على أن يقلب الأرض كلها بإصبعه ، أو بأقل حركة من أصبعه ، وهو الذى يأتى بالطوفان العابر عند ثورة غضبه ، ... إن البشر قد يحولون غضبهم إلى بكاء أو دموع أو ثورة فاشلة ، ... لكن اللّه إذا كان بطئ الغضب ، لكنه فى الوقت نفســـــه عظيم القدرة ، ومن يقف أمام سخطه ، ومن يقوم فى حمو غضبه !! .. من الحق أن الرب طيب ولا حدود لطبيبته ، ... ولكن من أكبر الحماقات التى يرتكبها الإنسان ، أن يتصور الطيبة الإلهية بالمعنى الشائع للمثل الفرنسى « اللّه الطيب » والمقصود به المتساهل تجاه الخطية ، والذى يتجاوز عن الإثم ، والذى يقف موقف الإهمال وعدم المبالاة أمام صنوف العسف والظلم والطغيان والاستبداد ، وهنا ينسى مثل هذا الإنسان ، أنه لا يوجد من يجمع بين اللطف والصرامة على النحو الكامل المطلق سوى اللّه !! .. واللّه لطيف رحيم لكل من يأتى إليه تائباً مقراً باثمه وقصوره وشره ، ... ولكنه هو أيضاً ، كما وصفه أيوب فى الأصحاح التاسع من سفره : « هو حكيم القلب وشديد القوة . من تصلب عليه فسلم ؟ المزحزح الجبال ولا تعلم ، الذى يقلبها فى غضبه ، المزعزع الأرض من مقرها فتتزلزل أعمدتها ، الآمر الشمس فلا تشرق ويختم على النجوم ، الباسط السموات وحده والماشى على أعالى البحر صانع النعش والجبار والثريا ومخادع الجنوب . فاعل عظائم لا تفحص وعجائب لا تعد » ... " أيو 9 : 4 - 10 " كان اللّه الإله الرحيم على نينوى التائبة يوم يونان ، والمنتقم على عصيانها يوم ناحوم ! ومن اللازم أن نشير هنا إلى تبدل المواقع وتغير الأوضاع ، وابتداء القضاء من بيت اللّه ، فإذا كان اللّه قد أهاج الأشوريين أو الكلدانيين على إسرائيل ويهوذا لخطيتهما وإثمهما ، إلى الدرجة التى قال معها سنحاريب لحزقيا - يدرى أو لا يدرى معنى قوله : « والآن هل بدون الرب صعدت على هذه الأرض لأضربها . الرب قال لى اصعد على هذه الأرض واضربها » ... " إش 36 : 10 " فإن هذا الإله عينه هو الذى يتحول على الطغاة ليرد سبى شعبه للسبب عينه ، عندما يتوبون ويرجعون إليه ، وعندما يستمر الطغاة فى شرهم وظلمهم وإثمهم ، أو كما قال ناحوم : « قد ارتفعت المقمعة على وجهك ، احرس الحصن ، راقب الطريق ، شدد المقومين ، مكن القوة جداً، فإن الرب يرد عظمة يعقوب كعظمة إسرائيل لأن السالبين قد سلبوهم وأتلفوا قضبان كرومهم » ... ومقمعة اللّه فى كل التاريخ والعصور مرفوعة لتضرب كل وجه يتعظم فى حضرة اللّه ، أو يستبد أو يطغى أو يرتكب إثما وشراً فى حضرة إله قادر حى دائم منتصر ممجد !! .. |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
![]() |
![]() ثانكس جون كتير للشخصيه الحلوه
تسلم ايدك |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() شكرا على المشاركة ربنا يبارك خدمتك |
||||
![]() |
![]() |
|