مأساة الحب بين الطرفين على المستوى الواقع العملي المُعاش
أكتب إليكم ما رأيته على مر سنين حياتي وعلى مستوى الخبرة الشخصية أيضاً ، وهو مأساة الحب بين الطرفين على المستوى الواقع العملي المُعاش ، وذلك لكي أنير الطريق أمام الجميع وبخاصة من يمر بتلك المرحلة التي فيها تبدأ مشاعره في أن تتفتح ويبدأ في إقامة علاقة مع طرفٌ آخر :
فحينما يبدأ شاب أن يتعرف على شابه ويتحدث إليها يبدأ يُعجب بكلامها أو شخصيتها وتبدأ مشاعره تتحرك نحوها فيحبها ( أو العكس ، أي شابه تحب شاب ) ويغرم بها جداً ، ويظن أنه يحبها جداً ، حب نهائي مكتمل ، ولن يوجد في الدنيا كلها من له القدرة على أن يحبها مثله وليس لها اختيار سوى أن تختاره هو وتبادله نفس ذات المشاعر ، فهو يقدم لها قلبه بإخلاص منقطع النظير ولن يعوضها شيء عن هذا الحب الخالص وهذه المشاعر الصادقة والتي لن يوجد شخص يقدم هذا الإخلاص لها غيره قط ، وهذا ناتج بالطبع من انحصاره في ذاته وقياس خبرات الآخرين حسب أحساسة هو المحصور في شعوره الخاص فقط ...
ولعدم الخبرة والإدراك الواعي لكل الأمور المحيطة ، ومعرفة حقيقية لشخصيته ولشخص الآخر ، يظن انه في حالة من كمال الحب وغير قادر على الاستغناء عن الآخر وهو يُقدم له كل مشاعره وأحاسيسه الخاصة التي لا يُقدمها لغيره ، وهذا هو كمال الحب واتساعه ولن يوجد من يحب مثله على وجه الأرض – حسب وجهة نظره ورؤيته لذاته بالطبع – وهذا دليل واضح على الانحصار في الذات وإعطاء قيمة لحبه أعظم من قيمة أي حب آخر في الوجود لأنه لا يرى سوى نفسه فقط غير عالم أنه يوجد من يحب أعظم مما يحب هو ، لأنه لا يرى سوى نفسه وحبه الذي هو فوق كل الشُبهات بل ويفوق العالم كله في المحبة ، ولا يدري أنه يوجد كثيرين يحبوا إلى أن يقدموا أنفسهم للموت عوض من يحبون ، لا في الأحلام إنما في الواقع العملي المُعاش ...
ففي حقيقة الأمر أن من يحب على هذه الشاكلة واضعاً حبه في درجة أعظم وأكبر من حقه ، لا يعلم – في الواقع – أنه يعيش داخل عالمه الخاص وفي بداية طريق الحب وليس في نهايته ، لأن هذا حب ناقص لم يكتمل بعد ، بل مجرد مشاعر وأحاسيس لم تدخل في الإطار العملي من العطاء والبذل على مستوى الواقع ...
فينبغي أن كل شاب وكل فتاة أن يتيقنوا، أن مهما كان إحساسهم صادق وأمناء جداً في تبادل المشاعر ( رغم صعوبة هذا إلا من جهة وجهة النظر الشخصية فقط ، لأن الحب ليس مجرد مشاعر وأحاسيس وأفكار وكلام ) :
1 - أنهما في بداية وأول الطريق وليس في نهايته بل لم يقطعوا فيه ايه مسافة بعد ، حتى لو قضوا سنين يحبون بعضهم البعض ويحاول أن يقنع كل من حوله بهذا ويدافع دفاعاً مستميتاً كأنه يدافع في ساحة معركة لابد وأن يخرج منتصراً ليري الشخص الآخر كم هو يحبه جداً، وكم وصل إلى نهاية وقمة هذا الحب الأصيل الصادق !!!
2 - أنه يوجد مفترق طرق كثيرة سيلتقون بها وقد يذهب كل منهما في طريق ويترك الآخر !!!
فأحياناً كثرة (بنسبة لا تقل عن99%) يحاول كل حبيب أنه يورط حبيبه في طرق قد يتضح فيما بعد أنها مسدودة ، وبخاصة في أحلام الصبا والتمنيات والوعود الذي قطعوها لبعض بتسرع دون خبرة أو الإحساس بالواقع العملي !!!
3 – المشكلة التي يواجهها كل من يحب – وبخاصة في السنين الأولى من تفتح المشاعر وفي سن المراهقة ، أو قد تمتد لسن الشباب والرجولة أيضاً – هي المشكلة الانفرادية بين الطرفين والتي تؤدي حتماً إلى الأنانية وأسر الآخر وربطه بأغلال تحت مُسمى الحب ، وعدم إعطاء الفرصة للآخر للاختيار ، بل حصره في اختيار حبه فقط لأنه الأفضل حتماً له ، فيتحول في النهاية هذا الحب الغير سوي لمأساة تكسر قلب كل واحد منهم ، فيبكي على أطلال قصة حب ، متهماً الآخر بالخيانة العظمى وعدم حفظ هذا الحب العظيم الذي لن يراه أو يجده عند غيره فقط !!!
والسؤال المطروح على جميع الشباب والشبات :
ما هو الحب الحقيقي الصادق من وجهة نظركم ، وما الذي يدفعه للنمو ، وكيف ينمو ، وكيف يستقيم الحب بدون الحرية والاختيار !!!
منقول