خرج الطبيب الجراح الشهير ديفيد من البيت على عجل كي يذهب إلى المطار للمشاركة في المؤتمر العالمي الدولي الذي سيلقي بحثا فيه
و سيلقى تكريما من أكاديمية الجراحين العالمي على انجازاته الفريدة في علم الطب ، كان متحمسا جدا و لم يصدق انه وصل إلى المطار دون عوائق في الطريق و صعد إلى الطائرة و أقلعت وهو يمني النفس بالتكريم الكبير الذي حلم به طوال حياته المهنية, و فجأة و ب
عد ساعة من الطيران جاء صوت مضيفة الطيران لتعلن أن الطائرة أصابها عطل بسبب صاعقة و ستهبط اضطراريا في أقرب مطار .
نزل جميع الركاب من الطائرة و اتجهوا نحو صالة المطار حيث تم إبلاغهم بأن طائرة أخرى ستأتي غدا لاصطحابهم إلى وجهتهم , لم يصدق ديفيد هذا الأمر و رأى أحلامه بالتكريم تتلاشى أمام عينيه فتوجه إلى مكتب المطار قائلا :- أنا طبيب عالمي, كل دقيقة من وقتي تساوي أرواح ناس وأنتم تريدون أن أبقى 16 ساعة بانتظار طائرة ؟ هناك مؤتمر عالمي يجب أن أصل إليه .أجابه الموظف دون اكتراث : ـ يا دكتور لست أنا من يقرر مواعيد الطائرات و لكن إذا كنت مستعجل لهذا الحد فيمكنك استئجار سيارة و الذهاب بها فالمدينة التي تقصدها لا تبعد عن هنا سوى 3 ساعات بالسيارة .
رضي الدكتور ديفيد على مضض فهو لا يحب القيادة لمسافات طويلة واخذ السيارة و ظل يسوق ، و فجأة تغير الجو و بدأ المطر يهطل مدرارا و أصبح من العسير أن يرى أي شيء أمامه و لم يتنبه إلى المنعطف على يمينه و ظل مستمرا بالسير إلى الأمام و بعد ساعتين من السير المتواصل أيقن انه قد ضل طريقه وأحس بالجوع والتعب فرأى أمامه بيتا صغيرا فتوقف عنده و دق الباب فسمع صوتا لامرأة عجوز يقول : تفضل بالدخول كائنا من كنت فالباب مفتوح ، دخل ديفيد و طلب من المرأة العجوز الجالسة على كرسي متحرك أن يستعمل تليفونها لان بطارية الهاتف النقال قد نفذت ،
ضحكت العجوز وقالت : - أي تليفون يا ولدي ؟ ألا ترى أين أنت ؟ هنا لا كهرباء ولا ماء حنفية و لا تليفونات و لكن تفضل و استرح و صب لنفسك فنجان شاي ساخن و هناك طعام على الطاولة ، كل حتى تشبع و تسترد قوتك فأمامك طريق طويل يجب أن تعود منه .
شكر الدكتور ديفيد المرأة و جلس يأكل بينما كانت العجوز تصلي و تدعي و انتبه فجأة إلى طفل صغير نائم بلا حراك على سرير قرب العجوز و هي تهزه بين كل صلاة وصلاة .
استمرت العجوز بالصلاة و الدعاء طويلا فتوجه ديفيد لها قائلا :- يا أم لقد أخجلني كرمك و نبل أخلاقك و إغاثتك الملهوف و عسى الله أن يستجيب لكل دعواتك .
قالت له العجوز : - يا ولدي أنت ابن سبيل أوصى بك الله كل من في قلبه إيمان ، و أما دعواتي فقد أجابها الله له المجد كلها إلا واحدة ولا ادري ما السبب ولعل ذلك بسبب قلة إيماني .
قال لها ديفيد : - و ما هي تلك الدعوة يا أمي ؟ اتريدين حاجة في نفسك فاقضيها لكي ؟ فانا مثل ولدك ،
قالت العجوز : - باركك الله يا ابني ولكني لست بحاجة لشيء لنفسي ، أما هذا الطفل الذي تراه فهو حفيدي و هو يتيم الأبوين و قد أصابه مرض عضال عجز عنه كل الأطباء عندنا ، و قيل لي أن جراحا واحدا قادر على علاجه يقال له دكتور ديفيد و لكنه يعيش على مسافة كبيرة من هنا و لا طاقة لي بأخذ هذا الطفل إلى هناك و اخشي أن يأخذ الله أمانته و يبقى هذا المسكين بلا حول و لا قوة ، فدعوت الله كل يوم وليلة أن يسهل أمري و اجد طريقة اعرض بها هذا اليتيم على الدكتور ديفيد لعل الله أن يجعل الشفاء على يديه .
بكى ديفيد و قال : - يا أم لقد طرت وسرت و عطلت الطائرات و ضربت الصواعق و أمطرت السماء كي تسوقني إليك سوقا ما أيقنت أن الله له المجد يسبب الأسباب للذين يحبون الله.
عجيبة هى مقاصدك يارب। عجيب أنت يا الهي في أعمالك