رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين مقدمة عامة : الإنجيل كلمة يونانية تدلّ على خبر مفرح وهل من خبر مفرح لنا أكثر من الخلاص الذي أتانا من لدن الآب والذي تجلّى في شخص يسوع المسيح بعمل الروح القدس؟ وعليه لم يكن الإنجيل يوماً ولن يكون مجرد كتاب ينقل لنا مجموعة أحداث جرت وانتهى مفعولها. فهذا الكتاب أبعد ما يكون عن كتب التاريخ : إنه دعوة مستمرّة للاستفادة من خبرة كنيسة فتيّة صُلب مؤسسها ولكنه قام فقامت معه الدنيا كلها مبتهجة بالذي حرّرها من نير الخطيئة، مفتتحاً عصر النعمة والحرية الحقيقيتين النابعتين من تحوّل الإنسان، بواسطة التجسد، من مجرّد خليقة إلى "ابن لله" على صورة ابن الله المخلّص. هذه الكنيسة نقلت الخبر المفرح أولاً "بالبشارة المحكيّة" (Latradition orale) المرتكزة على الكرازة (Kérygme) بالمسيح يسوع الذي "أقامه الله"(أع 32،2) وجعله "رباً ومسيحاً"(أع 36،2) . ولكن تزايد عدد المؤمنين وامتداد البشارة إلى بلاد ولغات جديدة فضلاً عن استشهاد العديد من رفاق المؤسّس حتّم على الكنيسة اللجوء إلى طرق جديدة كان أبرزها تثبيت التقليد الشفهي من خلال كتابة الأحداث والخطب التي جرت . هكذا بدأ التقليد الكتابي (La traditionscripturaire) . هذا التقليد تميز بالتنوّع الذي يظهر من خلال الاختلاف الظاهر بين الأناجيل الأربعة مثلاً سواء من خلال ذكر أحدها لأشياء لا ترد في الآخر أو من خلال اختلافها أحياناً في تفاصيل رواية واحدة. هذا يدفعنا للتساؤل : هل يؤثر هذا الاختلاف على مصداقية هذه النصوص؟ أما الجواب فيرتكز على نوعية إيماننا : هل نحن من أهل الكتاب أو نحن مسيحيون؟ إن كنا من أهل الكتاب فهذا يشكل عثرة لإيماننا ولكن إن كنا مسيحيين فنحن نؤمن بيسوع المسيح الذي هو شخص حي وبالتالي إيماننا يتطور ويتبلور بعيداً عن الحرفيّة الكتابية. إذاً نستطيع القول إن الأناجيل الأربعة تقدم لنا إمكانية التعرف على يسوع المسيح من خلال خبرات جماعات متعددة وهذا سيؤدي إلى تنوع في هذه المعرفة يبرز في الآخِر وجهاً موحداً وتكاملياً للمخلّص وهذا ما سنسعى إليه من خلال إظهار وجه يسوع في كل من الأناجيل على حدة ، وصولاً إلى توحيد الرؤية الذي يؤدي إلى دعوة للدخول في علاقة أعمق مع المخلص. |
27 - 03 - 2013, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
في إنجيل متى :
يتبلور هذا الإنجيل حول فكرة تكامل العهدين القديم والجديد في شخص وأعمال يسوع المسيح الذي يكمّل ويتمّم العهد القديم (مت 17،5) . يظهر ذلك من خلال نسب يسوع لداود الملك (1،1-17/23،12/22،15...) وولادته من عذراء (23،1) في بيت لحم (6،2) وإقامته في مصر (15،2) ثم في الناصرة (23،2) وكفرناحوم (14،4-16) ودخوله إلى أورشليم على أتان (5،21)...كذلك أعماله ، أعاجيبه وكلامه تظهر كتتميم لانتظارات العهد القديم ونبؤاته وتكفي العودة للمراجع المذكورة في الكتاب المقدس على هامش الصفحات للدلالة على ذلك. حتى آلام المسيح تظهر من خلال هذا الانجيل كتميم لنبؤات سابقة : مقتل أطفال بيت لحم (16،2-18) ، حمل العاهات (17،8)، خيانة التلاميذ (31،26)... كل هذا دلّّّل عليه العهد القديم وخاصة أشعيا والأنبياء الذين حذّروا من الغرق في الإيمان السطحيّ الطقسيّ على حساب ديانة القلب المعتمدة على الإيمان. وهنا نفهم تشديد يسوع في الخطبة الكبرى على التكامل بين العهدين لا على أساس الطقس بل على أساس محبة حقيقية وعميقة لله وللقريب، تتّكل على نعمة الله بدرجة أولى ثم على التجاوب الإنساني مع هذه النعمة : مثل الزارع، مثل حبة الخردل ، مثل الخميرة (الفصل 13) . وعليه يعتبر هذا الإنجيل المسيح : ابن الله المولود من عذراء مفتتح الخليقة الجديدة (33،14/16،6/...) المسيح الملك ابن داود الذي يبدأ معه الملكوت الجديد ، ملكوت السماوات (14 جيلاً في النسبة...)، الذي هو أيضاً نهاية الأزمنة (الفصول 24-25) موسى الجديد الذي يفعّل ويحيي الشريعة لتصبح من جديد طريقاً للحياة (الفصول 5-7) |
||||
27 - 03 - 2013, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
في انجيل مرقس : هذا الإنجيل هو كرازة وقراءة كنسيّة لحياة يسوع المسيح ترتكز بشكل أساسي على شخص يسوع المسيح كربّ وكابن لله (مر 1،1). يسعى هذا الإنجيل بشكل خاص للتوفيق بين صورتين للمسيح المسيح الممجّد ابن الله ، مسيح الإيمان (Christ dela Foi) والمسيح المتألّم ، ابن الإنسان ، مسيح التاريخ (Christ de l’histoire) من خلال التدرج في إظهار السر المسيحاني عبر الإطار العام للعرض الكتابي. فيسوع هو "ابن الله" كما يعلنه الآب في المعمودية (11،1 ) والتجلّي (7،9) وكما تعلنه الشياطين نفسها (24،1/11،3/7،5) وقائد المئة (39،15). وهو ايضاًً "ملكوت الله" الذي أتى (15،1 // 10،2) ، وسيد السبت (12،6) الذي يغفر الخطايا (28،2) ويصنع الأعاجيب (31% من مجمل النص) ويطرد الشياطين. ولكنه أيضاً "ابن الإنسان" الذي احتمل الآلام والأوجاع بطبيعة إنسانية كاملة ، بصورة مغايرة للمسيح الملك المخلص السياسي الذي كان ينتظره معاصروه. هذا التناقض هو المفتاح لقراءة إنجيل مرقس : يسوع هو المسيح ابن الله القائم من بين الأموات لكنه أيضاً ابن الإنسان المتألّم على الصليب. لا يكفي إذاً أن نعرف يسوع بسطحية فحتى الشياطين تعرف من هو، بل الأساس هو اعتراف ايماني من الصميم مستند على اختبار هذا الحضور السري لله في حياتنا الذي يقودنا إلى الإقرار : "بالحقيقة كان هذا الرجل ابن الله"(39،15). |
||||
27 - 03 - 2013, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
في إنجيل لوقا : للوهلة الأولى يبدو هذا الإنجيل ككتاب يهدف إلى سرد تاريخي لحياة يسوع (المقدمة) لكن الحقيقة إنه شهادة لتاريخ من نوع آخر : تاريخ الخلاص ، حيث الأحداث الماضية تبقى حاضرة أبداً بمفاعيلها وحيث الزمن هو وقت متاح للقاء الله والتعرف عليه من خلال مجرى الأحداث. يبدو الخلاص في هذا الإنجيل كنتيجة لمجموعة مترابطة من الأحداث التي تستمر في حياة الكنيسة : الآلام، الموت ، القيامة ، الصعود ، العنصرة ، البشارة... وعليه يبدأ الملكوت مع المسيح ولكنه يتحقق ويكتمل في الكنيسة ومعها . وهذا ما تظهره المقارنة بين هذا الإنجيل وكتاب أعمال الرسل على مستوى النسق العام لترتيب الأحداث : المعمودية // العنصرة ، اضطهاد يسوع // اضطهاد التلاميذ ، ...ثم أن هذا الخلاص غير محصور بفئة بل يشمل كل الشعوب حتى الوثنية منها (6،3/38،3 /22،13 –30). وهو يرتبط حكماً بشخص المسيح يسوع الذي يظهر : نبياً (24،4 / 16،7 / 19،9 / 33،13 /...) على مثال إليا ( 11،7-17 // 1 مل 8،17-27 ...) مخلّصاً كون خلاص البشر هو هدف حياته (10،19) وهو بدأ معه ويكمل معه حتى نهاية الزمان (معنى اسكاتولوجي) في هذا الإنجيل ، يبرز أيضاً : يسوع المدافع عن الفقراء (8،2 / 18،4 /22،7 /20،6 /19،12-21 ...) في وجه الغنى الذي لا يرحم (24،6 / 14،16 / 24،18-27 ). يسوع الداعي الى التخلّي عن كلّ ما يعيق عن اللحاق به (11،5 / 28،5...) . يسوع المصلّي (21،3 / 16،5 / 28،9 / 21،10 /.../ 46،23 / 30،24) يسوع العطوف (11،15-32 / 30،10-37/...) يسوع الداعي الى الفرح (14،1 / 58،1 /.../ 6،19 / 41،24 /...) يسوع المدافع عن المرأة (11،7-17 / 36،7-50 / 2،8-3 / 38،10-42 / 27،11 / 1،24-11/...) |
||||
27 - 03 - 2013, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
في إنجيل يوحنا :
سمّى الآباء انجيل يوحنا الإنجيل الروحاني. فهو شهادة انسان وجماعة عن الروح القدس وعمله الذي يرفع المؤمن الى عالم الروح من خلال حقيقة جوهرية وحيدة : حضور القائم من الموت، المسيح الذي يكشف لنا سرّ محبة الآب لنا : "الحقيقة هي أن يعرفوك انت الإله الحقيقي وحدك ، والذي أرسلته يسوع المسيح" (3،17). هذا الإنجيل هو مسيرة تعرّف تدريجي إلى المسيح : هو الكلمة-الله المتجسد (1،1- 18 ) هو حمل الله (19،1-42) هو الإنسان (1،2-12) هو النبي (13،2-25) هو المعلم ،ابن الله ، ملك اسرائيل (43،1-51) هو ابن الإنسان (الفصل 3) هو ماء الحياة (الفصل 4) هو مانح الحياة (الفصلين 4-5) هو خبز الحياة (1،6-71) هو الكائن (الفصلين 7 – 8) هو نور العالم (1،9-42،10) هو حياة العالم وقيامته (1،11-26،12) هو الوسيط والكاهن في العهد الجديد (فصل 17) هو مخلص العالم ومانح البنوّة الإلهية للناس (1،18-42،19) هو الرب الإله القائم من بين الأموات (الفصلين 20-21) يبدأ انجيل يوحنا بسؤال "ماذا تريدان ؟" (38،1) وبدعوة "تعالا وانظرا" (39،1) لسلوك طريق الحياة "أنا هو الطريق والحق والحياة" (6،14) وينتهي بدعوة للتلمذة "اتبعني"(22،21) لتجنب الموت الذي يعني في هذا الإنجيل عدم الإيمان بيسوع المسيح كرب ومخلص وكابن لله. ما أراد أن يوصلنا إليه يوحنا ، هو الإيمان بأن يسوع هو المسيح وابن الله (31،20) .وحده هذا الإيمان يمنحنا الحياة والثبات فيه هو علامة انتمائنا كما الأغصان تنتمي إلى الكرمة (1،15-8). |
||||
27 - 03 - 2013, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
خاتمة : يروى عن أربعة أشخاص : طبيب ، ميكانيكي ، كاهن وخبير حوادث سيارات ، شهدوا حادثاً مروعاً فوصفه كل منهم على الشكل الآتي : الطبيب وصف حالة المصابين الميكانيكي وصف حالة السيارات الكاهن شدّد على مدى يأس المصابين وحالتهم النفسية الخبير استفاض في شرح كيفية وقوع الحادث أربع روايات مختلفة لحدث واحد دوّنها كلّ منهم في مذكراته فشكلت بعد حين رواية كاملة مترابطة . هكذا الأناجيل : روايات متعددة تتكامل لتعرّفنا اكثر على المسيح من وجهات متعددة بناء على اختبارات متنوّعة نقلها لنا أصحابها بأمانة ولكن وفقاً للتكوين الثقافي والعاطفي والعقلي لكلّ منهم . أما حقيقتها فواحدة وهي أن المسيح يسوع ابن الله مخلّص (رمز السمكة). ونحن ؟ أما علينا أيضاً أن نكتب ونذيع خبرتنا مع المسيح ؟ ألسنا مدعوين إلى كتابة إنجيل حياتنا مع المسيح ؟ أين نحن من الشهادة لإيماننا ؟ ولكن كيف نشهد إن لم نلتقِ المسيح ؟ وكيف نلتقي المسيح دون جماعة؟ هذه دعوة ملحّة لإعادة قراءة الأناجيل قراءة معمقة وتأمليّة تتيح لنا التعمق في معرفة سرّ محبّة الآب المتجلية في عمل الابن الخلاصي المتمّم بالروح القدس في حياة الكنيسة. |
||||
27 - 03 - 2013, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجه يسوع كما يظهره كل من الإنجيليين
أسئلة لحلقات الحوار : 1) لماذا الاختلاف بين الأناجيل الأربعة ؟ 2) ماذا تعني لك كلمة إنجيل ؟ 3) ما وجه يسوع من خلال الفصول 5 و 7 من انجيل متى ؟ 4) ما هي صورة المسيح في الفصول 24 و 25 من متى ؟ 5) في انجيل مرقس ، ترد عبارة ابن الله في أماكن متعددة. أين ؟ ماذا تستنتج؟ 6) في انجيل لوقا ، يبدو يسوع مصلحاً اجتماعياً : أستخرج بعض الفقرات الدالة على ذلك. ماذا تستنتج؟ 7) في انجيل لوقا ، يسوع رجل صلاة : لماذا ؟ ماذا تستنتج؟ 8) في انجيل يوحنا ألقاب كثيرة للمسيح .استخرج بعضها وبرر سبب إعطائه اللقب. |
||||
|