رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اللباس
يشمل الكتاب المقدس نحو ألفي سنة من التاريخ. ولكن اللباس ظل على حاله تقريباً معظم هذه الفترة الزمنية، وذلك بسبب المناخ الحار ومحدودية المواد المتوافرة. ُغطاء الرأس:كانت الفروق الرئيسية في اللباس تظهر بين الأغنياء والفقراء. فلم يكن الفلاح الفقير يملك غير العباءة التي يلبسها والمنسوجة من الصوف أو شعر المعزى. ولكن الأغنياء كانوا يملكون ملابس للشتاء وأخرى للصيف، وملابس للعمل وأخرى للتفضل؛ وكانت ملابسهم من مواد مختلفة بما فيها البوص أو البز، والحرير أيضاً. وكان بعضهم يُمضون وقتاً طويلاً وينفقون مالاً كثيراً على اللباس (فيما يُحرم آخرون حتى الكسوة العادية)، فاقتضى ذلك أن يقول لهم الرب يسوع ما يذكرهم بالأمور المهمة فعلاً في الحياة: "ولملذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو... فإن كان عشب الحقل... يُلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جداً يُلبسكم أنتم" (متى 6: 28- 30). ولأن الأسماء تغيرت، لا نعرف أي لباسٍ تعنيه بعض الكلمات العبرية. فعلينا أن نلجأ إلى الحزر زالتخمين بكل انتباه. إن أول شيء لبسه الإنسان كان إما إزراراً وإما تنورة قصيرة من الخصر إلى الركبتين. وهذا كان لباس الإنسان وهو يقوم بالعمل الشاق. فوق هذا الإزرار كان قميص أو رداء من صوف أو كتان. وكان هذا القميص شبه كيس كبير: قطعة قماش طويلة تُطوى عند الوسط وتُخاط من الجانبين، ولها فتحتان للذراعين وفتحة وسط الطية للرأس. وكان قميص الرجل يصل إلى بطة الساق ويلون عادةً بالأحمر أو الأصفر أو الأسود المخطط. أما رداءة المرأة فيصل إلى كاحلها ويكون أزرق في الغالب. وغالباً ما كانت النساء يطرزن أرديتهن عند الرقبة والكتفين بطرازٍ معين. وكان لكل قرية نموذج تطريزٍ تقليديٌ خاصٌ. ولولا هذه العلامة الفارقة لكان رداء المرأة كقميص الرجل تماماً. وكان الرداء يُشدُّ حول الخصر بمنطقة أو حزام يكون في العادة عبارة عن قطعة قماش تُطوى بحيث تشكل زناراً طويلاً فيه ما يشبه الجيب لحفظ النقود وغيرها من الحوائج. وإذا كان الإنسان غنياً أو يقتني منطقة من جلد يشك فيها خنجراً أو دواة (محبرة). وحين يريد الإنسان أن يتحرك بحرية أو يعمل بجد، كان يرفع رداءه ويشد عليه الحزام فيقصُر حتى ركبتيه تقريباً. وكانوا يدعون هذا العمل "منطقة الأحقاء". فأن "يُمنطق المرء حقويه" يعني أن يتأهب للعمل. وكان في وسع المرأة أن ترفع طرف ثوبها الطويل لتستعمله ككيسٍ تحمل فيه الحبوب ونحوها. وكان الغنيُ إذا خرج من البيت يلبس رداءً خفيفاً فوق قميصه، يصل إلى الركبتين ويكون في الغالب مخططاً بألوانٍ باهرة أو منسوجاً على شكل مربعات. كذلك كان الأغنياء يلبسون داخل البيت أيضاً أردية خفيفة ربما صُنعت من الحرير المستورد. وفي زمن يوسف كان زعيم القبيلة العتيد يلبس عباءة طويلة الكُمين موصلة من عدة قطع صغيرة (راجع قصة يوسف، تكوين 37: 3). وقد شاع أيضاً استعمال عباءة صوفية صفيقة لرد البرد. وغالباً ما كانت هذه العباءة تُصنع من قطعتي قماش، مضلعتين في الغالب بلون بُني فاتح وقاتم، تُخاطان معاً. وكانت قطعتا القماش تُلفان حول الجسم وتُخاطان عند الكتفين ثم تُقدان من الجانبين لإدخال اليدين. وكان راعي الماشية "يسكن" عباءته. فهي لحافة متى نام ليلاً في العراء، وهي صفيقة بحيث تشكل طراحة مريحة يقعد عليها. وقد كانت عباءة الفقير مهمة عنده جداً، حتى إنها إذا رُهنت لاستيفاء دين كان ينبغي أن تُعاد إليه قبل غروب الشمس. كان أهل الشرق قديماً يلبسون ما يغطون به رؤوسهم ورقابهم وعيونهم اتقاءً لحر الشمس الشديد. وغالباً ما كان الغطاء قطعة قماشٍ مربعة تطوى طية واحدة لتصير مثلثاً توضع قاعدته التي عند الطية على الجبهة، ثم تثبت في مكانها بواسطة دائرة من الصوف المجدول، فيما تُغطي الأطراف العنق. (هذا الغطاء يُعرف عند العرب بالكوفية والعقال). وكان اليهود يلبسون قلنسوة في بعض الأحيان، وفوقها منديل صوفيٌّ رقيق، ولا سيما في أثناء الصلاة. أما النساء فكن يضعن فوق غطاء الرأس لبادة لتثبيت الجرار وغيرها مما يحملنه على رؤوسهنّ. الأحذية:كانت الصنادل هي الأحذية المعتادة، وإن كان كثيرون من الفقراء يسيرون حُفاةً على الأرجح. أما أبسط طرازٍ من الصنادل فكان يتألف من نعلٍ بقياس القدم له سيورٌ من جلد تُربط حول الكاحل وتمر بين إبهام الرجل وسائر أصابعها. والصنادل مريحة وقت الحر، إلا أنها لا تحمي الأقدام من الاتساخ بالغبار والتراب. وكانوا دائماً يخلعون النعال عند الدخول إلى المنازل. ويُعتبر أوضع عمل ٍ يقوم به العبد أن ينتزع حذاء الضيف ويغسل رجليه. كذلك كانوا يخلعون النعال عند الدخول إلى الأماكن المقدسة. وبحسب العادة، كان يتم دائماً خلع الصندل الأيمن وانتعاله قبل الأيسر. وقد حرت العادة أن يخلع من يبيع أرضاً أو ملكاً نعله ويعطيه للمشتري علامةً على تنازله عن الملكية (كما فعل قريب بوعز في قصة راعوث- راعوث 4: 7). واللافت أن تشديد معلمي الدين عند اليهود على حفظ يوم السبت دون أي عمل لم يكن يشمل استنفاد المرء لبعض ثيابه من بيتٍ يحترق. فمعظم الناس كانوا يملكون ثياباً قليلة وعليهم أن يبذلوا كل جهدٍ لجعلها تدوم طويلاً. وكانوا يغسلونها بكل انتباه بصابون يُصنع من زيت الزيتون غالباً، ثم يشطفونها في ماءٍ حارٍ لتنحل أوساخها وتنظف. وإذا شق أحدٌ ثيابه حداداً ثيابه حداداً فإنما يكون ذلك بدافع الحزن الحقيقي. ولم يكن هنالك لباسٌ خاصٌ بالنوم. فكل ما كان الإنسان يفعله أول الليل هو أن يستلقي ويحل ثيابه النهارية. وقد تأثرت الملابس الأساسية إلى حدًّ ما بالأنماط الشائعة في البلدان الأخرى. إلا أن الأزياء لم تتغير كثيراً. ويُمكن لمن يزور مصر أن يشاهد على جدار مقبرة في بني حسن رسماً لبدوٍ آسيويين مِمن كانوا يؤمون مصر (نحو 1890 ق م)، وهم لابسون عباءاتٍ صوفية ملونة تصل إلى بطة الساق ولها ذيل طويل مطروح على الكتف. وربما ارتدى ابراهيم مثل هذه الثياب. راجع أيضاً صناعة الثياب، الشعر، الحلي، التجميل. |
|