شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري ملوك الأول 1 - تفسير سفر الملوك الاول الآيات 1-4:- وشاخ الملك داود تقدم في الأيام وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفا. فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك على فتاة عذراء فلتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنك فيدفا سيدنا الملك. ففتشوا على فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدوا ابيشج الشونمية فجاءوا بها إلى الملك. وكانت الفتاة جميلة جدًا فكانت حاضنة الملك وكانت تخدمه ولكن الملك لم يعرفها. عمر الملك داود الآن حوالي 70 عامًا فهو ملك وعمره 30 عاما وملك 40 عامًا. وواضح أنه في سن السبعين يوجد كثيرين لهم حيوية أكثر من ذلك فلماذا انهارت صحة داود هكذا؟ لقد رأى داود أياما صعبة بسبب خطيته في موضوع أوريا وكان أصعبها، فتنة ابنه عليه بل سعيه وراءه ليقتله ثم حزنه على أولاده وما حدث لهم ومنهم وهو ذو الشخصية المملوءة حبا وحنانا. ونجد هنا مشورة بإحضار فتاة حاضنة جميلة للملك وهي أبيشج الشونمية وهذه الفكرة إنما كانت من وزراء ومشيرى داود بحسب شهواتهم هم وليس حسب طلبه ويقال أنها طريقة يونانية للعلاج فهذه تعمل كممرضة تنام بجوار المريض. وموضوع أبيشج ذكر هنا كمقدمة لما سيحدث بعد ذلك في موضوع أدونيا ابن داود. وذكر موضوع ضعف داود لإظهار سبب الإسراع بتنصيب ملك آخر من أولاده. الآيات 5-10:- ثم أن ادونيا بن حجيث ترفع قائلًا أنا أملك وعد لنفسه عجلات وفرسانا وخمسين رجلا يجرون امامه. ولم يغضبه ابوه قط قائلًا لماذا فعلت هكذا وهو أيضًا جميل الصورة جدًا وقد ولدته امه بعد ابشالوم. وكان كلامه مع يواب ابن صروية ومع ابياثار الكاهن فاعانا ادونيا واما صادوق الكاهن وبناياهو بن يهوياداع وناثان النبي وشمعي وريعي والجبابرة الذين لداود فلم يكونوا مع ادونيا. فذبح ادونيا غنما وبقرا ومعلوفات عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روجلودعا جميع إخوته بني الملك وجميع رجال يهوذا عبيد الملك. واما ناثان النبي وبناياهو والجبابرة وسليمان اخوه فلم يدعهم. هنا نسمع عن ابن داود أدونيا وكل ما عرفناه عنه أنه جميل الصورة جدًا فكان في عيني أبيه كجوهرة ولكنه صار كشوكة. وهو أكبر أبناء داود الأحياء لأن أمنون وإبشالوم ماتا وهذا مسجل كتابيا وغالبًا كيلآب أيضا. وفي آية (5) ترفع قائلا = كان أدونيا له كثير من البركات التي أنعم بها عليه لكن دخل الكبرياء قلبه عوضا عن الشكر وحاول اغتصاب ما لم يدعه الله إليه.وعد لنفسه عجلات وفرسانا = هذا ليس للحرب ولكن للتعظيم كما فعل إبشالوم وكما لم يفعل داود أبدًا وهذه وسائل بشرية. ولم يغضبه أبوه قط = الآب الذي لا يغضب ابنه ويعلمه أن يمتنع عن الشر كأنه يعلمه أن يفعل الشر ولذلك هو استغل شيخوخة أبيه ومرضه وإغتصب الملك وأدونيا كان يعلم نية أبيه أنه سيعطى الملك لسليمان 1 أي 9:22 وهذا يتضح في تجاهله لأبوه داود وعدم دعوة سليمان لذلك يعتبرما عمله أدونيا مؤامرة ضد الملك المختار من الله. وهذا فعله اليهود حين قالوا عن المسيح هذا لا يملك علينا. وقد ولدته أمه بعد إبشالوم = أم أدونيا هي حجيث وأم إبشالوم هي معكة فهما من أمين مختلفين والمعنى المقصود أن أدونيا كان أصغر سنا من إبشالوم. وكان كلامه مع يوآب = يوآب فضل أن يملك أدونيا ضعيف الشخصية عن أن يملك سليمان القوى وإذا ملك أدونيا صار الملك الفعلي ليوآب وغريب أن ينحاز رجال داود ضد رغبة داود. ولكن هم غالبًا رأوا ضعف داود الصحى وربما فضلوا أن يملك أدونيا حتى يضمنوا لهم مراكز قيادية بعد داود. وأما انحياز أبياثار الكاهن لأدونيا فهو غريب فعلا لكن يبدو أن هذا كان بسماح من الله حتى تتم النبوة في بيت عالى الكاهن. فسليمان حين ملك عزل أبياثار وعين صادوق مكانه وظلت عائلة صادوق في رياسة الكهنوت حتى مجيء المسيح وانتهى بعزل أبياثار بيت عالى الكاهن تماما. وكان ابياثار كاهنا في أورشليم حيث التابوت. وصادوق كاهنا في جبعون حيث خيمة الاجتماع (1 أي 39:16). فذبح أدونيا = إتضح سوء نية أدونيا في أنه لم يدع سليمان، إذا هو يعرف أن داود اختاره ملكا بعده. وحتى تكتمل الصورة قدم ذبائح فمعه أبياثار رئيس الكهنة فكأنه يبدأ ملكه بصبغة دينية ولكنها مزيفة. الآيات 11-31:- كلم ناثان بثشبع ام سليمان قائلًا أما سمعت أن ادونيا ابن حجيث قد ملك وسيدنا داود لا يعلم. فالان تعالي اشير عليك مشورة فتنجي نفسك ونفس ابنك سليمان. اذهبي وادخلي إلى الملك داود وقولي له أما حلفت أنت يا سيدي الملك لامتك قائلًا أن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي فلماذا ملك ادونيا. وفيما أنت متكلمة هناك مع الملك ادخل أنا وراءك واكمل كلامك. فدخلت بثشبع إلى الملك إلى المخدع وكان الملك قد شاخ جدًا وكانت ابيشج الشونمية تخدم الملك. فخرت بثشبع وسجدت للملك فقال الملك ما لك. فقالت له أنت يا سيدي حلفت بالرب الهك لامتك قائلًا أن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي. والان هوذا ادونيا قد ملك والان أنت يا سيدي الملك لا تعلم ذلك. وقد ذبح ثيرانا ومعلوفات وغنما بكثرة ودعا جميع بني الملك وابياثار الكاهن ويواب رئيس الجيش ولم يدع سليمان عبدك. وانت يا سيدي الملك اعين جميع إسرائيل نحوك لكي تخبرهم من يجلس على كرسي سيدي الملك بعده. فيكون إذا اضطجع سيدي الملك مع ابائه اني أنا وابني سليمان نحسب مذنبين. وبينما هي متكلمة مع الملك إذا ناثان النبي داخل. فاخبروا الملك قائلين هوذا ناثان النبي فدخل إلى أمام الملك وسجد للملك على وجهه إلى الأرض. وقال ناثان يا سيدي الملك اانت قلت أن ادونيا يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي. لانه نزل اليوم وذبح ثيرانا ومعلوفات وغنما بكثرة ودعا جميع بني الملك ورؤساء الجيش وابياثار الكاهن وها هم ياكلون ويشربون امامه ويقولون ليحي الملك ادونيا. - واما أنا عبدك وصادوق الكاهن وبناياهو بن يهوياداع وسليمان عبدك فلم يدعنا هل من قبل سيدي الملك كان هذا الأمر ولم تعلم عبدك من يجلس على كرسي سيدي الملك بعده. فاجاب الملك داود وقال ادع لي بثشبع فدخلت إلى أمام الملك ووقفت بين يدي الملك. فحلف الملك وقال حي هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيقة. أنه كما حلفت لك بالرب إله إسرائيل قائلًا أن سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي عوضا عني كذلك افعل هذا اليوم. فخرت بثشبع على وجهها إلى الأرض وسجدت للملك وقالت ليحي سيدي الملك داود الى الأبد. لم يكن في ذلك الحين قد تم الاستقرار كيف يورث الملك هل يرث البكر، أم الذي يختاره الملك، أم الذي يختاره الشعب لذلك في (20) قالت بثشبع أعين جميع إسرائيل نحوك لكي تخبرهم من يجلس على كرسي سيدي الملك. ثم نجد خطة ناثان والتي اشترك فيها مع بثشبع لإخبار داود بما فعله أدونيا دون علمه. وناثان لم يستطع السكوت على هذه المؤامرة لأنه يعرف أن سليمان هو حبيب الرب فهو اسماه يديديا (2 صم 25:12) وناثان لم يكن ليتدخل إن لم يكن يعلم أن الأمر من الله. وكان دخول ناثان وراء بتشبع لزيادة حماس داود. ولقد أضاف ناثان أنهم لم يدعوه للاحتفال وهذا معناه أنهم لم يستشيروا الملك ولم يستشيروا الله. بل نادوا يحيا الملك أدونيا كأن أبيه الملك داود قد مات. ونلاحظ ارتباط ناثان بسليمان فهو الذي حمل النبوة الخاصة به. وقول ناثان لبثشبع في (12) فتنجى نفسك = لأنه كان من عادة الملوك الوثنيين أن يقتلوا كل من يخافوا أن ينافسهم في الملك حين يملكوا. ولذلك قالت بثشبع في (21) إنى أنا وإبنى نحسب كمذنبين = أي أن أدونيا سيعتبر سليمان محاولا لاغتصاب العرش فيقتله هو وأمه. وفي (29). فحلف الملك... وفي (30) أنه كما حلفت لك = الحلف السابق الذي حلفه داود لبثشبع غير مذكور لكن ذكر وعد الرب 1 أي 6،5:28 ولا شك أن داود حلف لبثشبع بناء على وعد الرب. ولاحظ سجود ناثان للملك مع أنه سبق ووبخه على خطيته لكن يجب احترام من له الاحترام. وفي (22) بينما كانت بثشبع تتكلم مع داود ودخل النبى ناثان فخرجت هي احتراما فهناك نبي يتكلم مع ملك ونبى لذلك نجد في نهاية كلام ناثان أن الملك يطلب أن يحضروا له بثشبع (آية 28). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).وفي (27) يقول ناثان ولم تعلم عبدك = فكان داود يخبر ناثان بكل شيء لأن ناثان كان يحمل لداود كلام الله. طبعا كان كلام ناثان وبثشبع حسب الخطة كل منهما مستقل وكل منهما له اتجاهه فبثشبع تركز على أن الملك حلف لها وأنه إن لم يملك ابنها ستتعرض هي وسليمان للقتل. وناثان يركز على أنه كنبي حمل ويحمل أقوال الله كان يجب أن يعلم. ولذلك خرجت بثشبع. عند دخول ناثان حتى لا يبدو للملك أن هناك اتفاق بينهما. وفي (31) ليحى سيدي الملك إلى الأبد = تقول هذا حتى لا يفهم أنها تتمنى موت الملك ليملك إبنها. ونلاحظ في آية (15) وكانت أبيشج تخدم الملك هذه الآية مذكورة هنا لاحتمالين: 1.نوع من إظهار خطأ داود في قبوله أن يكون له حاضنة وزوجاته موجودات. 2.ربما كان لها يد في مؤامرة أدونيا وربما كان دورها أن تحجب أخبار تمليك أدونيا عن الملك داود. الآيات 32-40:- وقال الملك داود ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع فدخلوا إلى أمام الملك. فقال الملك لهم خذوا معكم عبيد سيدكم واركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون. وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليحي الملك سليمان. وتصعدون وراءه فياتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني واياه قد اوصيت أن يكون رئيسا على إسرائيل ويهوذا. فاجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال امين هكذا يقول الرب إله سيدي الملك. كما كان الرب مع سيدي الملك كذلك ليكن مع سليمان ويجعل كرسيه اعظم من كرسي سيدي الملك داود. فنزل صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع والجلادون والسعاة واركبوا سليمان على بغلة الملك داود وذهبوا به إلى جيحون. فاخذ صادوق الكاهن قرن الدهن من الخيمة ومسح سليمان وضربوا بالبوق وقال جميع الشعب ليحيي الملك سليمان. وصعد جميع الشعب وراءه وكان الشعب يضربون بالناي ويفرحون فرحا عظيما حتى انشقت الأرض من اصواتهم. نرى هنا إجراءات داود لحفظ حق سليمان في العرش ولإبطال مؤامرة أدونيا. ولقد استعان داود برجاله المخلصين له دائمًا (ناثان وصادوق وبناياهو) ولقد صاروا بعد ذلك رجال سليمان. وطلب داود أن يصطحبوا عبيده أي رجال الحرب فهو يعلم قوة يوآب. ونلاحظ أن صادوق مسح سليمان فالمسح علامة حلول نعمة من الله لكن لم نسمع أن ابياثار قد مسح أدونيا فهم إكتفوا بالاحتفال وذلك لأن الله لم يسمح بذلك فهو لم يدع أدونيا. جيحون = هي مكان قرب أورشليم وغالبًا هي عين ماء وغالبًا كان الاختيار ليكون الاحتفال بتنصيب سليمان ملكا أمام الشعب لأن الشعب يجتمع حول عيون الماء والتنصيب بقرب عين ماء كأنه طلب أن تكون المملكة مستمرة مثل عين الماء الذي ينساب أبديًا. الخيمة هي التي بها تابوت العهد وليست خيمة الاجتماع 2 صم 17:6. الآيات 41-53:- فسمع ادونيا وجميع المدعوين الذين عنده بعدما انتهوا من الاكل وسمع يواب صوت البوق فقال لماذا صوت القرية مضطرب. وفيما هو يتكلم اذا بيوناثان بن ابياثار الكاهن قد جاء فقال ادونيا تعال لانك ذو باس وتبشر بالخير. فاجاب يوناثان وقال لادونيا بل سيدنا الملك داود قد ملك سليمان. وارسل الملك معه صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع والجلادين والسعاة وقد اركبوه على بغلة الملك. ومسحه صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا في جيحون وصعدوا من هناك فرحين حتى اضطربت القرية هذا هو الصوت الذي سمعتموه. وأيضًا قد جلس سليمان على كرسي المملكة. وأيضًا جاء عبيد الملك ليباركوا سيدنا الملك داود قائلين يجعل الهك اسم سليمان احسن من اسمك وكرسيه اعظم من كرسيك فسجد الملك على سريره. وأيضًا هكذا قال الملك مبارك الرب إله إسرائيل الذي اعطاني اليوم من يجلس على كرسيي وعيناي تبصران. فارتعد وقام جميع مدعوي ادونيا وذهبوا كل واحد في طريقه. وخاف ادونيا من قبل سليمان وقام وانطلق وتمسك بقرون المذبح. فاخبر سليمان وقيل له هوذا ادونيا خائف من الملك سليمان وهوذا قد تمسك بقرون المذبح قائلًا ليحلف لي اليوم الملك سليمان أنه لا يقتل عبده بالسيف. - فقال سليمان أن كان ذا فضيلة لا يسقط من شعره إلى الأرض ولكن أن وجد به شر فانه يموت.فارسل الملك سليمان فانزلوه عن المذبح فاتى وسجد للملك سليمان فقال له سليمان اذهب إلى بيتك. يوناثان ابن أبياثار هو الذي ذهب وأخبر داود بكلام حوشاي الأركى 2 صم 36،27:15 + 17:17. ونلاحظ هنا أن مؤامرة الشر استمرت ساعات وأعقبها خزي ورعب ونجد أن أدونيا يشجع نفسه بأن قال عن يوناثان ذو بأس وتبشر بخير وفي رد يوناثان وقوله بل سيدنا الملك قد ملك سليمان = أي لا أبشركم بخير. وفي (49) وذهبوا كل واحد في طريقه = فليس هناك محبة تجمعهم، ولا أي شيء مخلص بل مصالح شخصية وغايات نفعية نفسية. وفي (50) خوف أدونيا الشديد هو تعبير ودليل عن نيته السيئة وما كان ناويا أن يعمله بسليمان وامه وفي (52) إن كان ذا فضيلة = أي لا يستمر في ثورته على الحكم وضد الملك ويكون أمينا معه. فسجد الملك على سريره (47) للصلاة. فقال له سليمان اذهب إلى بيتك = ولا تتداخل في الحكم.