رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة الخاطئة للذات بقلم: البابا شنودة الثالث كل إنسان يحب ذاته. والمحبة الحقيقية للذات هي قيادتها في حياة البر والفضيلة للوصول إلي أبدية سعيدة. علي أنه توجد محبة خاطئة للذات. وهذه ستكون موضوع مقالنا اليوم. إن الذات هي أقدم وأخطر عدو حارب البشرية. والشيطان لا يحاربك بقدر ما تحاربك ذاتك. بل إن الشيطان في غالبية هجومه لك, يحاربك بذاتك, وكل الحروب الخارجية التي تأتي عليك, لا يكون لها تأثير إلا إذا استسلمت الذات لها. فإن رفضتها الذات تكون كأنها لا شيء. فيوسف الصديق أتته حرب خارجية عنيفة من جهة الإغراء, ولأن ذاته كانت قوية, لذلك انتصر علي كل تلك الإغراءات. إن الذات النقية ترفض حتي الفكر الخاطئ ولا تتفاوض معه, وقوة الذات تأتي هنا من غلق أبواب الفكر وأبواب القلب أمام كل اقتراح خاطئ يقدمه الشيطان. ولذلك قال الآباء: إن اصطلحت مع ذاتك, تصطلح معك السماء والأرض. أي أنك إن استطعت في داخلك أن تقيم صلحا بين جسدك وعقلك وروحك وضميرك, ويسير الثلاثة في طريق واحد هو طريق الروح, ولا يشته الجسد ضد الروح, ولا الروح ضد الجسد.. حينئذ تصطلح معك السماء والأرض. فلا تخطئ إلي الله, ولا إلي الناس, ولا إلي نفسك. ولكن يقع الانسان في الخطيئة, حينما يحب ذاته محبة خاطئة. أي أنه يدلل ذاته, ويعطيها كل ما تطلب وكل ما تشتهي! وقد تريد الذات أحيانا أن تعيش في حياة اللذة, سواء كانت لذة جسدية أو حسية, أو لذة تتعلق بشهوات العالم الحاضر.. حينئذ تكون المحبة الحقيقية للذات, هي أن تؤدب هذه الذات إن أخطأت, وتقوم طريقها كلما انحرفت. بل إذا أدي الأمر عليك أن تعاقب ذاتك, وأن تقف ضد رغباتها الخاطئة. ومن الأخطاء الواضحة للذات, أنها تريد أن تكبر باستمرار. وقد يكون ذلك لونا من الطموح الطبيعي. ولكن الخطأ الذي تقع فيه الذات أنها تريد أن تكون كبيرة من الخارج وليس من الداخل! أعني أن تكون كبيرة بمظاهر خارج النفس: كالمناصب والألقاب, والغني والشهرة, ومديح الناس. وكل هذه أمور لا علاقة لها بطبيعة النفس ونقاوتها. وكسب المديح للذات وتمجيدها من الخارج هي أمور من المفروض في الانسان الروحي أن يرتفع عن مستواها. فما قيمة هذه الأمور كلها بالنسبة إلي أبديته؟! ومن مظاهر هذه الحرب الروحية ما يسمونه عبادة الذات أو عشق الذات: إذ يريد الانسان أن تكون ذاته جميلة في عينيه, وجميلة في أعين الناس, بلا عيب أمامه ولا نقص. كما لو كان يؤمن بعصمة ذاته, أو أنه لا يمكن أن يخطئ!! انه معجب بذاته, كما لو كان يحب باستمرار أن ينظر إلي مرآة ويتأمل محاسنه! وفي محبته الخاطئة لذاته, لا يمكن أن يحتمل إهانة, مهما كانت ضئيلة. ولا يحتمل نقدا, ولا يحتمل أن يكلمه أحد بصراحة. إنه يري كل ذلك تشويها لصورته التي يريدها دائما أن تبقي جميلة رائعة أمام الناس.. ولا يقبل أن يصحح له أحد أخطاءه. وهكذا تكون محبته الخاطئة لذاته سببا في بعده عن حياة التوبة, بل تكون محبته الخاطئة للذات هذه خطرا علي أبديته. والعجيب أن الذي يحب المديح, لا يكتفي بمديح الناس. بل يتطور إلي أن يتحدث كثيرا عن نفسه ويمدحها أمام الآخرين! وفي حديثه عن نفسه لا يكون عادلا فهو لا يتحدث إلا عن محاسن ذاته وانتصاراتها وأمجادها, بينما يخفي ما فيها من عيوب ومن نقائص! وإن أظهر له أحد بعض هذه العيوب, يحاول أن يبررها ويدافع عنها. وأحيانا من مظاهر المحبة الخاطئة للنفس أنها تطلب أحيانا حرية كاملة لتفعل ما تريد. وقد تقودها هذه الحرية إلي أهداف خاطئة عديدة. ولا ننسي أن الوجوديين, قد وقعوا في هذا الخطأ المرعب. إذ رأوا بسبب شهواتهم الخاصة, أن وجود الله يعطل وجودهم أي يعطل رغباتهم الخاطئة وشهوات أنفسهم. فقادهم ذلك إلي الإلحاد. والمحبة الخاطئة للذات, كثيرا ما تدعوها إلي تبرير أخطائها, وإلي أن تغطي علي أخطائها بالأعذار!! وهكذا نري الذات تعتذر عن اهمال الصلاة بقلة الوقت وكثرة المشاغل! وتعتذر عن التقصير في إعطاء الفقراء بقلة المال في الظروف الحاضرة! وهنا قد لا يدفع المسيحيون العشور, ولا يدفع المسلمون الزكاة. وقد يصل الأمر إلي الإدعاء بأن الفقراء هم جماعة من المحتالين وليس من المحتاجين! وأحيانا نري أن الانسان المعتد بذاته, قد يصل إلي العناد وتصلب الرأي. ويري أن فكره هو الفكر الصائب وفوق الكل. لا يقبل فيه معارضة, بل يعادي من يعارضه أو يكرهه, أو يعمل علي تحطيمه! أو علي الأقل يتجاهل الرأي الآخر. وفي محبة الانسان لذاته, قد يقع في الغيرة والحسد. ويكون شديدا جدا من جهة منافسة غيره. وتبدأ الذات حربا مع كل من ينافسها أو يسير في نفس الطريق. إنها تريد أن تكبر وحدها. وقد تنتقد الغير, لكي تثبت أنه أقل منها. فهي الوحيدة التي يجب أن تتركز عليها الأضواء. والمحب لذاته محبة خاطئة, يلقي بمسئولية أخطائه علي غيره. فإن كان طالبا ورسب في الامتحان. يشكو إما أن واضع الامتحان كان قاسيا في أسئلته, وإما أن المصحح لم يكن رحيما في تصحيحه. وإما أن الله لم يسنده في امتحاناته! والمحب لذاته أحيانا يكون كثير التذمر ويشكو. إن كان رئيسا يشكو من أخطاء مرءوسيه. وإن كان مرءوسا يشكو من رؤسائه وزملائه. وإن لم يكن أحد من هؤلاء قد أخطأ, حينئذ يشكو من الأنظمة والقوانين واللوائح! المهم أنه يدعي باستمرار أنه مظلوم. |
12 - 05 - 2012, 07:45 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
ميرسى كتير ربنا يباركك
|
||||
24 - 08 - 2016, 11:31 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: المحبة الخاطئة للذات 09/10/2011
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من أنواع المحبة الضارة المحبة الخاطئة للنفس |
المحبة الخاطئة للذات |
المحبة الخاطئة للذات |
المحبة الخاطئة للذات |
حصري اوديو محاضرة قداسة البابا ( المحبة الخاطئة للنفس) 5\10\2011 |