ضلالة إنجيل برنابا
يقول السيد محمد على سلامة فى كتابه بعنوان "فيلم آلام المسيح" The Passion of Christ: إن العهد الجديد الحقيقى هو "إنجيل برنابا".. واستند إلى هذا الكتاب المزيّف فى أقواله فى أكثر من مكان فى كتاباته مثل صفحة 62، وصفحة 117، وصفحة 119 ويعتبر أن كل ما ورد فى إنجيل برنابا هو الحق وكل الحق..
تعالوا بنا للنظر فى ما يقوله هذا الإنجيل: يقول: عند خلق الله لآدم، عمل الرب عجينة ووضعها تخمر 25 ألف سنة فى الجنة. ثم جاء الشيطان وبصق عليها. فجاء الرب وأخذ بصقة الشيطان مع جزء من عجينة آدم وصنع منها الكلب ولذلك الكلب يكون نجس لأنه عبارة عن بصقة شيطان!!.
والرب لم يخترَ مكاناً لوضع العجينة إلاّ وسط الشارع!!.. ثم أمر الرب الكلب أن ينبح على الحِصِنة، وبعد أن نبح الكلب جريت الحِصنة فى الجنة. ثم اضطر الرب أن يأخذ العجينة وعمل آدم، وقيل إن مكان بصقة الشيطان هى صُرّة آدم.ويقول الأستاذ محمد شفيق غربال فى موسوعته: إن كتاب إنجيل برنابا كتاب مملوء بالخرافات والأخطاء العلمية والعقلية ولا يستطيع أن يقبله ضمير مسيحى أو مُسلم ولا أى إنسان عاقل يستطيع أن يقبل أن هذا كتاب موحى به من الله.. لذى كتب إنجيل برنابا هو فاراو مارينو راهب فى أسبانيا فى القرن الخامس عشر. وقد أشهر هذا الراهب إسلامه وكتب هذا الكتاب ونَسَبَه إلى برنابا الرسول. وهو كتاب مملوء بالأخطاء الجغرافية والعلمية ليس مجالها الآن. ولكن قد صدر الكثير من الشرائط الكاسيت والكتب ترد على هذا الإنجيل المملوء بالخرافات. ونحن ردّينا على خرافة إنجيل برنابا من جهة أن علماء المسلمين أنفسهم يعتبرونه كتاب لا يقبله العقل ولا الضمير.
وقد ذكر السيد محمد على سلامة فى كتابه اسم إنجيل برنابا فى أكثر من مكان.. مثلاً؛ على صفحة 117 يقول "نص حديث المسيح مع المرأة السامرية.." وعلى صفحة 119 ذكر من إنجيل برنابا إصحاح (81 إلى 83) ومُعتبر إن أى حاجة وردت فى إنجيل برنابا تكون هى الحق وكل الحق. وعلمياً يوضع كتاب السيد محمد على سلامة فى مستوى الصفر مادام أقام دعواه أساساً على هذا الكتاب المزيّف – إنجيل برنابا.ثم يتحسّر السيد محمد على سلامة على الأقباط ويقول إن الأقباط عاشوا فى ضلال وسيهلكون.. وسنذكر بعض هذه الدعاوى:
على صفحة 62 فى كتاب السيد محمد على سلامة يقول: "إنجيل برنابا هو الإنجيل الذى كتبه الحوارى برنابا أحد حوارى المسيح عيسى عليه السلام وقد اكتشفه أحد النصارى فى القرن الثامن عشر الميلادى وترجمه إلى العربية أحد النصارى أيضاً وهو الدكتور خليل سعادة. والمسيحيون أنكروا هذا الإنجيل دون أن يقدموا دليلاً علمياً مقنعاً على رفضهم له (من يقبل هذا الكلام؟!! نحن قدّمنا الكثير من الدلائل العلمية المقنعة على رفضنا لهذا الإنجيل المزيّف الذى من داخل أقواله يقول: القمل الذى فى شعر الإنسان سيتحوّل إلى لآلئ فى الجنة..) فهُم الذين اكتشفوه، وهُم الذين ترجموه، فالله الأمر (أى أننا فى ضلال مبين). ولم يعترفوا بهذا الإنجيل لِما فيه من نصوص تهدم الديانة المسيحية من أساسها وتؤيد عقائد الإسلام. وفيه أن عيسى عبد الله ونبيه لا إنه إله أو ابن إله، وفيه أن محمد رسول الله ودعوة عيسى عليه السلام إلى الإيمان بآخر الأنبياء وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلّم. ومن تأمل هذا الإنجيل وقرأه؛ يُحِّس فيه بنفس الأسلوب والعبارات الموجودة فى الأناجيل الأخرى". هذا كلام مؤلف الكتاب محمد على سلامة.نحن ردينا على خرافة إنجيل برنابا من جهة أن نفس علماء المسلمين يعتبروه كتاب لا يقبله العقل ولا الضمير.
ويظن هذا المؤلف أنه قد جاء بأخطر ضربة للمسيحية على صفحة 56: ويقول؛ إن الآية التى على أساسها أقام المسيحيون عقيدتهم فى وحدانية الجوهر للثالوث هى "إن الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو 7:5).. بدأ حديثه عن هذه الآية من صفحة 54 وقال: "والآن استمع إلى هذه الكارثة: صيغة التثليث الوحيدة فى الأناجيل تُمحى من الطبعات الحديثة. وردت هذه الصيغة فى رسالة يوحنا الأولى. وكانت تُعتبر النص الوحيد فى الكتاب المقدس الذى يعطى الأساس لعقيدة التثليث عن المسيحيين وهذا النص هو "إن الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة الأب (لم يرِد أن يكتب الآب، بل كتب الأب) والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو 7:5) لكن التراجم الحديثة للكتاب المقدس حذفتها باعتبارها نصاً دخيلاً أقحمه كاتب مجهول منذ قرون. يقول كتاب(1): هل الكتاب المقدس حقاً كلمة الله الذى طُبع فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1969م، ثم فى بيروت بالعربية عام 1971. ويوزّع كرسالة تنصيرية فى صفحة 160 وهو يتحدث عن الترجمات المختلفة المتلاحقة التى من شأنها تنقية الكتاب المقدس مما يكون قد عَلقَ به من أخطاء نتيجة لقصور الترجمات السابقة ما يلى(2):
بمقارنة أعداد كبيرة من المخطوطات القديمة باعتناء؛ يتمكن العلماء من اقتلاع أية أخطاء ربما تسللت إليها، مثالاً على ذلك الإدخال الزائف فى يوحنا الأولى الإصحاح الخامس الجزء الأخير من العدد 7 والجزء الأول من العدد 8 يقول حسب الترجمة البروتستانتية العربية طبع الأمريكان فى بيروت، ونقرأ فى الترجمة اليسوعية العربية شيئاً مماثلاً فى السماء الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة. ولكن طوال القرون الثلاثة عشر الأولى للميلاد لم تشتمل أية مخطوطة يونانية على هذه الكلمات والترجمة البروتستانتية العربية ذات الشواهد وضعها بين هلالين موضحة فى المقدمة إنه ليس لها وجود فى أقدم النسخ وأصحها. وهكذا تساعدنا الترجمات العصرية للكتاب المقدس الوصول إلى المعنى الصحيح لِما نقرأه.
هذا وتقول ترجمة الكتاب المقدس العربية للكاثوليك: "لأن الشهود فى السماء ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد، والشهود فى الأرض ثلاثة الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة هم فى واحد" (1يو 7:5،8).وتقول ترجمة الكتاب المقدس العربية للبروتستانت: "فإن الذين يشهدون (فى السماء) هم ثلاثة (الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة) الروح والماء والدم والثلاثة هم فى الواحد"(3). وإذا رجعنا إلى التنبيه الذى وضعته هذه الترجمة فى مطلعها؛ نجده يقول فى الكلمات التى توضع بين هلالين
أو قوسين ما يلى: والهلالان يدلان على الكلمات التى بينها ليس لها وجود فى
أقدم النسخ وأصحها. أى أن صيغة التثليث هذه فقرة مزيفة من عمل كاتب مجهول، وترجمة العهد الجديد العربية للكاثوليك والذين يشهدون ثلاث الروح والماء والدم، وهؤلاء متفقون. ثم فى الحاشية السفلى تعليقاً على العدد 7 فى بعض الأصول الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد، لم يرِد ذلك فى الأصول اليونانية المعوّل
عليها. والأرجح أنه أُدخل إلى المتن فى بعض النسخ. وهذا هو ما تقوله أيضاً ترجمة العهد الجديد العربية للمطبعة الكاثوليكية سواء بالنسبة للمتن أو للحاشية وتظهر
صيغة التثليث هذه فى ترجمة الملك جيمز الإنجليزية فقط، ولكنها اختفت من كل من الترجمة القياسية الإنجليزية والترجمة الفرنسية المسكونية وترجمة أورشليم الفرنسية وترجمة لويسيجو الفرنسية.
ومن الملاحظ أن صيغة التثليث قد اختفت بوجه عام من أغلب التراجم الحديثة فى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، بينما هى لا تزال فى الترجمة العربية للكتاب المقدس للبروتستانت ولو أنها وُضعت بين هلالين علامةً على عدم أصالتها.
والسؤال الآن إليك أيها المسيحى المخلص ويا من تخاف الله؛ مَن المسئول عن مصائر الملايين من المسيحيين الذين هلكوا وهم يعتقدون أن عقيدة التثليث التى تَعلَّموها تقوم على نص صريح فى كتابهم المقدس، بينما هو نص دخيل أقحمته يد كاتب مجهول. إن الإجابة والمسئولية لتقع أولاً وأخيراً على عاتق الذين أؤتمنوا على الكتاب المقدس وكانوا عليه حفاظاً ومترجمين (ثم كتب فى الملاحظات فى أسفل الكتاب اسم مرجع "الإسلام والأديان الأخرى لأحمد عبد الوهاب من صفحة 91 إلى صفحة 94)..
الدفاع عن الآية "وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو 7:5).
نسأل السيد محمد على سلامة؛ هل يستطيع أن يقوم بإصدار كتاب آخر يقول فيه إن كل ما ورد فى العهد الجديد فى الكتاب المقدس للمسيحيين هو صحيح وصادق ماعدا هذه الآية فقط (1يو 7:5)!!!. فإذا كان الأمر كذلك وإذا كان السيد محمد على سلامة حسب ما اقتبسه وأعلنه أن كل الكتب قالوا أن هذه الآية ليست موجودة فى أقدم النسخ وأصحها. معنى هذا أن السيد محمد على سلامة يشهد أن كل المسيحيين حذفوها أو على الأقل أعلنوا إنها كانت غير موجودة. وبذلك يشهد هو نفسه للمسيحيين إنهم إذا اكتشفوا آية مزيدة؛ هم أنفسهم (المسيحيين) يعلنوا أن هذه الآية غير موجودة فى أقدم النسخ وأصحها. وهل هذه الآية هى الوحيدة التى تثبت عقيدة الثالوث فىنظرالكاتب؟
لدينا مئات الردود من الآيات لإثبات عقيدة الثالوث، مثلاً؛ فى سفر أيوب نجده يشهد بألوهية الروح القدس - أحد أقانيم الثالوث - إنه الخالق ويقول:
"روح الله صنعنى ونسمة القدير أحيتنى" (أى 4:33). وبطرس الرسول فى سفر الأعمال يشهد للروح القدس بأنه الله ويقول: "يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل.. أنت لم تكذب على الناس بل على الله" (أع 3:5،4).. والمزمور يشهد للروح القدس بأنه كائن فى كل مكان "أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك وإن فرشت فى الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحى الصبح وسكنت فى أقاصى البحر. فهناك أيضاً تهدينى يدك وتمسكنى يمينك"
(مز 7:139-10) أين أذهب من روحك؟ فروحك يملأ الوجود كله؛ فى السماء وفى الأرض وفى أقاصى البحار. الروح القدس كائن فى كل مكان؛ الروح القدس هو الخالق؛ الروح القدس هو الله.
قال السيد المسيح عن الروح القدس: إنه روح الحق "ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى" (يو 26:15) ولم يكن الروح القدس مجرد طاقة لأن السيد المسيح قال "يأخذ مما لى ويخبركم" (يو 14:16،15). وما يسمعه يتكلم به "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يو 13:16)..
إثبات أقنومية الروح القدس.. إثبات ألوهية الروح القدس.. إثبات ألوهية الابن.. الآيات التى تثبت ألوهية السيد المسيح ليس لها حصر.
نقول للسيد محمد على سلامة المعترض على الآية التى تقول: "هؤلاء الثلاثة هم واحد" ما الفرق بين هذه الآية وبين قول السيد المسيح: "أنا والآب واحد" (يو 30:10). هل سيقول أن هذه الآية أيضاً؛ لم توجد فى أقدم النسخ وأصحها؟!.. لقد وردت هذه الآية بنفس المعنى عدة مرات فى العهد الجديد: "أنا فى الآب والآب فىّ" (يو 10:14)، "الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن" (يو 22:5)، "الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبّر" (يو 18:1)، "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 19:28،20) "باسم" وليس "باسماء" وأمرهم بممارسة سِر المعمودية الذى بدأ من العصر الرسولى على اسم الثالوث القدوس، ثلاث غطسات فى معمودية واحدة "رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة" (أف 5:4) لماذا معمودية واحدة فى ثلاث غطسات؟ كيف تكون معمودية واحدة، وتكون ثلاثة فى نفس الوقت؟ لأن ثالوث فى واحد، وواحد فى ثالوث. إذاً الكنيسة لم تعتبر الثالوث واحد بالكلام المكتوب فقط، لكن اعتبرته واحد بالممارسة. فحتى الإنسان المعمد الذى لا يعرف القراءة، نجده وقت معموديته يُعلن إيمانه ويقول "ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا"..
وليس هذا فقط بل سنرى أيضاً ما كتبه آباء ما قبل نيقية وما قبل أقدم نسخ للكتاب المقدس الموجودة فى العالم عن هذه الآية "وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو 7:5):
مكتوب فى مقدمة الجزء الخامس لآباء ما قبل نيقية صفحة 418 :It is hard to believe that 1 John v. 7 was not cited by Cyprian(1).
تعنى هذه العبارة؛ إنه من الصعب أن نصدّق أن يوحنا الأولى 7:5) لم يعاينها (لم يرها ولم يستخدمها) الأسقف الشهيد كبريانوس - الذى عاش ما بين سنة 200 إلى 258م. فهذه تعتبر قبل أقدم نسخة فى الكتاب المقدس الموجودة حالياً - حيث تم كتابة هذا الكلام من قبل منتصف القرن الثالث الميلادى. ولم توجد نسخة لرسالة القديس يوحنا الأولى قبل هذا الوقت.
أما ما قاله القديس كبريانوس نفسه فى الجزء الخامس لآباء ما قبل نيقية صفحة 423 الطبعة الإنجليزية:
The Lord says, “I and the Father are one” and again it is written of the Father, and of the Son, and of the Holy Spirit, “And these three are one”(2).
الترجمة: لقد قال الرب: أنا والآب واحد. وأيضاً مكتوب عن الآب والابن والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد.. قال "مكتوب" ولم يقل "مفهوم" أو "اعتقد"..
إذاً من قبل أقدم النسخ للكتاب المقدس كانت هذه الآية موجودة "وهؤلاء الثلاثة هم واحد".
أما السؤال لماذا اختفت هذه الآية من بعض النسخ وتسلسلت بالرغم من إنها كانت موجودة من قبل أقدم النسخ؟ الإجابة:
كان هناك طابع لدى المسيحيين احتراماً للأيقونات المدشّنة والكتب المقدسة إنه إذا أكلت العِتّة كتاب أو أيقونة مدشّنة؛ يتم حرقه فى فرن القربان. و هذا ثابت تاريخياً – عندما رُسمت أسقف؛ وجدت قرابنى كنيسة مارجرجس المزاحم فى بساط النصارة يوقِد فرن القربان بالمخطوطات القديمة..
ورق الكتب له عُمر، ولا يعيش إلى ما لا نهاية، بعد زمن نرى أن المتبقى من الصفحة جزء بسيط وباقى الورقة ذابت أو أكلتها العِتّة.. نجد أن الناسخ يمسك دوبارة فوق الورق ويعمل سطور، وأثناء النقل؛ وجد آيتين تحت بعض؛ إحداهما تقول:
"فالذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة؛ الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد".. والسطر الذى تحته وجدت الآية:
"والذين يشهدون فى الأرض هم ثلاثة؛ الماء والروح والدم؛ وهؤلاء الثلاثة هم فى الواحد"..
فطبعاً بمقارنة الناسخ للسطرين معاً؛ وجد تطابق فى الكلمات للسطرين وخصوصاً فى بداية كل سطر ونهايته، والسطرين تحت بعض تماماً، لذلك من الممكن بدون قصد؛ يغفل نظره عن السطر الأول ويحذف هذه الآية.. من الممكن جداً أن يكون حدث هذا الأمر..
وإذا سألنا؛ إذا كان هذا هو ما حدث، فلماذا انتشر هذا الأمر؟! ولماذا توجد نسخ أجدد؛ بها الآية، والنسخ الأقدم ليس فيها الآية؟!! الإجابة لأن ليست كل النسخ تُنقل من أصل واحد.. فقد انتشر الكتاب المقدس وحتى القرن الثالث الميلادى كانت موجودة فى كل النسخ، ولكن الذى حدث إنه عندما لن تُنقل مرة؛ نُسخ منها الكثير، ولكن النُسخ القديمة التى تم إعدامها تسببت لأن تصير النُسخ التى بها الآية أحدث من التى ليس بها الآية.هناك راهب فى الأديرة يستطيع أن ينسخ مخطوطة فى أسبوع فقط، وغيره من الرهبان يظل ينسخ المخطوطة لمدة سنة.. فمن الممكن جداً أن النساخ فى منطقة ما ينسخون كثيراً، وفى منطقة أخرى ينسخون ببطء.
أما مسألة أنها لم توجد فى أقدم النسخ، فأين هى أقدم النسخ؟! لا يوجد سوى النسخ التى ذكرناها فى مقدمة كلامنا لهذا الموضوع (الفاتيكانية والسكندرية والسينائية). ولكن تاريخ الأسقف الشهيد كبريانوس الذى هو منتصف القرن الثالث الميلادى قبل سنة 258م؛ وهو قبل تاريخ هذه النسخ الثلاث وأقدم منهم - بل وقبل كل النسخ الموجودة حالياً بين أيدينا، ذكر أن الآية "الذين يشهدون فى السماء هم الآب والابن والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو 7:5). ولا توجد إطلاقاً نسخة لرسالة يوحنا الأولى أقدم من تاريخ هذا الأسقف..
هذه الآية موجودة أيضاً فى إنجيل يوحنا وليست فى الرسالة الأولى فقط
عندما قابل السيد المسيح نيقوديموس قال له: "الحق الحق أقول لك إننا إنما نتكلم بما نعلم ونشهد بما رأينا ولستم تقبلون شهادتنا. إن كنت قلت لكم الأرضيات ولستم تؤمنون، فكيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات" (يو 11:3،12) يتكلم بصيغة الجمع إننا نتكلم، نعلم، نشهد، رأينا؛ شهادتنا أى شهادة واحدة ولم يقل شهادتينا.
من هم الذين يشهدون فى السماء؟ "كيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات".
يقول عن الروح القدس: "ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معى من الابتداء" (يو 26:15،27) بدأ يتكلم هنا عن شاهد الذى هو الروح القدس. وقال أيضاً عن الروح القدس؛ إنه لا يتكلم من نفسه بل ما يسمعه يتكلم به "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يو 13:16).
أما عن شهادة الآب قال "ليس أن أحداً رأى الآب إلاّ الذى من الله، هذا قد رأى الآب"
(يو 46:6)، وقال فى يوحنا 5 ابتداءً من الآية 30 "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسى شيئاً كما أسمع أدين ودينونتى عادلة لأنى لا أطلب مشيئتى بل مشيئة الآب الذى أرسلنى. إن كنت أشهد لنفسى فشهادتى ليست حقاً. الذى يشهد لى هو آخر وأنا أعلم أن شهادته التى يشهدها لى هى حق.. وأنا لا أقبل شهادة من إنسان.. وأما أنا فلى شهادة أعظم من يوحنا لأن الأعمال التى أعطانى الآب لأكملها هذه الأعمال بعينها التى أنا أعملها هى تشهد لى أن الآب قد أرسلنى. والآب نفسه الذى أرسلنى يشهد لى (شهادة الآب)" (يو 30:5-37)..
وقال لهم: "فى ناموسكم مكتوب إن شهادة رجلين حق. أنا هو الشاهد لنفسى ويشهد لى الآب الذى أرسلنى" (يو 17:8،18) إذاً كم شاهد هنا؟ ثلاثة:
1- أنا هو الشاهد لنفسى.
2- ويشهد لى الآب الذى أرسلنى.
3- وشهادة الروح القدس فى (يو 26:15).
إذاً الذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة مثلما قال لنا القديس يوحنا فى رسالته الأولى (1يو 7:5). فالذى كتب إنجيل يوحنا هو الذى كتب رسالة يوحنا وكلامه واحد مسوق من الروح القدس.
ويقول فى يو 16: "إن لى أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم. كل ما للآب هو لى لهذا قلت إنه يأخذ مما لى ويخبركم" (يو 12:16-15) يقول هنا عن الروح القدس إنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به. وقال لنيقوديموس: "إننا إنما نتكلم بما نعلم ونشهد بما رأينا" (يو 11:3). لا أتخيل ولو للحظة واحدة أن القديس يوحنا الإنجيلى بعدما شرح بالتفصيل فى إنجيله وذكر إجمالاً شهادة الأقانيم، إنه يتكلم فى رسالته الأولى عن الذين يشهدون على الأرض ولا يذكر إطلاقاً الذين يشهدون فى السماء.. لذلك نجد أن كاتب مقدمة آباء ما قبل نيقية: It is hard to believe that 1 John v. 7 was not cited by Cyprian(1).أى؛ من الصعب أن نصدّق أن يوحنا الأولى 7:5 لم يعاينها الأسقف الشهيد كبريانوس.