تكوين 37 38 39
كان يوسف هو الابن الوحيد ليعقوب الذي أبدى اهتماما بالأمور الروحية. وربما كان ذلك هو سر الحب العميق الذي كان في قلب يعقوب من جهة يوسف. وقد كان يوسف منزعجا من جهة إخوته وسلوكهم الرديء أثناء وجودهم بعيدا عن المنزل، وقد شارك مع أبيه هذا الأمر (تكوين 2:37). إن البعض لا يحبذون كشف الشرور، والبعض الآخر يقولون أنهم لا يحبون التدخل في هذه الأمور. ولكن يوسف كانت لديه الأمانة الروحية وكان مستعدا لتحمل الإساءة من إخوته بسبب كشفه لطبيعتهم الشريرة. وقد تحول هذا الحقد إلى بغضة له عندما كشف يوسف عن أحلامه النبوية معلنا أن الله لديه مكانة خاصة لهم في التاريخ.
مضى إخوة يوسف ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم - وهي تقع على مسافة بعيدة من البيت (تكوين 12:37). وبعد فترة من الزمن أراد يعقوب أن يطمئن على سلامة أبنائه، فأرسل يوسف ليرى هل كل شيء على ما يرام (تكوين 14:37). وبعد بحث طويل وجد يوسف إخوته، وتوقع بلا شك أن يخبرهم أخبارا طيبة ويفرح بينما يتناولون الطعام معا. ولكنهم لهول صدمته، خلعوا عنه قميصه الملون ... وطرحوه في البئر ... ثم جلسوا ليأكلوا طعاما (تكوين 23:37-25). ثم إذ رأوا قافلة إسماعيليين في طريقها إلى مصر، باعوه لهم عبدا. وكانت آخر ذكرياتهم عن أخيهم هي منظره وهو يتوسل إليهم طالبا منهم ألا يقتلوه.
وعند وصول الإسماعيليين إلى مصر باعوه في سوق العبيد لفوطيفار وهو أحد القادة لدى فرعون. وبسبب افتراءات زوجة فوطيفار، أُلقي يوسف في السجن حيث ظل لعدة سنوات - محبوسا في زنزانة - آذوا بالقيد رجليه، في الحديد دخلت نفسه (مزمور 16:105-22). فمع أن يوسف لم يرتكب جرما إلا أنه عومل بوحشية. ولكن في هذه الأمور كلها، كانت لديه الثقة بأن الرب كان معه (تكوين 21:39-23؛ مزمور 17:105-19).
تذكر هذا! إن الله استخدم بغضة إخوة يوسف وانتقام زوجة فوطيفار لكي يعدّ يوسف لتحقيق قصد الله. وقد كان إطلاق سراح يوسف من السجن موقوتا بدقة من جانب خالقنا الذي لا زال يعمل في كل مكان متمما إرادته الكاملة في توقيته الصحيح.
وقد استدعي يوسف فيما بعد ليفسر أحلام فرعون. وهكذا أصبح يوسف المنبوذ مكرما لدى فرعون، إذ أعطاه فرعون خاتمه، وألبسه ثيابا فخمة، ووضع قلادة من ذهب حول عنقه، وأركبه في مركبته الثانية ليطوف ويحكم في كل أرض مصر (تكوين 39:41-44). إن جميع أعداء الله لا يستطيعون أن يهزموا الشخص الذي رغبته القصوى هي أن يكون مطيعا للمسيح.
بالإضافة إلى ما حدث ليوسف بعد ذلك يصور بدقة كيف أن المسيح، الابن الوحيد المحبوب، جاء إلى الأرض حسب النبوة ليقدم طعاما روحيا لإخوته الذين أبغضوه: إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله (يوحنا 11:1). ثم بعد ذلك صلبوه. ولكنه قريبا سيحكم بكل سلطان في السماء وعلى الأرض (متى 18:28).
لا توجد طرق مختصرة للنضوج الروحي ولإعداد الشخص الذي سيستخدمه الله. ولهذا السبب، كثيرا ما يسمح الله لخدامه أن يجتازوا في تجارب عديدة - بل وآلام - قبل أن يأتي أوان الفرج. ولكن توقيتات الله دائما دقيقة.
يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء! (رومية 33:11).
إعلان عن المسيح:
من خلال يوسف الذي طرح في البئر والذي أصبح فيما بعد حاكما للعالم (تكوين 28:37). فإن يوسف كرمز للمسيح رُفض من إخوته، وأُلقي في البئر، وبيع للأمم، وطُرح في السجن، بينما كان ينتظر تحقيق النبوة (الأحلام) بأنه سيملك